موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 17 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836776 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379342 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191126 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 660 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 941 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1093 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 837 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 27-03-2008, 05:13 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية

وينطوي التعبير بفعل (الإخراج) بدلالته على البروز والظهور على معنى التحول لشيء غير موجود أو خفي ليصبح منظورا تتأمله العين, وأظهر مثال هو النبات فأصله بذور ضئيلة خالطت الماء, كما في قوله تعالى: ﴿إِنّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِنَبَاتُ الأرْضِ﴾ يونس 24, وقوله: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مّثَلَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ﴾ الكهف 45, ولذا يرد فعل (الإخراج) بمعنى فعل (الإنبات) كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَابِهِ نَبَاتَ كُلّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَامِنْهُ خَضِراً نّخْرِجُمِنْهُ حَبّاً مّتَرَاكِباً﴾ الأنعام 99, وقوله: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَبِهِ مِنَ الثّمَرَاتِ رِزْقاً لّكُمْ﴾ البقرة 22, وقوله تعالى: ﴿أَلاّ يَسْجُدُواْ للّهِ الّذِي يُخْرِجُالْخَبْءَفِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ النمل 25, وقوله تعالى: ﴿سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَىَ. الّذِي خَلَقَ فَسَوّىَ. وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَىَ. وَالّذِيَ أَخْرَجَالْمَرْعَىَ. فَجَعَلَهُ غُثَآءًأَحْوَىَ﴾ الأعلى 1-5, وبهذا يؤدي فعل (الإخراج) وظيفة فعل (الإنبات) في مثل قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَابِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾ النمل 60, وقوله تعالى: ﴿وَنَزّلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً مّبَارَكاً فَأَنبَتْنَابِهِ جَنّاتٍ وَحَبّ الْحَصِيدِ﴾ ق 9, وقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَافِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ لقمان 10, وقوله تعالى: ﴿يُنبِتُلَكُمْ بِهِ الزّرْعَ وَالزّيْتُونَ وَالنّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ﴾ النحل 11, ويشترك الإنسان مع بقية الأحياء في الأصل الميت وهو الطين أو مكوناته؛ الماء أو التراب, ولذا يوحدهما القرآن في الأصل في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِكُلّ شَيْءٍ حَيّ﴾ الأنبياء 30, وقد يمد التعبير النقلة لتبلغ الأصل الأول لمزيد من بيان الاقتدار والعظمة كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِبَشَراً﴾ الفرقان 54, قال الألوسي: "المراد بالماء الماء المعروف وتعريفه للجنس" (71), ولبيان الاقتدار في نشأة الحيوان دون بقية الأحياء التي تتناسل بطرق غير المني يقصر القرآن دلالة لفظ الماء على المني بإيراده بالتنكير الدال على التعدد بياناً للعلم بتميز كل حيوان بمني يخصه؛ في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ﴾ النور 45, قال السيوطي: قوله ﴿وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ﴾ أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف (72), وقد بلغ التماثل في تعبير القرآن بين الإنسان والنبات في الأصل الأول إلى حد وصف نشأة الإنسان بفعلي (الإنبات)و(الإخراج) كما لو كان نباتاً حقيقةً في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ أَنبَتَكُمْمّنَ الأرْضِ نَبَاتاً. ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً" نوح 17و18, ولذا بياناً لوحدة الأصل الميت من الطين أو مكوناته الأصلية وتماثل الإنشاء جعل القرآن إنشاء النبات مثالاً لبعث الإنسان حياً يوم قيامة الأموات كما في قوله تعالى: ﴿وَالّذِي نَزّلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍفَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مّيْتاًكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الزحرف 11, وقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ إِنّ الّذِيَ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَىَإِنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فصلت 39, وقوله: ﴿يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِوَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّوَيُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاوَكَذَلِكَتُخْرَجُونَ﴾ الروم 19, وفي قولهتعالى: ﴿وَهُوَ الّذِي يُرْسِلُ الرّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتّىَ إِذَآ أَقَلّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مّيّتٍفَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ فَأَخْرَجْنَابِهِمِن كُلّ الثّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُالْموْتَىَلَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ﴾ الأعراف 57؛ تلاحظ أن فعل (الإخراج) يتضمن تمثيل الإنسان بالنبات ويعبر عن نشأة كلٍّ منهما ويجعله نظيراً للثمرات, وتلمس تشبيه وليد الإنسان والحيوان الولود مع الثمرات في قوله تعالى: ﴿وَمَا تَخْرُجُمِن ثَمَرَاتٍمّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىَ وَلاَتَضَعُإِلاّ بِعِلْمِهِ﴾ فصلت 47, بينما لا تجد أي من تلك الأوصاف المميزة للإنسان منسوباً للمني.
ويرد فعل (الإخراج) في القرآن في سياق الهجرة للدلالة على الانتقال متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿فَالّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْمِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لاُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ﴾ آل عمران 195, وقوله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراًإِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللّهِ﴾ النساء 100, ويرد للدلالة على الإحياء والبعث متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ﴾ النمل 67, وقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُونَمِنَ الأجْدَاثِ كَأَنّهُمْ جَرَادٌ مّنتَشِرٌ﴾ القمر 7, وقوله تعالى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَوَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ الأعراف 25, وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ﴾ النمل 67, وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ تُخْرِجُالْمَوتَىَ بِإِذْنِيِ﴾ المائدة 110, وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾ مريم 66, وقوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْتَارَةً أُخْرَىَطه 55, ويرد للدلالة على الولادة متعلقاً بالإنسان كما في قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُممّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً﴾ النحل 78, وقوله تعالى: ﴿وَنُقِرّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّ نُخْرِجُكُمْطِفْلاً﴾ الحج 5, وقوله تعالى: ﴿هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ يُخْرِجُكُمْطِفْلاً﴾ غافر 67, وكما ترى يرد فعل (الإخراج) متعلقاً بالإنسان في مواضع كثيرة بينما لم يرد ولا مرة واحدة متعلقاً بالمني, وهكذا تتآزر الشواهد العديدة مؤكدةً على تعلق فعل (الإخراج) في القرآن بالإنسان لا المني.
(خامساً) استفادة القدامى والمعاصرون من معارف عصورهم في التفسير:
في اجتهادات متفاوتة الخطوات لمطابقة الدلالات العلمية العميقة الغور؛ قال الشوكاني: "قيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ, ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب, وقيل إن المعنى يخرج من جميع أجزاء البدن, ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب"(73), وقال السيوطي: "عن الأعمش قال يخلق العظام والعصب من ماء الرجل ويخلق اللحم والدم من ماء المرأة" (74), وقال ابن كثير: "عن معمر بن أبي حبيبة المدني أنه بلغه في قول الله عز وجل ﴿يخرج من بين الصلب والترائب﴾ قال هو عصارة القلب من هناك يكون الولد" (75), وقال القاسمي: "ومعنى الآية أن المني باعتبار أصله وهو الدم يخرج من شيء ممتد بين الصلب أي فقرات الظهر في الرجل والترائب أي عظام صدره, وذلك الشيء الممتد بينهما هو الأبهر (الأورطى) وهو أكبر شريان في الجسم يخرج من القلب خلف الترائب ويمتد إلى آخر الصلب تقريبا, ومنه تخرج عدة شرايين عظيمة, ومنها شريانان طويلان يخرجان منه بعد شرياني الكليتين, وينزلان إلى أسفل البطن حتى يصلا إلى الخصيتين فيغذيانهما, ومن دمهما يتكون المني في الخصيتين ويسميان شرياني الخصيتين أو الشريانين المنويين, فلذا قال تعالى عن المني ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ لأنه يخرج منمكان بينهما وهو الأورطي أو الأبهر, وهذه الآية على هذا التفسير تعتبر من معجزات القرآن العلمية" (76), وقال ابن عاشور: "الخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان.., والصلب العمود العظمي الكائن في وسط الظهر وهو ذو الفقرات.., والترائب جمع تريبة.. تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء.., وقوله ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ الضمير عائد على ماء دافق وهو المتبادر.. أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه, وبهذا قال سفيان والحسن.. (ولكن المراد) أن أصل تكون ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب, وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين.., ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية.. مقرها الأنثيان وهما الخصيتان.. ومن ماء هو للمرأة كالمني للرجل.. وهو بويضات دقيقة.. يشتمل عليها مبيضان للمرأة وهما بمنزلة الأنثيين للرجل فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة, (و) الحبل المنوي.. ينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللذان تفرزان المني.., وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم"(77), وقال سيد قطب: "فلينظر الإنسان من أي شيء خلق وإلى أي شيء صار. . إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها.. ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته؛ وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ منهما الإنسان! والمسافة الهائلة بين المنشأ والمصير. . بين الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب وبين الإنسان المدرك العاقل المعقد التركيب العضوي والعصبي والعقلي والنفسي. . هذه المسافة الهائلة التي يعبرها الماء الدافق" (78).
وذكر الدكتور محمد وصفي في كتاب "القرآن والطب" أنه نقل ما كتبه في مجلة "هدى الإسلام" عام 1354هـ (1936م) فقال: "الماء الدافق هو السائل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات المنوية الحية, وسمي دافقاً لأنه يصب.. بوساطة الانقباضات الخاصة التي تدفع بها القناة الناقلة والحويصلة المنوية هذا السائل.., وهو قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ﴾ القيامة 37, ويقول القاموس المحيط دفقه ويدفقه صبه, وهذا ما يجعل الماء الدافق خاصاً بالذكر وحده دون الأنثى, إذ ليس للمرأة ماء يصب ويتدفق بشدة كماء الرجل, بل إن ماء المرأة إفراز يسيل لمجرد تليين الجهاز التناسلي وترطيبه, مثل سيلان اللعاب والعرق, وبذلك يكون قوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ أي يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ولا دخل هنا لصلب المرأة وترائبها مطلقاً.., والصلب هوالسلسلة الفقرية.. والترائب هي عظام الصدر.., (و) النطفة.. تتكون حقيقةً في القناة المنوية في الأنثيين (الخصيتين) ولا تتكون في الصلب ولا تتكون كذلك من الترائب, فقوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ ليس معناه أنه يخرج منهما ولكن معناه أنه يخرج بينهما, أي يخرج من مكان يقع بينهما, وهذا من عظيم أسرار الإسلام في الطب.., (و) في الذكروالأنثى.. مكان الغدة التناسلية يكون في أول الأمر في الفراغ البطني.. (و) يقع تماماً بين الصلب والترائب.., فالآية الكريمة ترشدنا بذلك إلى أصل تكوين الغدة التناسلية في الإنسان وتدلنا على مكان وجودها الأولي فيه.. (و) يخرج باعتبار نشأته الأولى وأصل وجوده في الجنين"(79).
وقال المراغي(تُوفِّي عام 1371هـ - 1952م): "﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ أي فلينظر بعقله وليتدبر في مبدأ خلقه ليتضحله قدرة واهبه وأنه.. على إعادته أقدر.. ﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ.. حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنا, بيان هذا أن صلب الإنسان هو عموده الفقري (سلسلة ظهره) وترائبه هي عظام صدره.. وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب.. فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب, أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع.., فإذا كانت الخصية والمبيض في نشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني وفي ضبط شئونهما بالأعصاب قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ولم يكشفه العلم إلا حديثا بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول ذلك الكتاب, هذا وكل من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ في الهبوط إلى مكانه المعروف فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها في الصفن ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه في الحوض بجوار بوق الرحم, وقد يحدث في بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية في طريقها ولا تنزل إلى الصفن فتحتاج إلى عملية جراحية.., وإذا هدي الفكر إلى كل هذا في مبدأ خلق الإنسان سهل أن نصدق بما جاء به الشرع وهو البعث في اليوم الآخر.. ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾, أي إن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداءً.. قادر أن يرده حيا بعد أن يموت" (80).
ويقول الدكتور محمد علي البار في كتاب "خلق الإنسان بين الطب والقرآن": "لنبق قليلا مع الآية الكريمة التي تتحدث عن الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب نتملى معانيها المعجزة الباهرة.. والآية الكريمة تحثنا على النظر في الإنسان الذي خلق من هذا الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب, وسبب تدفقه.. هو تقلصات جدار الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني.. تقول الآية الكريمة أن الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب, ونحن قد قلنا أن هذا الماء (المني) إنما يتكون في الخصية وملحقاتها, كما تتكون البويضة في المبيض لدى المرأة, فكيف تتطابق الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية؟: إن الخصية والمبيض إنما يتكونان من الحدبة التناسلية بين صلب الجنين وترائبه, والصلب هو العمود الفقري والترائب هي الأضلاع,وتتكون الخصية والمبيض في هذه المنطقة بالضبط أي بين الصلب والترائب, ثم تنزل الخصية تدريجيا حتى تصل إلى كيس الصفن (خارج تجويف البطن) في أواخر الشهر السابع من الحمل بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة.., ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها أي من بين الصلب والترائب, فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر (الأورطي البطني) من بين الصلب والترائب, كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, كما أن الأعصاب المغذية للخصية أو للمبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب, وكذلك الأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, فهل يبقى بعد كل هذا شك أن الخصية أو المبيض إنما تأخذ تغذيتها ودماءها وأعصابها من بين الصلب والترائب؟, فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب, كما أن منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب, والآية الكريمة إعجاز كامل حيث تقول: ﴿مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾, ولم تقل من الصلب والترائب, فكلمة ﴿بَيْنِ﴾ ليست بلاغية فحسب وإنما تعطي الدقة العلمية المتناهية.., والعلم الحديث يقرر أن الماء الذي لا يقذف ولا يندفع وإنما يسيل.. إنما هو إفرازات المهبل وغدد بارثولين المتصلة به وأن هذه الإفرازات ليس لها دخل في تكوين الجنين وإنما وظيفتها ترطيب المهبل.. ولكن العلم الحديث يكشف شيئا مذهلا؛ أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني, كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف محاطة بالماء فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء.. وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنويلتكون النطفة الأمشاج.. هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية, كلاهما يتدفق, وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض.. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية, وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة" (81).

يتبـــــــــــــع
  #162  
قديم 27-03-2008, 05:20 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية


ويقول الدكتور مأمون شقفة في كتاب "القرار المكين": "الذرية هي النسل, واشتقاق كلمة الذرية من الذرة يدل على أن النسل يحصل بعناصر صغيرة جدا تبين الآن أنها الخلايا الجنسية.. ولكن ما يهمني هو أن الإشهاد هذا إنما حصل لذرية بني آدم من بعده كما فسر الحسن البصري إذ قال: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ﴾ ولم يقل من آدم ﴿مِن ظُهُورِهِمْ﴾ ولم يقل من ظهره.., فإنما يأخذ الميثاق من البشر كأفراد قبل أن يخرجوا من عالم الذر إلى عالم المجسمات, وهذا الميثاق من نعم الله علينا فقد فطرنا على الشعور بحاجة ماسة إلى الإيمان بالخالق العظيم.. ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ﴾ لقمان 25..المهم أننا نشعر بنداء الفطرة هذا في أعماقنا يشدنا إلى الله عز وجل ويذكرنا كلما ألم بنا طائف.. ولقد حيرت آية الصلب والترائب الألباب وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى على قدر ما أوتي كل منهم من علم.. تحير المفسرون في خروج الماء من بين الصلب والترائب.. لعدم وجود معلومات طبية تشريحية بين أيديهم تدلهم.. منشأ الغدد التناسلية ليس في الواقع بين الصلب والترائب ولكن في الأصلاب بالذات (وإنما الخروج من بينهما).., إن القرآن لا يقول أبدا: يخرج الماء الدافق من بين الصلب والترائب, ولكنه يقول ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾.. وهذه الآية مثل آيات الله تعالى الأخرى تشير إلى قدرة الله تعالى المتجلية في أمر عظيم هو الولادة أي إخراج الإنسان من بين الصلب والترائب.. فالضمائر هنا تتعلق بالإنسان رغمكون الماء أقرب.. لأن المعنى يختل ولا يستقيم إذا تعلقت هذه الضمائر بالماء.. وفي قواعد اللغة أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور له في الكلام, وقد يعود إلى البعيد بقرينة دالة عليه.., أما وقد وجدت القرينة القوية بما عندنا من علم حديث فلم يبق شك في أن هذا الضمير (في يخرج) يعود للإنسان, فما هي هذه القرينة؟ إن هذه القرينة هي أن الجنين (أي الإنسان) يكون أثناء الحمل وفي تمامه وحين يخرج (أي أثناء الولادة) بالضبط بين الصلب والترائب, ويكون الخط الواصل بين الصلب والترائب منطبقا على محور الجنين في أكثر من 97% من الحالات في المجيئات الطولانية الرأسية أو المقعدية.. ولا يخرج جنين واحد أبدا عن مدلول الآية الكريمة, إذن لم يعد هناك شك في أن ضمير ﴿يَخْرُجُعائد إلى الإنسان, وفي أن الله تعالى يلفت نظرنا إلى عملية الولادة المعقدة" (82).
(سادساً) موجز الدراسة الدلالية:
في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾؛ الماء الدافق تعبير وصفي للمني لأنه سائل تركيبه يماثل قطيرات الماء إلا أنه حي تتدفق تكويناته وتتحرك بنشاط ويصدق عليها الوصف بصيغة اسم الفاعل (دافق) لدلالته على الحركة الذاتية, وجميع الأوصاف عدا وصف الماء بالدافق تتعلق بالإنسان لأن بدء خلقه هو محور الحديث والموضوع الرئيس, وهو المستدل به على إمكان الإرجاع, وضمير (له) في قوله تعالى ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍلا يستقيم عوده إلى الماء وإنما الإنسان, وضمير (رجعه) في قوله تعالى ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌالأظهر عوده إلى الإنسان والإرجاع هو إعادة الخلق للحساب بقرينة وقت الإرجاع ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ, ولا توجد ضرورة لتشتيت مرجع الضمائر في ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ و﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ﴾ و(رجعه) في ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌو﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ ولذا الأولى عود ضمير (يخرج) في ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِإلى الإنسان كذلك مثلها, خاصة أن المني لا يخرج بذاته كذلك وإنما من الخصية, والوصف بالإخراج آية مستقلة كبيان متصل بأصل الحديث عن الإنسان, وبيان القدرة الإلهية وسبق التقدير أجلى والاستدلال على إمكان الإعادة أوثق في إخراج الذرية من ظهور الأسلاف, والتلازم قائم بين (إخراج) الإنسان للدنيا وليداً و(إرجاعه) حياً بينما لا تلازم بين (إخراج) المني و(إرجاع) الإنسان, والخروج من الظهور مُبَيَّنفي قوله تعالى:﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَمِن ظُهُورِهِمْذُرّيّتَهُمْ﴾ الأعراف 172,, وقوله: ﴿أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَلابِكُمْ﴾ النساء 23, ولم يرد في القرآن فعل (الإخراج) متعلقا بالمني بينما ورد كثيرا متعلقا بالإنسان لبيان خروجه للدنيا وليداً وخروجه حياً للحساب.
والحقيقة العلمية هي أن الأصول الخلوية للخصية في الذكر أو المبيض في الأنثى تجتمع في ظهر الأبوين خلال نشأتهما الجنينية ثمتخرج من الظهر من منطقة بين بدايات العمود الفقري وبدايات الضلوع ليهاجر المبيض إلى الحوض بجانب الرحم وتهاجر الخصية إلى كيس الصفن حيث الحرارة أقل وإلا فشلت في إنتاج الحيوانات المنوية وتصبح معرضة للتحول إلى ورم سرطاني إذا لم تُكمل رحلتها, والتعبير ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ يفي بوصف تاريخ نشأة الذرية ويستوعب كافة الأحداث الدالة على سبق التقدير وبالغ الاقتدار والإتقان منذ اجتماع الأصول الخلوية في الأصلاب ونشأة عضو إنتاج الذرية وهجرته خلف أحشاء البطن ابتداءً من المنطقة بين الصلب والترائب إلى المستقر, وحتى يولد الأبوان ويبلغان ويتزاوجان وتخلق الذرية مما يماثل نطفة ماء في التركيب عديمة البشرية لكنها حية تتدفق ذاتياً لتندمج مع نطفة نظير فتتكون النطفة الأمشاج من الجنسين, ويستمر فعل الإخراجساري المفعول ليحكي قصة جيل آخر لجنين يتخلق ليخرج للدنيا وليداً وينمو فيغفل عن قدرة مبدعه, وكل هذا الإتقان المتجدد في الخلق ليشمل تاريخ كل إنسان عبر عنه العليم الحكيم بلفظة واحدة تستوعب دلالاتها كل الأحداث: ﴿يَخْرُجُ﴾, فأي اقتدار وتمكن في الخلق والتعبير!.

إحكام في البيان

وردت في القرآن 42 مفردة عدا اللفظ ﴿فَلْيَنظُرِ﴾ تماثله في البناء هي: فَلْيَتَوَكّلِ(تسع مرات) فَلْيَعْمَلْ(مرتين) فَلْيَأْتُواْ(مرتين) فَلْيَسْتَجِيبُواْ(مرتيـن) فَلْيَمْدُدْ(مرتين) فَلْتَقُمْ(مرة) فَلَنَأْتِيَنّكَ(مرة) فَلَنَأْتِيَنّهُم(مرة) فَلَنُحْيِيَنّهُ(مرة) فَلَنُذِيقَنّ(مرة) فَلَنَسْأَلَنّ(مرة) فَلَنَقُصّنّ(مرة) فَلَنُنَبّئَنّ(مرة) فَلَنُوَلّيَنّكَ(مرة) فَلْيَأْتِكُمْ(مرة) فَلْيَأْتِنَا(مرة) فَلْيُؤَدّ(مرة) فَلْيَأْكُلْ(مرة)فَلْيُؤْمِن(مرة) فَلَيُبَتّكُنّ(مرة) فَلْيَتّقُواّ(مرة) فَلْيَتَنَافَسِ(مرة) فَلْيَحْذَرِ(مرة) فَلْيَدْعُ(مرة) فَلْيَذُوقُوهُ(مرة) فَلْيَرْتَقُواْ(مرة) فَلْيَسْتَأْذِنُواْ(مرة) فَلْيَسْتَعْفِفْ(مرة) فَلْيُصَلّواْ(مرة) فَلْيَصُمْهُ(مرة) فَلْيَضْحَكُواْ(مرة) فَلْيَعْبُدُواْ(مرة) فَلَيَعْلَمَنّ(مرة) فَلَيُغَيّرُنّ(مرة) فَلْيَفْرَحُواْ(مرة) فَلْيُقَاتِلْ(مرة) فَلْيَكْتُبْ(مرة) فَلْيَكْفُرْ(مرة) فَلْيَكُونُواْ(مرة) فَلْيُلْقِهِ(مرة) فَلْيُمْلِلْ(مرة) فَلْيُنفِقْ(مرة), ويستقيم فيها جميعا أن تكون (اللام) للأمر و(الفاء)تفصح عن محذوف بأصل دلالتها على التعقيب إن لم يسبقها ما لا يحتاج معه إلى تقدير محذوف, ولذا تسمى فاء الفصيحة في اصطلاح النحاة.
وورد اللفظ ﴿فَلْيَنظُرِ﴾ في أربعة مواضع؛ قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْقَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـَذِهِ إِلَىَ الْمَدِينَةِفَلْيَنْظُرْأَيّهَآ أَزْكَىَ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مّنْهُ وَلْيَتَلَطّفْ وَلاَ يُشْعِرَنّ بِكُمْ أَحَداً﴾ الكهف 19, وقوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يَظُنّ أَن لّن يَنصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السّمَآءِ ثُمّ لْيَقْطَعْفَلْيَنْظُرْهَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾ الحج 15, وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِالإِنسَانُ إِلَىَ طَعَامِهِ﴾ عبس 24, وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِالإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ الطارق 5, وفي تلك المواضع الأربعة جميعاً يتبع اللفظ (فَلْيَنظُرِ) نتيجة حسية معاينة مؤكَّدة تلزمها مقدمات وردت بالتصريح في حالتين لفظاً مما يقتضي في البقية ورودها ضمناً ويلزم تقديرها, وقوله: ﴿فَلْيَنظُرِالإِنسَانُ إِلَىَ طَعَامِهِ﴾ جواب لسؤال تفرضه حالة المنكرين الغافلين عن تقدير النعمة قبل إيجاد المُنْعَم عليه, وكأنهم يتساءلون مستنكرين فلزمهم الإسهاب في بيان سبق الإعداد في قوله تعالى: ﴿أَنّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبّاً. ثُمّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقّاً. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدَآئِقَ غُلْباً. وَفَاكِهَةً وَأَبّاً. مّتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ﴾ عبس 25-32, وكشف حالة الكفر بالنعمة التصريح بها في التذييل: ﴿أُوْلَـَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ عبس 42, وبالمثل جاء قوله: ﴿فَلْيَنظُرِالإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ جواباً لسؤال تطرحه حالة منكري البعث الغافلين عن المصير, وكشف التصريح بالإعادة حالة الإنكار مؤكداً لقدرة الله تعالى بداهةً على إرجاع الإنسان وذلك في التذييل: ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾.
وصيغة الفعل (يُخْرِجْ) بضم الياء تُصَرِّح بخروج الشيء بتدبير فاعل غيره بينما الصيغة (يَخْرُجُ) بفتحها تصف الشيء نفسه فتعني أنه المُؤَدِّي للفعل ولا تصرح بفاعل التدبير؛ هل هو الشيء نفسه أم فاعل غيره؟, ولكن الفعل المبني للمجهول ﴿خُلِقَوالعائد على الإنسان يصرح بضرورة وجود الخالق, وكأنه قال (يُخْرِجُهُ اللهُ من بين الصلب والترائب), وبهذا الاحتياط يقطع التركيبفي قصر تدبير (الإخراج) على الخالق وحده, وصيغة المضارع ﴿يَخْرُجُ﴾ تدل على تجدد الفعل ودوامه دفعاً للصدفة وبياناً للتقدير,واقتدار الخالق شاخص في كل العرض بينما يتملى الخيال مشاهد أعرضت عن الإنسان فعبرت عنه بالغائب في ومضات تُعَرِّيه من الخيلاء وتفاجئه بأصله ومصيره طاويةً حياته ومماته وكأنه لم يكن, في مقابل مشهد استكباره في تبجحصارخ يعلنه الاحتجاج المستهل بحرف (الفاء) ليفصح بأصل دلالته على التعقيب عن محذوف يكشف ما يجول في طوية نفسه: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾, كأنه صيحة مدوية مؤنبة تقول: ألم تحدثك نفسك؟, وليس للإنسان في تلك المحاكمة إلا حضورا باهتا داخل قفص الاتهام في زاوية من المخيلة بينما تشخص عياناً أدلة التجريم؛ وكأنه تعالى يقول: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ﴾ القيامة 40, وهذا المشهد الأصغر لتعري السرائر مثال لمشهد يوم عظيم ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾, فتأمل الاتساق في عرض المشاهد!, تصوير عجيب يكشف ما قبل فتح الستار وحتى بعد ضمه تبقى في الخاطر شتى صور العقاب وتأز في المسامع نيران تتشوق لمن يشك لحظة في قدرة الخالق سبحانه!.
وتجاوباً مع الإعراض عن الإنسان الغافل عن مبتداه الناكر لمصيره لم يستفته التعبير ولم ينتظر منه جواباً بل يجرده من الأعذار, فعدل عن أداة الاستفهام (مِما؟) إلى الأداة ﴿مِمّ﴾ بغير ألف لأن المقام هنا لا يتعلق بالاستفهام وإنما التقرير, ومثله قول العلي القدير: ﴿عَمّيَتَسَآءَلُونَ﴾ النبأ 1, وقوله تعالى: ﴿فِيمَأَنتَ مِن ذِكْرَاهَا﴾ النازعات 43, وقوله: ﴿قُلْ فَلِمَتَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ﴾ البقرة 91, ويصلح التقرير فيها جميعاً مع التمييز بين ﴿ما﴾ الاستفهامية والخبرية بحذف الألف والاكتفاء بالميم مع حرف الجر(83), وأصل تركيب ﴿مِمّ﴾: (مِن) للابتداء و(مَا) بمعنى (الذي) لكن الإبهام زاد بداية الإنسان إيغالاً في الضآلة إلى حد العدم في مرأى العين, ودليل البَدء حجة دامغة لذا فاضت به محاكمات القرآن لتجريم الغافلين عن البعث وأدانهم مراراً سؤاله: (كيف بدأ الخلق؟), مثل قول العلي القدير: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌمّبِينٌ﴾ يس 77, وقوله: ﴿أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ مريم 67, وقوله: ﴿هَلْ أَتَىَ عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مّنَ الدّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مّذْكُوراً﴾ الإنسان 1, وقوله: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ﴾ القيامة 37, وقوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مّا تُمْنُونَ. أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ الواقعة 58و59, وقوله: ﴿كَلاّ إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ﴾ المعارج 39, وقوله: ﴿مّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلّهِ وَقَاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً﴾ نوح 13و14, وقوله: ﴿يَأَيّهَا الإِنسَانُ مَا غَرّكَ بِرَبّكَ الْكَرِيمِ. الّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ الانفطار 6و7, وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلّن نّجْمَعَ عِظَامَهُ. بَلَىَ قَادِرِينَ عَلَىَ أَن نّسَوّيَ بَنَانَهُ﴾ القيامة 3و4, وكذلك قوله: ﴿قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ﴾ عبس 17و18, وهو كقوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُمِمّخُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِر﴾, وكأنه يقول: كيف يجرؤ أحد أن ينكر قدرة الله على البعث والحساب ولو حديثاً في النفس! ألم يعلم كيف كان قبل خلقه ويدرك تلاحق الذرية!, فالظاهر السؤال والمعنى التقرير والاحتجاج للإفحام, وتلمس تعجب وإعراض وتبكيت وتقريع في جو تشوبه هيبة وغلبة وتمكن واستعلاء ويصاحبه إيقاع كأنما هو في الحس قرع الطبول في ساحة معركة أو كما لو كانت قاعة المحاكمة ليست لإصدار الحكم فحسب بل ساحة لتنفيذ حكم الإعدام؛ فلا يملك المعاند إلا أن يسمع الحكم مأخوذاً بكشف السرائر مستسلماً لهدير دلائل التجريم, وهذا أسلوب عجيب فريد جامع لا يبلغه اليوم أي كتاب يُنسب للوحي قد بلغ الذروة في التصوير وثراء المعني مع الغاية في إيجاز اللفظ, وهكذا يتصل العرض وينقلك في ومضة من مشاهد بدايات مقدرة تسبق وجود الإنسان إلى حيث يقف عاجزا معرَُى السريرة ليواجه مصيره وحده بلا أعوان فيتجلى بتلك النقلة الكبيرة الفارق في أحواله, وسرعة النقلة تؤكد سبق التقدير وتجلي قدرة الله وواسع تدابيره وحكمته؛ ناطقةً: ]إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ[.
يتبـــــــــــع
  #163  
قديم 27-03-2008, 05:25 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية

قال ابن عاشور: "التقدير: إن رأيتم البعث محالاً ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُمِمّخُلِقَ﴾ ليعلم أن الخلق الثاني ليس بأبعد من الخلق الأول, فهذه الفاء مفيدة مفاد فاء الفصيحة, والنظر نظر العقل وهو التفكر المؤدي إلى علم شيء بالاستدلال, فالمأمور به نظر المنكر للبعث في أدلة إثباته"(84), وقال ابن القيم: "والتفكر في القرآن نوعان:تفكر فيه ليقع على مراد الرب تعالى منه وتفكر في معاني ما دعا عباده إلى التفكر فيه,فالأول تفكر في الدليل القرآني والثاني تفكر في الدليل العياني,الأول تفكر في آياته المسموعة والثاني تفكر في آياته المشهودة,ولهذا أنزل الله القرآن ليتدبر ويتفكر فيه ويعمل به..,قال تعالى ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ. ثُمّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّىَ. فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِـيَ الْمَوْتَىَ﴾ القيامة 36-40,وقال تعالى ﴿أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مّكِينٍ. إِلَىَ قَدَرٍ مّعْلُومٍ. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ المرسلات 20-23,وقال ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ﴾ يس 77,وقال ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ. ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ. ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون 12-14,وهذا كثير في القرآن يدعو العبد إلىالنظر والتفكر في مبدأ خلقه.. إذ نفسه وخلقه من أعظم الدلائل على خالقه وفاطره,وأقرب شيء إلىالإنساننفسه,وفيه من العجائب الدالة على عظمة الله ما تنقضي الأعمار في الوقوف على بعضه,وهو غافل عنه معرض عن التفكر فيه,ولو تفكر في نفسه لزجره ما يعلم من عجائب خلقه عن كفره,قال الله تعالى ﴿قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ. مِن نّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ. ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ. ثُمّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ. ثُمّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ﴾ عبس 17-22,فَلَمْ يكرر سبحانه على أسماعنا وعقولنا ذكر هذا لنسمع لفظ النطفة والعلقة والمضغة والتراب ولا لنتكلم بها فقط ولا لمجرد تعريفنا بذلك, بل لأمر وراء ذلك كله هو المقصود بالخطابوإليه جرى ذلك الحديث, فانظر الآن إلى النطفة (الأمشاج) بعين البصيرة وهي (مثل) قطرة من ماء.. كيف استخرجها رب الأرباب العليم القدير ﴿من بين الصلب والترائب﴾ منقادة لقدرته مطيعة لمشيئته مذللة الانقياد على ضيق طرقها واختلاف مجاريها (في أصلاب الأسلاف) إلى أن ساقها إلى مستقرها!" (85), ولا يملك أحد أن يستوعب كل تفصيلات الإبداع في هذا الوجود والتي أجملها قول العلى القدير: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ﴾! القيامة 40, وأما التفاصيل العلمية التي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل فهي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين.
1.The Developing Human, Keith L. Moore, Fourth ed.,1988, Saunders Comp., Toronto, P: 7-11, 14.
2.Obstetrics and Gynaecology for Postgraduates, Charles Whitfield, 5th ed., 1995.
3.Obstetrics and Gynaecology, Tim Chard, 4th ed., 1995.
4.Medical Embryology, Jan Langman, 4th ed., 1981.
5.Human Male Fertility and Semen Analysis, Glover, Barratt, Tyler, Hennessey, 1990.
6.مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 305.
7.تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 499.
8.تفسير غرائب القرآن للنيسابوري ج6ص480.
9.تفسير الثعالبي ج: 4 ص: 403.
10.تفسير النسفي ج: 4 ص: 331.
11.التبيان في أقسام القرآن ج: 1 ص: 64.
12.إعلام الموقعين لابن القيم ج: 1 ص: 145-148.
13.فتح القدير ج: 5 ص: 420.
14.تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6.
15.تفسير القرطبي ج: 19 ص: 117.
16.تفسير أبي السعود ج: 9 ص: 142.
17.زاد المسير ج: 9 ص: 84.
18.تفسير الجلالين ج: 1 ص: 802.
19.روح المعاني ج30ص99.
20.تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
21.مختار الصحاح ج: 1 ص: 32.
22.تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6.
23.زاد المسير ج: 9 ص: 84.
24.تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
25.روح المعاني ج: 30 ص: 99.
26.المفردات في غريب القرآن ص67.
27.إعلام الموقعين لابن القيم ج: 1 ص: 145-148.
28.كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير ج: 17 ص: 512.
29.البرهان في علوم القرآن ج: 1 ص: 124.
30.الإتقان ج: 1 ص: 548.
31.تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6.
32.تفسير الطبري ج: 30 ص: 147.
33.تفسير البغوي ج: 4 ص: 473.
34.تحفة المولود ج: 1 ص: 272.
35.التبيان في أقسام القرآن ج: 1 ص: 64.
36.تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 499.
37.تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 424.
38.فتح القدير ج: 5 ص: 420.
39.تفسير الثعالبي ج: 4 ص: 403.
40.تفسير الطبري ج: 30 ص: 147.
41.تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 499.
42.تفسير أبي السعود ج: 9 ص: 142.
43.فتح القدير ج: 5 ص: 420.
44.تفسير البغوي ج: 4 ص: 473.
45.الإتقان ج: 1 ص: 548.
46.إعلام الموقعين لابن القيم ج: 1 ص: 145-148.
47.التبيان في أقسام القرآن ج: 1 ص: 64-66.
48.المحرر الوجيز ج15ص399.
49.تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6و7.
50.فتح القدير ج: 5 ص: 345.
51.تحفة المولود ج: 1 ص: 272.
52.تفسير القرطبي ج: 16 ص: 342و343.
53.فيض القدير ج: 5 ص: 3.
54.زاد المسير ج: 3 ص: 173.
55.تفسير القرطبي ج: 7 ص: 314.
56.روح المعاني ج: 23 ص: 40.
57.زاد المسير ج: 3 ص: 286.
58.تفسير الواحدي ج: 1 ص: 420.
59.تفسير البغوي ج: 2 ص: 212.
60.التبيان في تفسير غريب القرآن ج: 1 ص: 107.
61.تفسير القرطبي ج: 20 ص: 151.
62.تفسير القرطبي ج: 5 ص: 195.
63.زاد المسير ج: 7 ص: 22.
64.تفسير ابن كثير ج2ص216.
65.المفردات في غريب القرآن ج1ص284.
66.زاد المسير ج3ص284.
67.الجلالين ج1ص220.
68.تفسير القرطبي ج: 10 ص: 68.
69.تفسير القرطبي ج: 10 ص: 125.
70.الثعالبي ج: 4 ص: 402.
71.الألوسي 30/97.
72.روح المعاني ج: 19 ص: 35.
73.الإتقان ج: 1 ص: 556.
74.فتح القدير ج: 5 ص: 420.
75.الدر المنثور ج: 8 ص: 476.
76.تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 499.
77.محاسن التأويل للقاسمي ج10ص120.
78.تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
79.الظلال ص3878.
80.القرآن والطب, ط1, 1416هـ (1995م), ص57.
81.تفسير المراغي ج10ص112.
82.خلق الإنسان بين الطب والقرآن, ط5, 1984, ص114-124,(الطبعة الأولى عام: 1400هـ - 1980م).
83.القرار المكين, ط1, 1406هـ (1985), ص154-159 و276-285.
84.البرهان في علوم القرآن ج3ص213.
85.تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
86.مفتاح دار السعادة ج: 1 ص: 190.
  #164  
قديم 27-03-2008, 05:31 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

تأملات فى سورة المرسلات
أ.د. ســلامه عبد الهادي
أستاذ في علوم إدارة الطاقة وعميد سابق للمعهد العالي للطاقة بأسوان
هيأ لنـا الحق نعمة علم و تعلم القرآن رحمة منه و فضلا... و كل آية من آيات القرآن تعبر عن أدق الأسراربقدر ما تتيحه لنا علوم كل عصر.. فتتدرج من أعم العموم إلى أخص الخصوص فى سهولة
و يسر ودقة وإتقان بقدر ما يستوعبه أيضا كل منا من معاني وبقدر ما هيأه له الرحمن من علم.. ونحن لا نعرض فى هذه الحلقات إعجاز القرآن فى سبقه و علمه و إشاراته... فالقرآن معجز لأنه من عند الرحمن، ولكنا ننفذ أمر الله بالتدبر فى آيات كتابه وتأملهـا بحسب ما مكنا به الخالق من يسير علوم الدنيا، وما أدناهـا عن علم القرآن... إننا نحاول أن نطيع أمر الله و نأخذ ما فى كتابنا بكل ما أويتينا من قوة العلم و الهدى و الاجتهاد و نذكر ما فى آياته لعلنـا نكون حقا من الشاكرين، إنهـا محاولة لقراءة أو استقراء آيات الكون الذي خلقه الله بما تهدينا إليه آيات القرآن التي بعثهـا الله.. و نقف فى هذه الحلقة أمام آيات من سورة المرسلات... ويتكرر فى هذه السورة فى عشر آيات توعد الحق لهؤلاء المكذبين بكتاب الله و المصروفين عن آياته بهذا الوعيد الذي جاء بقوله سبحانه و تعالى "ويل يومئذ للمكذبين"... و تبدأ أول السورة بإشارات وعلامات يوم القيامة التي نرى منهـا اليوم الكثير... ثم تتوعد المكذبين بما سيلقونه فى هذا اليوم من العذاب فى وادي "الويل" من جهنم وبئس المصير بهذا القول الفصل "ويل يومئذ للمكذبين"... ثم يذكرهم الخالق فى الآيات التالية بأصل نشأتهم الذي جاء من مـاء مهين يمنيه الرجل فى أنثاه من مخرج بوله، وهذا رداً على استكبارهم وصلفهم، ثم يذكرهم بأنه يتغمد هذا الماء المهين برحمته إذا خصب بويضة الأنثى فى قناة المبيض، فيحفظه فى قرار مكين حريز فى
ظلمات ثلاث وهو رحم الأنثى، أعده الرحمن حيث تستقر فيه هذه النطفة إلى وقت معلوم قدره لهـا رب العالمين، وفى هذا الرحم تتجلى رحمة الله و قدرته وحكمته... حيث يمد هذه النطفة بما ييسر لهـا النمو والحركة والتنفس داخل هذه الظلمات، مكونة الجنين ثم يخرجه إلى الحياة طفلاً كاملاً له السمع و البصر والقدرة على الحركة والحياة... يذكرنا الحق بهذه النعم والأسرار فى كلمات موجزة و معجزة فى هذه الآيات، حيث يقول الحق "ألم نخلقكم من ماء مهين.. فجعلناه فى قرار مكين.. إلى قدر معلوم.. فقدرنا فنعم القادرون "... و لن أتعرض فى هذا اللقاء لهذه الآيات الكريمة التي تذكر هذا الاستفسار من رب العالمين و الذي تتجلى فيه ما يدحض قول كل مكذب بيوم الدين وبهذا الكتاب الكريم، إنهـا آيات استوعبت فى كلمات
صورة لطفل صغير في رحم أمه فسبحان الله الذي أتقن كل شيء
محددة ومعدودة أسرار هذا الماء المهين و أسرار الرحم الذي أودعه الله أسرارا تجعل من هذا الماء المهين نشأتنا ونشأة خلق هؤلاء المكذبين... إنهـا تذكرة بأسرار رحمة الخالق بنـا في أثناء أطوار الجنين المعجزة والمختلفة إلى قدر معلوم فى هذا القرار المكين والتي ما زال العالم يحبو ليكشف أسراره و ما زال أمامه الكثير... ولكنى سأتوقف فى هذه الحلقة أمام الاستفسار التالي والذي يكشف عن أسرار رحم أخر وقرار آخر جاء ذكره فى الآيات التي تلت مباشرة تذكرتنا بالرحم الأول أو القرار الأول... إنه رحم كبير أعده الله لنا.. إنه قرارا آخر تستقر عليه حياتنا أيضا إلى وقت معلوم... إنه الكوكب الذي يسره الله لنا كي ننعم برحمة الله علينا فى كل لحظة نعيشهـا و نحياهـا عليه... إنه كوكب الأرض الذي جعلهـا الله لنـا مهدا للحياة و محتضنا لأجسامنا بعد الممات... إنه القرار المكين التالي الذي يستقبل الطفل بعد أن يخرج من القرار المكين الأول... و لهذا جاء ذكره فى السورة الكريمة فى تسلسل منطقي بعد هذه الآيات.. فيأتي قول الحق فى استفسار آخر يلي مباشرة الاستفسار الأول عن نشأتنا من ماء مهين أودعه الحق فى قرار مكين.. " ألم نجعل الأرض كفـاتاً...أحياءً و أمواتـا "... يضع الخالق أمامنا أيضا فى هذا الاستفسار سراً آخر من أسرار الخلق ومن أسرار هذا الكون الذي تحتار فيه الألباب... وهذا السر جعله البشر قضية يحارون فى الحفاظ عليه وينسون من أعده وأعد الحفاظ عليه... يسمونه بالبيئة فيقيمون لهـا الوزارات و المؤتمرات.. وطبقا لتسلسل الآيات فهو حقاً رحم آخر ينتظر الإنسان بعد خروجه من الرحم الأول أو أول قرار مكين، و لكن هل يحتاج الإنسان حقاً لرحم آخر بعد ولادته... وللإجابة عن هذا السؤال تعالوا ننظر إلى رواد الفضـاء عندما يذهبون إلى القمر... إنهم يدخلون بالفعل داخل رحم آخر يحيط بجسدهم تحت الضغط ودرجة الحرارة ونسبة الرطوبة التي تناسب أجسامهم كما فى رحم الأم، ويكون لديهم حبل سرى آخر يمدهم بالغذاء والماء والهواء كما فى رحم الأم، وحبل لخروج الهواء الفاسد بعد استهلاكهم الهواء النقي وحبلاً كذلك لإخراج فضلاتهم وإعدامهـا حتى لا تلوث الرحم الذي يعيشون فيه كما فى رحم الأم... وإذا انتهى ما يكفيهم من العناصر المطلوبة لبقائهم أحياءً انتهت حياتهم، فلا يوجد على سطح القمر معظم العناصر إلى تحتاجهـا أجسامهم، وإذا وجدت فلا وجود للنبات الذي يعد لهم طعاماً من هذه العناصر بحيث تستطيع أمعاءهم أن تمتصه أو تهضمه... و إذا وجد النبات فليس أمامه الظروف الجوية التي تتيح بقائه أو العناصر التي يمكن امتصاصهـا وإعداد الطعام المناسب منها.. وإذا مات أحد منهم فلن يستطيعوا البقاء أحياء عندما يتعفن جسد زميلهم مفسداً لهم هذا الرحم الصناعي الذي يحيون فيه... كلا.
هل يشكل لهم القمر القرار المكين.. كلا .. فالآن . يرون فوق القمر فى قفزات ولا تستقر حركاتهم.. و الآن .. ألا ننظر من أعد للبشر جميعاً هذا الرحم الكبير الذي يضمهم ويوفر كل أسباب هذه الحياة لهم و الاستقرار.. لقد وجه الخالق هذا الاستفسار فى كلمات معدودة تذكر المكذبين أن يقرأوا آيات الكون الذي يتمتعون بالحياة فيه و هذا إذا تعلموا قراءة آيات القرآن ... أن ينظروا كيف تستمر حياتهم بعد خروجهم من أرحام أمهـاتهم... أنهم يعيشون فى رحم آخر يكفلهم و يكفيى مؤنهم فى كل لحظة يعيشونهـا على الأرض .. إنه حقا قرار مكين آخر... يسألنا الحق بهذا الاستفسار و هذا البيان و هذه التذكرة.. من أعد لكم هذا القرار الآخر بميزان دقيق و فى منظومة هائلة كي يضمكم و يكفلكم و يكفيكم أحياء و أمواتـا ... ما رد المكذبين الذين يجدون فى صعود القمر تقدما علميا على هذا السؤال أو الاستفسار.. ألم نجعل الأرض كفـاتا.. أحياءا و أمواتا... لقد خص الله هذا الكوكب الذي نحيا عليه و هو الأرض بما يؤهله ليكفل و يكفى حياة الأحياء عليه و يكفلهم و يكفيهم أيضا بعد موتهم... و قد ذكر المفسرون أن الكفت يعنى الجمع و الضم كالأم تضم أبنائهـا أو الرحم يضم جنينه و يكفله، وكلمة كفاتا تعنى جمع الكفت فهي حقا ليس رحما واحدا و لكنهـا أرحام و أرحام و أرحام، ثم نجد أن حروف الكلمة تعنى أيضا الكفاية.. أي أن الأرض توفر ما يكفى من تضمهم و تكفلهم فى رحمهـا أو أرحامهـا... أن من ينظر إلى هذه الأرض التي تضمنا بالرغم من مواردهـا المحدودة.. ويسأل نفسه ويتدبر.. من أدارهـا و من يديرهـا طوال هذه الملايين من السنين بحيث يكون لديها ما تقدمه إلى هذه الملايين أو المليارات من البشر ومليارات المليارات من الأشجار والنباتات والحيوانات والحشرات و الطيور من غذاء و هواء وماء طوال ملايين السنين التي عاشتهـا وستعيشهـا الأرض... تكفلهم أيضا بفضلاتهم وأجسام موتاهم وفضلات الحيوانات وأجسادهـا حين موتهـا دون أن تصبح الحياة مستحيلة عليهـا... من ينظر إلى عدد سكان الأرض منذ خمسة قرون فقط و الذي لم يكن يتعدى 500 مليون نسمة، و الآن يزيد هذا العدد عن 6.5 مليار نسمة... من ينظر كم طنا من الغذاء يستهلكه كل منا و كم برميلا من الماء يشربه كل منا و كم مترا مكعبا من الهواء يحتاجه كل منـا خلال حياته.. إن متوسط ما يستهلكه الإنسان فى عمره إذا بلغ 60 عاما هو 60 طن من الحبوب و المحاصيل الزراعية، يمكن أن يكون جزءً منهـا من المصادر الحيوانية مثل الألبان و لحوم الطيور و الأنعـام، و يحتاج هذا الكم من الحبوب و المحاصيل إلى 100.000 (مائة ألف ) متراً مكعباً من المـاء العذب لزراعتهـا، و تقدر الطاقة التي يحتاجهـا جسم هذا الإنسان خلال سنوات عمره للحركة والحياة والتي يختزنهـا ويعدها له النبات من الشمس بحوالى 60.000 كيلو وات. ساعة، وهي طاقة تدفع عربة جيب قوتهـا 100 حصان زمنا قدره 1000 سـاعة... من أعد الموارد والمصادر لتقديم كم هذا الطعام والشراب وهذه الطاقة لهذه المليارات من البشر، ثم لأنعامهم و زروعهم، علاوة على ما يسكن الأرض من أحياء أخرى معهم.. هذا علاوة أيضا على استيعاب كم الفضلات التي تخرج منهم بعد غذائهم ثم عند موتهم... من دبر أمر كفالة كل هؤلاء البشر بهذه الرحمة و البركة... من أعد هذا الرحم الكبير بكل ما فيه وما عليه ... سؤال تثيره الآية الكريمة فى القرآن الكريم والتي توجهنا إلى استقراء آيات الله فى هذا الكون الكبير... توجيه جاء هيئة على استفسار رباني كي نفيق من غفوتنا ونحن نتحدث عن البيئة دون أن نفطن من أوجد و خلق و أعد هذه البيئة بكل هذه المقومات كي نحيا عليهـا و فيهـا ومنهـا.. من دبر أمر إدارتهـا و هدايتهـا بهذا الميزان بحيث تعوض ذاتياً استهلاك مواردهـا و تجددها بحيث لا تنضب... من ثم من ثم من ؟؟؟ ... تأتى الآية الكريمة فتخبرنا أن خالقهـا هو الذي جعلهـا هكذا... فلا حيرة و لا تخبط... ولا تنسى أن كلمة الأحياء والأموات فى الآية الكريمة لا تعنى البشر وحدهم، بل هناك أعضاء المملكة النباتية والحيوانية والميكروبية.. أحياءهم وأمواتهم.... و كلهم قد سخرهم الله لخدمة البشر، الذي جعله الله خليفته فى هذه الأرض... كيف هذا؟ .. علينا أن نقرأ هذا الكون ونحن نتدبر آيات خالقه وكتابه الذي ختم به رسالاته إلى الأرض... إنه استفسار جاء بكل البساطة والعظمة والتفضل والمن معاً.. إنه إعلان أنه هو الله الذي أدار ويدير هذا الكون بحكمته وهذه الموارد بعلمه و قدرته... هو الذي أراد أن يجعلهـا هكذا.. و كلمة جعل تفيد أنه لم يخلقهـا فقط ولكن رحمته وعنايته تهديهـا و تسيرهـا فى كل لحظة وكل حركة و سكنة... بحيث تكون معيناً لا ينضب، و قد وجهنـا الخالق فى هذه الآية و بهذا الاستفسار أن نرى كيف انتظمت واهتدت هذه الأرض بحيث تكون كفاتا ، أحياء أو أمواتا ... فتعال ننظر كما تنص الآية الكريمة كيف صارت الأرض معينا كافياً ومحتضنا طوال ملايين السنين لكل هذه المليارات من البشر ومليارات المليارات من الحيونات والحشرات والأسماك والطيور والنباتات والمكيروبات و .و. .. ... تعالوا أولا ننظر كيف توفر الأرض للأحياء عليهـا احتياجهم من الغذاء بعناصره والماء بعذوبته لاستمرار بقائهم.. لننظر أولا ما هي العناصر المطلوبة لبقائهم... إن إنشاء أجسامنا قد جاء من الطين اللازب الذي الذي خلق الله منه آدم أبو البشر، ويتكون هذا الطين من الماء والتراب، و الماء يمثل حوالي 83 % من جسم الإنسان ، ثم تدخل عناصر التراب ومنهـا الكربون والنيتروجين والكالسيوم والفوسفور والكبريت والبوتاسيوم و الصوديوم و المنجنيز بالإضافة إلى 10 عناصر أخرى بكميات محدودة منهـا النحاس والحديد والكوبالت والزنك، و أكثر العناصر انتشارا فى الجسم هو غاز الأكسيجين ويمثل أكثر من 65 % من كتلة جسم إنسان، حيث أن الماء المنتشر فى أجسامنا يتكون من اتحاد هذا الغاز مع غاز الهيدروجين، و يمثل غاز الأكسيجين عنصراً هاماً أيضاً فى الهواء الذي نتنفس به، حيث يمثل نسبة 23 % من وزن الهواء، و هذه المكونات قاسم مشترك أيضـا فى معظم أعضاء المملكة الحيوانية والنباتية .. أي معظم الأحيـاء، ويعد النبات الثمار التي تحتوى على جميع المعادن و المواد التي يحتاجهـا معظم الأحياء و منهم الإنسان فى غذائهم ونموهم وحركتهم ، وهذا بما يمتصه النبات من القشرة الأرضية ومن الهواء ... وقد أعد الله كل هذه العناصر والمكونات فى القشرة الأرضية التي نحيا عليهـا وفى الغلاف الذي يحتضنهـا ويسميه العلماء الغلاف الجوى أو الأرضي... إن هذه القشرة الأرضية التي تحتوى جميع هذه المعادن التي تقوم عليهـا حياتنا، لا تمثل أكثر من قشرة بيضة من بيض الطيور، إذا تخيلنا الأرض فى حجم هذه البيضة، حيث لا يزيد سمكهـا عن 0.4 % من قطر الأرض، فتصل أعماق القارات التي نحيا عليهـا إلى 35 كم فقط، وتضم 8 عناصر أساسية منهـا الأكسيجين و السيليكون و الكالسيوم والصوديوم و الحديد، وتضم بندرة شديدة بعض العناصر الأخرى مثل الكربون والفوسفور والكبريت و جميع العناصر الأخرى التي يتكون منهـا جسم الإنسان، و تتغطى القشرة الأرضية بالمياه والرمال و التربة، و على أي أعماق تحفر فى هذه القشرة فلن تجد سوى الصخور، ويحيط بهذه القشرة كما ذكرنا الغلاف الجوى الذي يمتد إلى أكثر من 10 كم، وقد وجدت أنواع من الحياة وخاصة للكائنات الدقيقة أو الميكروبية حتى عمق 9 كم تحت سطح البحر وحتى ارتفاع 6 كم فوق سطح البحر، و هناك
إن هذه القشرة الأرضية التي تحتوى جميع هذه المعادن التي تقوم عليهـا حياتنا، لا تمثل أكثر من قشرة بيضة من بيض الطيور، إذا تخيلنا الأرض فى حجم هذه البيضة، حيث لا يزيد سمكهـا عن 0.4 % من قطر الأرض
طيور تهـاجر على ارتفاع أكثر من 8 كم فوق سطح البحر فى غلاف الأرض.
و تنحصر حياتنا على هذه القشرة الأرضية بصخورها ومائها ورمالهـا وترابهـا وعناصرها وداخل هذا الغلاف الجوى بهوائه و سحبه و رياحه.. هذه المنطقة المحدودة تضمنا و تكفينا بمواردهـا المحدودة.. إنهـا موارد محدودة فى منطقة محددة من قبل رب رحيم كي تكون الرحم الذي يضمنا.. ولا مكان لنـا فى الكون سوى هذا الرحم الذي هيأه لنـا الرحمن الرحيم بنـا والذي أراد أن يجعل هذه الأرض لنا كفاتا.. أحياء و أمواتـا ... كيف لا تنضب هذه العناصر بالرغم من استنفاذها ملايين المرات خلال ملايين السنوات التي عاشتها الأرض بحيواناتهـا ونباتاتهـا و طيورهـا و سكانهـا... إن من يقرأ هذا الكون سيرى أن كل عنصر من هذه العناصر له موارد محدودة.. وهي عناصر مطلوبة فى تركيب ونمو وحركة وطاقة كل إنسان أو حيوان... فكيف تكفى هذه الموارد كل هذه الأعداد دون أن تنفذ... لقد أعد الخالق لكل عنصر من هذه العناصر دورة تبدأ من الصخور الجيولوجية فى قشرة الأرض والهواء الجوى إلى النبات لإعداد ثماره إلى غذاء الأحياء وأجسادهم ثم إلى فضلاتهم وأجساد موتاهم ثم تعود إلى الصخور والهواء مرة أخرى من خلال سلسلة طويلة من التفاعلات الكيميائية تشارك فيهـا القشرة الأرضية و الغلاف الجوى و الشمس مع مملكة الأحياء من نباتات وحيوانات مع الرمال والتراب والبحار والمحيطات، بالإضافة إلى مملكة أخرى من الأحياء لا نراهـا بالعين المجردة بالرغم من هول ما تؤديه فى اكتمال هذه الدورات، وهي مملكة تجمع بين الحيوان فى حركته وخواصه والنبات فى وظائفة و سكناته، إنهـا مملكة الكائنات الدقيقة أو الميكروبية وتسمى المملكة الميروبيولوجية.. وتسمى الدورات التي تشارك فيهـا كل هذه الممالك مع القشرة الأرضية بغلافهـا بالدورات البيو جيو كيميائية، أو الدورات الحيوية الصخرية الكيميائية، biogeochemical cycles. ... ولا شك أن إلقـاء نظرة على بعض هذه الدورات، سيقربنـا إلى استقراء أسرار هذا الكون كما تهدينا وتبصرنا وتوجهنا آيات القرآن, إنه استقراء لآيات الكون المنظور بآيات القرآن المقروء.. إنه رد على استفسار يوجهنا إليه الخالق كأعظم أسلوب تربوي لإدراك ما تشتمل عليه الآيات من نعم الخالق علينا فى هذا الرحم الذي يضمنا أحياء و أمواتـا، و لنبدأ بدورة غـاز الأكسيجين... و هو أهم و أكثر العناصر فى أجسام جميع الأحياء.. كيف لم تستهلك كميته المحدودة فى القشرة الأرضية والغلاف الجوى طوال هذه السنين بحيث مازالت تكفينا وتكفى مليارات أخرى من البشر عدة ملايين أخرى من السنين... إن الأكسيجين غاز يستهلك فى إنتاج الطاقة عند حرق الوقود أو الغذاء الكربوهيدرات داخل أجسامنا ليمنحنا الطاقة كي نتحرك ونحيا ، ثم حرق الوقود لطهو طعامنا وإعداده لنـا ، ثم حرق الوقود داخل عرباتنا ومعداتنا لتوفير أسباب الراحة لنـا، إننا فى كل يوم نستهلك ملايين الأطنان من هذا الغاز لكي نطلق مليارات السعرات الحرارية المطلوبة كي تستمر قدرتنا وقدرة جميع الأحياء على الحركة و الحياة بما فيهـا النباتات .... حيث يمتص غاز الأكسيجين من الهواء و يحترق به الوقود داخل الأجسام أو الأفران وينتج فى معظم الأحوال غازي ثاني أكسي الكربون وبخـار المـاء بالإضافة إلى الطاقة... لا.فذ غاز الأكسيجين نتيجة استنفاذه فى كل الأحياء وجميع العمليات الحيوية و الصناعية على الأرض، الجواب.. لا .. فقد أعد له الخالق دورته كي يستعيده الغلاف الجوى أو الأرض مرة ثانية... إنهـا دورة يشارك فيهـا النبات واللملكة النباتية مع الإنسان و المملكة الحيوانية.. فما تستهلكه المملكة النباتية و المملكة الحيوانية ومنهـا الإنسان أثناء التنفس و الأنشطة الأخرى تعوضه المملكة النباتية أثناء عملية التمثيل الكلوروفيللى أو الأخضر أو الضوئي تحت أشعة الشمس، حيث تمتص النبات نفس نواتج الاحتراق و هي غازي ثاني أكسيد الكربون و بخار الماء، و تعيد لنا الأكسيجين، وتختزن لنا أثناء هذه العملية من الشمس الطاقة المطلوبة للحركة والحياة على الأرض من خلال تفاعلات فوتو كهروكيميائية، و تقدمهـا لنا على هيئة مواد غذائية تسمى المواد الكربوهيدراتية.. مواد فى ثمار عديدة سائغة الطعم و ميسرة للهضم و الاحتراق داخل خلايا أجسامنا لتنطلق الطاقات التي تحركنا و تكفينا للاستمتاع بقوتنا ما أحيانا الله على الأرض... هكذا يستمر الأكسيجين على الأرض دون أن يستنفذ.. فما يفقد من الجو للإنسان ينطلق إليه من النبات فى توازن حكيم قدره رب العالمين.


يتبـــــــــــــــــــــــــــع
  #165  
قديم 27-03-2008, 05:34 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .... تأملات فى سورة المرسلات

ثم نأتي إلى عنصر النيتروجين.. وهو غاز أساسي يعتمد عليه إنشاء ويناء جميع الأنسجة الحيوية، فى الإنسان والنبات والحيوان، ويقوم النبات بإعداده على هيئة مواد بروتينية تدخل فى ثمارهـا التي تقدمهـا لنا و حبوبهـا التي نتغذى عليها كي نبنى بهـا خلايانا و أنسجتنا و عضلاتنا.. أو نحصل عليهـا من الحيوانات التي تتغذى بدورهـا أيضا على بوتين هذه النباتات... وغاز النيترجين يمثل 77 % من كتلة الغلاف الجوى الذي يحيط بالأرض... ولكن كيف يأتي هذا الغاز من الهواء ثم كيف يستطيع النبات أن يختزنه و يبنى به خلاياه و أنسجته و يعده وجبة سائغة لبناء الأنسجة فى جميع الحيوانات.. ثم كيف يستعوض الهواء ما استهلكته الحيوانات والنباتات، من فضلاتهم و هم أحياء و من أجسامهم و هم موتى... إنهـا دورة أخرى تشارك فيهـا أعضاء من مملكة الكائنات الدقيقة، إنهـا المملكة التي تحتوى مليارات الأنواع من البكتيريا أو الفطريات، وكل نوع من أنواع هذه البكتيريا له عمله واختصاصاته ووظائفة فى استكمال هذه المنظومة.. منهـا ما تمتصه من الهواء لنا و للأحياء على الأرض و تثبته لجذور النباتات التي تحيا بالقرب منها... إنهـا تمتص وتثبت من هذا الغاز فى كل لحظة مئات الأطنان وفى كل دقيقة آلاف الأطنان وفى كل يوم ملايين الأطنان.. تحصل عليه من هذا النيتروجين الجوى لإعداد هذه المواد البروتينية كي تقوم النباتات والحيوانات ومنها الإنسان ببناء خلاياهـا وأنسجتهـا... وأنواع أخرى تقوم بالعكس لإعادة ما امتصته الأنواع الأولى من النيتروجين إلى الهواء مرة أخرى، فتحلل فضلات الأحياء والأجسام والأنسجة يعد موتهـا وتعيد للغلاف الجوى نيتروجينه... الأنواع الأولى تقوم بعملية تثبيت هذا الغاز فى مركبات الآمونيا عند امتصاصه من الجو من خلال سلسلة طويلة من التفاعلات الكيميائية، و ثم تهاجم الأنواع الأخرى الفضلات وبقايا الأجساد فتحلل بروتيناتها من خلال تفاعلات طويلة أخرى وتستغل فى بعضهـا أشعة الشمس فى تحليل أكاسيد النيتروجين إلى النيتروجين فى عملية تمثيل ضوئي أخر يماثل عملية التمثيل الكلورفيللى فى النباتات ولكن بتفاعلات أكثر تعقيدا... هذه التفاعلات لا يمكن أن تقوم بهـا أي معامل على الأرض، ولكن هذا العالم من المخلوقات الدقيقة يقوم بهـا بكل يسر وإتقان معجز.. إن بعضهـا لا يتعدى أن يكون نواة بلا جدار أو خلايا أحادية ولكن لا تفسير لما تقوم به إلا أنهـا تسبح بأوامر ربهـا تسبيحاً منتظما ومحدداً لتطلق كل هذا الكم مما تحتاجه أجسامنا وتنظبط به مكونات الهواء و نسبه.. إنهـا جيوش لانهـائية العدد والعدة وتعمل بتنسيق وانضباط لا يتخيله عقل فلا تزيد نسبة النيتروجين فى الهواء ولا تقل .. من أعدها وخلقهـا ونظم أعدادها وعددهـا بهذه القدرة والحكمة.. إنه الخالق الذي بعث إلينا بهذا الاستفسار المعجز... ألم نجعل الأرض كفاتا، أحياء و أمواتا... إننا إذا نظرنا إلى غلاف الأرض أو هذا الغلاف الجوى، نجد أنه يحتوى على غازين حيويين، أحدهما الأكسيجين الذي تنطلق به الطاقات والآخر النتروجين الذي تصنع به الأنسجة و العضلات فى كل ما هو حي على وجه الأرض، فوفرهما الخالق فى الهواء المحيط بنا لكي يكونا متاحين لكل هؤلاء الأحياء على وجه الأرض، دون أن توجد تفرقه فى جو عن جو، فالرياح تساوى بينهم جميعا فيتقل الهواء من مكان إلى آخر دون معوقات أو حجوزات، ثم نجد هذا الهواء مستقراً فى تركيبه و ثابتا فى مكوناته ومحافظاً على ضغطه... إنهـا منظومة ربانية رائعة.. منظومة علمية هندسية وإدارية و حسابية و... هي حقاً منظومة أديرت بالحكمة والعلم و القدرة كي ثبت لنـا هذه الموارد والكميات.. فمن ينظر إلى باقي الكواكب من حولنا لن يجد فيهـا هذا الهواء وهذا التناسق وهذه النسب التي لو اختلفت لاختلفت أقدارنا و انتهت حياتنا... إنهـا إرادة الخالق الذي أراد أن يجعلهـا هكذا كفاتا .. ولو نظرنا أيضا إلى هذين الغازين، لوجدناهما يسمحان بمرور أشعة الشمس خلالهمـا دون أن يمتصانهـا، و لو حدث أن كانا لهما نفس قدرة امتصاص بخار الماء أو ثاني أكسيد الكربون لأحترقت أجسامنا، ولكنهـا رحمة الله بنا أن خص أرضنا بهذين الغازين دون سواهمـا يحيطان بأجسامنا فى رحم ورحمة لنـا... فهناك كواكب أخرى مثل المريخ يمتلأ غلافهـا بثاني أكسيد الكربون فتستحيل الحياة عليه، إنهـا حقاً رحمة الرحمن بنا فى هذا الرحم الذي يضمنا ويكفلنا على أرضه الذي جعلهـا قرارا لنـا، ننعم فيه برحمته فى كل لحظة ومع كل تفاعل و كل حركة و كل سكنة وكل شعاع وكل نفس وكل قضمة و...
ثم ننتقل إلى مادة الحياة... تعالوا ننظر كيف روت الأرض هذه المليارات من الأفدنة لزراعة ما يكفى أهل الأرض وأحياءهـا طوال هذه الملايين من السنين.. ثم كيفتوفرت لهم فى كل مكان و كل موقع كي تروى زرعهم و أجسادهم وعطشهم فى كل موقع على الأرض... إننا لا نحيا بدون هواء أو ماء.. والآن،كيف يحيط بنا الهواء بنسب و ظروف ثانتة و يتجدد بما يكفلنا ويكفينا فى دورات ودورات تمضى بكل الحكمة و القدرة و العلم.. والآن، ما هو الموقف بالنسبة للمـاء ... إن الماء مكون اتحاد كيميائي لعنصرين أو غازين.. الأكسيجين الذي تحدثنا عنه مع غاز آخر وهو الهيدروجين .. إنه أخف العناصر على وجه الأرض.. واتحادها ينشأ عنه انفجار وحرارة أو نار .. هكذا ينشأ من النار ما يطفئ النار لحكمة جليلة .. ثم نجد هذا المركب الجديد و يرمز له بالرمز (H2O) .. إنه غاز يسمى بخار الماء... أخف وزنا أو كثافة من الهواء ولكنه يتكثف فى درجة الحرارة العادية مكونا ماء الأنهـار و البحار والمحيطات، و التي تغطي أكثر من 70 % من مساحة أرضنـا.. أو تجده سابحا فوق الهواء فى طبقات الجو العليا لأنه أخف من الهواء.. وعندما يصطدم هذا البخاء بالهواء البارد يتكثف على هيئة السحاب، الذي ينزل منه مياه الأمطـار أينما وكيفما قدر لهـا الله. هكذا يحيط بنا الماء من كل مكان حتى تستمر الحياة.. وكيف احتفظت الأرض لنـا بهذه المياه دون أن تنفذ.. وكيف لا تتبدد فى السمـاء عندما تحملهـا الرياح إلى أعلى الطبقات و لا تعود... وكيف لا تهبط إلى أغوار الأرض وأعماقهـا وتتبدد.. إنهـا إرادة الخالق أوضحتهـا الآيات فى سورة الطارق.. فى سماء ذات رجع يعيد الماء إلى الأرض مرات و مرات و مرات دون أن يفقد أو ينقص، وأرض ذات صدع يحفظ المـاء لأهل الأرض و يستنفذوه من صحارات المياه التي تغذى الأنهـار... فلا هروب بأمر الله من أسفل أو من أعلى.. فكما يصعد إلينا من المياه المالحة بخاراً و سحاباً.. تعيده لنا السماء أمطاراً و أنهـاراً من المياه العذبة... أو تخزنهـا لنا الأرض فى صدع وتعيدها لنا جداولاً وأنهـار وآبارا ... فنجدهـا رزقاً ميسرا فى كل موقع على الأرض حتى تستمر الحياة... و لكن ما الحكمة من هذه المساحة الهـائلة من بحـار مالحة.. إن الأملاح تحفظ لنـا بقاء المياه ساكنة فى قاع البحار مئات وآلاف السنوات دون أن يصيبهـا عفن أو تعطن أو تلوث، فلو كانت عذبة لفسدت من طول هذه المدة، ثم تتبخر المياه العذبة من مياه البحار المالحة لتكون السحاب الذي يملأ السماء بفعل أشعة الشمس، وهذا يتطلب تعرض أكبر مساحة من سطح المياه المالحة كي تنال كما كافيا من حرارة الشمس لتتبخر الكميات المناسبة منهـا وتكون السحاب، كي تروي الغابات والقارات وتملأ الأنهـار و الآبار.. ثم تعيد هذه الغابات والأنهـار مياهـا مرة أخرى إلى البحار من خلال مصارفهـا أو البخر منهـا أو المتسرب من أرضهـا، كي تعيد تخزينهـا ثم دورتها مليارات المرات فى ملايين الأعوام لمليارات المخلوقات.. إنهـا دورة متكاملة تدل على حكمة خالقهـا ومدبر أمرهـا... إله واحد ملك قدوس عزيز حكيم قدير... ذو فضل عظيم... هكذا يسر لنـا الخالق أسباب الحياة على الأرض من هواء نستنشقه و ماء نشربه ونروى به زروعنا و أنعامنا..
ولكم مازالت هناك عناصر أخرى مطلوبة لتستمر حياتنا على الأرض وتدخل فى تركيب أجسامنا و يطلق عليها إسماء عديدة، منهـا كما ذكرنا الكالسيوم و الفوسفور و الكبريت و البوتاسيوم والصوديوم والمنجنيز والأومنيوم النحاس والحديد والكوبالت والزنك وعناصر أخرى ... إنهـا عناصر و معادن موجودة فى التراب الذي جاءت منه نشأتنا.. معادن موجودة فى القشرة الأرضية أو قشرة القرار الذي جعله الله لنا كفاتا .. أحياء و أمواتا.. و لكن كيف لم تنتهي أيضا هذه المعادن و العناصر... كيف لم تستفذهـا الأحياء التي عاشت عليهـا كل هذه الملايين من الأعوام من نباتات و حيوانات ... إن من يرصدهـا و يرصد تكوينهـا يرى حقا أنهـا كميات محدودة و موارد معدودة ... كيف لم تستنفذ .. إنه استفسار الخالق فى الآية الكريمة .. إنه استقراء لحكمة الحق فى هذا الاكتفاء الذاتي الذي تتيحه الأرض لمن عليهـا بكلمة الخلق "جعلنـا" فى الآية الكريمة من كتاب الحق.. إنه "جعل " يشمل الخلق و الهداية و تسخير القوانين و المخلوقات التي نرى حكمة الخالق فى طرق تسبيحهـا لله كي يجعل الأرض كفاتا لنا.. أحياء وأمواتا .. عفواً .. إن المجال لا يتسع أن نقرأ حكمة الخالق فى كل عنصر من هذه العناصر.. فليست عملية استعراض للمعلومات.. فهذه المعلومات متاحة لكل من يريد أن يتدبر فى المراجع فى كل مجال، أو على شبكات الإنترنت التي تتوافر للمؤمنين و المكذبين.. ولكن سأذكر منهـا بعض الأمثلة المحدودة وأترك الفرصة لكل من يريد أن يتذكر لكي يفتح الباب على أسرار أخرى يدرك بهـا كم هي عظمة الخالق عندما يقدم لنا هذا الاستفسار النبي كي يسعى كل منا بقدر وعيه و تدبره، و هناك حدود لعلمنا قدرهـا معلم القرآن.. و لن نعلم بعد هذه الحدود التي أتاحهـا لنا الله شيئا، و لكننا سنزداد يقينا على أننا لا نعلم إلا اليسير و اليسير من أسرار هذا الخلق الكبير... فكلما اكتشفنا سراً وجدنا أنه يضعنـا أمام أسرار وأسرار لا تفسير لهـا إلا أن الله جعل لكل خلية و ذرة فى هذا الكون البديع سرا من الأسرار التي لا يمكن إدراكهـا بالأسس المادية أو العلمية المجردة.. و لا يتأتى فهمهـا إلا أنها تسبيحا مطيعا و متناسقا و منضبطا و متكاملا دون نشاز أو شذوذ.. تسبيحا و طاعة لرب واحد هو رب كل شيء، بعث القرآن ليكون حجة للمؤمنين على المكذبين.. ألا نسبح نحن أيضـا دون نشاز أو شذوذ لله الواحد الأحد، رب كل شيء.. و لهذا جاء تكرار هذا القول فى هذه السورة من القرآن عشر مرات.. ويل يومئذ للمكذبين..
فلننظر أولاً إلى الكربون وهو أكثر العناصر انتشاراً بعد الأكسيجين فى جسم الإنسان، حيث يمثل 18% من وزن الجسم، وتشارك فى دورة هذا العنصر والإبقاء عليه كل ما ومن على الأرض أو فى السماء.. البحار والمحيطات بمائهـا وترسبات قاعهـا ونباتهـا وأحيائهـا الدقيقة والكبيرة، ثم السماء بهوائهـا وطبقاتهـا المختلفة وشمسهـا وسحبهـا، ثم الأرض بنباتهـا وأحيائهـا و حيواناتهـا و أنهـارهـا.. و يعد الكربون من أهم العناصر لإنتاج الطاقة أيضا على الأرض، فعند احتراقه داخل خلايا الجسم يصدر الطاقة التي تحرك الإنسان و الحيوان، وعند احتراقه تأتى الطاقة فوق الأرض ينتج الطاقة المطلوبة لطهي الطعام وتحرك العربات والماكينات.. ثم يذهب بعد احتراقه إلى الهواء على هيئة غاز ثاني أكسيد الكربون إذا توافر الأكسيجين عند اخترقه، أو على هيئة الغاز الطبيعي أو الميثان إذا لم يتوافر الأكسيجين ، و يتحقق إنتاج الميثان من خلال عالم الكائنات الدقيقة من البكتيريا والفطريات بعد تحليل الفضلات والأجسام بعد موتهـا، ثم يعود إلى البحار و المحيطات عندما تذاب هذه الغازات فى الأمطار أو فى جليد القطبين، وهذا دون أن يختل تركيزه أو توازنه فى الهواء أو الماء أو فى التربة أو الأجسام ، فزيادته فى الهواء يعنى احتراق أجسامنا لقدرته على امتصاص أشعة الشمس و تدفئة الجو إلى أي درجة، و زيادته فى المـاء أو التربة هو زيادة فى الحمضية التي تقتل الحياة ، وزيادته فى الأجسام هو تسممم و حموضة و إهلاك … من ضبط الكميات و حدد التفاعلات وحقق المعدلات … .. ألسنا أمام قدرة قادر و حكمة حكيم و إبداع بديع.. فسبحان الله الذي أعد وجعل الأرض كفاتا ... أعد الدورات و سخر الكميات و علم التسبيحات .
ثم نأتي إلى عنصر الكالسيوم الذي به تبنى العظام والأسنان وبدونه لن تستقيم أجسامنا أو تنتصب قامتنا.. إنهـا مادة بناء الحجارة وبناء أجسامنا.. وما زالت علومنا قاصرة عن فهم كل الأسرار فى دورة الكالسيوم ومعظمها يعتبره العلماء من العجائب... وتختزن القشرة الأرضية هذا العنصر على شكل ترسبات ركامية فى مركبات من الكربونات وتسمى كربونات الكالسيوم أو الحجر الجيرى، و تمثل 3.5 % من القشرة الأرضية.. ومن غير المعروف كيف تكونت هذه الصخور الركامية من مياه البحار و المحيطات، و إن كان من المتنبأ به دون إثبات فعلى أنه يتم من خلال أنواع من الكائنات الدقيقة الغير معروفة و التي تقوم بتخليص وترسيب هذا العنصر كي يكون متاحا لكل الأحياء على هيئته العنصريه أو الأيونية ، .. وتحمله الأنهـار إلى النباتات من خلال حمله و جرفه مع الأمطار من سفوح الجبال الجيرية ليصل إلى النباتات، و الذي يمتصه بدوره من خلال جذوره الممتدة إلى الأرض، حيث يكون تركيز هذا العنصر فى التربة المروية بالمـاء أكثر من تركيزه داخل النبات فيدخل إليه بالضغط الأوسموزى ويصعد إلى أوراق النبات من خلال ساقه بالخاصية الشعرية ليصنع لنـا غذاء يحتوى على هذا الكالسيوم فى طعامنا، فتبنى به الأجسام و تستقيم به الكثير من العمليات الحيوية وفى الهضم و بناء الأنسجة، ثم يعود هذا الكالسيوم مرة أخرى منع أوراق النباتات المتساقطة و أخشايهـا المندثرة، ومع جثث الحيوانات و فضلاتهـا، لتمتصه مرة أخرى الكائنات الدقيقة و تعيد ترسيبه و إعداده...
وسأكتفي بهذه العناصر.. و لكن لكل عنصر من العناصر الباقية أيضا دورته التي نعلم منهـا القليل و نعجز بالرغم من تطاول البعض عن معرفة الكثير والكثير منهـا.. فللكبريت ندرته و دورته التي تحافظ على بقائه متاحا للأحياء من خلال ما توفره له النباتات، و للفوسفور دورته العجيبة التي تشارك فيهـا أيضاء الأنهـار و البحار والهواء والصخور والأحياء والأموات و النباتات و الحيوانات و الميكروبات و الفطريات، ومثل هذا للألومنيوم والنحاس والكوبالت و.لجميع العناصر الأخرى التي تكون أجسامنا و تحدد أنشطة حياتنا.. ، والحديد أيضا مطلوب لما فيه من بأس شديد فى دماؤنا و أجسامنا بالإضافة إلى حياتنا.. للحديد مثل هذه الدورات ويزيد.. ثم ما زلنـا نجهل عن دورته الكثير و الكثير ويقف العلماء و يعلنوا و يعترفوا أن ما يرونه فى هذه الدورات ما علموا منه وما لم يعلموا .. هو العجيب و البديع و الجليل و العظيم.. ألا نتفق بعد هذا على استحقاق هذا الوادي للمكذبين.. وادي الويل فى قول الحق "ويل يومئذ للمكذبين ".. رحمنا الله وتوفانا مسلمين...
إن من ينظر الأرض و ألوانهـا.. الأزرق الذي يغطى البحار والمحيطات والأصفر الذي يخطى الصحارى و الجبال و الأخضر الذي يغطى الغابات... كل منهـا يمتص أشعة الشمس و يحتفظ للأرض بدفئهـا كي تكون رحما دافئا يضمهـا... المـاء يحفظهـا بالرغم من برودة الجو من فوقه.. فهو يختزنهـا فى أعماق البحـار.. والغابات تختزنهـا من خلال أوراقها الخضراء و تحولهـا لنـا غذاء و طاقة.. و الرمال و نسميهـا أشباه الموصلات تحتفظ للأرض بأشعة الشمس و تنطلق منهـا الكهربات التي تشحن الأرض بالقدرات والمجالات. ولهذا نصنع من مادة الرمل الخلايا الشمسية التي تحول أشعة الشمس إلى تيار كهربي.. كل شيء بحكمة وإنصاف حتى تضمنا الأرض وتكفينـا وتكفلنا...هكذا جعل الله الأرض رحما ثانيا يضمنا مثل الرحم الأول.. جعلهـا كفاتا أحياء و أمواتـا.. ثم تأتى الآيات التالية و تذكرنا كيف استكمل هذا الرحم قدراته ليكون أيضـا قرارا مكينا، فيأتي قول الحق.. و جعلنا فيهـا رواسي شامخات و أسقيناكم ماءا فراتا .. ويل يومئذ للمكذبين و... نعم تذكر الآية التالية "الرواسي الشامخات" التي بقدر شموخهـا بقدر عمق أوتادهـا لترسى لنا بها قشرة هذه الأرض التي نحيا عليهـا.. فلا تميد تحت أقدامنا .. و لا نطير من فوقهـا كما يحدث إذا ذهبنا إلى المريخ أو القمر... فجاذبية القمر أدنى من جاذبية الأرض.. فلا استقرار فوقهـا لنا أو لأنعامنا أو لعرباتننا و متاعنا و أثاثنـا ... و لكن جاذبية الأرض جاءت بالقدر المطلوب لاستقرارنا... فكما أن الأرض رحمـا يضمنا فهي أيضا قرارا مكينا تستقر عليه حياتنا.. فنحن دائما و فى كل لحظة فى حياتنا بعد أن خرجنا من القرار المكين الأول أي من أرحام أمهـاتنا ، فى حاجة لهذه الأرض رحما و قرارا مكينا ... حقا. الفضل فى هذا القرار أو الاستقرار فوق أرض جعلت لنا كفاتا... حقا ... ويل يومئذ للمكذبين.. و بأي حديث بعده يؤمنون... صدق الله العظيم
يمكن المراسلة على البريد التالي:
  #166  
قديم 27-03-2008, 05:38 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

قوة التحكم بالانفعالات

رؤية علمية وإيمانية
بقلم عبد الدائم الكحيل
مَن منّا لم يندم يوماً على كلمة قالها أو تصرف قام به؟ ومن منّا لم يفكر يوماً بضبط انفعالاته ومشاعره؟ ومن منا لا يتمنى أن يتحكم بعواطفه وتصرفاته تجاه الآخرين؟
هذه أسئلة أحببتُ أن أبدأ بها هذا البحث لأعطي من خلالها فكرة عن مضمون ما سنتعرف عليه اليوم. ولكن قبل ذلك أحب أن ألفت انتباه القارئ لشيء قد لفت انتباهي وهو أن الكتب التي تتناول الإجابة عن مثل هذه التساؤلات تحقق المبيعات الأكثر على مستوى العالم!
ولذلك ما سنتناوله في السطور القادمة يمس كل شخص منا، بل ربما تكون هذه المقالة سبباً في إحداث تغيير مهم عند بعض القراء ممن لم يطلعوا على هذا العلم أو ما يسميه العلماء اليوم بالبرمجة اللغوية العصبية، ولكن ما هي قصة هذه البرمجة ومن أين جاءت؟
ما هي البرمجة اللغوية العصبية NLP
ببساطة شديدة قد يسمع الكثير بهذا المصطلح الجديد "البرمجة اللغوية العصبية" "Neuro-Linguistic Programming" ولكن قسماً كبيراً من القراء لا يدرك ما هو هذا العلم وهل هنالك إشارات قرآنية عنه؟
وقد يفاجأ القارئ بأن هذا العلم والذي لم يمض على اكتشافه ووضع أسسه العلمية أكثر من ثلاثين عاماً موجود بأكمله في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً! وسوف نثبت هذه الحقيقة من خلال سلسلة المقالات الإيمانية والعلمية وهذه الأولى بينها، وسوف نقرأ ما يخبرنا به القرآن الكريم ونقارن ونتدبر لنخرج من ذلك بأن القرآن هو أول كتاب تحدث عن البرمجة اللغوية العصبية وليس علماء أمريكا!
لقد بدأ هذا العلم في السبعينيات من القرن الماضي، وسبب اكتشافه هو الحاجة لتطوير مدارك الإنسان. فقد كان بعض الناس يحقق نجاحاً كبيراً في حياته، وهذا ما لفت انتباه بعض العلماء فقرروا دراسة أسباب هذا النجاح. ثم خرجوا بنتيجتين مهمتين:
1- إن كل إنسان يحقق نجاحاً ما فهو يستخدم طريقة ما في إدارته لشؤون حياته، وهذه الطريقة أو "الاستراتيجية" في العمل هي التي حققت له نجاحاته.
2- إن أي إنسان يحقق نجاحاً ما، فهذا يعني أننا نحن أيضاً قادرون على تحقيق نجاح مماثل فيما لو اتبعنا الطريق ذاتها.
ونقول إذن بكل بساطة: إن البرمجة اللغوية العصبية هي "كيف تتحكم بدماغك"!(1).
تعتمد هذه البرمجة على تزويد القارئ بمجموعة من الأساليب والأفكار والمهارات والتي تجعل منه إنساناً ناجحاً وقوياً. ولكن الشيء الذي يضمن لك النجاح في تحكمك بذاتك أو بدماغك أو السيطرة على انفعالاتك هو -وبكل بساطة- أن تتعلم كيف يعمل عقلك!
لقد اكتشف العلماء أن الانفعالات والعواطف والأحاسيس عند الإنسان لا تسير بشكل عشوائي كما كان يُظن في الماضي، بل هنالك برنامج دقيق يتحكم فيها، وهذا هو السر في إطلاق مصطلح "البرمجة" على هذا العلم.
- فكلمة "برمجة" تدل على أن هنالك برنامجاً خاصاً بالانفعالات والعواطف يمكن التحكم به تماماً كما نتحكم ببرنامج الكمبيوتر!
- وكلمة "لغوية" تدل على استخدام الكلمات في التواصل مع الآخرين والتواصل مع الذات. أي استخدام اللغة في توجيه الانفعالات.
- أما كلمة"عصبية" تعني أننا يجب أن ندرك كيف يعمل جهازنا العصبي والنفسي لنتمكن من التحكم به وتوجيهه بالاتجاه الذي نريده. تماماً مثل معرفتك بجهاز الكمبيوتر الذي تعمل عليه، فكلما كانت معرفتك بالجهاز الذي بين يديك أكبر، كان لديك قدرة أكبر على التحكم بهذا الجهاز والاستفادة من ميزاته(2).
هذه البرمجة تهم الإنسان الصحيح مثلما تهم الإنسان المريض، فليس من الضروري أنك تعاني من مشكلة ما حتى تأتي وتتعلم قواعد البرمجة، على العكس يجب أن تستفيد من هذه القواعد وتتمرن على تطبيقها وأنت في حالة الصحة الجيدة، وذلك سوف يجعلك أكثر قوة في حالة المآزق والمواقف الصعبة.
ويمكنني أن أخبرك أيها القارئ الكريم بأن أي واحد منا لديه الكثير من الميزات في قدراته وإمكانياته ولكنه لا يستعملها بسبب عدم علمه بها! كما أنه يمكنك أن تحل أكثر من نصف المشكلة بمجرد إدراكك للحجم الحقيقي لهذه المشكلة!!
يجب عليك أن تتخيل دماغك على أنه مجموعة من الأجهزة الهندسية الدقيقة والتي تعمل وفق برنامج محدد، أنت من سيدير هذا البرنامج وهذا هو مفتاح النجاح! أما إذا لم تدرك هذه الحقيقة فسوف يُدار دماغك من قبل الأصدقاء والأهل والمجتمع المحيط والمؤثرات المحيطة بك، وستصبح إنسانا انفعالياً وغير قادر على التحكم بذاته أو عواطفه.
كيف تتحكم بعواطفك؟
إنها عملية بغاية البساطة وتحتاج فقط لمعرفة قانون بسيط وممارسة هذا القانون. يخبرنا العلماء اليوم بأن هنالك عقل باطن هو الذي يتحكم بعواطف الإنسان وانفعالاته ومشاعره بل وتصرفاته! ولكننا لا ندرك هذا العقل مباشرة لأنه عقل باطن أي خفي.
ولكن التجارب أثبتت حقيقة علمية وهي أن العقل الواعي والذي نفكر فيه ونتعامل معه يتصل مع العقل الباطن بقنوات ضيقة. فأنت مثلاً تستطيع أن تعطي إيحاءً لعقلك الباطن بأنك يجب أن تفعل شيئاً ما. ومع تكرار هذا الإيحاء فإن العقل الباطن يستجيب ويبدأ فعلاً بالتغيير.
لقد وجد العلماء بأن الفترة التي ينشط فيها الاتصال بين العقل الواعي والعقل الباطن هي فترة ما قبل النوم بدقائق، وفترة ما بعد الاستيقاظ من النوم بدقائق أيضاً. فهذا هو الدكتور جوزيف ميرفي يخرج بنتيجة بعد آلاف التجارب في كتابه "قوة عقلك الباطن" (3)، والذي بيع منه أكثر من مليون نسخة! هذه النتيجة هي أن أفضل طريقة للتحكم في الانفعالات والغضب هي أن تردد كل يوم قبل النوم وبعد الاستيقاظ عبارات مثل: "سوف أصبح من هذه اللحظة إنساناً هادئاً ومتزناً وبعيداً عن الانفعالات وسوف تظهر هذه النتيجة في سلوكي غداً..".
لقد عالج الدكتور ميرفي العديد الحالات بهذه الطريقة وكانت النتائج ممتازة والجميع حصل على تحسن في انفعالاته بل منهم من أصبح أكثر هدوءاً من الإنسان العادي!!!
والآن نتمنى أن يعلم الجميع وخصوصاً أولئك الذين لم تقنعهم تعاليم الإسلام أن النبي الكريم قد تحدث عن هذه الظاهرة بوضوح، أي تحدث عن أهمية الاتصال بالعقل الباطن في فترات ما قبل النوم وما بعد الاستيقاظ، وأمرنا باستغلال هاتين الفترتين بالدعاء. ولكن ما هو هذا الدعاء؟
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نردد كلمات قبل النوم وهي: (اللهم إني أسلمتُ وجهي إليك وفوضّتّ أمري إليك وألجأتُ ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنتُ بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تأمل معي كم تحوي هذه الكلمات من تفريغ لهموم وشحنات ومشاكل اجتماعية تراكمت طيلة اليوم! وكم تحوي من اطمئنان واستقرار نفسي لمن يقولها قبل أن ينام.
إن علماء أمريكا يعالجون مرضاهم ويعلمونهم كيف يخاطبون أنفسهم: "سوف أصبح من هذه اللحظة إنساناً هادئاً ومتزناً وبعيداً عن الانفعالات وسوف تظهر هذه النتيجة في سلوكي غداً..".
ولكن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نخاطب الله تعالى ونلقي بهمومنا وانفعالاتنا بين يدي الله ونسلّم له الأمر كله وهو سيفعل ما يشاء، والسؤال: هل هنالك أجمل من أن يكون طبيبك هو الله سبحانه وتعالى؟!!
ونتذكر هنا قول سيدنا إبراهيم عليه السلام: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء: 78-82].
إذن هذه هي البرمجة القرآنية تعلمك أهم قاعدة في الشفاء وهي أن الله تعالى هو من سيشفيك وليس عقلك الباطن أو طبيبك، وما هذه إلا وسائل هيّأها الله لك لتستخدمها كطريق للشفاء. وهذا يعني أن قوة العلاج بالقرآن أكبر بكثير من العلاج بخطاب النفس، ولكن إذا تم اللجوء إلى القرآن وإلى علم النفس معاً فستكون النتيجة عظيمة.
والآن سوف نعيش مع خطة عملية لعلاج الانفعالات من العلم الحديث ومن القرآن الكريم.
خطوات علمية وعملية لعلاج الانفعال المزمن
1- يؤكد علماء النفس وعلى مدى أكثر من نصف قرن أن هنالك خطوة أساسية يجب القيام بها لمعالجة الانفعالات، وهي الاعتراف بالخلل أو المرض. فالانفعال النفسي عندما يتطور فإنه يتحول إلى مرض يلازم المريض طيلة حياته، ولا يبدأ هذا المريض بالشفاء حتى يعترف المريض بأن هذا المرض موجود وأنه يجب عليه أن يسارع إلى علاجه.
وهذه حقيقة علمية وليست رأياً لعالم نفس أو نظرية تخطئ وتصيب، وذلك لأن جميع العلماء يؤكدون هذه الحقيقة، أي حقيقة أن يخاطب الإنسان نفسه بعد الانفعال مباشرة ويحاول أن يعترف أمام نفسه بأنه قد تسرّع وأخطأ بهذا الانفعال. وهذه هي الخطوة الأهم في علاج الانفعال.
2- الخطوة الثانية وهي مهمة ومكملة للأولى وهي أن يحاول أن يعطي لعقله الباطن رسائل تقول له: "يجب عليّ أن أتوقف عن هذه الانفعالات لأنها خاطئة وتؤدي إلى نتائج غير مرغوبة وتسبب لي كثيراً من الاحراج".
وهذه الرسالة يجب عليه أن يكررها ويقتنع بها، بكلمة أخرى يجب أن ينوي على عدم العودة لمثل هذه الانفعالات التي يظلم بها نفسه.
3- هنالك إجراء عملي يجب على "الانفعالي" أن يبدأ بتطبيقه على الفور وهو التسامح مع الآخرين. فقد أظهرت الدراسات أن أطول الناس أعماراً هم أكثرهم تسامحاً!!! إذن يجب عليك أن تمتلك القدرة على التسامح والعفو عمن أساء إليك أو أزعجك. إذ أنك بدون هذه الخطوة لن تتحسن وستبقى الانفعالات مسيطرة عليك. كما يؤكد الباحثون اليوم بأن إنفاق بعض الأموال على الفقراء ومساعدتهم تكسب الإنسان شيئاً من الاستقرار والاطمئنان، وتعالج لدية حدة الانفعالات(4).
إن العفو أو التسامح أمر ضروري ومهم لأنه يعالج الخلل من جذوره، فالسبب الكامن وراء أي انفعال هو إحساس هذا المنفعل بأن الآخرين قد أساؤوا له وبالتالي يحاول الانفعال كرد فعل انتقامي منهم. فإذا قرر أن يرسل أيضاً إلى ذاته رسائل يؤكد من خلالها أنه سوف يتسامح مع الآخرين وكرر هذه الرسائل فإنه سيجد نفسه متسامحاً بالفعل!
4- هنالك إجراء داخلي يجب أن ينفذه أيضاً وهو مقاومة هذه الانفعالات ومحاولة إخمادها وذلك بتكرار رسالة أخرى مفادها: "يجب عليّ أن أقاوم أي انفعال أتعرض له مهما كان صغيراً" (5).
هذه الرسالة سوف تجد طريقها للعقل الباطن والذي يعتبر المتحكم الرئيسي بالانفعالات.
5- كإجراء آخر وهو أنك تسلك طريقاً ما وتعتقد بقوة أنه سيؤدي بك إلى النجاح المطلوب، ولكن عند فشل هذا الطريق فإن الواجب تغييره وسلوك طريق آخر حتى يتحقق النجاح المطلوب. إن الاعتقاد بالنجاح هو نصف النجاح، أي أنك إذا اعتقدت بقوة بأنك ستنجح في عمل ما فإن هذه العقيدة ستكون الوسيلة الفعالة لنجاحك في هذا العمل.
ولذلك عليك أن تعتقد وبقوة بأنه لديك القدرة على علاج انفعالاتك وأن هذه الانفعالات سوف تذهب بيسر وسهولة ولكن يجب أن تخاطب نفسك وتوجهها باستمرار إلى ضرورة التخلي عن هذه الانفعالات وعدم الإصرار عليها.
دماغك عزيزي القارئ هو الآلة التي تستقبل الأوامر والتوجيهات، فإذا وجهتَ لهذه الآلة رسائل باستمرار مفادها أنك ستعالج الانفعالات وأنك واثق من ذلك، فإن هذه الآلة ستستجيب تدريجياً، وسوف تصبح لديك القدرة على التحكم بهذه الانفعالات. إياك أن تترك الرسائل السلبية والمظلمة تدخل إلى دماغك، بل اسمح فقط للرسائل المضيئة والإيجابية بالدخول.
والآن وبعدما رأينا خطوات العلاج العلمية بالبرمجة البشرية، ماذا عن البرمجة القرآنية؟؟!


