28-06-2009, 12:22 PM
|
|
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة :
|
|
رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )
حديث القرآن عن القرآن (49)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله في سورة هود: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود: 120 ].
هذه الآية من خواتيم سورة "هود" التي قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيها: (شيبتني هود وأخواته).
وقد قصَّ الله فيها على نبيه من أنباء الرسل -نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وموسى- ما قص.
وما جاء من قصص في القرآن الكريم هو الحق الذي لا مرية فيه، ومنه تعرف سنن الله في خلقه، ويُدرك كلُّ داع إلى الله في أيّ عصر ما يحيق بمن كذب بالرسل. فقصص القرآن ليس حديثاً عن أحداثٍ ماضية وكفى، بل هي تبصرة بسنن باقية. ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا. فكم من حضارات قامت في الأرض ثم بادت؛ لأن أهلها كفروا بآيات الله وعّصّوا رسله، فأحاطت بهم خطاياهم وأهلكهم الله بذنوبهم.
﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿52﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال:52-53 ].
فالقصص القرآني -وهو الحق- آية للخلق. فيه عبر وعظات وذكرى تنفع المؤمنين، وهو يخاطب الأجيال بما هو ماض في الخلق من سنن يجب أن تعلم وتُحذر.
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ [محمد:10]، والقرآن الكريم حين يذكر لنا قصص الأنبياء يبين لنا ما وقع بالمكذبين من أقوالهم لتحذر الأجيال -من بعد- أن تفعل فعلهم أو تسلك سُبُلهم. ويرينا آثارهم قائمة بدونهم أو مدمَّرة بذنوبهم.
وكل ذلك فيه من العبر والعظات ما فيه.
﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴿100﴾ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴿101﴾ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴿102﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ﴾ [هود: 100- 103 ].
﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ﴾ اي: في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء وكيف أنجاهم الله والمؤمنين بهم وأهلك الكافرين جاءك فيها قصص حق ونبأ حق، وموعظة يرتدع بها الكافرون، وذكرى يتذكر بها المؤمنون.
وذلك كله له أثره البالغ في تربية النفوس وإعدادها وتقويتها وتثبيتها على الحق. يخاطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما قصه الله عليه من أنباء الرسل ليثبت به فؤاده ويطمئن نفسه وهو يرى العاقبة للمرسلين، والهلاك والدمار للمكذبين.
ويؤمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يَتلو ما أنزل إليه وأن يبلغه للناس.
ويسمع المؤمنون ما أنزل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهم يمرون بشدّة أو محنة يرون فيها صَلَفَ الباطل وطغيان أهله. فتطمئن قلوبهم وتثبت على الحق نفوسهم.
وهم لا يعلمون أنَّ العاقبة للمتقين، وأنَّ الدمار والهلاك للطغاة والمفسدين.
عندئذ لا تشغل نفس المؤمن بعداوة الأعداء وإنما تشغل بالأسباب التي تحقق الفوز وتجلب رضا الله ونصره.
وهذا ما خوطب به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمر بتحقيقه في نفسه كما أمر به المؤمنون ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: 35 ].
إعداد النفوس هو الأصل فيما يطلب من فوز أو نصر -والنصر من عند الله وحده، وما عند الله لا يطلب إلا بطاعته. وهو فيحقيقة النفس لا في كيد العدو.
﴿إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾[آل عمران:120].
وهذا ما يوحى به القصص القرآني وهو يتلى على المؤمنين فيرون فيه عاقبة المحقين وخسران المبطلين ﴿وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
|