كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله - الصفحة 25 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826371 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374246 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 279 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 352 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 473 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 377 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 372 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 375 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11482 - عددالزوار : 180117 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #241  
قديم 01-05-2023, 07:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (241)
صــــــــــ 47 الى صـــــــــــ 51





وإذا قتلت المرأة من عليها في قتله
القود فذكرت حملا أو ريبة من حمل حبست حتى تضع حملها، ثم أقيد منها حين تضعه وإن لم يكن لولدها مرضع فأحب إلي أن لو تركت بطيب نفس ولي الدم يوما أو أياما حتى يوجد له مرضع فإن لم يفعل قتلت له وإن ولدت وجدت تحركا انتظرت حتى تضع التحرك أو يعلم أن ليس بها حمل، وكذلك إذا لم يعلم أن بها حملا فادعته انتظر بالقود منها حتى تستبرأ ويعلم أن لا حبل بها ولو عجل الإمام فأقص منها حاملا فقد أثم ولا عقل عليه حتى تلقي جنينها فإن ألقته ضمنه الإمام دون المقتص وكان على عاقلته لا بيت المال، وكذلك لو قضى بأن يقتص منها، ثم رجع فلم يبلغ المأمور حتى اقتص منها ضمن الإمام جنينها وأحب إلي للإمام أن يكفر.
تحول حال المشرك يجرح حتى إذا جني عليه وحال الجاني
(قال الشافعي)
: - رحمه الله - ولو أن نصرانيا جرح نصرانيا، ثم أسلم الجارح ومات المجروح من جراحه بعد إسلام الجارح كان لورثة النصراني عليه القود وليس هذا قتل مؤمن بكافر منهيا عنه إنما هذا قتل كافر بكافر إلا أن الموت استأخر حتى تحولت حال القاتل وإنما يحكم للمجني عليه على الجاني وإن تحولت حال المجني عليه ولا ينظر إلى تحول حال الجاني بحال وهكذا لو أسلم المجروح دون الجارح أو المجروح والجارح معا كان عليه القود في الأحوال كلها.
ولو أن نصرانيا جرح حربيا مستأمنا، ثم تحول الحربي إلى دار الحرب وترك الأمان فمات فجاء ورثته يطلبون الحكم خيروا بين القصاص من الجارح أو أرشه إذا كان الجرح أقل من الدية ولم يكن لهم القتل؛ لأنه مات من جرح في حال لو ابتدئ فيها قتله لم يكن على عاقلته فيها قود فأبطلنا زيادة الموت لتحول حال المجني عليه إلى أن يكون مباح الدم وهو خلاف للمسألة قبلها؛ لأن المجني عليه تحولت حاله دون الجاني ولو كانت المسألة بحالها والجراح أكثر من النفس كأن فقأ عينه وقطع يديه ورجليه، ثم لحق بدار الحرب فسألوا القصاص من الجاني فذلك لهم؛ لأن ذلك كان للمجني عليه يوم الجناية أو ذلك وزيادة الموت فلا أبطل القصاص بسقوط زيادة الموت على الجاني، وإن سألوا الأرش جعلت لهم على الجاني في كل حال من هذه الأحوال الأقل من دية جراحه أو دية النفس؛ لأن دية جراحه قد نقصت بذهاب النفس لو مات منها في دار الإسلام على أمانه فإذا أرادوا الدية لم أزدهم على دية النفس فلا يكون تركه عهده زائدا له في أرشه، ولو لحق بدار الحرب في أمانه كما هو حتى يقدم وتأتي له مدة فمات بها كان كموته في دار الإسلام؛ لأن جراحه عمد ولم يكن كمن مات تاركا للعهد؛ لأن رجلا لو قتله عامدا ببلاد الحرب وله أمان يعرفه ضمنه.
(قال الشافعي): ولو جرحه ذمي في بلاد الإسلام، ثم لحق بدار الحرب، ثم رجع إلينا بأمان فمات من الجراح ففيها قولان: أحدهما أن على الذمي القود إن شاء ورثته أو الدية تامة من قبل أن الجناية والموت كانا معا وله القود ولا ينظر إلى ما بين الحالين من تركه الأمان، والقول الثاني أن له الدية في النفس ولا قود؛ لأنه قد صار في حال لو مات فيها أو قتل لم تكن له دية ولا قود.
(قال الشافعي): وله الدية تامة في الحالين لا ينقص منها شيئا.
ولو جرح ذمي حربيا مستأمنا فترك الأمان ولحق بدار الحرب فأغار المسلمون عليه.
فسبوه ثم مات بعد ما صار في أيدي المسلمين سبيا فلا قود فيه؛ لأنه مات مملوكا فلا يقتل حر بمملوك وعلى الذمي الأقل من قيمته عبدا أو قيمة الجراح حرا كأنه قطع يده فكانت فيه إن كان نصرانيا ستة عشر من الإبل وثلثا بعير وهي نصف ديته أو كان مجوسيا أو وثنيا ففي يده نصف ديته، ثم مات وقيمته مثل نصف ديته فسقط الموت؛ لأنه لم يحدث به زيادة، وجميع الأرش لورثة المستأمن؛ لأنه استوجبه بالجرح وهو حر فكان مالا له أمان أو كأنه قطعت يده وديته ثلاث وثلاثون وثلث، ثم مات مملوكا وقيمته خمس من الإبل فعلى جارحه خمس من الإبل؛ لأن اليد صارت تبعا للنفس كما يجرح المسلم فيكون فيه ديات لو عاش ولو مات كانت ديته واحدة ويجرح موضحة فيموت فيكون فيها دية كما تكون الزيادة على الجارح بزيادة النفس، فكذلك يكون النقص بذهابها.
(قال الشافعي)
: وإذا لم تكن بالنفس زيادة فجميع الأرش لورثة المستأمن؛ لما وصفت أنه استوجبه وهو حر لما له أمان يعطاه ورثته في دار الحرب وهكذا لو قطعت يداه ورجلاه وفقئت عيناه، ثم لحق بدار الحرب، ثم مات وقيمته أقل مما وجب له بالجراح لو عاش كان على جارحه الأقل من الجراح والنفس وكان ذلك لورثته ببلاد الحرب.
(قال الشافعي): ولو جرح ذمي مستأمنا فأوضحه، ثم لحق المجروح بدار الحرب، ثم سبي فصار رقيقا، ثم مات وقيمته عشرون من الإبل وإنما وجب له بالموضحة التي أوضح منها ثلث موضحة مسلم كان أرش موضحته لورثته، وأما الزيادة من قيمته ففيه قولان: أحدهما أنه يسقط عن الجاني بلحوق المجني عليه ببلاد الحرب، والآخر أن الزيادة لمالكه؛ لأن الجناية والموت كانا وهو ممنوع؛ ولأنه ملكه بالموت، وذلك ملك للسيد.
(قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها فأسلم في يدي سيده ثم مات كانت هكذا؛ لأن الإسلام يزيد في قيمته فتحسب الزيادة في قول من ألزمه إياها وتسقط في قول من أسقطها بلحوقه ببلاد الحرب.
(قال الشافعي): ولو أعتقه سيده، ثم مات حرا كان على جارحه الأقل من أرش الجناية وديته؛ لأنه جني عليه حرا ومات حرا في قول من يسقط الزيادة عن الجاني بلحوق المجني عليه ببلاد الحرب ويلزمه الزيادة إن كان في الموت في قول من يبطل الزيادة بلحوقه بدار الحرب.
(قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها فأسلم وأعتقه سيده فمات مسلما حرا ضمن قاتله الأقل من أرش الجناية ودية حر؛ لأن أصل الجناية كان ممنوعا في قول من يسقط الزيادة بلحوقه بدار الحرب، وضمنه زيادة الموت في قول من لا يسقطها عنه بلحوقه بدار الحرب. ومن قال هذا قال في نصراني جرح، ثم أسلم فمات ففيه دية مسلم
(قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها وكان القاتل مسلما كان مثل هذا في الجواب إلا أنه لا يقاد مشرك من مسلم.
(قال الشافعي): وإذا ضرب الرجل رجلا فقطع يده، ثم برأ، ثم ارتد فمات فلوليه القصاص في اليد؛ لأن الجراحة قد وجبت للضرب والبرء وهو مسلم.
الحكم بين أهل الذمة في القتل
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قتل الذمي الذمية أو الذمي أو المستأمن أو المستأمنة أو جرح بعضهم بعضا فذلك كله سواء فإذا طلب المجروح أو ورثة المقتول حكمنا عليهم بحكمنا على أهل الإسلام فيما بينهم لا يختلف فنجعل القود بينهم كما نجعله بين المسلمين في النفس وما دونها ونجعل ما كان عمدا لا قود فيه في مال الجاني وما كان خطأ على عاقلة الجاني إذا كانت له عاقلة فإن لم تكن له عاقلة كان ذلك في ماله ولم يعقل عنه أهل دينه؛ لأنهم لا يرثونه ولا المسلمون؛ لأنه ليس بمسلم وإنما يأخذون ماله إذا لم يكن له وارث فيئا.
(قال الشافعي): ويقتص الوثني والمجوسي والصابئي والسامري من اليهود
والنصارى، وكذلك يقتص نساؤهم منهم ونجعل الكفر كله ملة وكذلك نورث بعضهم من بعض للقرابة ويقتص المستأمن من هؤلاء من المعاهدين؛ لأن لكل ذمة ولا تفاوت بين المشركين فنمنع به بعضهم من بعض بالقصاص كفوت المسلمين لهم.
(قال الشافعي): وهكذا يحكم على الحربي المستأمن إذا جنى يقتص منه ويحكم في ماله بأرش العمد الذي لا يقتص منه وإن لم يكن له عاقلة إلا عاقلة حربية لا ينفذ حكمنا عليهم جعلنا الخطأ في ماله كما نجعله في مال من لا عاقلة له من أهل الذمة، وهكذا نحكم عليهم إذا أصابوا مسلما بقتل أو جرح لا يختلف ذلك.
(قال الشافعي): وإن أصاب أهل الذمة حربيا لا أمان له لم يحكم عليهم فيه بشيء ولو طلبت ورثته؛ لأن دمه مباح
(قال الشافعي): وهكذا لو كان القاتل حربيا مستأمنا إلا أنا إذا لم تود عاقلة الحربي عنه أرش الخطأ كما حكمنا به في ماله.
(قال الشافعي): ولو لحق الحربي الجاني بعد الجناية بدار الحرب، ثم رجع مستأمنا حكمنا عليه؛ لأن الحكم لزمه أولا ولا يسقط عنه بلحوقه بدار الحرب
(قال الشافعي): ولو مات ببلاد الحرب بعد الجناية وعندنا له مال كان له أمان أو ورد علينا وهو حي مال له أمان أخذنا من ماله أرش الجناية لوليها؛ لأنه وجب في ماله فمتى أمكننا أعطينا ما وجب عليه في ماله من ماله ولو أمنا له ماله على أن لا نأخذ منه ما لزمه لم يكن ذلك له إذا كان عليه أن يأخذ منه ما لزمه.
(قال الشافعي): وكذلك لو جنى وهو عندنا جنايات، ثم لحق بدار الحرب، ثم أمناه على أن لا نحكم عليه حكمنا عليه وكان ما أعطيناه من الأمان على ما وصفنا باطلا لا يحل وهكذا لو سبي وأخذ ماله وقد كان له عندنا في الأمان دين؛ لأن ماله لم يغنم إلا وللمجني عليه فيه حق كالدين وسواء إن أخذ ماله قبل أن يسبى أو مع السبي أو بعده، ألا ترى أنه لو كان عليه دين، ثم لحق بدار الحرب فغنم ماله وسبي أو لم يسب أخذنا الدين من ماله ولم يكن هذا بأكثر من الرجل يدان الدين، ثم يموت فنأخذ الدين من ماله بوجوبه فليس الغنيمة لماله بأكثر من الميراث لو ورثه المسلم أو ذمي عليه دين؛ لأن الله عز وجل جعل للورثة ملك الموتى بعد الدين، وكذلك الغنائم؛ لأنهم خولوها بأن أهلها أهل دار حرب، وكذلك لو جنى وهو مستأمن، ثم لحق ببلاد الحرب ناقضا للأمان، ثم أسلم بدار الحرب فأحرز ماله ونفسه حكم عليه بالجناية والدين الذي لزمه في دار الإسلام.
(قال الشافعي): وكل هذا لا يخالف الأمان يملك وهو رقيق؛ لأن الرقيق لا يملك إلا لسيده، وهو في هذه الأحوال كلها مالك لنفسه ويخالف لأن يجنى عليه وهو محارب غير مستأمن ببلاد الحرب وجنايته كلها في هذه الأحوال هدر.
(قال الشافعي): ولو جنى مسلم جناية فلزمته في ماله ثم ارتد ولحق بدار الحرب فكان حيا أو ميتا أو قتل على الردة كانت الجناية في ماله ولم يغنم من ماله شيء حتى تؤدى جنايته وما لزمه في ماله.
(قال الشافعي): وإذا جنى الذمي على نصراني فتمجس النصراني بعد ما يجنى عليه ثم مات مجوسيا فقد قيل: فعلى الجاني الأقل من أرش جراح النصراني ومن دية المجوسي وقيل: عليه دية مجوسي أو القود من الذمي الذي جنى عليه؛ لأنه كافر، وإن تمجس فهو ممنوع الدم بالعقد المتقدم وليس كالمسلم يرتد؛ لأن رجلا لو قتل المسلم مرتدا لم يكن عليه شيء وهذا لو قتل مرتدا عن كفر إلى كفر كان على قاتله الدية إن كان مسلما والقود إن كان كافرا.
(قال الشافعي): وهكذا إن جنى نصراني فتزندق أو دان دينا لا تؤكل ذبيحة أهله وقد قيل على الجاني عليه إذا غرم
الدية: الأقل من أرش ما أصابه نصرانيا ودية مجوسي وقيل عليه دية مجوسي.
(قال الشافعي): ولو جني عليه نصرانيا فتهود أو يهوديا فتمجس فقد قيل: عليه الأقل من قيمة جرحه نصرانيا أو ديته مجوسيا وقيل: عليه دية مجوسي وكان كرجوعه إلى المجوسية؛ لأنه يرتد عن دينه الذي كان يقر عليه إلى دين لا يقر عليه.
(قال الشافعي): وإذا جنى النصراني على النصراني أو المشرك الممنوع الدم خطأ فعلى عاقلته أرش جنايته، وإن ارتد النصراني الجاني عن النصرانية إلى مجوسية أو غيرها فمات المجني عليه غرمت عاقلة الجاني الأقل من أرش الجناية وهو نصراني أو دية مجوسي؛ لأنهم كانوا ضمنوا أرش الجرح وهو على دينهم فإن كان الجرح موضحة فمات منها المجني عليه بعد أن يرتد الجاني إلى غير النصرانية ضمنت عاقلته أرش موضحة وضمن في ماله زيادة النفس على أرش الموضحة فإن لم تزد النفس على الموضحة بشيء حتى تحول حال المجني عليه إلى غير دينه ضمنت العاقلة كما هي أرش الموضحة للزومها لها يوم جنى صاحبها.
(قال الشافعي): ولو جنى نصراني على مسلم أو ذمي موضحة، ثم أسلم الجاني ومات المجني عليه ضمنت عاقلته من النصارى أرش الموضحة وضمن الجاني في ماله الزيادة على أرش الموضحة لا يعقل عاقلة النصراني ما زادت جنايته وهو مسلم لقطع الولاية بين المسلمين والمشركين وتغرم ما لزمها من جراحه وهو على دينها ولا يعقل المسلمون عنه زيادة جنايته؛ لأن الجناية كانت وهو مشرك والموت بالجناية كان وهو مسلم، وهكذا لو أسلم هو وعاقلته لم يعقلوا إلا ما لزمهم وهو على دينهم.(قال الشافعي): ولو جنى نصراني على رجل خطأ، ثم أسلم النصراني الجاني فلم يطلب الرجل جنايته إلا والجاني مسلم فإن قالت له عاقلته من النصارى جنى عليك مسلما وقال المسلمون: جنى عليك مشركا كان القول قولهم معا في أن لا يضمنوا عنه مع إيمانهم وكانت الدية في مال الجاني إلا أن تقوم بينة بحاله يوم جنى فتعقل عنه عاقلته من النصارى إن كان نصرانيا ما لزمه في النصرانية ويكون ما بقي في ماله أو بينة بأنه جنى مسلما فيعقل عنه المسلمون إن كان له فيهم عاقلة.وإذا رمى النصراني إنسانا فلم تقع رميته حتى أسلم فمات المرمي لم تعقل عنه عاقلته من النصارى؛ لأنه لم يجن جناية لها أرش حتى أسلم ولا المسلمون؛ لأن الرمية كانت وهو غير مسلم وكانت الجناية في ماله.
(قال الشافعي): ولو أن نصرانيا تهود أو تمجس، ثم جنى لم تعقل عنه عاقلته من النصارى؛ لأنه على دين لا يقر عليه ولا اليهود ولا المجوس؛ لأنه لا يقر على اليهودية ولا المجوسية معهم وكان العقل في ماله، وهكذا لو رجع إلى دين غير دين النصرانية من مجوسية أو غيرها ولا تعقل عنه إذا بدل دينه عاقلة واحد من النصفين إلا أن يسلم ثانية، ثم يجني فيعقل عنه المسلمون بالولاية بينه وبينهم
(قال الشافعي): وإذا جنى الرجل مجوسيا فقتل، ثم أسلم الجاني بعد القتل ومات المجني عليه ضمن عنه المجوس الجناية؛ لأنها عاقلته من المجوس كانت وهو مجوسي إذا كانت الجناية خطأ فإن كانت الجناية عمدا فهي في مال الجاني ولا تضمن عاقلة مجوسي ولا مسلم إلا ما جنى خطأ تقوم به بينة.
(قال الربيع) وفيها قول آخر: أنه إذا قتل وهو نصراني فقتل نصرانيا ثم أسلم أن عليه القود؛ لأن النفس المقتولة كانت مكافئة بنفس القاتل حين قتل وليس إسلامه الذي يزيل عنه ما قد وجب عليه قبل أن يسلم.
(قال الشافعي): والقود بين كل كافرين لهما عهد سواء كانا ممن يؤدي الجزية أو أحدهما مستأمن أو كلاهما؛ لأن كلا له عهد ويقاد المجوسي من النصراني واليهودي، وكذلك كل واحد من المشركين ممنوع الدم يقاد من غيره وإن كان أكثر دية منه كما يقاد الرجل من المرأة والمرأة من الرجل والرجل أكثر دية منها والعبد من العبد وهو أكثر ثمنا منه.
ردة المسلم قبل يجني وبعد ما يجني وردة المجني عليه بعد ما يجنى عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
: وإذا جنى المسلم على رجل مسلم عمدا فقطع يده، ثم ارتد الجاني ومات المجني عليه أو قتله، ثم ارتد القاتل بعد قتله لم تسقط الردة عنه شيئا ويقال لأولياء القتيل: أنتم مخيرون بين القصاص أو الدية فإن اختاروا الدية أخذت من ماله حالة وإن اختاروا القصاص استتيب المرتد فإن تاب قتل بالقصاص وإن لم يتب قيل لورثة المقتول: إن اخترتم الدية فهي لكم وهو يقتل بالردة وإن أبوا إلا القتل قتل بالقصاص وغنم ماله؛ لأنه لم يتب قبل موته.
(قال الشافعي): ولو كان قتله الرجل قبل يرتد الجاني خطأ كان على عاقلته من المسلمين فإن جرحه مسلما، ثم ارتد الجاني فمات المجني عليه بعد ردة الجاني ضمنت العاقلة نصف الدية ولم تضمن الزيادة التي كانت بالموت بعد ردة الجاني فكان ما بقي من الدية في ماله، وكذلك لو كانت جنايته موضحة ضمنت العاقلة نصف عشر الدية وضمن المرتد ما بقي من الدية في ماله، وكذلك لو كانت جنايته الدية فأكثر، ثم ارتد فمات المجني عليه ضمنت العاقلة الدية كلها؛ لأنها كانت ضمنتها والجاني مسلم ولم يزد الموت بعد ردة صاحبها عليها شيئا إنما يغرم بالموت ما كان يغرم بالحياة أو أقل.
(قال الشافعي): ولو جنى وهو مسلم فقطع يدا، ثم ارتد ثم أسلم، ثم مات ومات المجني عليه ضمنت العاقلة نصف الدية ولم يضمنوا الموت؛ لأن الجاني ارتد فسقط عنهم أن يعقلوا عنه كما لو كان مرتدا فجنى لم يعقلوا عنه ما جنى. فأما ما تولد من جنايته وهو مرتد ففي ماله.
(قال الشافعي): وفيها قول آخر: أن يعقلوا عنه؛ لأن الجناية والموت كان وهو مسلم.
(قال الربيع) والقول الثاني أصحهما عندي.
(قال الشافعي): وإذا جنى الرجل الذي قد عرف إسلامه جناية فادعت عاقلته أنه جنى مرتدا فعليهم البينة فإن أقاموها سقط عنهم العقل وكان في ماله وإن لم يقيموها لزمهم العقل (قال الشافعي): ولو كان حين رفع الجناية إلى الحاكم مرتدا فمات فقالت العاقلة: جنى وهو مرتد كان القول قولهم مع أيمانهم حتى تقوم البينة بأن الجناية كانت وهو مسلم، ولو جنى جناية، ثم قام بينة أنه ارتد، ثم عاد إلى الإسلام ولم يوقت وقتا كان القول قول العاقلة إلا أن تقوم بينة أنه جنى وهو مسلم.
وإذا ارتد الرجل عن الإسلام، ثم رمى بسهم فأصاب به رجلا خطأ ولم يقع به السهم حتى رجع المرتد إلى الإسلام لم تعقل العاقلة عنه شيئا وكانت الجناية عليه في ماله؛ لأن مخرج الرمية كان وهو ممن لا يعقل عنه وإنما يقضى بالجناية على العاقلة إذا كان مخرجها وموقعها والرجل يعقل.
ردة المجني عليه وتحول حاله
(قال الشافعي): وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فرماه رجل ولم تقع الرمية به حتى أسلم فمات منها أو جرحه بالرمية فلا قصاص على الرامي؛ لأن الرمية كانت وهو ممن لا عقل ولا قود وعليه الدية في ماله حالة إن مات وأرش الجرح إن لم يمت حالا؛ لأنه عمد ولا تسقط الدية؛ لأن مخرج الرمية كانت وهو مرتد كما لو أن رجلا رمى رجلا، ثم أحرم فأصابت الرمية بعد الإحرام صيدا ضمنه ولم يكن في أقل من
معنى أن يرمي غرضا فيصيب رجلا وهكذا لو رمى نصرانيا أو مجوسيا فأسلم المرمي قبل أن تقع الرمية لم يقد لخروج الرمية وهو غير مسلم وكانت عليه دية مسلم إن مات من الرمية أو أرش مسلم إن جرحت ولم يمت منها.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #242  
قديم 01-05-2023, 07:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (242)
صــــــــــ 52 الى صـــــــــــ 57




(قال الشافعي): ولو رماه مرتدا أو ضربه، ثم أسلم المرتد بعد وقوع الرمية أو الضربة، ثم مات مسلما لم يكن فيه عقل ولا قود من قبل أن وقوع الجناية كانت وهي مباحة ولم يحدث الجاني عليه شيئا بعد الجناية غير الممنوعة فيضمن، وكذلك أن يأمر الرجل الرجل فيختنه أو يشق جرحه أو يقطع عضوا له لدواء فيموت فلا يضمن شيئا وكما يقام الحد على الرجل فيموت فلا يضمن الحاكم شيئا.


(قال الشافعي): ولو قطع يد مرتد فأسلم المرتد، ثم عدا عليه فجرحه جرحا فمات من الجرحين لم يكن فيه قود إلا أن تشاء ورثته إبطال حقهم من الدية وطلب القود من الجرح الذي كان بعد إسلامه فيكون لهم وكان عليه إن أرادوا الأرش نصف الدية في ماله إذا كان الجرح عمدا وأبطلنا النصف؛ لأنه كان وهو مرتد فجعلنا الموت من جناية غير ممنوعة وجناية ممنوعة فضمناه النصف.

(قال الشافعي): وهكذا لو كان الجاني عليه بعد الإسلام غير الجاني عليه قبله ضمنه نصف ديته.

(قال الشافعي): ولو جنى رجل على نصراني فقطع يده عمدا ثم أسلم النصراني، ثم مات بعد إسلامه لم يكن عليه قود؛ لأن الجناية كانت وهو ممن لا قود له وكانت عليه دية مسلم تامة حالة في ماله وإن كانت جنايته خطأ كانت على عاقلته في ثلاث سنين دية مسلم تامة.

(قال الشافعي): فإن قيل: فلم فرقت بين هذا وبين المرتد يجنى عليه مرتدا، ثم أسلم ثم يموت؟
فقلت:
الموت كان من الجناية الأولى لم يحدث الجاني بعدها شيئا فيغرم به ولم تقل في هذا الموت من الجناية الأولى فتغرمه دية نصراني قيل له: إن جنايته على المرتد كانت غير ممنوعة بحال فكانت كما وصفت من حد لزم فأقيم عليه فمات أو رجل أمر طبيبا فداواه بحديد فمات فلا شيء عليه؛ لأنه كان غير ممنوع بكل حال من أن يجني عليه فخالف النصراني ولما كانت الجناية على النصراني محرمة ممنوعة بالذمة ودار الإسلام وحكم بالقود من مثله وترك القود من المسلم ويلزمه بها عقل معلوم لم يجز في الجاني إلا أن يضمن الجناية وما تسبب منها وكانت في أكثر من معنى الرجل يعزر في غير حد فيموت فيضمن الحاكم ديته ويموت بأن يضرب في الخمر ثمانين فيغرم الحاكم ديته في بيت المال أو على عاقلته.

تحول حال المجني عليه بالعتق والجاني يعتق بعد رق

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا جنى الرجل على العبد جناية عمدا ثم أعتق العبد بعد الجناية ثم مات فلا قود على الجاني إذا كان حرا مسلما أو ذميا أو مستأمنا، وعلى القاتل دية حر حالة في ماله دون عاقلته.

(قال الشافعي): فإن كانت الجناية قطع يد فمات منها غرم القاطع دية العبد تاما فكان لسيد العبد منها نصف قيمة العبد يوم جني عليه بالغة ما بلغت والبقية من الدية لورثة العبد الأحرار؛ لأن العبد أعتق قبل الموت.

(قال الشافعي): وهكذا لو كانت موضحة أو غيرها جعلت له ما ملك بالجناية وهو مملوك ولم أجعل له ما ملك بالجناية بالموت وهو خارج من ملكه.

(قال الشافعي): ولو كانت الجناية فقء عيني العبد أو إحداهما وكانت قيمة العبد مائتين من الإبل أو ألفي دينار تسوي مائتين من الإبل لم يكن فيه إلا دية حر؛ لأن الجناية تتم بموته منها إذا مات حرا لا مملوكا وكانت الدية كلها لسيده دون ورثته؛ لأن السيد ملك الدية كلها أو أكثر منها بالجناية دون الموت إلا أن الأكثر سقط بموت العبد المجني عليه حرا.

(قال الشافعي): وإنما ضمنت الجاني دية حر؛ لأن العبد كان ممنوعا بكل حال من أن يجني عليه فضمنته
ما حدث في الجناية الممنوعة كما وصفت في الباب قبله.
(قال الشافعي): ولو جنى رجل على عبد فقطع يده وقيمة العبد مائة من الإبل، ثم عتق فجنى عليه وهو حر أو غيره فقطع رجله، ثم مات من الجنايتين ضمنا معا إن كانا اثنين دية حر، وكذلك إن كان الجاني واحدا ضمن دية حر فنصف قيمة العبد منها لسيده الذي أعتقه وما بقي لورثة المقتول المعتق ما كانت نصف قيمته مملوكا ما بينه وبين نصف دية حر أو أقل فإن زادت على نصف ديته لم يجز - والله أعلم - إلا أن يرد إلى نصف دية حر من قبل أنا لو أعطيناه أكثر من نصف ديته حرا أبطلنا الجناية الثانية على العبد بعد أن صار حرا أو بعضها وهو إنما مات منهما معا فلا يجوز أن يكون للسيد منها إلا نصف دية حر أو أقل إذا كانت جنايتين.
(قال الشافعي): ولو جنى عليه واحد قبل الحرية فقطع يده وثان بعد الحرية فقطع رجله وثالث بعد الحرية فقطع رجله كان على الجاني الأول ثلث ديته حرا؛ لأني أضمنه دية حر ولو كان من جني عليه عبدا ثم أعتق فمات وهو قاتل مع اثنين فعليه ثلث الدية وفيما لسيده من الدية قولان: أحدهما أن له عليه الأقل من نصف قيمته عبدا أو ثلث الدية لا أجعل له أكثر من نصف قيمته عبدا ولو كانت لا تبلغ بعيرا من قبل أنه لم يكن في ملكه جناية غيرها ولا أجاوز به ثلث ديته حرا لو كانت نصف قيمته عبدا تبلغ مائة بعير من أجل أنها قد تنقص بالموت وأن حظ الجاني عليه عبدا من ديته ثلثها، والقول الثاني أن لسيده الأقل من ثلث قيمته عبدا أو ثلث ديته حرا؛ لأنه مات من جناية ثلاثة وإنما قلت ثلث ديته حرا على قاطع يده؛ لأن الدية صارت دية حر وكان الجانون ثلاثة على كل واحد ثلث ديته ولا يختلف، ولو كان مات مملوكا كان الجواب فيها مخالفا
(قال الشافعي)
: وهكذا لو جنى عليه أربعة أو عشرة أو أكثر جعلت على الجاني عليه عبدا إذا مات حرا حصته من دية حر ولسيده الأقل مما لزم الجاني عليه عبدا من الدية أو أرش جرحه عبدا إذا مات كأن جرحه جرحا فيه حكومة بعير وهو عبد ولزمه عشر من الإبل أو أكثر بالحرية والموت من الجرح ومن جرح غيره فلا يأخذ سيده إلا البعير الذي لزم بالجرح وهو عبده (قال): ولو جرحه اثنان أو أكثر عبدا ومن بقي حرا كان هكذا.

(قال الشافعي): ولو قطع رجل يد عبد ثم أعتقه سيده، ثم ارتد العبد المقطوع عن الإسلام، ثم مات ضمن الجاني عليه نصف قيمته عبدا إلا أن يجاوز نصف قيمته عبدا ديته حرا مسلما فيرد إلى دية حر مسلم ويعطى ذلك كله سيده.
(قال الشافعي): وإنما أعطيت ذلك سيده؛ لأن أرش الجناية كانت لسيده تامة وهو مملوك مسلم ممنوع بالإسلام فلما عتق كانت زيادة لو كانت على الأرش لورثة الميت لو كان الموت يوم كان مسلما لم يكن له إلا دية حر فكانت دية حر تنقص من أرش اليد مملوكا نقص سيده فلما مات مرتدا أبطل حقه في الموت بالردة فلم يجز إلا أن نبطل الجناية الثانية بالردة ولا نجاوز بها دية حر وهو لو مات مسلما لم يكن له أكثر منه.
جماع القصاص فيما دون النفس
(قال الشافعي): - رحمه الله - ذكر الله ما فرض على أهل التوراة فقال عز وجل {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} إلى قوله {فهو كفارة له} وروي في حديث «عن عمر أنه قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي القود من نفسه وأبا بكر يعطي القود من نفسه وأنا أعطي القود من نفسي».
(قال الشافعي): ولم أعلم مخالفا في أن القصاص في هذه الأمة كما حكم الله عز وجل أنه حكم به بين أهل التوراة ولم أعلم مخالفا في أن القصاص بين الحرين المسلمين في النفس وما دونها من الجراح التي يستطاع فيها القصاص بلا تلف يخاف على المستقاد منه من موضع القود (قال): والقصاص مما دون النفس

شيئان: جرح يشق بجرح وطرف يقطع بطرف.
(قال الشافعي): فإذا شج رجل رجلا موضحة أخذت ما بين قرني المشجوج والمشجوج - أوسع ما بين قرنين من الشاج فكانت أخذت ما بين أذني الشاج فيكون بقياس طولها أخذ للمشجوج ما بين منابت شعر الرأس إلى منتهى الأذنين والرأس عضو كله ولا يخرج عن منابت الشعر شيئا؛ لأنه عضو واحد لا يخرج القود إلى غيره (قال الشافعي): وكذلك كل عضو يؤخذ بطول السير فيه ولا يخرج إلى غيره.
(قال): وإن كان الشاج أوسع ما بين قرنين من المشجوج وقد أخذت الشجة قرني المشجوج خير المشجوج بين أن يوضع له السكين من قبل أي قرنيه شاء، ثم يشق له ما بين قرنيه حتى ينتهي إلى قدر طولها بالغا ذلك ما بين قرنيه ما بلغ نصفها أو ثلثها أو أكثر أو أقل لا يزاد على طول شجته.
(قال الشافعي): وإن شج رجل رجلا موضحة أخذت ما بين منتهى منابت رأس المشجوج من قبل وجهه إلى منتهى منابت رأسه من قفاه وهي نصف ذلك من الشاج أخذ له نصف رأسه وخير المشجوج فبدئ له إن شاء من قبل وجهه وإن شاء فمن قبل قفاه وإن كان الشاج أصغر رأسا من المشجوج أخذ له ما بين وجهه إلى قفاه وأخذ له بفضل أرش الشجة وكان كرجل شج اثنين فأخذ أحدهما القصاص والآخر الأرش حين لم يجد موضعا للقصاص وإن سأل المشجوج أن يعاد له الشق في رأسه حتى يستوظف له طول شجته لم يكن له؛ لأنا قد استوظفنا له طول العضو الذي شج منه وجهة واحدة فلا يفرقها على الشاج في موضعين ولا يزيلها عن موضع نظيرها وهذا هكذا في الوجه ولا يدخل الرأس مع الوجه ولا يدخل العضد ولا الكف مع الذراع ويستوظف الذراع حتى يستوفى للمجروح قدر جرحه منها فإن فضل له فضل أخذ له أرش الجناية وهكذا الساق لا يدخل معها قدم ولا فخذ؛ لأن كل عضو منه غير الآخر.
(قال الشافعي): وإن برأ جرح المجني عليه أولا غير حسن البرء أو غير ملتئم الجلد وبرأ المستفاد منه حسنا ملتئما فلا شيء للمجني عليه إذا أخذ له القصاص غير القصاص.
(قال): وإن شجه شجة متشعبة شج مثلها كما لو شجه شجة مستوية شج مثلها.
(قال الشافعي): ولكل قصاص غاية بما وصفت وإن شج رجل رجلا موضحة فقياسها أن يشق ما بين الجلد والعظم فإن هشمت العظم أو كسرته حتى ينتقل أو أدمته فسأل المشجوج أن يقص له لم يقص له من هاشمة ولا منقلة ولا مأمومة؛ لأنه لا يقدر على أن يؤتى بالقطع منه بكسر العظم ولا هشمه كما يؤتى بالشق في جلد ولحم.
(قال الشافعي): وكذلك لا يقاد من كسر أصبع ولا يد ولا رجل لما دونه من جلد ولحم وأنه لا يقدر على أن يؤتى بالكسر كالكسر بحال وأن المستقاد منه ينال من لحمه وجلده خلاف ما ينال من لحم المجني عليه وجلده، وكذلك لا قصاص ممن نتف شعرا من لحية ولا رأس ولا حاجب وإن لم ينبت وإن قطع من هذا شيئا بجلده قيل لأهل العلم بالقصاص: إن كنتم تقدرون على أن تقطعوا له مثله بجلدته فاقطعوه وإلا فلا قصاص فيه وفيه الأرش.
(قال الشافعي): وإذا شج رجل رجلا موضحة وهاشمة أو مأمومة فسأل المشجوج القصاص من الموضحة وأرش ما بين الموضحة والهاشمة إن كان شجها أو المنقلة أو المأمومة إن كان شجها فذلك له؛ لأنه شجه موضحة أو أكثر.
(قال الشافعي): وإذا شج رجل رجلا ما دون موضحة فلا قصاص فيه من قبل أنها ليست بمحدودة لو أخذ بها بعمق شجة

المشجوج وكانت توضح من الشاج لاختلاف غلظ اللحم والجلد أو رقتهما من الشاج والمشجوج مرة مثل نصف عمق الرأس من الشاج أقل أو أكثر وقد أخذت من الآخر قريبا من موضحة وعليه في ذلك الأرش وإذا أصاب الرجل الرجل بجرح دون النفس فيه قود أو قطع له طرفا فسواء بأي شيء أصابه من حديدة أو حجر وقطع بيده وغيره ولو لوى أذنه حتى يقطعها أو جبذها بيده حتى يقطعها أو لطم عينه ففقأها أو وخزه فيها بعود ففقأها أو ضربه بحجر خفيف أو عصا خفيفة فأوضحه فعليه في هذا كله القصاص ولا يشبه هذا النفس.
(قال الشافعي): ولو أن رجلا لطم عين رجل فذهب بصرها لطمت عين الجاني فإن ذهب بصرها وإلا دعي له أهل العلم بما يذهب البصر فعالجوه بأخف ما عليه في ذهاب البصر حتى يذهب بصره.
(قال): ولو لطم رجل عين رجل فأذهب بصرها أو ابيضت أو ذهب بصرها وندرت حتى كانت أخرج من عينه قيل لأهل العلم: إن استطعتم أن تذهبوا بصر عين الجاني وتبيض أو تذهبوا بصرها وتصير خارجة كعين هذا فافعلوا وإلا فابلغوا ذهاب البصر وما استطعتم من هذا ولا يجعل عليه للشين شيء؛ لأنه قد استوفى بذهاب البصر كل ما في العين مما يستطاع.
(قال الشافعي): وهكذا لو قطع يده أو أصبعا فشان موضع القطع أو قبح بعد البرء أقيد منه ولم يكن له فيما قبح شيء وهكذا لو كان هذا في أذن أو غيرها.
(قال الشافعي): ولو ضرب رجل رجلا ضربة واحدة فأخذت فترا من رأسه فأوضح طرفاها ولم يوضح ما بينهما ولكنه شق اللحم أو الجلد أو أوضح وسطها ولم يوضح طرفها أقيد مما أوضح بقدره وجعلت له الحكومة فيما لم يوضح والله أعلم.
تفريع القصاص فيما دون النفس من الأطراف
(قال الشافعي): - رحمه الله - القصاص وجهان: طرف يقطع وجرح يبط ولا قصاص في طرف من الأطراف يقطع من مفصل؛ لأنه لا يقدر على القطع من غير المفاصل حتى يكون قطع كقطع بلا تلف يفضي به القاطع إلى غير موضعه.
(قال الشافعي): وكل نفس قتلتها بنفس، لو كانت قاتلتها أقصصت بينهما ما دون النفس.
(قال الشافعي): وأقص للرجل من المرأة وللمرأة من الرجل بلا فضل مال بينهما، والعبيد بعضهم من بعض وإن تفاوتت أثمانهم، ولو أن عبدا أو حرا أو كافرا جرح مسلما أقصصت المجروح منه إن شاء؛ لأني أقتله لو قتله، ولو كان الحر المسلم قتل كافرا أو جرحه أو عبدا أو جرحه لم أقصه منه.
(قال الشافعي): والقصاص من الأطراف باسم لا بقياس من الأطراف فتقطع اليد باليد والرجل بالرجل والأذن بالأذن والأنف بالأنف وتفقأ العين بالعين وتقلع السن بالسن؛ لأنها أطراف، وسواء في ذلك كله كان القاطع أفضل طرفا من المقطوع أو المقطوع أفضل طرفا من القاطع؛ لأنها إفاتة شيء كإفاتة النفس التي تساوي النفس بالحياة والاسم وهذه تستوي بالأسماء والعدد لا بقياس بينهما ولا بفضل لبعضها على بعض.
وإذا قطع الرجل أنف رجل أو أذنه أو قلع سنه فأبانه، ثم إن المقطوع ذلك منه ألصقه بدمه أو خاط الأنف أو الأذن أو ربط السن بذهب أو غيره فثبت وسأل القود فله ذلك؛ لأنه وجب له القصاص بإبانته.
(قال الشافعي): وإن لم يثبته المجني عليه، أو أراد إثباته
فلم يثبت وأقص من الجاني عليه فأثبته فثبت لم يكن على الجاني أكثر من أن يبان منه مرة، وإن سأل المجني عليه الوالي أن يقطعه من الجاني ثانية لم يقطعه الوالي للقود؛ لأنه قد أتى بالقود مرة إلا أن يقطعه؛ لأنه ألصق به ميتة (قال الشافعي): وإن شق شيئا من هذا فألصقه بدمه لم أكره ذلك له ويشق من الشاق وإن قدر على أن يأتي بمثله ويقول: يلصقه فإن لصق من الشاج ولم يلصق من المشجوج أو من المشجوج، ولم يلصق من الشاج، فلا تباعة لواحد منهما على صاحبه.
(قال الشافعي): والوجه الثاني من القصاص الجراح بالشق فإذا كان الشق فهو كالجراح يؤخذ بالطول لا باستيظاف طرف.
فإن قطع رجل من رجل طرفا فيه شيء ميت بشلل أو غيره أو شيء مقطوع كأن قطع يده وفيها أصبعان شلا وإن لم تقطع يد الجاني بها وفيها أصبعان شلاوان ولو رضي ذلك القاطع وإن سأل المقتص له أن يقطع له أصابع القاطع الثلاث ويؤخذ له حكومة الكف والأصبعين الباقيتين كان ذلك له.
(قال الشافعي): ولو كان القاطع هو أشل الأصبعين والمقطوع تام اليد خير المقتص له بين أن يقطع يده بيده ولا شيء له غير ذلك أو تقطع له أصابعه الثلاث ويأخذ أرش أصبعين وإنما لم أجعل له إذا قطع كفه غير ذلك؛ لأنه قد كان بقي جمال الأصبعين الشلاوين وسدهما موضعهما.
(قال الشافعي): ولو كان القاطع مقطوع الأصبعين قطعت كفه وأخذت للمقطوعة يده أرش أصبعين تامين.
(قال الشافعي): ولو أن رجلا أقطع أصابع اليد إلا إصبعا واحدة قطع إصبع رجل أقيد منه، ولو قطع كف رجل كان له القود في الكف وأرش أربعة أصابع.

ولو كان المجني عليه أقطع أصابع الكف إلا أصبعا فقطع يده رجل صحيح اليد فسأل القود أقص منه من الأصبع وأعطي حكومة في الكف، ولو كان أقطع أصبع واحدة فقطعت كفه أقص من أربع أصابع وأخذت له حكومة في كفه (قال الشافعي): ولا أبلغ بحكومة كفه دية أصبع؛ لأنها تبع في الأصابع كلها وكلها مستوية فلا يكون أرشها كأرش واحدة منها.
(قال الشافعي): وإذا كانت لرجل خمس أصابع في يده فقطع تلك اليد رجل له ست أصابع فسأل المقطوعة يده القود، لم يكن ذلك له لزيادة أصبع القاطع على أصبع المقطوع.
(قال الشافعي): ولو كان الذي له ستة أصابع هو المقطوع، والذي له الخمس هو القاطع أقتص له منه وأخذت له في الأصبع الزائدة حكومة لا أبلغ بها دية أصبع؛ لأنها زيادة في الخلق.
(قال الشافعي): ولو أن رجلا له خمس أصابع أربعة منها إبهام ومسبحة ووسطى والتي تليها وكانت خنصره عدما وكانت له أصبع زائدة في غير موضع الخنصر فقطع رجل تام اليد يده فسأل القود لم يقد منه؛ لأن عدد أصابعهما وإن كان واحدا فإن للمقطوعة يده أصبعا زائدة وهو عدم أصبعا من نفس كمال الخلق هو القاطع وسأل المقطوعة يده القود كان له القود؛ لأن الذي يؤخذ له أقل من الذي أخذ منه وإن سأل الأرش مع القود لم يكن له؛ لأنه قد أخذ له عدد وإن كان فيه أقل مما أخذ منه
ولو أن رجلا مقطوع أنملة أصبع وأنامل أصابع قطع يد رجل تام الأصابع فسأل المقطوعة يده القود مع الأرش أو الأرش كان ذلك له ونقص الأنملة والأنامل كنقص الأصبع والأصابع وإن كان المقطوع الأنملة والأنامل هو المقطوعة يده وسأل القود لم يكن ذلك له لنقص أصابعه عن أصابع القاطع ولو لم يكن واحد منهما مقطوع أنملة ولا الأنامل ولكن كان أسود أظفار الأصابع ومستحشفها أو كان بيده قرح جذام أو قرح أكلة أو غيره إلا أنه لم يذهب من الأطراف شيء ولم يشلل كان بينهما

القصاص في كل شيء ما لم يكن الطرف مقطوعا أو أشل ميتا فأما العيب سواه إذا كانت الأطراف حية غير مقطوعة فلا يمنع القصاص ولا ينقص العقل.
(قال الشافعي): - رحمه الله - وهكذا الفتح في الأصابع وضعف خلقتها أو أصولها وتكرشها وقصرها وطولها واضطرابها وكل عيب منها مما ليس بموت بها ولا قطع فلا فضل في بعضها على بعض في الدية والقود إذا كانت نسبتها كنسبة أيدي الناس.
فإذا ضرب الحر المسلم يد الحر المسلم فقطعها من الكوع فطلب المضروبة يده القصاص أحببت أن لا أقص منه حتى تبرأ جراحة؛ لأنها لعلها أن تكون نفسا. فإن سأل ذلك قبل البرء أعطيته ذلك ولم أقص منه بضربة ودعوت له من يحذق القطع فأمرته أن يقطعها له بأيسر ما يكون به القطع ثم تحسم يد المقطوع إن شاء وهكذا إن قطعها من المرفق أو المنكب لا يختلف، وهكذا إن قطع له أصبعا أو أنملة أصبع لا يختلف ذلك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #243  
قديم 01-05-2023, 07:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (243)
صــــــــــ 57 الى صـــــــــــ 62





(قال الشافعي): ولا أقيد يمنى من يسرى ولا خنصرا من غير خنصر يدها أو رجلها، وهكذا في هذا أن يقطع رجله من مفصل الكعب أو مفصل الركبة. فإن قطعها من مفصل الورك سألت أهل العلم بالقطع هل يقدرون على أن يأتوا بقطعها من مفصل الورك بلا أن يكون جائفة؟ فإن قالوا نعم أقصصت منه وهكذا إن نزع يده بكتفه أقدته منه إن قدروا على نزع الكتف بلا أن يحيفه، فإن قطع يده من فوق المفصل أو رجله أو أصبعا من أصابعه فسأل المقطوعة يده القود قيل له إن سألت من الموضع الذي قطعك منه فلا قود؛ لأنه ليس من مفصل، وذلك أن ذلك لا يقطع إلا بضربة جامعة يرفع بها الضارب يده. وإذا فعل ذلك لم يكن على إحاطة من أن يقع موقع ضربته لك ولو قلت ينخفض حتى يرجع إلي في أقل من حقي قيل قد لا تقطع الضربة في مرة ولا مرار؛ لأن العظم ينكسر فيصير إلى أكثر مما نالك به أو يحز والحز إنما يكون في جلد ولحم. ولو حز في العظم كان عذابا غير مقارب لما أصابك به وزيادة انكسار العظم كما وصفت، ويقال له إن سألت أن تقطع يده لك من المفصل أو رجله وتعطى حكومة بقدر ما زاد على اليد والرجل فعلنا.
فإن قيل:
فأنت تضع له السكين في غير موضعه الذي وضعها به قلت نعم هي أيسر على المقتص منه من الموضع الذي وضعها به من المقتص له وفي غير موضع تلف ولم أتلف بها إلا ما أتلف الجاني عليه بمثله وأكثر منه. وهكذا في الرجل والأصبع إذا قطعها من فوق الأنملة فإن قطع أصبعا من دون الأنملة فلا قود بحال وفيها حساب ما ذهب من الأنملة، وإن قطع يدا من نصف الكف أو رجلا، كذلك فقطع معها الأصابع فإن سأل القصاص من الأصابع أقصصت به، وإن سألها من العظم الذي أصاب فوق الأصابع لم أعطه كما وصفت قبل هذا.

(قال الشافعي): وإن شق الكف حتى ينتهي إلى المفصل فسأل القصاص سألنا أهل العلم فإن قالوا نقدر على شقها، كذلك أقصصناه وجعلنا ذلك كشق في رأسه وغيره، وكذلك إن شقها حتى المفصل، ثم قطعها من المفصل فبقي بعضها وقطع بعضها شق قودا إن قدر وقطع من حيث قطع.
وإن قطع له أصبعا فائتكلت الكف حتى سقطت كلها فسأل القصاص قيل إن القصاص أن يقطع من حيث قطع أو أقل منه فأما أكثر فلا - فإن شئت أقدناك من الأصبع وأعطيناك أرش الكف يرفع منها عشر من الإبل وهي حصة الأصبع وإلا فلك دية الكف.
(قال الشافعي): ولو قطع له أصبعا كما وصفت فسأل القود منها وقد ذهبت كفه أو لم تذهب وسأل القود من ساعته أقدته فإن ذهبت كف المجني عليه جعلت على الجاني أربعة أخماس ديتها؛ لأني رفعت الخمس للأصبع التي أقصصتها بها، فإن ذهبت كف المستقاد منه ونفسه لم أرفع عنه من أرش المجني عليه شيئا؛ لأن الجاني ضامن ما جنى وحدث منه والمستقاد منه غير مضمون له ما حدث من القود؛ لأنه تلف بسبب الحق في القصاص.
(قال الشافعي): وإن قطع رجل نصف كف رجل من المفصل
فائتكلت حتى سقطت الكف كلها فسأل القود قيل لأهل العلم بالقود هل تقدرون على قطع نصف كف من مفصل كفه لا تزيدون عليه؟ فإن قالوا نعم قلنا: اقطعوها من الشق الذي قطعها منه، ثم دعوها وأخذنا للمجني عليه خمسة وعشرين بعيرا نصف أرش الكف مع قطع نصفها، وهكذا إن قطعها حتى تبقى معلقة بجلدة أقيد منه وتركت له معلقة بجلدة فإن قال المستقاد منه اقطعوها لم يمنع المتطبب قطعها على النظر له.
وإذا قطع رجل يد رجل فأقدناه منه، ثم مات المستقيد منه قبل أن يبرأ من ذلك الجرح وشهد أنه مات من تلك الجراح وسأل ورثته القود أقدناه بالنفس؛ لأنه قاتل قاطع، ألا ترى أنه لو قطع يديه ورجليه فمات مكانه أو ذبحه خلينا بين الورثة وبين أن يأتوا بمن يقطع يديه ورجليه وخليناهم وذبحه؛ لأن الذبح إتلاف حي.
(قال): وإن قطع رجل ذكر رجل من أصله فسأل القود قطع له ذكره من أصله.
(قال الشافعي): ويقاد من ذكر الرجل إذا قطع ذكر الصبي أو الشيخ الكبير الذي لا يأتي النساء أو ذكر الخصي ويقطع أنثى الفحل إذا قطع أنثى الخصي الذي لا عسيب له؛ لأن كل ذلك طرف لصاحبه كامل ويقطع ذكر الأغلف بذكر المختتن وذكر المختتن بذكر الأغلف.
فإن قطع رجل إحدى أنثييه وبقيت الأخرى وسأل القود سألنا أهل العلم فإن قدروا على قطعها بلا ذهاب الأخرى أقيد منه فإن قطعها بجلدها قطعت بجلدها وإن سلها سلت منه.
وإن قطع رجل نصف ذكر رجل ولذلك فشبر ذكر القاطع فوجد أقل شبرا من نصف ذكر المقطوع أو ضعف ذكر المقطوع فسواء وأقطع له نصف ذكره كان أقل شبرا من نصف ذكره أو أكثر إن كان يستطاع قطعه بلا تلف ولا شيء له غير ذلك وهذا طرف ليس هذا كشق الجراح التي تؤخذ بشبر واحد؛ لأنها لا تقطع طرفا وإن قطع رجل أحد شقي ذكر رجل قطع منه مثل ذلك إن قدر عليه.
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وأقيد من ذكر الذي ينتشر بذكر الذي لا ينتشر ما لم يكن بذكر المقطوع ذكره نقص من شلل يوبسه ولا يكون ينقبض ولا ينبسط أو يكون الذكر مكسورا إن كان كسر الذكر يمنعه من الانتشار فإذا كان ذلك لم يقد به ذكر صحيح.
وإذا قطع الرجل أنف الرجل من المارن قطع أنفه من المارن وسواء كان أنف القاطع أكبر أو أصغر من أنف المقطوع؛ لأنه طرف، وإن قطعه من دون المارن قدر ما ذهب من أنف المقطوع ثم أخذ له من أنف القاطع بقدره من الكل إن كان قدر مارن المقطوع قطع قدر نصف مارنه ولا يقدر بالشبر كما وصفت في الأطراف الذكر وغيره، وإن قطع من أحد شقي الأنف قطع من إحدى شقيه كما وصفت، وإن قطع رجل أنف رجل من العظم فلا قود في العظم وإن أراد قطعنا له المارن وأعطيناه زيادة حكومة فيما قطع من العظم.
(قال الشافعي): ويقطع أنف الصحيح بأنف الأجذم وإن ظهر بأنفه قرح الجذام ما لم يسقط أنفه أو شيء منه، وكذلك يده بيده وإن ظهر فيها قرح الجذام ما لم تسقط أصابعها أو بعضها.
وتقطع الأذن بالأذن وأذن الصحيح بأذن الأصم لا فضل بينهما على الآخر؛ لأنهما طرفان ليس فيهما سمع وإن قطع بعض الأذن قطعت منه بعض أذنه كما وصفت إن قطع نصفا أو ثلثا قطع منه نصفا أو ثلثا وسواء كانت أذنه أكبر أو أصغر من أذن المقطوعة أذنه؛ لأنها طرف وتقطع الأذن الصحيحة التي لا ثقب فيها بالأذن المثقوبة ثقبا لقرط وشنف وخربة ما لم تكن الخربة قد خرمتها فإن كانت الخربة قد خرمتها لم تقطع بها الأذن. وقيل للأخرم إن شئت قطعنا لك أذنه إلى موضع خربتك من قدر أذنه
وأعطيناك فيما بقي العقل وإن شئت فلك العقل وإن كان إنما قطعها وهي مخرمة؛ لأن ذلك زين عندهم كالثقب لا عيب فيه ولا جناية.
وإذا قلع رجل سن رجل قد ثغر قلعت سنه فإن كان المقلوعة سنه لم يثغر فلا قود حتى يثغر فيتتام طرح أسنانه ونباتها فإذا تتام ولم تنبت سنه سئل أهل العلم عن الأجل الذي إذا بلغه ولم تنبت سنه لم تنبت فبلغه فإذا بلغناه ولم تنبت أقدناه منه فإذا بلغناه وقد نبت بعضها أو لم ينبت فلا قود، وله من العقل بقدر ما قصر نباتها يقدر إن كانت ثنية بالثنية التي تليها، فإن كانت بلغت نصفها أخذ له بعيران ونصف وإن بلغت ثلثها أخذ له ثلث عقل سن وإن قلع رجل لرجل سنا زائدة أو قطع له أصبعا زائدة أو كانت له زنمة تحت أذنه زائدة فقطعها رجل فسأل القود فلا قود وفيها حكومة وإن كان للقاطع في موضع من هذا مثله ففيه القود سنا كان أو غير سن أو أصبع أو زنمة وهكذا لو خلقت له أصبع لها طرفان فقطع أحد الطرفين فلا قود وفيها حكومة إلا أن يكون له أصبع مثلها فيقاد منه: وإن قطع رجل أصبع رجل ولها طرفان أو أنملة ولها طرفان ولم يخلق للقاطع تلك الخلقة فسأل المقطوع القود فهو له وزيادة حكومة إلا أن يكون طرفاها أشلاها فأذهبا منفعتها فلا قود.
وإن كان للقاطع مثلها وليست شلاء أقيد ولا حكومة، ولو كانت لأصبع القاطع طرفان وليس ذلك لأصبع المقطوع فلا قود؛ لأن أصبع القاطع كانت أكبر من أصبع المقطوع ا. هـ
أمر الحاكم بالقود
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وينبغي للحاكم أن يعرف موضع رجل مأمون على القود وإذا أمره به أحضر عدلين عاقلين فأمرهما أن يتعاهدا حديده ولا يستقيد إلا وحديده حديد مسقى لئلا يعذب المستقاد منه وينبغي للحاكم أن يأمر المستقيد أن يختم على حديده لئلا يحتال فيسم فيقتل المستقاد منه أو يزمنه، وكذلك لا ينبغي أن يكون بحديده علة من ثلم ولا وهن فيبطئ في رأس ولا وجه حتى يكون عليه عذابا، وينبغي له أن يأمر العدلين إذا أقاد تحت شعر في وجه أو رأس أن يأمر بحلاق الرأس أو موضع القود منه ثم يأخذ قياس شجة المستقاد له ويقدر رأسه ثم يضع مقياسها في موضعه من رأس الشاج ثم يعلمه بسواد أو غيره ثم يأخذ المستقيد بشق ما شرط في العلامتين حتى يستوظف الشجة ويأخذانه بذلك في عرضها وعمقها وينظر فإن كان شقا واحدا أيسر عليه فعل وإن كان شقه شيئا بعد شيء أيسر عليه فعل، وإن قيل شقه واحدة أيسر عليه أجرى يده مرة واحدة فإذا خيفت زيادته أمر أن يحرفها من الطرف الذي يأخذ منه إلى موضع لا يخاف فعله فإذا قارب منتهاها أبطأ بيده لئلا يزيد شيئا. فإن أقاد وعلى المستقاد منه شعر فقد أساء ولا شيء عليه، وإنما أعني بذلك شعر الرأس واللحية فأما إن كان القود في جسد وكان شعر الجسد خفيفا لا يحول دون النظر فأحب إلي أن يحلقه وإن لم يفعل فلا بأس إن شاء الله تعالى وإن كان كثيرا حلقه (قال الشافعي): ويؤمر بالمقتص منه فيضبط لئلا يضطرب فتذهب الحديدة حيث لا يريد المقتص فإن أغفل ضبطه أو ضبطه من لا يقوى منه على الاضطراب في يديه فاضطرب والحديدة موضوعة في رأسه في موضع القود فذهبت الحديدة موضعا آخر فهو هدر؛ لأن المقتص له لم يتعد موضع القصاص، وإن ذهابها في غير موضعه بفعل المقتص منه
بنفسه (قال الشافعي): ويعاد للمقتص فيشق في موضع القود أو يقطع في موضعه إن كان القود قطعا حتى يأتي على موضع القصاص فإذا كان القصاص جراحا أقص منه في مجلس واحد جرح بعد جرح (قال الشافعي): ولو كان جرحها هو متفرقة أو جرحها من نفر بأعيانهم، وكذلك لو كان القصاص قطعا أو جراحا وقطعا ليس فيه نفس إلا أن يكون في القصاص منه شيء إذا نيل منه كثير خيف عليه التلف فيؤخذ منه ما لا يخاف عليه ويحبس حتى يبرأ ثم يؤخذ منه الباقي فإن مات قبل أن يؤخذ فعقل الباقي في ماله.
(قال الشافعي): وإن أصاب جراحا ونفسا من رجل أقيد منه في الجراح، الأول فالأول في مقام ما كانت وإن كانت مما يتخوف به التلف أخذت ثم أقيد فإن مات قبل القود فقد أتى على نفسه ولا حق لورثة المستقاد له في ماله؛ لأنه أتى على نفسه ولو كانت الجراح لرجل والنفس لآخر بدئ بالجراح فأقص منها كما وصفت من الجراح إذا كانت لا نفس معها يؤخذ في مقام واحد ما ليس فيه تلف حاضر ويحبس حتى يبرأ ثم يؤخذ الباقي إذا كان الباقي ليس فيه تلف فإن مات فقد قيل يضمن أرش ما بقي من الجراح والنفس (قال الشافعي): وإن لم يكن في الجراح تلف أخذت كلها ثم دفع إلى أولياء المقتول فقتلوه إن شاءوا
(قال): ولو دفع إلى أولياء المقتول فقتلوه ضمن الجراح في ماله ولا يبطل عنه القتل جراح من يقتل له (قال الشافعي): ولو كان جراحا لا نفس فيها لرجل فاقتص من جرح منها فمات ضمن الجارح الميت ما بقي من أرش الجراح التي لم يقتص منه فيها وإن اجتمعت على رجل حدود: حد بكر في الزنا وحد في القذف وحد في سرقة يقطع فيها، وقطع طريق يقطع فيه أو يقتل وقتل رجل: بدئ بحق الآدميين فيما ليس فيه قتل ثم حق الله تبارك وتعالى فيما لا نفس فيه ثم كان القتل من ورائها يحد أولا في القذف ثم حبس فإذا برئ حد في الزنا ثم حبس حتى يبرأ، ثم قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف وكانت يده اليمنى للسرقة وقطع الطريق معا، ورجله لقطع الطريق مع يده ثم قتل قودا أو بردة فإن مات في الحد الأول أو الذي بعده أو قتل بحد سقطت عنه الحدود التي لله عز وجل كلها.

وإن كان قاتلا لرجل فمات قبل يقتل قودا كان عليه دية النفس، وكذلك إن كان جرحا لم يسقط أرش الجرح؛ لأنه يملك بالجرح والنفس مال ولا يملك بحد القذف ولا حد السرقة مال بحال (قال الشافعي): وإن قتله الإمام لولي الدم أو ردة فقد أساء وتبطل عنه الحدود التي لله عز وجل؛ لأنه ميت ولا مال فيها (قال الشافعي): وإنما حددته بالحدود كلها؛ لأنه ليس منها واحد إلا واجب عليه مأمور بأخذه فلا يجوز - والله أعلم - أن أعطل مأمورا به لمأمور به أعظم ولا أصغر منه وأنا أجد السبيل إلى أخذه كما تكون عليه الحقوق للآدميين فلا يجوز إلا أن تؤخذ منه كلها إذا قدر على أخذها. وإذا كان المستقاد منه مريضا ولا نفس عليه لم يقتص منه فيما دون النفس حتى يبرأ فإذا برئ اقتص منه.
، وكذلك كل حد وجب عليه لله عز وجل أو أوجبه الله للآدميين فإن كانت على المريض نفس قتل مريضا أو صحيحا. وإن كان جرح فمات المجروح من الجرح أقيد منه من الجرح والنفس معا في مقام واحد؛ لأني إنما أؤخره فيما دون النفس لئلا يتلف بالقود مع المرض وإذا كنت أقيد بالقتل لم أؤخره بالمرض وهكذا إذا كان القود في بلاد باردة وساعة باردة أو بلاد حارة وساعة حارة فإذا كان ما دون النفس أخر حتى يذهب حد البرد وحد الحر ويقتص منه في الحال التي ليست بحال تلف ولا شديدة المباينة لما سواها من الأحوال وكان حكم الحر والبرد حكم مرضه يقتص منه في النفس ولا يقتص منه فيما دونها. والمرأة والرجل في هذا سواء إلا أن تكون المرأة حاملا فلا يقتص منها ولا تحد حتى تضع حملها (قال الشافعي): وإن كان القصاص في رجل في جميع أصابع كفه أو بعضها فقال اقطعوا يدي
بنفسه (قال الشافعي): ويعاد للمقتص فيشق في موضع القود أو يقطع في موضعه إن كان القود قطعا حتى يأتي على موضع القصاص فإذا كان القصاص جراحا أقص منه في مجلس واحد جرح بعد جرح (قال الشافعي): ولو كان جرحها هو متفرقة أو جرحها من نفر بأعيانهم، وكذلك لو كان القصاص قطعا أو جراحا وقطعا ليس فيه نفس إلا أن يكون في القصاص منه شيء إذا نيل منه كثير خيف عليه التلف فيؤخذ منه ما لا يخاف عليه ويحبس حتى يبرأ ثم يؤخذ منه الباقي فإن مات قبل أن يؤخذ فعقل الباقي في ماله.
(قال الشافعي): وإن أصاب جراحا ونفسا من رجل أقيد منه في الجراح، الأول فالأول في مقام ما كانت وإن كانت مما يتخوف به التلف أخذت ثم أقيد فإن مات قبل القود فقد أتى على نفسه ولا حق لورثة المستقاد له في ماله؛ لأنه أتى على نفسه ولو كانت الجراح لرجل والنفس لآخر بدئ بالجراح فأقص منها كما وصفت من الجراح إذا كانت لا نفس معها يؤخذ في مقام واحد ما ليس فيه تلف حاضر ويحبس حتى يبرأ ثم يؤخذ الباقي إذا كان الباقي ليس فيه تلف فإن مات فقد قيل يضمن أرش ما بقي من الجراح والنفس (قال الشافعي): وإن لم يكن في الجراح تلف أخذت كلها ثم دفع إلى أولياء المقتول فقتلوه إن شاءوا
(قال)
: ولو دفع إلى أولياء المقتول فقتلوه ضمن الجراح في ماله ولا يبطل عنه القتل جراح من يقتل له (قال الشافعي): ولو كان جراحا لا نفس فيها لرجل فاقتص من جرح منها فمات ضمن الجارح الميت ما بقي من أرش الجراح التي لم يقتص منه فيها وإن اجتمعت على رجل حدود: حد بكر في الزنا وحد في القذف وحد في سرقة يقطع فيها، وقطع طريق يقطع فيه أو يقتل وقتل رجل: بدئ بحق الآدميين فيما ليس فيه قتل ثم حق الله تبارك وتعالى فيما لا نفس فيه ثم كان القتل من ورائها يحد أولا في القذف ثم حبس فإذا برئ حد في الزنا ثم حبس حتى يبرأ، ثم قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف وكانت يده اليمنى للسرقة وقطع الطريق معا، ورجله لقطع الطريق مع يده ثم قتل قودا أو بردة فإن مات في الحد الأول أو الذي بعده أو قتل بحد سقطت عنه الحدود التي لله عز وجل كلها.

وإن كان قاتلا لرجل فمات قبل يقتل قودا كان عليه دية النفس، وكذلك إن كان جرحا لم يسقط أرش الجرح؛ لأنه يملك بالجرح والنفس مال ولا يملك بحد القذف ولا حد السرقة مال بحال (قال الشافعي): وإن قتله الإمام لولي الدم أو ردة فقد أساء وتبطل عنه الحدود التي لله عز وجل؛ لأنه ميت ولا مال فيها (قال الشافعي): وإنما حددته بالحدود كلها؛ لأنه ليس منها واحد إلا واجب عليه مأمور بأخذه فلا يجوز - والله أعلم - أن أعطل مأمورا به لمأمور به أعظم ولا أصغر منه وأنا أجد السبيل إلى أخذه كما تكون عليه الحقوق للآدميين فلا يجوز إلا أن تؤخذ منه كلها إذا قدر على أخذها. وإذا كان المستقاد منه مريضا ولا نفس عليه لم يقتص منه فيما دون النفس حتى يبرأ فإذا برئ اقتص منه.
، وكذلك كل حد وجب عليه لله عز وجل أو أوجبه الله للآدميين فإن كانت على المريض نفس قتل مريضا أو صحيحا. وإن كان جرح فمات المجروح من الجرح أقيد منه من الجرح والنفس معا في مقام واحد؛ لأني إنما أؤخره فيما دون النفس لئلا يتلف بالقود مع المرض وإذا كنت أقيد بالقتل لم أؤخره بالمرض وهكذا إذا كان القود في بلاد باردة وساعة باردة أو بلاد حارة وساعة حارة فإذا كان ما دون النفس أخر حتى يذهب حد البرد وحد الحر ويقتص منه في الحال التي ليست بحال تلف ولا شديدة المباينة لما سواها من الأحوال وكان حكم الحر والبرد حكم مرضه يقتص منه في النفس ولا يقتص منه فيما دونها. والمرأة والرجل في هذا سواء إلا أن تكون المرأة حاملا فلا يقتص منها ولا تحد حتى تضع حملها (قال الشافعي): وإن كان القصاص في رجل في جميع أصابع كفه أو بعضها فقال اقطعوا يدي
من جنايته ما لم تبرأ الجناية. ولو أن البينة قالت برأت الجراحة وأجلبت، ثم انتقضت فذهبت الكف أو زادت الشجة فقال الجاني: انتقضت أن المجني عليه نكأها أو أن غيره أحدث عليها جناية كان القول قول الجاني في أن تسقط الزيادة إلا أن تثبت البينة أنها انتقضت من غير أن ينكأها المجني عليه أو يحدث عليها غيره جناية من قبل أن البينة شهدت أن الجناية قد ذهبت، وإن قالوا انتقضت وقد يكون منها ومن غيرها يحدث عليها (قال الربيع) قلت أنا وأبو يعقوب وإذا قطعت البينة أنها انتقضت من جنايته الأولى كان على الجاني تأكلها حتى يأتي بالبينة أن ذلك الانتقاض من غير جنايته. .
دواء الجرح
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا جرح الرجل الرجل بشق لا يقطع طرفا انبغى للوالي أن يقيس الجرح نفسه وللمجروح أن يداويه بما يرى أنه ينفعه بإذن الله تعالى فإذا داواه بما يزعم أهل العلم بالدواء الذي يداوى به أنه لا يأكل اللحم الحي فتأكل الجرح فالجارح ضامن لأرش تأكله؛ لأنه بسبب جنايته ولو قال الجارح: داواه بما يأكل اللحم الحي وأنكر المجروح ذلك كان القول قول المجروح وعلى الجارح البينة بما ادعاه ولو داواه بما يأكل اللحم لم يضمن الجاني إلا أرش الجرح الذي أصابه منه وجعلت الزيادة مما داواه. .
جناية المجروح على نفسه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو قطع من لحمه شيئا فإن كان قطع لحما ميتا فذلك دواء والجارح ضامن بعد لما زادت الجراح، وإن كان قطع ميتا وحيا لم يضمن الجارح إلا الجرح نفسه وإذا قلت: الجارح ضامن للزيادة في الجراح فإن مات منها المجروح فعلى الجارح القود عمدا إلا أن تشاء ورثته الدية فتكون في ماله، وعلى عاقلته الدية إن كانت خطأ، وإذا قلت ليس الجارح بضامن للزيادة فمات المجروح جعلت على الجارح نصف ديته ولم أجعل له في النفس قودا، وإن كانت عمدا وجعلته شيئا من جناية الجاني وجناية المجني على نفسه أبطلت جنايته على نفسه وضمنت الجاني جنايته عليه، وهكذا لو كان في طرف فإن كان الكف فتآكلت فسقطت أصابعها أو الكف كلها فالجاني ضامن لزيادتها في ماله إن كانت عمدا وإن قطع المجني عليه الكف أو الأصابع لم يضمن الجاني مما قطع المجني عليه شيئا إلا أن تقوم البينة بأن المقطوع كان ميتا فيضمن أرشها فإن لم تثبت البينة أنه كان ميتا أو قالت كان حيا وكان خيرا له أن يقطع فقطعه لم يضمنه الجاني.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #244  
قديم 01-05-2023, 08:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (244)
صــــــــــ 62 الى صـــــــــــ 68



وكذلك لو أصاب المجني عليه منه أكلة وكان خيرا له أن يقطع الكف لئلا تمشي الأكلة في جسده فقطعها، والأطراف حية لم يضمن الجاني شيئا من قطع المجني عليه فإن مات جعلت على الجاني نصف ديته؛ لأن ظاهره أنه مات من جناية الجاني وجناية المجني عليه على نفسه وإذا داوى المجني عليه جراحه بسم فمات فعلى الجاني نصف
أرش المجني عليه؛ لأنه مات من السم والجناية فإن كان السم يوحي مكانه كما يوح الذبح فالسم قاتل وعلى الجاني أرش الجرح فقط، وإن كان السم مما يقتل ولا يقتل فالجناية من السم والجراح وعليه نصف الدية، وإن كان داوى جرحه بشيء لا يعرف فالقول قول المجني عليه أنه شيء لا يضر مع يمينه وقول ورثته بعده والجاني ضامن لما حدث في الجناية.
ولو أن رجلا جرح رجلا جرحا فخاط المجروح عليه الجرح ليلتئم فإن كانت الخياطة في جلد حي فالجارح ضامن للجرح وإن مات المجروح بعد الخياطة فعلى الجارح نصف الدية وأجعل الجناية من جرح الجاني وخياطة المجروح؛ لأن الخياطة ثقب في جلد حي وإن كانت الخياطة في جلد ميت فالدية كلها على الجارح ولا يعلم موت الجلد ولا اللحم إلا بإقرار الجاني أو بينة تقوم للمجني عليه من أهل العلم؛ لأن الظاهر أن ذلك حي حتى يعلم موته ولو لم يزد المجروح على أن ربط الجرح رباطا بلا خياطة ولاحم بينه بدمه أو بدواء لا يأكل اللحم الحي وليس بسم فمات المجني عليه كان الجاني ضامنا لجميع النفس؛ لأن المجني عليه لم يحدث فيها جناية إنما أحدث فيها منفعة وغير ضرر.
(قال الشافعي): ولو أن المجني عليه كوى الجرح كان كيه إياه تكميدا بصوف أو ما أشبهه مما يقول أهل العلم: إن هذا ينفع ولا يضر من بلغ هذا أو أكثر منه ضمن الجارح الجناية وما زاد فيها وإن كان بلغ كيها أن أحرق معها صحيحا أو قيل: قد كواها كيا ينفع مرة ويضر أخرى أو يدخل بداخله حال فهو جان على نفسه كما وصفت في الباب قبله يسقط نصف النفس بجنايته على نفسه ويلزم الجاني نصفها إن صارت الجناية نفسا. .
من يلي القصاص
(قال الشافعي)
: وإذا قطع الرجل أو جرح فسأل أن يخلى بينه وبين أن يقتص لنفسه لم يخل وذلك، وكذلك لا يخلى وذلك ولي له ولا عدو للمقتص منه ولا يقتص إلا عالم بالقصاص عدل فيه ويكفي فيه الواحد؛ لأنه لا يقتص الاثنان ويأمر الواحد من يعينه ولا يستعين بظنين على المقتص منه بحال. وعلى السلطان أن يرزق من يأخذ القصاص ويقيم الحدود في السرقة وغيرها من سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس كما يرزق الحكام ولا يكلف ذلك الناس فإن لم يفعل الحاكم فأجر المقتص على المقتص منه؛ لأن عليه أن يعطي كل حق وجب عليه ولا يكمل إعطاؤه إياه إلا بأن يسقط المؤنة عن أخذه كما يكون عليه أن يعطي أجر الكيال للحنطة والوزان للدنانير وهكذا كل قصاص دون النفس يليه غير المقتص له ووليه. وإذا قتل رجل رجلا فسأل أولياؤه أن يمكن من القاتل يضرب عنقه أمكن منه وينبغي للإمام أن يتحفظ فيأمر من ينظر إلى سيفه فإن كان صارما وإلا أمره أن يأخذ سيفا صارما لئلا يعذبه، ثم يدعه وضربه فإن ضربه ضربة فقتله فقد أتى على القود وإن ضربه على كتفيه أو في رأسه منعه العودة وأحلفه ما عمد ذلك فإن لم يحلف على ذلك عاقبه وإن حلف تركه ولا أرش فيها وأمر هو بضرب عنقه بأمر الولي وجبر الولي على ذلك إلا أن يعفو، وإن كان القاتل ضرب المقتول ضربات في عنقه تركه يضربه حتى يبلغ عدد الضربات فإن مات وإلا يأمر غيره بقتله، وإذا أمر الإمام الرجل غير الظنين
على المستقاد منه أن يقتله فضربه ضربات فلم يقتله أعاد الضرب حتى يأتي على نفسه. وينبغي أن يأمر بسيف أصرم من سيفه ويأمر رجلا أضرب منه ليوحيه فإن كان القاتل قطع يدي المقتول أو رجليه أو شجه أو أجافه، ثم قتله أو نال منه ما يشبه ذلك فسأل الولي أن يصنع ذلك به ولينا من يحسن تلك الجراح كلها كما تولى الجارح دون النفس فإن مات وإلا ولينا الولي ضرب عنقه لا يلي الولي إلا قتلة وحية من ضرب عنق أو ذبح إن كان القاتل ذبحه أو خنقه أو ما أشبهه من الميتات الوحية. فإذا بلغ من خنقه بقدر ما مات الأول ولم يمت منعناه الخنق وأمرناه بضرب عنقه، ولو كان القاتل ضرب وسط المقتول ضربة فأبانه خلينا بين وليه وبين أن يضربه حيث ضربه فإن أبانه وإلا أمرناه أن يضرب عنقه، ولو كان لم يبنه إلا بضربات خلينا بينه وبين عدد ضربات فإن لم يبنه قتلناه بأيسر القتلتين ضربة تبين ما بقي منه أو ضربة عنق. .
خطأ المقتص
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا أمر المقتص أن يقتص فوضع الحديدة في موضع القصاص ثم جرها جرا فزاد على قدر القصاص سئل أهل العلم فإن قالوا: قد يخطأ بمثل هذا سئل فإن قال أخطأت أحلف ولا قصاص عليه وعقل ذلك عنه عاقلته، وإن قالوا لا يخطأ بمثل هذا فللمستقاد منه القصاص بقدر الزيادة إلا أن يشاء منه الأرش فيأخذه من ماله، وكذلك إن قالوا: قد يخطأ بمثله وقيل للمقتص احلف لقد أخطأت به فإن أقر أقص منه أو أخذ من ماله الأرش وإن لم يقر ونكل قيل: للمجني عليه احلف لقد عمد فإن حلف فله القود وإن نكل فلا شيء له حتى يحلف فيستقيد أو يأخذ المال.
وهكذا إذا وضع الحديدة في موضع غير موضع القود لا يختلف فيه الجواب فيما أمكن أن يكون خطأ وما لم يمكن، وإذا وضع الحديدة في غير موضعها أعدته حتى يضعها في موضعها حتى يستقيد للمجني عليه الأول ولا يتخذ إلا أمينا لخطئه وعمده فإذا كان القصاص على يمين فأخطأ المقتص فقطع يسارا أو كان على أصبع فأخطأ فقطع غيرها فإن كان يخطأ بمثل هذا درئ عنه الحد وكان العقل على عاقلته (قال الربيع) وفيه قول آخر: أن ذلك عليه في ماله ولا تحمله العاقلة؛ لأنه عمد أن يقطع يده ولكنا درأنا عنه القود لظنه أنها اليد التي وجب فيها القصاص فأما قطعه إياها فعمد.

(قال الشافعي)
: وإذا كان لا يخطأ به اقتص منه، وإذا برأت جراحته التي أخطأ بها المقتص اقتص الأول، ولو قال المقتص للمقتص منه: أخرج يسارك فقطعها وأقر أنه عمد إخراج يساره وقد علم أن القصاص على يمينه وأن المقتص أمر بإخراج يمينه فلا عقل ولا قود على المقتص، وإذا برئ اقتص منه لليمنى، وإن قال: أخرجتها له ولم أعلم أنه قال: أخرج يمينك ولا أن القصاص على اليمنى. أو رأيت أني إذا أخرجتها فاقتص منها سقط القصاص عني أحلف على ذلك ولزمت دية يده المقتص ولا قود ولا عقوبة عليه وإنما يسقط العقل والقود إذا أقر المقتص منه أنه دلسها وهو يعلم أن القود على غيرها، ولو كان المقتص منه في هذه الأحوال كلها مغلوبا على عقله فأخطأ المقتص فإن كان مما يخطأ بمثله فعلى عاقلته، وإن كان مما لا يخطأ بمثله فعليه القود إلا إذا أفاق الذي نال ذلك منه وسواء إذا كان المقتص منه مغلوبا على عقله أذن له أو دلس له أو لم يدلس؛ لأنه لا أمر له في نفسه، وإذا أمر أبو الصبي أو سيد المملوك الختان بختنهما ففعل فماتا فلا عقل ولا قود ولا كفارة على الختان وإن ختنهما بغير أمر أبي الصبي أو أمر الحاكم ولا
سيد المملوك وماتا فعليه الكفارة وعلى عاقلته دية الصبي وقيمة العبد ولو كان حين أمره أن يختنهما أخطأ فقطع طرف الحشفة وذلك مما يخطئ مثله بمثله فلا قصاص وعليه من دية الصبي وقيمة العبد بحساب ما بقي ويضمن ذلك العاقلة.
ولو قطع الذكر من أصله وذلك لا يخطأ بمثله حبس حتى يبلغ الصبي فيكون له القود أو أخذ الدية أو يموت فيكون لوارثه القصاص أو الدية تامة، ولو كانت بواحد منهما أكلة في طرف من أطرافه فأمره أبو الصبي وسيد العبد بقطع الطرف وليس مثلها يتلف فتلف فلا عقل ولا قود ولا كفارة وإن أمره بقطع رأس الصبي فقطعه أو وسط الصبي فقطعه أو بقطع حلقومه فقطعه عوقب الأب على ذلك وعلى القاطع القود إذا مات منه الصبي، وإذا أمره بذلك في مملوكه ففعله فمات المملوك فعلى القاطع عتق رقبة ولا قود عليه (قال الربيع) ليس على قاطع مملوك قيمة؛ لأن سيده الذي أمره وإذا أمره بذلك في دابة له ففعله فلا قيمة عليه؛ لأنه أتلفها بأمر مالكها.
(قال الربيع) والعبد عندي في هذا مثل الدابة هو مال (قال الشافعي): ولو جاء رجل بصبي ليس بابنه ولا مملوكه وليس له بولي إلى ختان أو طبيب فقال: اختن هذا أو بط هذا الجرح له أو اقطع هذا الطرف له من قرحة به فتلف كان على عاقلة الطبيب والختان ديته وعليه رقبة ولا يرجع عاقلته على الآمر بشيء وهو كمن أمر رجلا بقتل.
(قال الشافعي)
: وكل قصاص وجب لصبي أو مغلوب على عقله فليس لأبي واحد منهما ولا وليه من كان أخذ القصاص ولا عفوه ويحبس الجاني حتى يبلغ الصبي أو يفيق المعتوه فيقتصا أو يدعا أو يموتا فتقوم ورثتهما مقامهما (قال الربيع) قال أبو يعقوب: ولو أمر رجل رجلا أن يفعل برجل حر بالغ مغلوب على عقله فعلا - الأغلب منه أنه لا يتلف به ففعله فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دون الآمر ولا يرجع عليه بشيء؛ لأنه كان له أن يمتنع منه
(قال الشافعي): ولو كان قال له: هذا ابني أو غلامي فافعل به كذا وكذا ففعل به فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دية الحر وقيمة العبد وعليه كفارة في ماله.

(قال الربيع) قال أبو يعقوب: وإن كان ابنه أو غلامه فليس له عليه في غلامه شيء إلا الكفارة إذا فعل به ما لا يجوز للسيد فعله به وأما ابنه فإن كان صغيرا أو كبيرا معتوها ففعل به بأمر أبيه ما فيه منفعة لهما فلا شيء عليه وإن كان فعل بهما ما ليس فيه منفعة فعليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، وإن كان الابن الكبير يعقل الامتناع فلا عقل ولا قود ولا كفارة إلا أن يفعل به ما لا يجوز للابن أن يفعله بنفسه فتكون عليه الكفارة (قال الشافعي): وإن جاءه بدابة فقال له: شق ودجها أو شق بطنها أو عالجها ففعل فتلفت ضمن قيمتها إن لم تكن للآمر ولا يضمن إن كانت للآمر شيئا.
(قال الشافعي)
: وإذا أمر الحاكم ولي الدم أن يقتص من رجل في قتل فقطع يده أو يديه ورجليه وفقأ عينه وجرحه، ثم قتله أو لم يقتله عاقبه الحاكم ولا عقل ولا قود ولا كفارة؛ لأن النفس كلها كانت مباحة له، ولا ينبغي للإمام أن يمكنه من القصاص إلا وبحضرته عدلان أو أكثر يمنعانه من أن يتعدى في القصاص، وإذا أمكنه أن يقتص فيما دون النفس فقد أخطأ الحاكم وإن اقتص فقد مضى القصاص ولا شيء على المقتص وإن أمكنه أن يقتص من يسرى يديه فقطع يمناها أو أمكنه من أن يشجه في رأسه موضحة فشجه منقلة أو شجه في غير الموضع الذي شجه فيه فادعى الخطأ فما كان من ذلك مما يخطأ بمثله أحلف عليه وغرم أرشه وإن مات منه ضمن ديته وإن برئ منه غرم أرش ما نال منه وكان عليه القصاص فيما نال من المجني عليه ولم يبطل قصاص المجني عليه بأن يتعدى في الاقتصاص على الجاني وإن كان ذلك لا يخطأ بمثله أو أقر فيما يخطأ بمثله أنه عمد فيها ما ليس له اقتص منه مما فيه القصاص إلا أن يشاء الذي نال ذلك منه أن يأخذ منه العقل.

وإذا عدا الرجل على الرجل فقتله ثم أقام عليه البينة أنه قتل ابنه وهو ولي ابنه لا
وارث له غيره أو قطع يده اليمنى فأقام عليه البينة أنه قطع يده اليمنى فلا عقل ولا قود عليه ويعزز بأخذه حقه لنفسه. .
ما يكون به القصاص
(قال الشافعي)
: - رحمه الله -: وما قلت إني أقتص به من القاتل إذا صنعه بالمقتول فلولاة المقتول أن يفعلوا بالقاتل مثله وذلك مثل أن يشدخ رأسه بصخرة فيخلى بين ولي المقتول وبين صخرة مثلها ويصير له القاتل حتى يضربه بها عدد ما ضربه القاتل إن كانت ضربة فلا يزيد عليها وإن كانت اثنتين فاثنتين، وكذلك إن كان أكثر فإذا بلغ ولي المقتول عدد الضرب الذي ناله القاتل من المقتول فلم يمت خلى بينه وبين أن يضرب عنقه بالسيف ولم يترك وضربه بمثل ما ضربه به إن لم يكن له سيف وذلك أن القصاص بغير السيف إنما يكون بمثل العدد فإذا جاوز العدد كان تعديا من جهة أنه ليس من سنة القتل وإنما أمكنته من قتله بالسيف؛ لأنه كانت له إفاتة نفسه مع ما ناله به من ضرب فإذا لم تفت نفسه بعدد الضرب أفتها بالسيف الذي هو أوحى القتل.

وهكذا إذا كان قتله بخشبة ثقيلة أو ضربة شديدة على رأسه وما أشبه هذا من الدامغ أو الشادخ أمكنت منه ولي القتيل فإن كان الضرب بعصا خفيفة أو سياط رددها حتى تأتي على نفسه لم أمكن منه ولي القتيل؛ لأن الضربة بالخفيف تكون أشد من الضربة بالثقيل وليس هذه ميتة وحية في الظاهر وقلت لولي القتيل: إن شئت أن تأمر من يرفق به فيقال له تحر مثل ضربه حتى تعلم أن قد جئت بمثل ضربه وأخف حتى تبلغ العدد فإن مات وإلا خليت وضرب عنقه بالسيف، وإن كان ربطه، ثم ألقاه في نار أحميت له نار كتلك النار لا أكثر منها وخلى ولي القتيل بين ربطه بذلك الرباط وإلقائه في النار قدر المدة التي مات فيها الملقى فإن مات وإلا أخرج منها وخلي ولي القتيل فضرب عنقه وهكذا إذا ربطه وألقاه في ماء فغرقه أو ربط برجله رحا فغرقه خلي بين ولي القتيل وبينه فألقاه في ماء قدر ذلك الوقت فإن مات وإلا أخرج فضربت عنقه.

وإن ألقاه في مهواة خلي بينه وبين ولي القتيل فألقاه في المهواة بعينها أو في مثلها في البعد وشدة الأرض لا في أرض أشد منها فإن مات وإلا ضربت عنقه
(قال الشافعي): فإن كان خنقه بحبل حتى قتله خلي بين ولي القتيل وخنقه بمثل ذلك الحبل حتى يقتله إذا كان ما صنع به من القتل الموحي خليت بين ولي القتيل وبينه، وإذا كان مما يتطاول به التلف لم أخل بينه وبينه وقتلته بأوحى الميتة عليه وإذا كان قطع يديه ورجليه من المفصل أو جرحه جائفة أو موضحة أو غير ذلك من الجراح لم يقتص منه ولي القتيل؛ لأن هذا مما لا يكون تلفا وحيا وخلي بين من يقطع الأيدي والأرجل إن أراد ذلك ولي القتيل فقطع يديه ورجليه.

ومن يقتص من الجراح فاقتص منه في الجراح فإن مات مكانه وإلا خلي بين ولي القتيل وضرب عنقه، وإن كان القاتل ضرب وسط المقتول بسيف ضربة فأبانه باثنين خلي بين ولي المقتول وبين أن يضربه ضربة بسيف فإن كان القاتل بدأها من قبل البطن خلي ولي القتيل فبدأها من قبل البطن فإن أبانه وإلا أمر بضرب عنقه
(قال الشافعي): وما خلي بين ولي المقتول وبينه من هذا الضرب فضرب في موضع غيره منع الضرب فيما يستقبل وأمر غيره ممن يؤمن عليه به وسواء كان ذلك في ضرب عنقه أو وسطه أو غيره كأن أمر بأن يضرب عنقه فضرب كتفيه أو ضرب رأسه فوق عنقه ليطول الموت عليه، فإذا قطع الرجل يدي الرجل ورجليه وجنى عليه جناية فمات من تلك الجنايات أو بعضها فلأوليائه الخيار بين
القصاص أو الدية فإن اختاروا الدية وسألوا أن يعطوا أرش الجراحات كلها والنفس أو أرش الجراحات دون النفس لم يكن ذلك لهم وكانت لهم دية واحدة تكون الجراحات ساقطة بالنفس إذا كانت النفس من الجراحات أو بعضها.
وهكذا لو جنى عليه رجلان أو ثلاثة فلم تلتئم الجراحة حتى مات فاختاروا الدية كانت لهم دية واحدة، ولو برئ في المسألتين معا أو كان غير ضمن من الجراح، ثم مات قبل أن تلتئم الجراح أو بعد التئامها فسأل ورثته القصاص من الجراح أو أرشها كلها أخذ الجاني بالقصاص أو أرشها كلها وإن كانت ديات كثيرة؛ لأنها لم تصر نفسا وإنما هي جراح ولو اختلف الجاني وورثة المجني عليه فقال: الجاني مات منها وقال ورثة المجني عليه: لم يمت منها كان القول قول ورثة المجني عليه مع أيمانهم وعلى الجاني البينة بأنه لم يزل منها ضمنا حتى مات أو ما أشبه ذلك مما يثبت موته منها ولو قطع رجل يده وآخر رجله وجرحه آخر، ثم مات فقال ورثته: برئ من جراح أحدهم ومات من جراح الآخر فإن صدقهم الجانون فالقول ما قالوا وعلى الذي مات من جراحه القصاص في النفس أو الأرش وعلى الذي برأت جراحته القصاص من الجراح أو دية الجراح وإن صدقهم الذي قال إن جراحه برأت وكذبهم الذي قال إن جراحه لم تبرأ فقال بل مات من جراح الذي زعمت أن جراحه برأت وبرأت جراحي فالقول قوله مع يمينه، ولا يلزمه القتل أبدا ولا النفس حتى يشهد الشهود أن المجروح لم يزل مريضا من جراح الجارح حتى مات ولو قال مات من جراحنا معا فمن قتل اثنين بواحد جعل على الذي أقر القتل فإن أرادوا أن يأخذوا منه الدية لم يجعل عليه إلا نصفها؛ لأنه يقول إنه مات من جراحنا معا. .

العلل في القود
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كسر الرجل سن الرجل من نصفها سألت أهل العلم فإن قالوا نقدر على كسرها من نصفها بلا إتلاف لبقيتها ولا صدع أقدته وإن قالوا: لا نقدر على ذلك لم نقده لتفتتها وإذا قلع رجل ظفر رجل فسأل القود قيل لأهل العلم: تقدرون على قلع ظفره بلا تلف على غيره؟ فإن قالوا نعم أقيد، وإن قالوا لا ففي الظفر حكومة وإن قطع الرجل أنملة رجل ولا ظفر للمقطوعة أنملته فسأل القصاص لم يكن له، وكذلك إن كان ظفرها مقطوعا قطعا لا يثبت لا قليلا ولا كثيرا لنقصها عن أنملة المقتص منه وما كان في سن أو ظفر من عوار لا يفسد الظفر وإن كان يعيبه وكان لا يفسد السن بقطع ولا سواد ينقص المنفعة أو كان أثر قرحة خفيفا كان له القصاص، وإن كان رجل مقطوع أنملة فقطع رجل أنملته الوسطى، والقاطع وافر تلك الأصبع فسأل المقطوعة أنملته الوسطى القصاص لم يكن له ولا يجوز أن يقطع له الأنملة التي من طرف بوسطى ولا الوسطى فتقطع بأنملته التي قطع من طرف ولم يقطعها.
(قال الشافعي)
: ولو قطع أنملة خنصر من طرف من رجل وأنملة خنصر الوسطى من آخر من أصبع واحدة فإن جاءا معا اقتص منه لأنملة الطرف ثم اقتص منه أنملة الخنصر الوسطى وإن جاء صاحب الوسطى قبل صاحب الطرف قيل: لا قصاص لك وقضي له بالدية وإن جاء صاحب الطرف فقطع له الطرف فسأل المقضي له بالدية ردها إن كان أخذها أو إبطالها إن كان لم يأخذها، ويقطع له أنملة الوسطى قصاصا لم يجب إلى ذلك؛ لأنه قد أبطل القصاص وجعل أرشا، وكذلك لو قطع وسط أنملة رجل الوسطى فقضي له بالأرش، ثم انقطع طرف أنملته، فسأل القصاص لم يقص له به ولو لم يأت صاحب الوسطى حتى انقطع طرف أنملته أو قطع بقصاص كان له القصاص. وإذا قطع الرجل يد الرجل
والمقطوعة يده نضو الخلق ضعيف الأصابع قصيرها أو قبيحها أو معيب بعضها عيبا ليس بشلل والقاطع تام اليد والأصابع حسنها قطعت بها، وكذلك لو كان المقطوع هو التام اليد والقاطع هو الناقصها كانت له لا فضل بينهما في القصاص.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #245  
قديم 01-05-2023, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (245)
صــــــــــ 68 الى صـــــــــــ 72



(قال الشافعي): وإذا قطع الرجل يد الرجل وفيها أصبع شلاء أو مقطوعة أنملة والقاطع تام الأصابع لم يقد منه للمقطوع لنقص يده عن يده ولو قال: اقطعوا لي من أصابعه بقدر أصابعي وأبطل حقي في الكف قطع له ذلك؛ لأنه أهون من قطع الكف كلها. وإذا كانت في الرجل الحياة وإن كان أعمى أصم فقتله صحيح قتل به ليس في النفس نقص حكم عن النفس وفيما سوى النفس نقص عن مثله من يد أو رجل إذا كان النقص عدما أو شللا أو في موضع شجة وغيرها. فلو أن رجلا شج رجلا في قرنه والشاج أسلخ القرن فللمشجوج الخيار في القصاص أو أخذ الأرش. ولو كان المشجوج أسلخ القرن لم يكن للمشجوج القصاص؛ لأنه أنقص الشعر عن الشاج.
ولو كان خفيف الشعر أو فيه قرع قليل يكتسي بالشعر إن طال شيء كان له القصاص (قال الربيع) قال أبو يعقوب: لا تقطع أصبع صحيحة بشلاء ولا ناقصة أنملة وله حكومة في الشلاء وأرش المقطوعة الأنملة. .
ذهاب البصر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا جنى الرجل على عين الرجل ففقأها فالجناية عليه وإن سأل أن يمتحن فيعلم أنه لا يبصر بها فليس في هذا مثلة وفي هذه القود إن كان عمدا إلا أن يشاء المجني عليه العقل فإذا شاء العقل ففيها خمسون من الإبل حالة في مال الجاني دون عاقلته.
وإن كانت الجناية خطأ ففيها خمسون من الإبل على عاقلته ثلثا الخمسين في مضي سنة، وثلث الخمسين في مضي السنة الثانية: فإن جرحت عين رجل أو ضربت وابيضت فقال المجني عليه: قد ذهب بصرها سئل أهل العلم بها فإن قالوا قد نحيط بذهاب البصر علما لم يقبل منهم على ذهاب البصر إذا كانت الجناية عمدا ففيها القود إلا شاهدان حران مسلمان عدلان. وقبل إن كانت خطأ لا قود فيها شاهد وامرأتان وشاهد ويمين المجني عليه ويسأل من يقبل من أهل العلم بالبصر فإن قالوا إذا ذهب البصر لم يعد وقالوا: نحن نعلم ذهابه ومكانه قضي للمجني عليه بالقصاص في العمد إلا أن يشاء الأرش أو الأرش في الخطأ (قال الشافعي): وإذا اختلف أهل البصر فقالوا ما يكون علمنا بذهاب البصر علما حتى يأتي على المجني عليه مدة، ثم ننظر إلى بصره فإن كان بعد انقضاء المدة على ما نراه فقد ذهب بصره لم يقض له حتى تأتي تلك المدة ما لم يحدث عليه حادث.
وكذلك إن قال هكذا عدد من أهل البصر وخالفهم غيرهم لم أقض له حتى تأتي تلك المدة التي يجمعون على أنها إذا كانت ولم يبصر فقد ذهب البصر وإن لم يختلف أهل البصر في أنها لا تعود ليبصر بها أحلفت المجني عليه مع شاهده في الخطأ وقضيت بذهاب بصره فإذا شهد من أقبل شهادته أن بصره قد ذهب وأخرته إلى المدة التي وصفوا أنه إذا بلغها قال أهل البصر الذين يجتمعون لا يعود بصره فمات قبلها أو أصاب عينه شيء بخقها فذهابها من الجاني الأول حتى يستيقن أن ذهاب بصرها من وجع أو جناية وليس على الجاني الآخر إلا حكومة: وكان على الجاني الأول القود إن كان عمدا والعقل إن كانت الجناية خطأ. وإن قال الجاني الأول أحلفوا لي المجني عليه ما عاد بصره منذ جنيت عليه إلى أن جنى هذا عليه فعلناه.
وكذلك إن قال أحلفوا ورثته أحلفناهم
على علمهم، وكذلك إن قال لم يكن بصره ذهب، أحلفوا لقد ذهب بصره ولو لم يحلف المجني عليه وأقر أن قد أبصر أو جاء قوم فقالوا قد ذكر أن بصره عاد عليه أو رأيناه يبصر بعينه أبطلنا جناية الأول وجعلنا الجناية على الآخر وإن لم نجد من يعلم ذلك ولم يقله إلا بعد جناية الآخر بطلت جناية الأول عليه بإقراره ولم يصدق على الآخر؛ لأنه جنى على بصره وهو ذاهب ولا يعلم ذكره رجوع بصره قبل الجناية.
أو أحلف الجاني الآخر لقد جنى عليه وما يبصر من جناية الأول عليه وغير جنايته. وهكذا ورثته لو قالوا قوله وإنما أقبل قول أهل البصر إذا ادعى المجني عليه ما قالوا.
فإن قال هو: أنا أبصر أو قد عاد إلي بصري أو قال ذلك ورثته فإن الجناية ساقطة عن الجاني، وإن قال أهل البصر بالعيون قد يذهب البصر لعلة فيه، ثم يعالج فيعود أو يعود بلا علاج ولا يؤيس من عودته أبدا إلا بأن تبخق العين أو تقلع وقالوا قد ذهب بصر هذا والطمع به الساعة وبعد مائة سنة واليأس منه سواء فإني أقضي له مكانه بالأرش إن كانت الجناية خطأ والقود إن كانت عمدا، وكذلك أقضي للرجل الذي قد ثغر بقلع سنه وإن قيل: قد يعود ولا يعود، وإن قال أهل البصر بالعيون: ما عندنا من هذا علم صحيح بحال إذا كانت العين قائمة أحلفت المجني عليه لقد ذهب بصره، ثم قضيت له بالقود في العمد إلا أن يشاء العقل فيه وقضيت له بالعقل في الخطأ فإذا قضيت له بقود أو عقل، ثم عاد بصر المستقاد له فإن شهد أهل العدل من أهل البصر أن البصر قد يعود بعد ذهابه بعلاج أو غير علاج لم أجعل للمستقاد منه شيئا ولم أرده بشيء أخذه منه.
وكذلك لو عاد بصر المستقاد منه لم أعد عليه بفقء بصره ولا سمله ولا بعقل.
وإن قال أهل البصر:
لا يكون أن يذهب البصر بحال، ثم يعود بعلاج ولا غيره ولكن قد تعرض له العلة تمنعه البصر ثم تذهب العلة فيعود البصر فاستقيد من رجل ثم عاد بصر المستقاد له لم يرجع على المستقاد له بعود البصر ولا على الوالي بشيء وأعطي المستقاد منه أرش عينه من عاقلة الحاكم، وقد قيل: يعطاه مما يرزق السلطان ويصلح أمر رعاية المسلمين من سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس ولكن لو كان المجني عليه أخذ من الجاني أو عاقلته أرش العقل، ثم عاد بصره رجع الجاني أو عاقلته عليه بما أخذه منهم ولا يترك له منه شيء ولو لم يعد بصر المستقاد له وعاد بصر المستقاد منه عيد له في هذا القول بما يذهب بصره، ثم كلما عاد بصره عيد له فأذهب قودا أو أخذ منه العقل إن شاء ذلك المجني عليه. وإذا كان المصابة عينه مغلوبا أو صبيا لا يعقل فإذا قبلت قول أهل البصر جعلت على الجاني عليه الأرش في الخطأ.

وكذلك أجعله عليه في العمد إن لم يكن على الجاني قود. ولم أنتظر به شيئا في الوقت الذي أقضي به فيه للذي يعقل ويدعي ذهاب بصره ويشهد له أهل البصر بذهابه، وإذا لم أقبل قول أهل البصر لم أقض لواحد منهما في عينه القائمة بشيء بحال حتى يفيق المعتوه أو يبلغ الصبي فيدعي ذهاب بصره ويحلف على ذلك أو يموتا فيقضى بذلك لورثتهما وتحلف ورثته لقد ذهب بصره، وإذا كان ما لا شك فيه من بخق البصر أو إخراج العين في الخطأ قضي للمعتوه والصبي وغيرهما مكانهم بالعقل، وللبالغ بالقود في العمد إذا طلبه. ويحبس الجاني في العمد على المعتوه والصبي أبدا حتى يفيق هذا ويبلغ هذا فيلي ذلك لنفسه أو يموت فتقوم ورثته فيه مقامه ومتى ما بلغ هذا أو أفاق هذا جبرته مكانه على اختيار العقل أو القود أو العفو ولم أحبس الجاني أكثر من بلوغه أو إفاقته.
وكذلك أجبر وارثه إن مات إن كان بالغا، وإذا ابتلي بصر المجني عليه وقبلت قول أهل البصر فقالوا لم يذهب الآن ونحن ننتظر به إلى وقت كذا وكذا فإن ذهب وإلا فقد سلم أنتظر به وقبل قولهم وإن أنكر ذلك الجاني. وإذا قبلت قولهم فقالوا: إذ لم يذهب الآن إلى هذا الوقت فلا يذهب إلا من حادث بعده أبطلت الجناية، وإذا لم أقبل قولهم وقال المجني عليه أنا أجد في بصري ظلمة فأبصر به دون ما كنت أبصر أو أجد فيه ثقلا وألما. ثم جاءت عليه مدة فقال ذهب ولم يذهب منه الوجع أو ما كنت أجد فيه حتى ذهب أحلفته لقد ذهب من الجناية
وجعلت القول قوله وجعلت له القصاص إلا أن يشاء العقل ولم أقبل قول الجاني إذا علمت الجناية كما أصنع فيه إذا جرحه فلم يزل ضمنا حتى مات. ولو قال قد ذهب جميع ما كنت أجد فيه وصح، ثم ذهب بعد بصره جعلته ذاهبا بغير جناية لا شيء فيه وسواء عين الأعور وعين الصحيح في القود والعقل لا يختلفان: وإذا كان الرجل ضعيف البصر غير ذاهبه ففيه كعين الصحيح البصر في العقل والقود كما يكون ضعيف اليد فتكون يده كيد القوي.
وإن كان بعينه بياض وكان على الناظر وكان بصره بها أقل من بصره بالصحيحة فإن علم أن ذلك نصف البصر أو ثلثه قضي له بأرش ما علم أنه بصره لم يزد عليه ولم يقد من صحيح البصر وكان ذلك كالقطع والشلل في بعض الأصابع دون بعض، ولا يشبه هذا نقص البصر من نفس الخلقة أو العارض ولا علته دون البصر وإن كان البياض على غير الناظر فهي كعين الصحيح، وكذلك كل عيب فيها لا ينقص بصرها بتغطية له أو لبعضه، وإن كان البياض على الناظر وكان رقيقا يبصر من تحته بصرا دون بصره لو لم يكن عليه البياض ففيه حكومة إلا أن يكون يعرف قدر بصره بالعين التي فيها البياض وبصره بالعين التي لا بياض فيها فيجعل له قدره كأن كان يبصر من تحت البياض نصف بصره بالصحيحة فأطفئت عينه ففيها نصف عقل البصر ولا قود بحال عمدا كانت الجناية عليها أو خطأ. .
النقص في البصر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ضرب الرجل عين الرجل فقبلت قول أهل البصر بالعيون أن بصرها نقص ولم يحدوا نقصه ولا أحسبهم يحدونه أو قبلت قول المجني عليه إنه نقص اختبرته بأن أعصب على عينه المجني عليها، ثم أنصب له شخصا على ربوة أو مستوى، فإذا أثبته بعدته حتى ينتهي بصره فلا يثبته، ثم أعصب عينه الصحيحة وأطلق عينه المجني عليها فأنصب له شخصا فإذا أثبته بعدته حتى ينتهي بصرها، ثم أذرع منتهى بصر المجني عليها والعين الصحيحة، فإن كان يبصر بها نصف بصر عينه الصحيحة جعلت له نصف أرش العين ولا قود؛ لأنه لا يقدر على قود من نصف بصر، وإن قال أهل البصر بالعيون: إن البصر كلما أبعدته كان أكل له وكانوا يعرفون بالذرع قدر ما ذهب من البصر معرفة إحاطة قبلت منهم، وإن لم يعرفوا معرفة إحاطة أو اختلفوا جعلته بالذرع؛ لأنه الظاهر ولم أزد المجني عليه على حصة ما نقص بصره بالذرع، وإن قال الجاني أحلف المجني عليه ما يثبت الشخص حيث زعم أنه لا يثبته أحلفته له ولم أقض له حتى يحلف، وإنما قلت لا أسأل أهل العلم عن حد نقص البصر أو لا أني سمعت بعض من ينسب إلى الصدق والبصر يقول: لا يحد أبدا نقص العين إذا بقي فيها من البصر شيء قل أو كثر إلا بما وصفت من نصب الشخص له
(قال الشافعي)
: وإذا جنى الرجل على بصر الرجل عمدا فنقص بصر المجني عليه فلا قود له؛ لأنه لا يقدر على أن ينقص من بصر الجاني بقدر ما نقص من بصر المجني عليه فلا يجاوزه، وكذلك لو كان في عين المجني عليه بياض فأذهبها الجاني فلا قصاص، ولا قصاص في ذهاب البصر حتى يذهب بصر المجني عليه، فإذا ذهب كله فإن كان بخق عين المجني عليه بخقت عينه وإذا كان قلعها قلعت عينه وإن كان ضربها حتى ذهب بعض بصرها أو أشخصها عن موضعها ولم يندرها من موضعها قيل: للمجني عليه لا تقدر على أن تصنع بعينه هذا، فإن قال أهل البصر بالعيون: إن البصر كلما أبعد كان أكل له وكانوا يعرفون بالذرع قدر ما ذهب من
البصر معرفة إحاطة قبلت منهم، وإن لم يعرفوه معرفة إحاطة واختلفوا جعلته بالذرع؛ لأنه الظاهر ولم أزد المجني عليه على حصة ما نقص بصره بالذرع، وإن ذهب بصرها كله وأشخصها عن موضعها قيل: له إن شئت أذهبنا لك بصره ولا شيء لك غير ذلك، وإن شئت فالعقل (قال الشافعي): وإن ضربها فأندرها ولم تثبت أندرت عينه بها وإن قال ضربها فأندرها فردت وذهب بصرها أندرت عينه، وقيل له إن شئت فردها وإن شئت فدع ولم تعط عقلا بما صنع بك إذا أقدت فإن كانت لا تعود، ثم ثبتت فلم تثبت إلا وقد بقي لها عرق فردت فثبتت لم تندر عينه بها؛ لأنه لا يقدر على أن تندر ثم تعود ويبقى لها عرق، وقيل للمجني عليه: إن شئت أذهبنا لك بصره وإن شئت فالعقل (قال الشافعي): وإن ضرب عينه فأدماها ولم يذهب بصرها فلا قصاص ولا أرش معلوم وفيها حكومة ويعاقب الضارب. .
اختلاف الجاني والمجني عليه في البصر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا جنى الرجل على بصر الرجل فقال جنيت عليه وبصره ذاهب فعلى المجني عليه البينة أنه كان يبصر بها قبل أن يجني عليه ويسع البينة الشهادة على ذلك إذا رأوه يتصرف تصرف البصير ويتقي ما يتقي وهكذا إذا جنى على بصر صبي أو معتوه فقال جنيت عليه وهو لا يبصر فالقول قوله مع يمينه وعلى أوليائهما البينة أنهما كانا يبصران قبل أن يجني عليهما ويسع البينة الشهادة إن كانا يريانهما يتقيان به اتقاء البصير ويتصرفان تصرفه، وهكذا القول قول الجاني فيما جنى عليه من شيء فقال جنيت عليه وهو غير صحيح كأن قطع أذنه فقال ضربتها وهي مقطوعة قبل ضربتها، فإن البينة على المقطوعة أذنه بأنه كانت له أذن صحيحة قبل أن يقطعها، وكذلك لو جاء رجل إلى رجل مسجى بثوب فقطعه باثنين فقال قطعته وهو ميت أو جاء قوما في بيت فهدمه عليهم فقال هدمته وهم موتى كان القول قول الجاني مع يمينه وعلى أوليائهم البينة أن الحياة كانت فيهم قبل الجناية، فإذا أقاموها لم يقبل قول الجاني حتى تثبت له بينة أنه قد حدث لهم موت قبل الجناية (قال الربيع) والقول الثاني أن الذين هدم عليهم البيت على الحياة التي قد عرفت منهم حتى يقيم الذي هدم عليهم البيت أنهم ماتوا قبل أن يهدمه. .
الجناية على العين القائمة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولم أعلم مخالفا لقيته أنه ليس في اليد الشلاء ولا المنبسطة غير الشلاء إذا كانت لا تنقبض ولا تنبسط أو كان انبساطها بلا انقباض أو انقباضها بغير انبساط عقل معلوم، وإنما يتم عقلها إذا جنى عليها صحيحة تنقبض وتنبسط فأما إذا بلغت هذا فكانت لا تنقبض ولا تنبسط فإنما فيها حكومة، فإذا كان هذا هكذا فهكذا ينبغي أن يقولوا في العين القائمة ولا يكون فيها عقل معلوم وأنا أحفظ عن عدد منهم في العين القائمة هذا وبه أقول ويكون فيها حكومة، وكل ما قلت فيه حكومة فأحسب - والله أعلم - أنه لا يجوز أن تبان حكومة إلا بأن يقال انظروا كأنها جارية فقئت عين لها قائمة كم كانت قيمتها وعينها قائمة ببياض أو ظفر أو غير ذلك فإن قالوا قيمتها وعينها قائمة هكذا خمسون دينارا، قيل فكم قيمتها الآن حين بخقت عينها فصارت إلى هذا وبرأت؟ فإن قالوا أربعون
دينارا جعلت في عين الرجل القائمة خمس ديته، وإن قالوا خمسة وثلاثون دينارا جعلت في عين المجني عليه خمسا ونصف خمس وهو خمس وعشر ديته (قال الشافعي): وهكذا كل ما سوى هذا فإن قالوا بل نقصها هذا البخق نصف قيمتها عما كانت عليه قائمة العين فلا أحسب هذا إلا خطأ ولا أحسبهم يقولونه.
(قال الشافعي): وينقص من النصف شيء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جعل في العين الصحيحة نصف الدية لم يجز أن تكون العين القائمة كالعين الصحيحة، وقد قضى زيد - رحمه الله تعالى - في العين القائمة بمائة دينار، ولعله قضى به على هذا المعنى. .
في السمع
(قال الشافعي): ولا قود في ذهاب السمع؛ لأنه لا يوصل إلى القود فيه فإذا ذهب السمع كله ففيه الدية كاملة وإذا ضرب الرجل الرجل فقال قد صممت سئل أهل العلم بالصمم فإن قالوا له مدة إن بلغها ولم يسمع تم صممه لم أقض له بشيء حتى يبلغ تلك المدة فإن قالوا ماله غاية تغفل وصيح به فإن أجاب في بعض ما تغفل به جواب من يسمع لم يقبل قوله وأحلف الجاني ما ذهب سمعه فإن لم يجب عند ما غفل به أو عند وقوع جواب من يسمع أحلف لقد ذهب سمعه فإذا حلف فله الدية كاملة وإن أحطنا أن سمع إحدى الأذنين يذهب ويبقى سمع الأذن الأخرى ففيه نصف الدية؛ لأنه نصف السمع (قال الشافعي): وإن نقص سمعه كله فكان يحد نقصه بحد مثل أن يعرف آخر حد يدعى منه فيجيب كان له بقدر ما نقص منه وإن كان يحد ففيه حكومة ولا أحسبه يحد بحال وإن ذكر أنه لا يسمع بإحدى أذنيه وكانت الأذن الصحيحة إذا سدت بشيء عرف ذهاب سمع الأذن الأخرى أم لا سدت وإن كان ذلك لا يعرف قبل قول الذي ادعى أن سمعه ذهب مع يمينه وقضي له بنصف الدية والأذنان غير السمع فإذا قطعتا ففيهما القود وفي السمع إذا ذهب الدية وكل واحد منهما غير صاحبه.
الرجل يعمد الرجلين بالضربة أو الرمية
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا عمد الرجل الرجلين المسلمين مصطفين قائمين أو قاعدين أو مضطجعين بضربة تعمدهما بها بسيف أو بما يعمل به عمله فقتلهما فعليه في كل واحد منهما القود، ولو قال: لم أعمد إلا أحدهما فسبق السيف إلى الآخر لم يصدق؛ لأن السيف إنما يقع بهما وقوعا واحدا، ولو عمد أن يطعنهما برمح والرمح لا يصل إلى أحدهما إلا بعد خروجه من الآخر أو ضربهما بسيف، وأحدهما فوق الآخر فقال عمدتهما معا وقتلتهما معا كان عليه في كل واحد منهما القود (قال الشافعي): ولو قال حين رمى أو طعن أو ضرب الرجلين اللذين لا يصل ما صنع بأحدهما إلى الذي معه إلا بعد وصوله إلى الأول عمدت الأول الذي طعنته أو رميته أو ضربته ولم أعمد الآخر كان عليه القود في الأول وكانت على عاقلته الدية في الآخر؛ لأن صدقه بما ادعى يمكن عليه، ولو قال عمدت الذي نفذت إليه الرمية أو الطعنة آخرا ولم أعمد الأول وهو يشهد عليه أنه رماه أو طعنه أو ضربه وهو يراه كان عليه القود فيهما في الأول بالعمد وأنه ادعى ما لا يصدق بمثله وعليه القود في الآخر بقوله عمدته (قال الشافعي): وإذا ضرب الرجل الرجل عليه البيضة والدرع فقتله بعد قطع جنته أقيد منه، وإن قال لم أرد إلا البيضة والدرع لم يصدق إذا كان عليه سلاح فهو كبدنه. .
النقص في الجاني المقتص منه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قتل الرجل رجلا والمقتول صحيح والقاتل مريض أو أقطع اليدين أو الرجلين أو أعمي أو به ضرب من جذام أو برص فقال أولياء المقتول هذا ناقص عن صاحبنا قيل إذا كان حيا فأردتم القصاص فالنفس بالنفس والجوارح تبع للنفس لا نبالي بجذمها وسلامتها كما لو قتل صاحبكم وهو سالم وصاحبكم في هذه الحال أو أكثر منها أقدناكم؛ لأنه نفس بنفس ولا ينظر فيها إلى أطراف ذاهبة ولا قائمة فإن قال ولاة الدم قد قطع هذا يدي صاحبنا ورجليه، ثم قتله ولا يد ولا رجل له فأعطنا عوضا من اليدين والرجلين إذ لم يكونا قيل: إنكم إذا قتلتم فقد أتيتم على إفاتته كله وهذه الأطراف تبع لنفسه ولا عوض لكم مما فات من أطرافه كما لا نقص عليكم لو كان صاحبكم المقطوع، والقاتل صحيحا قتل به وقتله إتلاف لجميع أطرافه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #246  
قديم 01-05-2023, 08:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (246)
صــــــــــ 72 الى صـــــــــــ 78



ولو قتل رجل رجلا فعدا أجنبي على القاتل فقطع يديه أو رجليه عمدا كان له القصاص أو أخذ المال إن شاء وإذا أخذ المال فلا سبيل لولي المقتول على المال في حاله تلك حتى يخير بين القصاص من القتل أو الدية، وكذلك لو جنى عليه خطأ لم يكن لولي المقتول سبيل على المال وقيل له: إن شئت فاقتل وإن شئت فاختر أخذ الدية فإن اختار أخذ الدية أخذها من أي ماله وجد ديات أو غيرها، ولو أن رجلا قتل رجلا، ثم عدا أجنبي على القاتل فجرحه جراحة ما كانت خير ولي المقتول الأول بين قتله بحاله تلك وإن كان مريضا يموت أو أخذ الدية فإن اختار قتله فله قتله ولا يمنع من القتل بالمرض ولا العلة ما كانت؛ لأن القتل وحي ويمنع من القصاص والحدود غير القتل بالمرض إذا لم يكن معها قتل بالمرض حتى يبرأ منه وإذا قتله مريضا فلأولياء المقتول على الجاني عليه ما فيه القود من الجراح إن شاءوا القود وإن شاءوا العقل وإن اختار ولي الدم قتله فلم يقتله حتى مات من الجراح التي أصابه بها الأجنبي فلأولياء القتيل الأول الدية في مال الذي قتله ولأولياء الذي قتل القتيل الأول وقتله الأجنبي آخرا على قاتله القصاص أو أخذ الدية فإن اقتصوا منه فدية الأول في مال قاتله المقتول وإن لم يكن لقاتله المقتول مال فسأل ورثة المقتول الأول ورثة المقتول الآخر الذي قتل صاحبهم أخذ ديته ليأخذوها لصاحبهم لم يكن ذلك لهم؛ لأن قاتله متعد عليه القصاص فلا يبطل حكم الله عز وجل عليه بالقصاص منه بأن يفلس لأهل القتيل الأول بدية قتيلهم.
وهذا هكذا في الجراح لو قطع رجل يمنى رجل فقطع آخر يمنى القاطع ولا مال للقاطع المقطوعة يمناه فقال المقطوعة يمناه الأول قد كانت يمين هذا لي أقتص منها ولا مال له آخذه بيميني وله إن شاء مال على قاطعه فاقضوا له به على قاطعه لآخذه منه ولا تقتصوا له به فيبطل حقي من الدية وهو لا قصاص فيه ولا مال له قيل:
إنما جعل له الخيار في القصاص أو المال فإن لم يختر أحدهما لم نجبره على ما أردت من المال وأبيعه يديه بدل فمتى ما كان له مال فخذه وإلا فهو حق أفلس لك به، ولو قال قد عفوت القصاص والمال لم يجبر على أخذ المال ولا القصاص إنما يكون له إن شاء لا أنه يجبر عليه وإن كان عليه حق لغيره ولكنه ينبغي للحاكم إذا قطع يد رجل فقطعت يده أن يشهد للمقطوعة يده
الأولى أنه قد وقف له مال القاطع المقطوع آخرا فإذا أشهد بذلك فللمقطوع آخرا القصاص إلا أن يشاء تركه فإن شاء تركه وترك المال نظر فإن كان له مال يؤدي منه دية يد الذي قطع أخذت من ماله دية يده وجاز عفوه وإلا لم يجز عفوه المال، وماله موقوف لغرمائه.
الحال التي إذا قتل بها الرجل أقيد منه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
: من جنى على رجل يسوق يرى من حضره أنه في السياق وأنه يقبض مكانه فضربه بحديدة فمات مكانه فقتله ففيه القود؛ لأنه قد يعيش بعدما يرى أنه يموت وإذا رأى من حضره أنه قد مات فشهدوا على ذلك، ثم ذبحه أو ضربه عوقب ولا عقل ولا قود وإن أتى عليه رجل قد جرحه رجل جراحات كثرت أو قلت يرى أنه يعاش من مثلها أو لا يرى ذلك إلا أنها ليست مجهزة عليه فذبحه مكانه أو قطعه باثنين أو شدخ رأسه مكانه أو تحامل عليه بسكين فمات مكانه فهو قاتل عليه القود وعقل النفس تاما إن شاء الورثة وعلى من جرحه قبله القصاص في الجراح أو الأرش وهو بريء من القتل إلا أن يكون قد قطع حلقومه ومريئه فإن من قطع حلقومه ومريئه لم يعش، وإن رأى أن فيه بقية روح فهو كما يبقى من بقايا الروح في الذبيحة، وكذلك إن ضرب عنقه فقطع الحلقوم والمريء، وكذلك إن قطعه باثنين حتى يتعلق بجلدة أو قطع حشوته فأبانها أو أخرجها من جوفه فقطعها عوقب في هذه الأحوال ولا عقل ولا قود والقاتل الذي ناله بالجراح قبله لا يمنعه ما صنع هذا به من القود إن كان قودا أو العقل وإذا أتى عليه قد قطع حلقومه دون مريئه أو مريئه دون حلقومه سئل أهل العلم به فإن قالوا: قد يعيش مثل هذا بدواء أو غير دواء نصف يوم أو ثلثه أو أكثر فهذا قاتل وبرئ الأول الجارح من القتل، وإن قالوا ليس يعيش مثل هذا إنما فيه بقية روح إلا ساعة أو أقل من ساعة حتى يطغى فالقاتل الأول وهذا بريء من القتل، وهكذا إذا أجافه فخرق أمعاءه؛ لأنه قد يعيش بعد خرق المعى ما لم يقطع المعى فيخرجه من جوفه قد خرق معى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من موضعين وعاش ثلاثا، ولو قتله أحد في تلك الحال كان قاتلا وبرئ الذي جرحه من القتل في الحكم ومتى جعلت الآخر قاتلا فالجارح الأول بريء من القتل وعليه الجراح خطأ كانت أو عمدا فالخطأ على عاقلته والعمد في ماله إلا أن يشاءوا أن يقتصوا منه إن كانت مما فيه القصاص ومتى جعلت الأول القاتل فلا شيء على الآخر إلا العقوبة والنفس على الأول. وسواء في هذا عمد الآخر وخطؤه إن كان عمدا وجعلته قاتلا فعليه القصاص وإن كان خطأ وجعلته قاتلا فعلى عاقلته الدية، وإذا جرح رجلان رجلا جراحة لم يعد بها في القتلى كما وصفت من الذبح وقطع الحشوة وما في معناه فضربه رجل ضربة فقتله فإن كانت ليست بإجهاز عليه فمات منها مكانه قبل يرفعها فهو قاتله دون الجارحين الأولين وإن عاش بعد هذا مدة قصيرة أو طويلة فهو شريك في قتله للذين جرحاه أولا ولا يكون منفردا بالقتل إلا أن يكون ما ناله به إجهازا عليه بذبح أو قطع حشوة أو ما في معناه أو بضربة يموت منها مكانه ولا يعيش طرفه بعدها (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا جرح رجل جراحات لم يبرأ منها، ثم جرحه آخر بعدها فمات فقال أولياء القتيل مات مكانه من جراح الآخر دون جراح الأولين وأنكر القاتل فالقول قوله مع يمينه وعلى ولاة الدم الأول البينة فإن لم يأتوا بها فهو شريك في النفس لهم قتله بالشرك فيها، وليس لهم قتل اللذين
جرحاه قبل بإبرائهموه أن يكون مات إلا من جناية الآخر مكانه دون جنايتهم ولهم عليه القود في الجراح أو أرشها إن شاءوه وإذا صدقهم الضاربون الأولون أنه مات من جناية الآخر دون جنايتهم. .
الجراح بعد الجراح
(قال الشافعي)
: - رحمه الله -: وإذا قطع الرجل يدي الرجل أو رجليه أو بلغ منه أكثر من هذا، ثم قتله أو بلغ منه ما وصفت أو أكثر منه فلم يبرأ من شيء من الجراح حتى أتى عليه فذبحه أو ضربه فقتله فإن أراد ولاته الدية فإنما لهم دية واحدة؛ لأنها لما صارت نفسا كانت الجراح كلها تبعا لها وإن أرادوا القود فلهم القود إن كان عمدا كما وصفت، وفعل الجارح إذا كان واحدا في هذا مخالف لفعله لو كانا اثنين، ولو كان اللذان جرحاه الجراح الأولى اثنين، ثم أتى أحدهما فقتله كان الآخر قاتلا عليه القتل أو العقل تاما وكان على الأول نصف أرش الجراح إن شاء ورثته إن كانا جرحاه جميعا، وإن انفرد أحدهما بجراح فعليه القود في جراحه التي انفرد بها أو أرشها تاما؛ لأن النفس صارت متلفة بفعل غيره فعليه جراحه كاملة بالغة ما بلغت، وكذلك لو كان جرحه رجلان، ثم ذبحه ثالث فالثالث القاتل وعلى الأولين ما في الجراح من عقل وقود فلو جرحه رجل جراحة فبرئت وقتله بعد برئها كان عليه في القتل ما على القاتل من جميع العقل أو القصاص وفي الجراح ما على الجارح من عقل أو قصاص إذا برأت الجراح فهي جناية غير جناية القتل كأن قطع يديه فبرأ ثم قتله فعليه القتل إن شاء الورثة وأرش اليدين وإن شاءوا القصاص في اليدين، ثم دية النفس وإن شاءوا القصاص في اليدين وقتل النفس ولو كانت اليدان لم تبرآ حتى قتله كانت دية واحدة إن أرادوا الدية أو قصاص في النفس واليدين يقطعون اليدين، ثم يقتلونه وإن قتلوه ولم يقطعوا يديه فلا شيء لهم في اليدين إذا لم تبرأ الجراح فالجراح تبع للنفس تبطل إذا قتل الورثة القاتل وإذا أخذوا دية النفس تامة ولا يكون لهم أن يقطعوا يديه ويأخذوا دية النفس إنما لهم قطع يديه إذا كانوا يميتونه مكانهم بالقتل قصاصا ولو قال الجاني: قطعت يديه فلم تبرأ حتى قتلته وقال أولياء المقتول: بل برأت يداه، ثم قتله كان القول قول القاتل؛ لأنه يؤخذ منه حينئذ ديتان إن شاء أولياء المقتول ولا تؤخذ منه الزيادة إلا بإقراره أو بينة تقوم عليه ولو قامت عليه بينة بأن يديه قد برأتا لم يقبل هذا منه حتى يصفوا البرء فإذا أثبتوه بما يعلم أهل العلم أنه برء قبل ذلك منهم فإن قالوا: قد سكبت مدتهما أو ما أشبه هذا لم يقبل وإذا قبلت البينة على البرء فقال الجاني قد انتقضتا بعد البرء وأكذبه الورثة فالقول قولهم وعلى الجاني البينة أنهما انتقضتا من جنايته؛ لأن الحق أنه شهد لهم بالبرء فلا يدفع عنه بقوله. .

الرجل يقتل الرجل فيعدو عليه أجنبي فيقتله
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
: وإذا قتل الرجل الرجل عمدا فعدا عليه غير وارث المقتول فقتله قيل: يثبت عليه ببينة أو يقر وبعدما أقر أو ثبت عليه ببينة وقيل: يدفع إلى أولياء المقتول ليقتلوه أو يأخذوا الدية
أو يعفو أو بعد ما دفع إليهم ليقتلوه فكل ذلك سواء وعلى قاتله الأجنبي القصاص إلا أن تشاء ورثة المقتول أخذ الدية أو العفو ولو ادعى الجهالة وقال كنت أرى دمه مباحا لم يدرأ بها عنه القود ولو ادعى أن ولي المقتول الذي له القصاص أمره بقتله فأقر بذلك ولي المقتول لم يكن عليه عقل ولا قود ولا أدب؛ لأنه معين لولي المقتول ولو ادعى على ولي المقتول الذي له القصاص أنه أمره بقتله وكذبه ولي المقتول أحلف ولي المقتول ما أمره فإن حلف فعلى القاتل القصاص ولولي المقتول الدية في مال قاتل صاحبه المقتول وإن نكل حلف لقد أمره ولي المقتول ولا شيء عليه ولا حق لولي المقتول في ماله ولا مال قاتل صاحبه المقتول ولو كان للمقتول وليان فأمره أحدهما بقتله ولم يأمر به الآخر لم يقتل به وكان لأولياء المقتول القاتل أن يأخذوا نصف ديته من الأجنبي الذي قتله بغير أمر الورثة كلهم وللوارث أخذها من مال المقتول إلا أن يعفوها، ولا ترجع ورثته على الآمر بشيء؛ لأنه قد كان له أن لا يقتل إلا بأمره.
ولو كان له وارث واحد فقضي له بالقصاص فقتله أجنبي بغير أمره فلأولياء المقتول القاتل على قاتل صاحبهم القود أو الدية ولولي القتيل الأول الدية في مال قاتل صاحبه دون قاتل قاتل صاحبه ولو أن إماما أقر عنده رجل بقتل رجل بلا قطع طريق عليه فعجل فقتله كان على الإمام القصاص إلا أن تشاء ورثته الدية؛ لأن الله عز وجل لم يجعل للإمام قتله وإنما جعل ذلك لوليه لقول الله عز وجل {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} الآية (قال الشافعي): الإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله - والله أعلم - وكذلك لو قضى عليه بالقتل ودفعه إلى أولياء المقتول وقالوا: نحن نقتله فقتله الإمام فعليه القود؛ لأنه قد كان لهم تركه من القود وأيهم شاء تركه فلا يكون إلى قتله سبيل والإمام في هذا مخالف أحد ولاة الميت يقتله؛ لأن لكلهم حقا في دمه ولا حق للإمام ولا غيره في دمه وهذا مخالف الرجل يقضي عليه الإمام بالرجم في الزنا فيقتله الإمام أو أجنبي هذا لا شيء على قاتله؛ لأنه لا يحل حقن دم هذا أبدا حتى يرجع عن الإقرار بكلام إن كان قضي عليه بإقراره أو يرجع الشهود عن الشهادة إن كان قضي عليه بشهادة شهود، وكذلك يخالف المرتد عن الإسلام يقتله الإمام أو الأجنبي؛ لأن دم هؤلاء مباح لحق الله عز وجل ولا حق لآدمي فيه يحد عليهم كحق أولياء القتيل في أخذ الدية من قاتل وليهم ولا سبيل إلى العفو عنه كسبيل ولاة القتيل إلى العفو عن قاتل صاحبهم.
ولو قتل رجل رجلا عمدا فعدا عليه أجنبي فقتله والأجنبي ممن لا يقتل بالمقتول إما بأنه مغلوب على عقله أو صبي لم يبلغ وإما بأنه مسلم والمقتول كافر فعلى القاتل إذا كان هكذا دية المقتول ولأولياء المقتول الأول أخذ الدية من قاتل قاتلهم فإن كان فيها وفاء من دية صاحبهم فهي لهم وإن كان فيها فضل عن دية صاحبهم رد على ورثة المقتول فإن كانت تنقص أخذوا ما بقي من ماله وإن كانت على القاتل المقتول الذي أخذت ديته ديون من جنايات وغيرها فأولياء المقتول الأول شركاؤهم في ديته وغيرها وليسوا بأحق بديته من أهل الديون غيرهم؛ لأن ديته غير ديته وهو مال من ماله ليسوا بأحق به من غيرهم. .
الجناية على اليدين والرجلين
(قال الشافعي)
: - رحمه الله -: وإذا قطعت اليد من مفصل الكف ففيها نصف الدية وإن قطعت من الساعد أو المرفق أو ما بين الساعد والمرفق ففيها نصف للدية والزيادة على الكف حكومة يزاد في الحكومة بقدر ما يزاد على الكف ولا يبلغ بالزيادة وإن أتت على المنكب دية كف تامة وسواء اليد اليمنى واليسرى ويد الأعسر ويد غيره وهكذا الرجلان إذا قطعت إحداهما من مفصل الكعب ففيها
نصف الدية فإن قطعت من الساق أو الركبة أو الفخذ حتى يستوعب الفخذ ففيها نصف دية وزيادة حكومة كما وصفت في اليدين ويزاد فيها بقدر الزيادة على موضع القدم لا تبلغ الزيادة، وإن جاءت على الورك دية رجل تامة.
وإن قطعت اليد بالمنكب أو إحدى الرجلين بالورك فلم يكن من واحد من القطعين جائفة فهو كما وصفت وإن كانت من واحد منهما جائفة ففيها دية الرجل واليد والحكومة في الزيادة ودية جائفة، وسواء رجل الأعرج إذا كانت القدم سالمة فقطعت ويد الأعسر إذا كانت الكف سالمة ورجل الصحيح ويد غير الأعسر وإنما تكون فيها الدية إذا كانت أصابعها الخمس سالمة فإن كانت الكف سالمة ورجل الصحيح ويد غير الأعسر وإنما تكون فيها الدية إذا كانت أصابعها الخمس سالمة فإن كانت أصابعها أربعا ففيها أربعة أخماس دية وحكومة الكف لا يبلغ بها دية أصبع.

وإن كانت أصابعها خمسا إحداها شلاء ففيها أربعة أخماس دية وحكومة الكف والأصبع الشلاء أكثر من الحكومة في الكف ليس لها إلا أربعة أصابع وإن كانت أصابعها ستا ففيها ديتها وهي نصف الدية وحكومة في الأصبع الزائدة، وكذلك إن كانت فيها أصبعان زائدتان أو أكثر يزاد في الحكومة بقدر زيادة الأصابع الزوائد ولا تختلف رجل الأعرج والصحيح إلا في أن يجني على رجليهما فيزيد عرج العرجاء وتعرج الصحيحة فتكون الحكومة في الصحيحة أكثر فأما إذا قطعتا أو شلتا فلا تختلفان وإذا كانت اليد الشلاء فقطعت ففيها حكومة والشلل اليبس في الكف فتيبس الأصابع أو في الأصابع وإن لم تيبس الكف فإذا كانت الأصابع منقبضة لا تنبسط بحال أو تنبسط إن مدت فإن أرسلت رجعت إلى الانقباض بغير أن تقبض أو منبسطة لا تنقبض بحال أو لا تنقبض إلا أن تقبض فإن أرسلت رجعت إلى الانبساط بغير أن تنبسط فهي شلاء.
وسواء في العقل كان الشلل من استرخاء مفصل الكف أو الأصابع وإن كان الشلل من استرخاء الذراع أو العضد أو المنكب ففي شلل الكف الدية وفي استرخاء ما فوقها حكومة وإذا أصيبت الأصابع فكانت عوجاء أو الكف وكانت عوجاء وأصابعها تنقبض وتنبسط ففيها حكومة، وإن جنى عليها بعدما أصيبت ففيها دية تامة وهكذا إن رضخت الأصابع فجبرت تنقبض وتنبسط غير أن أثر الرضخ فيها كالحفر ففيها حكومة ويزاد فيها بقدر الشين والألم وإن جنى عليها بعد فأصيبت ففيها ديتها تامة وسواء يد الرجل التامة الباطشة القوية ويد الرجل الضعيفة القبيحة المكروهة الأطراف إذا كانت الأصابع سالمة من الشلل وسواء الكف المتعجرة من خلقتها أو المتعجرة من مصيبة بها والأصابع إذا سلمت من اليبس لم ينقص أرشها الشين.
والقول في الرجل كالقول في اليد سواء، وسواء إذا قطعت رجل من لا رجل له إلا واحدة أو يد من لا يد له إلا واحدة أو من له يدان ففي الرجل نصف الدية وفي اليد نصف الدية ولو أن رجلا خلقت له في يمناه كفان أو يدان منفصلتان أو خلقتا في يسراه أو في يمناه ويسراه معا حتى تكون له أربعة أيد نظر إليهما، فإن كانت العضد والذراع واحدة والكفان مفترقتان في مفصل فقطع التي لا يبطش بها ففيها الدية والقصاص إن كان قطعها عمدا ولو قطعت الأخرى التي لا يبطش بها كانت فيها حكومة وجعلتها كالأصبع الزائدة مع الأصابع من تمام الخلقة.
وإن كان يبطش بهما جميعا جعلت اليد التامة التي هي أكثرهما بطشا إن كان موضعها من مفصل الذراع، مستقيما على مفصل أو زائلا عنه وجعلت الأخرى الزائدة إن كان موضعها من مفصل الذراع مستقيما عليه أو زائلا عنه وإن كان بطشهما سواء وكانت إحداهما مستقيمة على مفصل الذراع جعلت المستقيمة اليد التي لها القود وتمام الأرش وجعلت الأخرى
الزائدة وإن كان موضعهما من مفصل الذراع واحدا ليست واحدة منهما أشد استقامة على مفصل الذراع من الأخرى ولا يبطش بإحداهما إلا كبطشه بالأخرى فهاتان كفان ناقصتان فأيهما قطعت على الانفراد فلا يبلغ بها دية كف تامة ويجعل فيها حكومة يجاوز بها نصف دية كف وإن قطعتا معا ففيهما دية كف ويجاوز فيها دية كف على ما وصفت من أن تزاد كل واحدة منهما على نصف دية كف وهكذا إذا قطعت أصبع من أصابعهما أو شلت الكف أو أصبع من أصابعها وهكذا لو كانت لهما ذراعان وعضدان وأصل منكب كان القول فيهما كالقول فيهما إذا كانت لهما كفان في ذراع واحدة لا يختلف إلا بزيادة الحكومة في قطع الذراعين أو العضدين أو الذراعين مع الكفين فيزاد في حكومة ذلك بقدر الزيادة في ألمه وشينه ولو كان له كفان في ذراع إحداهما ناقصة الأصابع والأخرى تامتها أو إحداهما زائدة الأصابع والأخرى تامتها أو ناقصتها كانت الكف منهما العاملة دون التي لا تعمل فإن كانتا تعملان فالكف منهما أقواهما عملا فإن استوتا في العمل فالكف منهما المستقيمة المخرج على الذراع وإن كانتا سواء فالكف منهما التامة دون الناقصة والأخرى زائدة وإن كانت إحداهما زائدة والأخرى غير زائدة فهما سواء وليست واحدة منهما أولى بالكف من الأخرى، وكذلك إن كانتا زائدتين معا ولو خلقت لرجل كفان في ذراع إحداهما فوق الأخرى منفصلة منها فكان يبطش بالسفلى التي تلي العمل بطشا ضعيفا أو قويا وكانت سالمة ولا يبطش بالعليا كانت السفلى هي الكف التي فيها القود والعقل تاما والعليا الزائدة فإن كان لا يبطش بالسفلى بحال فهي كالشلاء ولا تكون سالمة الأصابع إلا وهو يتناول بها وإن ضعف تناوله وإن كان يبطش بالعليا منهما كانت الكف.
وإن كان لا يقدر على البطش بها وهي فيما ترى سالمة فقطعت لم يكن فيها قود ولا دية كف تامة. ولا تكون أبدا باطشة بالرؤية دون أن يشهد لها على بطش أو ما في معنى البطش، من قبض وبسط وتناول شيء.
الرجلين
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو خلقت لرجل قدمان في ساق فكان يطأ بهما معا وكانت أصابعهما معا سالمة لم تكن واحدة منهما أولى باسم القدم من الأخرى، وأيتهما قطعت على الانفراد فلا قود فيها، وفيها حكومة يجاوز بها نصف أرش القدم وإن قطعتا معا فعلى قاطعهما القود وحكومة، ولو قطعت الأولى كانت فيها حكومة، فإن قطع قاطع الأولى الثانية وهي سالمة يمشي عليها حين انفردت كان عليه القصاص مع حكومة الأولى وإن قطعها غيره فلا قصاص على واحد منهما وعلى كل واحد حكومة أكثر من نصف أرش الرجل.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #247  
قديم 01-05-2023, 08:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (247)
صــــــــــ 78 الى صـــــــــــ 83


(قال الشافعي): ولو قال الذي قطعت إحدى رجليه اللتين هما هكذا أقدني من بعض أصابعي لم أقده؛ لأن أصابعه ليست كأصابعه ولو كانت القدمان في ساق فكانت إحداهما مستقيمة الخلقة على مخرج الساق وفي الأخرى جنف أو عوج للمخرج عن عظم الساق فكان يطأ بهما معا فالقدم المستقيمة على مخرج الساق وفيها القصاص، والأخرى الزائدة لا قصاص فيها، وفيها حكومة ولو كانت المستقيمة على مخرج الساق أقصر من الخارجة زائلة عن مخرج الساق وكان يطأ على الزائلة كلها وطئا مستقيما فقطعت لم أعجل بالقود فيها حتى أنظر فإن وطئ على الأخرى المستقيمة وطئا مستقيما كانت هي القدم وكانت الأخرى هي المانعة لها بطولها فلما ذهبت وطئ

على هذه ففي الأولى حكومة ولا قود وفي هذه إن قطعت بعد قود والدية تامة.
(قال الشافعي): وإن لم يطأ على هذه بحال كانت الأولى القدم وكان فيها القود إن أصيبت ودية القدم تامة وفي هذه إن أصيبت بعد حكومة (قال الشافعي): ولو لم تقطع ولكن جنى عليها فأشلت فصار لا يطأ عليها جعلت فيها دية القدم تامة فإن قطعت فقضيت فيها بدية القدم فوطئ على الأخرى بعد قطع التي جعلت فيها الدية نقضت الحكم في الأولى ورددته بفضل ما بين الحكومة والدية فأخذت منهم حكومة ورددت عليه ما بقي وعلمت حينئذ أن هذه هي القدم وجعلت في هذه القود تاما (قال الشافعي): والقول فيها إذا قطعت من الساق والفخذ كالقول في اليد إذا قطعت من الذراع والعضد لا يختلف. .
الأليتين (قال الشافعي): وإذا قطعت أليتا الرجل أو المرأة ففيهما الدية وفي كل واحدة منهما نصف الدية وكذلك أليتا الصبي فأيهم قطعت أليتاه عظيم الأليتين أو صغيرهما فسواء والأليتان كل ما أشرف على الظهر من المأكمتين إلى ما أشرف على استواء الفخذين وما قطع منهما فبحساب وإذا كان يقدر على القصاص منهما ففيهما القصاص إن كان قطعهما عمدا وما قطع من الأليتين ففيه بحساب الأليتين وما شق منهما ففيه حكومة وما قطع من الأليتين فبان، ثم نبت واستخلف أو لم ينبت فسواء وفيما قطع فأبين منهما بحساب الأليتين ولو قطع فلم يبن، ثم أعيد فالتحم كانت فيه حكومة وهذا كالشق فيه يلتئم ومخالف لما بان، ثم نبت غيره وما بان، ثم أعيد بنفسه فثبت فالتأم.
الأنثيين
(قال الشافعي): وإذا قطعت أنثيا الرجل أو الصبي أو الخصي ففيهما القود إن كان القطع عمدا إلا أن يشاء المجني عليه أن يأخذ الأرش فيكون له فيهما الدية وإذا قطعت إحداهما ففيها نصف الدية وسواء اليسرى أو اليمنى ولو قطع رجل إحدى الأنثيين فسقطت الأخرى عمدا كان عليه القصاص إن كان يستطاع القصاص من إحداهما وتثبت الأخرى وعقل التي سقطت ولو أن رجلا وجأ رجلا كما توجأ البهائم فإن كان يدرك علم ذلك أنه إذا وجئ كان ذلك كالشلل في الأنثيين ففيهما الدية كما تكون على الجاني دية يد لو ضربت يد رجل فشلت، وإن كان لا يدرك علمه في المجني عليه إلا بقول المجني عليه فالقول قوله مع يمينه وعلى الجاني الدية إن كان أدرك علم ذلك في غيره قط، وإذا سلت البيضتان وبقيت الجلدة تم عقلهما والقصاص فيهما، وإن قطعهما بالجلدة لم يزد عليه شيء للجلدة وفيهما القصاص والدية تامة وإذا سلت البيضتان، ثم قطعت الجلدة ففي البيضتين الدية وفي الجلدة الحكومة، وإذا اختلف الجاني والمجني عليه فقال الجاني: جنيت عليه وهو موجوء وقال المجني عليه بل صحيح فالقول قول المجني عليه مع يمينه؛ لأن هذا مما يغيب عن أبصار الناس ولا يجوز كشفه لهم. .
الجناية على ركب المرأة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قطعت إسكتا المرأة وهما شفراها، فإن قطعه رجل فلا قصاص؛ لأنه ليس له مثله فإن قطعته امرأة فعليها القصاص إن كان يقدر على القصاص منه إلا أن تشاء العقل فإن شاءته فلها الدية تامة وفي أحد شفريها إذا أوعب نصف الدية وفي الشفرين الدية فإن قطع الشفران وأعلى الركب ففيهما الدية وفي الأعلى حكومة وإن قطع الأعلى فكان الشفران بحالهما ففي الأعلى حكومة وإن انقطع الشفران معهما أو ماتا حتى يصير ذلك فيهما كالشلل في اليد ففيهما الدية وفي الأعلى حكومة وسواء في ذلك المخفوضة وغير المخفوضة، فإن كانت امرأة مقطوعة الشفرين قد التحما فقطع إنسان ما التحم منهما فعليه حكومة وسواء في هذا شفر الصغيرة والعجوز والشابة لا يختلف وسواء شفر الرتقاء التي لا تؤتى والبكر والثيب تؤتى وكذلك أركابهن كلهن سواء لا تختلف.
عقل الأصابع
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى - قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن «في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل»، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا ابن علية بإسناده عن رجل عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «في الأصابع عشر عشر» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وبهذا نقول ففي كل أصبع قطعت من رجل عشر من الإبل، وسواء في ذلك الخنصر والإبهام والوسطى إنما العقل على الأسماء.
(قال الشافعي): وأصابع اليدين والرجلين سواء وأصابع الصغير والكبير الفاني والشاب سواء، والإبهام من أصابع القدم مفصلان فإذا قطع منهما مفصل ففيه خمس من الإبل ولما سواها من الأصابع ثلاثة مفاصل فإذا قطع منها مفصل ففيه ثلاث من الإبل وثلث وإن خلق لأحد مفاصل أصابعه، سواء لكل أصبع مفصلان وكانت أصابعه سالمة يقبضها ويبسطها ويبطش بها ففي كل مفصل نصف دية الأصبع خمس من الإبل وإن كان ذلك يشلها ففي أصبعه إذا قطعت حكومة وإذا كان لأصبع هذا مفصلان وكانت سالمة فقطعها إنسان عمدا فعليه القصاص فإن قطع إحدى أنملتيها فله إن شاء القصاص من أنملة أصبع القاطع فإن كان في أصبع القاطع ثلاث أنامل أخذ مع القصاص سدس عقل الأصبع ولو خلق إنسان له في أصبع أربع أنامل كانت في كل أنملة ربع دية الأصبع بعيران ونصف إن كانت أصابعه سالمة وإذا خلقت له في أصبع أربع أنامل فقطع رجل منها أنملة عمدا وله في كل أصبع ثلاث أنامل فلا قصاص عليه؛ لأن أنملته أزيد من أنملة المقتص له ولو كان القاطع هو الذي له أربع أنامل والمقطوع له ثلاث أنامل فله القصاص وأرش ما بين ربع أنملة وثلثها ولو كانت لرجل أصبع فيها أربع أنامل أو فيها أنملتان فكانت أطول من الأصابع معها أو أقصر منها وهي سالمة ففيها عقلها تاما وليست كالسن تسقط فيستخلف أقصر من

الأسنان؛ لأن الأصابع هكذا تخلق ولا تسقط فتستخلف والأسنان تسقط فتستخلف.
وإذا بقيت في الكف أصبع أو أصبعان أو ثلاث أو أربع فقطعت الكف والأصابع فعلى القاطع أرش الأصابع تاما وحكومة تامة في الكف لا يبلغ بها أرش أصبع، وسواء كانت الكف من امرأة أو رجل لا يبلغ بحكومتها أرش أصبع إذا كانت مع أصابع ولا يسقط أن يكون فيها حكومة إلا بأن يؤخذ أرش اليد تاما فتدخل الكف مع الأصابع؛ لأنها حينئذ يد تامة، وإذا قطعت الأصابع وأخذ أرشها أو عفا أو اقتص منها، ثم قطعت الكف ففيها حكومة على ما وصفت الحكومات، وسواء قطع الكف والأصابع أو غيره، ولو جنى رجل على الأصابع عمدا فقطعها، ثم قطع الكف اقتص منه كما صنع فقطعت أصابعه، ثم كفه، وإن شاء المجني عليه فقطع أصابعه وأخذ منه أرش كفه وقال في الأصبع الزائدة حكومة.
ولو خلقت لرجل أصبع أنملتها التي فيها الظفر أنملتان مفترقتان في كلتيهما ظفر وليست واحدة منهما أشد استقامة على خلقة الأصابع من الأخرى ولا أحسن حركة من الأخرى فقطع إنسان إحداهما لم يكن عليه قصاص وكانت عليه حكومة تجاوز نصف أرش أنملة وإن قطع هو أو غيره الثانية كانت فيها حكومة الأولى وكذلك إن قطعهما معا فعليه دية أصبع وحكومة في الزيادة فلو خلقت له أصابع عشر في كف كان القول فيها كالقول فيه لو خلقت له كفان الأصابع المستقيمة على الأكثر من خلقة الآدميين أصابعه إذا كانت سالمة كلها، وكذلك لو خلقت له أصبعان فكانت إحداهما باطشة والأخرى غير باطشة كانت الباطشة أولى باسم الأصبع.
ولو كان هذا في الرجلين كان هذا هكذا إذا كان يطأ عليها كلها فإن كان يطأ على بعضها ولا يطأ على بعض، فإن الأصابع التي فيها عشر عشر هي التي يطأ عليها، والتي لا يطأ عليها زوائد إذا قطع منها شيء كانت فيها حكومة، ولو خلقت لرجل أصبع زائدة ولآخر مثلها في مثل موضعها فجنى أحدهما على الآخر عمدا فقطع أصبعه الزائدة قطعت بها أصبعه الزائدة إن شاء إذا كانت في مثل موضعها وإن لم تكن في مثل موضعها لم تقطع، ولو اختلفت الزائدتان فكانت من القاطع أو المقطوع أتم كانت إحداهما بالأخرى إذا كانت مفاصلهما واحدة فإن كانت الزائدة من القاطع بثلاثة مفاصل والزائدة من المقطوع بمفصل واحد أو مثل الثؤلول وما أشبهه لم يقد وكانت له حكومة، وإن كانت من المقطوع مثلها من القاطع أو من القاطع مثلها من المقطوع فللمقطوع الخيار بين القود أو حكومة وبين الأرش لنقص أصبع المقطوع عن أصبعه والحكومة أقل من حكومتها لو لم يستقد.
أرش الموضحة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن «في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في الموضحة خمس» أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه (قال الشافعي): وبهذا نقول وفي الموضحة خمس من الإبل وذلك نصف عشر دية الرجل (قال الشافعي): والموضحة في الرأس والوجه. كله
سواء، وسواء مقدم الرأس ومؤخره فيها وأعلى الوجه وأسفله واللحى الأسفل باطنه وظاهره وما تحت شعر اللحية منها وما برز من الوجه، كلها سواء ما تحت منابت شعر الرأس من الموضحة وما يخرج مما بين الأذن ومنابت شعر الرأس (قال الشافعي): ولا يكون في شيء من المواضح خمس من الإبل إلا في موضحة الرأس والوجه؛ لأنهما اللذان يبدوان من الرجل فأما موضحة في ذراع أو عنق أو عضد أو ضلع أو صدر أو غيره فلا يكون فيها إلا حكومة. والموضحة على الاسم فما أوضح من صغير أو كبير عن العظم ففيه خمس من الإبل لا يزاد في كبير منها ولو أخذت قطري الرأس ولا ينقص منها ولو لم يكن إلا قدر محيط؛ لأنه يقع على كل اسم موضحة، وهكذا كل ما في الرأس من الشجاج فهو على الأسماء ولو ضرب رجل رجلا بشيء فشجه شجة موتصلة فأوضح بعضها ولم يوضح بعض كان فيها أرش موضحة فقط وكذلك لو لم تزد على أن خرق الجلد من موضح وبضع من آخر وأوضح من آخر ففيها أرش موضحة؛ لأن هذه الشجة موتصلة
قال الشافعي): ولو بقي من الجلد شيء قل أو كثر لم ينخرق وإن ورم فاخضر وأوضح من موضعين والجلد الذي لم ينخرق حاجز بينهما كان موضحتين، وكذلك لو كانت مواضح بينهما فصول لم تنخرق
قال الشافعي): ولو شجه فأوضحه موضحتين وبينهما من الجلد شيء لم ينخرق، ثم تأكل فانخرق كانت موضحة واحدة؛ لأن الشجة اتصلت من الجناية ولو اختلف الجاني والمجني عليه فقال المجني عليه: أنت شققت الموضع الذي لم يكن انشق من رأسي فلي موضحتان وقال الجاني: بل تأكل من جنايتي فانشق فالقول قول المجني عليه مع يمينه؛ لأنه قد وجبت له موضحتان فلا يبطلهما إلا إقراره أو بينة تقوم عليه ولا يقص بموضحة إلا بإقرار الجاني أو بشاهدين يشهدان أن العظم قد برز حتى قرعه المرود وإن لم ير العظم؛ لأن الدم قد يحول دونه أو شاهد وامرأتين بذلك؛ لأن الدم يحول بينه وبين أن يرى، أو شاهد يشهد على هذا ويمين المدعي إذا كانت الجناية خطأ فإن كانت عمدا لم يقبل فيها شاهد ويمين ولا شاهد وامرأتان؛ لأن المال لا يجب إلا بوجوب القصاص، وإذا اختلف الجاني والمجني عليه في الموضحة فالقول قول الجاني أنها لم توضح مع يمينه وعلى المجني عليه البينة.

الهاشمة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وقد حفظت عن عدد لقيتهم وذكر لي عنهم أنهم قالوا في الهاشمة عشر من الإبل وبهذا أقول (قال): والهاشمة التي توضح ثم تهشم العظم ولا يلزم الجاني هاشمة إلا بإقراره أو بما وصفت من البينة على أن العظم انهشم فإذا قامت بذلك بينة لزمته هاشمة، ولو كانت الشجة كبيرة فهشمت موضعا أو مواضع بينهما شيء من العظم لم ينهشم كانت هاشمة واحدة؛ لأنها جناية واحدة، ولو كان بينهما شيء من الرأس لم تشققه، والضربة واحدة فهشمت مواضع كان في كل موضع منها انفصل حتى لا يصل به غيره مجروحا بتلك الضربة هاشمة وهذا هكذا في المنقلة والمأمومة. .
المنقلة (قال الشافعي) لست أعلم خلافا في أن في المنقلة خمس عشرة من الإبل وبهذا أقول وهذا قول من حفظت عنه ممن لقيت لا أعلم فيها بينهم اختلافا، والمنقلة التي تكسر عظم الرأس حتى يتشظى فتستخرج عظامه من الرأس ليلتئم وإنما قيل لها المنقلة لأن عظامها تنقل وقد يقال لها المنقولة وإذا نقل من عظامها شيء قل أو كثر فقد تم عقلها خمس عشرة من الإبل وذلك عشر ونصف عشر دية، ولا يجاوز الهاشمة حتى ينقل بعض عظامها كما وصفت. .
المأمومة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لست أعلم خلافا في أن في المأمومة ثلث الدية، وبهذا نقول في المأمومة ثلث النفس وذلك ثلاث وثلاثون من الإبل وثلث. والآمة التي تخرق عظم الرأس حتى تصل إلى الدماغ وسواء قليل ما خرقت منه أو كثيرة كما وصفت في الموضحة، ولا نثبت مأمومة إلا بشهود يشهدون عليها كما وصفت بأنها قد خرقت العظم فإذا أثبتوا أنها قد خرقت العظم حتى لم يبق دون الدماغ حائل إلا أن تكون جلدة دماغ فهي آمة وإن لم يثبتوا أنهم رأوا الدماغ.
ما دون الموضحة من الشجاج
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولم أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيما دون الموضحة من الشجاج بشيء وأكثر قول من لقيت أنه ليس فيما دون الموضحة أرش معلوم وأن في جميع ما دونها حكومة قال وبهذا نقول. .
الشجاج في الوجه
(قال الشافعي): والموضحة في الوجه والرأس سواء لا يزاد إن شانت الوجه، وهكذا كل ما فيه العقل مسمى
(قال الشافعي): والهاشمة والمنقلة في الرأس والوجه سواء وفي اللحى الأسفل وجميع الوجه، وكذلك هي في اللحيين وحيث يصل إلى الدماغ سواء ولو كانت في الاحسة فخرقت إلى الفم أو كانت في اللحى فخرقت حتى تنفذ العظم واللحم والجلد ففيها قولان: أحدهما أن فيه ثلث النفس؛ لأنها قد خرقت خرق الآمة وأنها كانت في موضع كالرأس والآخر أنه ليس فيها ذلك، وفيها أكثر مما في الهاشمة؛ لأنها لم تخرق إلى الدماغ ولا جوف فتكون في معنى المأمومة أو الجائفة. وإذا شانت الشجاج التي فيها أرش معلوم بالوجه لم يزد في شين الوجه شيء. وإذا كانت الشجاج التي دون الموضحة كانت
فيها حكومة لا يبلغ بها بحال قدر موضحة وإن كان الشين أكثر من قدر موضحة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وقت في الموضحة خمسا من الإبل لم يجز أن تكون الخمس فيما هو أقل منها، وكل جرح عدا الوجه والرأس فإنما فيه حكومة إلا الجائفة فقط. .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #248  
قديم 01-05-2023, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (248)
صــــــــــ 83 الى صـــــــــــ 89


الجائفة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لست أعلم خلافا في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «وفي الجائفة ثلث الدية» وبهذا نقول وفي الجائفة الثلث وسواء كانت في البطن أو في الصدر أو في الظهر إذا وصلت الطعنة أو الجناية ما كانت إلى الجوف من أي ناحية كانت من جنب أو ظهر أو بطن ففيها ثلث دية النفس ثلاث وثلاثون من الإبل وثلث. ولو طعن في وركه فجافته كانت فيها جائفة. ولو طعن في ثغرة نحره فجافته كانت فيها جائفة. ولو طعن في فخذه فمضت الطعنة حتى جافته كانت فيها جائفة وحكومة بزيادة الطعنة في الفخذ؛ لأن هذه جناية جمعت بين شيئين مختلفين كما لو شجه موضحة في رأسه فمضت في رقبته كانت فيها موضحة وحكومة لاختلاف الحكم في موضع الجرحين. ولو طعن رجل رجلا في حلقه أو في مريئه فخرقه كانت فيها جائفة؛ لأن كل واحد منهما يصل إلى الجوف.
، وكذلك لو طعنه في الشرج فخرقه؛ لأن ذلك يصل إلى الجوف. .
ما لا يكون جائفة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن امرأة عدت على امرأة عذراء فافتضتها فإن كانت أمة فعليها ما نقصها ذهاب العذرة. وإن كانت حرة فعليها حكومة بهذا المعنى: فيقال: أرأيت لو كانت أمة تسوى خمسين من الإبل كم ينقصها ذهاب العذرة في القيمة؟ فإن قيل: العشر، كانت عليها خمس من الإبل وإن قيل أكثر أو أقل، كان ذلك عليها، وكذلك لو افتضها رجل بأصبعه أو بشيء غير فرجه فإن افتضها بفرجه فعليه مهر مثلها بالإصابة وحكومة على ما وصفت لا تدخل في مهر مثلها؛ لأنه لو أصابها ثيبا كان عليه مهر مثلها عوضا من الجماع الذي لم تكن هي به زانية ولا تبطل المعصية عنه الجناية إذا كانت مع الجماع ولو افتضها فأفضاها أو أفضاها وهي ثيب كانت عليه ديتها؛ لأنها جناية واحدة وعليه مهر مثلها ولو افتضتها امرأة أو رجل يعود بلا جماع كانت عليهما ديتها وليس هذا من معنى الجائفة بسبيل ولو أن امرأة أدخلت في فرج امرأة ثيب أو دبرها عودا أو عصرت بطنها فخرج منها خلاء أو من فرجها دم لم يكن شيء من هذا في معاني الجائفة وتعزر ولا شيء عليها، وكذلك لو صنع هذا رجل بامرأة أو رجل وهكذا لو أدخل في حلقه أو حلق امرأة شيئا حتى يصل إلى جوفه عزر ولم يكن في هذا ما في الجائفة، ولو كانت برجل جائفة فأدخل رجل فيها أصبعه أو عصا أو جريدا حتى وصلت إلى الجوف فإن لم يكن زاد في الجائفة شيئا لم يكن عليه أرش وإن كان زاد فيها ضمن ما زاد وإن أدخل السكين جائفته التي لم تكن من جنايته، ثم شق في بطنه شقا إلى الجوف فعليه دية جائفة، وإن شق ما لا يبلغ إلى الجوف ففيه حكومة وإن نكأ في الجوف شيئا ففيه حكومة، وإن خرق بالسكين الأمعاء ضمن النفس
كلها إن مات ولا أحسبه يعيش إذا خرق أمعاءه وإن كان لا يعيش بخرق الأمعاء كالذبح وإن لم يخرقه ونكأ فمات المجني عليه ضمن نصف دية النفس وجعلت الموت من الجناية الأولى وجنايته الثانية (قال الشافعي): ولو أدخل يده أو عودا في حلقه أو موضعا منه فلا يكون فيه ما في الجائفة، وإذا لم يزل مريضا ضمنا مما صنع به فهو قاتل يضمن دية النفس، وإذا طعنه جائفة فأنفذها حتى خرجت من الشق الآخر أو رد الرمح فيها فجافه إلى جنبها وبينهما شيء لم يخرقه فهي جائفتان، وهكذا لو طعنه برمح فيه سنان مفترق فخرقه خرقين بينهما شيء ولم يخرق ما بين الجائفتين (قال الشافعي): ولو أصيب بطن رجل فخيط فلم يلتئم حتى طعنه رجل ففتق الخياطة وجافه فعليه حكومة وإن التأم فطعنه في الموضع الذي طعن فيه فالتأم فعليه جائفة. وهذا هكذا في كل الجراح فلو شج رجل رجلا موضحة فلم تلتئم حتى شجه رجل عليها موضحة كانت عليه حكومة، ولو برأت والتأمت فشجه موضحة فعليه أرش موضحة تام والقود إن كانت الشجة عمدا والالتئام يلتصق اللحم ويعلوه الجلد وإن ذهب شعر الجلد أو كان الجلد في البطن أو الرأس متغير اللون عما كان عليه قبل الجناية وعما عليه سائر الجسد إذا كان جلدا ملتئما (قال الشافعي): وإذا أصابه بجائفة فقال أهل العلم: قد نكأ ما في بطنه من معى أو غيره فعليه جائفة وحكومة (قال الشافعي): وسواء ما ناله به فصار جائفة من حديد أو شيء محدد يشبه الحديد فأنفذه مكانه أو قرح وألم حتى يصير جائفة فعليه في هذا كله أرش جائفة ولو كان لم يزده على أكرة أو ما أشبهها إذا أثرت، ثم ألم من موضع الأثر حتى تصير جائفة.
كسر العظام
(قال الشافعي): روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في الترقوة جمل وفي الضلع جمل ويشبه - والله أعلم - أن يكون ما حكي عن عمر - رضي الله عنه - فيما وصفت حكومة لا توقيت عقل ففي كل عظم كسر من إنسان غير السن حكومة وليس في شيء منها أرش معلوم وما يؤخذ في الحكومات كلها بسبب الديات في المسلمين الأحرار والعبيد وأهل الذمة من الإبل؛ لأنها من سبب الجنايات والديات وإذا جبر العظم مستقيما لا عيب فيه ففيه حكومة وإذا جبر معيبا فعليه حكومة بقدر شينه وضرره وعليه حكومة إذا جبر صحيحا لا عتم فيه. .
العوج والعرج في كسر العظام
(قال الشافعي): وإذا كسر الرجل أصبع الرجل فشلت فقد تم عقلها ولو لم تشلل وبرأت معوجة أو ناقصة أو معيبة ففيها حكومة لا يبلغ بها دية الأصبع وهذا هكذا في الكف إن برأت معوجة ففيها حكومة، وإن شل شيء من الأصابع ففيما شل من الأصابع عقله تاما وفي الكف إن عيبت بعوج أو
غيره حكومة (قال الشافعي): وإن كان هذا في الذراع فبرأت متعوجة فقال الجاني: خلوا بيني وبين كسرها لتجبر مستقيمة لم يكره على ذلك المكسورة ذراعه وجعلت على الجاني أو عاقلته حكومة في جنايته (قال الشافعي): ولو كسرها بعدما برئت متعوجة فبرأت مستقيمة كانت له الحكومة بحالها الأولى متعوجة؛ لأن ذهاب العوج من شيء أحدثه بعد وهذا هكذا في كسر العظام كلها (قال الشافعي): وإن كسر يدا فعصبت غير أن اليد تبطش ناقصة البطش أو تامته ففيها حكومة يزاد فيها بقدر الشين ونقص البطش إلا أن يموت من الأصابع شيء أو يشل فيكون فيه عقله تاما، وكذلك العوج وكل عيب كان مع هذا. وإن كسر ساقه أو فخذه فبرأت عوجاء أو ناقصة يبين العوج فيها ففيها حكومة بقدر ما نقص العوج، وكذلك إن كسر القدم أو شلت أصابع القدم فقد تم عقلها وفيها خمسون من الإبل وإذا سلمت الأصابع وعيبت القدم ففيها حكومة بقدر العيب ونقص المنفعة منه، وإن كسر القدم أو ما فوقها إلى الفخذ أو الورك وبرأت يطأ عليها وطئا ضعيفا ففيها حكومة فيزاد فيها بقدر زيادة الألم والنقص والعيب، وهكذا إن قصرت وأصابع الرجل سالمة حتى لا يطأ بها الأرض إلا معتمدا على شق معلقا الرجل الأخرى ففيها حكومة بقدر ما ناله، ولو أصابها من هذا شيء لا يقدر معه على أن يثني رجله ويبسطها فكانت منقبضة لا تنبسط أو منبسطة لا تنقبض ولا يقدر على الوطء عليها معتمدا على عصا ولا على شيء بحال، ثم عقلها وكان فيها خمسون من الإبل وسواء كان هذا من ورك أو ساق أو قدم أو فخذ إذا لم يقدر على الوطء بحال تم عقلها ولو جنى عليها بعد تمام عقلها جان فقطعها كانت عليه حكومة ولم تكن عليه دية رجل تامة ولا قود إن كانت جنايته عليها عمدا، ولو جنى جان على رجل أعرج، ورجله سالمة الأصابع يطأ عليها فقطعها من المفصل كان عليه القود إن كانت جنايته عمدا فإن كانت خطأ ففيها نصف الدية إن شاء في العمد في مال الجاني ونصفها خطأ في أموال عاقلة الجاني. وهكذا الأعسر يجنى على يده سالمة الأصابع والبطش، ولو جنى رجل على رجل فضرب بين وركيه أو ظهره أو رجليه فمنعه المشي ورجلاه تنقبضان وتنبسطان فعليه الدية تامة ومتى أعطيته الدية في شيء من هذه الوجوه الثلاثة التي بها أعطيته الدية، ثم عاد إلى حاله رددت بها ما أخذت ممن أخذت منه الدية عليه ولو لم يمنعه المشي ولكنه منعه المشي إلا معتمدا أعرج أو يجر رجليه فعلى الجاني حكومة لا دية فإذا قطعت رجل هذا ففيها القود والدية تامة لسلامة الأصابع والرجل وإن كان فيها معتمدا أو كان ضعيفا كما تكون الدية تامة في العين يبصر بها وإن كان فيها ضعف. .
كسر الصلب والعنق
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإن جنى رجل على رجل فالتوت عنقه من جنايته حتى يقلب وجهه فيصير كالملتفت أو أصاب ذلك رقبته وإن لم يعوج وجهه أو يبست رقبته فصار لا يلتفت أو يلفت التفاتا ضعيفا وهو يسيغ الماء والطعام والريق ويتكلم ففيها حكومة يزاد فيها بقدر الألم والشين ومبلغ نقص المنفعة فإن نقص ذلك كلامه وشق عليه معه إساغة الماء زيد في الحكومة فإن منعه ذلك إساغة الطعام إلا أن يوجره أو المضغ إلا نغبا نغبا زيد في الحكومة ولا يبلغ بها بحال دية تامة ولو نقص ذلك من كلامه حتى صار لا يفصح ببعض الكلام كانت فيه من الدية بحساب ما نقص من كلامه وحكومة لما أصابه سواه
لأن ما أصابه غير الكلام (قال الشافعي): ولو ذهب كلامه كانت عليه الدية تامة وحكومة فيما صار إلى عنقه من الجناية (قال الشافعي): ولو صار لا يسيغ طعاما ولا شرابا كان هذا لا يعيش فيما أرى فيتربص به فإن مات ففيه الدية وإن عاش وأساغ الماء والطعام ففيه حكومة.
كسر الصلب
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كسر الرجل صلب الرجل فمنعه أن يمشي بحال فعليه الدية فإن مشى معتمدا فعليه حكومة وإن لم تنقص مشيته وبرأ مستقيما فعليه حكومة وإن برأ معوجا فعليه حكومة ويزاد عليه في الحكومة بقدر العوج وإن ادعى أن قد أذهب الكسر جماعه فإن كانت لذلك علامة تعرف بوصفها فالقول قوله مع يمينه وعلى الجاني الدية تامة لا حكومة معها؛ لأن ذهاب الجماع إنما كان في العيب بالصلب والجماع ليس بشيء قائم كالكلام باللسان مع الرقبة ولكن لو أشل ذكره بالكسر أو قطعه به كانت عليه دية وحكومة؛ لأنها حينئذ جناية على صلب فولدت على شيء قائم غير الصلب (قال الشافعي): وإن لم يكن لذلك علامة تدل عليه وقال أهل العلم به: إن معلوما أن الجماع قد يذهب من كسر الصلب وكان إن تربص وقتا من الأوقات فلم تنتشر آلته قال أهل العلم به لا تنتشر ترك إلى ذلك الوقت فإن قال لم تنتشر حلف وأخذ الدية وإن لم يكن له وقت وقيل: هذا قد يذهب ويأتي حلف ما انتشر وأخذ الدية في ذهاب الجماع وإنما يكون له الدية في ذهاب الجماع إذا كان يعلم أن ذهاب الجماع يكون من كسر الصلب فإذا لم يكن معلوما عند أهل العلم فله حكومة لازمة ولو كسر الصلب قبل الذكر حتى يصير لا يجامع بحال فعليه دية في الذكر وحكومة في الصلب إن لم يمنعه المشي بحال. .
النوافذ في العظام
(قال الشافعي): وإذا ضرب الرجل الرجل فأنفذ لحمه وعظمه حتى بلغت ضربته المخ أو خرقت العظم حتى خرجت من الشق الآخر ففيها حكومة لا ثلث عقل العضو ولا ثلثاه كانت الحكومة أقل من ذلك أو أكثر، وكذلك لو كسر العظم حتى يسيل مخه أو أشظاه حتى يخرج مخه وينكسر فينبت مكانه عظم غيره كانت فيه حكومة. .
ذهاب العقل من الجناية
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإن كسر رجل عظما من عظام رجل أو جنى جناية عليه ما كانت الجناية فأذهب عقله كانت عليه الدية ولم يكن عليه بالجناية التي كانت سبب ذهاب العقل أرش إلا أن يكون أرشها أكثر من الدية فيكون فيها الأكثر من الدية وأرشها وذلك مثل أن يقطع يديه ويشجه مأمومة أو ينال بجائفة فيكون عليه دية وثلث ولو جنى عليه جناية فنقصت عقله ولم تذهبه أو أضعفت لسانه أو أورثته فزعا كان فيها حكومة يزاد فيها بقدر ما ناله ولو جنى عليه جناية في غير يده فأشلت يده كان فيها نصف الدية وأرش الجناية كأنها كانت مأمومة فيجعل فيها الثلث وفي إشلال اليد النصف وإن شلت
رجله مع يده كانت في اليد والرجل الدية وفي المأمومة ثلث النفس؛ لأنها جناية لها حكم معلوم أهلكت عضوين لهما حكم معلوم ولو أصابه بمأمومة فأورثته جبنا أو فزعا أو غشيا إذا فزع من رعد أو غيره كانت فيها مع المأمومة حكومة لا دية وإذا جنى عليه فذهب عقله ففي ذهاب عقله الدية وإن كان مع ذهاب عقله جنى عليه جناية لها أرش معلوم فعليه أرش تلك الجناية مع الدية في ذهاب العقل ولو صاح عليه أو ذعره بشيء فذهب عقله لم يبن لي أن عليه شيئا إذا كان المصيح عليه بالغا يعقل شيئا، وكذلك لو صاح عليه وهو راكب دابة أو جدارا فسقط فمات أو أصابه شيء لم يبن لي أن على الصائح شيئا، ولكن لو صاح على صبي أو معتوه لا يعقل أو فزعه فسقط من صيحته ضمن ما أصابه.
وكذلك لو ذهب عقل الصبي ضمن ديته والصياح في الصبي والمعتوه إذا كانت منه جناية يضمنها الصائح؛ لأنهما لا يفرقان بين الصياح وغيره ولو عدا رجل على بالغ يعقل بسيف فلم يضربه به وذعره ذعرا أذهب عقله لم يبن لي أن عليه دية من قبل أن هذا لم تقع به جناية وأن الأغلب من البالغين أن مثل هذا لا يذهب العقل ولو أن رجلا عدا على رجل بسيف ولم ينله به وجعل يطلبه والمطلوب يهرب منه فوقع من ظهر بيت يراه فمات لم يبن لي أن يضمن هذا ديته؛ لأنه ألقى نفسه، وكذلك لو ألقى نفسه في ماء فغرق أو نار فاحترق أو بئر فمات وإن كان أعمى أو بصيرا فوقع فيما يخفى عليه مثل حفرة خفية أو شيء خفي أو من ظهر بيت فانخسف به فمات ضمنت عاقلة الطالب ديته؛ لأنه اضطره إلى هذا ولم يحدث الميت على نفسه ما تسقط به الجناية عن الجاني عليه.
وكذلك لو عرض له بدب يطلبه إياه أو أسد فأكله أو فحل فقتله أو لص فقتله لم يضمن الطالب شيئا؛ لأن الجاني عليه غيره. .
سلخ الجلد
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو أن رجلا سلخ شيئا من جلد بدن رجل فلم يبلغ أن يكون جائفة وعاد الجلد فالتأم أو سقط الجلد فنبت جلد غيره فعليه حكومة فإن كان عمدا فاستطيع الاقتصاص منه اقتص منه وإلا فديته في ماله وإذا برأ الجلد معيبا زيد في الحكومة بقدر عيب الجلد مع ما ناله من الألم ولو كان هذا في رأسه أو الجسد أو فيهما معا أو في بعضهما فنبت الشعر كانت فيه حكومة إن كان خطأ لا يبلغ بها دية وإن لم ينبت الشعر غير أنه إذا لم ينبت الشعر زيد في الحكومة بقدر الشين مع الألم ولو أفرغ رجل على رأس رجل أو لحيته حميما أو نتفهما ولم تنبتا كانت عليه حكومة يزاد فيها بقدر الشين ولو نبتا أرق مما كانا أو أقل أو نبتا وافرين كانت عليه حكومة ينقص منها إذا كانت أقل شيئا ويزاد فيها إذا كانت أكثر شيئا ولو حلقه حلاق فنبت شعره كما كان أو أجود لم يكن عليه شيء والحلاق ليس بجناية؛ لأن فيه نسكا في الرأس وليس فيه كثير ألم وهو وإن كان في اللحية لا يجوز فليس فيه كثير ألم ولا ذهاب شعر؛ لأنه يستخلف ولو استخلف الشعر ناقصا أو لم يستخلف كانت فيه حكومة ولو أن رجلا حلق غير شعر الوجه والرأس فلم ينبت أي موضع كان الشعر أو من امرأة كانت فيه حكومة بقدر قلة شينه وسواء ما ظهر من النبات من شعر الجسد أو بطن إلا أنه آثم إن كان أفضى إلى أن ترى عورته، وكذلك هو من امرأة إلا أنه لا يحل للرجل أن يمس ذلك من امرأة ولا يراه إلا أن تكون زوجته.
وكذلك ما حلق من رقابهما من دون منابت شعر الرأس وشعر اللحية من الرجل وإن كانت لحية رجل منتشرة في حلقه
فحلقها رجل فلم تنبت كانت عليه فيها حكومة وما قلت من هذا فيه حكومة فليست فيه حكومة أكثر من الحكومة في خلافه وإنما قلت إن في شعر البدن إذا لم ينبت حكومة دون الحكومات في الرأس واللحية إذا ذهب الشعر؛ لأن أثر شينه على الرجل دون شين شعر الرأس واللحية وجعلت في ذهابه بلا أثر في البدن؛ لأن نبات الشعر أصح وأتم له وإذا ضرب رجل رجلا ضربا لم يذهب له شعرا أو لم يغير له بشرا غير أنه آلمه فلا حكومة عليه فيه ويعزر الضارب
(قال الشافعي): وإن غير جلده أو أثر به فعليه حكومة؛ لأن الجناية قائمة.

ولو خلقت لامرأة لحية وشاربان أو أحدهما دون الآخر فحلقهما رجل أدب وكانت عليه حكومة أقل منها في لحية الرجل؛ لأن اللحية من تمام خلقة الرجل وهي في المرأة عيب إلا أني جعلت فيها حكومة للتعدي والألم (قال أبو يعقوب) هذا إذا لم ينبت أو نبت ناقصا فأما إذا نبت ولم يكن قطع من جلودهما شيء فليس عليه إلا التعزير (قال الربيع) وأنا أقول به. .
قطع الأظفار
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قطع الرجل ظفر رجل عمدا فإن كان يستطاع فيه القصاص اقتص منه وإن لم يستطع منه القصاص ففيه حكومة فإن نبت صحيحا غير مشين ففيه حكومة وإن نبت مشينا ففيه حكومة أكثر من الحكومة فيه إذا نبت غير ناقص ولا مشين وإن لم ينبت ففيه حكومة أكثر من الحكومة قبله ولا يبلغ بالحكومة دية أنملة ولا دية قدر ما تحت الظفر من الأنملة؛ لأن الظفر لا يستوظف الأنملة فلا يبلغ بحكومته أرشه لو قطع ما تحته ما تحته من الأنملة. .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #249  
قديم 01-05-2023, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (249)
صــــــــــ 89 الى صـــــــــــ 95


غم الرجل وخنقه
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو خنق رجل رجلا أو غمه ثم أرسله ولا أثر به منه لم يكن عليه فيه غرم وعزر ولو حبسه فقطع به في ضيقته ولم ينله في يديه بشيء ولم يمنعه طعاما ولا شرابا فقد أثم ويعزر ولا غرم عليه، وكل ما ناله من خدش أو أثر في يديه يبقى ففيه حكومة وإن كان أثرا يذهب، مثل الخضرة من اللطمة فلا حكومة. .
الحكومة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: الجنايات التي فيها الحكومة كل جناية كان لها أثر باق: جرح أو خدش أو كسر عظم أو ورم باق أو لون باق فأما كل ضرب ورم أو لم يورم فلم يبق له أثر فلا حكومة فيه، وكل ما قلت فيه حكومة فالحكومة فيه من وجوه منها أن يجرحه في رأسه أو في وجهه جرحا دون الموضحة فيبرأ كلم المجروح فأقدره من الموضحة، ثم أنظر كم قدر الجرح الذي فيه الحكومة من الموضحة، فإن قال أهل العلم به: جرحه قدر نصف موضحة جعل فيه ما في نصف موضحة فإن قالوا: أكثر أو أقل جعل فيه بقدر ما قالوا إنه موقعه من الموضحة في الألم وبطء البرء وما أشبهه
(قال الشافعي)
: وإن قالوا لا ندري لمغيب العظم وأنه قد يكون دونه لحم كثير وقليل كم قدرها من الموضحة قيل: احتاطوا فإن قلتم لا شك في أنها نصف موضحة وقد نشك في أن تكون ثلثين؛ لأنها تشبه ذلك قيل: فهي النصف الذي لا تشكون فيه ولا يعطى منه بالشك شيء
(قال الشافعي): وإذا شان الوجه أو الرأس جرح نظر في الجرح كما وصفت ونظر في الشين مع الجرح فإن كان الشين أكثر أرشا من الجرح أخذ بالشين وإن كان الجرح أكثر أرشا من الشين أخذ بالجرح ولم يزد للشين شيء وإن قيل: الشين أرش موضحة أو أكثر منه نقص من موضحة شيئا ما كان الشين وإنما منعني أن أبلغ به موضحة أن الموضحة لو كانت فشانت لم يزد على أرش موضحة، إذا كان الشين مع ما هو أقل من موضحة لم يجز أن يبلغ الشين مع الجرح دون موضحة أرش موضحة، وإن كان الضرب لم يجرح وبقي منه شين فهكذا أولا يؤخذ للشين شيء إلا أن يكون شين لا يذهب بحال أو ينال اللحم بما يحشفه أو يفجر منه شيئا أو يجرحه فإن جرحه في الرأس أو الوجه جرحا دون الموضحة قيل لأهل البصر بذلك قدروا لذلك بقدره من الموضحة واحتاطوا فإن قلتم لا نشك في أنها نصف موضحة وقد نشك في أن تكون ثلثين؛ لأنها تشبه ذلك قيل فهي النصف الذي لا تشكون فيه ولا يعطى منه بالشك شيء وإذا كان هكذا أخذ له أرش وإن سود اللون أو خضره سوادا يبقى أو خضرة كذلك فشان الوجه سئل أهل العلم فإن قالوا: صار إلى هذا بموت من اللحم أخذ للشين فيه أرش وإن قالوا هذا مشكل وإن بلغ مدة كذا ولم يذهب أبدا ترك إلى تلك المدة فإن لم يذهب أخذ له أرش ومتى أخذ له شيء مما وصفت غير أثر الجرح الذي يعلم أنه لا يذهب أرشا، ثم ذهب رد الأرش الذي أخذ له وما قلت من الجراح التي لا قدر فيها وكسر العظام والشين سواء في الحر والحرة والمملوك والمملوكة والذمي والذمية يقوم في دية كل واحد منهما كما يقوم في ثمن المملوك ويحد في دية كل واحد من الأحرار بقدرها، فيحد في دية المجوسي بقدر الموضحة وفي دية المرأة بقدر موضحتها، وكذلك النصراني واليهودي، وكذلك الحر فيكون في موضحته وما دون موضحته بقدر ديته كان ديته ثمنا له كما تكون قيمة المملوك ثمنا له، وإذا كان الجرح في غير الرأس والوجه في عضو فيه أرش معلوم فليس في جرحه إذا التأم إلا قدر الشين الباقي بعد التئامه من قبل أنه ليس في جراح الجسد قدر معلوم إلا الجائفة لخوف تلفها وإذا بلغ شين الجرح الذي في العضو الذي فيه قدر معلوم أكثر من ذلك العضو نقصت الحكومة على قدره، وذلك مثل أن يجرح في أنملة من أطراف أصابع يديه أو رجليه أو ينزع له ظفرا فيكون أرش الشين فيها أكثر من دية الأنملة فلا يبلغ به دية أنملة؛ لأنه لو قطعت أنملته وشانته لم يزد على قدرها فلا يبلغ بما هو دونها من شينها قدرها ولو كان الجرح في وسط الأنامل أو أسافلها وكان قدر شينه أكثر من أرش أنملة لم يبلغ به أرش أنملة كما وصفت وإن كان الجرح في الكف أو القدم فشان بأكثر من أرش الكف أو القدم لم يبلغ به أرش كف ولا قدم؛ لأنهما لو قطعتا فشانتا لم يزد على أرشهما بالشين شيئا فلا يبلغ بما دون قطعهما من الجناية عليهما أرش قطعهما ولا شللهما وهكذا إن كان في الذراع أو العضد أو الساق أو القدم لم يبلغ بشينه قدر دية يد تامة ولا رجل تامة ولو كان الجرح والشين أو أحدهما في جميع البدن كله كان فيه ما شان المجروح لا يبلغ به دية المجروح للشين إن كان حرا لا قيمته إن كان عبدا؛ لأن في قطع اليدين الدية فإن قال قائل: فكيف حددت في الشين الذي تواريه الثياب فقلت يبلغ به ما دون الدية فجعلته في الوجه الذي يبدو الشين فيه أقبح محدودا بموضحة وهي نصف عشر الدية؟ قلت: لما وصفت من أنه لا يجوز أن يبلغ شين لا جرح فيه أرش جرح في موضع من المواضع لا يبلغ بموضحة ما أبلغ فيه شين موضحة وهي أكثر مما دونها فحددت لو كان في موضعها أقل منها بأن لا أبلغ به قدرها؛ لأنه لا يجوز أن يبلغ بها ما لم يبلغها من الشين، وكذلك قلت في كل جرح وشين بعضو له قدر
ولم أحد الديات على شين موضحة ولا ألم، ألا ترى أن في الأذن نصف الدية وفي اليد نصف الدية وليست منفعة الأذن والشين ذهابها قريبا من منفعة اليد والشين ذهابها، ألا ترى أن في الأنملة ثلاثا من الإبل وثلثا وفي الموضحة خمس من الإبل وفي الهاشمة عشر وذهاب الأنملة أشين وأضر من موضحة وهاشمة ومواضح وهواشم ولولا ما وصفت كان في الشين أبدا ما نقص الشين كما يكون ذلك في متاع جنى عليه فنقص به بعيب دخله
(قال الشافعي): وإذا كسر عظم من العظام، ثم جبر على غير عتم ففيه حكومة بقدر ألم أو جرح أو ضعف إن كان فيه وإن جبر على عثم أو شين غير العثم ففيه حكومة على ما وصفت لا يبلغ بها دية العظم لو قطع، كان بكسر أنملة أو بكسر ذراع ولا يبلغ بحكومة شين الأنملة أرش أنملة ولا بحكومة للذراع أرش يد وهذا هكذا في الفخذ والساق والقدم والأنف والفخذ، فأما الضلع إذا كسر وجبر فلا يبلغ به دية جائفة؛ لأن أكثر ما فيه أن يصير منه الجائفة. .

التقاء الفارسين
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا اصطدم الراكبان على أي دابة كان كل واحد منهما فماتا معا فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه من قبل أن كل واحد منهما جان على نفسه وعلى غيره وأن كل واحد منهما مات من صدمته وصدمة غيره فتبطل جنايته على نفسه ويؤخذ له جناية غيره كما لو جرح نفسه وجرحه غيره كان على الجارح نصف الدية؛ لأنه مات من جنايته وجناية غيره وهكذا القوم يرمون بالمنجنيق معا فيرجع الحجر عليهم فيقتل منهم رجلا فإن كانوا عشرة فقد مات من جنايته على نفسه وجناية التسعة مع نفسه عليه فترفع حصته من جنايته على نفسه وتؤخذ له جناية غيره عليه فيؤخذ لورثته تسعة أعشار ديته من الذين رموا بالمنجنيق معه من عاقلة كل واحد منهم عشر ديته وسواء كان أحد الراكبين على فيل والآخر على كبش أو كانا على دابتين سواء ومتفاوتين وإن ماتت دابتاهما ضمن كل واحد منهما في ماله نصف قيمة دابة صاحبه ولو اصطدم الفارس والراجل كانا كالفارسين يصطدمان.
وكذلك الراجلان يصطدمان وسواء كانا أعميين أو صحيحين أو أحدهما أعمى والآخر صحيح يضمن الأعمى من جنايته ما يضمن البصير وسواء غلبتهما دابتاهما أو غلبت إحداهما أو لم تغلبهما ولا واحدا منهما، وكذلك لو تقهقرت بهما دابتاهما فرجعت كل واحدة منهما على عقبيها فاصطدما فماتا، أو فعلت هذا دابة أحدهما وكان الآخر مقبلا على دابته ولو كان أحدهما عبدا والآخر حرا ضمنت عاقلة الحر نصف قيمة العبد بالغة ما بلغت وكان نصف دية الحر في عنق العبد فإن كان في نصف قيمة العبد فضل عن نصف دية حر دفع إلى سيد العبد فإن كان وفاء فهو قصاص ولا شيء لسيده وإن كان فيه نقص أقص بقدره ولا شيء على سيد العبد (قال الربيع) إذا كانا حيين فأما إذا مات العبد فإن الجناية في رقبته ولا شيء على سيده وعلى عاقلة الحر نصف قيمة العبد تؤخذ من عاقلة الحر وترد على ورثة الحر إن كان مثل نصف ديته أو أقل؛ لأن قيمة العبد تقوم مقام بدنه لو كان حيا فيتبع بالجناية فأما
إذا كان زائدا على نصف قيمة الحر فهو رد على سيده ومتى أخذ من نصف قيمة العبد رجع ورثة الحر وأخذوا نصف دية قتيلهم فإن عجزت قيمة العبد فلا شيء لهم.
(قال الشافعي): وإذا كان المصطدمان عبدين كان نصف قيمة كل واحد منهما في عنق صاحبه وبطلت الجناية من قبل أن الجانيين جميعا قد ماتا ولا يضمن عنهما عاقلة ولا مال لهما وسواء في الاصطدام الفارسان اللذان يعقلان والمعتوهان والأعميان والبصيران وأن يكون أحدهما معتوها والآخر عاقلا أو أحدهما صبيا والآخر بالغا إذا كانا راكبي الدابتين بأنفسهما أو حملهما عليهما أبواهما أو ولياهما في النسب إن لم يكن لهما أب فإن كان حملهما أجنبيان، ومثلهما لا يضبط الدابة فدية من أصابا على عاقلة الذي حملهما؛ لأن حملهما عدوان عليهما فيضمن ما أصابا في حمله.
(قال الشافعي): واصطدام الرجلين عمدا وخطأ سواء إلا في المأثم ولا قود في الصدمة وهي خطأ عمد تحملها العاقلة، والدية فيها إذا كانا مقبلين مغلظة وإذا كانا مدبرين وحرنت بهما دابتاهما فاصطدما مدبرين غير مقبلين عامدي الصدمة فنصف دية مغلظة وإن كان أحدهما مقبلا فنصف دية الذي أقبل مغلظة ونصف ديته إذا كان مات من صدمته، وصدمه مدبر غير مغلظة. .
صدمة الرجل الآخر
(قال الشافعي): وإذا كان الفارس أو الراجل واقفا في ملكه أو غير ملكه أو مضطجعا أو راقدا فصدمه رجل فقتله والمصدوم يبصر ويقدر على أن ينحرف أو لا يبصر ولا يقدر على أن ينحرف أو أعمى لا يبصر فسواء ودية المصدوم مغلظة على عاقلة الصادم.
(قال الشافعي): ولو مات الصادم كانت ديته هدرا؛ لأنه جنى على نفسه ولو أن الواقف انحرف عن موضعه فالتقى هو وآخر مقبلين فصدمه فماتا مصطدمين فنصف دية كل واحد منهما على عاقلة صادمه؛ لأن له فعلا في التحرف ولو كان تحرفه موليا عنه فكان الفارس أو الراجل الصادم له كان كهو لو كان واقفا فتضمن عاقلة الصادم ديته، ولو مات الصادم كان دمه هدرا لأنه جنى على نفسه، وإذا ماتت الدابتان من الاصطدام فنصف ثمن كل واحدة منهما على الصادم؛ لأن العاقلة لا تضمن ثمن دابة.
اصطدام السفينتين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا اصطدم السفينتان فكسرت إحداهما الأخرى ومات من فيهما وتلفت حمولتهما أو ما تلف منهما أو مما فيهما أو من إحداهما فلا يجوز فيها إلا واحد من قولين: إما أن يضمن القائم في حاله تلك بأمر السفينة نصف كل ما أصابت سفينته لغيره أو لا يضمن بحال إلا أن يكون يقدر أن يصرفها بنفسه ومن يطيعه فلا يصرفها، فأما إذا غلبته فلا يضمن ومن قال هذا القول قال: القول قول الذي يصرفها في أنها غلبته ولم يقدر أن يصرفها أو غلبتها ريح أو موج وإذا ضمن ضمن غير النفس في ماله وضمنت النفوس عاقلته إلا أن يكون عبدا فيكون ذلك في عنقه، وسواء كان الذي يلي
تصريفها مالكا لها أو موكلا فيها أو متعديا في ضمان ما أصابت إلا أنه إذا كان متعديا فيها ضمن ما أصابها هي وأصابت.
وهكذا إن صدمت ولم تصدم أو صدمت وصدمت فأصابت وأصيبت فسواء من ضمن راكبها بكل حال ضمنها وإن غلب أو غلبا ومن لم يضمن إلا من قدر على تصريفها فتركها ضمن الذي لم يغلب على تصريفها وجعله كعامد الصدم ولم يضمن المغلوب (قال الشافعي): وإذا صدمت سفينة بغير أن يعمد بها الصدم لم يضمن شيئا مما في سفينته بحال؛ لأن الذين فيها دخلوا غير متعدى عليهم ولا على أموالهم وإذا عرض لراكبي السفينة ما يخافون به التلف عليها وعلى من فيها وما فيها أو بعض ذلك فألقى أحدهم بعض ما فيها رجاء أن تخف فتسلم فإن كان ما ألقى لنفسه فماله أتلف فلا يعود بشيء منه على غيره وإن كان بعض ما ألقى لغيره ضمن ما ألقى لغيره دون أهل السفينة فإن قال بعض أهل السفينة لرجل منهم: ألق متاعك فألقاه لم يضمن له شيئا؛ لأنه هو ألقاه وإن قال ألقه على أن أضمنه فأذن له فألقاه ضمنه.

وإن قال: ألقه على أن أضمنه وركاب السفينة فأذن له بذلك فألقاه ضمنه له دون ركاب السفينة إلا أن يتطوعوا بضمانه معه فإن خرق رجل من السفينة شيئا أو ضربه فانخرق أو انشق فغرق أهل السفينة وما فيها ضمن ما فيها في ماله وضمن ديات ركبانها عاقلته وسواء كان الفاعل هذا بها مالكا للسفينة أو القائم بأمرها أو راكبا لها أو أجنبيا مر بها. .
جناية السلطان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقام السلطان حدا من قطع أو حد قذف أو حد زنا ليس برجم على رجل أو امرأة عبد أو حر فمات من ذلك فالحق قتله؛ لأنه فعل به ما لزمه وكذلك إن اقتص منه في جرح يقتص منه من مثله وإذا ضرب في خمر أو سكر من شراب بنعلين أو طرف ثوب أو يد أو ما أشبهه ضربا يحيط به العلم أنه لا يبلغ أربعين أو يبلغها ولا يجاوزها فمات من ذلك فالحق قتله وما قلت الحق قتله فلا عقل فيه ولا قود ولا كفارة على الإمام ولا على الذي يلي ذلك من المضروب، ولو ضربه بما وصفت أربعين أو نحوه لم يزد عليه شيئا فكذلك وذلك أن أبا بكر سأل من حضر ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له فكان فيما ذكروا عنده أربعين أو نحوها فإن ضربه أربعين أو أقل منها بسوط أو ضربه أكثر من أربعين بالنعال أو غير ذلك فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال.
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى عن الحسن أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال ما أحد يموت في حد من الحدود فأجد في نفسي منه شيئا إلا الذي يموت في حد الخمر فإنه شيء أحدثناه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن مات منه فديته إما قال في بيت المال وإما على عاقلة الإمام الشك من الشافعي
(قال الشافعي) وبلغنا أن عمر أرسل إلى امرأة ففزعت فأجهضت ذا بطنها فاستشار عليا - رضي الله عنهما - فأشار عليه بدية وأمر عمر عليا فقال عزمت عليك لتقسمنها في قومك.