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #167  
قديم 27-03-2008, 05:44 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ... قوة التحكم بالانفعالات




خطوات علاجية من القرآن
لقد حدثنا كتاب الله تعالى عن صفات الجنة التي وعدها الله المتقين: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آل عمران: 133]. ولكن ما هي صفات هؤلاء المتقين؟
يقول تعالى في الآية التالية: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 134].
لقد تضمنت هذه الآية ثلاثة إجراءات عملية:
1- إنفاق شيء من المال على الفقراء: وهذا ما أكده العلماء أنه يكسب الإنسان نوعاً من الاستقرار النفسي:(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ).
2- أن يحاول الإنسان إخماد انفعالاته بأية طريقة ولا يسمح لها أن تنطلق باتجاه الآخرين: وهذه القاعدة أيضاً تعلم الإنسان شيئاً من الانضباط الذاتي (6) :(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ).
3- لقد تضمنت الآية إجراءً عملياً يتمثل في التسامح مع الآخرين، وهذا ما يؤكده جميع العلماء اليوم من أن التسامح هو أفضل وسيلة لضبط الانفعالات. (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ).
نأتي الآن إلى الآية التالية حيث يقول تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 135].
لقد تضمنت هذه الآية أيضاً ثلاثة إجراءات عملية لعلاج ظلم النفس، وجميعنا يعلم أن الانفعال والتسرع والتهور هي أنواع من ظلم الإنسان لنفسه. وهذه الإجراءات هي:
1- الاعتراف بالذنب: فعندما يرتكب المؤمن فاحشة أو ظلماً لنفسه أو ينفعل أو يتسرع في تصرف ما يجب عليه مباشرة أن يدرك خطأه بل ويعترف به: (ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)، إن هذه الآية تؤكد على الاعتراف بالذنب، لأن الاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى لا يكون إلا بعد أن يحس المؤمن بخطئه وذنبه فيستغفر الله. وقد أكد جميع الباحثين أن الاعتراف بالذنب أمام النفس هو طريق للشفاء. ولكن القرآن يأمرنا أن نعترف بذنوبنا أمام الله تعالى!! فهو الأقدر على شفائنا.
2- اليقين بأن هذا الانفعال وهذا الخطأ يمكن معالجته: ويؤكد العلماء أن ثقة المريض بالشفاء ويقينه بذلك تمثل نصف الشفاء إن لم يكن أكثر، وهنا يتجلى معنى قوله تعالى: (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) فهذه الكلمات تنح المؤمن ثقة كبيرة بإمكانية مغفرة الذنب وأن هذا الانفعال يمكن ألا يتكرر.
3- يؤكد جميع علماء البرمجة اللغوية العصبية أن الطريق المثالي لعلاج الكثير من الاضطرابات النفسية والانفعالات هو أن يكون لديه الإرادة الكافية والقوية لعدم تكرار الانفعال وعدم الإصرار عليه، والسؤال: أليس هذا ما تحدثت عنه الآية الكريمة:(وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)؟؟
لنتأمل الآن النص القرآني: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 133-136].

اسأل مجرّباً!!
سوف أخبرك بشيء مهم كان يحدث معي قبل عشرين عاماً عندما كنت أحفظ كتاب الله تعالى، وهو أنني كنتُ أقف أمام بعض الآيات التي كانت تؤثر بي، وأكررها عشرات المرات ثم أكتبها على ورقة وأضعها أمامي متأملاً كلماتها ومعانيها وكنتُ أشعر في ذلك الوقت بأن هذه الآيات تُحدث تأثيراً كبيراً في قناعاتي وعقيدتي ومبادئي.
فلا أنسى أبداً آية من الآيات الرائعة والتي كتبتها وعلّقتها على جدار غرفتي وهي قوله تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[يونس: 107].
وأقول لك أخي القارئ إن هذه الآية قد عالجَت عندي أكثر من 90 بالمئة من الحزن والكآبة والقلق والخوف والتردد!!! ولكن كيف ذلك؟
لقد كانت أشياء كثيرة تسبب حزناً وكآبة بسبب الإحباطات التي يتعرض لها الإنسان أحياناً نتيجة فشله في عمل ما، أو خطئه في تصرف ما أو تسرعه في كلمة يقولها ثم يكتشف أنه مخطئ، أو نتيجة رسوبه في امتحان أو فشله في علاقة عاطفية.
وعندما علمتُ أن أي ضرّ يصيبني إنما هو من الله تعالى، وهو أمر مقدر من قبل أن أُخلق، وهذا الضُرّ لا يمكن لأحد أن يُذهبه ويكشفه إلا الله تعالى. فكنتُ أقول: إذن لماذا أنا حزين وقلق ومحبط؟ إذا كان الله تعالى وهو أرحم الراحمين هو من مَسّني بهذا الضرّ وهو من سيكشف هذا الضرر، فهل هنالك أجمل من هذا الأمر؟
لقد غيّرت هذه القناعة الجديدة أشياء كثيرة في حياتي فتحول الوقت الذي كنتُ أمضيه في التفكير فيما سبق من أخطاء ومشاكل، تحول هذا الوقت إلى وقت فعال أقرأ فيه القرآن أو أتعلم فيه شيئاً جديداً من أمور العلم!
إذن انظر معي إلى هذه الكلمات (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) كيف غيّرت حياة إنسان بأكملها، وكيف غيرت الوقت من وقت ضائع إلى وقت مثمر وفعّال!
ولكن ماذا عن المقطع الثاني من الآية؟ (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ) هذه الكلمات المليئة بالرحمة والتفاؤل والحيوية كانت تغير فيّ الكثير أيضاً.
فقد كنتُ في كثير من الأوقات أعاني من قلق وخوف حول أشياء سوف تحدث أو أتخيلها أنها ستحدث، مثل توقع الفشل في عمل ما أو توقع الخطأ في تصرف ما. بل كنتُ أتردد كثيراً في عمل شيء ما: هل أفعله أم لا؟
وعندما قرأتُ هذه الكلمات الإلهية أدركتُ بأن أي خير سيصيبني لا يمكن أن يأتي خارج إرادة الله عز وجل! وأدركتُ أيضاً بأن أي خير سيأتي، لن يستطيع أن يردّه أو يبعده عني أحد إلا الله تعالى!
وقلتُ إذا كان الخير كله من عند الله فلماذا أنا قلق وخائف؟ إذا كان الشيء الذي سأقوم بفعله وأنا قلق حول نتائجه، إذا كانت هذه النتائج بيد الله وهو الذي سيعطيني الخير ولن يمنعه أحد من ذلك، إذن لماذا التردد في فعل هذا الأمر مادام الأمر فيه الخير ورضا الله ؟
وبالنتيجة ساهَمت هذه الآية في القضاء على التردد والخوف والقلق، لقد أحدثَت هذه الكلمات الربانية تغييراً في سلوكي أيضاً. فلم يعد لدي حسابات كثيرة أجريها قبل القيام بعمل ما، ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني التوفير في الوقت أيضاً، لقد أصبح لدي وقت كبير أستطيع الاستفادة منه في تطوير معرفتي وعلمي.
(يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)هذا هو المقطع الثالث من الآية الكريمة، وهذا يعني أن الله تعالى هو من يختار من البشر من يشاء ليصيبه بالخير، إذن كيف أضمن أن الله تعالى سيصيبني بهذا الخير؟ يجب قبل كل شيء أن أصلح علاقتي مع الله تبارك وتعالى.
إن أول خطوة في إصلاح علاقتك مع الله هي أن تتوجه بإخلاص كامل إلى الله ليس هنالك أي مصلحة إلا رضا الله تعالى، وعندها خرجتُ بنتيجة وهي أن هذه الآية وعلى الرغم من قصر كلماتها إلا أنها ممتلئة بالتوجيهات التي تغير سلوك إنسان بالكامل، هذه الآية هي إعادة لبرمجة الدماغ وتغيير المعلومات المختزنة فيه من معلومات يسيطر عليها التردد والخوف والقلق إلى معلومات مليئة بالقوة والتفاؤل والاطمئنان.
وأخيراً
يجب أن نعلم بأن أفضل وأقصر طريق لإعادة برمجة الدماغ هو أن تبدأ بقراءة آيات من القرآن، بل وتصمم على حفظ القرآن دون النظر إلى النجاح أو الفشل في ذلك، أنت فقط صمم ولا تلتفت للتعليمات السلبية التي يمارسها الشيطان عليك، فقط قل: "إنني أنوي حفظ هذا القرآن وسوف أعمل على ذلك وأرجو من الله أن يعينني". بل وكرر هذه الرسالة قبل النوم وبعد الاستيقاظ.
وأنا على ثقة تامة بأنك سوف تحفظ القرآن (وهذا ما حدث معي)، وسوف ترى التحولات الكبرى في حياتك نتيجة لهذا الحفظ، وسوف ترى أيضاً كيف تبدأ مشاعر الخوف والقلق والتردد والحزن بالاضمحلال، وكيف تُستبدل بمشاعر من التفاؤل والاطمئنان والسعادة والنجاح.
سوف ترى حالما تبدأ بعملية الحفظ كيف تتطور لديك القدرات الذهنية، كيف تصبح ذاكرتك أفضل بمئة مرة، كيف تصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين بل وأكثر كسباً لثقتهم، وسوف تجد نفسك أكثر قدرة على خطاب الآخرين وأكثر قدرة على التعبير عما تريد بكل يسر وسهولة (وهذا ما حدث معي أيضاً)!
وقد تسأل أيها القارئ الكريم هل في هذا الكلام مبالغة؟ وأقول لك إن هذا الكلام هو عن تجربة مؤكدة وليس كلاماً نظرياً غير قابل للتطبيق. وسوف أعرض عليك مثالاً قد لا تصدقه!
عندما كنتُ في الجامعة كنتُ وخلال السنوات الأولى كانت مادة الرياضيات هي الأكثر صعوبة بالنسبة لي، وقد كنتُ أتقدم لامتحان هذه المادة ست مرات وأفشل في تحقيق الحد الأدنى للنجاح. ولكن بعدما حفظتُ القرآن استطعتُ أن أؤلف موسوعة في الإعجاز الرقمي للقرآن الكريم، وهذه الموسوعة تقع في أكثر من 700 صفحة جميعها حقائق اكتشفتها من القرآن ليس بفضلي أنا، ولكن بفضل الله وبركة حفظ القرآن الكريم!!!
والسؤال أخي الحبيب: هل اقتنعت معي أخي العزيز بالبرمجة القرآنية الإلهية؟
بقلم عبد الدائم الكحيل

الهوامش
(1)انظر مقالة حول تعريف البرمجة اللغوية العصبية على الرابط:
http://www.selfleadership.com.au/neurolinguistic.htm
(2) انظر مجموعة من المقالات على موقع البرمجة اللغوية العصبية:
http://www.nlpu.com/index.htm
(3) كتاب "قوة عقلك الباطن: تأليف الدكتور جوزيف ميرفي ترجمة وطباعة دار جرير للنشر.
(4) انظر كتاب "لا تهتعم بصغائر الأمور" للدكتور ريتشارد كارلسون، ترجمة وطباعة دار جرير للنشر.
(5) انظر كتاب "كيف تكون الشخص الذي تريد" للكاتب ستيف تشاندلر، طباعة وترجمة دار جرير للنشر.
(6)انظر كتاب: "قوة التحكم بالذات" للدكتور إبراهيم الفقي، المركز الكندي للتنمية البشرية
المراجع
1- مقالة بعنوان البرمجة اللغوية العصبية على موقع الموسوعة الحرة:

2- مجموعة مقالات على موقع الطريق إلى التعلم:
http://www.thelearningpath.co.uk/index.asp
3- موقع الدكتور "جون غرندر" مؤسس علم البرمجة اللغوية العصبية:
http://www.quantum-leap.com
4- موقع الدكتور ريتشارد باندلر مؤسس مشارك في علم البرمجة:
http://www.richardbandler.com/
5- مقالة حول التوافق السريع "جيمي سمارت" على الرابط:
http://www.purenlp.com/articlecontri...jamiesmart.htm
6- مقالة بعنوان "هندسة التصميم البشرية" على الرابط:
http://www.purenlp.com/whatsdhe.htm
  #168  
قديم 02-04-2008, 10:33 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

تأملات إسلامية ـ خلق الجنين




د/ حسين رضوان اللبيدي
مدير مستشفى وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة
وعضو جمعية الإعجاز العلمي بالقاهرة وجنوب الوادي
لكل قضية دعوى ودعوى قضية الإسلام هي:
إن القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم .
وحيثيات الدعوة هي خلاصة علوم مقارنة الأديان والكتب المقدسة بجميع نواحيها في العقيدة والتوحيد والتاريخ والعلوم الإنسانية والكونية والتي بينت.
1- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الخالي من التناقض والاختلاف والتحريف والتصحيف.
2- إن القرآن هو الكتاب الوحيد المعجز في معانيه ومبانيه من أول كلمة إلى آخر كلمة فيه.
3- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الألوهية مما لا يليق بكمالها.
4- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الرسل المكرمين من كبائر الإثم والفواحش .
5- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الباقي كما أنزل والذي يرجع إسناده إلى المصدر مباشرة.
6- إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد منه نسخة وحيدة متطابقة في أي زمان ومكان.
7- إن القرآن الكريم عالمي في منهاجه فهو يحقق التوازن والعدل بين الإنسان ونفسه، والإنسان وأخيه الإنسان ، والإنسان والكون من حوله.
8- إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد فيه إشارات علمية من الذرة إلى المجرة ومن النطفة إلى المخ البشري تتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بأدق وسائل التقنية.
وعلى العموم فالقرآن كلام الله يشعر المستمع إليه أنه يأتي من السماء .
ولقد أفردنا في شرح ذلك كتاباً أسميناه -لماذا القرآن - ليكون رأساً لسلسلة -لماذا القرآن ولماذا الإسلام ؟ والذي منها هذا العمل الذي سنتناول فيه قضية علم الأجنة وما ترتب عليها من قضايا أخرى كقضية التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب ، والاستنساخ وسيكون تناولنا للجانب العلمي والعقائدي لهذه القضايا ، أما الجانب الشرعي ( الحلال والحرام ) فهو متروك للفقهاء.
فالقضية العلمية المعملية قضية مجردة تهدف إلى كشف سر من أسرار الكون ، ولكن عندما تدخل للتطبيق الواسع بين البشر فقد ينشأ من جراء ذلك أخطار ومشاكل تحتاج إلى توجيه أو تقنين ، ومثال ذلك اكتشاف أسرار الانشطار النووي والطاقة الذرية ، كان في البداية كشفاً علمياً عن أسرار الذرة وطاقات الكون الكامنة التي تقدم للبشرية خيراً كثيراً من خلال الاستفادة من الطاقة المتولدة عنها ، ولكن عندما دخل استخدامها إلى أسلحة الدمار الشامل كان لا بد من تدخل المشرع ليدلي بدلوه في هذا الاتجاه الذي ينشر الفساد والدمار في الأرض .
فلا حجر ولا زجر على الأبحاث العلمية التي تكشف أسرار الكون ما دامت محدودة في المعامل ، ولكن عندما تدخل إلى حيز التطبيق فلا بد من تدخل المشرع لتقنيتها ووضع القواعد والضوابط والضمانات الشرعية لها.
خلق الجنين
عندما كان العقل لا يملك من وسائل التقنية ما يمكنه من معرفة أسرار تكون الجنين من البداية، وضع نظريات عن نشأة الجنين كالآتي :
1- الجنين من لا شيء عن طريق التولد الذاتي بالصدفة.
2- الجنين ينشأ من بذور تخرج من الرجل وتحمل صورة مصغرة وكاملة للطفل وما الزوجة إلا مكان ينمو فيه (بمعنى يزداد في الحجم)

رسم قديم يصور الإنسان القزم الذي يخرج من بذور من الرجل وينمو في رحم الزوجة وهو رأي أرسطو


