#1
|
||||
|
||||
صالح للاستخدام
صالح للاستخدام إيناس حسين مليباري وكعادتنا نبدو مثاليِّين وأكثر عندما نصف أنفسنا شفهيًّا، فنقول كل ما هو حميد ومقبول لدى المجتمع؛ لئلاَّ نكون في عداد (المنحرفين) عن المسار. وقد تكون هذه المثالية المتحدَّث بها مقصودة، أو العكس؛ فقد يظنُّ أحدهم بأنه شخص صبور، وفَوْر وقوعِ أمرٍ ما يتطلَّب دواء الصبر فنجده أجزع الخلق. إذًا؛ المواقف بما حوَتْ من تصرُّفات هي ما تعكس لنا معتقداتنا وبواطن أمورنا، ومن هذا المنطلق فنحن لسنا بحاجة لشقِّ صدر أحدهم لمعرفة حقيقته، فتصرفاته تبديها لنا مجانًا. حسنًا، من أين يكتسب الإنسان معتقداته؟ في الغالب من ثقافة بيئته ومجتمعه، ممن حوله: أهله، أصدقائه، إذًا فاكتساب الإنسان لبعض المعتقدات - بغضِّ النظر عن مدى صحتها - مرهونة بثقافة مجتمعه، فأمْر ما قد يكون مستهجَنًا عند مجتمع ما، بينما هو أمر مشروع عند مجتمع آخر. وهل الثقافة معصومة من الخطأ؟! هناك الكثير من الأمور الخاطئة في ثقافتنا زاوَجوها بالدين بهتانًا وزورًا؛ فأصبحت كأمر مشروع ودين يتعبَّد، يُثاب فاعله ويُعاقب تاركه، أو العكس. هذا الدمج بين (السماء) و(الأرض) - السماء: الدين السماوي، والأرض: العادات البشرية - من شأنه أن يُحدِث صدامًا بين عقول البشر، ومن ثَمَّ تنشأ الخلافات حوله وعليه. فمَن كان عقله وفكره كالمصفاة، ينتقي ما يجده مناسبًا؛ أولاً للدين، ومن ثم أعراف المجتمع؛ ليحظى بالقبول الرباني، ومن ثم البشري، فحتمًا سيكون فذًّا في عصره، فميزتنا كبشر دون سائر الخلق الفكر من أجل التفكير، فتوجب علينا (طرد) بعض (الزوار) المعتقدات. هل تؤثر ثقافة الإنسان - معتقداته وتصرفاته - على الطفل؟ لنصحب خلقًا من الأخلاق التي اعتلاها الغبار، مبتغين بذلك طمْس الاستفهام. مثلاً: تودُّ إحداهن أن تعلِّم طفلها أن يعتذر إن أخطأ، فهل تلقِّنه دروسًا ومحاضرات ليتعلم؟ بالطبع لا، فالطفل يفعل ما يرى، لا ما يسمع. حسنًا، لنفترض أن هذه الأم تحمل في أحشائها معتقدًا خاطئًا تجاه الاعتذار، وقد تتشاجَر مع أختها على مرأًى من الطفل، ولنفترض أيضًا أنها المخطئة بشهادة الجميع، وتطلَّب الموقفُ جرعةً من الاعتذار لتمحو سوءة فعلها، لكن (مفعول) معتقدها الخاطئ بدأ بالنشاط، فحدثتها نفسها بأنها ستبدو ضعيفة وستكسر هيبتها أمام أطفالها، بينما الاستعلاء سيكسبها الكثير من القوة؛ نتيجة ذلك لم تعتذر، وانتهى الموقف. وفي موقف آخر تشاجَر طفلها - والذي تودُّ تعليمه الاعتذار - وتطلَّب الموقف لأن يعتذر، فحتمًا وسنبصم بـ(العشرة)، وبحكم أنه (مقلِّد) من الدرجة الأولى، فلن يعتذر، وسيزيد الطين بِلَّة عندما تطلب منه أن يعتذر. وعلى النقيض، فالتي تمارس دور المعتذِر، ويمارس الطرَف الآخر دور المسامح على مرأًى من الطفل، فحتمًا سيتقبَّل طفلها الاعتذار عن بُعْد؛ لأن معتقدها تجاه هذا الخلق سليم ولا يشوبه شائبة. صدقًا نحتاج لإعادة هَيْكَلة الكثير من معتقداتنا، والتي من شأنها أن تودي بحياتنا أولاً، وبالطفل ثانيًا، فالكثير من الأخلاق - وعلى رأسها الاعتذار والتسامح - تكون صالحة للاستخدام؛ ولكننا ننفيها قهرًا بسبب (التواء) معتقدنا تجاهها، كما نحتاج إلى ترويض معتقداتنا من أجل أطفالنا. زاوية حادة: كثرة العدد لا تعني صحة الفعل، ولا تعني القلة الانهزام دومًا. إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |