الإرضاع الوالدي.. أخطاء وأوهام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847666 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384656 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59469 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 591 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-02-2019, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي الإرضاع الوالدي.. أخطاء وأوهام

الإرضاع الوالدي.. أخطاء وأوهام




"أمُّ مُوسَى مثلاً"


د. غنية عبدالرحمن النحلاوي
في سعينا - كأطباء أطفال - للتعبير عنهم؛ إذ لا ينطقون، كنا - وما زلنا - نبذل جهودًا لدعمهم في استعادة حق من أهم حقوقهم؛ هو الإرضاع الوالدي الطبيعي.
ذلك أن حليب الأم منفردًا هو - بحق - الغذاء الكامل والمثالي، وهو أفضل غذاء - على الإطلاق - للطفل، وهذه الحقائق التي كانت معروفة، ثم تَمَّ تشويشها عُقودًا من الزمان بسبب بدعة الحليب الصناعي، هي أحدث ما اتُّفق عليه عالميًّا اليوم، واعتبرتها منظمة الصحة العالمية (م ص ع)، مع عدة منظمات دولية للتغذية وطب الطفل - مثل: الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال - سببًا ملزمًا وكافيًا لاعتماد الإرضاع الوالدي دون أيِّ إضافات (ولا حتى ماء وسكر)، منذ الساعة الأولى من الولادة، وطوال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل، ثم ضرورة الاستمرار به مع إضافات طعامية متوازنة ومتدرجة حتى عمر سنتين.
أطفال القناني:
مع طفرات "الحضارة المادية" التي تدخَّلت في كل شيء، كان الوجه السلبي جدًّا في طب الأطفال هو إهمال الإرضاع الوالدي، أمام مغريات الحليب الصناعي من جهة، ونتيجة لإخراج النساء إلى سوق العمل، مسوقات ببدعة المساواة، وخدعة الاستقلال الاقتصادي، من جهة أخرى، وفي مدونات تلك المنظمات الدولية يعترفون بالخطأ التاريخي، ويسلطون الضوء على حملات استعادة الاعتبار لحليب الأم، وقد بدأت هذه الحملات في بعض الدول مبكرًا، (مثل: إنشاء رابطة اللبن الوفير في الولايات المتحدة الأمريكية في الستينيات)، واحتاج الأمر إلى عشرين عامًا؛ لتبدأ حملات مماثلة في بلادنا، عندما كثرت الأمراض والوَفَيَات المرتبطة بالاستغناء عن حليب الأم، أو خلطه بالصناعي، فيما يسمى خطأ "مساعدة"، وتؤكد الإحصاءات العالمية أن الالتزام بالرضاعة الطبيعية حصريًّا - دون مساعدة - خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل، يساعد على تجنب وفاة 3 ملايين طفل سنويًّا.
أولاً: العلم بالفوائد والمضار:
كان التركيز بداية في تشجيع الإرضاع من الأم على متابعة أحدث الدراسات لفوائده، من ذلك معدلات انتشار أقل لكلٍّ من التقزم والهُزال (لدى الرُّضَّع من الثدي حصريًّا)، وتمتع هؤلاء الأطفال بصحة عقلية (mental health) أفضل في الطفولة والمراهقة، وبمقدرة عالية على الإدراك الفكري، وبالتوازن النفسي العاطفي مستقبَلًا، والوقاية من أمراض خطرة عند الأم المرضع؛ مثل: سرطان الثدي، وتلين العظام، فلم تتحسن نسب الإرضاع الوالدي كثيرًا[1]، لأسباب؛ أهمها: أن تصعيد جهود تجارة الأغذية الصناعية لحصد المزيد من الأرباح كانت أقوى من التوعية النظرية، فقوبل ذلك بالتركيز القوي على ميزات حليب الأم ومكوناته من معادن وفيتامينات، لدرجة المبالغة والخطأ أحيانًا[2]، ثم صرنا نؤكد أكثر في توعيتنا على أضرار الحليب الصناعي التي تجاوزت الضررين المشهورين لدى الجميع: اضطرابات الجهاز الهضمي، وأمراض التحسس (بما فيها الربو والأكزيما)، لتشمل زيادة حدوث وخطورة عدد كبير من الأمراض الحادة والمزمنة؛ كالتهاب القصبات، والتهاب الأذن الوسطى، والحمى الشوكية - أي: التهاب السحايا الجرثومي - والداء السكري، وغيرها، عند من يرضعون حليبًا صناعيًّا، ولكن هذا لم ينجح كثيرًا مع جيل شبابنا وشاباتنا الذي لا يثق بما يراه أفكارًا قديمة، بل ينبهر بالصناعة المبهرجة، وكل ما هو مستورد، وانطلقت أمهات المستقبل في متابعة ما يسمى "أحدث المستجدات" في الغذاء والجمال والتحرر، ثم ليدفعن أجورهن من سوق العمل "المحرر" لشراء الكثير، (وهناك أشياء تشترى، وأشياء لا تشترى):
لشراء حليب القناني - البودرة - لأطفالهن، الذي ثبت بعد عشرات السنين من طرحه كم هو ضار (والمستخلص عادة من حليب البقر، حتى الحديث منه المسمى: مشابه لحليب الأم)[3]، ناهيك عن محاولة تعويض الطفل الذي حرم حقه في غذائه الذي سخره الله تعالى له بأغذية إضافية معلبة غالبًا، ومنزلية أحيانًا، بالوقت والشكل غير المناسبين، بل إن بعضها شديد الضرر، وهو ضرر مدفوع الثمن!
