|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ساد الظلام.. لكن!
ساد الظلام.. لكن! أحمد نصر الدين أحمد يَمشي الفتى مهروِلاً في شوارع المدينة؛ حيويَّة.. نشاط.. يتوقَّف اللحظةَ بعد الأخرى؛ ليشاهد المعروضات في المحلات المتنوعة؛ من ملابس رياضيَّة.. أحذية.. أجهزة... إعلانات ضوئية ثابتة ومتحركة من كافة الأحجام؛ تعلن عن منتجات ومصنوعات وخِدمات متنوعة... آلات التنبيه.. زمجرة محركات السيارات.. كلام الناس ما بين عالٍ ومتوسط وضعيف؛ يمتزج كل هذا مع بعضه البعض؛ في عشوائية تارةً، وفي رتابةٍ تارةً أخرى! يمشي الفتى منسجمًا متجانسًا مع حركة الحياة.. لا يُبالي بالعرَق الذي ينضح من جبينه.. تأتي نسمة من الهواء فتطيره مع خصلة من شعره... فجأة ينقطع التيار الكهربائيُّ في المدينة؛ يَصدر عن الناس صياحٌ وهمهمة بصورة تلقائية؛ من أثر المفاجأة! يستمر الفتى في سَيره على هُدى مصباح الهاتف المحمول في يده، والهواتف المحمولة في أيدي الآخرين. يعبر الشارع إلى الجانب الآخر.. يصل إلى منعطَفٍ في نهايته.. فيرى شبحَ امرأة تحمل أكياسًا.. يقع منها كيس.. تحاول التقاطه فيقع الآخر.. وهكذا ظلَّت المرأة في حيرة من أمرها.. اقترب منها الفتى.. السلام عليكم. ردَّت المرأة: وعليكم السلام. هل تسمحين لي أن أساعدك يا أختاه؟ المرأة في تلعثم وحيرة: لـ.. لا شكرًا! الفتى: دعيني أساعدك.. أراك لا تستطيعين السيطرة على حمل الأكياس.. لا تخشي شيئًا. المرأة: حسنًا.. لكن ربما أعطلك عن الوصول إلى بيتك. الفتى: لا، لن أتعطل عن شيء.. ثم إنك في طريقي إلى المنزل فلن تعطليني كثيرًا. ناولته المرأة بعضًا مما تحمله من أكياس.. حملَها الفتى وسار بجانبها.. أخذا يتبادلان حديثًا عاديًّا عن أحوال الطَّقس وموجة الحرارة.. ثم تحرك الحديث بينهما إلى أسئلةٍ شخصية عن السنِّ والمهنة وما إلى ذلك.. تتكلَّم المرأة.. استرسلت قليلاً في الحديث.. ثم ساد الصمت بينهما.. تسرَّبَت الوساوس في نفس الفتى.. • إنها امرأة يبدو من صوتها أنها شابَّة.. آه الدنيا ظلام.. لا بأس أن أوصلها إلى منزلها، ربما تكون وحيدة، ولا تجد من يؤنسها في هذه الليلة المظلِمة! راح شيطان النفس يُمنّيهِ بقضاء ليلة ليلاءَ حمراء أو صفراء أو بيضاء.. هذه فرصة لن تتكرر! وقفت المرأة على ناصية شارع من الشوارع.. استدارت نحو الفتى تمد يدها لتأخذ الأكياس • شكرًا أخي، جزاك الله خيرًا ووفقك لما يحبه ويرضاه.. بصورة تلقائية يناولها الفتى الأكياس وقد ارتعد قلبه على إثر ذكر الله ودعوةِ المرأة له بالتوفيق من الله. المرأة: السلام عليكم ورحمة الله يا أخي. الفتى: وعليكم السلام ورحمة الله يا أختي. استأنف الفتى سيره باتجاه منزله.. ظلَّ صوت المرأة يتردد في أعماقه: جزاك الله خيرًا ووفقك لما يحبه ويرضاه.. جزاك الله خيرًا ووفقك لما يحبه ويرضاه... اغرورقَت عينا الفتى بالدموع، وراح يجهَش بالبكاء.. راح يردد: • أستغفر الله العظيم.. أستغفر الله العظيم. عادت الإضاءة.. سطَع نور المصابيح.. صوت المؤذن عاليًا نحو السماء يُعلِن عن موعد أذان العشاء: الله أكبر الله أكبر! اتجه الفتى إلى المسجد.. خلَع نعليه.. خطا خطواتٍ خاشعةً داخل المسجد. ثريَّات المسجد تضيء بنورها الساطع، يخطو الفتى ويخطو.. إلى أن ذابَ وامتزج بذلك النور بداخلِه!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |