|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#71
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1224 الفرقان كمال الأخلاق من كمال الإيمان كمال الأخلاق من كمال الإيمان، ونقصها من نقص الإيمان؛ فالمؤمن حين يتحلى بحسن الخلق طاعة لله -تعالى-، فإنما يدفعه لذلك إيمانه بأنه مأمور بحسن الخلق، مثاب عليه، معاقب على تركه. وارتباط الأخلاق بالإيمان وثيق جدا؛ ولذا نُفي كمال الإيمان عن جملة من الناس ساءت أخلاقهم. عمرك هو رأس مالك على الشباب أن يعلموا أن أعمارهم هي رأس مالهم الذي يتاجرون فيه مع ربهم، وهو كنزهم الذي يشترون به جنة الخلد ورضا الرب. فإذا ضاع هذا العمر في غير ما وضع له كانت هي الخسارة التي لا تعوض ولا تضاهيها خسارة أصلا، وعند السؤال يظهر الربح من الخسران، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِهِ فيم أبلاَهُ؟ وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ؟ وماذا عملَ فيما علِمَ؟»، فأصل العمر أنه وعاءُ العمل، أعطاه الله للإنسان ليعمل فيه ما يربح به عند لقاء الله، فقيمة ما عاشه الإنسان هو قيمة ما استعمله من العمر في طاعة ربه، فليس طول العمر بكثرة الشهور والأعوام، وإنما بقدر الوقت الذي أطيع الله فيه. الإجازة والفراغ لئن كان الإنسان يحصل في الإجازة شيئًا من الفراغ، فينبغي أن يعلم أن الفراغ نعمة من الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنعم ينبغي أن تشكر لا أن تكفر، وشكر هذه النعمة بأن تستغل في طاعة الله، وتحصيل رضاه، وفيما يقرب من جنته ويبعد عن ناره، وفيما يحقق سعادة الدنيا والآخرة. وإلا كانت الخسارة والغبن، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّة والفراغ». كيف تختار تخصصك الجامعي؟ يصعب على كثير من الطلاّب اختيار المسار الجامعي؛ مما تراهم يبحثون بطريقة مكثّفة في مواقع الويب المختلفة عن طرائق سليمة في اختيار المسار الجامعي؛ لذا عندما تقرّر في اختيار تخصصك احرص دائما على اختيار المجال الذي تفضّله؛ لأن الإنسان -بطبعه- يبدع في الشيء الذي يحب، وهذه أهم الإرشادات اللازمة عند اختيار التخصّص الجامعي:
بين الطاعة والمعصية لما كانت الطاعة بتوفيق الله -سبحانه وتعالى-، ويحبها ويأمر بها، فإن كل ما اتصل به -سبحانه- فهو مبارك، والعكس بالعكس، فالمعصية متصلة بالشيطان، ويدعو إليها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}(النور:21)، وكل شيء تعلق بالشيطان فهو ممحوق البركة. أعظم أنواع العبادة قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: أعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله -تعالى- وتجنب ما حرمه، قال - صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل-: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه»، فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله»، وأعظم فرائض البدن التي تقرب إلى الله -تعالى- الصلاة، ولكن هذه الصلاة خف ميزانها اليوم عند كثير من الناس كما قال -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (مريم:59-60). الوقت غنيمة فلا تضيعه قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يتضايق بعض الناس من الوقت، فيعمل على تضييعه حتى في الحرام؛ ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها. من حقوق الطريق كف الأذى كف الأذى، كلمة جامعة تتناول كل أذى بالقول أو الفعل أو الإشارة أو حتى مجرد النظر، ومنه أذى الناس بالسيارات، وترويعهم بها، والاعتداء على حقوقهم، كمن يتجاوزهم وهم منتظمون صفا عند إشارة أو في زحام فيحشرهم بسيارته، ويتقدم عليهم ويعطلهم، فهذا من الأذى، وكذلك أذية الناس باللعب في طرقهم، وإزعاجهم بالصراخ أو الصفير، أو رفع أصوات المذياع، فتوقظ النائم، وتضجر المريض، ولا سيما إذا كان صوتا محرما من غناء وموسيقى صاخبة. المعاصي تمحق البركة المعاصي والذنوب لها أثر عجيب على قلب العبد وجسده، وعلى دينه ودنياه، وعقله، وعمره وعمله، وأثرها في القلب أعظم من أثر المرض على البدن؛ فالمعاصي تمحق البركة من كل ما حولها، حتى لا تكاد تجد أقل بركة في عمر الإنسان ودينه ودنياه. ضرر المعاصي وأخطارها من أَضرار المعاصي وأخطارها أنها يولِّد بعضُها بعضا، ويدعو بعضُها إلى بعض، حتى يألفها القلب، فتصير له عادة ثابتة، وهيئة راسخة، وصفة لازمة، فيعز على العبد مفارقتها والخروج منها، ولو أنه عطَّلها وغاب عنها وأقبل على الطاعة، لضاقت عليه نفسُه وضاق صدره، إلى أن يعاودها، حتى إن كثيرا من الفسَّاق ليواقع المعصيةَ من غير لذةٍ يجدها، ولا داعيةٍ إليها، إلا ما يجد من ألم فقدها، فتتولد عن المعصية معصية، ومع الذنب ذنب، وهذا معناه ضياع عمر أطول وفوات زمن أكثر، وخسران أوقات أكبر في غير طاعة. أخطاء يقع فيها الشباب من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الشباب إساءة استخدام وسائل الاتصال الحديثة، مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس الشباب بمفردِه في غرفته الساعات الطوال يقلب الصفحات والمواقع، وينسى هذا الشابُّ أن الله -تعالى- يراه، ويعلم سره ونجواه، قال -سبحانه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر:19)، في الوقت الذي يستطيع هذا الشاب أن يستخدم تلك الوسائل فيما ينفعه في أمور دينه ودنياه.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 19-09-2024 الساعة 04:55 AM. |
#72