ولشراء الأدوية لعلاج أطفالهن من الأمراض المرتبطة بالإرضاع الصناعي؛ المباشرة منها - وأخفها التحسس والإسهال - أو الآجلة التي يكشف الطب المزيدَ منها باستمرار عند كبار كانوا حُرموا حليب الأم رُضَّعًا، وهذه كلفتها عالية جدًّا، يساهم المجتمع في دفعها.
ولدفع تكلفة مراكز الرعاية للرُّضَّع؛ حيث تودعن أطفالهن خلال العمل، لتضاف لها تكلفة علاج الأمراض المنتقلة لهم بين جدرانها.
ثم الفاتورة الأكبر - لأنها لا تقاس بالنقد -: تكلفة تدبير الاضطرابات النفسية التي قد تظهر في مراحل الطفولة التالية، أو دفع ثمن نتائجها عندما يصبح الطفل فتى، ثم شابًّا يشق طريقه في الحياة، (مع عدم معرفة أن للحرمان من الإرضاع الوالدي دورًا في ذلك، أو عدم الاعتراف لمن علم).
وكما ترون - وعرف الناس ذلك متأخرين - الحب والحنان لا يشتريان، سلامة الأبدان لا تشترى، النمو العقلي والجسمي لا يشترى... إلخ!
ورغم أن العلم قطع شوطًا كبيرًا حتى اليوم في إعادة المكانة لحليب الأم، وبيان مزاياه التي فاقت كل التقديرات البشرية، وعبرت عن قصورها، فإن تصحيح أخطاء التغذية السابقة، وتدارك نتائجها المسيئة، لا يزال دون المرجو، لا سيما أن شركات أغذية الأطفال تكفِّر عن أخطائها القديمة بإنتاج ما يعرف بالحليب المُؤَنْسَن، أو المماثل لحليب الأم، أو هذا ما يبدو الأمر عليه، وهم لا يفعلونه دفعة واحدة، بل على مراحل، إضافة جديدة وتعديلاً هامًّا كل بضع سنوات؛ لضمان المزيد من التسويق، وتتنافس الشركات في ذلك[4]، فتعيد استقطاب أمهات وآباء هذا الجيل، لتبقى نسب الإرضاع الطبيعي الخالص أقل من النصف بالأشهر الستة الأولى، وتتراجع لقرابة الخُمس مع نهاية السنة الأولى في معظم دول منطقتنا والعالم، الذي تضع الكثير من دوله هدفًا: "أن تبلغ هذه النسبة 70 في المائة فأكثر".
ومن المؤسف أن الجهود العالمية تتضاعف في الأزمات والكوارث، وتنتشر خلالها برامج تشجيع الإرضاع الوالدي، وورش العمل، بالاستعانة بما سمي "المشافي صديقة الطفولة"، ويوضع لها ميزانيات ضخمة! فلماذا علينا أن ننتظر كارثة حتى نعود لحليب الأم؟! ولماذا لا ندرك قيمة هذه الهبة الإلهية التي لا نجد - كأطباء - مقياسًا بشريًّا نعوضها به، حتى الذهب والماس، ولِمَ لا تعي كل أم دورها وواجبها، وقد وهبها الله تعالى إيَّاها لتقدمها لوليدها الغالي؟!