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا وقع على الرجل حد فضربه الإمام وهو مريض أو في برد شديد أو حر شديد كرهت ذلك، وإن مات من ذلك الضرب فلا عقل ولا قود ولا كفارة ولو كانت المحدودة امرأة كانت هكذا إلا أنها إن كانت حاملا لم يكن له حدها لما في بطنها فإن حدها فأجهضت ضمن ما في بطنها وإن ماتت فأجهضت لم يضمنها وضمن ما في بطنها؛ لأنه لم يتعد عليها وإنما قلت ليس له أن يحدها للذي في بطنها فضمنته الجنين؛ لأنه بسبب فعله ولم أضمنه إياها؛ لأن الحق قتلها.
(قال الشافعي): وإذا حد الإمام رجلا بشهادة عبدين أو عبد وحر أو ذمي ومسلم أو شهادة غير عدلين في أنفسهما أو غير عدلين على المشهود عليه حين شهدا فمات ضمنته عاقلته؛ لأن هذا كله خطأ في الحكم، وكذلك لو أقر عنده صبي أو معتوه بحد فحده ضمنهما إن ماتا ومن قلت يضمنه إن مات ضمن الحكومة في جلده أو أثر إن بقي به وعاش، وكذلك يضمن دية يده إن قطعه، وكل ما قلت يضمنه من خطئه فالدية فيه على عاقلته، وإذا أمر الجالد بجلد الرجل ولم يوقت له ضربا فضربه الجالد أكثر من الحد فمات ضمن الإمام دون الجالد فإن كان حده ثمانين فزاد سوطا فمات فلا يجوز فيها إلا واحد من قولين.
أحدهما:
أن يضمن الإمام نصف ديته كما لو جنى رجلان على رجل أحدهما ضربة والآخر ثمانين ضربة أو أقل أو أكثر ضمنا الدية نصفين، أو يضمن سهما من أحد وثمانين سهما من ديته ويكون كواحد وثمانين قتلوه فيغرم حصته.

ولو قال له: اضربه ثمانين فأخطأ الجالد فزاده واحدة ضمن الجالد دون الإمام، ولو قال له اجلده ما شئت أو ما رأيت أو ما أحببت أو ما لزمه عندك فتعدى عليه ضمن الجالد العدوان وليس كالذي يأمره بأن يضربه أمامه ولا يسمي له عددا وهو يحصي عليه ولو كان الإمام للمضروب ظالما ضمن ما أصابه من الضرب بأمره ولم يضمنه الجالد إلا أن يعلم الجالد أن الإمام ظالم بأن يقول الإمام: أنا أضرب هذا ظالما أو يقول الجالد: قد علمت أنه يضربه ظالما بلا شبهة فيضمن الجالد والإمام معا، ولو قال الجالد: ضربته وأنا أرى الإمام مخطئا عليه وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء ضمن الجالد وليس للضارب أن يضرب إلا أن يرى أن ما أمره به الإمام حق أو مغيب عنه سبب ضربه أو يأمره بضربه فيكون ذلك عنده على أنه لم يأمره إلا بما لزم المضروب، وإذا ضرب الإمام فيما دون الحد تعزيرا فمات المضروب ضمنت عاقلة الإمام ديته، وهكذا إن خاف الرجل نشوز امرأته فضربها فماتت أو فقأ عينها خطأ ضمنت عاقلته نفسها وعينها، فإن قيل: فمن أين؟ قلت له: أن يعزر ولم زعمت أنه إن مات مما جعلت له لم تسقط عنه الدية؟.
قلت: إني قلت له أن يفعل إباحة من جهة الرأي وكان له في بعض التعزير أن يترك وعليه في الحد أن يقيمه وليس له تركه بحال وإذا بعث السلطان إلى امرأة أو رجل عند امرأة ففزعت المرأة لدخول الرسل أو غلبتهم أو انتهارهم أو الذعر من السلطان فأجهضت فعلى عاقلة السلطان دية جنينها إذا كان ما أحدثه الرسل بأمره فإن كان الرسل أحدثوا شيئا بغير أمر السلطان فذلك على عواقلهم دون عاقلة السلطان؛ لأن معروفا أن المرأة تسقط من الفزع ولو أن امرأة أو رجلا بعث إليه السلطان فمات فزعا لم تضمن عاقلة السلطان؛ لأن الأغلب أن أحدا لا يموت من فزع رسول السلطان ولو سجن السلطان رجلا فمنعه الطعام والشراب أو أحدهما فمات من ساعته لم يضمن شيئا إلا أن يقر السلطان أنه مات من فقد ما منعه.
وإن حبسه مدة يمكن أن يموت فيها من حبسها عطشا أو جوعا فمات ضمنه إذا ادعى ورثته أنه مات من فقد ما منعه، وكذلك لو أخذه فذكر جوعا أو عطشا فحبسه مدة يمكن أن يموت من أتت عليه فيها من ذكر مثل جوعه أو عطشه، وكذلك لو حبسه فجرده ومنعه الأدفية في برد أو حر فإن كان البرد والحر مما يقتل مثله فمات ضمنه وإن كان مما لا يقتل مثله لم يضمنه من قبل أنه قد يموت فجأة من غير مرض يعرف ولا يضمنه حتى يكون الأغلب أنه مات بمنعه إياه مدة يموت من منع مثل ما منعه فيها. فإذا كان لرجل سلعة فأمر السلطان بقطعها أو أكلة فأمر السلطان بقطع عضوه الذي هي فيه، والذي هي به لا يعقل إما صبي وإما مغلوب على عقله أو عاقل فأكرهه على ذلك فمات فعلى السلطان القود في المكره إلا أن تشاء ورثته أن يأخذوا الدية وقد قيل: عليه القود في الذي لا يعقل، وقيل: لا قود على السلطان في الذي لا يعقل وعليه الدية في ماله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #250  
قديم 01-05-2023, 10:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس

الحلقة (250)
صــــــــــ 95 الى صـــــــــــ 100


(قال أبو يعقوب) والصبي مثل المعتوه (قال الشافعي): فأما غير السلطان يفعل هذا فيقاد منه إلا أن يكون ذلك أبا صبي أو معتوه لا يعقل أو وليه فيضمن الدية ويدرأ عنه القود بالشبهة، ولو كان رجل أغلف أو امرأة لم تخفض فأمر السلطان بهما فعذرا فماتا لم يضمن السلطان؛ لأنه قد كان عليهما أن يفعلا إلا أن يعذرهما في حر شديد أو برد شديد يكون الأغلب أنه لا يسلم من عذر في مثله فيضمن عاقلته ديتهما، ولو أكره السلطان رجلا على أن يرقى نخلة أو ينزل في بئر فرقى أو نزل فسقط فمات ضمنه السلطان وعقلته عاقلته، وكذلك لو كلفه أن يفعل شيئا قد يتلف من فعل مثله ولو كان كلفه أن يمشي قليلا في أمر يستعين السلطان في مثله فمشى فمات لم يضمن؛ لأن الأغلب أن هذا لا يمات من مثله إلا أن يقر السلطان بأنه مات منه فيضمنه في ماله أو يكون معلوما أنه إذا فعل مثل ما كلفه كان الأغلب أن ذلك يتلفه.
وإذا كان هذا هكذا ضمنه السلطان وقد قيل: يضمن السلطان من هذا ما يضمن من استعمل عبدا محجورا فأما كل أمر ليس من صلاح المسلمين أكره السلطان عليه رجلا فمات منه في ذلك الأمر فالسلطان ضامن لديه من مات فيه. .
ميراث الدية
(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي) قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع إليه عمر.
(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي) قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى الضحاك بن سفيان أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته» قال ابن شهاب وكان أشيم قتل خطأ (قال الشافعي): ولا اختلاف بين أحد في أن يرث الدية في العمد والخطأ من ورث ما سواها من مال الميت؛ لأنها تملك عن الميت. وبهذا نأخذ فنورث الدية في العمد والخطأ من ورث ما سواها من مال الميت وإذا مات المجني عليه وقد وجبت ديته فمن مات من ورثته بعد موته كانت له حصته من ديته كأن رجلا جنى عليه في صدر النهار فمات ومات ابن له من آخر النهار فأخذت دية أبيه في ثلاث سنين فميراث الابن الذي عاش بعده ساعة قائم في ديته كما يثبت في دين لو كان لأبيه.
وكذلك امرأته وغيرها ممن يرثه إذا مات، ولو مات وله ابن كافر فأسلم بعد وفاته بقليل لم يرث منه شيئا؛ لأن أباه مات وهو غير وارث له، وكذلك لو كان عبدا فعتق أو كانت امرأته كذلك ولو نكح بعد الجناية، ثم مات ورثته امرأته.
عفو المجني عليه في العمد والخطأ

(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي) قال: إذا جنى الرجل جناية خطأ فعفا المجني عليه أرش الجناية فإن لم يمت من الجناية فالعفو جائز وإن مات فالعفو وصية تجوز من الثلث وهي وصية لغير قاتل
لأنها على عاقلته ولو كان الجاني مسلما ممن لا عاقلة له كان العفو جائزا؛ لأنها على المسلمين، ولو كان الجاني نصرانيا أو يهوديا من أهل الجزية كان العفو جائزا من قبل أنها على عاقلته فإن كان الجاني ذميا لا يجري على عاقلته الحكم أو مسلما أقر بجناية خطأ فالدية في أموالهما معا والعفو باطل؛ لأنها وصية لقاتل وللورثة أخذهما بها، ولو كان الجاني عبدا فعفا عنه المجني عليه، ثم مات جاز العفو من الثلث؛ لأنها ليست بوصية للعبد إنما هي وصية لمولاه.
ولو كان المجني عليه خطأ فقال: قد عفوت عن الجاني القصاص لم يكن عفوا عن المال حتى يتبين أنه أراد بعفوه الجناية العفو عن المال؛ لأنه قد يرى أن له قصاصا، وكذلك لو قال: قد عفوت عنه الجناية وما يحدث منها وعليه اليمين إن كان حيا ما عفا المال الذي يلزم بالجناية وعلى ورثته إن كان ميتا اليمين هكذا على علمهم، ولو قال: قد عفوت عنه ما يلزمه من الأرش والجناية كان عفوا عن الكافر؛ لأنه ليست له عاقلة يجري عليها الحكم وعمن أقر بالجناية خطأ ولم يكن عفوا عن العاقلة إلا أن يكون قد أراد بقوله قد عفوت عن أرش الجناية أو ما يلزمه من أرش قد عفوت ذلك عن عاقلته.
ألا ترى أنه لا يلزمه من أرش الجناية شيء فإذا عفا ما لا يلزمه لم يكن عفوا ولا يكون عفوا في هذا خاصة إلا بما وصفت من أن يقول قد عفوت ما يلزم لي على عاقلته في أرش جنايتي أو ما يلزم من أرش جنايتي إن كان ممن لا تعقله العاقلة ولو كانت الجناية جرحا فعفا أرشه عفوا صحيحا ثم مات من الجراح ففيها قولان: أحدهما: أنه يجوز العفو في أرش الجناية ولا يجوز فيما زاد على قدر الجرح بالموت على أرش الجرح كأن الجرح كان يدا فعفا أرشها، ثم مات فيجوز العفو في نصف الدية من الثلث ويؤخذ نصفها. والثاني: أنه لا يجوز إذا كان العقل يلزم القاتل؛ لأن الهبة البتات في معاني الوصايا فلا تجوز لقاتل فإن كانت الجراح خطأ تبلغ دية نفس أو أكثر فعفا أرشها، ثم مات جاز العفو من الثلث؛ لأنه قد عفا الذي وجب أو أكثر منه.
(قال): وإذا جرح المحجور عليه بالغا أو معتوها أو صبيا فعفا أرش الجرح في الخطأ لم يجز عفوه، وكذلك في العمد الذي لا يكون فيه القود وإن عفا القود جاز عفوه فيه فإن عفا ديته في الخطأ عن عاقلة قاتله فهي وصية لغير قاتل فمن أجاز وصيته أجاز هذا العفو في وصيته ومن لم يجزها لم يجز هذا العفو بحال.
القسامة
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه «أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما فتفرقا في حوائجهما فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير أو عين فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه. فقالوا: والله ما قتلناه فأقبل حتى قدم على قومه فذكر ذلك لهم فأقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل أخو المقتول فذهب محيصة يتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمحيصة كبر كبر يريد السن فتكلم حويصة. ثم تكلم محيصة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب فكتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فكتبوا إليه إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم قالوا لا قال فتحلف يهود قالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة
حتى أدخلت عليهم الدار قال سهل لقد ركضتني منها ناقة حمراء» قال الشافعي أخبرنا الثقفي قال حدثني يحيى بن سعيد وأخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معنى حديث مالك إلا أن ابن عيينة كان لا يثبت أقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصاريين في الأيمان أم يهود؟ فيقال في الحديث إنه قدم الأنصاريين فنقول فهو ذاك أو ما أشبه هذا.
(قال الشافعي): وبهذا نقول فإذا كان مثل هذا السبب الذي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه بالقسامة حكمنا بها وجعلنا فيها الدية على المدعى عليهم فإذا لم يكن مثل ذلك السبب لم نحكم بها، فإن قال قائل: وما مثل السبب الذي حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قيل كانت خيبر دار يهود التي قتل فيها عبد الله بن سهل محضة لا يخلطهم غيرهم وكانت العداوة بين الأنصار واليهود ظاهرة وخرج عبد الله بن سهل بعد العصر ووجد قتيلا قبل الليل فكاد أن يغلب على من علم هذا أنه لم يقتله إلا بعض يهود وإذا كانت دار قوم مجتمعة لا يخلطهم غيرهم وكانوا أعداء للمقتول أو قبيلته ووجد القتيل فيهم فادعى أولياؤه قتله فيهم فلهم القسامة، وكذلك إذا كان مثل هذا المعنى مما يغلب على الحاكم أنه كما يدعي المدعي على جماعة أو واحد.
وذلك مثل أن يدخل نفر بيتا فلا يخرجون منه إلا وبينهم قتيل، وكذلك إن كانوا في دار وحدهم أو في صحراء وحدهم؛ لأن الأغلب أنهم قتلوه أو بعضهم، وكذلك أن يوجد قتيل بصحراء أو ناحية ليس إلى جنبه عين ولا أثر إلا رجل واحد مختضب بدمه في مقامه ذلك أو يوجد قتيل فتأتي بينة متفرقة من المسلمين من نواح لم يجتمعوا فيثبت كل واحد منهم على الانفراد على رجل أنه قتله فتتواطأ شهادتهم ولم يسمع بعضهم شهادة بعض وإن لم يكونوا ممن يعدل في الشهادة أو يشهد شاهد واحد عدل على رجل أنه قتله؛ لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما ادعى ولي الدم أو شهد من وصفت وادعى ولي الدم، ولهم إذا كان ما يوجب القسامة على أهل البيت أو القرية أو الجماعة أن يحلفوا على واحد منهم أو أكثر.
فإذا أمكن في المدعى عليه أن يكون في جملة القتلة جاز أن يقسم عليه وحده وعلى غيره ممن أمكن أن يكون في جملتهم معه دعوى إذا لم يكن معه ما وصفت لا يجب بها القسامة، وكذلك لا تجب القسامة في أن يوجد قتيل في قرية يختلط بهم غيرهم أو يمر بهم المارة إذا أمكن أن يقتله بعض من يمر ويلقيه: وإذا وجبت القسامة فلأهل القتيل أن يقسموا وإن كانوا غيبا عن موضع القتيل؛ لأنه قد يمكن أن يعلموا ذلك باعتراف القاتل أو بينة تقوم عندهم لا يقبل الحاكم منهم ومن غيرهم غير ذلك من وجوه العلم التي لا تكون شهادة بقطع وينبغي للحاكم أن يقول اتقوا الله ولا تحلفوا إلا بعد الاستثبات. ويقبل أيمانهم متى حلفوا.
من يقسم ويقسم فيه وعليه
(قال الشافعي): - رحمه الله -: يحلف في القسامة الوارث البالغ غير المغلوب على عقله من كان منهم مسلما أو كافرا عدلا أو غير عدل ومحجورا عليه. والقسامة في المسلمين على المشركين والمشركين على المسلمين والمشركين فما بينهم مثلها على المسلمين لا تختلف؛ لأن كلا ولي دمه ووارث دية المقتول وماله إلا أنا لا نقبل شهادة مشرك على مسلم ولا نستدل بقوله بحال؛ لأن حكم الإسلام إبطال أخذ الحقوق بشهادة المشركين
(قال الشافعي)
: ولسيد العبد القسامة في العبد وجبت القسامة له على الأحرار أو عبيدهم غير أن الدية على الأحرار في أموالهم وعواقلهم، والديات في رقاب العبيد ودية العبد ثمنه ما كان، وإذا وجبت القسامة في عبد مأذون له في التجارة أو غير مأذون له فيها سواء، والقسامة لسيد العبد وليس للعبد قسامة؛ لأنه ليس بمالك، وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد؛ لأن كل هؤلاء لا يملك؛ والقسامة لساداتهم دونهم. وإن كان للمكاتب عبد فوجبت له قسامة أقسم؛ لأنه مالك فإن لم يقسم حتى يعجز لم يكن له أن يقسم وهو مملوك وكان لسيده أن يقسم وعجزه كموته، ويصير العبد الذي يقسم فيه لسيده بالميراث فحاله كحال رجل في هذا وجبت له في عبد له أو ابن أو غيره قسامة فلم يقسم حتى مات فتقسم ورثته ويستحقون الدية؛ لأنهم يقومون مقامه ويملكون ما ملك، ومن قتل عبدا لأم ولد فلم يقسم سيدها حتى مات وأوصى بثمن العبد لها لم تقسم وأقسم ورثته وكان لها ثمن العبد وإن لم تقسم الورثة لم يكن لها ولا لهم شيء إلا أيمان المدعى عليهم ولو وجبت القسامة لرجل في عبد له فلم يقسم حتى ارتد عن الإسلام فكف الحاكم عن أمره بالقسامة فإن تاب أقسم وإن مات أو قتل على الردة بطلت القسامة؛ لأنه لا وارث له إنما يؤخذ ماله فيئا.
ولو أمره مرتدا فأقسم استحق الدية فإن أسلم كانت له وإن مات قبل الإسلام قبضت فيئا عنه:
ولو كانت القسامة وجبت له في ابنه، ثم ارتد قبل أن يقسم كان الجواب فيها كالجواب في العبد للحاكم أن يأمره يقسم وتثبت الدية فإن تاب دفعها إليه وإن مات على الردة قبضها فيئا عنه، ولو كان ابنه جرح فلم يمت حتى ارتد أبوه ثم مات الابن بعد ردة الأب لم يكن الأب له وارثا ولم يكن له أن يقسم وأقسم ورثة الابن سوى الأب، ولو رجع الأب إلى الإسلام لم يكن له من ميراث الابن شيء، ولو جرح رجل ثم ارتد فمات مرتدا ووجبت فيه القسامة بطلت القسامة؛ لأنه وارث له، ولو جرح ثم ارتد، ثم رجع إلى الإسلام قبل أن يموت، ثم مات كانت فيه القسامة؛ لأنه موروث
(قال الشافعي)
: ولو جرح عبد فأعتق، ثم مات حرا وجبت فيه القسامة لورثته الأحرار وسيده المعتق بقدر ما يملك سيده المعتق مما وجب في جراحه وقدر ما يملك الورثة سهمانهم من ميراثه كأن سيده ملك بجراحه ثلث دية حر فيحلف ثلث الأيمان والورثة ثلثيها بقدر مواريثهم فيها ولا تجب القسامة فيما دون النفس، وإذا أصيب رجل بموضع تجب فيه القسامة فمات مكانه ففيه القسامة، وإن أصيب في ذلك الموضع بجرح، ثم عاش بعد الجرح مدة طويلة أو قصيرة صاحب فراش حتى مات ففيه القسامة وإن كانت تقبل وتدبر وإن لم يلتئم الجرح لم يكن فيه قسامة وإن مات وقال ورثته لم يزل صاحب فراش حتى مات وقال الذي يقسم بل كان يقبل ويدبر فالقول قول ورثته ولهم القسامة إلا أن يأتي الجاني ببينة أنه قد كان يقبل ويدبر بعد الجرح فتسقط القسامة، وإنما جعلت القول قول الورثة في أنه كان صاحب فراش وذلك؛ لأنه ليس بد من القسامة على النفس إن فلانا قتلها إذا كان لها سبب يوجب القسامة ولو قال ورثة الميت لم يزل مريضا من الجرح حتى مات فقال المدعى عليه إنه مات من غير الجرح أو قالوا ذلك في رجل قامت له بينة أو اعتراف رجل بأنه جرحه جرحا عمدا أو خطأ وقامت لهم بينة في هذا بأنه لم يزل صاحب فراش حتى مات جعلت عليهم الأيمان في الأول والآخر لمات من ذلك الجرح وجعلت لهم في القسامة الدية وفي الجناية العمد التي قامت بها البينة أو أقر بها الجاني القود إذا أقسموا

لمات منها ومن أوجبت له دية نفس بيمين أو أوجبت له أن يبرأ من نفس بيمين لم يستحق هذا ولم يبرأ من هذا بأقل من خمسين يمينا والأيمان في الدماء خلاف الأيمان في الحقوق وهي في جميع الحقوق يمين يمين، وفي الدماء خمسون يمينا بما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القسامة فلم تجز في يمين دم يبرأ بها المحلف ولا يأخذ بها المدعي أقل من خمسين يمينا والله أعلم. .
الورثة يقسمون

(قال الشافعي): وإذا قتل الرجل فوجبت فيه القسامة لم يكن لأحد أن يقسم عليه إلا أن يكون وارثا كأن قتله عمدا أو خطأ وذلك أنه لا تملك النفس بالقسامة إلا دية المقتول ولا يملك دية المقتول إلا وارث فلا يجوز أن يقسم على ما لا يستحقه إلا من له المال بنفسه أو من جعل الله تعالى له المال من الورثة (قال الشافعي): ولو وجبت في رجل قسامة وعليه دين وله وصايا فامتنع الورثة من القسامة فسأل أهل الدين أو الموصى لهم أن يقسموا لم يكن ذلك لهم وذلك أنهم ليسوا المجني عليه الذي وجب له على الجانين المال ولا الورثة الذين أقامهم الله تعالى مقام الميت في ماله بقدر ما فرض له منه (قال الشافعي): ولو ترك القتيل وارثين فأقسم أحدهما فاستحق به نصف الدية أخذها الغرماء من يده فإن فضل منها فضل أخذ أهل الوصايا ثلثها من يده ولم يكن لهم أن يقسموا ويأخذوا النصف الآخر فإن أقسم الوارث الآخر أخذ الغرماء من يده ما في يده حتى يستوفوا ديونهم وإن استوفوها أخذ أهل الوصايا الثلث مما في يده وإن كان للغرماء مائة دينار فاستوفوها من نصف الدية الذي وجب للذي أقسم أولا، ثم أقسم الآخر رجع الأول على الآخر بخمسين دينارا ولا يرجع عليه في الوصايا؛ لأن أهل الوصايا إنما يأخذون ثلث ما في يده لا كله كما يأخذه الغرماء ولا يقسم ذو قرابة ليس بوارث ولا ولي يتيم من ولد الميت حتى يبلغ اليتيم فإن مات اليتيم قام ورثته في ذلك مقامه وإن طلب ذو قرابة وهو غير وارث القتيل أن يقسم جميع القسامة لم يكن ذلك له فإن مات ابن القتيل أو زوجة له أو أم أو جدة فورثه ذو القرابة كان له أن يقسم؛ لأنه صار وارثا ومن وجبت له القسامة وهو غائب أو مخبول أو صبي فلم يحضر الغائب أو حضر فلم يقسم ولم يبلغ الصبي ولم يفق المعتوه أو بلغ هذا وأفاق هذا فلم يقسموا ولم يبطلوا حقوقهم في القسامة حتى ماتوا قام ورثتهم مقامهم في أن يقسموا بقدر مواريثهم منهم وذلك أن يرث ابن عشر مال أبيه، ثم يموت فيرثه عشرة فيكون على كل واحد من العشرة يمين واحدة من قبل أن له عشر العشر من ميراث القتيل، وعشر العشر واحد وهكذا هذا في غيره من الورثة يقسمون على قدر مواريثهم فإن قال قائل ففي حديث ابن أبي ليلى ذكر أخي المقتول ورجلين معه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم تحلفون وتستحقون فكيف لا يحلف إلا وارث؟ قلت قد يمكن أن يكون قال ذلك لوارث المقتول هو وغيره ويمكن أن يكون قال ذلك لوارثه وحده تحلفون لواحد أو قال ذلك لجماعتهم يعني به يحلف الورثة إن كان مع أخيه الذي حكى أنه حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - وارث غيره أو كان أخوه غير وارث له وهو يعني بذلك الورثة فإن قال قائل: ما الدلالة على هذا؟ فإن جميع حكم الله وسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سوى القسامة أن يمين المرء لا تكون إلا فيما يدفع بها الرجل عن نفسه
عليه وسلم - قضى بها لغير وارث ويستحق بها الوارث لم يجز فيها - والله أعلم - إلا أن تكون في معاني ما حكم الله عز وجل به من الأيمان، ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم المسلمون من أنه لا يملك أحد بيمين غيره شيئا.
بيان ما يحلف عليه القسامة

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
: وينبغي للحاكم أن يسأل من وجبت له القسامة من صاحبك؟ فإذا قال: فلان، قال: فلان وحده؟ فإن قال: نعم، قال: عمدا أو خطأ؟ فإن قال عمدا سأله ما العمد؟ فإن وصف ما يجب بمثله قصاص لو قامت بينة أحلفه على ذلك وإن وصف من العمد ما لا يجب فيه قصاص وإنما يكون فيه العقل أحلفه على ذلك بعد إثباته وإن قال قتله فلان ونفر معه لم يحلفه حتى يسمي النفر فإن قال لا أعرفهم وأنا أحلف على هذا أنه فيمن قتله لم يحلفه حتى يسمي عدد النفر معه فإن كانوا ثلاثة أحلفه على الذي أثبته وكان له عليه ثلث الدية أو على عاقلته وإن كانوا أربعة فربعها وإن لم يثبت عددهم لم يحلف؛ لأنه لا يدري كم يلزم هذا الذي يثبت ولا عاقلته من الدية لو حلف عليه ولو عجل الحاكم فأحلفه قبل أن يسأله عن هذا كان عليه أن يعيد عليه اليمين إذا أثبت كم عدد من قتل معه ولو عجل الحاكم فأحلفه لقتل فلان فلانا ولم يقل عمدا ولا خطأ أعاد عليه عدد ما يلزمه من الأيمان؛ لأن حكم الدية في العمد أنها في ماله وفي الخطأ أنها على عاقلته ولو عجل فأحلفه لقتله مع غيره عمدا ولم يقل قتله وحده أعاد عليه اليمين لقتله وحده ولو عجل فأحلفه لقتله مع غيره ولم يسم عدد الذين قتلوه معه أعاد عليه الأيمان إذا عرف العدد ولو أحلفه لقتله وثلاثة معه لم يسمهم قضى عليه بربع الدية أو على عاقلته فإن جاء بواحد من الثلاثة فقال قد أثبت هذا أحلفه أيضا عليه عدة ما يلزمه من الأيمان فإن كان هذا الوارث وحده أحلفه خمسين يمينا لقتله مع هؤلاء الثلاثة فإن كان يرث النصف فنصف الأيمان ولم تعد عليه الأيمان الأولى، ثم كلما أثبت واحدا معه أعاد عليه ما يلزمه من الأيمان كما يبتدئ استحلافه على واحد لو كانت دعواه عليه منفردة وإن كان له وارثان فأغفل الحاكم بعض ما وصفت أن عليه أن يحلفه عليه أو أحلفه مغفلا خمسين يمينا، ثم جاء الوارث الآخر فحلف خمسا وعشرين يمينا أعاد على الأول خمسا وعشرين يمينا؛ لأنه هي التي تلزمه مع الوارث معه وإنما أحلفه أولا خمسين يمينا؛ لأنه لا يستحق نصيبه من الدية إلا بها إذا لم تتم أيمان الورثة معه خمسين يمينا. .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 397.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 391.74 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]