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1225 الفرقان نفسك على ما عودتها إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون فإن الراضي بالدون دنيء، واعلم أن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب الله ورضاه، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة. الشباب وطلب المعالي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها»، ومعالي الأمور: هي الأمور رفيعة القدر عالية الشأن، سميت بذلك؛ لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا. والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الشاب بمعالي الأمور إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه على علو الهمة وطلب المعالي والسعي إلى المراتب الجليلة، وكان يحزنه أن يجد أحدا من أمته على خلاف ذلك، ومما يروى في طلب المعالي أنَّ عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - كان في مجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه يقول: «يَدْخُلُ مِن أُمَّتي الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ»، فتطلعت همته ليكون واحدًا منهم، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ففاز بها ونجا من الحساب ببركة نيته وعلو همته، ومما يجب أن يعلمه الشباب أنَّ المعالي إنما تنال بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، فالأماني رأس مال المفاليس، قال ربيعة للنبي -صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أعني على نفسك بكثرة والسجود»، وقال لابن عمر: «نعم الرجل عبدالله.. لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، قال علي وعمر -رضي الله عنهما-: ما سابقنا أبا بكر إلى خير إلا سبقنا إليه، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها، فـ «إنَّ اللهَ يُحِبُّ معاليَ الأمورِ وأشرافَها ويكرَهُ سَفْسافَها». التوازن والوسطية في حياة الشباب رّبَّىَ النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه ولا سيما الشباب منهم على الوسطية والاعتدال، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُقَوِّم كل توَّجّه غير صحيح، أو تفكير خطأ، أو ممارسة سلبية، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «جاء ثلاثة رهط -جمع دون العشرة من الرجال- إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها (استقلوها)، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-، قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؟! قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال: أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» رواه البخاري. حقائق وواجبات
الإيمان المستحق للنصر قال الشيخ عبدالله بن باز {رحمه الله-» الإيمان الشرعي الذي علَّق الله به النصر وحسن العاقبة يتضمن الإخلاص لله في العمل، والقيام بأوامره وترك نواهيه، كما يتضمن وجوب تحكيم الشريعة في كل أمور المجتمع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله -عزوجل- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم، كما يتضمن أيضًا وجوب إعداد ما يستطاع من القوة للدفاع عن الدين. إكرام كبار السن من الأخلاق النبيلة قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ من الأخلاق النبيلة والخصال الكريمة التي دعا إليها الإسلام: مراعاة قدر كبار السن ومعرفة حقهم وحفظ واجبهم؛ فالإسلام أمر بإكرام المسن وتوقيره واحترامه وتقديره، ولاسيما عندما يصاحب كبر سنه ضعفه العام وحاجته إلى العناية البدنية والاجتماعية والنفسية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي هذا وعيد لمن يهمل حق الكبير ويضيع الواجب نحوه بأنه ليس على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- وغيرُ ملازم لطريقته. من أخطاء الشباب في الصلاة يتساهل بعض الشباب في الصلاة بالملابس التي فيها صوَر، والصوَر منهيٌّ عنها على وجه العموم، فكيف بالمسجد! روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ». أخطاء يقع فيها الشباب بعض الشباب لا يراعون أحوال آبائهم الماديةَ، فيحاولون تقليدَ غيرهم من الشباب في الطعام والشراب والكساء، فيُكلِّفون آباءهم فوق طاقتهم، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على القناعة والرضا بما قسَمه الله -تعالى- لنا مِن الرزق، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم»، هذه وصية عظيمة ترسم منهجًا للمسلم ينبغي أن يلتزم به؛ لأنه بهذه النظرة سيعرف قدر نعم الله عليه، وهذا سيدعوه إلى شكرها، وعدم تقليد الآخرين في أفعالهم. الصديق الحقيقي الصديق الحقيقي لا يقتصر نفعه عليك في الدنيا وحسب، بل يتعدى نفعه عليك إلى الآخرة، وذلك عندما يلتقي أصدقاء التقوى وأصدقاء الإيمان في الجنّة، قال -تعالى-: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} فقد جاؤوا إلى الآخرة وليس في قلوبهم أيّ حقد، بل كانت المحبّة تغمر قلوبهم، فالمحبة الحقيقية حينما تملأ قلبك فلن تجد فيه مكانًا للحقد، فالذين لا يحملون الغلّ في قلوبهم هم الأتقياء حقّاً، الذين يحبّون الله -سبحانه وتعالى- فيحبّون خلقه، {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47). متحابّين، يعيشون سعادة الإيمان ورضوان الله {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التوبة:72).
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 19-09-2024 الساعة 04:56 AM. |
#73
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1226 الفرقان المروءة عشر خصال المروءة عشر خصال: الحلم، وصدق اللهجة، وترك الغيبة، وحسن الخلق، والعفو عند المقدرة، وبذل المعروف، وإنجاز الوعد، وأن تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وألا تعمل في السرّ ما يستحيا منه في العلانية. المروءة من الأخلاق التي يحتاجها الشباب المروءة زينة للمؤمن عموما وللشباب خصوصا، بها تعلوه الهيبة والوقار، ويقبل الناس عليه محبة وألفةً ووفاءً، فالشباب صاحب المروءة لا يفعل إلا ما يزينه ويعلي شأنه، يترفع عن التصرفات المزرية؛ لأن الحياء حارس يصونه. وأول محطات المروءة للشاب هي مروءته مع خالقه -سبحانه-، الذي أحسن إليه بنعمه التي لا تعد ولا تحصى، فهل من المروءة أن يجاهر بالمعصية، أو يستكبر عن الهداية؟ ثم تأتي المروءة مع النفس، حينما يرتضي لها أجل المواضع وأزكاها، فغدت نفسه كريمة زكية نبيلة، طاهرة صافية نقية، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، والمروءة مع الخلق، حينما يكون معهم كلؤلؤة في وسط عقد، يزينهم ولا يشينهم، يقابل إساءتهم بالعفو، ويعرض عن جهلهم عليه، ولا تستثيره طباعهم، بل يختار لهم أجمل الحديث، وطلاقة المحيا، وأحلى الابتسامات، وأرق المشاعر. إن صاحب المروءة قوي الإرادة مع الناس حينما يدعوه بعضهم إلى الحرام فيمتنع عن المسير معهم، وإن صاحب المروءة لين الجانب مع الناس حينما يوصونه بسُنَّة ويعلِّمونه هديًا. من أصدق مظاهر المروءة أيها الشباب، إن من أصدق مظاهر المروءة أن يحفظ المرء لسانه من الخوض في أعراض الناس، بل وعرض نفسه أيضًا، ويصون لسانه من الاستهزاء والسخرية والتعليق على أخطائهم وزللهم، فليس هذا من شيم الرجال أو أصحاب العقول الراجحة. من سبل صلاح الشباب إن من أول سبل صلاح الشباب أن يتربوا على سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى سيرة الرعيل الأول من الصحابة -رضوان الله عليهم-، كأمثال: (حمزة) و(مصعب) و(جعفر) و(ابن رواحة) و(ابن عمر) و(ابن عباس) و(أسامة ابن زيد) وغيرهم -وهم كثير ولله الحمد- وأن يتأدبوا بآدابهم ويتخلقوا بأخلاقهم من الصغر، فالصحابة -رضي الله عنهم- جيل فريد متميِّز في كلِّ شيءٍ، في عقيدتهم، وعبادتهم، وأخلاقهم، وتعامُلهم، فينبغي للشباب أن يترسموا خطى ذلك الجيل الفريد، إن راموا أن يعود لهم عِزُّهم، ومكانتهم بين الأُمَم، فالفرق كبير والبون واسع بين واقع المسلمين وحال الصحابة -رضي الله عنهم. مظاهر المروءة من أهم مظاهر المروءة إتقان الأعمال؛ فإنه إذا أحب أحدكم أن يعمل عملاً فليتقنه، وتظهر حقيقة المروءة في المنازعات والخصومات، لتتضح المعادن الأصيلة من المزيفة، فلا يغير الخصام في ذي المروءة وجهًا، ولا يسف فيه لسانًا، بل يزيده بهاءً وحكمةً وروية، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}، وقيل لسفيان بن عيينة -رحمه الله-: قد استنبطت من القرآن كل شيء، فأين المروءة في القرآن؟ قال في قول الله -تعالى-: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}. لماذا يتجرأ هؤلاء على الله؟ قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الإنسان إذا جهل عظمة الله -جل وعلا- فإنه يتجرأ على ربه -جل وعلا- {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً} (الفرقان: من الآية 55)، فالمشرك حينما دعا غير الله وعبد غير الله هذا لم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الزمر: من الآية 67)، ولذلك عبد غيره معه -سبحانه. من أدب الحديث عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب». احذروا التعصب! قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: التعصبُ آفةٌ تثور عن الجهل، تغلق فكرَ صاحبها وعقلَه وتحجُبُه عن عقلِ الأمور على وجهها الصحيح، فلربما نصر باطلا أو رد حقا أو دافع عن ظالم أو اتهم مظلوما إلى غير ذلك من التصرفات الخطأ، وكل تعصب لأمر من الأمور بلا هدى من الله فهو من عمل الجاهلية. تعلم أسماء الأنبياء عن الضحاك -رحمه الله- قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}» سنن سعيد بن منصور(221). من أخطاء الشباب التهاون في صلة الأرحام كثير مِن الشباب لا يحرِصُ على صلة أقاربه، ولا يعرف شيئًا عنهم، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره، فليَصِلْ رَحِمَه»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليَصِلْ رَحِمَه».
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 27-09-2024 الساعة 02:34 AM. |
#74
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1227 الفرقان مفهوم العبادة العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له؛ فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء . حاجة الشباب إلى منهج الإسلام الصافي من أهم الواجبات التي تقع على عاتق الشباب في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعدد فيه التيارات والفرق، البحث بدقة عن منهج الإسلام الصافي، منهج القرآن والسنة بفهم سلف الأمة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم. والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة؛ وذلك لأسباب منها: أن الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها كثيراً، واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها، ذلك أننا نرى حولنا من الفرق والمذاهب المختلفة والمتناقضة، وهي اتجاهات مُعادية ومحاربة للإسلام وشريعته، فمنها ما هو علماني مادي، ومنها ما هو فكري تصوري، ومنها ما هو وجودي إلحادي، ومنها ما هو متحلل إباحي، وهكذا مخاطر كثيرة ومتعددة المناهج والمعتقدات، ولا ريب أن العاصم من كل ذلك ملازمة منهج القرآن الصحيح الصافي، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة السنة النبوية: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16). الصحبة الصالحة كنز لا ينفد مما يكسب الشباب الصلاح والتقوى، ويرقى بهم إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، صحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال -تعالى- أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الكهف: 28)، وقد أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات. احذروا يا شباب! على الشباب الحذر البالغ من مكر الأعداء بهم، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية؛ وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، وتتخلق بأخلاقه، ومن ثَمَّ تُحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء، بلا جهد منهم ولا مَشقة ولا عناء، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في النفوس. الاعتزاز بدين الإسلام من أهم ما يجب على الشباب في ظل الفتن المحيطة بهم أن يكونوا على يقين بأن الدين الإسلامي، هو شريعة الله -تعالى- التي ارتضاها للناس كافة، فالإسلام هو المنهج التربوي الشامل، الكامل، والمحفوظ من كل تغيير، أو تحريف، أو تبديل، أو نقص، أو خلل، ولأنَّه المنهج المنزل من عند الله -تعالى- الذي يعلم النفسَ البشرية، ويعلم ما يهذبُها ويصلحها، ويعلم ما ينفعها ويضرها، ويعلم ما يهديها ويقومها، وما يغويها ويشقيها، ولأنَّه ليس من عند أفكار أو تصورات قاصرة، وليس من عند مناهج بشرية تُغلِّب النفسَ وشهواتِها على مرضاة ربها وموجدها، الذي أقام به وفيه كل مقومات البناء العقدي، والأخلاقي، والتعبُّدي، والحياتي، كلها على أحسن وأكمل وجوهِها، بل كان ذلك واقعًا مرئيًّا وبشريًّا، أقامه الله وجعله حقًّا في حياةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم - فحملوا هداياته وإشراقاتِه، وعلومه وأخلاقه، وتشريعاته الكاملة الشاملة، ففتحوا به الدنيا، ونالوا به حسن الثواب في الآخرة، فما أجله وأكرمه من منهج رَبَّاني محفوظ! {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9). أخطاء يقع فيها الشباب وسائل الاتصال الحديثة جعَلَتِ العالم قريةً واحدة، وأصبح الناس متقاربين، وليس في هذا ضررٌ، بل فيه منفعةٌ، ولكن الضرر يكمُنُ في أن يتحوَّل التقارب إلى ذوبان، يفقد الناس معه دينهم وأخلاقَهم وتراثهم، وإن الكثير مِن شبابنا اليوم قد انصرف إلى تقليد أهل الباطل في شتى مجالات الحياة، وتركوا جوانبَ الخير المفيدة، وقد ترتب على ذلك آثارٌ سيئة على الشباب وعلى مجتمعهم؛ فاحذروا يا شباب من تقليد هؤلاء الذين يخالفون الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم !؛ فإنهم لن ينفعوكم يوم القيامة، وسوف يتبرَّؤون من أعمالكم، قال الله -تعالى-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان: 27 - 29). أهمية العمل الصالح العمل الصالح هو الذي يمد المسلم بالهمة على مجاهدة نفسه والارتقاء بها في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسك الشاب بالفرائض ومسارعته إلى النوافل، كان ذلك زادًا له على تحقيق التقوى، أما إذا ترك بعض الطاعات أو تكاسل عن بعض النوافل، فإن زاده سيضعف، وجواده سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع، فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل». تدبر القرآن يورث الهدى قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: تدبر القرآن يورث الهدى، والنور الإلهي، واليقين والطمأنينة، قال -جلَّ وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: 29)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً كما قال -جلَّ وعلا-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: 82)». حقيقة مفهوم الثقة بالنفس قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: من الأخطاء الشائعة الدعوة إلى الثّقة بالنّفس، والثقةُ في أصلها هي توكل، بل هي خلاصةُ التوكل ولبُّه، وهو لا يكون إلاّ بالله، وفي الدعاء المأثور: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو؛ فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله في جواب من سأل عن قول من قال: تجب الثقة بالنفس؟- قال: «لا تجب ولا تجوز الثّقة بالنفس، في الحديث فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ».
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 27-09-2024 الساعة 02:36 AM. |
#75
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1228 الفرقان مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق من أسباب تحصيل الأخلاق الحسنة مجاهدة الإنسان نفسه، قال -عزوجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69)، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الراذئل، حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:»إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ». الوفاء بالوعد قيمة قرآنية ووصية نبوية الوفاء أهم القيم الأخلاقية في الإسلام، التي يجب أن يتحلى بها الشباب في عصرنا الحالي، ويتربون عليها، وتتجلى أهمية هذا الخلق بوصفه قيمة أساسية تحكم العلاقات الإنسانية والاجتماعية المستقيمة، فهو وصية نبوية، وقيمة قرآنية. حيث أولى القرآن الكريم هذه القيمة عناية فائقة؛ لما لها من عظيم الدلالة في تزكية النفوس، وصفاء الفطرة، وسلامة الإيمان، وقد رغب الله -تعالى- في الوفاء بالعهود؛ بما أعد الله للمتمسكين بهذا الخلق من الثواب، وبما أثنى به عليهم في محكم الكتاب، قال -تعالى-: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح: 10)، فمن حُسن أخلاق المسلم أن يفي بعهده ووعده الذي قطعه على نفسه، ولا يغدر ولا يخون ما دام هذا العهد لا يخالف الشريعة، ومن فوائد الوفاء بالوعود ما يلي:
من أخطاء الشباب انتشار الحسد بينهم الحسد: هو أن يرى الإنسانُ لأخيه نعمةً فيتمنَّى أن تزول عنه وتكون له دونه، وكثير من الشباب يحسُد بعضهم بعضًا على ما أنعم الله -تعالى- عليهم مِن فضله العظيم، وهذا أمر خطير؛ لأن الشاب بحسده قد سخِط على قضاء الله -تعالى-، وكرِه نعمته التي قسمها بين عباده، وقد حذَّرنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من الحسد؛ لِما يترتب عليه مِن مفاسد في الدين والدنيا: قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَباغضوا، ولا تَحاسدوا، ولا تَدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا»، فاحرص أخي الشاب، أن تكون مِن أصحاب القلوب السليمة، الذين لا يحسُدون أحدًا على نعمةٍ أنعَمَ الله -تعالى- بها عليه، فإذا رأيت شيئًا، فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله -تعالى. شهامة النبي - صلى الله عليه وسلم النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم عداوة قريش وإيذائها للمؤمنين، عندما جاءه أبو سفيان يطلب منه الاستسقاء لم يرفض لحسن خلقه، وشهامته، ورغبته في هدايتهم، فإنَّ الشهامة ومكارم الأخلاق مع الأعداء، لها أثر كبير في ذهاب العداوة، أو تخفيفها؛ فالشهامة من مكارم الأخلاق الفاضلة، وهى من صفات الرجال العظماء، فبها تشيع المحبة في النفوس، وتزيل العداوة بين الناس، فيها حفظ الأعراض، ونشر الأمن في المجتمع، إنَّها علامة على علو الهمة، وشرف النفس. الحياة تضيع مع العبث والغفلة قال الشيخ محمود شاكر -رحمه الله-: إنَّ الشباب لا يضيع مع طول العمر، ولكنَّه يضيع مع طول العبث، والحياة لا تفنى مع شدة الجهد، ولكنها تفنى في شدة الغفلة، والعقل لا يكلُّ مع طول الفكر، ولكنَّه يكلُّ مع طول الاستخفاف بالفكر، وشباب الشعوب وجهودها وأفكارها هو الحضارة كلها، وأصل الحضارة في القلب الشابِّ العامل المفكِّر الذي لا يسكن، ولا ييأس، ولا يقسو حتى يتحجر. الرجولة الحقيقية قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من معالم الرجولة الحقيقية شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين، وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم -، فهي شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومعلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة، قال الله -تعالى-: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها؟ لا تيأس من إصلاح نفسك! بعض الشباب إذا ابتلي بمساوئ الأخلاق، ظن أن ذلك الأمر يصعب التخلص منه، وهناك من إذا حاول التخلص من عيوبه مرة أو أكثر فلم يفلح، أيس من إصلاح نفسه، وترك المحاولة إلى غير رجعة، وهذا الأمر لا يحسن بالمسلم، ولا يليق به أبدا؛ فلا ينبغي له أن يرضى لنفسه بالدّون، وأن يترك رياضة نفسه زعما منه أن تبدّل الحال من المحال، بل ينبغي له أن يقوّي إرادته، ويشحذ عزمته، وأن يسعى لتكميل نفسه، وأن يجدّ في تلافي عيوبه؛ فكم من الناس من تبدّلت حاله، وسمت نفسه، وقلّت عيوبه؛ بسبب دربته، ومجاهدته وسعيه، وجدّه، ومغالبته لطبعه. وقتك ليس عدوك حتى تقتله قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: وأما قول الجاهل: (نقتل الوقت)، فالوقت ليس عدواً تقتلُه، الوقت هو رأس مالك وذخيرتك عند الله -سبحانه وتعالى-، فهو ليس عدوا تقتله بالفراغ، تقتله باللهو واللعب والمرح، الواقع أنك تكون قد قتلتَ نفسك بهذه الأفعال، ولم تكن قتلتَ الوقت. مفاهيم أخلاقية يحتاجها الشباب «الشهامة»
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 27-09-2024 الساعة 02:38 AM. |
#76
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1229 الفرقان نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل النفس - كما قال الإمام الشافعي رحمه الله-: إن لم تشغلها بالحق شغلتْكَ بالباطل، والشابُّ إن لم ينشغل بالخير وبما ينفعه، تخطَّفَتْهُ الأفكار الطائشة، وعاش في دوامة من التُّرَّهَاتِ والتَّوَافِهِ، ومن المعلوم أن مشاعر الخوف والقلق وسوء الطَّوِيَّةِ لا تغزو النفس الإنسانية إلا حينما تكون فارغةً وغير مشغولة، والهوى -كما قيل- لا يدخل إلا على ناقص. ظاهرة العنف بين الشباب من الظواهر السلبية التي انتشرت بين الشباب ظاهرة العنفُ، سواء في الشارع أم في المدارس والجامعات، ويظهر هذا العنف في القول أو الفعل، حتى يصل الأمر إلى أن يعتدي بعضهم على بعض بالضرب الشديد، الذي قد يؤدي إلى إصابة بعضهم بجروحٍ خطيرة. وقد يفقد أحدُ الشباب حياته في بعض المشاجرات، ولا شك أن استخدام الرفق في معاملة الناس مِن أخلاق الإسلام السامية، وقد حثنا الله -تعالى- في القرآن، وكذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه على ذلك: قال -جل شأنه-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل: 125)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطِي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه»، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَن أُعطِي حظَّه مِن الرفق، فقد أُعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِم حظه من الخير»، ولقد حثنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، التي تنشر المحبة بين الناس: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم»، وعنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزان مِن حُسْن الخُلُق»، وعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا». من وسائل الوقاية من العنف المحافظة على عبادة الله -تعالى إن المحافظة الدائمة على عبادة الله -تعالى- لها أثر فعال وسريع في تهذيب القلوب والسلوك، وهذه العبادة تربط المسلم بالله -تعالى-، وتلزمه باتباع أوامره -سبحانه-، فتجعل سلوك المسلم يتسم بالرفق واللين في معاملاته مع الآخرين؛ قال الله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه». وصية لقمان لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عزوجل- بزاكي الطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكرة والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانته ورفيع شأنه أن الله -عزوجل- ذكر لنا في القرآن خبره وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون نبراسًا وأنموذجًا نحتذي حذوه ونسير على نهجه، فما أحوجنا إلى تدبر هذه الوصايا والعمل بها! مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: مرحلة الشباب مرحلة عظيمة وخطيرة، إن استغلت في الخير والطاعة فيافوز من وفق لذلك! وإن استغلت في الشر والمعصية فيا خيبة من فاتته هذه المرحلة! واستغلالها في الطاعة يكون بالعناية والاهتمام بالقرآن والسنة حفظاً وتفقهاً، مع استغلال الأوقات حتى لا تذهب سدى، مع طلب المعالي في جميع الخيرات والترفع والتنزه والابتعاد عن الموبقات والمهلكات. أثر العقيدة في منع العنف إن للعقيدة الإيمانية أثرها في منع انتشار سلوكيات العنف؛ وذلك لأن العقيدة هي أساس بناء الإنسان المسلم؛ فالعقيدة الصحيحة هي الأساس الذي بدأ به الإسلام في تربية المسلم على السلوكيات الرشيدة التي تتسم بالرفق والرحمة، وتعد العقيدة قاعدة بناء الإنسان المسلم في كل مكان وزمان. وصايا للشباب قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: عليك -أيها الشاب- أن تعمل على صيانة شبابك وحفظه بأن تتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر، وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، فإن الصلاة معونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل. رفقاء السوء أسرع طريقٍ إلى العنف الصديق له أثر واضح على صديقه؛ ولذلك حثنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثةً»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، فالاقتران برفقاء السوء هو أسرع طريقٍ إلى العنف والانحراف بجميع أشكاله؛ ولذلك فإن الاقتران بالرفقة الصالحة يؤدي إلى القضاء على أهم العوامل المؤدية إلى العنف. شباب الصحابة والتعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم كان الشباب من الصحابة- رضي الله عنهم- يقصدون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدف التعلم، فيقيمون الأيام العديدة يتعلمون العلم والسلوك، وعندما يشعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنهم في مستوى المسؤولية يأمرهم بالعودة إلى أهليهم قصد نشر الإسلام وتعاليمه وتولي موقع القيادة، ففي صحيح مسلم عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن سببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رقيقًا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم».
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-10-2024 الساعة 01:38 PM. |
#77
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1230 الفرقان حقيقة العبادة وتعريفها العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء. وصية نوح عليه السلام لابنه عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى لله عليه وسلم -: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنِّي مُوصِيكَ، فَقَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ، آمُرُكَ باثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، لقَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأُوصِيكَ بِسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّركِ وَالْكِبْرِ». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ الشِّرك قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: «أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ، وَتَغْمَصَ النَّاسَ»، هذه الوصية مهمة؛ لأنها وصية نبي ورسول من أولي العزم، والرسل هم أنصح الناس للناس وأحرصهم على نجاة الخلق، وأبصرهم بما يرضي الحق -جل جلاله-؛ ولأنها وصية والد شفيق لولده؛ وحرص الوالد على ولده مركوز في الفِطر والنفوس، ولأنها جمعت بين أعظم الأوامر وهو توحيد الله وتنزيهه، وبين أعظم النواهي وهو الشرك وقرينُة الكبْر؛ لذلك كان حقيقا على الشباب أن يقفوا مع هذه الوصية وقفة تدبر وعبرة. الوصية الأولى: الوصية بلا إله إلا الله وذلك في قوله -عليه السلام-: «آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، يعني آمرك بالتمسك بلا إله إلا الله، وذلك يقتضي معرفة معناها والعمل بمقتضاها إلى أن تلقى الله -تعالى- عليها، فكلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، هي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى بتحقيق «لا إله إلا الله» معرفة وإقرارا وعملا، وجواب الثانية بتحقيق «أن محمدا رسول الله» معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة، وقال سفيان بن عيينةَ: ما أنعمَ اللَّهُ على عبدٍ من العبادِ نعمةً أعظمُ من أن عرَّفهم «لا إلهَ إلا اللَّهُ. أخطاء يقع فيها الشباب: لبس حظَّاظة اليد من الأخطاء التي يقع نفيها الشباب وضع حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره في يده، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -سبحانه-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، قال الشيخ أبو بكر الجزائري -رحمه الله-: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابقٍ لخَلْقِنا له، وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، فهو يقع كما كتب، كميةً وصورةً، وزمانًا ومكانًا، لا يتخلَّف في شيء من ذلك. خصال التائبين قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه. من علامات السعادة قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته. أريد أن أصلح نفسي.. ولكن! كثير من الشباب يرغب في صلاح نفسه لكنه يعجز عن ذلك ويجد كثيرا من المعوقات، ولا شك أنَّ إصلاح النفس البشريَّة مهمَّة صعبة تَحتاج إلى مثابرة ومجاهدة وصدق وإخلاص، ومعونة من الله -تعالى-، ولا سيما في زمانَنا المليء بالفتَن، وهناك أمور تعين الشباب على سلوك طريق الصَّلاح، من أهمها: الصحبة الصالحة، والاستفادة من الوقت، وشغله بالأمور النافعة، ثم لابد لمن يرغب في صلاح نفسه أن يسعى في طلب العلم، فلقد حذَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم - من الجهْل وأهله، وأخبر أنَّ الجهل داءٌ وأنَّ العلم شفاء، ومن المعِينات على الإصْلاح أن يَجعل الإنسان لنفسه وِردًا من الطَّاعة؛ فإنَّ القلب إذا امتلأ بالطَّاعة نفرَ من المعصِية، وإذا امتلأ بالذِّكْر نفَرَ من الكلام الخبيث، جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: ادْعُ الله أن أكون معك في الجنَّة فقال: «أعنِّي على نفسِك بكثرة السجود»، فمنَّ أراد الصَّلاح والاستِقامة، فليقبل على الله، والله -تعالى- في معيَّته، وليحذَرِ التَّسويف، ولقد صدق القائل: تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَمْشِي عَلَى اليَبَسِ كف بصرك والزم طاعة ربك قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: الشاب الذي يقول لك: والله هناك فتن، وأحس بالفتن، نعم، كف بصرك، واخرج وأنت لا تنظر إلى حرمات الله، وادخل وأنت لا تنظر إلى حرمات الله -عزوجل-، واسمع ما يرضي الله، واقرأ ما يرضي الله، واشغل وقتك بما يرضي الله، لن ترى فتنة أبدًا، ولن تشعر بفتنة لا في نفسك، ولا أهلك؛ لأن الله يتولى جميع أمرك. نصائح ثمينة من نصائح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله 1- احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضرًا عظمته متفكرًا في آياته الكونية وما أودع فيها من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته. شروط صحة العبادة لصحة العبادة شرطان:
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-10-2024 الساعة 01:39 PM. |
#78
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1231 الفرقان الأمة لا تتقدم إلا بصلاح شبابها لا يمكن للأمة أن تتقدم إلا إذا تكاتف شبابها، وتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى، وتسلحوا بالعلم والمعرفة وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله؛ فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36). واجبات الشباب المسلم اليوم 1- إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل والحب والبغض والفعل والترك {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162). 2- العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيا وعملاً؛ فهو خير كتاب أنزل على أشرف رسول إلى خير أمة أخرجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» 3- العناية بالسنة المطهرة والسيرة النبوية؛ فلنا فيهما عظة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. 4- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة؛ فهي عماد الدين والصلة برب العالمين والفارقة بين الإسلام والكفر. 5- العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها والقيام بشروطها ولوازمها، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى الجيران وعدم أذيتهم، والبعد عما حرمه الله ورسوله من المطاعم والمشارب والملابس والملاهي المحرمة وعدم تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل وعدم التشبه بالكفار في السلام واللباس وغير ذلك مما هو مختص بهم. مظاهر الجدية في حياة الشباب
ثلاث وصايا جامعة كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته». الجدية في حياة الشباب الجدية من صفات أهل الإيمان، الذين امتدحهم الله بقوله: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون} (المؤمنون: 61)، قال القرطبي -رحمه الله-: {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} أي: الطاعات، كي ينالوا أعلى الدرجات والغرفات، والله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد؛ لذا لابدّ للشباب من المبادرة، والعمل، وأن يحذروا من التفريط، والإهمال، والكسل، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُوصي أصحابه بقوله: «بادروا بالأعمال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حثنا على الجد بقوله: «الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ». تعظيم المناهي والسلامة منها قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: مما يعين العبد على تعظيم المناهي والسلامة منها خمسة أمور:
لا اعتزاز إلا بالإسلام قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام، قال أبو بكرة - رضي الله عنه -: «أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم». فالانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية؛ لما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقول: يا للأنصار! ومن يقول: يا للمهاجرين! قال - صلى الله عليه وسلم -: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! » وقال: «دعوها فإنها منتنة». أسباب ضعفنا وتفرقنا إن ما نعانيه معشر المسلمين من ضعف وتفرق وتشتيت وهوان، إنما مرده للتهاون والتساهل في الأخذ بالإسلام وعدم تطبيقه كما يريد الله ورسوله والنقص والقصور، وليس في ديننا كما يردد ذلك أعداؤنا ومن دار في فلكهم واتبع مذاهبم وسننهم فقد أكمل الله لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3). من الأخطاء التي يقع فيها الشباب: عدم احترام الكبير بعض الشباب لا يحترم الكبير، فتراهم يرفعون أصواتَهم في حضورهم، ويتطاوَلون عليهم في الكلام، وهذه ظاهرةٌ خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى الكراهية وانقطاع الصلة بين الكبار أصحاب الخبرة في الحياة، وبين الشباب الذين لا خبرة لديهم، وليعلمِ الشبابُ أن احترام الكبير من أخلاق الإسلام الكريمة، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، على احترام الكبير في أحاديثه المباركة قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لم يَرْحَم صغيرنا ويَعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا». ثلاث وصايا جامعة كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضا بثلاث، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض «من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح فيما بينه وبين الله كفاه الله الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته».
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-10-2024 الساعة 01:40 PM. |
#79
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1232 الفرقان من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر، التخلّص من أمراض الكبر والاستعلاء، والتحلي بأخلاق التواضع ولين الجانب والرحمة بالخلق، ومنشأ ذلك العلم بأن ما آتى الله عبدا من قوّة وحكمة، وحسبٍ وجاه، ومكانة، وأموالٍ وخيراتٍ، إنما هو من تقدير الله -عزّوجل-، وأن العبدَ ما أوتي كلّ ذلك إلا ليُبتلى في هذه الحياة، أيشكر أم يكفر؟ كما لو شاء الله أن يبتليه بسلب تلك النعم لفعل، {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}. «حقيقة الإيمان بالقضاء والقدر» من أصول العقيدة التي يجب على الشباب أن يعلموها ويؤمنوا بها: «الإيمان بالقضاء والقدر» فهو الأصل السادس من أصول الإيمان، والقدر هو أن الله -تعالى- علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد. فكل حدث صادر عن علمه، وقدرته، وإرادته، ولا تصل النفس إلى كمال الإيمان إلا حينما تؤمن بقضاء الله وقدره، والإيمان بالقدر يورث العبد اعتدالاً في مواجهة أقدار الله المختلفة، في السرّاء والضرّاء على حدٍّ سواء، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له»، ومن ثمرات هذا الإيمان أن الشاب لا يُسلم نفسه لمشاعر اليأس والإحباط من مرارة الواقع وتتابع الفِتَن؛ ليقينه بموعود الله في نصرة هذا الدين وأنَّ العاقبة للمتقين، ومحاربة اليأس تقود إلى سكون القلب وطمأنينته حتى يُبصر المؤمن المنحة في جوف المحنة، ويُدرك أن بعد العسر يُسرًا، قال -تعالى-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (النور:55). ستة مشاهد عظيمة عند وقوع البلاء قال ابن القيم رحمه الله: «إذا جرى على العبد مقدور يكرهه، فله فيه ستة مشاهد:
الإسلام ليس تقييدًا للحريات قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية الشخص بحرية الآخرين؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى ويحل الفساد، ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، وهناك فرق بين التقييد وبين التوجيه والتنظيم الذي شرعه لعباده الحكيم الخبير. شبهات في الإيمان بالقضاء والقدر من جملة الشبهات التي ترد على الشباب ويقف أمامها حيران: مسألة القدر، ومن الإشكالات التي ترد على قلوب الشباب أن الإنسان يُعذَّب على فعل المعاصي، فكيف يُعَذَّب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ والجواب عن ذلك: إذا قلت هذا فقل أيضًا: إن الإنسان يثاب على فعل الطاعات، فكيف يثاب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ وجواب ثان وهو: أن القدر سر مكتوم لا يعلمه إلا الله حتى يقع، فمن أين للعاصي العلم بأن الله كتب عليه المعصية حتى يقدم عليها؟ أفليس من الممكن أن يكون قد كتبت له الطاعة؟ فلماذا لا يجعل بدل إقدامه على المعصية أن يقدم على الطاعة؟ ويقول: إن الله قد كتب لي أن أطيع. وجواب ثالث، أن نقول: إن الله قد فَضَّل الإنسان بما أعطاه من عقل وفهم، وأنزل عليه الكتب، وأرسل إليه الرسل، وبَيَّنَ له النافع من الضار، وأعطاه إرادة وقدرة يستطيع بهما أن يسلك إحدى الطريقين، فلماذا يختار هذا العاصي الطريق الضارة على الطريق النافعة؟ أليس هذا العاصي لو أراد سفرًا إلى بلد وكان له طريقان، أحدهما سهل وآمن، والآخر صعب ومخوف، فإنه بالتأكيد سوف يسلك الطريق السهل الآمن، ولن يسلك الصعب المخوف، بحجة أن الله كتب عليه ذلك، بل لو سلكه واحتج بأن الله قد كتبه عليه لعَدَّ الناس ذلك سفها وجنونا، فهكذا أيضا طريق الخير وطريق الشر سواء بسواء، فليسلك الإنسان طريق الخير ولا يخدعن نفسه بسلوك طريق الشر، بحجة أن الله كتبه عليه ونحن نرى كل إنسان قادر على كسب المعيشة، نراه يضرب كل طريق لتحصيلها، ولا يجلس في بيته ويدع الكسب احتجاجا بالقدر، إذًا فما الفرق بين السعي للدنيا والسعي في طاعة الله ؟ لماذا تجعل القدر حجة لك على ترك الطاعة، ولا تجعله حجة لك على ترك العمل للدنيا؟! اتباع الهدى لا يكون المرء متبعًا للهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره -تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام. الأمور التي يُستجلب بها التوفيق أجمع العلماء الربانيون على أنَّ حقيقة التوفيق هو ألا يكِلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان: أن يوكل العبد إلى نفسه، ومما ينبغي أن يعتنى به في هذا المقام معرفة الأمور التي يُستجلب بها التوفيق وتتلخص فيما يلي:
من الأخطاء التي يقع فيها الشباب لبس حظَّاظة اليد بعض الشباب يضع في يدِه حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -تعالى-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق السماواتِ والأرض بخمسينَ ألفَ سنةٍ».