ثانيًا: أوهام الحاجز النفسي، ما هي المشكلة إذًا؟
بعد كل ما سبق، تهُزُّ لي أمٌّ شابة رأسها، قائلة: "أنا معك، ولكن الله ما أكرمني، حليبي قليل، لا يشبعها"، مشيرة إلى طفلتها الأولى ذات الشهرين - وهي تعاني من اضطرابات هضمية تتعلق بالحليب الصناعي - وقد اكتشفتُ بابتئاس أنها ترضعها قنينة، رغم نصحي المبكر منذ ولادتها، وتحذيري الحازم للأم من ذلك، وهو نموذج من مجموعة كبيرة جدًّا، وشديدة التنوع والتماوج، لحجج الأمهات، والعلل الوهمية التي يَسُقْنَهَا لعدم إرضاع أبنائهن، رغم تأكيدنا لهن أنه لا يوجد شيء اسمه: "حليبي لا يكفي" إلا في حالات مرَضية شديدة ونادرة.
والحاصل هو وجود ظروف نفسية أو تغذوية قد تُفشِل الإرضاع الطبيعي، وبالتحري والتدقيق - كما في حال الأم المذكورة التي هي في الواقع على عكس ما تقول، وأكرمها الله تعالى بالعافية والحليب - يتبين أن الأمرَ يرجع لمفاهيم خاطئة متداولة:
1) موروثة.
2) أو منتشرة مجتمعيًّا بسبب البيئة والأسواق المفتوحة.
3) أو أن الأمر يرجع لقرار شخصي من الأم[5] لأسباب غطَّتها البحوث؛ منها: الاهتمام بقوامها، أو عملها، أو شعرها، أو تغذيتها.
والأغلب الثلاثة معًا! وبالتالي وجدنا أن المهم هو اقتلاع قناعات خاطئة، أكثر من الحديث عن فوائد ومضارَّ.
موانع وهمية للإرضاع الوالدي: وهي تأخذ شكل مخاوف غامضة غير معلنة، وأخرى واضحة ومعلنة.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-02-2019, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإرضاع الوالدي.. أخطاء وأوهام

الإرضاع الوالدي.. أخطاء وأوهام




"أمُّ مُوسَى مثلاً"


د. غنية عبدالرحمن النحلاوي


المخاوف غير المعلنة:
إذ لا تعترف بها الأم، حتى لنفسها أحيانًا؛ مثل: خوف الأم على تغذيتها، خوفها من السمنة، من ترهل ثدييها، ضيقها وتبرمها من الاستيقاظ المتكرر؛ لتجلس مع رضيعها تغذيه منها - والأسوأ مع وجود تشققات مؤلمة بالحلمة - بينما هناك بديل أسهل، هو أن يجالس القنينة المجهزة سلفًا، والأم نصف نائمة، أسفها على ضياع الوقت، وعندما تقول لي أم مولود في يومه العاشر: "تخيلي طوال الليل والنهار لا أفعل شيئًا سوى إرضاعه!"، أجيبها: "طيب، عادة الأشهر الأولى هكذا"، تقول - مخفية امتعاضها -: "لا، لا، لا أقصد شيئًا، ولكن..."، وتسكت؛ لأن التتمة تأتيني بها في الزيارة القادمة، على شكل مخاوف معلنة، لا يُعلم الكثيرُ عن نتائجها السيئة.
المخاوف المعلنة:
مثل: عدم نجاح الأم في إرضاع طفلها السابق، قلقها أن تؤخر إرضاع الطفل وهي في العمل أو في نشاط اجتماعي، خوفها من العودة للإرضاع بعد التوقف عدة أيام - لسبب قاهر - لاعتقادها أن حليبها فسد.
أما أقوى تلك المخاوف - وهو يلقى دعمًا من أفراد الأسرة، والجيران، و... - فهو الخوف على صحة الطفل ونموه؛ لدلائل أكثرها خاطئ؛ مثل:
قوام الحليب، وبكاء الطفل بعد الإرضاع، ويبنون عليه خطأ أن حليب تلك الأم غير مغذٍّ (غير دسم كما يُقال).
نقص كمية الحليب: وأشيع سببٌ - علاوة على إدخال وجبات الصناعي للمساعدة المذكورة -: هو تعرُّض الأم لرضٍّ نفسي، وهو يتراوح بين الجِدِّيَّة والأهمية (كوفاة عزيز، أو دخول الطفل المشفى)، وبين مجرد كلمة أزعجتها من حماتها مثلاً! وبينهما تقع المخاوف غير المعلنة التي تنقص ثرَّ الحليب!
