موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 18 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #171  
قديم 02-04-2008, 09:48 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع ..... الساعة البيولوجية
ونستنتج ما يلي :
1. أن المضاعفات الخطيرة لمرضى القلب تقع فى فترة بعد الظهر .
2. إن إفراز الأدرينالين يحافظ على قمته حتى فى الحالة المرضية، وهى ارتفاع ضغط الدم، بحيث أن هذه القمة تحدث بعد الظهر كما فى الحالة السوية .
ومن الواضح أنه يكون من الأسلم لمرضى القلب ومرضى ارتفاع الضغط أن يلتزموا بفاصل من الاسترخاء والراحة يقطعون به انشغالهم بالحياة اليومية فى فترة بعد الظهر، مما يزيح عن القلب جزءاً من المجهود، وبالتالى يمنعه من تجاوز خط الإجهاد الأحمر الذى يحدث فيه المكروه، كما بينته الإحصائيات السابقة
العشـــــــاء
- افراز الميلانونين. - نشاط الجهاز العصبى الغير ودى .
- انخفاض دقات القلب و حرارة الجسم. - الميل للنوم .
يقل افراز الكورتيزون . تنشط المناعة.

التغييرات الفسيولوجية خلال 24 ساعة
الساعة
الحدث
1 صباحا
النساء الحوامل غالبا ما يبدأن فى الوضع
2 صباحاً
خلايا محصنة تسمى الكريات الليمفاوية المساعدة (تى)تكون فى ذروتها
4 صباحاً
مستويات هرمون النمو تكون فى قمة ارتفاعها
6 صباحاً
يغلب حدوث نوبات الربو .
-غالباً ما تبدأ دورة الحيض .
تكون مستويات الأنسولين فى الدم فى أقل مستوياتها.
يبدأ ضغط الدم ومعدل ضربات القلب فى الارتفاع ترتفع مستويات هرمون التوتر "الكورتيزول" .
7 صباحاً
تبدأ مستويات الميلاتونين فى الانخفاض مخاطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية تكون فى أعلى معدلاتها .
--تكون التهابات المفاصل "الروماتيد" فى أسوأ أعراضها.
-يكون مستوى الكريات الليمفاوية المساعدة "تى" فى أقل مستوى أثناء النهار و يكون مستوى الهيموجلوبين فى الدم فى قمته .
3 عصراً
تكون سيطرة القوة ومعدل التنفس والحساسية المنعكسة فى أعلى معدل لها .
4 عصرا
تكون درجة حرارة الجسم ومعدل النبض وضغط الدم فى ذروتها .
6 مساءً
إدرار البول يكون فى أعلى معدل له .
9 مساءً
بداية الألم فى أقل معدلاته
11مساءً
غالب حدوث استجابات الحساسية

(مرجع7 )

الشكل التالي يبين النشاطات القلبية والهرمونية لجسم الإنسان خلال ال 24 ساعة
أثر التدخل الحضاريعلى الساعة البيولوجية
- نوبات العمل الليلية
- السفر بالطيران لمسافات طويلة مع وجود فوارق واضحة فى الساعات
- السهر ليلا والنوم نهار ( عكس الدورة الطبيعية )
- الإجهاد القلبى والعضلى فترة ما بعد الظهر ( لارتفاع الادرنالين وضغط الدم والنشاط القلبى
- النشاط العضوى والنفسى والعقلى أدنى مستوى فى الثالثة صباحا
وجوه الإعجاز فى القرآن والسنة
- صلاة الفجر وتأثيرها
- وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة
- وهو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا
}قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ (72) وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) {سورةالقصص
- هذه اللفتات الإعجازية التى وردت فى القرآن الكريم فى الآيات السابقة تتناول تنظيم الايقاع البيولوجى للجسم وتضمن تناسق النشاط البدنى والذهنى للمسلم مع إيقاع الساعة البيولوجية
- فالنشاط النهارى (الاستيقاظ المبكر لصلاة الصبح والسعى للرزق والحث على ذلك فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك يتوافق مع ذروة هرمونات النشاط التى تفرز فى الجسم عن طريق الساعة البيولوجية فالطاقة متوفرة والاستعداد تام والتناسق متحقق
- والقيلولة فى وقت الظهيرة (وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة )
- تزيل التوتر الناتج من جراء وجود نسبة من هرمونات النشاط والادرنالين والكورتيزون وكذلك القيمة المرتفعة لهرمون التستوستيرون والتى قد تتطلب الإشباع الجنسى فى ذلك الوقت وكذلك تعطى الفرصة للجسم لأخذ قسط من الراحة والبعد عن التوترات استعدادا للقمة والثانية لافراز الأدرينالين والتى تمتد بين الثانية والرابعة ظهرا .
- صلاة العصر ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ـــ متوافق مع قمة الادرنالين ـ تؤدى إلى البعد عن التوتر والاسترخاء
- والسكون الليلى : حيث تفرز الهرمونات التى تعمل على استرخاء الجسم (الميلاتونين) يقل نسبة الهرمونات النشطة ( الكورتزول ـ الإدرنالين ) ويسود الجهاز العصبى الغيرودى وتنشط المناعة وتستعيد دفاعات الجسم قوتها ومكانتها لتعمل على إصلاح وتعويض ما تبدد أثناء النشاط النهارى
- ولا توجد جلبة ولا أصوات ولا أضواء تثير الجهاز العصبى وتؤدى إلى التوترات العصبية والنفسية بل والحث على تخصيص جزء الليل الاخير قبل الفجر للصلاة حيث صفاء الذهن واستعداد الجسم لاستقبال الضوء كمؤشر لبدء الدورة البيولوجية الجديدة فى ميعاد منضبط
- كما أن اليقظة فى هذا الوقت المبكر تعطى فرصة لتفادى الأزمات القلبية وحوادث النزيف المخى التى تحدث فى هذه الأوقات وذلك بتنبيه الإنسان الى اتباع الاحتياطات المرضية وتناول الدواء واستدعاء الأطباء إذا حدث مثل هذا
- وأيضا المشى إلى المساجد هذا الوقت ( حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) كنوع من الرياضة يؤدى إلى خفض ضغط الدم وتقليل إحتمالات الأزمات القلبية والمخية
مواعيد الصلاة وارتباطها بمواعيد حيوية فى فسيولوجيا الجسم
1-يستيقظ المسلم فى الصباح ليصلى صلاة الصبح وهو على موعد مع ثلاث تحولات مهمة
أ.الاستعداد لاستقبال الضوء فى موعده، مما يخفض من نشاط الغدة الصنوبرية وينقص الميلاتونين وينشط العمليات الأخرى المرتبطة بالضوء .
ب. نهاية سيطرة الجهاز العصبى (غير الودى)المهدئ ليلاً وانطلاق الجهاز(الودى) المنشط نهاراً .
ج.الاستعداد لاستعمال الطاقة التى يوفرها ارتفاع الكورتيزول صباحاً. وهو ارتفاع يحدث ذاتياً، وليس بسبب الحركة والنزول من الفراش بعد وضع الاستلقاء.كما أن هرمون السيرتونين يرتفع فى الدم وكذلك الأندرفين .
2- يصلى المسلم الظهروهو على موعد مع ثلاثة تفاعلات مهمة:
أ.يهدئ نفسه بالصلاة إثر الارتفاع الأول لهرمون الأدرينالين آخر الصباح
ب. يهدئ نفسه من الناحية الجنسية حيث تبلغ التستوستيرون قمته فى الظهر
ج.تطالب الساعة البيولوجية الجسم بزيادة الامدادات من الطاقة إذا لم يقع تناول وجبة سريعة .
وبذلك تكون الصلاة عامل مهدئ للتوتر الحاصل من الجوع .
3-يصلى المسلم العصر مع التأكيد البالغ على أداء هذه الصلاة لأنها مرتبطة بالقمة الثانية للأدرينالين، وهى قمة يصحبها نشاط ملموس فى عدة وظائف، خاصة النشاط القلبى.
كما أن أكثر المضاعفات عند مرضى القلب تحدث بعد هذه الفترة مباشرة ، مما يدل على الحرج الذى يمر به هذا العضو الحيوى فى هذه الفترة .
ومن الطريف أن أكثر المضاعفات عند حديثى الولادة تحدث أيضا فى هذه الفترة حيث أن موت الأطفال حديثى الولادة يبلغ أقصاه فى الساعة الثانية بعد الظهر، كما أن أكثر المضاعفات لديهم تحدث بين الثانية والرابعة بعد الظهر.
وهذا دليل آخر على صعوبة الفترة التى تلى الظهر بالنسبة للجسم عموما والقلب خصوصا. (أغلب مشاكل الأطفال حديثى الولادة هى مشاكل قلبية تنفسية ) وحتى البالغين الأسوياء تمر أجسامهم فى هذه الفترة بصعوبة بالغة حيث يرتفع ببتيد خاص يؤدى إلى حالة قلة التركيز والميل إلى النوم مما يؤدى إلى حوادث وكوارث رهيبة .
وتعمل صلاة العصر على ربط الإنسان بأعمالها ومنعه من الانشغال بأي شئ آخر اتقاء لهذه المضاعفات .
4 ـ أما صلاة المغرب :
فهى موعد التحول من الضوء إلى الظلام ، وهو عكس ما يحدث فى صلاة الصبح ، ويزداد إفراز الميلاتونين بسبب قدوم الظلام فيحدث الاحساس بالنعاس والكسل ، وبالمقابل ينخفض السيروتونين والكورتيزول والاندرورفين .
5 ـ أما صلاة العشاء :
فهى ، موعد الانتقال من النشاط إلى الراحة عكس صلاة الصبح ، وتصبح محطة ثابتة لانتقال الجسم من سيطرة الجهاز العصبى (الودى) إلى سيطرة الجهاز (غير الودى )
لذلك فقد يكون هذا هو السر فى سنة تأخير هذه الصلاة إلى قبيل النوم للانتهاء من كل المشاغل ثم النوم مباشرة بعدها . وفى هذا الوقت تنخفض حرارة الجسم وتنخفض دقات القلب وترتفع هرمونات الدم .
ومن الجدير بالملاحظة أن توافق هذه المواعيد الخمسة مع التحولات البيولوجية المهمة فى الجسم ، يجعل من الصلوات الخمس منعكسات شرطية مؤثرة مع مرور الزمن.
فيمكن أن نتوقع أن كل صلاة تصبح فى حد ذاتها إشارة لانطلاق عمليات ما ، حيث إن الثبات على نظام يومى فى الحياة ذو محطات ثابتة، كما يحدث فى الصلاة مع مصاحبة مؤثر صوتى وهو الأذان. يجعل الجسم يسير فى نسق مترابط جدا مع البيئة الخارجية.
ونحصل من جراء ذلك على انسجام تام بين المواعيد البيولوجية داخل الجسم ، والمواعيد الخارجية للمؤثرات البيئية كدورة الضوء ودورة الظلام ، والمواعيد الشرعية بأداء الصلوات الخمس فى مواقيتها . (مرجع6 )
هدى الرسول صلى الله عليه وسلم فى النوم والاستيقاظ .
‌أ. تتوافق مواعيد النوم بعد العشاء مباشرة والاستيقاظ المبكر لصلاة الليل ثم الصبح مع مواعيد الساعة البيولوجية التى تنظم عمل الأجهزة فى الجسم حيث تبدأ دورة منضبطة مع استقبال أول ضوء وحتى حلول الظلام " النهى عن السمر بعد العشاء "
‌ب. يتوافق الاستيقاظ المبكر لصلاة الفجر مع تلافى الارتفاع المفاجئ لضغط الدم وحدوث الأزمات القلبية ونزيف المخ نتيجة لذلك كما أن السعى للمسجد فى هذا الوقت هو نوع من رياضة البدن التى تؤدى الى التقليل من ارتفاع ضغط الدم وتحسين وضع الدهون فى الدم وإزالة التوتر العصبى وقد ثبت ضلوعها فى حدوث الأزمات القلبية والمخية
ج. يتوافق اطفاء السرج ( الأضواء ) مع دخول وقت النوم وذلك لأن الضوء مؤثر خارجى قوى يغير من دورة الساعة البيولوجية ويجعلها غير منتظمة . وكذلك النهى عن الطرق ليلا وعدم الضوضاء
‌د. التوجيه النبوى يقطع الصلاة إذا نعس المسلم بعنى الاستجابة والتوافق مع الساعة البيولوجية وعدم إعنات الجسم وتحميله فوق طاقته بالاستمرار فى السهر ليلا وهو محل السكون والراحة وإذا كان هذا فى الصلاة فهو فى غيرها أولى وأحق بالإتباع .
هـ.عدم إطالة النوم بالليل والاستيقاظ فى ثلثه الأخير يتوافق مع ما اثبتته الأبحاث مؤخرا من أن هذا النهج هو النهج السليم الذى يمنع حدوث اضطراب دورة النوم كما أن إطالة ساعات النوم عن هذا الحد تؤدى إلى اطالة فترات الظلام وبالتالى تؤثر على الساعة اليولوجية وينتج عن ذلك دورة غير منضبطة بالنسبة لليل والنهار مع تأثير ذلك على جميع وظائف الجسم وبرهان ذلك فى إضطراب النوم والاضطرابات العصبية والنفسية (مرجع11 )
‌و.النهى عن إطالة فترات العبادة وعدم النوم والهدى الصحيح باتباع الناموس الكونى أى يعطى البدن حقه ، وكذلك عدم الكبت والزواج المشروع لتفريغ الطاقة الجنسية وهذا يتوافق مع الإيقاع البيولوجى الفطرى للإنسان
الخلاصــــــــة
أ. سبق الإسلام بهديه فى القرآن والسنة الذى يحفظ الجسم وينظم عمله ليتوافق مع الكون ونواميسه إذا أن الجميع خلق من مخلوقات الله الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى
‌ب. إعجاز القرآن فى آياته الباهرة التى نظمت هذا الإيقاع الدقيق وربطته فى تناسق عجيب ومدهش مما يدل على لطف الخالق الخبير فتبارك الله أحسن الخالقين
ج. الهدى النبوى والاحاديث الشريفة التى لا تنطق عن الهوى والتى سبقت جميع الكشوف العلمية الحديثة فى إدراك النظام البيولوجى والتوافق معه فى دقة شديدة لايمكن أن تكون محض صدفة بل هى مشكاة واحدة خرج منها الخلق والتوجيه والوحى وانتظمت كل ذلك فما تركت شاردة ولا واردة إلا أحصتها ونظمتها ليستقيم سعى الإنسان وتنتظم حياته وتتوافق مع تسخير الله جميع مخلوقاته لخدمته .
د. فمن ذا الذى ألهم محمدا صلى الله عليه وسلم ذلك التوافق العجيب منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وهو الذى لا يكتب ولا يقرأ وهذه الكشوفات لم يتعد عمرها بضع سنوات حتى الآن أليس هو خالق السموات والأرض جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم.

لمراسلة المؤلف
[email protected]

المراجع العربية
1. القرآن الكريم.
2. فتح الباري- شرح صحيح البخاري – دار الريان للتراث-الطبعة الثالثة 1407
3.صحيح مسلم – الموسوعة الإلكترونية للحديث
4.مسند الإمام أحمد
5. الألوسى(أبوالفضل شهاب الدين السيد محمود) روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى. دار الفكر.بيروت1414-1994م.
6. الإستشفاء بالصلاة د. زهير رابح قرامى-هيئة الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة - رابطة العالم الإسلامى1417 هــ -الطبعة الأولى
7. دالإعجاز العلمى - العدد السادس- محرم1421- الساعة البيولوجية.
المراجع الأجنبية
8..Arther C.Guyton-Textbook of Medical Physiology-7th edition Sanders.
9..William Textbook of Endocrinology.Sunders 1985-7th edition
10..10.Ricki Lewis- A Survey Of Clock Genes- The Scientist, Vol:9, #24, pg.14 , December 11/1995.
11..11.Karima Burns, MH, ND- Studies Show Fajr Prayer is Healthy
12.Martin Moore-Ede, M.D., Ph.D. Circadian Rhythms and Your Biological Clock. 12/2002.
13.Louis J. Ptacek, M.D( ).: First Human Circadian Rhythm Gene Identified- journal Science January 12, 2001.
14.Michael W. Young, ( Rockefeller University in New York, and director of the NSF Science and Technology Center for Biological Timing at Rockefeller): "Light Sets the Molecular Controls of Circadian Rhythm". In the Lab Issue: Oct, 1998.
15.Mark Caldwell The clock in the cell.(biologists believe they have found the mechanism that regulates a cell's cyclical responses)(Brief Article) In the Lab Issue: Oct, 1998 .
16..Joseph Takhashi, an HHMI investigator at Northwestern University. Molecular and Genetic Analysis of the Mammalian Circadian Clock System. In the Lab April 19, 2002.
17..Michael Rosbash, Ph.D.Investigator,Brandeis University Molecular Genetics of RNA Processing and Behavior. In the Lab September 24, 2002.
18.Moore RY.Circadian rhythms: basic neurobiology and clinical applications.Annu Rev Med. 1997;48:253-66.
19.van Esseveldt KE, Lehman MN, Boer GJ.The suprachiasmatic nucleus and the circadian time-keeping system revisited.Brain Res Brain Res Rev. 2000 Aug;33(1):34-77
  #172  
قديم 02-04-2008, 09:51 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

وصف التخلق البشرى...طورا العلقة والمضغة


بقلم البروفيسور كيث مور
يؤكد القرآن الكريم مراحل النمو (التخلق) البشرى في الآيات التالية: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ، ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ، ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [سورة المؤمنون: 12-14]. لقد قسمت هذه الآية الكريمة مراحل تطور الجنين الإنساني إلى ثلاث مراحل أساسية، وفصلت بين كل منها بحرف العطف( ثم ) الذي يفيد الترتيب مع التراخي. فالمرحلة الأولى هي مرحلة النطفة - والمرحلة الثانية هي مرحلة التخليق - والمرحلة الثالثة هي مرحلة النشأة. وتتألف المرحلة الثانية من أربعة أطوار: العلقة، المضغة، العظام، اللحم. وتمتد هذه المرحلة ابتداء من الأسبوع الثالث حتى نهاية الأسبوع الثامن. وأهم ما يميزها هو التكاثر السريع للخلايا، ونشاطها الفائق في تكوين الأجهزة .
مما يجعل وصف التخليق وصفاً دقيقاً معبراً عن طبيعة العمليات الداخلية، والمظهر الخارجي؛ للجنين حيث ينتقل من مظهر غير متميز إلى مظهر إنساني متميز في الأسبوع السابع، نتيجة لانتشار الهيكل العظمى ثم بناء العضلات في الأسبوع الثامن. ونظراً لأن العمليات التخليقية للجنين تتم بسرعة كبيرة، وتتلاحق فيها الأحداث خلال هذه الفترة، فإننا نلحظ أن القرآن الكريم قد استعمل حرف العطف (الفاء) الذي يفيد الترتيب مع التعقيب للربط والانتقال بين أطوار هذه المرحلة.
وسنتناول في بحثنا هذا طورين من أطوار مرحلة التخليق:
ا – طور العلقة:
أولاً: الفهم اللغوي للنص:
وردت كلمة ( علقة ) في كتب اللغة بالمعاني الآتية: لفظة ( علقة ) مشتقة من ( علق ) وهو الالتصاق والتعلق بشيء ما. والعلقة: دودة في الماء تمتص الدم، وتعيش في البرك، وتتغذى على دماء الحيوانات التي تلتصق بها، والجمع علق. وعلقت الدابة إذا شربت الماء فعلقت بها العلقة. والعلق: الدم عامة والشديد الحمرة أو الغليظ أو الجامد (لسان العرب جـ10 ص 267-268، الجوهرى جـ4 ص 1529، مقاييس اللغة جـ4ص 125، المعجم الوسيط جـ2ص 623، القاموس المحيط جـ3 ص275، المفردات للأصفهانى ص 343) وهذا ما أشار إليه أكثر المفسرين. ويضاف إلى ذلك أن العلقة تطلق على: ( الدم الرطب ) (نظم الدرج 13 ص 115، زاد المسيرج 5 ص 306، مجموعة التفاسير جـ4 ص 336، روح المعاني جـ 30 ص 180، فتح القدير جـ5 ص 468، البحر المحيط جـ6 ص 468، الجامع لأحكام القرآن جـ10 ص 119) وجاءت لفظة ( علقة ) مطلقة في القرآن الكريم لتشمل المعاني المذكورة التي تقدمت.

شكل رقم1: رسم يوضح تعلق المتكسية الجرثومية بظهارة بطانة الرحم في المراحل الأولى للغرس أو الحرث. (أ) ستة أيام، تتعلق الأرومة الغازية بظهارة بطانة الرحم عند القطب الجنيني للخلية الجرثومية. (ب) سبعة أيام، تخترق الأرومة الغاذية السخدية لظهارة بطانة الرحم، وتبدأ في الانتشار في سداة بطانة الرحم (هيكل النسيج الضام)
شكل رقم 2: صورة مجهرية فوتوغرافية (x15) لمقطع من بطتنة الرحم تظهر جنيناً منغرساً. (ب) مرحلة العلقة (حوالي 15 يوماً).

ثانيا: التحقيق العلمي للنص:
وتتجلى هذه المعاني التي وردت في النص القرآني فيما توصل إليه العلم الحديث عن هذه المرحلة وفيما يلي بيان موجز لها. تلتصق النطفة التامة التكوين - والتي تسمى في هذه المرحلة المتكيسة الجرثومية ( BLASTOCYST) - بجدار الرحم في اليوم السادس في بداية طور الحرث (الانغراس) (IMPLANTATION) حتى تنزرع تماماً. وتستغرق هذه العملية أكثر من أسبوع حتى تلتصق النطفة بالمشيمة البدائية بواسطة ساق موصلة تصبح فيما بعد الحبل السري. وفي أثناء عملية الحرث تفقد النطفة شكلها لتتهيأ لأخذ شكل جديد هو: العلقة، الذي يبدأ بتعلق الجنين بالمشيمة، ووصف القرآن الكريم هذا التعلق بالعلقة انظر شكل ( 2 ).

وهذا يتفق مع المعنى ( التعلق بالشئ ) الذي يعتبر احد مدلولات ( كلمة علقة ). أما إذا أخذنا المعنى الحرفي للعلقة ( دودة عالقة ) شكل(3) فإننا نجد أن الجنين يفقد شكله المستدير ويستطيل حتى يأخذ شكل الدودة شكل (4). ثم يبدأ في التغذي من دماء الأم، مثلما تفعل الدودة العالقة؛ إذ تتغذى من دماء الكائنات الأخرى، ويحاط الجنين بمائع مخاطي تماما، مثلما تحاط الدودة بالماء. ويبين اللفظ القرآني (علقة) هذا المعنى بوضوح طبقاً لمظهر وملامح الجنين في هذه المرحلة.

وطبقاً لمعنى ( دم جامد أو غليظ ) للفظ العلقة، نجد أن المظهر الخارجي للجنين وأكياسه يتشابه مع الدم المتخثر الجامد الغليظ، لأن القلب الأولي وكيس المشيمة ومجموعة الأوعية الدموية القلبية تظهر في هذه المرحلة. وتكون الدماء محبوسة في الأوعية الدموية - حتى وإن كان سائلا - ولا يبدأ الدم في الدوران حتى نهاية الأسبوع الثالث، وبهذا يأخذ الجنين مظهر الدم الجامد أو الغليظ مع كونه دماً رطباً.

شكل رقم 3: الجنين في مرحلة العقة يكون معلقاً في تجويف المشيمة بواسطة ساق، ويكون محاطاً بسائل مخاطي وبكيس المح. وذلك يتحقق مع المعني الواردة في كلمة (علقة) في النص. (أ) مقطع سهمي للجنين في اليوم 16 تقريباً. (ب) مقطع لزغابة مشيمية ثانوية. (ج) مقطع لجنين منغرس في اليوم 21 تقريباً. (د) مقطع لزغابة مشيمية ثلاثية. ويكون دم الجنين في الأوعية الشعرية منفصلاً عن دم الأم الذي يحيط بالزغ، وبالغشاء المسيمي الذي يتكون من بطانة الأوعية الشعرية والطبقة المتوسطة، والجذعة الاغتذائية الخلوية.


وتندرج الملامح المذكورة سابقاً تحت المعنيين المذكورين للعلقة ( دم جامد ) أو ( دم رطب )، أما الفترة الزمنية التي يستغرقها التحول من نطفة إلى علقة فإن الجنين خلال مرحلة الانغراس أو الحرث يتحول من مرحلة النطفة ببطء، إذ يستغرق نحو أسبوع منذ بداية الحرث (اليوم السادس) إلى مرحلة العلقة، حتى يبدأ في التعلق ( اليوم الرابع عشر أو اليوم الخامس عشر ) ويستغرق بدء نمو الحبل الظهرى حوالي عشرة أيام (اليوم السادس عشر) حتى يتخذ الجنين مظهر العلقة. والدلالات الواردة في الآيات المذكورة فيما يتعلق بالفترة التي تتحول فيها النطفة إلى علقة تأتى من حرف العطف (ثم) الذي يدل على انقضاء فترة زمنية حتى يتحقق التحول إلى الطور الجديد. وهكذا فإن التعبير القرآني (علقة) يعتبر وصفاً متكاملا دقيقاً عن الطور الأول من المرحلة الثانية لنمو الجنين، ويشتمل على الملامح الأساسية الخارجية والداخلية. ويتسع اسم ( علقة ) فيشمل وصف الهيئة العامة للجنين كدودة عالقة كما يشمل الأحداث الداخلية كتكون الدماء والأوعية المقفلة. كما يدل لفظ علقة على تعلق الجنين بالمشيمة. وبالإضافة إلى ذلك فقد أظهر القرآن الكريم التحول البطئ من النطفة إلى العلقة باستعمال حرف العطف ( ثم ).


شكل رقم 4: رسمان يوضحان أوجه التشابه بين العلقة (الدودة) والجنين البشري. (أ) رسم لدودة. (ب) رسم يظهر منظراً جانبياً لجنين في اليومين 24، 25 من مرحلة العلقة خلال عملية تكون الثنيات يبين مقدم المخ وموقع القلب.
شكل رقم 5: رسم بياني للجهاز القلبي الوعائي البدائي في الجنين خلال مرحلة العلقة (حوالي اليوم 20) ويكون الجنين في هذه المرحلة معتمداً في غذائه على دم الأم، ويتضح لنا سبب وصف العلقة بالدم المتخثر نظراً لكميات الدم الكبيرة في الجنين.

ب - طور المضغة:
يكون الجنين في اليومين 23-24 في نهاية مرحلة العلقة ثم يتحول إلى مرحلة المضغة في اليومين 25-26 ويكون هذا التحول سريعاً جداً، ويبدأ الجنين خلال آخر يوم أو يومين من مرحلة العلقة اتخاذ بعض خصائص المضغة، فتأخذ الفلقات ( Somites) في الظهور لتصبح معلماً بارزاً لهذا الطور (شكل6 ).
ويصف القرآن الكريم هذا التحول السريع للجنين من طور العلقة إلى طور المضغة باستخدام حرف العطف (ف) الذي يفيد التتابع السريع للأحداث (انظر جدول 1).

الفهم اللغوي للفظ مضغة: المضغة في اللغة تأتى بمعان متعددة منها ( شئ لاكته الأسنان ) (تاج العروس جـ6 ص 30، مقاييس اللغة ج5 ص 330) وفي قولك (مضغ الأمور ) يعنى صغارها (نظم الدرر جـ6 ص 30-31، لسان العرب جـ8 450-452). وذكر عدد من المفسرين أن المضغة فيحجم ما يمكن مضغه. وعند اختيار مصطلحات لمراحل نمو الجنين ينبغى أن يرتبط المصطلح بالشكل الخارجيى، والتركيبات الداخلية الأساسية للجنين، وبناء على هذا فإن إطلاق اسم مضغة على هذا الطور من أطوار الجنين يأتي محققاً للمعاني اللغوية للفظ: مضغة. كما أوضح علم الأجنة الحديث مدى الدقة في اختيار تسمية ( مضغة ) بهذا المعنى، إذ وجد أنه بعد تخلق الجنين والمشيمة في هذه المرحلة يتلقى الجنين غذاءه وطاقته، وتتزايد عملية النمو بسرعة، ويبدأ ظهور الكتل البدنية المسماة فلقات التي تتكون منها العظام والعضلات. ونظراً للعديد من الفلقات ( الكتل البدنية ) التي تتكون فإن الجنين يبدو وكأنه مادة ممضوغة عليها طبعات أسنان واضحة فهو مضغة.
شكل رقم 6: رسومات للجنين خلال الأسبوع الرابع (ا) (ب) (ج) مناظر جانبية للجنينين تظهر 33،27،16 فقرة على التوالي (أ) الجنين في اليوم الأخير من مرحلة العلقة. (ب)، (ج) الجنين في بداية مرحلة المضغة.

التطابق القرآني مع العمليات التطورية في مرحلة المضغة:
ويمكن إدراك تطابق لفظ ( مضغة ) لوصف العمليات الجارية في هذا الطور في النقاط التالية:
1- ظهور الفلقات التي تعطى مظهراً يشبه مظهر طبع الأسنان في المادة الممضوغة، وتبدو وكأنها تتغير باستمرار مثلما تتغير آثار طبع الأسنان في شكل مادة تمضغ حين لوكها - وذلك للتغير السريع في شكل الجنين - ولكن آثار الطبع أو المضغ تستمر ملازمة، فالجنين يتغير شكله الكلى، ولكن التركيبات المتكونة من الفلقات تبقى... وكما أن المادة التي تلوكها الأسنان يحدث بها تغضن وانتفاخات وتثنيات فإن ذلك يحدث للجنين تماماً ( انظر شكل 7 ).
2- تتغير أوضاع الجنين نتيجة تحولات في مركز ثقله مع تكون أنسجة جديدة، ويشبه ذلك تغير وضع وشكل المادة حينما تلوكها الأسنان.
3- وكما تستدير المادة الممضوغة قبل أن تبلع، فإن ظهر الجنين ينحنى ويصبح مقوساً شبه مستدير مثل حرف (C) بالإنجليزية.
4- ويكون طول الجنين حوالي 1 سم في نهاية هذه المرحلة، وذلك مطابق للوجه الثاني من معاني كلمة مضغة وهو (الشيء الصغير من المادة) وهذا المعنى ينطبق على حجم الجنين الصغير. لأن جميع أجهزة الإنسان تتخلق في مرحلة المضغة ولكن في صورة برعم (البرعم: هو أصغر حجم لإنسان تخلق جميع أجهزته. فهو إذن مضغة لأن مضغ الأمور: صغارها، وهذا إنسان بجميع أجهزته، طوله 1سم).

شكل رقم 7: صورة لجنين عمره 28 يوماً خلال مرحلة المضغة،
ويمتاز الجنين بانحناء على شكل ثماثل انحناء مادة تم لوكها بقوة.
ويمكن بسهولة تميز بروز القلب. ويعتبر الذيل المنحني باتجاه البطن وبما يحمله من الفلقات من الملامح المميزة لهذه المرحلة.

وأما المعنى الثالث الذي ذكره بعض المفسرين للمضغة ( في حجم ما يمكن مضغه ) فإنه ينطبق ثانية على حجم الجنين، ففي نهاية هذا الطور يكون طول الجنين (1سم ) وهذا تقريباً أصغر حجم لمادة يمكن أن تلوكها الأسنان.
وأما طور العلقة السابق فقد كان الحجم صغيراً لا يتسير مضغه إذ يبلغ (3.5مم) طولاً وينتهي طور المضغة بنهاية الأسبوع السادس.
ولا تتمايز الفلقات في البداية، ولكنها سرعان ما تتمايز إلى خلايا تتطور إلى أعضاء مختلفة، وبعض هذه الأعضاء والأجهزة تتكون في مرحلة المضغة، والبعض الآخر في مراحل لاحقة.
وإلى هذا المعنى تشير الآية القرآنية الكريمة {ثُمّ مِن مّضْغَةٍ مّخَلّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلّقَةٍ..}(سورة الحج آية 5).
ويحدد القرآن الكريم أن العظام تبدأ بعد مرحلة المضغة ثم تكسى العظام بالعضلات. وهذا ما يقرره علم الأجنة الحديث.
يبدأ طور العلقة بتعلق الجنين بالمشيمة ويأخذ في تعلقه واستطالته شكل العلقة.
وينتهي هذا الطور بالنمو السريع لخلايا الجنين في عدة اتجاهات، وتبدأ العلقة في أخذ شكل المضغة الذي ينتهي بدوره بانتشار الهيكل العظمي في أوائل الأسبوع السابع.
وهكذا نجد أمامنا مراحل محددة البداية والنهاية، وأسماء معبرة عن الشكل، وأهم الأحداث، وحروف عطف مناسبة تشير إلى الفوارق الزمنية في التحول. ومعرفة هذه الحقائق إلى ما قبل القرنين الأخيرين كانت مستحيلة فضلا عن استحالتها قبل 1400 عام.
وإذا تأمل الإنسان الأطوار السابقة يجد أن مراحلها قصيرة جداً ولا يمكن الحصول على الأجنة خلالها إلا بوسائل علمية دقيقة كان من المستحيل تيسرها في وقت نزول القرآن الكريم، وما كان يخرج منها إلا حالات الإجهاض على هيئة سقط مبكر يخرج في كمية الدماء، وقد تمزق إلى أجزاء دقيقة لا تعطى مظهراً يمكن دراسته فضلاً عن أن تلك الأجيال لم يكن في إمكانها أن تعلم أن هذه الدماء تحمل سقطاً من جنين، لأن معرفة حدوث الحمل لم تكن حتى عهد قريب متحققة في الأسابيع الأولى التي تحدث فيها هذه الأطوار للجنين.
وهكذا تعتبر هذه الأوصاف القرآنية دلالات واضحة على أن هذه الحقائق العلمية جاءت للرسول محمد صلى الله عليه و سلم من الله سبحانه وتعالى.
المصدر : موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
  #173  
قديم 05-04-2008, 07:38 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

النظافة من الإيمان

بقلم الدكتور محمد السقا عيد
ماجستير في جراحة العيون
لقد جعل الإسلام النظافة أساس العبادة ومفتاحا لها، وجعل طهارة الجسم التامة أساسا لابد منه لكل صلاة، وجعل الصلاة واجبة خمس مرات كل يوم، وكلف المسلم بأن يتوضأ قبل الصلاة، وإذا أصابته جنابة فليغتسل فرضا غسلا كاملا لصلاة الجمعة وصلاة العيدين والاغتسال للحج والعمرة كله سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ففي الوضوء قال الله سبحانه وتعالى:
) يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأيديكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا)وروى عن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه قاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد تملأن ما بين السماء والأرض.... والصدقة برهان والصبر ضياء.... والقرآن حجة لك أو عليك... )
ويحثنا الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا على الوضوء لأنه طريق الصلاة المفروضة والمسنونة حتى نقف بين يدي الله تعالى طاهرين.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
."إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه، فإن قعد قعد مغفوراً له"
والإسلام وهو يحث على ذلك يطلب من أبنائه أن يكونوا دائماً على هذا الحال من الطهارة حتى عندما يريدون أن يأووا إلى مضاجعهم ليستريحوا من تعب العمل طوال النهار.
فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ وَقُلِ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ، وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ، واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ" .
وقد بين عليه السلام أن أمته تعرف من بين الأمم على كثرتها بهذا النوع من النظافة وهذا الأثر من الطهارة فيقول صلى الله عليه وسلم:
(إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء - فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل).
وأرشدنا إلى أن الوضوء فوق أنه طهارة ونظافة وتكفير للذنوب ومحو للخطايا فهو أرفع للدرجات."
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات. قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.. فذلك الرباط.. فذلكم الرباط )
وقد حث الإسلام على النظافة من بقايا الأكل فبعد أن ندب إلى الوضوء أمرنا بان يتخلص الإنسان من بقايا طعامه وروائحه وأثاره وهذا أتقى للمرء وأطيب.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده ).
والوضوء بفتح الواو بمعنى غسل اليدين قبل الطعام.... أما الوضوء بضم الواو فمعناه التطهير والاغتسال للصلاة من غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين.
وإذا علمنا أن ما يصيب الإنسان من بعض الأمراض يكون سببه عدم العناية بالفم وعدم المحافظة على الأسنان بترك بقايا الطعام بينها. أدركنا سر توجيه الرسول لأمته بأن يحرصوا على السواك ويلازموا استخدامه.... على نحو ما سنذكر فيما بعد.
قال صلى الله عليه وسلم : (تسوكوا. فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب. مَا جاءني جبريل إِلاَّ أوصاني بالسواك. حَتَّى لقد خشيت أَن يفرض عَلِيّ وعلى أمتي. ولولا أني أخاف أَن أشق عَلَى أمتي لفرضته لهم، وإني لأستاك حَتَّى لقد خشيت أَن أحفي مقادم فمي).
ومن احترام الإسلام للفرد والمجتمع أنه كره لمن أكل ثوماً أو بصلاً وكل ما له رائحة نفاذه غير طيبه أن يفد المسجد. فقد قال عليه الصلاة والسلام.
( من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا )ذلك حتى لا يؤذى المسلمين برائحته الكريهة.
ويوصى الإسلام بأن يكون المرء نظيفا في ملبسه وطاهرا في ثوبه. وقد ألحق هذا الخلق بآداب الصلاة. قال الله سبحانه وتعالى:
(يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)الأعراف (31)
ويوصى الإسلام بأن يكون المرء أنيقا... فالأناقة فينظر الإسلام مرغوبة، والتحمل في غير إسراف - محمود، والثوب الطيب دليل طيب للابس فإنه مما أوصى الله به إلى رسوله الكريم الحث على التكبير بتطهير الثوب.
) يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر) (المدثر 1-4) وروى عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أشعث الرأس فقال ( أما يجد هذا ما يسكن به شعره )ورأى آخر عليه ثياب وسخة فقال ( أما يجد هذا ما يغسل به ثوبه ).
ومن يفهم الدين على أنه يرضى على فوضى الملابس ويعد ذلك ضربا. من العبادة والزهد، يحرف الدين عن مواضعه ويلبس الحق بالباطل ويفتري على تعاليمه. والمسلم الذي يضم إلى نظافة باطن نظافة جسده وجمال ملبسه فأهم أهداف الإسلام مطبق تعاليمه متخلق بأخلاقه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر، فقال رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسناً ونعلي حسناً، فقال: إن اللّه يحب الجمال، ولكن الكِبْر مِنْ بَطَرَ الحق، وغَمَص الناس).
وفي رواية أخرى (يَا رَسُولَ الله إنّي رَجُلٌ حُبّبَ إلَيّ الْجَمَالُ وَأُعْطِيتُ مِنْهُ مَا تَرَاهُ حَتّى ما أحِبّ أنْ يَفُوقَنِي أحَدٌ ـ إمّا قالَ ـ بِشِرَاكٍ نعْلِي ـ وَإِمّا قالَ ـ بِشِسْعِ نَعْلِي أفَمِنَ الْكِبْرِ ذَلِكَ؟ قالَ لاَ وَلَكِنّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقّ وَغَمِطَ النّاسَ).
وقد امتد هذا التجميل من أشخاص المسلمين إلى بيوتهم وطرقاتهم.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الله تعالى طيب يحب الطيب . نظيف يحب النظافة.كريم يحب الكرم. جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تتشبهوا باليهود )
والإسلام وهو يأمر بذلك يقصد إلى تخلية البيوت والشوارع من القمامات التي تنبعث منها رائحة غير طيبة وتكون مصدرا للعامل وانتشار الأمراض والعدوى.
فلنحافظ على نظافتنا ولنحافظ على صحتنا ولنحافظ على حياتنا من الوهن والضعف.
من هدى الإسلام في المحافظة على الفم والأسنان:
يحرص الإسلام على صحة الإنسان وسلامته من الأمراض، لان الجسم السليم هو مناط القيام بالكثير من التكاليف الشرعية كالصوم والحج والجهاد وغيرها من التشريعات.
وتستطيع أن نلتمس ذلك من خلال التوجيهات النبوية التي تتضمن وقاية من اتبعها من العديد من الأمراض والأسقام. ومن ضمن هذه التوجيهات تلك، سنتحدث عنها في موضوعنا هذا والخاصة بنظافة الفم والأسنان وأهميته ذلك بالنسبة للإنسان المسلم. فالمحافظة على الأسنان هي من أهم علامات المحافظة على الصحة وخاصة صحة الجهاز الهضمي فالأسنان القوية السليمة بمضغ الطعام وطحنه ومزجه باللعاب يساعد على سهولة هضم قدر كبير من المواد النشوية بما في اللعاب من أنزيمات هاضمة.
وكم رأينا مرضى بمشاكل سوء الهضم، وإذا نظرت إلى أفواههم وجدتها خاليه من الأسنان وهذا هو السبب في عسر الهضم.
لذلك كانت المحافظة على الأسنان من أهم العوامل المساعدة للمحافظة على صحة الجهاز الهضمي.
وقد أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى غسل الفم عند:
- القيام من النوم.
- عند كل وضوء
- قبل الأكل وبعده.
وذلك لأن الفم عرضة لمجموعة كبيرة من الجراثيم، أكثر ما يناوله الإنسان من طعام وشراب ويشمه من هواء. كل ذلك مفعم بكثير من الجراثيم.
والأسنان بلونها وانتظام رتلها من أهم أسباب الجمال في الفم وهي كذلك بمكانتها وسلامتها تحفظ للفكين وضعها الطبيعي فيتم بذلك جمال الوجه كله.
وهو بتمامها وصحتها تجعل النطق سليما واللفظ مفهوما. فعلى سلامة هذه الدرر يتوقف حسن الهضم، وبصحتها يتم جمال الوجه ويستقيم اللفظ.
لذلك كان لابد من الاهتمام بالفم والأسنان بالغسل والمضمضة... ولعل أعظم طريقة لنظافة الفم والمحافظة على سلامة ومكانة الأسنان هي استخدام السواك.
الســــواك:
لقد قدم العلم في عصرنا هذا معاجين الأسنان فأضاف إليها من المواد مثل ( الفلورين ) وغيرها من مواد محافظة على الأسنان. ولكن لم يف بالقدر اللازم للمحافظة على صحة الأسنان بل كان استعماله فيه بعض الأضرار التي قد تؤذى الجهاز الهضمي.
فقد اهتم بأنه يكون سبباً لسوء الامتصاص عن بعض مرضى سوء الامتصاص بسبب بلع هذا المعجون وتأثيره على خمائل الأمعاء الماصة للطعام.
وكان من الواجب إزالة المعجون وأثاره من الفم تماماً حتى لا يحدث أي ضرر بالجهاز الهضمي.. ورغم استعمال المعجون وبرغم ما أضيف إليه من مواد حديثه حافظة للأسنان ما زالت الأسنان تصاب بالتسويس.
ولو عدنا إلى السواك لوجدنا أن فيه خيراً وبركة فيمكننا إزالة أي فضلات طعام متبقية بين الأسنان.... وإزالة هذه الفضلات يمنع تحللها ويطيب الفم.
كما أن السواك - من عود الأراك - يحتوي على مادة حافظة للأسنان واقية لها تفوق مكونات معجون الأسنان الصحي الحديث بكل ما أدخلت عليه من مواد حافظة.
والسواك:بسين مكسورة يطلق على الفعل وعلى الآلة التي يستعملها المتطهر، ويذكر ويجمع على سوك ككتاب وكتب.
وأحاديث السواك شهيرة وفضائله معلومة وإثارة الحسنة ملموسة، كيف لا وهو من سنن المرسلين ومن خصال الفطرة، وقد ورد فيه الأحاديث ما يربو على مائة حديث.
قال أهل العلم:
" وأعجبنا لسنة تأتى فيها هذه الأحاديث الكثيرة ثم يهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء فهذه خيبة عظيمة ". سبل السلام 1/41.
قال ابن دقيق العيد:
" السر فيه - أي السواك - عن الصلاة أننا مأمورون في كل حال من الأحوال التي تقترب فيها إلى الله تعالى أن نكون في حالة كمال ونظافة، وإظهار لشرف العبادة."
وقد قيل إن ذلك الأمر يتعلق بالملك، وهو أنه يضع فاه على فم القارئ، ويتأذى بالرائحة الكريهة، فسن السواك لأجل ذلك ( سبل السلام).
وقد أنكر صلوات الله وسلامه عليه على من أهمل نظافة الأسنان فقال لبعض أصحابه حين رأى صفرة أسنانهم ( ما لي أراكم تأتون قلحاً استاكوا ) أخرج أحمد (452) والطبراني في الكبير ( 2/54).
والقلح بضم القاف وسكون اللام جمع أقلح نو القلح بالفتحتين هو صفرة تعلوا الأسنان ووسخ ركبها.
وفوائد السواك جمة أفاض في ذكرها الأقدمون والمعاصرون قال ابن القيم: " وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة ويقطع البلغم، ويجلوا الصوت ويعين بالحفر ( بفتح فسكون أو فتحتين - داء يفسد الأسنان ) ويصح المعدة، ويصفي الصوت ويعين على هضم الطعام ويسهل مجارى الكلام، وينشط القراءة والذكر والصلاة ويطرد النوم ويرضى الرب ويعجب الملائكة ويكثر الحسنات " . من كتاب الطب النبوي لابن القيم. (298).
" والذي يلحظ أمراض الفم واللثة من إهمال تطهيرهما يدرك سر مبالغة الإسلام في ذلك الأسنان بالمواد المحافظة لرونقها وسلامتها دلكا يزيل ما يعلوها وكذلك ما يختفي حولها " وعناية الدين بتطهير الفم وتجليه الأسنان وتنقية ما بينهما لا نظير لها في وصايا الصحة القديم والحديثة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يدردني " أي تسقط أسناني من شدة التدليك / رواه البزار في المسند.
لذلك فالسواك مستحب في جميع الحالات والأوقات، ولكنه في خمسة أوقات أشد استحبابا لقيام الأدلة على ذلك:
- عند الصلاة.
- عند الوضوء
- عند قراءة القرآن.
- عند الاستيقاظ من النوم.
- عند تغير الفم.
قال الشوكانى:
" وللفقهاء في السواك آداب وهيئات للفطن الاعتزاز بشيء منها إلا أن يكون موافقا لما ورد عن الشارع. ولقد كرهوه في أوقات وعلى حالات حتى كاد يفضي إلى ترك هذه السنة الجليلة، وهما أمر من أمور الشريعة ظهر ظهور النهار " نيل الأطار 1/1227.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله:
" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " سنن النسائي جص10 / ط مصطفي محمد.
وفي صحيح مسلم:
( أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك )وفي السنن عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصى يستاك هو صائم. وهنا نرى قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )اللؤلؤ والمرجان فيما أتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي.
أي السواك خمس مرات يوميا وفي ذلك صلاح وبركة. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره منه ولم يجعل لسواك من القسم المكروه وقد حضهم عليه بأبلغ الألفاظ وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم مراراً ويعلم أنهم يقتدون به هكذا يثبت ديننا أنه دين الطهارة والنظافة الروحية والجسدية .
المصادر:
-الإسلام وصحة الإنسان الشيخ منصور الرفاعى عبيد
-الطب النبوي ابن القيم الجوزية
د. محمد السقا عيد
ماجستير وأخصائي جراحة العيون
عضو الجمعية الرمدية المصرية
جمهورية مصر العربية
  #174  
قديم 05-04-2008, 07:40 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الإخلاص في الدعاء