__________________
|
#80
|
||||
|
||||
رد: تحت العشرين
تحت العشرين -1233 الفرقان العلم بالتوحيد نجاة من الشرك الواجب على الشاب المسلم أن يكون على علم بتوحيد الله -عز وجل- وما يقرِّب إليه، فإن من أعظم أسباب انتشار الشرك بين المسلمين الجهل بما يجب لله من التوحيد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على بيان التوحيد الخالص، وحريصًا على بيان الشرك وقطع أسبابه. «وأنهاك عن الشرك والكبر» من وصايا نبي الله نوح -عليه السلام- لابنه وهو يعظه قبل موته، قوله: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بـ «لا إله إلا الله»؛ و«سبحان الله وبحمده»؛ وأنهاك عن الشرك، والكبر، فيا لها من وصية عظيمة لو انتبه لها الشباب! فالشرك أعظم ما عصي به الله منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، حتى وصف الله هذا الذنب بالظلم العظيم، فقال -تعالى-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13)، وما ذلك إلا لما فيه من الجناية العظيمة في حق الخالق -جلَّ جلاله-؛ فالله هو الذي خلق، وهو الذي رزق، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، ومع كل هذه النعم، وهذه المنن، والمشرك يجحد ذلك وينكره، بل ويصرف عبادته وتعظيمه لغير الله -سبحانه-، فما أعظمه من ظلم وما أشده من جور، لذلك كانت عقوبة المشرك أقسى العقوبات وأشدها، ألا وهي الخلود الأبدي في النار، قال -تعالى- في بيان ذلك: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (المائدة: 72)، وكل ذنب مات العبد من غير أن يتوب منه حال الحياة فإمكان العفو والمغفرة فيه يوم القيامة واردٌ إلا الشرك والكفر؛ فإن الله قد قطع رجاء صاحبه في المغفرة، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء:48). الشرك الأصغر الشرك الأصغر هو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلةٌ للوقوع فيه، وسماه الله ورسوله شركًا، وهو غير مخرج من ملة الإسلام، بل صاحبه لا يزال في دائرة الإسلام، ومن أمثلته الحلف بغير الله والرياء، وهو أن يقصد بعبادته عَرَضَ الدنيا، من تحصيل جاه أو نيل منزلة، قال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف: 110)، وروى الإمام أحمد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ يا رسول الله، قال: الرياء، يقول الله -عزوجل لهم يوم القيامة-: «إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟» أنواع الشرك المخرج من الملة (1) شرك في الربوبية: وهو اعتقاد أن ثمة متصرف في الكون بالخلق والتدبير مع الله -سبحانه-، وهذا الشرك ادعاه فرعون لنفسه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (النازعات: 24) فأغرقه -سبحانه- إمعانًا في إبطال دعواه؛ إذ كيف يغرق الرب في ملكه الذي يسيره؟! (2) شرك في الألوهية: وهو صرف العبادة أو نوع من أنواعها لغير الله، كمن يتقرب بعبادته للأصنام والأوثان والقبور ونحوها، بدعوى أنها تقرِّب من الله، فكل هذا من صور الشرك في الألوهية، فالله -تعالى- لم يجعل بينه وبين عباده في عبادته واسطة من خلقه. (3) شرك في الأسماء والصفات: وهو اعتقاد أن ثمة مخلوقا متصفا بصفات الله -عز وجل- كاتصاف الله بها، كمن يعتقد أن بشرًا يعلم من الغيب مثل علم الله -عزوجلَّ-، أو أن أحدا من الخلق أوتي من القدرة؛ بحيث لا يستعصي عليه شيء، فكل هذا من الشرك بالله، وكل من يدعي ذلك فهو كاذب دجَّال . وصايا للشباب قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب عليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل؛ تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك، وعليك أن تكون حريصًا على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وأن تجتنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب، وعليك أن تكون على حذر شديد من هذه الوسائل التي غزي الشباب من خلالها ولا سيما شبكة المعلومات؛ ليسلم لك دينك ولتكون في عافية من أمرك، فالعافية لا يعدلها شيء. من الدروس التربوية لقصة الذبيح إسماعيل -عليه السلام حوت قصة الذبيح إسماعيل مع والده إبراهيم- عليهما السلام- دروسًا تربوية عديدة، أبرزها الاستسلام والانقياد لطاعة الله وأوامره: فإبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- يعلمان تمام العلم أنّ رؤيا الأنبياء حق، وهي وحي من الله وليس من الشيطان؛ لذلك كانت إجابة إسماعيل على طلب والده {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، بالاستجابة التامة لهذا الطلب؛ حيث رد قائلاً: {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، وهذا يدلل على أنّ إسماعيل، قد تربى تربية إيمانية عالية منذ صغره، جعلته يستجيب لأمر الله -عز وجل- دون تردد. لسان العاقل عن الحسن البصري -رحمه الله- قال: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ؛ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ؛ تَكَلَّمَ، لَهُ وَعَلَيْهِ»، يدل لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فليقل خيرا أو ليصمت» وقد أخذ الامام الشافعي -رحمه الله- معنى الحديث فقال: «إذا أراد أن يتكلم فليفكر فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أوشك فيه أمسك». الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان يزيد وينقص كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، فالإيمان: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، يزيد وينقص، فإذا اتقى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأحب في الله وأبغض في الله زاد إيمانه، وإذا فعل بعض المعاصي وتقاعس عن الجهاد أو ما أشبه ذلك نقص إيمانه، وهكذا. من آداب السؤال في الإسلا م من آداب السؤال في الإسلام أن يكون غرض السؤال شرعي صحيح: فلا يَقْصِدُ منه التَّعنُّتَ، وإِضاعَةَ الوقت، وأنْ يَتَبَيَّنَ به جَوانِبَ الموضوع ومُلابَساتِه؛ كما كانَتْ عائِشَةُ- رضي الله عنها- لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، فَلَمَّا سَمِعَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ»، قَالَتْ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ-تعالى-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (الانشقاق:8)، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ».
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |