شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216197 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7838 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859771 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394097 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 23-04-2019, 02:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(73)

كتاب الطهارة- (تابع باب ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد) إلى (باب ذكر الاغتسال في القصعة التي يعجن فيها)
أجاز الشرع الاغتسال بما فضل من الماء بعد اغتسال الجنب منه على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو الذي دلت عليه الأدلة.ويجوز أيضاً الوضوء والاغتسال في أواني الطبخ مثل الوعاء الذي يعجن فيه وإن بقي فيه آثار العجين.
تابع ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد

شرح حديث أم سلمة: (رأيتني ورسول الله نغتسل من مركن واحد..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن سعيد بن يزيد سمعت الأعرج يقول: حدثني ناعم مولى أم سلمة رضي الله عنها: (أن أم سلمة رضي الله عنها سئلت: أتغتسل المرأة مع الرجل؟! قالت: نعم، إذا كانت كيسة، لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من مركن واحد نفيض على أيدينا حتى ننقيهما، ثم نفيض عليها الماء)، قال الأعرج: لا تذكر فرجاً ولا تباله].في الترجمة السابقة التي عقدها النسائي وهي: اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، فقد مر فيه عدة أحاديث، وبقي منها هذا الحديث وهو حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أنها سئلت: (أتغتسل المرأة مع الرجل؟ قالت: نعم، لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من مركنٍ واحدٍ نفيض على أيدينا حتى ننقيهما، ثم نفيض عليها الماء)، هذا الحديث كغيره من الأحاديث السابقة التي جاءت عن عدد من أزواج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، يذكرن فيه أنهن كن يغتسلن مع رسول الله عليه الصلاة والسلام من إناء واحد، يغترفان منه، فيغترف منه الرسول صلى الله عليه وسلم، وتغترف منه زوجته، أو إحدى زوجاته، فقد جاء ذلك عن عائشة، وعن ميمونة، وعن أم سلمة، فكل هذه أحاديث أوردها النسائي في هذا الباب، وقد أورد حديث عائشة من طرق متعددة، وكلها تدل على ما ترجم له المصنف وهو: اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، وأنه لا بأس بذلك ولا مانع منه، وقد فعله الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وكذلك أم سلمة رضي الله عنها، لما سئلت: أتغتسل المرأة مع الرجل؟! قالت: نعم، إذا كانت كيسة، ثم فسر الأعرج وهو أحد رواة الحديث كونها كيسة بقوله: (إنها لا تذكر فرجاً، ولا تباله)، يعني: هذا لفظ مطلق يشمل ذكر فرجها وفرج رسول الله عليه الصلاة والسلام، (ولا تباله) يعني: ولا تتباله، يعني: يظهر منها ما لا ينبغي أن يظهر مما يعد من البله، هذا هو تفسير (الكيسة) كما فسرها بذلك الأعرج أحد رواة هذا الحديث، والذي جاء إسناده في هذا الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (رأيتني ورسول الله نغتسل من مركن واحد..)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، خرج له الترمذي، والنسائي، وقد مر ذكره كثيراً، وإذا جاء ذكره فإنه يروي عن عبد الله غير منسوب، وهو مهمل؛ ولكنه محمول على عبد الله بن المبارك كما عرفنا ذلك مراراً، وقد قيل في ترجمة سويد بن نصر: أنه راوية عبد الله بن المبارك، فهو مروزي، وعبد الله بن المبارك مروزي، فإهماله لا لبس فيه ولا إشكال فيه، بل هو محمول على أنه عبد الله بن المبارك الذي يروي عنه راويته سويد بن نصر المروزي.[عن عبد الله].وهو عبد الله بن المبارك إمام، محدث، حجة، فقيه، جواد، مجاهد، قال ابن حجر في التقريب بعد أن ذكر جملةً من صفاته قال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن يزيد]. سعيد بن يزيد هذا ثقة عابد، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.[سمعت الأعرج].وهو: عبد الرحمن بن هرمز هذا اسمه واسم أبيه، والأعرج لقب له، وأحياناً يأتي ذكره مجموعاً قد جمع بين اسمه ولقبه، وأحياناً يذكر اسمه بدون اللقب، وأحياناً اللقب بدون الاسم، فـعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثني ناعم مولى أم سلمة].وناعم مولى أم سلمة ثقة فقيه، خرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.[أن أم سلمة...]. وأم سلمة هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي: هند بنت أبي أمية، وقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب

شرح حديث: (نهى رسول الله أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب:أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن داود الأودي عن حميد بن عبد الرحمن: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة رضي الله عنه أربع سنين، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً)].ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن الاغتسال بفضل الجنب، فقيل: إن المراد بفضل الجنب: هو ما يتساقط من أعضائه، وقيل: إنه ما يبقى في الإناء بعد اغتساله منه، وهذا هو الأوضح من حيث ما يشعر به لفظ الحديث، ومن حيث ذكر الفضل، وذكر الاغتراف في آخره؛ لأن قوله: (الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل)، أي: الذي يبقى؛ لأن الفضل هو البقية، وليس المتساقط الذي يتساقط، وكذلك أيضاً قال: (وليغترفا جميعاً)، معنى أنهما يغتسلان معاً، ولا يغتسل هذا بما يبقيه هذا، أو هذا بما يبقيه هذا، فالاغتسال بفضل الجنب الذي يبقى في الإناء بعد اغتساله منه، هذا هو فضله، أي: بقيته التي تبقى بعد استعماله، واغتساله منه، ولهذا أورد فيها النسائي هذا الحديث. قوله: (لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة أربع سنين، يعني: أنه صحب الرسول صلى الله عليه وسلم أربع سنوات، كما كان أبو هريرة قد صحبه أربع سنوات؛ لأن أبا هريرة إنما أسلم في السنة السابعة عام خيبر، والرسول صلى الله عليه وسلم توفي في أول السنة الحادية عشرة، فيكون مدة صحبته أربع سنوات، وهذا الرجل مبهم، أبهمه الراوي، والقاعدة المعروفة عند العلماء: أن المجهول من الصحابة في حكم المعلوم، لا تؤثر جهالته ولا تضر؛ ذلك لأنهم كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يؤثر كون الصحابي مجهولاً؛ لأن الجهالة لا تؤثر، وإنما تؤثر فيمن دونهم، كما ذكر الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية قال: إن كل راو دون الصحابي لا بد من معرفة حاله من الثقة والعدالة والضعف، إلا الصحابة، فإنهم لا يحتاجون إلى معرفة أحوالهم؛ لأنهم يكفيهم ما حصل لهم من تعديل الله عز وجل وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، وثناء الله عز وجل وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فيكفي في الرجل أن يذكر بأنه صحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم يعرف شخصه، وإن لم تعرف عينه، وإنما يكفي أن ينسب إلى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يقال فيه: أنه صحب الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذا شرف عظيم وفضل عظيم حصل لهم، ما شاركهم فيه أحد، ولا ظفر به أحد سواهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فهذا الرجل الذي صحب النبي عليه الصلاة والسلام روى هذا الحديث المشتمل على ثلاث جمل، وهي: الجملة الأولى: النهي عن الامتشاط كل يوم، يعني: كون الإنسان يسرح شعره ويجمله في كل يوم، فإنه ينبغي ألا يكثر من ذلك، وإنما يستعمله يوماً بعد يوم، أو أكثر من ذلك؛ لكنه لا يستعمل ذلك بصفة دائمة، والمقصود من ذلك التنزيه والابتعاد عن الترفه، وأن يكون على هذا الوصف، ومن المعلوم أن الجمال مطلوب، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (إن الله جميل يحب الجمال)، فالزينة مطلوبة؛ لكن لا يشتغل بها ويفتتن بها، وكون الإنسان لا يكون همه إلا التجمل، وأن يكون هذا شغله، فقد جاء النهي في ذلك. الجملة الثانية: أن يغتسل الرجل في مستحمه، وقد سبق أن مر حديث في هذا الموضوع وفي باب خاص، وهو: النهي عن الاغتسال في المستحم، وفيه: أن عامة الوسواس منه، فقد تقدم أن الحديث الذي ورد في ذلك فيه كلام، والجملة الأولى منه، وهي: (النهي عن الاغتسال في المستحم) وقد جاء شاهد يؤيدها وهو هذا الحديث الذي معنا، الذي فيه ذكر النهي عن الاغتسال في المستحم، وليس فيه ذكر: (فإن عامة الوسواس منه) فكانت الجملة الأولى من ذلك الحديث لها شاهد يقويها، وهو هذا الحديث الذي معنا، والجملة الثانية وهي: (فإن عامة الوسواس منه) ليس لها شاهد كما للجملة السابقة، وشاهدها هذا الحديث، فتكون تلك الجملة لم تثبت؛ لأن الإسناد التي وردت فيه لا يعتمد عليه في حال الانفراد؛ ولكن الجملة الأولى جاء هذا الحديث أو جاءت بهذا الإسناد الذي معنا، فهو عاضد لها، وهو مؤيد لها، وقد عرفنا فيما مضى: أن النهي عن البول في المستحم، وهو مكان الاستحمام، أن المقصود من ذلك: إذا كان البول يستقر ويبقى، وليس له مجرى يذهب معه ويجري، أما إذا كان له مجرى ولا يستقر ولا يبقى فإنه في هذه الحالة لا بأس به، وإنما المحظور أن يكون البول يحتبس، وأن يكون في مكان لا يذهب في الأرض، فيؤدي ذلك إلى وصوله إلى المستحم وإلى جسده، فيلحقه بذلك ضرر، هذا هو وجه المنع منه، ومن المعلوم أنه إذا وجد البالوعات التي يجري فيها البول، ويجري فيها الماء، فإنه لا مانع من ذلك، ولا محظور فيه، وإنما المحظور فيما إذا كان البول يستقر، فيكون في مكان صلب لا تشربه الأرض، وليس له بالوعة يجري فيها، فهذا هو الذي يترتب عليه مضرة، ويترتب عليه احتمال وصول النجاسة إلى المستحم في ذلك المكان الذي بال فيه.والجملة الثالثة: نهي الرسول عليه الصلاة والسلام أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وأن يغترفا جميعاً، وهذه الجملة فيها محل الشاهد، وقد جاءت أحاديث تدل على خلاف ما دلت عليه تلك الجملة، وهي حصول اغتسال الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، فيكون ما جاء في الحديث هنا إما على خلاف الأولى، وإما الحكم في ذلك أنه سائغ، والقول بكونه سائغ هو قول الجمهور، وقد قال بعض الفقهاء بما دل عليه هذا الحديث من النهي عن الاغتسال بفضل الجنب.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد الذي مر ذكره كثيراً، وهو أحد شيوخ النسائي الذين أكثر عنهم، بل هو أول شيخ روى عنه النسائي في سننه، وما أكثر ما يأتي ذكر قتيبة بن سعيد في أسانيد النسائي، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة كما عرفنا ذلك مراراً.[حدثنا أبو عوانة]. وأبو عوانة هذه كنية اشتهر بها وهو: الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن داود الأودي]. وهو داود بن عبد الله الأودي الزعافري الكوفي أبو العلاء، وهو ثقة، خرج حديثه الجماعة.[عن حميد بن عبد الرحمن]. وممن يسمى بحميد بن عبد الرحمن: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وهنا هو الحميري، فقد جاء تعيينه، ونسبته في سنن أبي داود، حيث قال في الإسناد: حدثنا حميد الحميري، فإذاً: هذا الإهمال الذي حصل فيه، والذي يحتمل أن يكون ابن عوف وأن يكون الحميري، جاء في سنن أبي داود نسبته وتعيينه، وأنه الحميري، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، ثقة فقيه خرج له الجماعة. [لقيت رجلاً].أي: من الصحابة، عرفنا أن المجهول منهم معلوم، وأنها لا تؤثر الجهالة فيهم، وإنما تؤثر الجهالة فيمن دونهم، ولهذا يكفي كل واحد منهم أن يقال عنه: إنه صحابي، ولا يحتاج إلى وصف آخر، ولا يحتاج إلى تعديل المعدلين، وتزكية المزكين، وتوثيق الموثقين؛ لأن تعديل الله عز وجل إياهم، وتعديل الرسول صلى الله عليه وسلم كاف لهم، فلا يحتاجون معه إلى شيء رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. لا مطعن في روايات أبي هريرة مع كثرتها، وكونه روى الكثير من الأحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام في مدة قصيرة، فيقال: إن هناك عوامل ساعدت أبا هريرة رضي الله عنه على الإكثار من الحديث، منها: ملازمته للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه كان يشاركه في الأكل من طعامه إذا أكل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكون كثير من الصحابة كانوا يشتغلون في حرفهم وتجاراتهم، ويأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أحيان، وأما هو فهو ملازم له، وقد جاء ذلك عنه، ثم أيضاً ما جاء من دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم له، فكان من أوعية العلم، ومن حفاظ الحديث، بل هو أكثر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام حديثاً، ثم مما ساعده على كثرة الأخذ عنه وكثرة الاستفادة منه أنه عُمر وعاش بعد زمن الخلفاء الراشدين، وبعدهم بمدة طويلة، وأيضاً هو في المدينة، وكانت المدينة مقصد الناس الذين يأتون لزيارة هذا المسجد، وكذلك الذين يأتون للحج والعمرة ويزورون هذه المدينة، فكان ذلك الصحابي الجليل ممن بقي في المدينة، والناس يقصدونها ويأخذون عنه روايته، ولذلك كثر الأخذ منه.