بقلم الباحث عبد الدائم الكحيل
بحثت طويلاً في كتاب الله تعالى عن سرّ استجابة الله لدعاء أنبيائه. وبدأتُ أتساءل: لماذا ندعو الله تعالى أحياناً ولا يُستجاب لنا؟ ولماذا لا نحسّ بوجود الله عز وجل قريباً منا؟ لماذا نضع ثقتنا بمن حولنا من البشر وننسى خالق البشر جل وعلا؟
لقد بدأتُ ألاحظ شيئاً في القرآن عندما بحثتُ في "الإخلاص" فقد ارتبط الإخلاص بالعبادة أحياناً وبالدعاء أحياناً أخرى. ولكن في كلتا الحالتين كان الإخلاص مرتبطاً بالله عز وجل. فهذه آية يحدثنا بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ)[الزمر: 11].
ومعنى (مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) أي مخلصاً له العبادة، فكان سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم خالصاً لله، وركوعه لا يبتغي به إلا وجه الله، وكل كلمة ينطق بها لا يريد من ورائها إلا رضوان الله تعالى، وهذا هو الإخلاص الذي أمره الله به، ولكن أين نحن من هذا الإخلاص؟!
الإخلاص مفتاح الإجابة
إن الإخلاص في العبادة لا بدّ أن يؤدي إلى الإخلاص في الدعاء، وهذا ما أمرنا الله به في قوله: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر: 14]. فنحن عندما ندعو الله يجب أن يكون دعاؤنا فقط له هو، وعندما ندعو ملحداً للإيمان يجب أن يكون عملنا ذا هدف واحد ألا وهو رضاء الله تعالى.
في هذه الحالة أخي المؤمن أضمن لك الإجابة في الدعاء بإذن الله تعالى. وهذا هو سيدنا يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت ونزل به في ظلمات البحر: ماذا فعل؟ لقد دعا الله بإخلاص فقال: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87]. ولكن هل استجاب الله دعاءه أم تخلى عنه في هذا الظرف الصعب؟
لقد استجاب الله له على الفور فقال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88]. لقد كانت الاستجابة سريعة، حتى إن الله تعالى استخدم حرف الفاء في كلمة(فَاسْتَجَبْنَا) ونحن نعلم من العربية أن هذا الحرف يشير إلى سرعة تعاقب الأحداث بعكس واو العطف التي تحمل شيئاً من التباطؤ في توالي الأحداث.
ما هو سرّ استجابة الله لأنبيائه؟
ولكن هذه الاستجابة السريعة لسيدنا يونس لها سرّ! وعندما بحثت عن هذا السر وجدته في الآيات التي تلي هذه الآية في حديث الله عن أنبيائه واستجابته لهم الدعاء، لماذا يا ربّ؟ ماذا كانوا يفعلون حتى نجّيتهم وهم في أصعب مراحل حياتهم؟
والجواب: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90]. إذن السر يكمن في المسارعة في الخيرات، والدعاء رغبة بما عند الله من نعيم وجنات، ورهبة من عذابه وعقابه، والخشوع لله وحده.
إعجاز نفسيّ
ولكن الذي لفت انتباهي أثناء البحث آية تتحدث عن أناس يدعون الله بإخلاص، وتصف لنا هذه الآية المشاعر الدقيقة التي يمر بها هؤلاء في أصعب ظروف حياتهم وهم في وسط البحر بين الأمواج العاتية.
يقول تعالى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)[لقمان: 32]. في هذا الموقف والسفينة تشرف على الغرق يكون الإنسان في حالة من الإخلاص التام لله عز وجل.
هذا ما تصفه لنا الآية، فماذا يقول العلم في ذلك؟ لقد غرقت العديد من السفن على مر الزمن، وربما يكون آخرها عبّارة غرقت في البحر الأحمر وتوفي أكثر من ألف إنسان، ونجا أقل من نصف هذا العدد. لقد قام بعض العلماء بدراسة للمشاعر التي مرّ بها هؤلاء الناجون من الموت المحتم.
لقد أكّد الجميع وبلا أي استثناء أن اللحظة التي أشرفوا فيها على الغرق كانت أهم لحظة في حياتهم، وكان التوجه فيها إلى الله تعالى في قمة الإخلاص، حتى إنهم يؤكدون بأنهم رأوا عشرات الغرقى قد ماتوا أمامهم وكانت آخر كلمة نطقوا بها هي "يا ربّ"!!!
إذن الشيء الثابت علمياً حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يؤمنون بالإسلام، أن أي واحد عندما يشرف على الغرق يدعو الله بإخلاص، وهذا باعتراف جميع الناجين من الغرق على مر العصور، وهذه حقيقة علمية يؤكدها علماء النفس.
سؤال لكل ملحد!
وعند هذه النقطة أود أن أوجه سؤالاً إلى أولئك الذين يستهزئون بأعظم مخلوق أرسله الله ليكون رحمة للعالمين: إذا كان الرسول الأعظم عليه صلوات الله وسلامه كما تصوّرونه متخلّفاً وإرهابياً وجاهلاً، إذا كان كذلك، فكيف استطاع وهو لم يركب البحر مرة في حياته أن يصوّر لنا الحالة الدقيقة التي يعيشها من أشرف على الغرق؟
وتأمل معي هذه الآية التي تلخص لنا الأحاسيس التي يمر بها من يركب السفينة منذ أول لحظة وحتى اللحظة التي تسبق الغرق: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)[يونس: 22].
وهنا أقول لك يا أخي المؤمن إذا أردت أن يستجيب الله دعاءك فأخلص هذا الدعاء، وإذا أردته أن يتقبل عبادتك فأخلص هذه العبادة لله، هكذا أمر الله نبيّه بقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) [الزمر: 2].
وسوف أختم هذه الخاطرة بحادثة على زمن انبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما جاءه أعرابي بسيط وقال له: يا رسول الله أوصني ولا تكثر لأحفظ؟ فقال له الحبيب صلى الله عليه وسلم: (أخلص دينك لله يكفك العمل القليل)، أي أخلص عبادتك لله فمهما كان عملك قليلاً تجده عند الله كثيراً.
فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين
الباحث عبد الدائم الكحيل
للمراسلة والتعرف والأسئلة

  #175  
قديم 05-04-2008, 07:41 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الحياة والموت من منظور طبي إسلامي


أ.د/السيد سلامة السقا
أستاذ ورئيس قسم القلب بكلية الطب جامعة الإسكندرية
للحياة مظاهر وعلامات مميزة، وللحياة مفهوم محدد، وليس البروتين أو البروتوبلازم أو الماء مرادف للحياة، فالخلية بكل مكوناتها قد تكون حية أو ميتة، والجسد كله، بكل خلاياه وأنسجته وأجهزته، قد يكون حياً أو ميتاً.
وعندما يفقد الجسد صفة الحياة وينتقل إلى الموت يظل تركيبه المعروف ثابتاً لا يتغير لفترة ما، بعدها يبدأ تحلله إلى مكوناته الأولية من عناصر مختلفة.
فالحياة شيء مستقل بذاته، شيء مغاير للجسد المحسوس، شيء يحل في الخلايا والأجساد ليعطيها مميزاً وصفات محسوسة ويمنحه القوة على الاستمرار واطراد النمو والبقاء دون تحلل.. إلى أجل مسمى.
ولو أننا دققنا النظر في مفهوم الحياة ومظاهرها لوجدنا للحياة أكثر من مظهر، فالخالق سبحانه تفرد بالحياة المطلقة الأبدية التي لا أول لها ولا آخر، ولا مثيل لها ولا مشابه، فهو سبحانه وتعالى: (الحي القيوم)، وهو سبحانه وتعالى (ليس كمثله شيء)[سورة الشورى:11] فلا يقوم للمخلوقات وجود ولا حياة إلا به سبحانه وتعالى، فهو الذي يقول للشيء (كن فيكون)[سورة آل عمران:47]، وهو الذي (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)[سورة الأنعام:95]، وهو الذي خلق الإنسان من لا شيء يذكر) هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيء مذكوراً)[سورة الإنسان:1].
(أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً)[سورة مريم: 61].
إنه سبحانه وتعالى خلق الحياة كما خلق الموت، وكل منهما سر من أسراره، (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)(الملك /2)، فكل مخلوقات تستمد منه سبحانه وتعالى نوعاً من الحياة المحدودة والوجود الموقوت، وليس لمخلوق خلود، إنما الموت والفناء نهاية كل المخلوقات: (كل نفس ذائقة الموت )(العنكبوت/57)، (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)(الرحمن/36ـ37)، بل إن الخلق كله، ما ندركه وما لا ندركه، ينتهي إلى نهاية محتومة لا يعلمها إلا الله: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب * كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين)(الأنبياء/104)، والمخلوقات كلها تربطها بالخالق عز وجل رابطة العبادة والتقديس، فكل من في السماوات وكل من في الأرض، بل كل شيء يسبح بحمد الله ويقدسه ويسجد له.. فهي حياة عامة شملت الكون كله، بجميع جزئياته وتجلت بمظاهر لا ندرك الكثير منها بحواسنا البشرية القاصرة، ولكنها حقيقة وواقع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً)[الإسراء: 44].
إننا عند ذكر كلمة (الحياة) يتبادر إلى ذهننا المعنى الخاص لها، المعنى الذي يشمل الإنسان والحيوان والنبات، وذلك لا شتراكها في مظاهر وعلامات خاصة نميزها عما نطلق عليه "الجماد ". ولعل أبرز مظاهر الحياة التي ندركها في الإنسان والحيوان والنبات هي الحركة والانفعالية التي تشمل الإحساس والاستجابة للمؤثرات المختلفة، ذلك بالإضافة إلى مظاهر أخرى مثل النمو وغير ذلك.. ولكن باستعراض كتاب الله نجد أن مظاهر الحركة والانفعالية موجودة في كل شيء في الوجود، ولا يختص بها عالم الإنسان والحيوان والنبات، فالذرات والجزيئات (بما فيها من إلكترونات)في حركة دائمة، وهذه جزيئات الأرض وحبيباتها) فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت )(الحج:6). وهذه الجبال الثابتة لعيوننا، الجامدة في أماكنها: (تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء)(النمل :88). وهذه الشمس (تجري لمستقرها)(يس:38).. والكواكب والنجوم والمجرات) كل في فلك يسبحون)(سورة يس/40).. بل إن الكون المادي كله بمجراته وما فيها من حركة دائمة واتساع مستمر(والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)(الذاريات:47).
حياة وحركة دائمة دآبة لا تكل ولا تنتهي، حركة متناسقة مترابطة في الوجود كله من ذراته إلى مجراته..
أما الانفعالية بما تحتوي من إحساس وإدراك واستجابة، فالقرآن يحدثنا عنها ويلقي لنا الضوء على دقائقها وغيبياتها، ويعلمنا بوجودها في كل شيء، فلننظر إلى السماء والأرض وهما تتلقيان الأمر من الخالق عز وجل فتجيبان بالسمع والطاعة( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين)(فصلت:11). وتلك الحجارة الصماء الجامدة الثابتة ظاهرياً لنا( وإن منها لما يهبط من خشية الله )(البقرة:47)، طاعة وانقياد وخشية وخشوع وخضوع للخالق، بالتدبر قول الحق تبارك وتعالى عن الجبال:( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله )(الحشر:21)، مخلوق من مخلوقات الله يخشع ويتصدع ويتزلزل كيانه خوفاً وخشية من الله. وهذه النار تتلقى الأمر من ربها فتتخلى عن صفاتها وأهم مميزاتها:( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )(الأنبياء :69). ونار جهنم تنفعل وتشتد وتثور من غيظها عندما ترى المجرمين الكافرين من بعد: (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور* تكاد تميز من الغيظ)(الملك/7ـ8)، وهل الغيظ إلا انفعال شديد، وأخيراً، وليس آخراً، تعالوا معي إلى قول المولى عز وجل (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً)(الأحزابـ72) فهذه مخلوقات الله يصنفها الإنسان تصنيفاً ضمن الجمادات التي لا حياة فيها، ولكن المقارنة والقابلة في الإحساس والتلقي والقبول والرفض والإشفاق، تضفي على الجبال دقة الإحساس بعظمة الأمانة وخطرها.. مظهر دقيق من مظاهر الحياة لا ندركه ولا نشعر به، إنها حياة خاصة بتلك المخلوقات (الجامدة) ـ على حد تعبيرنا ـ ولكنها حياة غيبية لا ندركها، وعوالم تقف حواسنا القاصرة وإدراكنا المحدود عن الإلمام بها إلا من خلال وحي الله المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل شئ في الكون يسبح بحمد الله:(ولكن لا تفقهون تسبيحهم)(الإسراء:44).
كل شيء في الكون حي ولكن بمقاييس خاصة، علمها عند الله.. وهكذا تجتمع المخلوقات كلها في صعيد واحد وعلى هدف واحد وغاية واحدة لا يشذ عن ذلك إلا الإنسان) ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير من حق عليه العذاب)(الحج/18).
الحياة كما ندركها:
حدد الخالق عز وجل معنى خاصاً للحياة، معنى شرعياً لها، ومعنى لغوياً كذلك، فبين لنا أن الحياة والموت نقيضان واقتصر مفهوم الحياة على الحياة الإنسانية وحياة الحيوان والنبات، وما كان غير ذلك فهو خارج عن إدراكنا، (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)(البقرة/286). وهكذا تحدد مفهوم الحياة الإنسانية لدينا (والحيوانية والنباتية) بمظاهر وعلامات إذا فقدت صار (ميتاً): (أو من كان ميتاً فأحييناه) (الأنعام:122). أما كلمة (ميت) فإنها تعني (حي)، لأن كل حي سيدركه الموت حتماً، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى : (إنك ميت وإنهم ميتون)(الزمر:30)، تأكيد لحتمية موت كل إنسان، لا يشذ عن ذلك أحد فتلك سنة الله( ولن تجد لسنة الله تبديلاً)(الأحزاب/12). أما حياة غير الإنسان والحيوان والنبات فلا يطلق عليها لفظ (الحياة) لخلوها من مظاهر الحياة المعروفة في عالم الأحياء وإنما نقول عنها (جماد).
وباستعراض واقع الحياة الإنسانية، كما تدل عليها الشواهد النظرية ونتائج البحث العلمي في شتى المجالات، نجد أن (الحياة) مجهولة ماهيتها تماماً للجميع، ولكن وجو الحياة في الجسد يعرف بمؤشرات معينة ومدلولات خاصة. والخلية الواحدة كائن حي قائم بذاته، يولد وينمو ويتقدم في العمر مروراً بالطفولة والصبا والفتوة فالكهولة فشيخوخة تنتهي بالموت، بل إن الخلية حين يتقدم بها العمر ويطول، فإن علامات الشيخوخة تظهر عليها وتبدأ أعضاؤها في الضمور وتبدو التجاعيد عليها ويقل نشاطها وحيويتها بشكل عام وينطبق عليها قانون الحياة العام وسنة الله في خلقه، حيث يقول سبحانه وتعالى:( ومن نعمره ننكسه في الخلق)(يس/86).
وقد يتكون جسد الكائن الحي من خلية واحدة مستقلة تماماً عن غيرها، كما هو حاصل في كثير من الكائنات المجهرية وحيدة الخلية، كالبكتريا والأميبا وبعض الفطريات والطحالب. وهنا تقوم الخلية الواحدة بكل العمليات الحيوية دون حاجة إلى الاتصال بخلايا أخرى.
وقد تتجمع تلك الكائنات وحيدة الخلية في جماعات أو مستعمرات، حيث تتماسك ظاهراً فتبدو كوحدة متماسكة، إلا أن الواقع أن كل خلية تظل على حالها، من الاستقلال الوظيفي عن غيرها، وبذلك تتكون جماعات أو مجتمعات يربط بين أفرادها ويبقى على تجمعهم ما يواجههم من ظروف بيئية، خاصة من تغيرات في الحرارة أو الرطوبة أو الغذاء أو الجفاف، أو غير ذلك.
ولما كان لكل خلية عمر محدد فإن ملايين الخلايا تموت بجسم الإنسان كل ثانية، ولكن ذلك لا يؤثر على تركيب الجسم أو على وظائف أعضائه، وذلك أن تكاثر الخلايا يمد الجسم الإنسان بما يعوضه عن الخلايا الميتة بخلايا مطابقة لسابقتها تماماً من ناحية التركيب والوظائف. وإذا دققنا النظر في المجتمع البشري كله على وجه الأرض بأفراده وقبائله ودوله وشعوبه لرأينا كيف يشابه أو يطابق مجتمع الجسد البشري بخلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته، فكما تموت الخلايا كل لحظة دون أن يتأثر وجود الجسم وحياته، فكذلك يموت البشر بالآلاف والملايين ولا يتأثر الوجود البشري على الأرض. وقد تفنى أمم كاملة دون أن يؤثر ذلك على حياة الجنس البشري ووجوده.
ولقد ضرب لنا الخالق الأحد الأمثال لبعث الحياة في الأموات في الدنيا كآية من آياته الكبرى. وأجراها على يد بعض رسله وأنبيائه كمعجزات دالة على صدق رسالتهم . فهذا إبراهيم عليه السلام يتجه إلى ربه (ربي أرني كيف تحيي الموت * قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي * قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم أجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم أدعهن يأتينك سعياً * واعلم أن الله عزيز حكيم)(البقرة/260). وهذا موسى عليه السلام يلقي عصاه بأمر الله: (فإذا هي حية تسعى)(طه/20)، آية له ولفرعون، فيأتي أمر الله فتدب الحياة في الميت مرة أخرى( كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)(البقرة/73). واختار موسى عليه السلام سبعين رجلاً من قومه لميقات ربه فلما قالوا(أرنا الله جهرة)، أخذتهم الصاعقة وماتوا جميعاً، ثم بعثهم الله من بعد موتهم... ويقص علينا القرآن قصة ذلك الذي (مر على قرية وهي خاوية على عروشها* قال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه)(البقرة/259)، ثم رأى بعينه كيف يبعث الله الحياة في العظام الرميم وكيف ينشرها ثم يكسوها لحماً.. كما ينبئنا القرآن عن أولئك:( الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم )(البقرة/243).. وأخيراً، فهذا هو عيسى عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله وينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله وها هو يحيى الموت بإذن الله إنها قدرة الله سبحانه وتعالى الذي يقول للشيء (كن فيكون) و(الذي خلق الموت والحياة)(الملك:2)، والذي " يحيى ويميت " والذي يقف الإنسان عاجزاً أمام إدارك عظمته وأمام فيض علمه الذي لا ينفذ، وصدق الله سبحانه وتعالى) وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)(الإسراء:85).
وتتكرر معجزة الموت والحياة أمام كل الناس في زمان ومكان، ولكنها تظل آية من آيات الله وسراً استأثر بعلمه سبحانه وتعالى .. تبدأ حياة الإنسان بقدر وتنتهي بأجل لا يعلمه إلا الله(وما تدري نفساً ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت)(لقمان/34)، وعندما يأتي الأجل لا يحول دونه حائل ولا تمنعه قوى المخلوقات جميعاً، وذلك هو الحق) أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)(النساء:78). وأين المفر من قدرة الله: (إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)(الجمعة/8).
(أحياء غير أموات):
الموت والحياة نقيضان بنص الكتاب وتقريره، فالله سبحانه وتعالى( خلق الموت والحياة)(الملك/2). وهو الذي (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)(الروم/19)، ويخاطب الناس بقوله عز وجل(كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون)(البقرة/28)، فهو وحده الذي( يحيى ويميت)(الحديد/2)..
وغير ذلك من آيات الكتاب الكريم الدالة على حالتين فقط للإنسان، وهما الحياة والموت فقط، ولا مرحلة وسط بين الاثنتين.. وموت الفرد هو نهاية وجوده على الأرض بالشكل المعروف، ويوم القيامة تنتهي حياة كل من على الأرض مرة واحدة.
وتنتهي حياة الإنسان يقبض حياته وإمساكها(الله يتوفى الأنفس حين موتها * والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى)(الزمر/42). فللموت لحظة محددة وأجل مسمى لا يتقدم ولا يتأخر: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)(الأعراف/34). وهكذا تتحدد لحظة الموت بانتهاء الأجل (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً)(الأعراف/145).
غير أن الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وإن دلت على انتهاء حياة الإنسان وموته، فإن ذلك يكون بقبض الروح، وهي عملية تمسك فيها النفس وتنتهي فيها الحياة. كما توجد إشارات مقتضبة في هذا مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أحضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح) ثم إشارة القرآن إلى سكرات الموت وغمراته في قوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)(سورة ق/19).(ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم * اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تتكبرون)(الأنعام/93). وهيهات، فذلك بحث فيما لا يدركه العقل ولا يخضع للتجربة.
حياة حياة حياة
عندما نقول إن الإنسان جسد وحياة وروح، فإننا في واقع الأمر نستطيع أن نميز أشكال من الحياة.. فهناك (الحياة الخلوية)، وهي حياة الخلية الذاتية بكل مظاهرها وعملياتها الحيوية.. ثم بعد ذلك هناك( حياة الجسد)أو (الحياة العضوية)، أي حياة الأعضاء، حيث تتجمع ملايين الخلايا الحية في نظام دقيق وتناسق تام للقيام بوظائف محددة تمثل وظيفة ذلك العضو، كالكلية أو القلب أو الكبد مثلاً، أو وظائف الجسد كوحدة متكاملة من الأعضاء والأجهزة.. والجسد الحي يتمتع بكل مظاهر الحياة من حركة وإحساس وانفعال وتنفس وتغذية وإخراج وتكاثر.. الخ.
وأخيراً، فهناك بعد ذلك (الحياة الإنسانية)، حين تنفخ الروح في ذلك الجسد الحي فتعطيه مقومات جديدة من قدرة على التعلم والتذكر والتفكر والاختيار والتعقل بالإضافة إلى الإحساس بالزمن. وفوق هذا كله فإن الروح تعطي هذا الجسد الحي قوة الاستمرار في الحياة.. إن استمرار الحياة الخلوية وامتدادها، وكذلك استمرار الحياة الجسدية وامتدادها يرجع إلى وجود الروح.. والروح لا تتجزأ.. فإذا فصلت خلية واحدة أو انفصل عدد من الخلايا أو عضو من الأعضاء مثلاً عن الجسد فإنه ـ أي العضو ـ يفقد اتصاله بالروح، وبذلك يفقد القدرة على الاستمرار في الحياة، فيسرع إليه الموت سريعاً، إلا إذا أعيد اتصاله بجسده الأصلي أو تم توصيله بجسد آخر يقبله بالروح الجديدة في هذا الجسد وتعطيه القدرة على استمرار الحياة وامتدادها، فالحزء المستأصل من جسد الإنسان هو نسيج أو عضو حي، ولكن بلا روح.
وتتميز الحياة الإنسانية بوجود الروح.. وسبق أن قلنا إن الحياة سابقة للروح، فالروح لا تنفخ في جسد ميت وإنما تنفخ في جنين حي. ولا يعلم إلا الله كيفية نفخ الروح أو كيفية اتصالها بأجزاء الجسم وخلاياه، ولا كيفية توفيها حين المنام أو خروجها حين الموت.. غير أنه يمكننا القول بأنه حين اليقظة وتمام الوعي يكون اتصال الروح بالجسم اتصالاً كاملاً وتاماً، بينما يتغير هذا الاتصال حين المنام وعند الموت.
وقد يبرز هنا تساؤل عن إمكانية عودة الروح إلى أعضاء الجسم المتفرقة إذا أمكن إعادتها متصلة ببعضها البعض في جسدها الأصلي، بدلاً من زراعتها في أجسام متفرقة.. بمعنى آخر: هل إذا تقطع الجسم الواحد إلى أجزاء متفرقة ثم أعيد توصيل تلك الأجزاء جميعاً ببعضها البعض قبل موت خلاياها، فهل تعود الحياة الإنسانية إلى هذا الجسد؟.
لا شك إن الإجابة هنا ستكون بالنفي.. وذلك أن تقطيع البدن إلى أجزاء متفرقة سوف يؤدي إلى خروج الروح تماماً منه، لعدم وجد الحد الأدنى اللازم لحلول الروح فيه.. وبذلك يموت الجسم ولا تعود إليه حياته إلا يوم القيامة.

  #176  
قديم 05-04-2008, 07:46 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

خلق الإنسان من طين في ضوء القرآن

أ.د/عبد الفتاح محمد طيرة
أستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فإنه بدراسة المواد العصوية وعمليات إنتاجها، وبدراسة الكائنات التي تعيش عليها وتستفيد منها، تجمعت لدينا مجموعة من المعلومات يعتبر أغلبها حقائق هامة.
ذلك أن بعضها مشاهدات حسية، وبعضها بدهيات فطرية، هي جزء من كياننا ومن الوجود نفسه، والبعض الثالث نتائج مستنبطة عقلياً، على هذه الحقائق الأساسية يجب أن نبني أخلاقنا، وسلوكنا، وأهدافنا، وأحاسيسنا، وأعمالنا، وقبل ذلك كله عقائدنا ومواثيقنا التي نلتزم بها.
ومن أهم هذه الحقائق ما يأتي:
1. أتى على الأرض حين من الدهر كانت فيه خالية تماماً من الحياة.
2. ثم بدأت الحياة في وقت محدد، وإن كنا لا نعلم تاريخه بالضبط، بدأت الحياة بكائنات بسيطة في احتياجاتها الغذائية، إذ استطاعت العيش والتكاثر على مواد لا عضوية. كيفية نشوء الأفراد الأولي من كل نوع مجهولة لنا تماماً، لكن المؤكد لنا أنها نشأت، وتحقق وجودها، وكان له بداية، ولابد لوجودها من علة فاعلة. أول الكائنات الحية على الأرض كانت ـ على الأرجح ـ هي الطحالب .
صنعت الكائنات الحية الأولى مواد عضوية قليلة .. مهدت لظهور كائنات غيرها تعيش عليها أو تعمل فيها.
3. توالى ظهور أنواع الأحياء عبر عصور تقدر بملايين السنين. ظهور أنواع الأحياء الجديدة يعني إنتاج أشكال جديدة من المواد العضوية، ومن نتائج تحللها.. مما يمهد بدوره لظهور أنواع جديدة تعيش وتتكاثر بسهولة.
هذا هو معنى تطور الحياة على الأرض وترقيها. ما كان للبقليات والبقول ـ مثلاً ـ أن توجد وتنتشر إلا بعد توفر البكتريا العقدية، وما كان لمادة الكيتين أن تظهر على الأرض إلا بعد وجود أشجار السينكونا، وما كان لحمض اللبنيك أن يتوفر إلا بعد نشوء أحد أنواع الكائنات المنتجة له، وما كان لأي كان طفيلي أن يوجد ـ على الأرجح ـ إلا بعد وجود عائلة.
4. إن كل نوع من الكائنات الحية يعتبر جهازاً متخصصاً، ليس فقط من صفاته الشكلية من حجم ولون وصورة أعضاء، ولكن كذلك في غذائه الذي يعتمد عليه، وفي الظروف المناسبة لتكاثره، وكذلك في وظيفته، وفي المواد التي ينتجها، وفيما يتبع ذلك من تغيير في بيئة الأرض.التخصص يعني مثلاً ـ أن شجرة التفاح لا يمكن أن تنتج قمحاً، وأن القرد لا يمكن أن يلد إنساناً. الاختلافات بين المولود وبين أبويه لا يمكن أن تخرجه عن نوعه، وإلا كان مسخاً محتماً عليه العقم أو الهلاك.. على هذا توفرت أدلة وبراهين.
5. هذه التخصصات في الصورة والشكل، وفي ما يختاره أفراد النوع من الغذاء الميت في البيئة، وفي ما يصنعه وينتجه، أو فيما يعمل .. كلها ليست أموراً عشوائية وإنما ثبت لنا أنه تحكمها أوامر وتعليمات مكتوبة في نوى خلاياها بشفرة تفهم وتطاع، وتتوارثها الأجيال. وهي متوائمة مع ما في الوجود كله ومعقولة ومراده، فهي سنن ومواثيق لا يمكن للكائن مخالفتها ولا أن يحيد عنها. بل إن كان ما يحدث في الكون من عمليات وحركات تحكمها سنن وقوانين لا تتغير ولا تغير طريقها. وربما اشتقت كلمة " سنة " (وجمعها " سنن " ) من أنها لا تغير (سننها أي طريقها)ولا تتغير بمرور السنين، فبغيره ما كان ثمة علم ، وما استطعنا أن نتنبأ بحدث (كالخسوف والكسوف مثلاً)، ولا أن نصنع شيئاً بعد حساب كمياته ونتائجه والتخطيط لنجاحه، وما استطعنا أن نتقي شراً أو خيراً، أو نختار سبيلاً وأسلوباً. إن معنى ذلك أن كل شيء على الأرض مسنون بقدر قابل للحساب والتعقل، وليس ثمة فوضى ولا عشوائية، وإنما يعزى عجزنا وجهلنا إلى عدم علمنا بكل السنن، ولكنا نعلم بعضها دون شك.
فمن السنن أن يموت كل كائن حي على الأرض، وأن تتحلل مادة جسمه إلى مكونات معينة.
هكذا يقول وينتج العلم، بل إن هذا هو معنى العلم، وليس العلم إلا العلم بالكليات.. بالحقائق والثوابت والسنن.
6. عرفنا أن الكائنات الحية تتوارث مكونات أجسامها بعد فسادها، فجسم كائن حي جديد يتكون من بقايا تحلل كائنات قديمة فسدت. هكذا يدخل في تركيب جسم (جمل) ذرات من جسم (عجل) وذرات من (دورة)أو(سمكة) أو(شجرة).
لكن تغيير الذرات في جسم الكائن أمر يحدث في كل لحظة ولا يعني هذا تغيير هويته ولا تغيير نوعه، فالهوية والنوع ليستا هما المادة.
كل كائن جديد يتكون من (حمأ)، وهو حمأ لأن البقايا العضوية حين تتحلل تطلق حرارة حامية، وهو حمأ لأن فيه غازات ومواد تغير لون الماء ورائحته وشفافيته فهو أسن مسود كدر. فالحمأ هو الأسود الكدر كما أنه الساخن.
وجود كل كائن حي على الأرض ـ الإنسان من بينها ـ مؤقت وملكيته لمادة في الأرض مؤقتة، ولكن وظيفته كتمهيد لما بعده يبقى أثرها. وجوده الجسماني إلى فناء، ولكن أو شره أبقى من مادته أثراً.
7. تأخر ظهور الإنسان على الأرض حتى توفرت فيها كل المواد المتحللة (الحمأ) الكافية في كما ويكفي لتكوين نسله المتكاثر، والتي تصلح بها حياته، والتي تلزم لعمله وأداء وظائفه. وإنه حمأ خاص اقتضى سنوات كانت ملاييناً، واقتضى سنناً، وكان من أهم السنن حتمية موت الكائنات السابقة بعد أن تنتج مواداً وتؤدي أدواراً فرضت عليها وأريدت لها ـ فهو بهذا وبصفاته الأخرى(حمأ مسنون).
8. لعلنا رأينا في وضوح سهولة تكون أحياء جديدة من بقايا كائنات ماتت وأن التربة والأرض تلعب دوراً هاماً وسيطاً في كثير من العلميات، فهي تتلقى بقايا الكائنات القديمة، وفيها تتحول البقايا إلى حمأ، ومن هذا الحمأ تنشأ الكائنات الجديدة وتبعث فتتحرك وتعمل، وهي في كل أمورها وحركاتها وأشكالها الجديدة وتبعث فتحرك وتعمل، وهي في كل أمورها وحركاتها وأشكالها ووظائفها تطيع وتخضع لسنن أرادها الخالق. فالبعث ليس أمراً يأباه العقل وإنما هو أمر تثبته المشاهدات التجريب العلمي.
قد يقال إن الأرض لا تكفي مادتها ليبعث فيها كل البشر الذين عاشوا عليها في وقت واحد ما داموا سيخلدون، ولكن هذا اعتراض لا يعول عليه فقد يمثل كل فرد بجسم صغير لا يتحلل، فليس حجم الجسم أمراً هاماً، ولكن الأمر الجوهري هو الهوية والماهية. الماهية يمكن أن تتحقق بخلية واحدة، أي نفس واحدة (وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة * إن الله سميع بصير)(لقمان/28).
ثم إن الكون مليء بكميات من المادة لا حصر لها، والمادة شيء قابل للخلق من غير المادة. قد يقال : إن الكون لابد أن يكون غير الكون الذي نعرفه وأن تكون الأرض غير الأرض التي نعرفها والسماء غير السماء ـ وكلها أمور يقبلها العقل الذي يعلم أن الخالق على كل شيء قدير.
9. رأينا في دراستنا أن كل كائن حي تحكم وجوده وعمله مجموعتان من العوامل إحداهما موائمة مشجعة، والأخرى مثبطة. استمرارية هذا الكائن وفعاليته تستلزمان توازنا بين مجموعتي العوامل لأن زيادة واحدة منها تعني طغيانه وإسرافه في التكاثر، وزيادة الأخرى تعني فناءه. هذا التوازن بين العوامل، المتضادة في تكاثرها هو أحد مفهومات الحق الذي به تبقى الكائنات.
تكاثر كائن ما تكاثر مسرفاً لا يمر بغير نتائج مادامت الكائنات تتفاعل مع بعضها تعاوناً أو تحبيطاً، بأن إسراف نوع ما في التكاثر قاتل له قتلاً ذاتياً.
تصور أن القطط تكاثرت بحيث قضت على فئران الأرض كلها ثم قضت على كل ما يمكنها أن تأكله، ألا يعني ذلك أنها تقضي على نفسها بالموت جوعاً إن لم يقتل بعضها بعضاً؟
إن التوازن بين أعداد الكائنات أمر هام، وهو يستلزم توازناً بين أدوات العدوان وأدوات الوقاية، وبغير هذا التوازن ما بقيت الكائنات. هذا التوازن ـ أيضاً ـ هو أحد مفاهيم الحق الذي به تبقى الكائنات، والذي يمكن أن نفهم منه الإسراف والظلم والعدوان يحتم الهلاك والفناء، وأن ظن بعض الناس أنه سبيل بقائهم وسعادتهم.
ما رأينا من بقاء الحياة على الأرض، ونشوء أنواعها، وترقي صورها احتاج إذن إلى الحق والتوازن.
ولما كانت الأرض غير منفصلة ـ بما عليها من حياة وطاقة، وبما فيها من حركات ودوران ـ عن الشمس وطاقتها ومجموعتها، بل عن الكون ككل، وجب أن يكون المدبر للأرض وما عليها مدبراً أيضاً لكون كله، وأن تكون رقابته عليها أو عمله فيها شاملاً ودائماً. وهذا هو معنى وحدانية الخالق وربوبيته: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين )(هود/6).
(أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض، أإله مع الله !! قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين* قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله * وما يشعرون أيان يبعثون )(النمل/64ـ65). (أنظر أيضاً العنكبوت : 19ـ20، والروم: 11). (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها * وما ربك بغافل عما تعلمون)(النمل/93).
ما أجدر الإنسان ـ بالتواضع، وبأن يعرف للخالق أفضاله وقدرته .
إذا كان ثمة ما يزهو به الإنسان من جمال أو قوة أو علم أو قدرة، فإنها مؤقتة، كما إنها فضل من الله .. وإن في مقابلها لابد من شكر ومسئولية .
(من صلصال من حمأ مسنون):
في يوم لا أذكره بالضبط، من سنة 1982م، نشرت جريدة الأهرام (القاهرية) لأحد قرائها كلمة يعترض فيها على إمكانية خلق الإنسان من طين .
قال القارئ : إنه يحمل شهادة عالية، وبدا من كلامه أنه على شيء من العلم بالكيمياء، إذ قال إن الطين هو سليكات الألمونيوم، وهو مادة لا تذوب في الماء، ومن ثم لا يمكن أن تدخل في تركيب جسم الإنسان. لمثل هذا القارئ الذي ركز على التركيب الكيميائي لحبيبات الطين ونسي أن لهذه الحبيبات سطوحاً تحمل كاتيونات، وأن بينها مسافات تحتوي هواء وتمسك بماء تذوب فيه مواد، أقدّم كلامي هذا.
خلق الإنسان من طين لا يستلزم خلقه من كل الطين، وإنما يكفي أنه يخلق من أحد محتويات الطين أو من أحد مكوناته. يشبه ذلك قول أحدنا أنه يسكن في القاهرة أو أنه من القاهرة، بمعنى أنه يسكن في حي منها، بل في شارع، بل في منزل واحد.
آيات القرآن يفسر بعضها بعضاً، ويفصل بضعها ما أجمله البعض الآخر.
لهذا قالت الآية 12 من سورة المؤمنون: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين)،أي من مواد تتسلل من الطين فهي محتواة فيه. التسلل هو الحركة الخفيفة، واللص المتسلل هو الذي يتحرك فلا يراه أحد. صيغة " فعالة " تدل على الشيء يفعل فيه فعل ما، فالسلالة ما يسل ويخرج في خفاء، والسلالة ما يسلت من شيء آخر ويفصل عنه (القاموس المحيط للفيروزابادي)،والخلاصة هي ما يستخلصه وينقي مما يختلط به الطين الذي تتكون حبيباته من سيلكات الألومونيوم فيه مسافات تكون 50% من حجمه، وتحتوي ما يمكن أن يحرك ويستخلص، وهو " السلالة " التي عرفنا بالوسائل العلمية أنها ماء ذابت فيه غازات وأيونات وجزيئات صغيرة من أصل عضوي وبعض الأملاح.
ولأهمية المسافات البينية والمسام الموجودة في الطين وصف القرآن هذا الطين(صلصال كالفخار)،وذلك في الآية 14 من سورة الرحمن.
من ذا الذي لا يعرف أن الإناء الفخاري يتسلل الماء من داخله إلى خارجه فيبخر ليبرد الإناء وما فيه؟!!!
وإذا كان الماء محتوياً على ملح أو سكر مذاب ترسبت بعض بلوراته على السطح الخارجي بعد تسللها من داخله، وقيل حينئذ إن الإناء نضح بما فيه، وفي الأمثال " كل إناء بما فيه ينضح " . الصلصلة هي الرنينن وهي ترجيع الشيء للصوت إذا نقرت عليه أو قرعته كصلصلة الجرس. الفخار الجاف يصلصل لوجود الهواء في مسافاته البينيه، بينما لا تسمع صلصلة إذا نقرت على قطعة من الجرانيت الذي تكون سليكات الألمونيوم 60% منه، وذلك لتراكم حبيباته والتصاقلها بغير مسافات بينيه. كذلك لا تصلصل قطعة من حجر الإردواز، وهو صخر متحول من سليكات الألومنيوم الخالصة فقد مسافاته البينيه بالحرارة والضغط.
ولكيلا يحدث لبس، مثل الذي حدث لقارئ جريدة الأهرام، قال الله تعالى (في الآية 26 من سورة الحجر):( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)، أي من حمأ مسنون من الصلصال. وبمقارنة هذه الآية بآية 12 من سورة المؤمنون ندرك أن (الحمأ المسنون) مرادف أو بديل (السلالة من الطين). وأسلوب التعبير (.. من .. من ....)أسلوب شائع في اللغة العربية، ويقصد به التفسير والتفصيل، فيذكر المتكلم الشيء مجملاً أو كلياً ثم يتبعه التخصيص أو الجزئي، تقول مثلاً: أنا آت من القاهرة، من الروضة أي : من حي الروضة الذي هو جزء من القاهرة. هذا الأسلوب شائع وكثير الاستعمال في القرآن، من أمثلته ما يأتي :
في الآية (172) من سورة الأعراف: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم من ذريتهم.. )أي أخذ من بني آدم ذريتهم ـ أخذا من مكان خاص في ظهورهم[1]. وفي سورة الزخرف آية 33(ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة)، أي لجعلنا لمن يكفر بالرحمن سقفاً من فضة هي لهم إجمالاً ولبيتهم تفصيلاً وتخصيصاً. (الحمأ) سائل يتحرك بين حبيبات التربة الصلصالية، ومنه يتسلل الماء وبعض وبعض ما ذاب فيه إلى جذور النباتات أولاً حيث يتكون منه غذاء وحب وفواكه وثمار يأخذها الإنسان لبناء جسمه ولتعطيه الطاقة.أو يأخذها الحيوان أولاً ليكون منها اللبن والعسل وما أحله الله من مأكل وشراب للإنسان الذي تصنع به مادة جسمه وتطلق منه طاقة وحرارة.
من الواضح أن ذلك الأسلوب القرآني في التعليم والتعريف يضطر قارئ القرآن أن يتدبر المعاني ويعمل فكره ويتنقل بعقله في مخلوقات الله وكونه ليصل بنفسه إلى ما يهديه إلى الحق ـ لهذا تتساءل آية قرآنية : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )(سورة محمد/24).
طرائف لغوية:
من الطرائف العجيبة أن أتعشم أن تحظى باهتمام وعناية بعض اللغويين ما لاحظته في دراستي هذه من تشابه واضح بين بعض الألفاظ العربية وبعض الألفاظ الأجنبية في المبنى والمعنى.
أولاً: كلمة (السلالة)هي ما يتحرك في الخفاء والإذابة في الماء من أهم طرق الإخفاء. الإذابة في عدد من اللغات الأوربية يعبر عنها بكلمة " Solute" والشبه بين هذه الكلمة وكلمة (السلالة)واضح.
ثانياً: (السلالة)هي ما يسلت كما يدل على نضج الملح والسكر على سطح الإناء الفخاري. الاسم الإنجليزي للمادة المذابة القابلة للنضج هو لفظ " Solute" والتشابه في النطق بين سلاته وسوليوت تشابه لافت للنظر.
ثالثاً: المادة العضوية المتحللة التي تختلط بالتربة في كثير من اللغات الأوربية " Humus" ، والمتكلمون بهذه اللغات ينطقون (الحاء)العربية (هاء) تكتب وتنطق إذن : " همأ " أي " Humu" وإضافة حرف (S) في اللغة اللاتينية إلى آخر الكلمات تكاد تكون شيئاً ثابتاً، فنيكولا تكتب وتنطق (نيكولاس)، ويوليو تكتب وتنطق (يوليوس) . تفاعل اللغتين اللاتينية والعربية في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا في عصر النهضة (أو الإستنارة) أمر لا يمكن تجاهله، وهو العصر الذي بدأ الأوربيون فيه ينقلون علومهم عن العربية .
التسلسل والسلالة :
(التسلسل) هو التحرك في خفاء، والسلالة هي ما يحرك في الخفاء. والخفاء قد يتعلق بالشيء ذاته وقد يتعلق بالحركة، وقد يكون كلاهما خفياً.
والشيء يكون خفياً حين يكون مفرط في الصغر أو مفرط في الشفافية أو في العتامة، أو مفرط في البعد، أو حين يتخفى وراء غيره أو في ثناياه.
والحركة تكون خفية حينما تكون مفرطة في السرعة، أو مفرطة في البطء، أو حين تحدث وراء ستار، أو في الظلام ولا تكون مصحوبة بما ينم عنها كالجلبة وشدة التأثير.
وحين يكون التخفي بسبب بطء الحركة وانخفاض الصوت والتأثر، فإنه يسمى " تلطفاً " والشيء يكون لطيفاً حين يكون خفياً لخفته أو لشفافيته أو حين يتلطف في حركته وتأثيره . وفي القرآن يقول أهل الكهف ناصحين رسولهم إلى المدينة .. " وليتلطف ولا يشعرن بكم أحد " فالرسل في عالم السياسة والتجارة أدنى إلى النجاح حين يتلطفون.
إذا كان التلطف والتسلل فن يطلب إتقانه في عوالم السياسة والتجارة والعسكرية واللصوصية وفي مجتمعات المدينة، فإن عالم الطبيعة والفيزياء والكيمياء والأحياء مليء بالخفاء: خفاء الحركة وخفاء الأشياء، ولكل منها أصوله وقوانينه التي تحكمه، وعلى العالم أن يدرس ويبحث ليكشف أسرار الكون وخفاياه، ومن هنا كان العلم قوة جبارة في نفعها وضرها. فإذا كان صاحب العلم ممن أوتوا العلم والإيمان معا تيسر له أن يضفي على كل ما حوله خيراً وصلاحاً وسلاماً، أما إذا كان من الظالمين المشركين طغى وأوقد للحرب ناراً، وعاث في الأرض فساداً ودماراً.. ولكن أمره لن يخفى على من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو اللطيف الخبير.


