محاضرات و دروس عن الهجرة المباركة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الجدول في إعراب القرآن ------ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 534 - عددالزوار : 91710 )           »          الجويني ومنهجه العلمي والإبداعي في استخراج آرائه الاجتهادية​ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          التوبـــة قبــــل رمضـــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          15 خطوة نحو بر الوالدين بعد الزواج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أقل مدة الحمل بين النص والواقع الاستثنائي لحماية الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          شهر الصبر والجهاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أيها الشباب ماذا أنتم فاعلون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          ماذا لو عطس؟!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          فضل عشر ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          حتى تستمر الحياة نصائح ووصايا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 20-01-2007, 02:35 AM
الصورة الرمزية mahmoud eysa
mahmoud eysa mahmoud eysa غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: ارض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 491
63 63 خواطر حـول الهجرة

بقلم فضيلة الشيخ/محمد عبدالله الخطيب
* الهجرة تعلمنا كيف يرتبط تاريخ الدعوة إلى الله بالحركة على مستوى الفرد والجماعة.
* في الهجرة يجب ألا ننسى أبدًا طبيعة اليهود وحقدهم ومكرهم.
"قلت للرجل الواقف على باب العام، أعطني نورًا أستضيء به في هذا الطريق المجهول، فقال: ضع يدك في يد الله سيهديك سواء السبيل" (الإمام الشيهد حسن البنا).
ونحن ندخل إلى عام هجري جديد، تبرزأمامنا خطوات سيد الدعاة- صلى الله عليه وسلم- صوب المدينة، وقلبه يخفق بالدعاء الذي سجله القرآن: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِيمُدْخَلَصِدْقٍوَأَخْرِجْنِيمُخْرَجَصِدْقٍ وَاجْعَللِّيمِن لَّدُنكَسُلْطَانًانَّصِيرًا*وَقُلْجَاءالْحَقُّوَزَهَقَالْبَاطِلُ إِنَّالْبَاطِلَكَانَزَهُوقًا (الإسراء: 80-81).
إن النبي- صلوات الله عليه وسلامه عليه- كان على يقين جازم بأن حركة الإنسان في الحياة لا تصل إلى هدفها إلا حين يرفع بصره وفؤاده ومشاعره إلى السماء، يتلقى عنها، وينزل على توجيهها، وينفذ أوامرها، إن هذا التوجه صاحب الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو يرسم الخطط ويحدد الغاية، ويأخذ بكامل الأسباب التي توصله إلى هدفه.
يقول د. عماد الدين خليل: "إن الإسلام جاء لكي يعبر عن وجوده في عالمنا من خلال دوائر ثلاث يتداخل بعضها في بعض، وتتسع صوب الخارج لكي تشمل مزيدًا من المساحات:
- دائرة الإنسان.
- دائرة الدولة.
- دائرة الحضارة.
ولقد اجتاز الإسلام في مكة دائرة الإنسان، ثم ما لبثت العوائق السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية أن صدته عن المضي في الطريق صوب الدائرة الثانية حيث الدولة؛ لأنه بلا دولة ستظل دائرة الإنسان التي هي أشبه بنواة لا يحجبها جدار، ستظل مفتوحة على الخارج المضاد، بكل أثقاله وضغوطه، وإمكاناته المادية والروحية، وأن يستطيع الإنسان الفرد أو الجماعة التي لا تحميها دولة أن تمارس مهمتها حتى النهاية".
ولا نظن الأمر أتى بجديد في عصرنا هذا، على معنى أن التيار الإسلامي عندما يتحرك لإيجاد الأرضية الصالحة التي يتحرك عليها الإنسان المسلم يجد أمامه الجنادل والأهوال والأسوار الهائلة التي تحجبه عن الانطلاق وأداء رسالته، وهذه العوائق هي هي ذاتها التي اعترضت صاحب الرسالة أول ما قام يدعو، وما كان أحد يصدق أن شعبًا كشعب الجزيرة العربية يمكن أن يحمل رسالة عظيمة إلى العالم كله، لكن مع عظمة الداعية ومثابرته وتلطفه وتنفيذه لأمر الله وانتظاره وصبره وتعلقه بالله، مع كل هذا بدأ الأمر يتغير تطبيقًا لقول الحق تبارك وتعالى: ﴿سَبَقَتْكَلِمَتُنَالِعِبَادِنَاالْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْلَهُمُالْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ جُندَنَالَهُمُالْغَالِبُونَ﴾(الصافات: 171– 173).
فإذا كان التيار الإسلامي اليوم تحيط به أسوار وتكتنفه ضوائق، فإنه لا يجوز أن يكون دافعًا لليأس؛ لأن اليأس يعني السقوط والتوقف والاستسلام، لكن على الداعية أن يفقه الظروف من حوله، وأن يحسن تخير الموقع الذي يمكن أن يكون أكثر فاعلية من خلال هذه الظروف؛ لذلك يجب على الداعية المسلم أن يبدأ بإصلاح بيئته وإعدادها إعدادًا صحيحًا لتكون منطلقًا إلى ما بعدها، وكلما أصلح جزء من الأرض التي يقف عليها انتقل إلى آخر.
وجوب الاهتمام بالأسرة:
ولا شك أن المسلمين حين يهتمون بالسيرة، وهي الحركة المباركة لسيد الخلق- صلى الله عليه وسلم- ومن معه من صحابته، وهم أطهر جيل وأصدق جيل عرفته الدنيا بعد رسل الله- سيجدون أنهم في أَمَسِّ الحاجة إلى هذا الزاد العظيم، الذي يقف نبراسًا للأمة في أوقات محنتها وشدائدها، خاصة حين تضعف وتتكالب عليها الشعوب، وكيف أن هذه السيرة ترتفع أمام المسلمين بأحداثها، تعزيهم وتمسح عنهم جراحهم.
إن وقوف المسلمين اليوم- خاصة الدعاة- على قدر كبير وخطير من دروس هذه السيرة مرهون إلى حد كبير، لا بالمعاناة والمصابرة والمجاهدة فحسب، فهناك أمر لابد منه في جميع العصور– لكنه مرهون بمحاولة المصاحبة الوجدانية لسيد الدعاة- صلى الله عليه وسلم- والتأمل الدقيق في سائر الأبعاد الأخلاقية والتربوية والتشريعية والاجتماعية والنفسية، التأمل في ضوء واقع الدعوة الإسلامية الراهنة، وحاجتنا الدائمة إلى التأسي بالرعيل الأول في عمله في فترة الدعوة والدولة، وفي سلوكه مع الآخرين في الحرب والسلم، وفي المنشط والمكره، وفي الأخذ والعطاء، وفي وقته في الحرص على حرية المسلمين، ولا مجال هنا لبسط وجهة النظر في القرآن الكريم يمثل التربية الكاملة والمستمرة في وقت واحد، ولكن ينبني عليها هذا القول، بأن السيرة النبوية الشريفة تمثل هذه التربية الكاملة بصورتها العملية التطبيقية، فهذه السيرة منهج للبشر، ولا يصح لنا أن نقرأها كقصص دارج، أو أحداث انتهى زمانها، وهذا ما يحدث اليوم للأسف الشديد.
الدعوة والحركة:
لقد عاش سيد الخلق- صلى الله عليه وسلم- في صحراء حرها شديد ومسافاتها شاسعة وطرقها مجدبة، ومياهها قليلة، وسائر ما فيها من ملابسات الشظف والخشونة، وهذه الجزيرة هي مهد الدعوة الإسلامية والبيئة التي شهدت الأحداث من لدن ولادة النبي- صلى الله عليه وسلم- في مكة إلى حين انتقاله إلى الرفيق الأعلى في المدينة.
ولقد تعلمنا من الهجرة كيف يرتبط تاريخ الدعوة إلى الله بالحركة، حركة الإنسان الفرد، وحركة الجماعة وحركة الأمة المسلمة كلها، إن المثل العليا دائمًا هي الهدف الذي يسعى إليه أصحاب الفضائل، رغم وقوف القوى المنحرفة لمنع الجادين والمخلصين من تحقيقه في عالم الواقع.
وفي اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الثالثة عشرة للبعثة وصل سيد الدعاة إلى مشارف المدينة؛ حيث قام أهل المدينة باستقباله بعد أن انتظروا طويلاً، وبدءوا من اللحظة العهد الجديد الذي كتب لهم شرف وضع أسسه على تقوى الله ورضوان، وبدأ بناء مرحلة الدولة التي ستصنع حضارة راقية تشرف الإنسان وتضعه في الموضع اللائق به، وقد قام البناء تحميه العقيدة والقوة للدفاع عنه، وصيانته من عبث العابثين، وبهذا تحقق ما جاء به الإسلام على يدي المبعوث رحمة للعالمين؛ بناء الإنسان، وبناء الدولة، وإقامة الحضارة، وتلك هي الداوائر المتكاملة التي يعمل لها هذا الدين.
وفي الهجرة يجب ألا ننسى أبدًا طبيعة اليهود وحقد اليهود وما جبلوا عليه، وما حكاه لنا العليم الخبير في القرآن، وما ذكره النبي- صلى الله عليه وسلم- من مواقفهم مع أنبياء الله ورسله من نكثهم للعود، وقتلهم للأنبياء وعداوتهم للمؤمنين، ومن أنانيتهم وأطماعهم وإجرامهم الذي لا حد له، يجب أن نذكر دائمًا خداعهم ومكرهم وعدم التزامهم بأي شيء إلا إذا كان موافقًا لأهوائهم ونواياهم التوسعية.
وهذه كلمات كلها حق، تمليها العقيدة الخالصة والنصح السديد، وتفرضها النظرة العميقة الصادقة التي تهدف إلى الارتفاع بشأن المسلمين في كل ناحية من نواحي الأرض.
ولقد طرد من الجزيرة أعداء الإنسانية من مثيري الحروب والفتن من يهود وغيرهم، وانتهت من الجزيرة الأمراض: من ربا وأوثان وأصنام، وسعد الناس بعبادتهم لربهم، وطاعتهم له، ودخل الناس في دين الله أفواجًا والحمد لله رب العالمين.
اللهم إننا بهذه الكلمات نبرئ ذمتنا أمامك ونعذر إليك، فما بعد اليوم من مستعتب، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿فَلِذَلِكَفَادْعُوَاسْتَقِمْكَمَاأُمِرْتَوَلَاتَتَّبِعْأَهْوَاءهُمْ وَقُلْآمَنتُبِمَاأَنزَلَاللَّهُمِنكِتَابٍوَأُمِرْتُلِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُاللَّهُرَبُّنَاوَرَبُّكُمْلَنَاأَعْمَالُنَاوَلَكُمْأَعْمَالُكُمْ لَاحُجَّةَبَيْنَنَاوَبَيْنَكُمُاللَّهُيَجْمَعُبَيْنَنَاوَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾(الشورى: 15).
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 20-01-2007, 02:43 AM
الصورة الرمزية mahmoud eysa
mahmoud eysa mahmoud eysa غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: ارض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 491
63 63 دروس من الهجرة.. للشهيد سيد قطب

إخوان أون لاين - 19/01/2007





إذا كنا نحتفل بيوم الهجرة فيجب أن نكون جديرين بالاحتفال بهذا اليوم، يجب ألا يكون احتفالنا بالهجرة النبوية ككل احتفالٍ بذكرى من الذكريات الأرضية أو بعملٍ من أعمال الناس، كما يجب أن يكون لهذا الاحتفال طابع خاص، وأن يكون لهذا الاجتماع جوٌّ خاص، وأن نُهيئ نحن أنفسنا لنكون جديرين بالاحتفال بهذه المناسبة الكريمة، ولن نكون جديرين بأن نحتفل بيوم الهجرة إلا حين نرتفع بأرواحنا، وحين نرتفع بأخلاقنا، وحين نرتفع بأعمالنا وقيمنا إلى هذا المستوى الشامخ الرفيع، مستوى الهجرة النبوية الشريفة.

الواقع الفعلي للسيرة
إنَّ سيرةَ الرسول- صلى الله عليه وسلم- وسيرة هذا الإسلام لا يجوز أن تكون تاريخًا يُتلى ولا أن تكون احتفالاتٍ تمضي، إنما يجب أن تكون حياةً تُعاد، وأن يكون واقعًا يُحقق.. إنما جاء الإسلام ليكون واقعًا حيًّا في تاريخ المسلمين، وإنما مضت هذه الأيام لتكون فيها إلى الأبد قدوةً وأسوةً لمَن يتبعون رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

كيف نحتفل بالهجرة؟
يجب إذا حاولنا أن نحتفل بالهجرة أن نرتفع بأنفسنا إلى مستوى أيام الهجرة.. أن نرتفع بأرواحنا إلى مستوى أيام الهجرة.
الشهيد سيد قطب

فهذا الإسلام جاهزٌ وقديرٌ على أن يحقق ما حققه مرةً في تاريخ البشرية، إنه لم يجئ لفترةٍ ولم يجئ لمكان، لقد جاء للزمان كله.. وجاء للأرض كلها.. وجاء للبشرية كلها.

فإذا شئنا نحن اليوم أن نحتفل بيومٍ من أيامه، فلا يجوز أن نقرب هذا الاحتفال إلا إذا أعددنا أنفسنا كما يُعد المؤمن نفسه للصلاة بالوضوء، وكما يتهيأ بروحه ليقف بين يدي الله عز وجل.. يجب أن نرتفع إلى إدراك المعاني الكبيرة الكامنة في هذا اليوم الكبير.

ومعاني هذا اليوم لا تحصيها ساعة، ولا تحصيها خطبة، ولا يحصيها كتاب، فهي كتاب مفتوح للبشرية منذ 1400 عام، إنما نحاول أن نلخص شيئًا.. نحاول أن نُقلب صفحاتٍ قلائل من هذا الكتاب الضخم الذي لم تنته صفحاته على مدى 1400 عام، ولن تنتهي صفحاته حتى يرث الله الأرض ومن عليها: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)﴾ (الكهف).

الصفحة الأولى: التجرد
الصفحة الأولى من صفحات هذا اليوم المجيد في تلك الكلمات الخالدة للنبي- صلى الله عليه وسلم- تلك الكلمات التي فاه بها لسان محمد- صلى الله عليه وسلم- لقريشٍ بعظمائها وساداتها.. "يا بن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد شرفًا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكًا ملكناك علينا"، فجاء الرد الحاسم:"والله يا عمِّ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه".

فإذا بتلك الكلمات القلائل تخط أول صفحة من الصفحاتِ المشرقة الكريمة في تاريخ الدعوة.. بهذه الكلمات نبدأ تلك الصفحات الكريمة، لم يكن محمد- صلى الله عليه وسلم- مضطرًا أن يهاجر أو أن يغترب لو أنه أخذ المال والجاه.. ولكن محمد- صلى الله عليه وسلم- كان يريد ما هو أعظم من أن تضع الشمس في يمينه والقمر في يساره، وما هو أعظم من السماوات والأرض، ما هو أعظم من النجوم والكواكب.

كان يريد عقيدةً تُنتشر وفكرةً تسود ومجتمعًا يتكون وإسلامًا يقوم على وجهِ الأرض يُعلم الناس ما لم يتعلموه قبل هذا الإسلام العظيم.

هذه هي الذكرى الأولى، وهذه هي الخطوة الأولى التي استصعدنا بها محمد- صلى الله عليه وسلم- في بدء خطواته.. فلنوجه إليها قلوبنا ونحن نحتفل بهذا اليوم.

وإن وجدنا أننا لا نستطيع أن نرتفع هذا الارتفاع، ولكن نتطلع إلى هذا الأفق ليدفعنا إليه.. إذا وجدنا في أرواحنا خفةً للتحقيق.. إذا وجدنا في أنفسنا زهدًا في مال.. وزهدًا في منصب.. وزهدًا في جاه؛ لأننا نريد أكثر من المال والجاه والمنصب، إذا أحسسنا في أنفسنا هذا الإحساس.. كنا جديرين أن نحتفل بيومٍ من أيام محمد صلى الله عليه وسلم.

واجبنا نحو أيام محمد صلى الله عليه وسلم
ومنذ اليوم يجب أن نستحضر في أنفسنا هذا الملحاظ فلا نجرؤ على الاحتفال بيومٍ من أيام محمد- صلى الله عليه وسلم- إلا أن نكون على استعداد في ذوات أنفسنا أن نتطلع إلى فعل محمد صلى الله عليه وسلم.. إن ذكريات محمد- صلى الله عليه وسلم- لا يجوز أن ترخص.. لا يجوز أن تصبح سلعةً في السوق.. لا يجوز أن تكون مجالاً لأن يحتفل بها كل مَن يحتفل قبل أن يُعد نفسه لهذا المستوى الرفيع، لهذا المستوى الكريم الذي أعدَّ محمد صلى الله عليه وسلم نفسه له وهو يقول:"والله يا عمِّ، لو وضعوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه".

حقيقة طريق الدعوة
مَن شاء أن يسلك طريق هذه الدعوة فليعرف أنه لا يأتي إلى المال وليتأكد أنه لا يؤدي إلى منصب، وليوطد نفسه أنه لا يؤدي إلى جاه في الأرض وإن كان يؤدي إلى جاه عند الله.
مَن شاء أن يسلك طريق هذه الدعوة فليعلم أن الوزارة قد تفوته، وأن الإمارةَ قد تفوته، وأن المال قد يفوته، وأن الجاه قد يفوته.. ويبقى له ما هو أكرم من هذا كله.. ويبقى له وجه ربك ذي الجلال والإكرام.


الصفحة الثانية: إعداد النفس للتضحية
معنى آخر من معاني الهجرة يجب أن نستحضره في أرواحنا.. يجب أن نُعد أنفسنا له.. هو ما قاله الله عز وجل وهو يخاطب رسوله- صلى الله عليه وسلم- في أول الدعوة: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5)﴾ (المزمل)، لا في كلماته ولا في عباراته، فالله عز وجل يقول ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)﴾ (القمر)، فألفاظ القرآن ميسورة وعباراته ميسورة، وهذا الثقل في القول ليس في ذات القول، ولكن في التبعة.. في المهمة.. في الواجب.. في المشقة التي يحملها هذا القول الثقيل.. ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾.

إن الطريقَ شاقة، إن الطريقَ ليست مفروشةً بالزهور والورود، إن الطريق مليئةً بالأشواك.. لا.. بل إنها مفروشة بالأشلاء والجماجم، مزينةً بالدماء، غير مزينةٍ بالورودِ والرياحين.. إن الطريق شاق.. هذا هو المعنى الثاني الذي يجب أن نتذكره ونحن نتطلع ونحاول أن نرتفع إلى أفق الهجرة الكريمة.

إن سالكه لن يفوته المنصب وحده، ولن يفوته الجاه وحده، ولن تفوته السيادة وحدها في هذه الأرض، ولكن سيتحمل قولاً ثقيلاً، وسيتحمل جهدًا ثقيلاً، وسيجتاز طريقًا ثقيلاً.. فلنعد أنفسنا لما أعد محمد صلى الله عليه وسلم نفسه له لنكون جديرين بأن نحتفل بيومِ هجرته صلى الله عليه وسلم.. ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾.

عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وحقيقة النصر
كان من الميسور أن يدعو الرسول- صلى الله عليه وسلم- على قومه دعوة تهلكهم فينتهي، كان ميسورًا أن باب السماوات مفتوح ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ (القمر: من الآية 10)، ولكن الرسول- صلى الله عليه وسلم لم يلقَ دعوته ولم يدعو دعوته هذه على قومه، إنما اختار الطريق الشاق.. اختار الطريق الطويل.

لقد كان نوح عليه السلام يملك أن يدعو على قومه فيهلكهم الله ليبدل الله الأرض قومًا غيرهم؛ لأن دعوته موقوتة لأنه جاء لقوم؛ لأنه جاء لدين، أما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقد كان يعلم أن دعوته هي دعوة الأبد، وأن رسالته هي الرسالة الأخيرة، وأن السماء وقد تفتحت بنورها إلى الأرض لن تفتح بهذا النور إلى الأرض مرةً أخرى؛ لذلك لم يخترْ أن يدعو الله بالنصرِ فيرتاح في لحظته، إنما اختار طريق الجهاد؛ لأنه إن انتصر اليوم.. أن انتصر نصرًا يسيرًا.. إن انتصر نصرًا سهلاً، فمَن يُؤتي أمته ومَن يُؤتي الأجيالَ بعده هذا النصر السهل الرخيص.

إنَّ أمته يجب أن تُدرَّب.. يجب أن تُعد.. يجب أن تجد فيه قدوة.. يجب أن يكون لها قدوة في جهادٍ شاق طويل.. ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)﴾ (العنكبوت).

لا بد من فدية.. لا بد من بلاء .. لا بد من امتحان؛ لأن النصرَ الرخيص لا يبقى؛ لأنَّ النصرَ السهلَ لا يعيش؛ لأن الدعوة الهينة يتبناها كل ضعيف، أما الدعوة العفية الصعبة فلا يتبناها إلا الأقوياء ولا يقدر عليها إلا الأشداء.

لمَن النصر
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)﴾ (البقرة).

إنَّ نصرَ الله قريب، ولكن ممن احتملوا البأساء والضراء، ممن جاهدوا وبذلوا.. ممن لم يبقوا في طاقتهم قوة.. ممن احتملوا مشاق الطريق.

عندما يبذل الإنسان أقصى ما في طوقه، عندما يصل إلى نهاية الشوط، عندما يلقى بهمه كله إلى الله بعد أن لم يبقَ في طوقه ذرة عندئذٍ يتحقق وعد الله ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

هذه هي الذكرى الثانية، هذا هو المعنى الثاني.. هذا هو المعنى الرفيع الذي يجب أن نُعد أنفسنا له ونحن نتطلع لكي نرتفع إلى ذلك الأفق السامي ونحن نحتفل بالهجرة الكريمة.
----------
* ألقى الشهيد سيد قطب هذه الكلمة في أحد الاحتفالات بذكرى الهجرة
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 20-01-2007, 07:08 AM
الصورة الرمزية أبو أسيد
أبو أسيد أبو أسيد غير متصل
مشرف الملتقى الترفيهي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
مكان الإقامة: canada
الجنس :
المشاركات: 1,620
الدولة : Canada
افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم

من أهم ما نتعلمه من هجره الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم هو

الصـــــــــــــــــــــــبر ...... فهنالك سمات مهمه لمعاني الصبر
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 28-01-2007, 09:09 PM
الصورة الرمزية mahmoud eysa
mahmoud eysa mahmoud eysa غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: ارض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 491
Question وقفات في ذكرى الهجرة

4- هجرة عياش بن أبي ربيعة درس في أن وعي الأمة يحميها من خداع أعدائها:
من الصفحات التي يجب أن تُقرَأ في كتاب الهجرة المباركة: قصة هجرة المستضعفين الذين غررت بهم قريش، واستغلت سلامة نياتهم في فتنتهم، فقراءة هذه الصفحة تحيي وتنمِّي الوعي، فتعالوا نقرأ معًا ما فعلته قريش ببعض المسلمين.

أخرج ابن إسحاق بسندٍ صحيحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، قَالَ اتّعَدْتُ لَمّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ، أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السّهْمِيّ التّناضِبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَوْقَ سَرِفٍ، وَقُلْنَا: أَيّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ.. قَالَ فَأَصْبَحْتُ أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التّنَاضُبِ، وَحُبِسَ عَنّا هِشَام وَفُتِنَ فَافْتُتِنَ (أي استجاب للكفر بعد الإسلام).

فَلَمّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْف بقُباءٍ، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إلَى عَيّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ ابْنَ عَمّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمّهِمَا، حَتّى قَدِمَا عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِمَكّةَ فَكَلّمَاهُ وَقَالا: إنّ أُمَّك قَدْ نَذَرَتْ أَنْ لا يَمَسَّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتّى تَرَاك، وَلا تَسْتَظِلَّ مِنْ شَمْسٍ حَتَّى تَرَاك، فَرَقَّ لَهَا، فَقُلْت لَهُ: يَا عَيّاشُ إنّهُ وَاَللّهِ إنْ يُرِيدَك الْقَوْمُ إلاَّ لِيَفْتِنُوك عَنْ دِينِك، فَاحْذَرْهُمْ، فَوَاَللّهِ لَوْ قَدْ آذَى أُمّك الْقَمْلُ لَامْتَشَطَتْ، وَلَوْ قَدْ اشْتَدَّ عَلَيْهَا حَرّ مَكّةَ لَاسْتَظَلّتْ. قَالَ: فَقَالَ: أَبَرّ قَسَمَ أُمّي، وَلِي هُنَالِكَ مَالٌ فَآخُذُهُ. قَالَ: فَقُلْت: وَاَللّهِ إنّك لَتَعْلَمُ أَنّي لَمِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَك نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا. قَالَ فَأَبَى عَلَيّ إلّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا. فَلَمّا أَبَى إلّا ذَلِكَ قَالَ قُلْت لَهُ: أَمّا إذْ قَدْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْت، فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ فَإِنّهَا نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا، فَإِنْ رَابَك مِنْ الْقَوْمِ رَيْبٌ فَانْجُ عَلَيْهَا. فَخَرَجَ عَلَيْهَا مَعَهُمَا، حَتّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطّرِيقِ قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاَللّهِ لَقَدْ اسْتَغْلَظْتُ بَعِيرِي هَذَا، أَفَلَا تُعْقِبَنِي عَلَى نَاقَتِك هَذِهِ ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ فَأَنَاخَ وَأَنَاخَا لِيَتَحَوّلَ عَلَيْهَا، فَلَمّا اسْتَوَوْا بِالْأَرْضِ عَدَوا عَلَيْهِ فَأَوْثَقَاهُ وَرَبَطَاهُ ثُمّ دَخَلَا بِهِ مَكّةَ، وَفَتَنَاهُ فَافْتُتِنَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدّثَنِي بِهِ بَعْضُ آلِ عَيّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: أَنّهُمَا حَيْنَ دَخَلا بِهِ مَكّةَ دَخَلا بِهِ نَهَارًا مُوثَقًا، ثُمّ قَالَا: يَا أَهْلَ مَكّةَ، هَكَذَا فَافْعَلُوا بِسُفَهَائِكُمْ، كَمَا فَعَلْنَا بِسَفِيهِنَا هَذَا.

قَالَ: فَكُنّا نَقُولُ: مَا اللّهُ بِقَابِلٍ مِمّنْ اُفْتُتِنَ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَلَا تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللّهَ ثُمّ رَجَعُوا إلَى الْكُفْرِ، لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ! قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ.

فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِمْ وَفِي قَوْلِنَا وَقَوْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55)﴾ (الزمر،) قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ: فَكَتَبْتهَا بِيَدِي فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْت بِهَا إلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي، قَالَ: فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِي: فَلَمَّا أَتَتْنِي جَعَلْت أَقْرَؤُهَا بِذِي طُوًى (هذا المكان يشمل اليوم: العُتَيبة، وجَرول، والطَندَباوي، ومعظم شارع المنصور) أُصَعّدُ بِهَا فِيهِ وَأُصَوّبُ وَلَا أَفْهَمُهَا، حَتّى قُلْت: اللّهُمّ فَهّمْنِيهَا.. قَالَ: فَأَلْقَى اللّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِي أَنّهَا إنّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا، وَفِيمَا كُنّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا وَيُقَالُ فِينَا. قَالَ: فَرَجَعْت إلَى بَعِيرِي، فَجَلَسْت عَلَيْهِ، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ".

وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- في صلاته يدعو لهؤلاء المستضعفين والمفتونين أن ينجيهم الله، وأن يشدد على مَن فتنهم وضيَّق عليهم، فقد أخرج البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ".
إن هذه القصة وغيرها تؤكد وجوب التنبه الدائم لمحاولاتِ الأعداء فتنة الدعاة واستغلال سلامة نياتهم في الإيقاع بهم، وضرورة الحذرِ من الوقوع في الفتنة، فالمؤامرة مستمرة، والأعداء متربصون يعملون بمكر الليل والنهار لبلوغ أهدافهم وفتنة المؤمنين عن دينهم ورسالتهم، وعلى الدعاة أن يكونوا أكثر إدراكًا وأعظم وعيًا وقدرةً على إحباط هذا المكر.

4- الهجرة باقية لا تنقطع
كانت الهجرة إلى رسول- صلى الله عليه وسلم- قبل فتح مكة واجبة، فلما فتح الله مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وأتت الوفود من كل صوبٍ وحَدَب تُعلن إسلامها وولاءها، وأظهر الله الإسلام، وصار المسلم يعبد ربه حيث شاء قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا" (أخرجه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس).

وأخرج البخاري عنْ مُجَاشِعٍ بن مسعود- رضي الله عنه- قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَنَا وَأَخِي فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ: "مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا" فَقُلْتُ: عَلَامَ تُبَايِعُنَا ؟ قَالَ: "عَلَى الإِسْلامِ وَالْجِهَادِ".

وقصد صلى الله عليه وسلم بذلك الهجرة من مكة خاصة؛ لأنها قد صارت بالفتح دار إسلام، وأنها لن تكون دار كفر إلى يوم القيامة، فلا تُتصوَّر منها الهجرة وقد مضت هذه الهجرة الفاضلة لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة، فلن يلحقهم في هذا الفضل لاحق، وأما الهجرة من دار الحربِ والكفرِ إلى دار الإسلام فباقية دائمة إلى يوم القيامة، إذ أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فحيثما وُجدت العلة الداعية إلى الهجرة وجبت.

فقد أخرج أحمد والنسائي وصححه ابن حبان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ- رضي الله عنه- رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ: احْفَظْ رِحَالَنَا ثُمَّ تَدْخُلُ- وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ- فَقَضَى لَهُمْ حَاجَتَهُمْ ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ فَقَالَ: "حَاجَتُكَ؟" قَالَ: حَاجَتِي تُحَدِّثُنِي أَنْقَضَتْ الْهِجْرَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "حَاجَتُكَ خَيْرٌ مِنْ حَوَائِجِهِمْ، لا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوّ".

وهذا يجرنا إلى الإشارة إلى مسألةٍ كثُر الكلام عنها، وهي:
حكم الهجرة والإقامة في بلاد غير إسلامية: لا شك أنَّ المسلمَ الذي يُقيم في بلادٍ غير إسلامية ويُمنع فيها من ممارسة دينه، أو يُجبر على الردةِ عنه فإنه لا يحل له المقام بهذه البلاد لغير ضرورةٍ مشروعة.. فأما البلاد التي لا تمنع المسلم من ممارسة عبادته وشعائر دينه، والتي لا تلزمه بالتخلي عن دينه وإيمانه، كما هو الحال في أمريكا وأوربا واليابان وغيرها، فلا بأسَ بالإقامة في تلك البلاد، خصوصًا للذين يستمسكون بدينهم ولا ينزلقون في الفتنة عنه، ويجتهدون في تربيةِ أجيالهم الناشئة على دين الحق، خصوصًا أيضًا أن المواثيق الدولية التي صدقت عليها أغلب بلدان العالم تُعطي كل إنسانٍ الحق في ممارسة دينه بلا إكراه، كما أن التواصل الإنساني اليوم يوجب على الأمة- وبخاصة أصحاب الدين والمشروع الإصلاحي- أن يكون لها حضورٌ قوي على المستوى الدولي من خلال الجاليات الإسلامية في تلك البلدان، وتدعيمها وتوجيهها ليكون لها دورٌ قوي في التقارب الإنساني، وفي نشر القيم الفاضلة النبيلة، التي تكاد العولمة الأمريكية الحديثة أن تعصف بها، وليتذكر إخواننا الذين يعيشون في تلك البلاد للدراسة أو للعمل أو لغير ذلك أنهم حملة رسالة الخير والنور، وأن من واجبهم العمل على إسعاد البشرية بنشر قيم الحق والخير التي جاء بها الإسلام الحنيف، كما فعل سلفهم التجار في بلاد شرق آسيا من قبل.

كما أن على الجاليات المسلمة أن تكون مجتهدة في تقديم الخير لتلك البلاد، وفي محو الصورة الذهنية السلبية التي يجتهد أعداء الإسلام في ترويجها، لتفزيع الناس من دين الحق وتخويفهم من رسالة الهدى والنور؛ وذلك من خلال تقديم صورة عملية لأخلاق الإسلام ومعاملاته الكريمة.. وتلك مهمة والله جليلة عظيمة، ولربما أقول: هي نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله بمعناه الواسع الكريم لو صدقت النية في جلب المنافع للأمة ودفع المضار عنها، وإظهار الوجه المشرق للإسلام، مما يدعو الآخرين للدخول في دين الله أفواجًا.

5- المعاني الباقية للهجرة
يبقى أيها الإخوة الكرماء أن نتذكر الهجرة المعنوية المستمرة الدائمة التي لا ينبغي أن ينفك عنها المسلم، والتي قال عنها الإمام ابن قيم الجوزية في الرسالة التبوكية: "إنها فرض عين على كل أحد في كل وقت، وإنه لا انفكاكَ لأحد من وجوبها، وهي مطلوب الله ومراده من العباد، إذ الهجرة هجرتان: هجرة بالجسم من بلدٍ إلى بلدٍ، وهذه أحكامها معلومة.

والهجرة الثانية: الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله، وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية، وهي الأصل، وهجرة الجسد تابعة لها، وهي هجرة تتضمن "من" و"إلى"، فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذلِ والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له".

وقال رحمه الله عن هذه الهجرة في (طريق الهجرتين وباب السعادتين): "هجرةٌ إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق اللجأ والافتقار في كل نَفَس إليه.

وهجرةٌ إلى رسوله- صلى الله عليه وسلم- في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة، بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفضيل محابِّ الله ومرضاته، ولا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها، لا زاد المعاد".

وهاك بعض هذه المعاني الباقية الدائمة:
1- الجهاد في سبيل الله بنية خالصة: كما في أحاديث ابن عباس ومجاشع بن مسعود وعبد الله السعدي رضي الله عنه السابقة.

وأخرج النسائي بسند رجاله ثقات عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ مُهَاجِرٌ؟ قَالَ: "لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ فَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا".

وأخرج البخاري وغيره عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، فَسَأَلْنَاهَا عَنْ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ: "لاَ هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى الله تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الإِسْلَامَ، وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ".

وأخرج البخاري عَنْ مُجَاهِدٍ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّأْمِ. قَالَ: "لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ، فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلاَّ رَجَعْتَ".

وأخرج أحمد والنسائي وصححه ابن حبان عن يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ- رضي الله عنه- قَالَ: جِئْتُ رَسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْهِجْرَةُ".
قال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن جهاد ونية" معناه: أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة، ولكن حَصّلوه بالجهاد والنية الصالحة.


2- التوبة النصوح الصادقة وهجر الخطايا والسيئات قبل طلوع الشمس من مغربها:
أخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن معاوية- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا".

وأخرج أحمد بسند رجاله ثقات عن عبد الله بْنِ السَّعْدِيِّ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا دَامَ الْعَدُوُّ يُقَاتَلُ" فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه: إِنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ، وَالأُخْرَى: أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتْ التَّوْبَةُ، وَلا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ".