وزن الطفل لا يعجبهم (مقارنة مع ابن الجيران مثلاً)، (وعلى الهامش أشير إلى أن المهم زيادة الوزن، وليس الوزن المفرد، وأن الرضيع في الأشهر الستة الأولى يزيد من نصف إلى (1) كيلوغرام شهريًّا، وفي الحالتين الطفل طبيعي).
ولكن الإيجابي في الموضوع موافقة الأمهات على أن حليب الأم هو الأفضل، مع إبقاء كلمة "ولكن" كبيرة جدًّا، تلوِّحن بها في كل حين، وترحن ضمائرهن.
ولن أتوقف مع الدراسات التي أحصت تلك الأوهام والمخاوف، وفنَّدت أكثرها؛ لأن الأمر - أولاً وأخيرًا - شخصي كما قالوا، ولكن أقول للقراء: "إن العكس هو الصحيح"؛ فالعامل النفسي - حتى لو كان من درجة الكرب الشديد - يمكن للأم أن تجعله - بإرادتها - سببًا مقويًا وداعمًا لإرضاع طفلها منها، وليس العكس، وأكاد أرى الدهشة، بل الوجوم والاستفهام، يكسو وجوه القراء (وخاصة القارئات).
وهنا أذكر قصة أمٍّ مرضع، أرجو أن تقف عندها كل أمٍّ قبل أن تقرر عدم إرضاع طفلها لسبب أو لآخر، وهي أم نبي الله موسى عليه السلام، من خلال سورة القصص (الآيات من 7 حتى 13)، وأتناول منها ثلاثة معالم:
1- الإرضاع المبكر: ﴿ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [القصص: 7].
2- ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ [القصص: 7]، وفي سورة أخرى: ﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾ [طه: 39]، حين جاءها الأمر الإلهي: أن اقذفيه، فاقذفيه، فليلقه، ثُمَّ ماذا؟ أستعيده؟ ليس بعد! بل ﴿ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ﴾ [طه: 39]، أيُّ كرب نفسي؟! وأيُّ رعب؟! فهل هنالك رضٌّ نفسي يذهب بالحليب أشد من هذا؟! وهي تراه بين يدي ذابح الأطفال.
3- وترسل ابنتها تتقصى الخبر ﴿ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11]، وتصبر حتى تفشل المرضعات، ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ﴾ [القصص: 12]، قبل أن تتدخل، وتدلهم على ﴿ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ [القصص: 12]، وبدءًا من ﴿ أَنِ اقْذِفِيهِ ﴾ [طه: 39]، وانتهاءً بـرجوعه لأمه ترضعه، فاصل زمني يتجاوز الأيام، حيث لا موبيلات ولا تكاسي، فما الذي جعل أم موسى تتمكن من إرضاع وليدها رغم ظروف الخوف الراعب عند وضعه؟!
ثمَّ ما الذي جعل ثرَّ الحليب يستمر، وهي تحت وطأة المزيد من الرضِّ النفسي، وقد غيَّبه عنها اليم، ثم قصر الطاغوت؟!
بل ما الذي أنجح عملية إعادة الإرضاع (Relactation) بعد فترة توقف، رغم مرور مدَّة ليست بالقصيرة؟!
إنه مزيج من الطاقة الروحية والعاطفية منح أُمَّ موسى قوة نفسية هائلة تكتسح جميع المخاوف والمثبطات.
في بداية ممارستي كنت أكرر للأمهات أن المخاوف يتغلبن عليها بالحب؛ لأن هرمون "البرولاكتين" المحرض لإفراز الحليب يزيد إفرازه عندما تتحرك عاطفتها نحو ولدها؛ ولذلك يسمى "هرمون الحب"[6]، وبعد سنوات، وجدت من خلال هذا المثال القرآني - بفضل الله تعالى عليَّ - ما هو أقوى من ذلك وأسبق - ومنه تنبعث فطرة الأمومة التي جَبَلَ البارئُ الأمهاتِ عليها، وبه تقوى - وهو الإيمان الفطري بالله تعالى، واليقين بدقة وعظمة صنعته وتقديره.
فهل أم موسى غير النساء؟ بل هي أم بلفظ الأمومة ومعناها، وبوصفه تعالى لها وتسميته إياها، ولكنها تعطي درسًا في الإيمان وسلامة الفطرة لكل أم؛ لأنها تعرضت لامتحان لا تكاد تصمد له أم.