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #177  
قديم 05-04-2008, 07:48 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضـوع ... خلق الإنسان من طين في ضوء القرآن


مداخل السلالة ومصائرها :
جزء من السلالة التي في الطين ينتهي به الأمر لتصنع من لبنات يبنى منها جسم الإنسان وتمده كذلك بكثير من الطاقة والقوى . ولكن الأجزاء الأخرى تفيد الإنسان في أغراض أخرى إذ تمنحه المتعة والمنعة وتصلح بيئته والوسط الذي يعيش فيه. ولسنا نبالغ حين نقول إن المصير النهائي للسلالة هو الرجوع إلى مصادرها الطبيعة التي منها تكونت، أو الرجوع لتكوين سلالة طينية جديدة في مستقبل الزمان.
هذا الذي يحدث للسلالة ومكوناتها من دوران يعني أن المصير والمبدأ دائماً واحد، وكأنها تعبر عما يعبر عنه كل شيء آخر في الكون يدور من شهادة بصدق القول الكريم: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)(طه/55).
أو كأنها تشهد بأنه حق قول الله : (الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون)(الروم/11).وأن الله (هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم)(الحديد/3).ولكن رحلة السلالة من الطين إلى حيث تكون جسم الإنسان، أو لتخدم أغراضه الأخرى وبيئته. أو لترجع إلى مصادرها الأصلية ولتكوين سلالة من جديد، ورحلة طويلة .. دعنا نسير معها خطوة خطوة.
أهم مداخل السلالة جذور النباتات:
لكل نبات تعود الناس أن يعتمدوا عليه لإطعام أنفسهم، وإطعام أنعامهم ودواجنهم ودوابهم جزءان رئيسيان هما : (أ) ـ جزء يمتد في الهواء فوق سطح التربة ونسميه (الجزع) أو الساق Stem، وهو يعطي فروعاً وأوراق وزهوراً وثمار. (ب) جزء يختبئ في باطن التربة، نسميه (الجذر Root) وهو يتفرع ممتداً إلى أبعاد شاسعة في جميع الاتجاهات داخل الأرض، ولهذا نسميه أحياناً(المجموع الجذري) أو الشبكة الجذرية.
وللشبكة الجذرية وظيفتان رئيسيتان:
الوظيفة الأولى:تثبيت الشجرة في الأرض، أي أنها الجهاز الذي يحتل به النبات من الأرض مستقراً يثبت به لمقاومة العوامل التي تحاول اقتلاعه واجتثاثه. ومن أهمها الرياح والعواصف والسيول، وهو ما يحدث بسهولة حين تصاب الشجرة بمرض يضعفها، أو حين يقتلعها بكاملها إنسان مفسد.
الوظيفة الثانية:استلام السلالة من الطين. وذلك أن في المجموع الجذري أماكن خاصة أسمها(الشعيرات الجذرية) هي المدخل التي يتسلل خلالها الماء وكثير مما فيه من غازات وأيونات وأملاح معدنية وجزيئات عضوية بسيطة ليستعملها النبات في أغراض شتى.
لعلنا لا نعجب بعد أن عرفنا هاتين الوظيفتين للمجموع الجذري لماذا سماه القرآن : " أصل الشجرة " في قوله تعالى : (ألم ترى كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء* تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها * ويضر الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)(إبراهيم /24ـ 25).
وفي الطب نسمي العلاج " جذرياً " حين نستأصل الجزء المريض كله ونزيل أسباب المرض. ولعل الأولى باسم " العلاج الجذري " لمشاكل الإنسان ذلك العلاج الذي ينصح به القرآن حين يقول: (.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..)(الرعد/11)، ذلك أن ما بالنفس هو الأصل المختبئ الذي تنجم عنه المظاهر المشاهدة والسلوك والأفعال المؤثرة، فإن كان ما بالنفس طيباً نتج عنه بإذن الله كل خير، وإن كان خبيثاً نضح خبيثاً ثم هلك سريعاً.
وللمجموع الجذري وظائف إضافية ليست عامة في كل النباتات. وإنما يميز كل منها مجموعة من النباتات . من هذه الوظائف الإضافية:
الوظيفة الثالثة:إخراج الأشطاء. والأشطاء جذوع وليدة تخرج فوق سطح التربة إلى جوار جذع شجرة قديمة مشتركة معه في الجذر والأصل، وبذا تصبح أشجاراً من أصل واحد، قد يهلك الجذع القديم فيبقى الجديد حياً والأصل مستمراً. إخراج الأشطاء إذن يشكل أحد طرق التكاثر. وتتميز بها بعض النباتات كالنخيل والموز والبلوط وكثير من أنواع الأشجار غابات المناطق المتعدلة.ويتكلم القرآن عن أخراج الأشطاء ضارباً منه مثلاً للمسلمين في تآزرهم وتراحمهم وتوحدهم حول كلمة التقوى : (.. ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآذره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار* وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)(الفتح/29).
الوظيفة الرابعة: تخزين الغذاء: في هذه الأنواع من النباتات تكون بعض أجزاء الشبكة الجذرية هي الأجزاء الرئيسية فيه التي تؤكل ويتخذ الناس منها طعامهم. من أمثلتها درنات البطاطس والبطاطا، ورؤوس البنجر واللفت والفجل والقلقاس.
الوظيفة الخامسة : الربط بين حبيبات التربة، لتثبيتها ووقايتها من تأثير رياح يمكن أن تذروها أو ماء يمكن أن يجرفها، لعل مما يجب على الناس معرفته وقد كاد تكاثرهم وتزاحمهم غير متوازي يقضي على الأرض الزراعية أن أول خطوة في تعمير(تعمير الصحارى)قد تكون تثبيت الكثبان الرملية بنباتات ذات شبكات جذرية كبيرة لا تحتاج إلى ماء كثير. إن كثيراً من الأراضي الزراعية التي كانت خصبة فقدت خصوبتها أو إنتاجيتها بسبب الإسراف في الاستفادة منها إلى حد اقتلاع الجذور أو تركها لإعداد كبيرة من حيوانات الرعي تدكها أو بنيان مدة عليها أو قريباً منها، أو تجريفها، أو إهمال العناية بها ..!!
الوظيفة السادسة: إثراء التربة بالمواد العضوية والكائنات الحية: بعض خلايا الجذور رقيقة تموت وتعوض بخلايا جديدة، وتجذب الخلايا المنفصلة والميتة كائنات كالبكتريا وبعض أنواع الفطر لتتغذى عليها وتسد الدين بتحويل المواد العضوية فيها إلى مواد ذائبة يعاد امتصاصها أو تسري بين حبيبات التربة فتحسن من خواصها ونسيجها، وتزداد خصوبتها بذلك.
الوظيفة السابعة:الإفراز: خلايا الجذور القديمة تفرز على سطحها مواد كيتينية أو فلينية أو قلفية لتحمي الجذور من عوامل الاحتكاك ومن حيوانات وبكتريا التربة التي لا يرغب في غزوها. وتفرز الجذور في التربة مواد خاصة تحقق التوازن وتحمي التربة والبيئة ... فهي عمليات هادفة خيرة .
مداخل أخرى للسلالة :
ليس دخول السلالة خلال شعيرات الجذور أمراً لا استثناء فيه، ففي النباتات المائية تدخل السلالة من السوق أو الأوراق المغمورة في الماء. بعض النباتات الطفيلية تخرج من سوقها أجهزة ماصة تمتص السلالة من عصارة النباتات العائلة. تتعايش جذور بعض النباتات مع بعض أنواع البكتريا وخيوط الفطر التي تعتبر مداخل إضافية لبعض مكونات السلالة. هذه الاستثناءات قليلة ولكنها ذات معنى وفائدة، فكأنها تقول إنه لا شئ يعجز الخالق أو يلزمه، فهو على كل شيء قدير، وكل ما شاء يكون. وهو لا يريد إلا خيراً، وإن كان بعض الناس يعمى عن حكمته وخيره.
وعن أثر الماء في إشعال جذوة الحياة والإنبات وفي محتويات التربة الهامدة يقول القرآن .. وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج)(الحج/5) . ولعل الانتحال في النبات يقرب إلى عقولنا فهم بعض ميول الإنسان العسيرة الفهم. إن شيئاً ما في الإنسان يدفعه للنمو والترقي، بينما شئ آخر يثقله ويخلد به إلى الأرض أو يهوي به إلى الحضيض، وشيء ثالث في الإنسان حائر بينهما وعليه يختار الانحياز إلى أحد الدافعين، ولذا فهو دائماً في صراع بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء. دعنا نوضح الأمر فنقرر أن الإنسان في صراع دائم بين غاية تستهدفها الروح وفيها سعادتها، وغاية يستهدفها الجسد وفيها لذته، وإنها لحيرة كبيرة يعانيها الإنسان بين أتباع الحق وإتباع الهوى الذي يزينه الشيطان : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ {175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {176} سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ)(الأعراف: 175ـ177).
الفرق بين الإنسان والنبات في هذا الأمر هو أن التوازن في النبات بين الساق المتسامي إلى النور والجذر الضارب في الأرض، قد حدث، فتحققت بينهما مصالحة وتعاون. من الممكن للإنسان أن يحقق تصالحاً بين حاجات الروح وضروريات الجسد دون أن يسمح لأحدهما أن يطغى على الآخر وعندئذ يفلح ويسعد. إن المحنة والشقاء يحدثان حين يختل التوازن بينهما ويكون من الطغيان أن يطلب الجسد أن يكون له السمو والخلود وأن تفتعل للمادة بعض صفات الروح.. يا ويل الإنسان من الإسراف والترف والاستكبار بغير الحق، ويا ويله من الجهل وعمى البصيرة..!!
يقدم الساق والجذور للإنسان درساً آخر، وهو لو أن زمام الأمور كان في يد العوامل الفيزيائية أو الكيميائية وحدها لكان من الطبيعي أن يتضخم الساق وفرعه وأن يعجز الجذر عن النمو والتثبيت. ذلك أن الساق ينمو في الهواء، والهواء لطيف بطبعه لا يشكل أي مقاومة ضد الساق وحركاته، ولكن الجذور تتحرك ضد مقاومة واحتكاك شديدين، ولتتغلب عليهما لابد أن تتسلح بقوة شديدة وأن تعان باحتياطات لا يمكن ألا أن نصفها بالذكاء والعقل والحكمة والقدرة، وهي ليست من صفات الطبيعة الميتة أو الجماد ولا يمكن أن تكون نتاجاً للتخبط والعشوائية. يتجه الجذر الابتدائي في نموه نمواً عمودياً وكأنه يشير إلى مركز الأرض، فإذا وجد عائقاً قوياً انحرف عنه ليتحاشاه ثم عاد إلى الاتجاه العمودي من جديد.
من الجذر الابتدائي تخرج فروع ثانوية تأخذ اتجاها مائلاً، أي نحو الجوانب والأسفل. ثم تخرج منه فروع ثالثة تأخذ اتجاهاً أفقياً، ومن هذه الفرع تخرج فروع تمتد في جميع الاتجاهات فتشق طريقها بين حبيبات التربة وتدخل في شقوق الصخور وفي أنفاق صنعتها الديدان والحشرات باحثة عن السلالة، وبذا تتكون شبكة طويلة عجيبة تنتشر في رقعة واسعة ليكون إمساكها بالأرض قوياً.
يجب أن نعرف أن الماء الذي يدخل في تركيب المادة العضوية في النبات لا يجاوز عادة 1% من الماء الذي ينزل على التربة. أما الباقي (99%) فإنه يتبخر من التربة مباشرة أو بعد دخوله جسم النبات، ويكون معظمه قد تبخر عندئذ عبر ثغور في أوراق النباتات (وهو ما يسمى بالنتح)، أو يتسرب إلى أعماق الأرض مكوناً المياه الجوفية، أو رشاحات الصرف، أو تستعمله الكائنات الحيوية الدقيقة والصغيرة في التربة، وكذلك الجراثيم الهادمة للبكتريا والطحالب والفطريات، وكذلك البذور القديمة التي كانت في سبات مؤقت. لا غرو أن تشير آيات القرآن إلى كثير من هذه الوظائف، ولكن بطريقة يتعذر على غير العلماء إدارك أعماقها، فعلى قدر العلم يكون النور من الله فضلاً ورحمة، ونذكر من هذه الآيات:
(وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض...)(المؤمنون/8). (ألم ترى أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض..)(الزمر/21). (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء أهتزت وربت* إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير)(فصلت/39)، (.. وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا تؤمنون)(الأنبياء/30). (والله خلق كل دابة من ماء ..)(النور/45). (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء..)(الأنعام/99).(والله الذي أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها..)(النحل/65). (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة..)(الحج/63). (ألم ترىأن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها..)(فاطر/27). (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون)(الواقعة/68ـ69). (... فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)(الحجر/22). (الأرض بعد ذلك دحاها* أخرج منها ماءها ومرعاها)(النازعات /30ـ31).
(وهو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون)(النحل/10). (..وأنزلنا من السماء ماء فأخرج به الثمرات رزقاً لكم.. )(البقرة/22،إبراهيم/32).
من الإحصائيات الطريفة التي قام بحسابها بعض العلماء أن (5000)رطل من ماء المطر تكفي لإنبات كمية من الحشائش تكفي لتكوين (1)كيلوجرام من اللحم. وما نحب أن نؤكده للقارئ أن كلاً من ماء التبخر وماء النتح والماء المتسرب إلى جوف الأرض، يؤدي للإشجار والنباتات وظائف ذات أهمية تقارب أهمية تكوين المواد العضوية.
مصائر السلالة في النبات:
بعد تسلل السلالة من الطين إلى النبات عبر مداخلها في الشعيرات الجذرية، أو الجذور المستعادة، تتعدد مصائرها:
1. فجزء يحتفظ به النبات في خلاياه.
2. وجزء يدخل في تفاعلات كيميائية وتغيرات فيزيائية تسمى في مجموعها " عمليات الأيض، أو التمثيل الغذائي". ذلك أن أهم أهدافها هو أن تتحول إلى مواد تماثل المواد التي يتركب منها جسم النبات. فبرغم أن السلالة التي تمتصها الشجرة هي نفس السلالة التي يمتصها عشب القمح المجاور لها، إلا أنها في التفاح تتحول إلى أوراق وأزهار وثمار شجر التفاح، بينما هي في القمح تكون السنابل والبر والأعماد والقش الذي نعرفه لأعشاب القمح.
3. وجزء ثالث يتبخر إلى الهواء في عملية تسمى عملية النتح، وهي تبخير متحور.
ومهما كان المصير النهائي للسلالة فإننا لا نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا قلنا إن عليها أن تذهب إلى الأوراق، فهي هدفها الأول أو الرئيسي، لأن الأوراق الخضراء هي الأعضاء التي يتم فيها النتح، والتي يتم فيها أول عمليات التمثيل الغذائي: وهي عملية التخليق الضوئي.
الصعود إلى الأوراق والتبخر:
إننا نقف أما عملية صعود السلالة إلى قمم الأشجار مشدوهين متعجبين، فإن بعض الأشجار ترتفع فوق سطح الأرض أكثر من مائة متر، بينما تمتد جذورها إلى أعماق الأرض لأكثر من عشرة أمتار أحياناً. أية قوة تلك التي تدفع السلالة المائية لأكثر من مائة متر ضد الجاذبية الأرضية وليس في الشجرة مضخة تشبه قلب الإنسان أو الحيوان، وليس بها عضلات تنقبض وتدفع، كما يحدث في الأمعاء والحالب والأوعية الدموية؟!
المصائر والمصادر:
تبعاً لمبدأ الدوران والدورات الكونية لابد أن تتلاقى وتتوحد المصادر والمصائر. على أن الدورة قد تكون محلية وقد تكون واسعة كونية، وقد تأخذ وقتاً وجيزاً وقد تحدث في ملايين السنين.بعض المعرفة عن هذه الدورانية قد يفيدنا في تحاشي أضرار حدوث نقص المعادن على خصوبة الأرض وعلى النبات والحيوان وفي علاجها إذا حدثت، ولا شك أن القيام بالوقاية والعلاج يعتبر من أهم الواجبات التي واثق الله عليها البشر إذ استخلفهم في الأرض وسودهم عليها ـ ذلك الميثاق الذي نزلت به الرسالات السماوية: (.. قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره، هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروا ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب)(هود/61).
كلمة " استعمركم " تعني أنه طالبكم بعمارتها أو كلفكم أو ألزمكم بها. حين ندرس الرسالات السماوية ومنهجها نجدها في الحقيقة خير أسلوب وخير ضمان لإصلاح الأرض والبيئة وحياة الإنسان، أفراداً وجماعات. وسوف نرى والأدلة كثيرة على أن الخالق يمن على الإنسان بالأنعام والخير، وأن الإنسان هو الذي يفسد حياته بكسبه السيء، الأمر الذي يلزمه بالرجوع عن كسبه إلى الفطرة الأولى بعد تفهم كيفية انزلاقه إلى الأخطاء، وهو حقيقة الاستغفار. يقول القرآن ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم)(الأنفال/53).
ويقول عن عبرة التاريخ : (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات * أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)(التوبة/70).
يسهل إثبات مبدأ الدوران الكوني وتوضيح آثاره الخيرة في الغابات والمجتمعات الفطرية. فحينما تسقط أوراق الشجر وقلفها وثمارها وما مات من أجزائها على الأرض فإن الشجرة بذلك تكون قد أعادت إلى التربة كثيراً مما أخذته من عناصرها، بل إنها تكون في الحقيقة قد قامت بتقليب الأملاح في التربة إذ تأخذ الجذور من الأعماق وتعيدها الأجزاء المتساقطة إلى السطح لتكون في متناول الجذور القصيرة والنباتات الناشئة أو الضعيفة. وأوابد الحيوانات التي تعيش في الغابات تنتقل بين أرجائها تعيد إلى تربة الغابة كل ما أخذته النباتات من مائها وهوائها وأملاحها، بل وضوئها وطاقتها ونتاج عمل كل أحيائها. بل إن التربة أو البيئة تتحسن في الحقيقة، وسنرى أن هناك قوانين تحكم التوازن والعلاقات بين أحياء التربة، خفيها وظاهرهها، وقوانين تحكم نظاماً للتابع يرقى بالغابة فتنموا أفقياً ورأسياً.
وبحكم هذه القوانين تحتفظ الغابة في تربتها أو في أحيائها بمعظم ما امتصته الأجيال المتعاقبة من أوراق من طاقة الشمس وما امتصته البكتريا من نيتروجين الجو، وما ثبته البرق من هذا النيتروجين، وما أنزلته السحب من ماء وتراب، وما أتت به الأنهار والسيول من ماء وصلصال وثروات معدنية، وبذا تصير الغابات مخازن هائلة للصلصال والأملاح والطاقة والمواد العضوية ونتاج عمل الحياة وكل كائناتها عبر أزمان طويلة. وحتى إذا احترقت بعض أجزاء الغابة أو فسدت بسبب كارثة ما فإنها لا تلبث حتى تصلح ذاتياً وإن طال الزمن.
تبدأ المشاكل مع ظهور الإنسان وأنعامه، ولا تكون المشكلة بذات شأن طالما عاش الناس في مناطق الحشائش والمروج عيشة طبيعية : تعود بقاياهم وبقايا حيواناتهم كلها إلى الأرض فلا تكاد التربة تفقد شيئاً. في هذه الحالات يكون عدد السكان قليلاً وحياتهم بسيطة سوية ويكون الاستهلاك معتدلاً والإصلاح ذاتياً بل إن الترقي يحدث تلقائياً.
في المجتمع الزراعي التجاري، الذي يقوم بتصدير محصولاته والذي يستهويه بعد ذلك الثراء والترف والإسراف، تفقد الأرض أملاحها وتفقد النباتات ما صنعته إذ يرسل بعيداً عن المنطقة. ويزداد الأمر سواء مع ما يقود إليه الإسراف والترف من البحث عن المال بإجهاد الأرض وتكليفها ما لا تطيق، وتصدر مع المحاصيل لحوم النعام وألبانها وأصوافها وعظامها، أي أملاح التربة وموادها العضوية.. يزرع المسرفون الأرض أكثر من مرة في العام وتروى صناعياً وبكثرة من المياه الجوفية أو الماء الآتي مع الأنهار من مصادر بعيدة، فيفلت الزراع بعد ذلك من حكم نظام المطر الذي يجبرهم على الاعتدال والتراوح بين الترف والشظف. وزيادة الري والمصارف تزيح كثيراً من أملاح التربة بعيداً عنها لتصل في النهاية إلى المحيطات والبحيرات البعيدة.
تنشأ قريباً من هذه المجتمعات المدن بمصانعها ومتاجرها وتزاحم سكانها، ثم تزحف على الأرض الزراعية فتنتقص من مساحتها ويؤخذ طينها وصلصالها ليحول إلى طوب وأواني فخارية بإحراقه، ويقل عدد الذين يخدمون الأرض، وتقل الثروة الحيوانية التي تخدم الأرض كذلك، فتبدأ التربة في التدهور. وهنا يحتاج الزارعون إلى علوم الزراعة والعناية بالأرض وإلى التسميد ووقاية النبات ويحتاجون إلى حسن اختيار ما يزرعون وإلى تحديد الكميات. وسوف يجد المفكرون منهم أنهم يحتاجون ـ أكثر ما يحتاجون ـ إلى محاسبة أنفسهم خطأ في التقييم أو الحكم ـ أم هي أخطاء يسلم بعضها إلى بعض في دورة شريرة مفزعة.
(.. قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك * قال إني أعلم ما لا تعلمون )(البقرة/30)، (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين)(فصلت/10)، صدق الله العظيم.
[1] في سورة النور: آية 43 يقول الله تعالى : (وينزل من السماء من جبال فيها..)
  #178  
قديم 05-04-2008, 07:51 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الإعجاز العلمي في حديث الثلث

د. عبد الجواد الصاوي
روى الترمذي في صحيحه(1) عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِن بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ
فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ * كما رواه ابن ماجه في سننه(2) عن نفس الصحابي: الْمِقْدَامَ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ * ورواه الإمام أحمد في مسنده عن نفس الصحابي أيضًا(3).
أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث إلى عدة حقائق، فقد شبه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المعدة (المشار إليها في الحديث بالبطن) بالوعاء. وأخبر النبي أن ملء هذا الوعاء بكثرة الأكل شر على الإنسان. ونصح بالاكتفاء من الطعام على قدر الاحتياج، وقسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجم المعدة إلى ثلاثة أقسام وأخبر أن أكبر كمية من الطعام والشراب يمكن أن يتناولها المرء عند الحاجة الملحّة هي مقدار ما يملأ ثلثي حجم المعدة. وأخبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ترك ثلث حجم المعدة خاليًا من الطعام والشراب ضروري لنَفَس الإنسان. وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقائق وأيدها، وتقسيم حجم المعدة إلى ثلاثة أثلاث: ثُلُثين للطعام والشراب، وثُلُثٌ للنَّفَس، لم يُذكر سُدًى في هذا الحديث بل لحكمة بالغة تجلت ووضحت في هذا الزمان، فإذا سأل سائل لماذا هذا التقسيم وتحديده بالثُّلُث؟ ثم كم مقدار هذا الثُّلُث؟ وما الذي يحدث إذا تجاوز المرء ولم يلتزم بهذا التوجيه النبوي؟ ـ أمكن إجابته على ضوء المعارف الطبية الحديثة، وفي هذا المقال سأحاول الإجابة على هذه الأسئلة وفق ما استقر من حقائق اكتشفت حديثًا في مجال علم التشريح ووظائف الأعضاء معتمدًا على الركائز التالية:
1 ـ شرح بعض علماء المسلمين للحديث.
2 ـ إيراد أبرز المعارف العلمية الحديثة المتعلقة بموضوعه.
3 ـ إبراز وجه الإعجاز العلمي في هذا الحديث العظيم.
أولاً: أقوال شُرّاح الحديث
1 ـ أضرار امتلاء المعدة:
لقد تعددت مظاهر استنباط العلماء للحِكَمِ الصحية في هذا الحديث، فقد أفرد ابن القيم في الطب النبوي فصلاً حول هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الاحتماء من التخم والزيادة في الأكل على قدر الحاجة، والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشرب فقال(4): (والأمراض نوعان: أمراض مادية تكون عن زيادة مادة: أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية، وهي الأمراض الأكثرية. وسببها: إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم؛ والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة. فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية، واعتاد ذلك ـ أورثته أمراضًا متنوعة، منها بطيء الزوال أو سريعه. فإذا توسط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.
فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن. هذا إذا كان دائمًا أو أكثريٌّا وأما إذا كان في الأحيان، فلا بأس به؛ فقد شرب أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ بحضرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من اللبن، حتى قال: (و الذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكًا)؛ وأكل الصحابة بحضرته مرارًا حتى شبعوا. والشبع المفرط يضعف القوى والبدن، وإن أخصبه. وإنما يقوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء، لا بحسب كثرته).
وقال الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي(5): (روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (أصل كل داء البردة)، وروي أيضًا عن ابن مسعود. والبردة: التخمة، لأنها تبرد حرارة الشهوة، فينبغي الاقتصار على الموافق الشهي بلا إكثار منه. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاء شرٌّا من بطن، بحسب ابن آدم أُكُلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه). وأُكُلات جمع أُكُلة، وهي اللقمة، وهذا باب من أبواب حفظ الصحة.
وقال عمر ـ رضي الله عنه: (إياكم والبطنة، فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم والقصد فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين) رواه أبو نعيم. واعلم أن الشبع بدعة ظهرت بعد القرن الأول، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) (متفق عليه)، ولا تدخل الحكمة معدة ملئت طعامًا، فمن قل طعامه قل شربه، ومن قل شربه خف منامه، ومن خف منامه ظهرت بركة عمره، ومن امتلأ بطنه كثر شربه، ومن كثر شربه ثقل نومه، ومن ثقل نومه محقت بركة عمره، فإذا اكتفى بدون الشبع حَسُنَ- اغتذاء بدنه، وصلح حال نفسه وقلبه.
ومن تملى من الطعام ساء غذاء بدنه، وَأَشِرَت نَفْسُه وقسا قلبه، فإياكم وفضول المطعم فإنه يَسِمُ القلب بالقسوة، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويصم الأذن عن سماع الموعظة).
2 ـ المعدة: ثلاثة أقسام
قال ابن القيم: ومراتب الغذاء ثلاثة (أحدها): مرتبة الحاجة؛ (والثانية): مرتبة الكفاية؛ (والثالثة): مرتبة الفضلة. فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوته ولا تضعف معها؛ فإن تجاوزها: فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثالث للنفس.
وهذا من أنفع ما للبدن والقلب؛ فإن البطن إذا امتلأ من الطعام، ضاق عن الشراب. فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، وصار محمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل. هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وَكَلِّ الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع(4).
وقال الحافظ ابن حجر(6): قال القرطبي في (شرح الأسماء): لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة. وقال الغزالي قبله في (باب كسر الشهوتين) من (الإحياء): ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال: ما سمعت كلامًا في قلة الأكل أحكم من هذا. ولا شك في أن أثر الحكمة في الحديث المذكور واضح، وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنها أسباب حياة الحيوان، ولأنه لا يدخل البطن سواها. وهل المراد بالثُّلُث التساوي على ظاهر الخبر، أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة؟ محل احتمال، والأول أولى.
ثانيًا: الطرح العلمي
المعدة: التركيب والوظيفة (11)
المعدة هي جزء متســع من القناة الهضمية وتقـع بين المريء والأمعــاء الدقيقــة ويقــع معظمها تحت الغشــاء المبطن للضلـوع، وتتمثل على ظاهر البطن في المنطقة الشراسيفية (Epigastric Region)، ومنطقة السرة ومنطقة الربع الأيسر الأعلى من البطن انظر الشكل (1) وتحيط بها من الداخل الأعضاء التالية:

شكل (1): يبين موقع المعدة على ظاهر البطن يمكن الضغط على الصورة لتكبيرها
من الأمام: الفص الأيسر من الكبد وجدار البطن الأمامي. ومن الخلف: الجزء الباطني من الشريان الأورطي والبنكرياس والطحال والكلية اليسرى والغدة الكظرية.
ومن أعلى: الحجاب الحاجز والمريء والفص الأيسر من الكبد
ومن الأسفل: القولون المستعرض والأمعاء الدقيقة.
ومن الأسفل لليسار: الحجاب الحاجز والطحال.
ومن الأسفل لليمين: الكبد والاثنا عشر انظر الشكل (2)
شكل (2): أ،ب يبين المعدة والأعضاء المحيطة بها

وتتصل المعدة بالمريء عند الصمام الفؤادي Cardiac Sphincterوهذا يمنع رجوع الطعـــام إلى المــريء كما تتصـــل بالأمعاء الدقيقة عند صمـــام البواب والذي يقفل عندما تحتوي المعدة على الطعام، ويقسم علماء الطب المعدة إلى ثلاث مناطق:
قاع المعدة Fundus، وجسم المعدة، ومنطقة الغار البوابي Pyloric Antrum، انظر الشكل (3) وتصــــل للمعــــــدة الأعصاب الودية Sympathatic nervesمن الشبكة البطنية Coeliac Plexusوهي المسؤولة عندما تثار وقت الشدة في تثبيط حركة الأمعاء وتثبيط إفراز العصارة المعدية، بينما تصل إليها الأعصاب نظيرة الودية Parasympathatic nervesمن العصب المبهم Vagus nerveوهي المسؤولة عن تنشيط حركة الأمعاء وتنشيط إفراز العصارة المعدية، ويتجمع الطعام في المعدة في هيئة طبقات يبقى الجزء الأخير منه في قاع المعدة لبعض الوقت ثم يخلط بالعصارة المعدية بالتدريج كما يبقى لبعض الوقت أيضًا لإضافة العصارة الحمضية على الطعام لوقف عمل أنزيمات اللعاب Salivary Amylase
شكل (3) منظر داخلي للمعدة يبين أقسامها الثلاث وصماماته
شكل رقم(4) الغشاء المبطن للمعدة عندما تكون فارغة أضغط على الصور لتكبيرها

ويتركب جدار المعدة من ثلاث طبقات من العضلات: طبقة خارجية من ألياف عضلية طولية، وطبقة متوسطة من ألياف عضلية مستديرة، وطبقة داخلية من ألياف عضلية مائلة، وهذا التنظيم يسمح بالحركة الطاحنة المميزة لنشاط المعدة بالإضافة إلى حركتها الدودية، وتتقوى العضلات المستديرة في منطقة الغار البوابي والصمام البوابي؛ وذلك لإحكام إغلاق هذين الصمامين وقت الحاجة، أما الغشاء المبطن للمعدة فيكون في ثنيات طولية أو تجاعيد عندما تكون المعــدة فـارغة، وعند امتلائها تزول هذه التجاعيد وتصبح بطانة المعدة ذات ملمس مخملي، انظر الشكل (4)، وتحت هذا الغشاء توجد غدد عديدة لإفراز العصارة المعدية، وتفرز المعدة حوالي لترين من هذه العصارات في اليوم.
ويعتمد إفراغ المعدة على نوعية الطعام بداخلها؛ فوجبة الكربوهيــدرات تـترك المعــدة بعد 2 ـ 3 ساعات، بينما تتأخر وجبة البروتينات إلى فترة أطول، وأما وجبة الدهنيات فتمكث فترة أطول منهما.
الحجم الأقصـى للمعدة:
يختلف حجم المعدة بحسب كمية الطعام التي تحتويها. فحينما يدخل الطعام إلى المعدة نجدها تنتفخ تدريجيٌّا للخارج مستوعبة كميات أكبر وأكثر من الطعام ـ حيث تتمتع الألياف العضلية الملساء في المعدة بخاصية المرونة ـ حتى تصل إلى أقصى حد لها وهو حوالي لتر ونصف اللتر. ويظل الضغط داخل المعدة منخفضًا حتى تقترب من هذا الحجم(12) بناء على قانون لابلاس القائل بأنه كلما ازداد قطر الجسم كلما ازداد التقعر في جداره، فلا تسبب زيادة قطر المعدة ارتفاعًا في الضغط داخلها إلا بدرجات ضئيلة جدٌّا(13)، وبما أن حجم المعدة حوالي 1500 لتر يمكن تقسيم حجم المعدة إلى ثلاثة أقسام متساوية سعة كل قسم نصف لتر (500مل).
ثلث حجم المعدة الفارغ ضروري لِنَفَسِ الإنسان
هناك علاقة حيوية بين المعدة والتنفس حيث تكمن المعدة في الجزء العلوي من التجويف البطني تحت الحجاب الحاجز مباشرة وتستقبل الطعام بعد مضغه وبلعه ومروره بالمريء. وللمعدة قدرة كبيرة على تغيير حجمها، فهي تبدو صغيرة عندما تكون فارغة، وتتمدد كثيرًا بعد تناول وجبة كبيرة، وعندئذ يشعر الإنسان بعدم الراحة وصعوبة في التنفس، ويعني ذلك أن المعدة قد امتلأت أكثر من اللازم حتى أصبحت تشغل حيزًا يزيد عن المعتاد فضغطت على الحجاب الحاجز. فأوجد هذا صعوبة في تقلصه وإعاقته عن الحركة إلى أسفل بالقدر اللازم لحدوث تنفس عميق. أ.هـ (9).
دورة التنفس وعلاقتها بالمعدة(11)
تتكون دورة التنفس من الشهيق والزفير وفترة راحة بينهما، ويتسع القفص الصدري أثناء الشهيق نتيجة لنشاط عضلي ـ بعضه إرادي وبعضه غير إرادي ـ والعضلات الرئيسة التي تتحكم في التنفس الطبيعي الهادئ هي العضلات بين الأضلاع وعضلة الحجاب الحاجز، أما في التنفس الصعب أو العميق وهو تنفس طارئ فتتدخل فيه عضلات الرقبة والصدر والبطن.
ويشكل الحجاب الحاجز فاصلاً بين التجويف الصدري والبطني؛ فهو يمثل أرضية للتجويف الصدري وسقفًا للتجويف البطني، ويقع في مقابل الفقرة الصدرية الثامنة في حال ارتخائه، وعندما تنقبض عضلته يتسع التجويف الصدري في الطول وذلك لاتصالها بالضلع الأول الثابت في الصدر، وعندئذ يقع الحجاب الحاجز مقابل الفقرة الصدرية التاسعة، انظر شكل (5) كما يتسع التجويف الصدري من الجانبين والأمام والخلف بسبب انقباض العضلات بين الضلوع، وهذا الاتساع يؤدي إلى انخفاض الضغط داخل التجويف الصدري وارتفاعه داخل التجويف البطني، وعندما تزداد سعة القفص الصدري بواسطة هذه الانقباضات العضلية تتحرك الجنبة الجدارية Paraital Pleuraمع أسطح الصدر والحجاب الحاجز، وهذا يؤدي إلى خفض الضغط داخل التجويف البللوري فتتمدد الرئتان.
ويؤدي تمددهما إلى انخفاض الضغط داخل الحويصلات والممرات الهوائية فيندفع الهواء إليهما لكي يتعادل ضغط هواء الحويصلات الهوائية مع الضغط الجوي. وقد وجد أن انخفاض هذا الضغط 1سم/ماء. ورغم أنه انخفاض طفيف إلا أنه كاف ليحرك حوالي نصف لتر من الهواء إلى الرئتين في خلال ثانيتين وهي المدة اللازمة للشهيق(13). انظر شكل (6)، كما أن انخفاض هذا الضغط داخل التجويف الصدري يساعد في رجوع الدم الوريدي غير المؤكسد إلى القلب ويعرف بمضخة التنفس. Respiratory pumb
حجم هواء التنفس
تذكر المراجع الطبية الحديثة أنه مع كل شهيق وزفير في التنفس الطبيعي تدخل إلى الرئتين وتخرج منها حوالي500 ملليمتر من الهواء مع كل تنفس(11) وبما أن هذه الكمية تدخل وتخرج بانتظام كمد البحر فإنها لذلك تسمى الحجم المدي(Tidal Volum) وهو يقدر بجهاز خاص لقياس كمية الهواء المتبادل في عملية التنفس يسمى مقياس النفس( spirometer14).
الطعام وكيف يستفيد منه الجسم؟
يتكون الطعام الذي نأكله من البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون، والفيتامينات مخلوطة بأثر بسيط من معادن الأرض، ولقد هيأها الله سبحانه في صور شتى، وألوان مختلفة، وطعوم جذابة، ليتناولها الإنسان بشغف.
ويستفيد الجسم من الطعام بتحوله إلى مكوناته الأولية وتحرر الطاقة الكامنة فيه بين جزئيات مواده وذراتها عبر عملية تسمى بالتمثيل الغذائي؛ والتي يمكن تلخيصها بعمليتي البناء والهدم. ففي عملية البناء تستخدم مكونات الغذاء المختلفة بعد تحللها بالعصارات الهضمية وامتصاصها في بناء الخلايا الجديدة، والمركبات الحيوية المختلفة، وفي عملية الهدم يقوم الجسم بحرق مكونات الطعام بخطوات دقيقة ومتدرجة حيث تؤكسد فيها: الكربوهيدرات، والبروتينات والدهون، منتجة ثاني أكسيد الكربون، والماء، والطاقة. ويستفيد الجسم من الطاقة التي حصل عليها في تشغيل أجهزته المختلفة، وفي الحركة، وفي إنتاج الحرارة اللازمة لحفظ درجة ثابتة لا تتغير، وما يزيد عن حاجته منها يخزن في مخازن خاصة تستجلب عند الحاجة إليها.
مصير الطاقة الفائضة
تفيض الطاقة عن حاجة الجسم الفعلية وتختزن في داخله، إما على هيئة مواد غذائية مكثفة تنطلق منها الطاقة الكامنة فيها عند أكسدتها، كالدهون المختزنة تحت سطح الجلد وداخل الجسم، والبروتينات المختزنة في العضلات وخلايا الأنسجة الأخرى، والجليكوجين المختزن في الكبد والعضلات، ويتم اختزان الطاقة على هذه الهيئة أثناء المرحلة المتوسطة من التمثيل الغذائي، حيث تكون المركبات الكيميائية الناتجة من السكريات والأحماض الأمينية والدهون متشابهة إلى حد بعيد, ويمكن عندئذ تحويل كل منها للآخر ومقادير هذه الطاقة المختزنة في الشخص البالغ الذي يزن 70 كجم تصل إلى 166 ألف كيلو كالوري تشكل الدهون فيها أعلى نسبة، وهذه الطاقات تكفي لحياة الإنسان من شهر إلى ثلاثة شهور لا يتناول فيها طعامًا قط.
العلاقة بين تمدد الرئتين والغشاء البلّوري المحيط بهما
شكل (5): يبين الجزء السفلي من الرئة الذي يتمدد فيسمح بدخول هواء الشهيق عندما يهبط الحجاب الحاجز أضغط على الصورة لتكبيرها

أو تختزن الطاقة في روابط كيميائية لبعض المركبات ذات القدرة على اختزان كميات هائلة منها في المرحلة الأخيرة من الهدم، حيث تتحول جميع المركبات الكيميائية إلى ثاني أكسيد الكربون وذرات الهيدروجين التي تتأكسد لتكون الماء، وتطلق الطاقة من هذه التفاعلات، ولا تستطيع الخلايا أن تستخدمها مباشرة، ولكنها تختزن في مركبات فوسفورية عالية الطــاقة، وخـــير مثــال لهذه المركبات هو مركب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP)، والذي يعتبر المخزن الرئيس للطاقة في الجسم، حيث تختزن الطاقة في هذا المركب العجيب حسب عدد روابطه الفوسفاتية، فالرابطة الثلاثية تختزن كمية أكبر من الرابطة الثنائية، والثنائية أكبر من الأحادية، وتنطلق الطاقة منه على مراحل حسب رابطة الفوسفات أيضًا، فعندما تتحول إلى أدينوزين ثنائي الفوسفات (A D P) تنطلق منه الكمية الأولى، وتنطلق الكمية الثانية عندما يتحول إلي أدينوزين أحادي الفوسفات (A M P)، ثم يرجع المركب مرة أخرى إلى صورتيه ـ بعدما تحمل ذرات الأكسجين فيه مزيدًا من الإلكترونات ـ مختزنًا بذلك كميات هائلة من الطاقة أثناء عملية الهدم، ليمد بها العمليات الحيوية في خلايا الجسم أثناء مرحلة البناء، وهكذا دواليك.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـع
  #179  
قديم 05-04-2008, 07:54 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع ..... الإعجاز العلمي في حديث الثلث



إن الجزيء الواحد من الجلوكوز عندما يدخل إلى فرن الاحتراق في الخلية Mitochondriaينتج 38 جزيئًا من مركب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات.
وإذا علمنا أن الجزيء الواحد من هذا المركب يختزن طاقة من10 ـ 12 كيلو كالوري
فانظر كم يعطي جزيء الجلوكوز الواحد من الطاقة المختزنة؟ وهل تتخيل كم يعطي الجرام منه، أو عدة جرامات؟ إنها أرقام فلكية! وهذا يمثل فقط (40%) من الطاقة المتحررة من جزيء الجلوكوز الواحد، أما الباقي وهو(60%)، فتنطلق كحرارة تنظم درجة حرارة الجسم.
هذا بخلاف ما يعطيه الجرام منه من السعرات الحرارية ومقدارها 4,1 ك.ك
ويعتمد عدد جزيئات الأدينوزين ثلاثي الفوسفات الناتج من أكسدة الأحماض الدهنية على عدد ذرات الكربون في جزيء الحمض الدهني فالذي يحتوي على 6 ذرات كربون فقط ينتج 44 جزيئًا من مركب أدينوزين ثلاثي الفوسفات. والذي يحتوي منها على 16 ذرة ينتج 129 جزيئًا من أدينوزين ثلاثي الفوسفات، والذي إذا حول إلى وحدات الطاقة يبلغ ما يعطيه جزيء الحمض الدهني هذا 1290 كيلو كالوري. فكم يعطي الجرام من الدهن؟(8).
هذا بخلاف ما يعطيه الجرام منه من السعرات الحرارية ومقدارها 9,3 ك.ك
توازن الطاقة
لقد هيأ الله ـ سبحانه وتعالى ـ جميع الكائنات الحية بحيث تكون لها طاقة متوازنة مع بيئتها، تأخذ منها على قدر حاجتها، إلا الحيوانات المستأنسة، أو الحيوانات ذات البيات الشتوي أو الإنسان، والذي إن قلت كمية الطاقة التي يتناولها في طعامه عن الطاقة اللازمة لعملياته الحيوية ونشاطاته المختلفة، يكون توازن الطاقة لديه سلبيٌّا، ويحصل الجسم على ما ينقصه منها مما اختزنه من الجليكوجين، والبروتين، والدهون، وبالتالي ينقص وزنه، كما يحصل التخزين بتناول كمية من الطعام أكثر من الحاجة اللازمة، فيزيد الوزن تبعًا لذلك.
الأضرار الناتجة عن الإفراط في الطعام في الطب الحديث
السمنة (البدانة) وما يصاحبها من أمراض:
ترتبط السمنة بالإفراط في تناول الطعام خصوصًا الأطعمة الغنية بالدهون، وهي مشكلة واسعة الانتشار، وقد تقترن بزيادة خطر الأمراض القلبية الوعائية، مثل قصور القلب، والسكتة القلبية، ومرض الشريان التاجي، ومرض انسداد الشرايين المحيطة بالقلب، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وارتفاع دهون الدم. ولا شك أن جلطة القلب لها علاقة بالسمنة وكذلك حصيات المرارة وداء النقرس وهو مرض مزمن يسبب نوبات من الآلام المفصلية، وينتج عن زيادة الحامض البولي في الدم، فينشأ عن ذلك ترسب هذا الحامض البولي على شكل بلورات من يورات الصوديوم حول المفاصل، ومن أهم أسبابه: الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالمواد البروتينية (كاللحوم والأسماك) والأطعمة الغنية بالنيكلوبروتين (كالمخ والمخيخ والكبد ولوزة العجل).
شكل (7): عضلة الحجاب الحاجز عندما تنقبض أليافها العضلية يرتخي وسطها الوتري إلى أسفل أضغط على الصورة لتكبيرها

وهناك أمراض أخرى لها علاقة بالسمنة أيضًا مثل: دوالي الساقين، فتق المعدة، الإمساك، الالتهابات، بطء شفاء الجروح، والتهاب المفاصل التنكسي(7).
وتحــدث الســمنة نتيجة لاضطــراب العلاقة بين ثلاثة عناصر من الطاقة وهي: الكمية المستهلكة من الطعام، والطاقة المبذولة في النشاط والحركة، والطاقة المختزنة على هيئة دهون بصفــة أساسية، فالإفراط في تناول الطعام مع قلة الطاقة المبذولة في الحركة يؤدي إلى ظهور السمنة خصوصًا مع توفر وسائل الحياة المريحة.
إن الإنسان العادي يستهلك حوالي 20 طنٌّا من الطعام في فترة حياته، وحدوث نسبة 25% من الخطأ في توازن الطاقة يؤدي إلى زيادة في الوزن تبلغ 50كجم، وهذه الزيادة عند شخص بالغ يزن 70كجم تجعل وزنه 120كجم، وهذا من شأنه أن يبين مدى الدقة المطلوبة في تنظيم تناول الطعام للمحافظة على استقرار وزن الجسم.
ومن المعتقد أن السمنة تنجم إما عن خلل استقلابي (خلل في التمثيل الغذائي)، أو عن ضغوط بيئية، أو اجتماعية.
وقد تنجم البدانة أيضًا عن خلل في الغدد الصماء، أو عن أسباب نفسية واجتماعية متضافرة، تظهر على شكل إفراط في الأكل، وكثيرًا ما يتزامن حدوث الاضطرابات الاستقلابية، والضغوط البيئية، بحيث يكمل أحدهما الآخر فتتفاقم الحالة. وفي المقابل يرى كثير من العلماء أن الاضطراب النفسي الذي يفضي إلى الشراهة في تناول الطعام، والذي يتسبب في السمنة، قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات في عملية الاستقلاب أو التمثيل الغذائي، وبالتالي فمن المتعذر تفسير الاضطرابات الرئيسة في توازن الطاقة ـ في حالة السمنة ـ بأنها عبارة عن التغير في أحد العناصر، ولكن يظل واضحًا تمامًا أن الإفراط في الأكل هو أحد العوامل الرئيسة في حدوث السمنة.
وهناك تغيرات كيميائية حيوية تصاحب السمنة:
أهمها تغير نمط استقلاب الدهون، إذ تزداد البروتينات الشحمية (نوع بيتا) في البلازما، والأحماض الدهنية الحرة، ويزداد تركيز الأنسولين في الدم زيادة كبيرة، مما يؤدي إلى تضخم البنكرياس، أو زيادة أنسجته، فيؤدي إلى زيادة إنتاج الأنسولين، والذي يتسبب في تكون الأحماض الدهنية في الكبد من المواد الكربوهيدراتية، وزيادة ترسب المواد الدهنية في الأنسجة الشحمية، وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض مرض السكري، حيث تفقد مستقبلات الأنسولين الموجودة على الأنسجة الاستجابة للأنسولين (8).
ثالثًا: وجه الإعجاز في الحديث
1 ـ الإفراط في الطعام والشراب شر وخطر على صحة الإنسان:
لقد أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذه الحقيقة منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان في عبارة بليغة موجزة هي: (مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ) وهكذا عرف هذا الشر بيقين في هذا العصر بظهور الأمراض الخطيرة المهلكة للإنسان الناتجة بسبب الإفراط في تناول الطعام، وذلك بعد تقدم وسائل الفحص والتشخيص الطبي الدقيق الذي أفضى لمعرفة حقيقة هذا الشر، وبينما كان علماء المسلمين يحذرون الناس من أخطار التخمة وكثرة الأكل عبر خمسة عشر قرنًا استنادًا لحديث نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان غيرهم يعتقدون أن كثرة الأكل مفيدة غير ضارة ويتسابقون في ملء البطون بالطعام والشراب؛ ففي إنجلترا يتحدث الطبيب (تشين) (1671 ـ 1743م) عن عقيدة البروتستانت في الإفراط في الطعام والشراب فيقول: (لست أدري ما عليه الأمر في البلدان الأخرى، ولكن نحن البروتستانت لا نعتبر الإفراط في تناول الطعام مؤذيًا ولا ضارٌّا، حتى إن الناس يحتقرون أصدقاءهم الذين لا يملؤون بطونهم عند كل وجبة طعام)، وبعد أن أدرك هذا الطبيب من بين جميع الأطباء المعاصرين له أخطار كثرة الأكل، حمل الأطباء المسؤولية في عدم إرشاد الناس لهذه الأخطار فقال: (والأطباء لا يدركون أنهم المسؤولون أمام المجتمع وأمام مرضاهم بل أمام الخالق، لأنهم يشجعون الناس على الإفراط في الطعام والشراب، ذلك لأنهم بهذا يعملون على تقصير آجال كثير من مرضاهم)(10).
ولم ينتبه علماء أوروبا إلى هذه الأخطار إلا في عصر النهضة، فأخذوا يطالبون الناس بالحد من الإفراط في تناول الطعام وترك الانغماس في الملذات والشراب. فهذا أحدهم (لودفيك كارنارو) من البندقية يحذر أمّته من هذه الأخطار، حيث كان مما قال:
(يا إيطاليا البائسة المسكينة! ألا ترين أن الشهوة تقود إلى موت مواطنيك أكثر من أي وباء منتشر أو حرب كاسحة؟)، (إن هذه المآدب المشينة والتي هي واسعة الانتشار اليوم، لها من النتائج الضارة ما يوازي أعنف المعارك الحربية)، (لذلك يجب علينا ألا نأكل إلا بقدر ما هو ضروري لتسيير أجسامنا بشكل مناسب)، (وإن أيــة زيــادة فيما نتنـاولــه من كميــات الطعام تعطينا سرورًا آنيٌّا.. ولكن علينا في النهاية أن ندفع نتائج ذلك مرضًا، بل موتًا في بعض الأحيان)(14).
ولعل اكتشاف أمراض السمنة وأخطارها المهلكة وعلاقة ذلك بالشراهة وكثرة الأكل، يجعلنا نزداد يقينًا بعظم القاعدة الذهبية في حفظ الصحة البشرية المتمثلة في ترشيد الأكل والشرب والتي أرشد إليها قول الله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلا تُسْرِفُوا} (الأعراف31).
مَن الذي أنزل على رسولنا ـ عليه الصلاة والسلام ـ هذا العلم؟ إنه الله ـ جل في علاه.
2 ـ إقامة الصلب والحد الأدنى من الطعام
تختلف الحاجة للطعام من إنسان إلى آخر، حسب طبيعة عمله، ومن وقت إلى آخر عند الفرد ذاته، لكن هناك قدر مشترك من الحاجة إلى السعرات الحرارية يتساوى فيها بنو البشر جميعًا على وجه الإجمال، وهو المعدل الثابت من الطاقة التي يحتاجها الإنسان البالغ والتي تستخدم في حفظ العمليات الحيوية الأساسية داخل الجسم كتشغيل القلب والجهاز الدوري الدموي، والجهاز التنفسي، والهضمي، والبولي، والعصبي، وتسيير العمليات الضرورية لحفظ الحياة لنقل الأيونات عبر جدر الخلايا، والإشارات المختلفة عبر الخلايا العصبية، وسائر العمليات والتحولات الكيميائية في التمثيل الغذائي، وهي تبلغ حوالي 2000 كيلو كالوري من السعرات الحرارية وتختلف حاجة الناس لأزيد من هذا حسب طبيعة أعمالهم، فتزيد للدارسين والباحثين وكل العاملين في المجال الفكري حوالي 500كيلوكالوري عن المعدل الثابت، بينما يحتاج الذين يمارسون أعمالاً شاقة؛ كرفع الأثقال وعمال البناء والمناجم وقطع الخشب مثلاً إلى حوالي 3500 كيلو كالوري، إضافة للمعدل الثابت في اليوم.
وقد يشير الحديث إلى هذه الحقيقة فقد يكون ذكر اللقيمات لإقامة الصلب كناية عن هذا المعدل الثابت الذي يحتاجه الناس جميعًا، ويمكن أن يتحقق بالقليل من الطعام حيث تنطلق منه الطاقة على مرحلتين: الأولى: الطاقة المباشرة التي يعطيها الجرام من عناصره الغذائية، والثانية: ما يعطيه الجزيء منها من الطاقة المختزنة في مركبات الأدونيزين ثلاثي الفوسفات وأشباهه وهي طاقة هائلة كما بيّـنّا، وهذا يوضح الآن كيف خاض أولئك الرجال الأفذاذ من الصحابة الكرام ومن تبعهم الحروب والأهوال وكان زاد الواحد منهم حفنة من تمرات!
3 ـ ملء ثلثي حجم المعدة هو الحد الأقصى
كما يمكن أن تندرج الزيادة في الحاجة للطاقة عن المعدل الثابت في إشارة النص في قوله : (فإن كان ولا بد فاعلاً فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه)، ويمكن أن تفهم هذه الزيادة من أول درجاتها إلى أعلى معدل لها والتي يحتاجها العاملون في الأعمال الشاقة ولا يتجاوز أعلى حجم للطعام والشراب ثلثي حجم المعدة.
إن تحديد امتلاء ثلثي المعدة للطعام والشراب لهو غاية في الإحكام وهو أقصى درجات الشبع عند المسلم بناء على هذا الحديث، فإن هذا الحجم عبارة عن لتر كامل من الغذاء المطحون مع الشراب، والذي يمكن أن يكون أحد مكونات الطعام فيه من الحساء أو يكون عصيرًا أو ماءً قراحًا، وهو ما يعادل على الجملة أربع كاسات ماء من الحجم الكبير، وتلك ـ رعاك الله ـ كمية هائلة من الطعام في الوجبة الواحدة، فعلى المسلم ألا يصل إلى تناول هذه الكمية إلا إذا كان عاملاً في الأعمال الشاقة أو عندما تغلبه نفسه أو يقع في مأزق يضطره إلى تناول هذا القدر، بل عليه الاقتصار على أقل من ذلك تطبيقًا لنصيحة النبي الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعندما يطبق المسلم هذا الحديث بعناية فمع تحصيله الأجر العظيم لاتباعه سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه يمارس أيضًا أقوى وأنجع برنامج في التوازن الغذائي والتخلص من الوزن الزائد وأمراض السمنة وأخطارها.
4 ـ التوازن الغذائي
تؤكد جميع الأوساط العلمية المهتمة بالغذاء وصحة الإنسان على ضرورة مراعاة التوازن الغذائي بين الطاقة المستهلكة، والطاقة التي يتناولها الإنسان من خلال الطعام وفي هذا الحديث إشارة واضحة لذلك. ويذكر العلماء أن الغذاء المتوازن يحتاج إلى قدر من المعلومات وحسن تخطيط(11)، والحديث يفيد ذلك كله بوضوح. والغذاء المتوازن لا يعتمد فقط على حجمه بل على نوعه، ويمكن تحديد كمية الطعام ونوعيته التي يحتاجها الفرد حسب نشاطه وعمله، بناء على المعلومات الآتية:
1 ـ لابد أن يحتوي الغذاء على عناصره الأساسية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والماء.
2 ـ ينبغي أن تكون نسبة الكربوهيدرات في كمية الغذاء لليوم الواحد حوالي 60%، ونسبة البروتينات حوالي 15%، ونسبة الدهون حوالي 25%.
3 ـ تقسم كمية السعرات الحرارية اللازمة للشخص حسب طبيعة عمله من العناصر الثلاثة في الخطوة السابقة، على ما يعطيه كل جرام منها من السعرات الحرارية (إذ يمده الجرام الواحد من كل من الكربوهيدرات والبروتينات بـ 4,1 كيلو كالوري، ويمده الجرام من الدهون بـ 9,3 كيلو كالوري) وهكذا تحسب الكمية اللازمة بالضبط للفرد. وعليه يمكن التحكم في كميات الطعام التي نتناولها على علم وفهم، فإن كان الشخص يعاني من البدانة فليتناول كمية أقل منها ويسحب من مخزونه من الطاقة باقي الكمية اللازمة لإحتياجاته اليومية وبالتالي يمكن أن يتخلص الإنسان من السمنة بسهولة فبتطبيق هذا الحديث العظيم نتوقى الأخطار والمهالك مع تحقق المنفعة والفائدة لأجسامنا وأرواحنا.
5 ـ امتلاء المعدة بالطعام يؤثر على أجهزة الجسم
حينما تمتلئ المعدة تمامًا تضطرب مضخة التنفس ولا يصل كل الدم الوريدي غير المؤكسد إلى القلب بسهولة. وإذا لم تنقبض عضلة الحجاب الحاجز بالقدر المطلوب بسبب امتلاء المعدة سيؤدي ذلك بدوره إلى عدم قدرة الرئتين على التمدد الكامل؛ نظرًا لعدم إتمام اتساع القفص الصدري وبالتالي فلا يحصل تبعًا لذلك دخول الهواء بالحجم الطبيعي أو المدّي إلى الرئتين، وتتدخل عندئذ عضلات الطوارئ في إحداث تنفس عميق مما يؤدي إلى ضغط محتويات التجويف البطني لتفريغ مساحة لاتساع التجويف الصدري، وهذا بدوره يؤدي إلى شدة واضطراب يؤثر على جميع أجهزة الجسم المختلفة، أما إذا ترك ثلث المعدة أو أكثر منه فارغًا وهو ما يوازي حجمه حجم الهواء الطبيعي الداخل للرئتين (500 مل) فإنه بذلك يؤدي إلى تنفس انسيابي مريح وانصباب سهل للدم الوريدي للقلب وبهذا يظهر الأثر الضار لامتلاء المعدة على كل من الجهاز التنفسي والدوري عند الإنسان. كما أن امتلاء المعدة بالطعام يؤثر سلبًا على هضمه، حيث إن تمدد جدار المعدة يثبط نشاط عضلات هذا الجدار فيؤدي بدوره إلى تأخير وإعاقة الهضم(13).
6 ـ ثلث المعدة يطابق تمامًا حجم هواء التنفس
بالنظر والمقارنة بين أقصى حجم للمعدة يمكن أن تصل إليه وهو حوالي اللتر ونصف اللتر، وبين الحجم المدِّي للنفس الطبيعي للإنسان (Tidal Volum)؛ والذي يبلغ في العادة حوالي500 ملليمتر4من الهواء، يتبين لنا أن حجم الهواء الداخل إلى الرئتين يمثل ثلث حجم المعدة، وفي هذا إعجاز نبوي واضح حيث حدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه القياسات في زمن لم تُتَح فيه هذه الأجهزة الدقيقة التي تقيس حجم الهواء الداخل إلى الرئتين، وتحدد أقصى حجم لتمدد المعدة، وقياس الضغط بداخلها.
فمن أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الحقائق؟ ومن الذي أعلمه بفائدة مراعاة هذه القياسات الدقيقة التي لم تكن قد عرفت في عصره أو حتى في عصور متأخرة بعده؟
إنه الله القائل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى} (النجم 2 ـ 4).
المصدر: منقولعن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
الهوامش والمراجع
* الكالوري معامل قياس ويعرف بأنه كمية الطاقة الحرارية اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة من 15 ـ 16 درجة مئوية، والوحدة الأكبر منه هو الكيلو كالوري ويساوي 1000 كالوري.
1 ـ صحيح الترمذي ـ كتاب الزهد ـ حديث رقم 2302.
2 ـ سنن ابن ماجه ـ كتاب الأطعمة ـ حديث رقم 3340.
3 ـ مسند أحمد ـ مسند الشاميين ـ حديث رقم 16556.
4 ـ الطب النبوي لابن القيم ص 12.
5 ـ الطب النبوي للذهبي. ص67 ـ 69.
6 ـ فتح الباري ج 9 ص 438.
7 ـ حسان شمسي باشا، قبسات من الطب النبوي ص 52 ـ 57.
8 ـ عبد الجواد الصاوي، الصيام معجزة علمية ـ الطبعة الثانية مطابع رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
9 ـ كاثرين أنتوني وغاري ثيبودو تركيب جسم الإنسان ووظائفه.
10 ـ آلان كوت. الصوم الطبي النظام الغذائي الأمثل.
11 -Ross and Wilson (2001), Anatomy and Physiology, 9 Ed, Churchil livingstone.
12- Kathleen J W Wilson (1994), Anatomy and Physiology In Health and Illness,7Ed,EL BS with Churchil livingstone.
13 - Arthur C. Guyton(1991), Medical Physiology W. B. Saunders Company.
14 - Elaine N. Marib (1991) - Essentils Of Human Anatomy&Physiology.
  #180  
قديم 05-04-2008, 08:07 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الإعجاز في حديث المفاصل

بحث مشترك للأخوة :
أ.د/ شريف أحمد جلال، أ.د/ أحمد عبد المنعم العياط ، د/ مصطفى محمد عبد المنعم
المتابعة والإشراف الشرعي واللغوي فضيلة الأستاذ الدكتور /خليل إبراهيم ملا خاطر
الأحاديث النبوية:
1. روى الإمام مسلم فى صحيحه قال:حدثنا حسن بن على الحلوانى. حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع. حدثنا معاوية (يعنى ابن سلام) عن زيد ، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثنى عبد الله بن فروخ ، أنه سمع عائشة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: "إنه خلق كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلاثمائة مفصل.فمن كبر الله،وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق الناس، أو شوكةأو عظما من طريق الناس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائةالسلامى. فإنه يمشى يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار". قال أبو توبة: وربماقال"يمسى".( صحيح الإمام مسلم ­- كتاب الزكاة).
2. روى الإمام البخاري فى صحيحه قال حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ فَقَالُوا يَانَبِى اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُوَيَتَصَدَّقُ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِالْمَلْهُوفَ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِوَلْيُمْسِكْ عَنْ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ (صحيح البخاريكتاب الزكاة).
3. وفى فتح الباري شرح صحيح البخاري يقول الإمام ابن حجر العسقلاني تعليقاَ على هذا الحديث: قوله: (على كل مسلم صدقة) أي على سبيل الاستحباب المتأكد أو على ما هو أعم من ذلك، والعبارة صالحة للإيجاب والاستحباب كقوله عليه الصلاة والسلام"على المسلم ست خصال"فذكر. منها ما هو مستحب اتفاقا، وزاد أبو هريرة فى حديثه تقييد ذلك بكل يوم كما سيأتى فى الصلح من طريق همام عنه، ولمسلم من حديث أبى ذر مرفوعا"يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة"والسلامى بضم المهملة وتخفيف اللام: المفصل، وله فى حديث عائشة"خلق الله كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلثمائة مفصل"
4. روى الإمام أحمد فى مسنده قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا زَيْدٌ حَدَّثَنِى حُسَيْنٌ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى بُرَيْدَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « فِى الإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ مَفْصِلٍ فَعَلَيْهِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهَا صَدَقَةً ». قَالُوا فَمَنِ الذي يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « النُّخَاعَةُ فِى الْمَسْجِدِتَدْفِنُهَا أَوِ الشَّىْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْفَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُ عَنْكَ(مسند الإمام أحمد /23700)
المعنى اللغوي:
(مفصل) : ملتقى العظميين في البدن.
(السلامى) : بضم السين وتخفيف اللام، وهو المفصل. وجمعه سلاميات، بفتح الميم وتخفيف الياء.
وفى القاموس: السلامى كحبارى، عظام صغار طول الإصبع فى اليد والرجل،وجمعه سلاميات. ( الإمام مسلم -شرح النووي(
وهذا التعريف من العلماء الأفاضل جزاهم الله خيراَ فى حاجه الى مزيد ضبط و إيضاح فى ضوء المعارف العلمية الحديثة.
العوائق في تطابق الحقيقة الكونية مع النص الشرعي:
1- اقتصار الإشارة في فهم الحديث على المفاصل بين العظام مع إهمال ما بين الغضاريف.
2- اختلاف التعريف العلمي للمفاصل والذي يشمل التقاء عظام أو غضاريف بدون فاصل عن الفهم اللغوي الذي يشير إلى وجود فاصل بين شيئين .
3- ضرورة وضع قاعدة للحالات المتكررة بالجسم والتي قد تتمفصل فيها عظمتان فى أكثر من موضع وهل تحتسب مفصلاَ واحداَ أو بعدد أماكن الالتقاء.
حل التناقض الظاهري بضبط التعريف العلمي للمفاصل ثم تطبيق ذلك بحصر مفاصل الجسم البشرى :
أولاَ: وضع التعريف المنضبط للمفاصل:
تم وضع عدداَ من الضوابط العلمية التفصيلية قبل بدأ العد ثم القيام بعملية الحصر بدقة حيث أن أى خلل فى وضع الضوابط أو فى دقة تطبيقها سيؤدى إلى الخلل فى إظهار الحقيقة الكونية الممثلة فى العدد الفعلى لمفاصل الجسم المشار إليها فى الحديث الشريف وبالتالى عدم القدرة على إظهار مناط الإعجاز كما أن عدم التقيد بضوابط صحيحة ودقيقة علمياَ من الأساس سيفتح باب الطعن على مجال الإعجاز بكامله على أساس أن المتصدين له يلوون أعناق النصوص الشرعية أو الحقائق العلمية لتتوافق حسب أهوائهم.
والذي نعتمده في هذا البحث هو أن:
المفصل هو الالتقاء بين أي عظمتين أو عظمة وغضروف أو غضروفين في أي موضع بجسم الإنسان ما دام بينهما فاصل.
وهذا التعريف لا يتعارض مع علوم اللغة ولكن يضبط مدلول كلمة (مفصل ) بالضابط العلمي الذي يشمل المفاصل التي تشارك فيها الغضاريف كما لا يتعارض مع المراجع العلمية الحديثة ولكن يضبطها حسب المدلول اللغوي لكلمة (مفصل والذي يعنى وجود (فاصل) بين شيئين كما تم اعتبار التقاء عظمتين مفصلاَ واحداَ حتى لو التقيا في أكثر من موضع وبذلك تكون الضوابط المصاحبة للتعريف هي:
لا يدرج فى هذا الإحصاء المفاصل الغضروفية الأولية والتى تتكون من عظام يحيط بها غضروف حيث يتعظم هذا الغضروف فى سن مبكر بحيث تلتحم هذه العظام تماماَ بغير فاصل بينها
مثال
أ – التقاء نهايات عظام الأطراف الطويلة مع سيقانها
ب- التحام عظمة الوتد في الجمجمة مع العظمة القفوية
1- لم يدرج في هذا الإحصاء اتصال الغضروف بالعظم عندما لا يكون بينهما فاصل ولكن يتصلان فقط بالتئام غشاء الغضروف مع غشاء العظم مثال: اتصال غضاريف الضلوع مع الضلوع.
2- تم اعتبار الاتصال بين عظمتين كمفصل واحد حتى لو تم الاتصال في أكثر من موقع
مثال: 1- اتصال عظمة الجبهة فى الجمجمة مع عظمة الوتد
2- اتصال عظمة الوتد مع عظمة الميكعة
ثانياَ: حصر مفاصل الجسم البشرى تطبيقاَ للقاعدة الموضوعة:
أ) الحصر التفصيلي:
1-SKULL
1. FRONTO PARIETAL JOINT (CORONAL SUTURE)
1
2. FRONTO –ETHMOID JOINT
1
3. FRONTO MAXILLARY JOINTS
2
4. FRONTOZYGOMATIC JOINTS
2
5. FRONTONASAL JOINT
1
6. FRONTOSPHENOID (LESSER WING) JOINT
1
7. FRONTO-LACRIMAL JOINTS
2
8. PARIETOOCCIPITAL JOINT
1
9. INTERPARIETAL JOINT (SAGITTAL SUTURE)
1
10. TEMPRO-PARIETAL JOINTS
2
11. TEMPRO-SPENOID JOINTS (GREATER WING)
2
12. OCCIPITO-TEMPORAL JOINTS
2
13. TEMPRO-SPHENOID JOINTS (GREATER WING)
2
14. TEMPRO-ZYGOMATIC JOINTS (ZYGOMATIC ARCH)
2
15. TEMPRO-MANDIBULAR JOINTS
2
16. INTER OSSICULAR JOINTS
4
17. INTERMAXILLARY JOINT
1
18. ZYGOMATICO-MAXILLARY JOINT
2
19. MAXILLO-PALATINE JOINT
1
20. NAZOMAXILLARY JOINTS
2
21. MAXILLO-ETHMOID JOINTS
2
22. MAXILLO- LACRIMAL JOINTS
2
23. MAXILLO-SPHENOID JOINTS (PTERYGOID PROCESS)
2
24. MAXILLO-CONCHAL JOINTS (INFERIOR CHONCHA)
2
25. DENTAL GOMPHOSIS
32
26. SPHENO-ETHMOIDAL JOINT
1
27. VERMO-SPENOID JOINT (PTERYGOID PROCESS)
1
28. PALATO-SPHENOID JOINTS (PTERYGOID PROCESS)
2
29. ZYGOMATICO-SPHENOID JOINT (GREATER WING)
2
30. VERMO-ETHMOIDAL JOINT (PERPINDICULAR PLATE)
1
31. LACRIMO-ETHMOIDAL JOINT (LABYRINTH)
2
32. JOINT BETWEEN VOMER AND HARD PALATE
1
33. INTERNASAL JOINT
1
34. JOINT BETWEEN HORIZONTAL PLATES OF PALATINE BONES
1

86

2- LARYNEX
1- CRICOTHYROID JOINTS
2
2-CRICOARYTENOID JOINTS
2
3- ARYTENOI-CORNICULATE JOINTS
2

6

3- VERTEBRAL COLUMN AND PELVIS
1- ATLANTO-OCCIPITAL JOINTS
2
2- INTERVERTEBRAL JOINTS
69
3- LUBOSACRAL JOINTS
3
4- SACRO-COCCYGEAL JOINT
1
5- SYMPHYSIS PUBIS
1

76

4-UPPER LIMBS
1- STERNOCLAVICULAR JOINT
1X2= 2
2- ACROMIOCLAVICULAR JOINT
1X2= 2
3- SHOLDER JOINT
1X2=2
4- ELBO JOINT
1X2=2
5- SUPERIOR RADIO-ULNAR JOINT
1X2=2
6- INFERIOR RADIO-ULNAR JOINT
1X2=2
7- WRIST JOINT
1X2=2
8- INTERCARPAL JOINTS
6X2=12
9- MID CARPAL JOINT
1X2=2
10- CARPO****CARPAL JOINTS
4X2=8
11-****CARPOPHALANGEAL JOINTS
5X2=10
12- INTERPHALANGEAL JOINTS
9X2=18

64

5- THORACIC CAGE
1- MANUBRIO STERNAL JOINT
1
2- XIPHISTERNAL JOINT
1
3- STERNOCOSTAL JOINTS
14
4- INTERCHONDRAL JOINTS
6
5- COSTO-VERTEBRAL JOINTS
12X2= 24
6- COSTO-TRANSVERSE JOINTS
10X2=20

66

6-LOWER LIMBS
1- SACROILIAC JOINT
1X2=2
2-HIP JOINT
1X2=2
3-KNEE JOINT
1X2=2
4- SUPERIOR TIBIO- FIBULAR JOINT
1X2=2
5- INFERIOR TIBUO FIBULAR JOINT
1X2=2
6-ANKLE JOINT
1X2=2
7- INTERTARSAL JOINTS
7X2=14
8- TARSO****TARSAL JOINTS
4X2=8
9- ****TARSOPHALANGEAL JOINTS
5X2=10
10- INTERPHALANGEAL JOINTS
9X2=18

62
ب) العدد الكلى للمفاصل حسب القواعد الموضوعة:
1- مفاصل الجمجمة
86
2- مفاصل الحنجرة
6
3- مفاصل القفص الصدري
66
4- مفاصل العمود الفقري والحوض
76
5- مفاصل الأطراف العلوية 2(32)
64
6- مفاصل الأطراف السفلية 2(31)
62

360
وهكذا تتضح آية جديدة من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما كان لبشر أن يحيط بها في زمن النبوة مصداقاَ لقوله تعلى (سنريهم آياتنا في الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
المصدر:منقور عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 63 ( الأعضاء 0 والزوار 63)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 289.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 283.92 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]