سوء الفهم في الارتباط - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-02-2024, 09:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي سوء الفهم في الارتباط

سوء الفهم في الارتباط
د. منال محمد أبو العزائم




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد انتشرت ظاهرة الارتباط بين الشباب والبنات في الجامعات، أو بين الزملاء في أماكن العمل، أو الجيران أو الأهل أو غيرها، وهي لا أصل لها في الإسلام، ولم تُذكَر في نص من النصوص، فأي علاقة خاصة بين شاب وفتاة أجنبية خارج إطار الزواج لا تُشرع؛ بل إن الخاطب بالطريق الشرعي الذي دخل البيت من بابه وطلب البنت من والدها، وتمت الموافقة عليه لا يشرع له الخروج معها والاختلاء بها، وهذا الارتباط يعني أن يتقابل شاب وفتاة ويصارح كل منهما الآخر بالحب، وربما كان هناك وعد بالزواج، وفي كثير من الأحيان لا يكون.

وهذا اللقاء قد يكون على أرض الواقع أو عبر شاشات الكمبيوتر، وليس هو بزواج أو خطبة شرعية أو كَتْب كتاب كما يُسمَّى؛ بل إن الجميع يعرف ما المقصود بمجرد ذكر هذا المصطلح المشهور.

نظرة في عدم شرعية الارتباط:

والارتباط بوصفه أعلاه لا يجوز في الإسلام، وهذا ملموس بوضوح في تعاليم الإسلام المختلفة؛ من غض البصر، وحفظ الفرج، وتحريم الخلوة بأجنبية، والاختلاط العشوائي، والزنا وغيرها.

وكيف يقوم هذا الارتباط دون حدوث واحدة من هذه المنكرات، لا سيَّما النظر الحرام؛ بل إن المرتبطين يتغزلان كل منهما في الآخر ويتبادلان كلمات الحب التي تكون بعيدةً عن مسمع الناس، وكثيرًا ما يتصل كل منهما بالآخر هاتفيًّا أو عن طريق برامج الشات أو غيرها، وأحيانًا يخرجان معًا ليختلي كل منهما بالآخر في صحبة الشيطان وتزييله، فما نُسمِّي كل هذا؟!

ومن المؤسف في الأمر هو اعتقاد كثير من شباب المسلمين بتحليل هذا النوع من العلاقات لا سيَّما إذا لم تصل لحد الزنا؛ حيث يظن الشاب والفتاة أنهما إن كانا يحب كل منهما الآخر أو تصارحا بنية الزواج أن ذلك يحلل لهما ما يفعلان من مقابلات ومحادثات وتبادل الرسائل والصور وكلمات الحب، وكثيرًا ما يصحب ذلك الخلوات التي لا شك في حرمتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان))[1]، وقد حرَّم الله تعالى اتخاذ المؤمنات أخدانًا أو أصدقاء من الرجال، قال تعالى: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]، ولم يذكر الشرع هذا الارتباط في أي نص من النصوص أو اعترف به كعلاقة شرعية، فمن أين أتى هؤلاء الشباب بهذا وجعلوا منه حلالًا، ودأبوا عليه جيلًا بعد جيل وهو لا أصل له في الإسلام، لا بد أنه موروث من الاستعمار وما خَلَّفه من سموم في المجتمع المسلم، حتى يفسد الشباب والبنات ويضعف من قوة المسلمين بنشر الرذيلة بينهم، وهو من عادات الكُفَّار الذين لا يميزون الخبيث من الطيب، والذين يعيثون في الأرض فسادًا ويعيشون على لذاتهم، ينامون عليها ويستيقظون عليها، وقد حذر الشارع الكريم من حبائل الزنا؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، وهل هناك حبل أقوى للزنا من تبادل الكلمات الغرامية والخلوات الهاتفية والكلام المعسول، وكم من شاب وفتاة كانا ملتزمين على طريق الله ثم وقعا في شرك الارتباط والحب الذي جرَّاهما لجريمة الزنا، وما يتبعها من الحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة، قال تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، وقال صلى الله عليه وسلم في عقوبة الثيب الزاني: ((لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))[2]. وكم منهما دخل في علاقة ارتباط، وانتهت به إلى أن يعيش وحيدًا طول عمره بعد الانفصال، أو حتى أدت به إلى الانتحار أو القتل أو السجن أو التشوُّه أو الاكتئاب أو غيرها من المآسي، ولو أنهما تركا ما يُسمَّى بالارتباط هذا وصبرا حتى يرزقهما الله الحلال الطيب لكان أصون لهما وأحفظ؛ ولكنهم تسرعوا في الأمر واختاروا مسلك الشيطان ووقعوا في حباله، وقد حذَّرنا الله من اتِّباع خطواته في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 168]، ومع كل ذلك تجد في بعض المجتمعات المسلمة احترام تلك العلاقة وجعلها شيئًا مقبولًا في المجتمع ولا شيء فيه؛ بل تجد بعض العائلات المحافظة تقبل ذلك، وبعض البنات الملتزمات تدخل فيها وتخبر به والدتها وربما أباها أيضًا ويفرحان لها وتنال تبريكهما، أليس هذا من الباطل الذي صار حقًّا في نظرهما؟ وقد نهى الله تعالى عن إلباس الحق بالباطل في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42]، وإن عاتبت هذين الوالدين وقلت لهما: "إن ابنتكما دخلت في الحرام؛ حيث قبلت على نفسها التحدُّث إلى شاب أجنبي عنها، ونظرت في وجهه أكثر مما يباح من النظرة الأولى، وأعطته رقم هاتفها.... ولا ندري ماذا قالا في أنصاف الليالي"! فربما يردَّان عليَّ بأن ابنتنا محترمة لا تفعل منكرًا ونحن نثق بها! سبحان الله لا تفعل منكرًا! إن الارتباط نفسه هو المنكر بعينه ويحتوي من المخالفات ما يكفي لجعله منكرًا.

الارتباط من منظور مقاصد القرآن الكريم:

الارتباط بصورته المتعارف عليها غير مشروع، وقد يقود إلى الزنا ويتنافى مع مقصد التشريع.

الارتباط يدخل فيه النظر الحرام والخلوة بأجنبية ومغازلتها وترقيق صوتها وغيرها من المنكرات التي تخالف الآداب الإسلامية، وهذا يتنافى مع مقصد الآداب الإسلامية.

الارتباط قد يؤدي إلى ضياع الدين ويتنافى مع المقصد الكلي للشريعة في حفظ النفس والدين.

الارتباط يمكن أن يؤدي إلى نشر الفواحش والزنا ويتبعه الثأر والمشاحنات بين العوائل مما ينتج عنه تفكيك المجتمع المسلم، ويتنافى ذلك مع مقصد وحدة الأمة وسياستها.

الارتباط غالبًا لا يؤدي إلى زواج شرعي ويترك الطرفين - لا سيَّما البنت - في وضع اجتماعي مُزْرٍ، وهذا ينافي مقصد صلاح الأحوال الفردية والجماعية.

آثار الارتباط ومُخلَّفاته على الفرد والمجتمع:

إن الارتباط يؤدي إلى آثار سلبية في الفتاة والشاب والمجتمع، وأما أثره في المجتمع فهو ينشر الفساد ومخالفة الدين، ويهيئ المجتمع لقبول الفواحش والتعوُّد عليها، فيضعف المجتمع المسلم ويقلل من قوته ودينه، وربما أدَّى الارتباط إلى الزنا والفجور، فتنتشر الفواحش والمعاصي ويؤثر ذلك سلبًا في الدولة الإسلامية وقوتها ووحدتها.

وآثاره على البنت هو ضياع سمعتها وسمعة عائلتها، فيعلم الناس أنها كانت على علاقة برجل لا يحل لها؛ وبذا يعتبرها المجتمع متحررة من الدين والأدب، وإن فكر أحد في خطبتها سيذكر الناس له حكايتها، وسيفكر في نفسه بأنها كما عملت علاقة مع رجل لا يحل لها، فيمكن أن تعملها مع غيره عندما تكون في عصمته، فلا يُؤتمن لها ولغدرها وفساد دينها، وسيعلم الناس أنها فتاة ضعيفة الدين، وإلا لما أقدمت على الدخول في علاقة محرمة، ولو كانت تخاف الله وتتبع ما جاء به رسوله لما فعلت ذلك، فالمعلوم عنها بعد تلك العلاقة أنها ضعيفة الإيمان، وقليلة الآداب، وعديمة الحياء، لا تقوى لها ولا دين وبكل ذلك هي لا تصلح للزواج؛ فيتوارى الخلق عن خطبتها أو التفكير فيها كبنت تصلح للزواج، وتخسر بذلك فرصتها في زواج شرعي كان سيكون فيه السعادة الحقيقية والعشرة الدائمة الشرعية التي لا تستحي منها أمام المجتمع ولا تحتاج معها إلى التخفي من الأهل أو الناس، وكانت ستكوِّن منه أسرة سعيدة وآمنة مع زوج صالح طيِّب يرعاها بالحلال، ولكنها بدخولها في تلك العلاقة المُحرَّمة أساءت لسمعتها وفقدت فرصتها.

وبالنسبة إلى الشاب فدخوله في الارتباط لا يختلف كثيرًا عن البنت وإن كان بصورة أقل، فهو لا يزال يدخل في أمر يخالف الشرع ويفسد دينه، وذلك بارتكاب المعاصي التي تلحق الارتباط مثل النظر الحرام، والخلوة بأجنبية ومغازلتها، وربما وصل الأمر إلى حد الزنا الذي يُوجِب الحد، وكذلك سيعرف عنه المجتمع أنه كان شابًّا لعوبًا ولن يستأمنوه على بناتهم. فلا ترضى به إلا فتاة مثله لها ماضٍ أسود، وربما يفقد فرصته في خطبة بنت حييَّة طاهرة شريفة ذات دين وخُلُق، ومن أسرة ذات أصل وكرم، تكون له الزوجة التي تبرد قلبه وتسعده وتخلف له البنين والبنات، ويكوِّن معها الأسرة التي يحلم بها، وليعلم أن الأهالي كما يسألون عن العروس يسألون عن الخاطب وطباعه وماضيه وأصله وفصله. فالأسر الكريمة لا تلقي بناتها لأي شخص يطرق الباب؛ بل إن بنتهم عليهم غالية ويحرصون على إعطائها لمن يستحقها فقط، ذو الدين والخلق الذي يتكافأ معها، وأما من كانت له سوابق مع النساء وعرف عنه المجتمع ذلك، فكثيرًا ما يفقد فرصته في ذلك ولا يقبل به أحد.

مصير المرتبطين ونصيحة للفتيات:

ومما رأيناه هو أن معظم من يقومون بهذا الارتباط لا يتزوَّجون في نهاية الأمر، فالشاب ليس مستعدًّا للزواج، وفي معظم الأحيان يكون مجرد طالب يأخذ مصروفه من والده أو حتى موظف براتب ضعيف لا يكفيه سد حاجته، ناهيك عن كفاية طلبات زواج وأسرة وأطفال، وإن كان لا يملك أن يطعم نفسه فكيف سيطعم زوجته وأولاده؟! كما أنه غالبًا يكون صغير السن وليس على قدر من المسؤولية تهُيِّئه للزواج ومتطلباته، وأما الفتاة فغالبًا ما تكون طالبة تريد أن تكمل دراستها وتريد أسرتها حصولها على الشهادة ونيلها وظيفة قبل الزواج، وأحيانًا تكون صغيرة السن في عمر المراهقة أو حتى الطفولة المتأخرة، وفي كلا الحالين غالبًا ما يرفض الأهل خطبة ذلك الشاب حتى لو دبر المال ووصل لأهل الفتاة لخطبتها، فهذا الارتباط إذًا ليس إلا شيئًا مؤقتًا للتسلية لا يُرجى منه في كثير من الأحيان زواج، وعادة عندما يصبح الشاب مُهيَّأً للزواج ويمتلك المال والقدرة عليه لا يخطب تلك التي خرجت معه وحادثته وأعطته رقم هاتفها دون زواج؛ لأنه سيفكر أنها كما فعلت ذلك في السر دون زواج يمكن أن تفعله مع غيره أيضًا بعد أن يتزوجها؛ ولذا سيذهب إلى بنت الأصول التي لا تخرج مع شباب ولا تدنس سمعتها بمحادثتهم ولا تلقي بدينها وراء ظهرها لأجل مخلوق أيًّا كان، فهذه فقط هي من سيراها مناسبة لأن تكون زوجته وأُمَّ أطفاله، وليس تلك التي سمَّاها حبيبته في الارتباط سابقًا، وتكون تلك المسكينة قد ضاعت سمعتها وربما شرفها أيضًا، أو توقَّفَت عن التعليم أو فشلت فيه بسبب ذلك الخبيث المتلاعب الذي أراد أن يتسلَّى معها على حساب مستقبلها ولا يهمه غير نفسه وأنانيته المتناهية. واعلمي بنتاه أن الحب يزول وتنطفئ ناره بعد الزواج، ولا تبقى إلا المودة والمحبة الطيبة بين الأزواج التي لا جنون فيها ولا مغامرات كتلك التي تكون في الارتباط، فهي محبة محفوفة بتقوى الله ولا يلقي الإنسان دونها دينه وراء ظهره لأي إنسان على وجه الأرض مهما كان، فكُلُّ إنسان سيأتي وحده يدافع عن نفسه ويحاجج لها، ولن يأتي معك ذلك الذي ارتبطت به ليدافع عنك أو يدفع عنك سخط الله وعقابه، قال تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ [الإسراء: 13]، وقال: ﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [النحل: 111]، فاحفظي نفسك وانتظري الشريف الكريم الذي يطرق باب بيتك ويعرف قيمتك ويهمه أمرك؛ لأنك غالية عنده، فكما بذل النفيس والغالي ليتزوجك، سيفعل كذلك ليحفظك ويكرمك ويبني معك أسرة ومستقبلًا.

توجيه الشارع للزواج:

وقد وجَّه الشارع الشباب للزواج لإحصان النفس وإعفافها بإعطائها حقَّها الشرعي من اللذة الفطرية، قال تعالى: ﴿ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ))[3]. فهو لم يقل لهم عليكم بالارتباط أو يقل إن الارتباط حلال لإعفاف النفس؛ بل وجَّههم للزواج، وفي حال عدم الاستطاعة فعليهم بالصوم؛ فالصوم يجعل الجسم هامدًا نسبيًّا للجوع والعطش ويسكت ذلك تهيُّج الشهوات مما يساعد الشباب على التحكم فيها.

كما كتب الله فيه الأجر الكبير للصائمين في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة بابًا يقال له: الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحَدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد))[4].

النصائح والتوصيات:

يجب توعية الشباب أن ما يسمونه ارتباطًا ليس له أصل في الدين ولا يغني عن الخطبة الشرعية أو الزواج، وأنه يصاحب مجموعة من النواهي والمُحرَّمات.

يجب توعية الفتيات عن تأثير الارتباط السلبي عليهن اجتماعيًّا وأنه مصدر للسمعة السيئة التي قد تفقدهن الفرصة في زواج شرعي حقيقي.

يجب على الآباء والأمهات التقرب لأبنائهم لا سيَّما الفتيات، والحديث إليهم وتفَهُّم مشاكلهم النفسية، ومساعدتهم على حلها، وإتاحة الفرصة لهم بالفضفضة دون تأنيب، وبعد فضفضتهم يتم نصحهم بطريقة لبقة وعقلانية ليفهموا مضار ما يضرهم ونفع ما ينفعهم، حتى لا يبحث هؤلاء الأبناء والبنات عمَّن يستمع لهم ويتفهم مشاكلهم خارج البيت، فيلجأون لهذه العلاقات غير الشرعية، وكثير منهم لا يحتاجون إلى كثير من الوقت، فقط القليل من الصبر والتفاهُم والكلام والنصح.

يجب على الدولة منع اختلاء الشباب والفتيات من غير ذوي المحارم في الأماكن العامة والجامعات والمؤسسات العامة، وقد رأيت في إحدى الدول في الماضي وجود بوليس آداب يسأل كل شاب وفتاة في مكان عام ولا يبدو عليها الزواج عن وثيقة الزواج، وعادة المتزوجين تعرفهم من أشكالهم ولغة أجسادهم؛ فهم أكثر هدوءًا وسكينة وأقل ألوانًا وكذلك طريقة الكلام والجلسة وتعابير الوجوه ونحوها.

يجب فصل الفتيات من الشباب في التعليم والمدارس، وإن تعذر الأمر في الجامعات فعلى إدارة الجامعة تخصيص جانب من قاعة المحاضرات لجلوس الطلاب والجانب الآخر لجلوس الطالبات.

يفضل وضع قوانين ولوائح يجب اتِّباعها عند التعامل بين الجنسين في أماكن العمل، ووضع نوع من الحواجز المعنوية والحدود التي يجب الوقوف عندها واحترامها، ويفضل تعميم ذلك على مستوى الدولة، ويكون برعايتها حتى تأخذ الشركات والمؤسسات الأمر بجدية، فاتِّباع ذلك يمنع كثيرًا من هذه القصص التي لا طائل منها، وينشر جوًّا من الاحترام المتبادل بين الناس والسلام بين الجنسين في أماكن العمل.

هذا والله تعالى أعلم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ شباب وبنات المسلمين من فتنة الارتباط وغيرها من الفتن، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] أخرجه الترمذي (2165)، وأحمد (114) مطولًا باختلاف يسير.

[2] أخرجه مسلم (1676).

[3] أخرجه البخاري (5066)، ومسلم (1400).

[4] أخرجه البخاري (1896)، ومسلم (1152).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.15 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]