3- الجنين ينشأ من الأم وما السائل الذكري إلا خميرة تعمل كعامل مساعد فقط .
وعندما أُكتشف المجهر وتطورت وسائل التقنية عرف العلماء أن النظريات السابقة لتكون الجنين لا أساس لها من الصحة، وفي القرن التاسع عشر وما بعده عُرفت الأطوار الحقيقية للجنين كما يأتي :
أ- يبدأ تكون الجنينباتحاد النطفة المذكرة ( الحيوان المنوي ) وهو يحمل نصف صفات الجنين مع النطفة المؤنثة ( البويضة ) وهي تحمل النصف الآخر للصفات وينشأ عن هذا الاتحاد نطفة أمشاج وهي الخلية الأولى التي تحتوي على صفات الجنين كلها وتسمى (الزيجوت ) .
ومن هذه الخلية الأمشاج يتكون الجنين مرحلة من بعد مرحلة بتوالي الانقسامات لتكوين أعداد متزايدة من الخلايا المتشابهة في طور حر الحركة يتجه نحو تجويف الرحم وعند ذلك يكتسب خاصية العلوق وهنا يبدأ الطور التالي :
ب- طور العلقة : وفيها يتعلق الجنين بالرحم وتبدأ عملية تمايزه إلى طبقات ثلاثة مسطحة ليبدأ بعده طور المضغة .
ج- طور المضغة :وفي هذا الطور تظهر على الجنين مرتفعات ومنخفضات فيشبه بذلك قطعة اللحم أو اللبان الممضوغ وهو ما يسمى طور الأجسام البدنية والتي تتمايز إلى عظام وعضلات وغير ذلك.
د- طور ظهور الهيكل العظمي وكساءه بالعضلات :
في هذا الطور يبدأ ظهور العظام والعضلات من منطقتين متجاورتين بعدها تكسوا العضلات هيكلها العظمي وبعد انقضاء 120 يوم يظهر الشكل الآدمي لوجه الطفل .
• وكان الكشف العلمي الحديث لمراحل الجنين الحقيقية أحد الأدلة على صدق القرآن الكريم وإعجازه وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وعالمية الإسلام .
فقد لخص القرآن الكريم في إعجاز علمي باهر مراحل الجنين من النطفة إلى الخلق الآخر في آية واحدة كما يأتي :
يقول الحق في سورة المؤمنون (ثمخلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين).
وتشير هذه الآية في إعجاز إلى الحقائق التالية
1- الجنين لا يكون كامل من البداية بل يبدأ بمرحلة بسيطة تزداد في التعقيد مرحله بعد مرحلة وطور بعد طور .
2- الطور الأول بعد النطفة يشبه العلقة لأنه شكلاً مثل دودة العلق الطبي ولأنه اكتسب خاصية التعلق بعد أن كان قطرة حرة الحركة .
3- الطور التالي يشبه قطعة اللحم الممضوغ لظهور تغضنات عليه في بداية التمايز الجنيني .
4- تظهر بدايات العظام واللحم ويتحدد للهيكل العظمي هيئته البنائية .
5- يتم كساء الهيكل باللحم ( العضلات ).
6- يتشكل في النهاية الشكل الآدمي المميز.
ولأن هذه الحقائق لم تكن معروفة حتى بعد نزول القرآن بأكثر من ألف عام فإن وجودها في القرآن يعتبر دليلاً يقينياً وعالمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول وهذا ما دفع أحد أكبر علماء الأجنة في العالم بالقول " أشهد أن هذا الكلام (عن الأجنة ) الذي ذكره القرآن لابد وأن يكون قد نزل على محمد من عند الله " وكان ذلك في التليفزيون الكندي وعندما وجه إليه السؤال التالي : لماذا تقول ذلك ؟
فأجاب : لأن هذه المعلومات عن مراحل الجنين لم يعرفها العلماء إلا بعد أكثر من ألف عام من نزول القرآن فلابد وأن تكون هذه المعلومات من عند الله .
وكان هذا العالم الجليل هوأ . د/ كث المور وهو من أكبر علماء الأجنة في العالم
ولم يقتصر تفكير العلماء على معرفة خطوات الجنين ومراحله ، بل لاحظوا ظاهرة محيرة هي :كيف أمكن للخلية الواحدة أن تعطي خلايا مختلفة متميزة ؟
وبمعنى آخر : متى وكيف يحدث التمايز الخلوي ؟
وكان العلماء يعلمون أن مرحلة النطفة الأمشاج لها بداية ونهاية.
أما البداية : فهي خلية واحدة تسمى الزيجوت .
وأما النهاية : فهي مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً نشأت من انقسامات متتالية للخلية الأولى وكان العلماء أيضاً يعلمون أن المرحلة التالية هي مرحلة العلقة، وفيها يبدأ التمايز الخلوي بظهور خلايا متخصصة في طبقات ثلاثة .
الخارجة ، والوسطي ، والداخلية ، وهي مسطحات من الخلايا لا نجد فيها عوجاً ولا صدعاً ، وبعدها يظهر في الجنين مزيداً من التمايز الخلوي بظهور الأجسام البدنية في طور المضغة والتي تتمايز بعد ذلك إلى العظام والعضلات وغيرها ويتم التمايز حتى ينشأ الجنين في أحسن تقويم وهنا ظهرت أسئلة محيرة :
كيف تحولت خلايا النطفة المتشابهة إلى ثلاثة أنواع من الخلايا المتمايزة في كائن العلقة ؟
وكيف تمايزت العلقة ذات الثلاثة طبقات وذات الأسطح المستوية إلى كائن متغضن عليه نتوءات وثنيات ويحفه على الجانبين عقد من البروزات المحددة في كائن المضغة ؟
ثم من الذي حول تلك البروزات إلى عظام وعضلات ؟
وبمعنى آخر : من أين جاء ذلك التمايز والأصل خلية واحدة متجانسة ؟
فيكون الجواب المنطقي :
لا بد وأن تكون هناك أوامر تصدر للخلية لكي تتمايز، فيكون السؤال التالي :
من أين تأتي هذه الأوامر ؟
والجواب العلمي على ذلك : إنه لا يوجد إلا ثلاث طرق محتملة تأتي منها تلك الأوامر هي :
1- من نواة الخلية .
2- من المادة حول النواة .
3- من خارج الخلية .
وقبل أن ندلي بدلونا ونقدم اجتهادنا في هذا المجال هيا بنا في جولة علمية رائعة مع أسرار التمايز الخلوي .
أولاً : أبحاث على النواة :
تمكن د . جوردون ، د . لاسكي من إكسفورد من تنشئة ضفدعة بالغة عادية قادرة على التكاثر من بيضة غير مخصبة تحوي نواة خلية معوية متميزة ليرقة ضفدع وكان ذلك في الخمسينات ، وحديثاً قام بهذه التجارب د . مورون ومعاونوه في إنجلترا مؤكداً ما سبق ، وأن أي خلية حتى التي تمايزت تحتوي على كل الجينوم أو كل الصفات ولكن بعضها كامن والآخر عامل .
ثانياً : أبحاث على السيتوبلازم :
وجد العلماء هذه الظواهر الهامة :
1 - عند إزالة النواة من بيضة المنشطة فإن البويضة الخالية من النواة تتفلج (تنقسم) بصورة عادية ويقف التفلج عند بدأ مرحلة التبطين GASTRLATIONوهنا لابد من تدخل النواة بمعلومات وأوامر لاستكمال مشروع الجنين الكامل .
2- تجربة الهلال السنجابي :
في بعض بويضات الحيوانات الدنيا يظهر في السيتوبلازم هلال سنجابي بعد التلقيح ، فلو قمنا بفصل البيضة الملقحة فصلاً غير تام ، بحيث تبقى النواة في قطب ويبقى الهلال السنجابي في القطب الآخر ، ثم بعد عدة انقسامات من النواة سمحنا لنواة واحدة بالمرور إلى القسم الذي فيه الهلال السنجابي فإن القسم الذي فيه الهلال السنجابي يتكون منه جنين كامل والقسم الآخر الخالي من الهلال السنجابي لا يتكون منه جنين .
ثالثاً : التعويض :
من الملاحظ أن الحيوانات الدنيا تستطيع تعويض ما يفقد منها من أجزاء الجسم المختلفة بل إن بعض الحيوانات العليا تستطيع ذلك وفي الحقيقة أن عملية التعويض على المستوى الخلوي أمر شائع في الحياة وحتى في الإنسان يمكن تعويض كثيراً من الخلايا كبطانة الجسم وخلايا الكبد وغير ذلك .
ويكون السؤال الأول في هذا المجال هو ، كيف تتم عملية التعويض ؟
الجواب : يوجد طريقتان لذلك هما :
1- طريقة انقسام الخلايا المجاورة للمنطقة المفقودة وانتشارها لتغطي المنطقة المفقودة وهو أمر يحدث عند تعويض قطعة من الكبد أو الجلد مثلاً .
2- تكوين كتلة لها سمك من الخلايا غير متمايزة تسمى بلاستيما (Blastema)
والتي تتمايز وتتحرك فراغياً لتكوين المفقود وهي مشهورة في حالة تعويض ذيل أو رجل مثلاً في بعض الحيوانات الدنيا
فيكون السؤال التالي : من أين جاءت هذه البلاستيما ؟
الإجابة ربما جاءت من خلايا حافة الجزء المقطوع أو من أنواع خاصة من الخلايا الاحتياطية والتي تعتبر (كامنة) في الظروف العادية وتتحرك مهاجرة عند الضرورة لتذهب للمكان الذي حدث فيه القطع حيث تتراكم وتتمايز في الفراغ ، وتسمى هذه الخلايا (Neoblast)أو(Interstitial) ويسمى التعويض بواسطة البلاستيما (Epimorphosis).
هذا في الظاهر ولكن على المستوى الخلوي كيف تتم عملية التعويض ؟
وفي بداية البحث في هذه القضية سأل العلماء هذا السؤال : هل عملية التعويض نتيجة لأمر عام من الجسم أم أمر محلي في مكان القسم المفقود ؟
ولأجل كشف السر عن هذه المشكلة قام العلماء ببتر طرف من أطراف حيوان معين ثم قاموا بتعريض كل جسم الحيوان قيد التجربة للأشاعات المتأينة وشمل التعريض المنطقة المبتورة ، وراقبوا عملية التعويض فلم تحدث .
فقاموا في تجربة ثانية بتعريض منطقة البتر فقط فلم تحدث عملية التعويض أيضاً وفي تجربة ثالثة عرضوا الجسم ولم يعرضوا منطقة البتر فحدث التعويض ، مما يوحي بأن جهاز التعويض أو خلاياه العاملة موجودة في منطقة البتر أو القطع .
ولكن بقيت مشكلة هامة وهي نوعية الخلايا المستخدمة في التعويض ، هل هي من الأنواع المحلية المتمايزة والتي تقع على حافة القطع كالعضلات والعظام ، أم هي من خلايا أخرى كامنة غير متمايزة ؟
وللإجابة العلمية عن هذه المعضلة كانت هذه التجربة الرائعة والتي أجراها العلماء على حيوان بر مائي يشبه السحالي اسمه ( سَمنَدَل الماء ) وأجريت التجربة على إحدى أطراف السمندل كما يأتي :
بعد قطع جزء معين من طرف الحيوان :
1- قطع العلماء عظام الجزء الباقي ( غير المقطوع ) وعندما تمت عملية التعويض بنمو جزء بديل عن المقطوع لاحظ العلماء أن الجزء الذي نما حديثاً كاملاً حتى بعظامه بينما الجزء الموجود والملتصق بجسم الحيوان لم تنمو فيه العظام التي أزيلت وبقي خالياً من العظام فمن أين جاءت عظام الجزء النامي مع أنه ينمو من منطقة ما زالت بلا عظام ؟ .

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #169  
قديم 02-04-2008, 10:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع ...... تأملات إسلامية ـ خلق الجنين
يقول العلماء لا يوجد إلا طريقين لما حدث :
1- إن الأنسجة الغير عظيمة ( العضلات مثلاً ) تفقد تمايزها ثم تتمايز مرة أخرى إلى عظام مثلاً لتعوض ما فقد .
إن هناك خلايا كامنة غير متمايزة تنشط وتتمايز تحت هذه الظروف .
ولكن كيف يرجح العلماء هذا الطريق أو ذلك ؟
هذا ما سوف نراه في الأبحاث التالية :
استخدم العلماء وسائل ضرب النسيج الحي بجرعة مُشعة غير قاتلة للحياة وإن كانت معطلة لقدرة التعويض وقاموا بعد ذلك باستئصال أنسجة وزرع أخرى غير مشعة (سليمة) وراقبوا عملية النمو للتعويض ، وإذا بالمفاجأة المذهلة :
كثيراً من الأنسجة المزروعة في الطرف المبتور كقطعة عظم أو قطعة غضروف أو جلد سرعان ما فقدت تمايزها لتعود وتعطي أنسجة أخرى (غيرها) متعددة التمايز وتسمى هذه العملية (de /deffrentlation) أو تسمى (re /deffrentiation) .
وأيضاً وجد العلماء أن هناك داخل العضلات المتمايزة توجد خلايا بدائية تسمى (MUSCLE- SATELLITE) يمكنها عند الضرورة أن تتمايز إلى خلايا عضلية عاملة .
وتشير هذه الظاهرة إلى : أن التمايز في السيتوبلازم عكوسي بمعنى أنه قابل للنقض أي أنه ليس صفة ثابتة واصليه وهي ظاهرة تخص الحيوانات الدنيا، أما الحيوانات العليا فلم تُشاهد هذه الظاهرة فيها إلا في حالات نادرة وفي أماكن ضيقة كسلامية إصبع اليد .
ربعاً : مزج الأجنة :
من الممكن دمج جنينين من الثدييات معاً ليكون جنيناً عملاقاً ينمو بصورة عادية ، وحديثاً تمت تربية الفئران من ثلاث أجنة مدمجة تمثل ستة آباء !
وتشير هذه الظاهرة إلى : أنه في المراحل الأولى للجنين لا يوجد تمايز للنواة أو لما حولها وإنما يظهر التمايز بعد فترة .
خامساً : ولادة التوائم :
المقصود هنا التوائم ذات المشيمة الواحدة التي تنشأ من انقسام في الكتلة الداخلية بعد التعليق بجدار الرحم أي في طور العلقة .
صورة حقيقة للجنين في طور العلقة وهو منغرس في جدار الرحم فتبارك الله أحسن الخالقين
وهذا يعني أن خلايا الكتلة الداخلية للعلقه لو انقسمت إلى عدة أقسام فإنها يمكن أن تعطي عدة أجنة لها مشيمة واحدة ، وهذه ظاهرة ملحوظة في الثدييات والإنسان ، وتشير هذه الظاهرة إلى أن التمايز يبدأ حول مرحلة العلقة في الثدييات والإنسان .
بعد هذه الجولة العلمية الراقية يمكن أن نخلص إلى ما يأتي :
1- إن السيتوبلازم يمكن أن ينقسم في المراحل المبكرة حتى بدون النواة .
2- إن النواة لازمة لتكملة إنشاء الجنين .
3- إن النواة المتمايزة تحتفظ بكل الجينوم (الصفات) التي تتمتع به النطفة الأمشاج أو الخلية الأولى (الزيجوت) بمعنى أن تمايزها يمكن أن يتوقف لتعود إلى مرحلة ما قبل التمايز.
4- إن السيتوبلازم المتمايز يمكن أن يعود إلى مرحلة ما قبل التمايز (التعويض) .
5- في الثدييات والإنسان يتأخر تمايز النواة وما حولها إلى مرحلة حول مرحلة العلوق ، أي في نهاية مرحلة النطفة .
وهنا نعود إلى الأسئلة السابقة :
هل أوامر النواة هي المسئولة عن التمايز الخلوي من البداية ؟ أم هو السيتوبلازم ؟ أم هو أمر قادم من خارج الخلية ؟
مستحيل أن يكون أمراً قادماً من خارج الخلية لأن الأمر القادم من الخارج يؤثر في كل الخلايا بنفس الدرجة لأن كل الخلايا متشابهة في الصفات والظروف والأحوال .
وغير جائز أن يكون الأمر المبكر صادراً عن النواة لأن النواة إذا أصدرت أمر التمايز فإنها إما تصدره لغيرها أو لنفسها استحالة أن تصدر الأمر لغيرها ؛ لأن أمر كل نواة ينتهي في السيتوبلازم الخاص بها وغير جائز أن تصدره لنفسها فكيف تأمر النواة نفسها إن توقف بعضها وكل الصفات في نواتها ممكنة بنفس الدرجة ، بمعنى لا ترجيح لصفة على صفة بالإضافة إلى أن الوسط الذي يحيط بالنواة لا تمايز فيه في ذلك الوقت ، ولو كان الأمر متأصلاً في النواة من البداية ما عادت لكامل تشكيلها الجيني الأول عند تهيئة الوسط الأولى لها ، فهي محتفظة بحياة كل الجينوم من البداية إلى النهاية.
فلا يبقى إلا أن يكون الأمر قادماً من المنطقة حول النواة (السيتوبلازم، والقشرة) ولكن عندما قام العلماء بشفط نسبة كبيرة من السيتوبلازم لم يؤثر ذلك على كفاءة الانقسام ، إذن لم يبقى إلا منطقة القشرة حول السيتوبلازم.
ولقد شاهد العلماء أدلة تؤكد ذلك ، وذلك لأن في قشرة البويضات اللافقارية مناطق مختلفة هي المسئولة عن تمايز الجهة المقابلة لها من النواة ، بمعنى أن هذه البويضات (الزيجوت) عندما تنقسم فإن كل قسم من القشرة يحوي عاملاً مختلفاً عن القسم الآخر فتتمايز النواة تبعاً لذلك.
ووجد العلماء أيضاً أن التمايز في القشرة يبدأ مبكراً بعد الإخصاب مباشرة بحيث أن أي انقسام يتم بعد الإخصاب يتخلف عنه فلجات (الخلايا) تشكل كل فلجة من البداية جزء من كل وأي فقد لأي خلية مبكراً يؤدي إلى فقد قسم من مشروع الجنين ينقص قسم من بنائه .
وأوحت هذه الأبحاث بأن عامل التحديد في السيتوبلازم أو في القشرة عامل أصيل ونهائي بمعنى أنه غير عكوسي (ثابت) ولكن ملاحظات لظواهر علمية نقضت هذا الاعتقاد ، وكان من هذه الظواهر التعويض وقد رأينا فيه نقض التمايز بعودة السيتوبلازم المتمايز إلى حالته الأولى الغير متمايزة وأيضاً مزج الأجنة المختلفة والذي نتج عنه جنين واحد وكل ذلك يزيح دور السيتوبلازم وقشرته عن موقع القيادة ، هذا بالنسبة للحيوانات الدنيا ، أما بالنسبة للثدييات وخصوصاً الإنسان فالقضية مختلفة إلى حد بعيد كما يأتي :
في مراحل الجنين الأول وحتى طور العلقة أو ما قبلها بقليل كل الخلايا بنواتها وما حول النواة لا تمايز فيها بحيث يمكن لأي خلية أو أي قسم من المجموع أن يعطي كائن كامل لا نقص فيه ، وإن فقد خلية أو مجموعة من الخلايا في هذه المرحلة لا يخل أو ينقص من تركيب الكائن النهائي .
وكان من الأدلة على ذلك في الإنسان ولادة التوائم المتعددة التي تزداد على الستة والذين يشتركون في مشيمة واحدة وفي هذا دليل على أن كتلة الخلايا قد تقسمت بعد عملية العلوق أي في بداية الدخول إلى طور العلقة وهذا يعني أن الخلايا حتى نهاية مرحلة النطفة وبداية مرحلة التعلق ما زالت غير متمايزة أي أن كل مجموعة من الخلايا يمكن أن تعطي إنساناً كاملاً لا نقص فيه .
إذن كيف حدث التمايز بعد ذلك ؟
أو كيف تنشأ من هذه الخلايا الغير متمايزة خلايا متمايزة ؟
وقد بينت الظواهر العلمية التي سبق أن ناقشناها ما يأتي :
1- التميز ليس أمراً من النواة ، لأن النواة فيها كل الجينوم من البداية ولا ترجيح فيه لصفة على صفة حتى مرحلة ما قبل العلوق (في الثدييات والإنسان) وبعدها يأتي الأمر للنواة بالتمايز ، بأن تبقى بعض الجينات نشطة وتكمن الأخرى .
2- التمايز ليس أمراً أصيلاً في السيتوبلازم من البداية لأن السيتوبلازم من البداية حتى نهاية النطفة غير متمايز (في الثدييات والإنسان) ويحتاج إلى أمر يُحدث له التمايز .
3- إذن لا مفّر من الإقرار بحتمية خلق أحداث لم تكن موجودة في منطقة النواة وما حولها ، وهذا الخلق يبدأ مع مرحلة العلق وفيها .
توصل العلم إلى حتمية خلق أحداث لم تكن موجودة في منطقة النواة وما حولها، وهذا الخلق يبدأ مع مرحلة العلق وفيها فتبارك الله أحسن الخالقين.
وبينما يصل العلم الحديث بأدق تقنية إلى هذه الحقيقة نسمع صوت القرآن الهادي يرتل (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ).
يا الله إني عاجز عن أن أوفي إعجاز كتابك حقه وكيف لي ذلك وأنا الفقير بذاتي لا فضل لي إلا بك ولا علم لي إلا ما علمت . هذه الآيات والتي استخدم فيها الحق سبحانه الفعل (جعل) مع النطفة والفعل (خلق) مع كل الأطوار بدءاً من العلقة لهي إشارة علمية معجزة إلى عملية التمايز ، بأنها تبدأ بعد النطفة ومن مرحلة العلقة وهو تمايز لا يتم دفعة واحدة بل على دفعات متتالية تأخذ بعضها بأعناق بعض .
صورتان تبينان بداية انقسام البيضة الملقحة
ولكن كيف يتم استنباط ذلك من الآيات ؟
هذا ما ستعرفه بعد جولة مع أسرار الفعل (جعل) وأسرار الفعل (خلق) .
يقول أ . د / علي اليمني دردير في كتابه الرائع : أسرار الترادف في القرآن .
ويختلف التعبير بلفظي (خلق) و (جعل) في لغة القرآن في الآية الواحدة كما في قوله تعالى : الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور(1).
فالفعل (خلق) يدل في اللغة على الإيجاد بعد العدم، والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق ، ولهذا فهو يباشر مفعوله دفعة واحدة.
أما (جعل) فيفيد التضمين والتصيير والتحويل والانتقال ولهذا فهو فعل يباشر مفعوله حالاً بعد حال فيتعدد فيه المفعول وتتدرج فيه الأطوار .
ولما كان الشأن في خلق السموات والأرض إيجاداً بعد عدم وإبداعاً على غير مثال عبر عنه بالفعل (خلق) ليدل على أن ذلك مرحلة في الإنشاء قائمة بذاتها ولما كان الشأن في الظلمات والنور أن تأتي تابعة لغيرها مترتبة عليه مسبوقة به وأن الإيجاد فيها إيجاد تحول وانتقال وليس إنشاءً وإبداعاً، عبر عنه بالفعل (جعل) ليدل على أنه مرحلة في الظهور لاحقة لمرحلة في الخلق سابقة وطور في الوجود يتجدد ويتكرر حالاً بعد حال.
وقد ذكر الإمام / عبد العزيز يحيى الكناني المكي في كتابه القيم (الحيدة) أن (جعل) الذي هو على معنى التصيير موجود في القرآن الموصول الذي لا يدري المخاطب به حتى يصل الكلمة بكلمة بعدها فيعلم ما أراد بها ، وإن تركها مفصولة لم يصلها بغيرها من كلام لم يفهم السامع لها ما يعني بها، ولم يقف على ما أراد بها، وضرب لذلك أمثلة منها :
يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرضفلو قال : ( إنا جعلناك ) ولم يصلها بخليفة في الأرض، لم يعقل داود ما خاطبه به عز وجل، لأنه خاطبه وهو مخلوق فلما وصلها بخليفة، عقل داود ما أراد بخطابه.
وكذلك حين قال لأم موسى: وجاعلوه من المرسلين فلو لم يصل (جاعلوه) ب (المرسلين) لم تعقل أم موسى ما عنى الله عز وجل بقوله وجاعلوه إذا كان خلق " موسى " متقدماً لرده إليها، فلما وصل جاعلوه بالمرسلين عقلت أم موسى ما أراد الله عز وجل بخطابها.
وبعد هذه الجولة العلمية نقول أن (جعل) في الآية ثم جعلناه نطفة في قرار مكين بمعنى صيرناه أي تحول من صلب الذكر إلى رحم المرأة ، وهذا ما قاله الطبري ، وجاء في تفسير روح المعاني للألوسي : فهنا (جعل) بمعنى تحول أو نقل من مكان إلى مكان إنها عملية نقل أو تحويل فحسب ، أما الفعل (خلق) فهو يدل على الإيجاد بعد العدم والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق .
ولأن الآية تصف مراحل جنين الإنسان بالذات فإن استخدام (جعل) مع النطفة (وخلق) بعد مرحلة النطفة يعني أنه في مرحلة النطفة تبقى الخلايا بلا تمايز حتى إذا انتهت مرحلة النطفة لتبدأ مرحلة العلقة خلق الله أحداثاً لم تكن موجودة داخل الخلايا تدفعها للتمايز إلى علقة فمضغة وهكذا مرحلة بعد مرحلة وخلقاً من بعد خلق.
وهذا ما تأكد تماماً كما بينا في قضية التمايز الجنيني فالتمايز يبدأ مع العلقة وقدمنا الأدلة على ذلك. بل إن الفعل (جعل) المصاحب للنطفة يعطي الضوء الأخضر للعقل في بحوثه في مجالات شتى ومنها التلقيح الصناعي، وطفل الأنابيب.
فالتلقيح الصناعي مشابه للتلقيح العادي، فكما أن التلقيح العادي عبارة عن حقن السائل المنوي بواسطة آلة الذكر، فإن التلقيح الصناعي يتم فيه حقن سائل الأب بواسطة محقن خاص في رحم الزوجة ليلتقي بالبويضة مكوناً نطفة أمشاج ، فكلا العمليتين استخدم فيها طريقة الحقن ، فليس في العملية تحدي لقدرة الله أو إرادته ، فلا يكون إلا ما أراد الله وهو سبحانه خالق كل شيء ، خالق العالم والعلم والمعلوم بل وخالق أدوات العلم .
(نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ {57} أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ {58} أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ {59} نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ).
والفعل (جعل) في الآية يسمح بذلك ، فجعل بالنسبة للنطفة المذكرة هو فقط عملية نقل لها إلى الرحم ، نقل مخلوق لله إلى مكان مخلوق لله معد لذلك . وسواء تم النقل بآلة الذكر أو بآلةمصنوعة فهي داخلة تحت الفعل (جعل) لا تتعداه .
أما طفل الأنابيب فهو عبارة عن عملية جمع تتم خارج الرحم في أنبوب مجهز بسائل مناسب للحياة يتم فيه الجمع بين النطفة المذكرة المخلوقة لله مع النطفة المؤنثة المخلوقة لله ، وحتى إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة تكونت منهما النطفة الأمشاج التي تبدأ في الانقسام حتى مرحلة العلقة وكل خلية تنشأ عن الانقسام هي تكرار للنطفة الأمشاج ، فهي نطفة أمشاج من البداية وكل خلية تالية بعد ذلك هي أيضاً نطفة أمشاج ، وبعد تكون النطفة الأمشاج داخل الأنبوب يقوم العلماء بحقن النطفة الأمشاج داخل الرحم ولا بد أن تصل إلى الرحم مبكراً في مرحلة النطفة وإلا هلكت وفنيت .
والآية (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين)تسمح بذلك، فالفعل (جعل) بمعنى صير أو نقل (ونطفة) تشمل النطفة المذكرة، والمؤنثة، والنطفة الأمشاج، ولأن النطفة الأمشاج هي الأصل لتكوين الجنين من البداية ، فالنطفة بجميع أشكالها ومراحلها تخضع للفعل (جعل) ولا مكان لتلبيس إبليس هنا ، وقد قلنا أن الحق قد أعطى الضوء الأخضر بالفعل (جعل) بالنسبة للنطفة عموماً من النطفة المذكرة إلى النطفة الأمشاج.
وتدخل قضية الاستنساخ تحت مظلة الفعل (جعل) مرتبطاً بالنطفة (الأمشاج) … كيف ؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل .
للمراسلة :
[email protected]
الدكتور حسين اللبيديب
المصادر:ب
http://islamyesterday.com/science/statements.htm


  #170  
قديم 02-04-2008, 10:43 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الساعة البيولوجية

الدكتور/ مصباح سيد كامل
قال الله تعالى:}سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ {( فصلت53)
الجانب الشرعي للموضوع ( الساعة البيولوجية )
أولاً : الآيات القرآنية
(فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيم)[سورة الأنعام: 96].
(وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُون)سورة الأعراف :4]
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون)[سورة يونس:67].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاء)[سورة النور:58].
(ألَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون)[سورة النمل:86].
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ)[سورة القصص:71].
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)[سورة القصص:72].
(وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[سورة القصص:73].
(وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون)[سورة الروم:23]
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُون)[سورة غافر:61].
المستفاد من الآيات
جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان دورة يومية منتظمة مع تعاقب الليل والنهار، فخص النهار بالسعى والعمل وخص الليل بالراحة والسكون،وجعله باردا مظلما وجعل برده سببا لضعف القوى المحركة وظلمته سببا لهدوء االحواس الظاهرة (الألوسى ـ روح المعانى)،وأكثر من ذلك جعل لكل فترة من فترات الليل والنهار خاصية منفردة فذكر التبكير فى اليقظة صباحا (ثلث الليل الأخير) للصلاة-قيام الليل- ثم صلاة الصبح ثم جعل القيلولة فى الظهيرة وهى الراحة، أو النوم منتصف النهار(الألوسى ـ روح المعانى)
ثم أمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى (صلاة العصر) وبالنسبة لليل حث على الاستيقاظ فى الثلث الأخير للتهجد،وأكثر من ذلك استثنى أصحاب الأعمال الضرورية مثل الحراسة والخدمات الضرورية للعمل ليلا وبذا يكون معظم الليل سكون وراحة ونوم إلا فترة محددة(الثلث الأخير) ومعظم النهار سعى وعمل ونشاط إلا فترة محددة (الظهيرة)
وهذا يتوافق تماما كما سنرى مع الإيقاع البيولوجى ( الساعة البيولوجية) الذى يضبط عمل الجسم.
الأحاديث النبوية وهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم
}حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَغْلِقُوا الأَبْوَابَ بِاللَّيْلِ وَأَطْفِئُوا السُّرُجَ وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ { (مسند الإمام أحمد)
}عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ{(مسلم)
}عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه قال جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي{(البخارى).
}حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْد َاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ قُلْتُ إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ حَقًّا فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ{البخارى
}حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا سَمَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَعْنِي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ {مسند أحمد
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي السَّمَرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَكَرِهَ قَوْمٌ مِنْهُمُ السَّمَرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْحَوَائِجِ وَأَكْثَرُ الْحَدِيثِ عَلَى الرُّخْصَة.
المستفاد من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
1- تخصيص الليل للسكون والراحة إلا ثلث الليل الأخير للصلاة والذكر والتفكر.
2- النوم المبكر بعد صلاة العشاء إلا لحاجة.
3- الحض على تهيئة الجو المناسب للراحة والسكينة بالليل وذلك بالأمر بإطفاء المصابيح عند النوم والنهى عن الطرق الفجائى بالليل وكلها مؤثرات خارجية هامة تؤثر على الساعة البيولجية كما سنرى.
4- النهى عن مواصلة الصلاة بالليل (النافلة) عند الشعور بالإرهاق والنوم وفى هذا إستجابة لمتطلبات الجسم الطبيعية.
5- النهى عن مواصلة العمل حتى فى العبادات دون إعطاء البدن حقه وتلبية إحتياجاته الفطرية والغريزية.
الجانب العلمى للموضوع ( الساعة البيولوجية )
الإيقاع الدورى البيولوجى
هو التغير الدورى من حد أدنى الى حد أقصى ثم الى حد أدنى فى نشاط العضو وذلك وفق خطة زمنية ثابتة لا تتغير وهو أحد الخصائص الهامة للمادة الحية ويوجد عند كل الأحياء من وحيدى الخلية إلى الانسان وأيضا على كل المستويات فى الكائن الحى الواحد : أجهزة - أعضاء- أنسجة – خلايا- مركبات الخلايا(مرجع 6).
خصائص الإيقاع
• يكون محدداً أصلاً بالوراثة , وغير مكتسب.
• ثابت داخل الجنس الواحد (الفأر- نشاط ليلى -راحة نهارية – الانسان نشاط نهارى- راحة ليلية).
• لا يتوقف وجوده على العوامل الخارجية مثل الضوء والظلام ولكن يتكيف معها بتغيرات تتناول مدة الايقاع بالزيادة والنقصان. (مرجع6 )
التصميم الزمنى للجسم
كل الأجهزة و الوظائف والأعضاء تعمل ضمن خطة شاملة متوذانة هدفها خدمة مصلحة الجسم العليا ( حياتة وسلامته) (التكامل والتناسق)
مثلاً: ينشط أثناء النهار : الجهاز العصبى - القلب والدورة الدموية والتنفس ويزداد إفراز الهرمونات التى توفر الطاقة مثل الكورتيزون (قمة صباحية) والهرمون الحاث لافراز الكورتيزون قبله بساعة.
وأثناء الليل يزداد نشاط الإفراذات التى تؤدى الى راحة واسترخاء أجهزة الجسم مثل الميلاتونين -البورستاجلاندين- الجهاز العصبى غير الودى- الخلايا اللمفاوية وكرات الدم البيضاء لتعزيز دفاعات الجسم ولذا غالباً ما تأتى الحمى بالليل كما يقل هرمون الكورتيزون وبالتالى تنشط وسائل المناعة حيث يتلاشى التأثير المثبط للمناعة لهذا الهرمون. (مرجع 9)
الساعـــة البيولوجية
هى التى تتولى توجيه الإيقاع الدورى والتصميم الزمنى بشكل ثابت ومنسق .
أين توجد ؟
توجد فى النواة فوق التصالبيةبالدماغ وايضا فى الخلايا الأخرى والأنسجة حيث أظهرت البحوث أن قطع رأس ذبابة الفاكهة لا يفصل الإيقاع الدورى البيولوجى . (مرجع19 )
ما الذي يقود الساعة البيولوجية؟
توجد جينات تسمى بير Per، تيم Tim lessتتأثر بدورة الظلام والضوء فتنخفض مع الضوء الساطع وتزداد فى الظلام فإذا زادت كميتها تتحد معا ثم تقوم عن طريق التغذية الاسترجاعية بوقف نشاط الجينات التى صنعتها ثم تتحلل ثم تبدأ الدورة من جديد
ويوجد جينان يسميان كلوك ويا مال يتحدان مع جينى بير وتيم لتنشيطهما وبدء تشغيل الساعة البيولوجية وهذه الجينات الأربع تشكل قلب الساعة البيولوجيةوتبدأ الدورة فى منتصف النهار ثم تتراكم البروتينات حتى تصل ذروتها قبل الفجر ثم تتناقص لتبدأ دورة جديدة وهكذا ( مرجع 10,13)
المؤثرات الخارجية على الساعة البيولوجية
ينبغى التنبيه إلى أن الساعة البيولوجية مدعمة ذاتيا وتعمل بصورة فطرية وأن المتغيرات أو المؤثرات الخارجية تعمل فى إطار إعادة ضبط الساعة مع زيادة أو نقص الدورات البيولوجية:
الضوء والظلام ـ اليقظة والنوم - الضوضاء والسكون
هذه المؤثرات الخارجية تعمل على إعادة تكيف الساعة البيولوجية مع الدورة البيئية السائدة وذلك عن طريق التغير الكمى والنوعى فى الجينات التى تتحكم فى ضبط الساعة البيولوجية مما يؤدى بدوره إلى متغيرات فى الوظائف العضوية للسلوك(مرجع 14).
الضــــــــــــــوء
ينشط افراز هرمونات النشاط مثل الهرمون الحاث لافراز الكورتيزون وهرمون الذكورة (منتصف النهار بالضبط ) ويقل إفراز الميلاتونين وذلك عن طريق الغدة الصنوبرية
تحدد عدد ساعات الإضاءة الوقت الذى يبلغ فيه الإيقاع البيولوجى ذروته.
ـ يبدأ نشاط الجهاز العصبى الودى فى الازدياد وهو المنشط لافرازات الهرمونات النشطة وكذلك سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة الطاقة المطلوبة للنشاط وزيادة الدورة الدموية للمخ لزيادة الإنتباه والتركيز والتوافق الحركى(مرجع6 )
زيادة افراز الكورتيزون
زيادة السكر وتحليل الدهون والبروتينات
للحصول على الأحماض الأمينية
زيادة الطاقة المطلوبة للنشاط النهارى.
فى منتصف النهار
· ترتفع نسبة التستوستيرون إلى القمة.
· لا يزال مستوى هرمون الادرنالين مرتفع.
· الإحساس بالجوع يؤدى إلى التوتر.
· قمة أخرى لافراز الأدرنالين (2ـ 4م)
· زيادة النشاط القلبى بحيث يجب تجنب الإجهاد فى هذه الفترة (من الظهر ـ القيلولة ).
· لقد بين "إلترغام " و"دوبسون " أن احتمال توقف القلب يزداد أثناء الفترة الممتدة بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الظهر وكذلك بين السادسة والتاسعة مساءاً.
· ودعمت هذه النتائج بأبحاث "جلستون" كما بيّن "جوى" وجود تغيرات فى تخطيط القلب(نزول الفاصل S.T) أثناء التمرين بالنسبة لمرضى ضيق شرايين القلب التاجية أو ما يسمى بالذبحة الصدرية، ولقد نزل الفاصل س-ت(S.T) إلى حده الأقصى فى الساعة الثامنة صباحاً والثانية عشرة صباحاً .
· كما أن "ديوار" وجد أن الجلطة القلبية تحدث أثناء الليل، كما تحدث أيضاً بصفة عامة بين الرابعة والسادسة مساء . كما أن "صمولنسكى" وجد أن أحد أعلى معدلات التنويم فى المستشفى من أجل جلطة قلبية يكون أيضاً الساعة الثامنة مساءاً.
· ومن الملاحظ أنه فى حالة مرض ارتفاع ضغط الدم لم يتغير الإيقاع الدورى المعروف لسرعة نبض القلب، ولقيمة ضغط الدم، ولهرمونات الكاتيكول أمين . (مرجع12)

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 274.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 268.43 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]