ومن المعلوم أن مراسيل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حجة؛ لأنهم لا يأخذون إلا عن الصحابة، فيوجد أحاديث منها ما سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لملازمته، ومنها ما يسمعه من بعض الصحابة، ومراسيل الصحابة كلها حجة، فلا يطعن في أبي هريرة إلا من ابتلاه الله عز وجل، وشاء الله عز وجل أن يسعى في إضرار نفسه وفي إيذاء نفسه. والذين يطعنون فيه هم الرافضة، وكذلك أيضاً بعض الناس الذين قد يحصل منهم أحياناً النيل من روايات أبي هريرة، فهذا لا يسوغ ولا يجوز أن يطعن في رواياته، والأمة قد قبلتها والصحابة قد قبلوها، واعتمدوا عليها، وقد جاء في فتح الباري في شرح حديث المصرات، أن بعض الحنفية قدح أو تكلم في الحديث، لكونه من رواية أبي هريرة، فقال: إن أبا هريرة ليس فقيهاً مثل ابن مسعود، ثم إن الحافظ ابن حجر علّق على هذا الكلام فقال: وقائل هذا الكلام ما آذى إلا نفسه، يعني: ضرر كلامه يرجع إليه؛ لأنه تكلم في صحابي من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو لا يضره بذلك، وإنما رجعت مضرته إلى نفسه، ثم نقل عن أبي المظفر السمعاني في كتاب له اسمه الاصطلام، وهو يرد فيه على أبي زيد الدبوسي من الحنفية، فقال فيه أبو المظفر السمعاني: إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله، يعني: من قدح في أحد من الصحابة، فهو ينادي على نفسه بأنه آذى نفسه، وأنه أقدم على ما يعود عليه بالمضرة، ولا يضر أبا هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه شيئاً.إذاً: فكون أبي هريرة رضي الله عنه في المدة التي صحب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت مدة قليلة تبلغ أربع سنوات، وأحاديثه مع ذلك كثيرة، فلا يقدح ذلك في رواياته للأسباب التي أشرت إلى بعضها، والتي منها كونه ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم، وكون الرسول دعا له، وكونه ممن بقي في المدينة، وكونه تأخرت وفاته إلى حوالي سنة ستين من الهجرة، يعني أنه عاش وحصل اتصال الناس به، وكونه في المدينة والناس يردون إليها، فيأخذون منه ويعطونه، فحصل بذلك أسباب تدل على سبب كثرة حديثه، وعلى سعة حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلا ينبغي أن يقدح فيه ولا أن يتكلم فيه، بل الواجب هو الابتعاد عن الكلام فيه وفي أحاديثه، وأن تكون القلوب مليئةً بمحبة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تكون الألسنة نظيفة وسليمة من النيل منهم، فإذا ذُكروا فإن الإنسان لا يذكرهم إلا بخير، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت)، وإذا كان الكلام في آحاد الناس العاديين يعد من الغيبة، وهو محرم وممنوع، فكيف لو كان الكلام في سادات هذه الأمة، وفي خيار هذه الأمة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؟! ثم إن من يريد الخير لنفسه، ومن هو ناصح لنفسه، فإنه يحرص كل الحرص على أن يكون مليء القلب بحبهم، رطب اللسان بذكرهم بالجميل اللائق بهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وفضلهم على الأمة عظيم، وإحسانهم إليها كبير؛ لأن الخير والهدى إنما وصل إلى الناس كلهم عن طريقهم وبواسطتهم، فما عرفنا القرآن والسنة إلا عن طريق الصحابة، وما عرفنا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن طريقهم، ولم تعرف الأمة كلها -من بعد الصحابة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها- الحق والهدى إلا عن طريق الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,423.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,421.39 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.12%)]