درس أهديه لكل أم؛ لتتخطَّى أحزانها ومخاوفها، وتضم ابنها أو ابنتها بكل الحنان الذي في الدنيا، وترضعه، وتحمد الله تعالى أنه معها، لا فرعون يسعى لذبحه، ولم تضطر لإلقائه في اليم، ولم يأخذه عدوُّ الله تعالى وعدوُّها.
هدية أسألك أختاه بعدها إذا وقعتِ في محنة، فأيُّهما سيتغلب؟ إيمانك بأن الحليب منحة إلهية لطفلك أنت مؤتمنة عليها، وموكلة بإيصالها، أم حزنك ومخاوفك؟ (وربما رأي أمك، وعمتك، ومعلبات النت)[7].
وهل سينقص الحليب إثر الهزة النفسية أم سيبقى؟ وهل ستعودين لإرضاعه، ولو توقفت لأيام، أو لأسابيع؟[8].


[1] بل ساءت النسب أحيانًا، فبينما ذكرت دراسة أجراها باحثون سعوديون عام 2011م أن نسبة الإرضاع الوالدي الحصري - دون مساعدة - في الأشهر الستة الأولى لا تتعدى 12.2%، نجدها في أمريكا ارتفعت من 34% حتى 43% (بين عامي 2000 م و2006م).
[2] ومن تلك المبالغات والأخطاء القول بأن حليب الأم غني بفيتامين (د)، بينما هو فقير به.
[3] وهو في الواقع مشابه وحسب، وإلى حد ما.
[4] لذلك هم ملزمون بقوانين (م ص ع) في التنويه على منتجاتهم عن أن حليب الأم هو الأول، وعدم تقديم عينات مجانية من أصنافهم، لا سيما لأقسام التوليد كما كان شائعًا، فقد تبين أن من أهم أسباب الإيقاف المبكر للإرضاع الوالدي استعمال الرَّضَّاعة "زجاجة الحليب" لرضعات إضافية (المساعدة كما ذكرت).
[5] في المصادر الغربية تجد هذه العبارة: "Breastfeeding is a very personal decision. Many women have their own beliefs and feelings about whether or not they want to"، وترجمتها: "الإرضاع من الثدي هو قرار شخصي جدًّا (شديد الخصوصية)، وكثير من النساء لديهن معتقداتهن، ومشاعرهن الخاصة، حول إن كُنَّ يُرِدْنَ أن يرضعن أو لا".
[6] ومن فوائد هذا الهرمون (البرولاكتين) أن له تأثيرًا مُنوِّمًا على الأم والرضيع، وأن عملية المص المتكرر للثدي تزيد ثرَّ حليب الأم بتأثير مباشر، وبزيادة هذا الهرمون، فالإرضاع المبكر المتكرر => زيادة إفراز الحليب => إرضاع ناجح.
[7] حتى لو كانت لمواقع طبية، ومثال على الأخطاء دراسة عالمية وجدت أن 73% من أطباء التوليد المشمولين فيها يرون ضرورة إيقاف حليب الأم - ولو 24 ساعة - إذا أصيب الطفل بالإسهال، وهذا خطأ علمي وعملي، وهناك أخطاء متنوعة على النت، كما في الهامش (1)، ومثال ورد في مقال لزميل: "كما لوحظ تدنِّي نسبة الإصابة بداء الكُساح وتَقوُّس العِظام في حالات الإرضاع الطبيعي، وقد عُزي ذلك إلى ارتفاع نسبة فيتامين D في حليب الأم، ولهذا الفيتامين دور هام في تقوية عظام الطفل، ووقايتها من العديد من الأمراض"، والصحيح هو العكس تمامًا! http: //www.alukah.net/Culture/0/49295
[8] إحدى الدراسات بيَّنت أن ثلاثة أرباع الشابات من شريحة جامعية يعتقدن خطأً أنه يجب عدم العودة للإرضاع بعد التوقف لأيام، أو أسابيع، ولو أرادت الأم ذلك، وعُزِيَتْ تلك النسبة العالية لغموض الأمر حتى بين العاملين في الوسط الطبي، ولغياب مصطلح إعادة الإرضاع (Relactation) من معظم كتب الطب المرجعية، قلت: ولكنه مصطلح موجود بشكل عملي تطبيقي في أعظم الكتب على الإطلاق، وهو القرآن الكريم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.97 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]