وهذا هو هجر السوء والسيئات والخطايا والذنوب الوارد في الأحاديث المختلفة.

فقد أخرج البخاري وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو- رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْه".
قال ابن حجر في فتح الباري: "خصّ المهاجر بالذكر تطييبًا لقلب مَن لم يهاجر من المسلمين لفوات ذلك بفتح مكة، فأعلمهم بأنَّ مَن هجر ما نهى الله عنه كان هو المهاجرَ الكامل، ويحتمل أن يكون ذلك تنبيهًا للمهاجرين أن لا يتَّكلوا على الهجرة، فيقصِّروا في العمل".
وفي رواية عنه عند النسائي وأحمد وصححه ابن حبان والحاكم: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ".


وأخرج ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي عن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ"، وأخرج الطبراني بسند رجاله ثقات وصححه ابن حبان عَنْ صَالِحِ بن بَشِيرِ بن فُدَيْكٍ، أَنَّ جَدَّهُ فُدَيْكًا أَتَى النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: "أَقِمِ الصَّلاةَ، وَائْتِ الزَّكَاةَ، واهْجُرِ السُّوءَ، وَاسْكُنْ بَيْنَ أَرْضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ".

3- إنفاق المال في سبيل الله:
فعن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ عَنْ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: "وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟" قَالَ: نَعَمْ.قَالَ: "فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا؟" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا؟" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا؟" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا".

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: في حديث أبي سعيد: فضل أداء زكاة الإبل، ومعادلة إخراج حق الله فيها لفضل الهجرة، فإن في الحديث إشارةً إلى أن استقراره بوطنه إذا أدَّى زكاة إبله يقوم له مقام ثواب هجرته وإقامته بالمدينة".

6- فوائد أخرى
إن حدث الهجرة مليء بالدروس والعبر النافعة، نُشير في ختام هذه الرسالة إلى بعضها:
1- ضرورة الاهتمام ببيوت الدعاة: حتى تكون على مستوى المسئولية المنوطة بها، وأمامنا بيت أبي بكر الصديق نموذجٌ فريدٌّ لما ينبغي أن تكون عليه بيوت الدعاة، فقد شارك جميع أفراد هذا البيت في هذا الأمر الجليل الخطير- أمر الهجرة- وكانوا جميعًا على مستوى المسئولية رجالاً ونساءً، صغارًا وكبارًا، وكان أبو بكر- رضي الله عنه- على تمامِ الوعي ببيته، والثقة بأهله وبما غرسه في نفوس الجميع من حب الدعوة والداعية، وافتدائه بالنفس والمال، ولما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "أخرج عني من عندك". قال: "إنما هم أهلك يا رسول الله".

2- إقامة الدولة الإسلامية العالمية: ينبغي أن يكون هدف الدعاة الأساسي والرئيسَ الذي يملأ قلوبهم وعقولهم، وتنطلق على أساسه حركتهم في الحياة، وأن يكون هذا هو المحور الذي تدور حوله الأهداف المرحلية الأخرى القريب منها والبعيد، والتي يقف على رأسها العملُ على إيجاد كيان سياسيٍّ وعسكريٍّ، يحمي الدعوةَ ويهيء لها سبيل الانطلاق، ويعينها على تفادي العقبًات والمعوِّقات، حتى تصل إلى غاياتها السامية.. وهذا ما بدا واضحًا أنه الدافع الرئيس للهجرة التي لم تكن أبدًا فرارًا ولا هربًا، وإنما كانت تحوُّلاً في المواقع يتيح للدعوة إقامة الدولة حاملة لواء الدعوة، وبناء الجيش المدافع عنها.

3- الوطن في الإسلام هو وطن العقيدة قبل أن يكون وطن المولد والنشاة: ومع أن الإسلام يزكي معاني الحب للأوطان ويراعي أنه فطرة مركوزة في النفوس، فإنه يُحذِّر من أن يكون ذلك سببًا للقعود عن الجهاد، وفي الإخلاد إلى الأرض، ويوجه المسلم إلى التضحية به، واستبدال الأرض الحاضنة للدعوة به، بل وحبّها عليه، ولهذا كان- صلى الله عليه وسلم- يقول حين يسمع من أصحابه المهاجرين حنينًا إلى مكة: "اللهم حبِب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشد".

4- أهمية دور العقيدة والدين في إزالة العداوات والضغائن، وفي التأليف بين القلوب والأرواح: وهو دورٌ لا يمكن لغير العقيدة الصحيحة أن تضطلع به، وها أنت ترى كيف جمعت العقيدة بين الأوس والخزرج، وأزالت آثار معارك استمرت عشرات السنين، وأغلقت ملف ثارات كثيرة في مدة جد قصيرة، بمجرد التمسك بها والمبايعة عليها. ثم ها أنت ترى ما فعلته العقيدة في نفوس الأنصار فاستقبلوا المهاجرين بصدور مفتوحة، وتآخوا معهم في مثالية نادرة، لا تزال مثار الدهشة ومضرب المثل، ولا توجد في الدنيا فكرة أو شعار آخر فعل مثلما فعلت عقيدة الإسلام الصافية في النفوس.

ومن هنا ندرك السر في سعي الأعداء الدائب إلى إضعاف هذه العقيدة، وتقليل تأثيرها في نفوس المسلمين، واندفاعهم المستمر نحو تزكية النعرات العصبية والوطنية والقومية وغيرها، وتقديمها كبديل للعقيدة الصحيحة.

5- التأكيد على أهمية دور الشباب في الأحداث الكبرى في تاريخ الأمة: وقد برزت في الهجرة أسماء شابة كثيرة نذكر منها: مصعب بن عمير، وأسعد بن زرارة الأنصاري أصغر المبايعين سنًّا، وعلي بن أبي طالب الفدائي الذي نام في فراش المهاجر الأعظم صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أبي بكر الذي اضطلع بمهمة المخابرات، وعامر بن فهيرة، وغيرهم كثير رضي الله عنهم أجمعين.

6- التأكيد على أهمية دور المرأة المسلمة في الأحداث الكبرى: وقد لمعت في سماء الهجرة أسماء كثيرة كان لها فضل كبير ونصيب وافر من الجهاد، منها: عائشة بنت أبي بكر التي حفظت لنا القصة ووعتها وبلَّغتها للأمة، وأسماء ذات النطاقين، وأم سلمة المهاجرة الصبور، وأم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، وأم منيع أسماء بنت عمرو الأنصارية، اللتين بايعتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة مع السبعين، وغيرهن كثير رضي الله عنهن أجمعين.

7- التأكيد على شمولية الإسلام والإيمان به دينًا شاملاً ينتظم أمور الدنيا والآخرة: وهذا ما أكدته بنود البيعتين في العقبة الأولى والثانية، فهو ليس عبادات فقط، ولا أخلاقًا فاضلةً فقط، وإنما هو دين شامل كامل يوجب على مَن يعلن الإيمان به: عبادةَ الله وحده لا شريك له بما أمر وكما أمر، وترك كافة الرذائل التي حرَّمها من السرقة والزنى وقتل الأولاد وافتراء البهتان على العباد ومعصية الله ورسوله، ويلزمه بالسمع والطاعة في العسر واليسر والنشاط والكسل، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقول الحق من غير أن تأخذه في الله لومة لائم، وبنصرته والدفاع عنه في مواجهة من يقصده بسوء.

تلك كانت بعض الفوائد والدروس، والحدثُ الكريمُ مليء بغيرها من الطيب الكريم، والله المسئول أن ينفعنا بها، وأن يُوفقنا لما يحب ويرضى.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 28-01-2007, 09:17 PM
الصورة الرمزية mahmoud eysa
mahmoud eysa mahmoud eysa غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: ارض الله الواسعه
الجنس :
المشاركات: 491
59 59 الهجرة المباركة.. إعداد وجهاد


رسالة من أ. محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين
الهجرة المباركة.. إعداد وجهاد
إخوان أون لاين -

أ. مهدي عاكف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد،،،

فنقف لنتذكر مع مطلع كل عام هجري جديد نقف لنلقي نظرة على قيمنا، وأمجادنا، وتاريخنا، وحاضرنا، ومستقبلنا.. نقف لنتذكر كل صنوف العنت والمعاناة التي واجهها المسلمون في مكة على يد صناديد قريش، وأن الله تعالى قد اختار لهذه الدعوة منذ أول يوم ميدانًا من أشد الميادين شراسة وضراوة.

نقف لنتذكر المهاجرين الأوائل إلى الحبشة وبيعة العقبة الأولى والثانية، وما صنعه مصعب بن عمير مبعوث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ثم هجرته- صلى الله عليه وسلم- وصاحبه إليها في العام الثالث عشر بعد البعثة، نقف لنتذكر بناء أول مسجد في المدينة، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبين الأوس والخزرج، نقف لنتذكر قول الحق تبارك وتعالى ﴿لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ ورِضْوَانًا ويَنصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: 8،9).

نقف لنتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"، وقوله حينما سئل: أي الهجرة أفضل يا رسول الله؟، قال: "أن تهجر ما كره ربك"، نقف لنتذكر تلك النظرة العبقرية العمرية إذ جعلت هجرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- بداية تأريخ أمة الإسلام على أساس أنها تمثل حدثًا جللاً في تاريخ الإسلام والمسلمين.

الهجرة.. إعداد وجهاد


وليقرأ المسلمون صحائفَ الهجرة مفكرين، متعظين، متدبرين عبرها، متفهمين دروسها، فاجعلوها هاديًا لكم في جهادكم، إذا أَلَمَّ بكم حدث، أو نزل بكم ظلم، أو نابتكم نائبة، أو لاحقكم طغيان.
إن الهجرة وليدة تفكيرٍ طال به العهد، وأُعِدَّت له العدة، ونُظِّمت له الطرق، ولم تكن فرارًا من شقاءٍ إلى نعيم، ولم تكن ترك جهدٍ إخلادًا لراحة، بل إن جهود المسلمين بعد الهجرة تضاعفت، ومسئوليتهم كَبُرت، واتسعت، وعلموا أنهم دعاة الناس جميعًا إلى الهدى والرشاد.

إن الهجرة لجوءٌ إلى كل حركة تخدم الدعوة، وهجرة من أسلوب إلى أسلوب، ومن خطة إلى خطة، وتفتيح لمسالك التحرك المثمر، فالداعية الواعي إذا تعثرت به خطة لجأ إلى غيرها؛ سعيًا إلى الله، وحرصًا على رضاه، واستجلابًا للنتائج الطيبة، هذا مع الالتزام الكامل بأصول دعوته وفروعها، غير مُبدِّل بحجة التطور، ولا مُغَيِّر بحجة التجديد.

الهجرة.. وإقامة الدولة
لم تكن الهجرة فرارًا ولا هزيمة، ولا قعودًا، إنما كانت حركة، شهد معها العالم لأول مرة في تاريخه مجتمعًا إنسانيًا يقوم على: شريعة كاملة، وأمة فاضلة، ودولة عادلة.

فأما الشريعة فقد قامت في المدينة على: التوحيد، الذي تتفجر به في النفس الإنسانية أصفى منابع الشعور والتسامي.
وعلى العمل الصالح الذي يفيد صاحبه وينفع الناس.
وعلى الجزاء في الدنيا بالقصاص المدني والرباني، وفي الآخرة بالعذاب والإيلام.

وأما الأمة فقد قامت على الحب بين جميع عناصرها المختلفة، كما قامت على الوحدة في كل مظاهر حياتها، وتصرفاتها، ولقد سبق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كل النظم الاجتماعية العصرية، في تقرير أن رباط المصلحة القومية لا يتنافى أبدًا مع الخلاف في العقيدة الدينية، وتأكيد ذلك بوثيقة سياسية، هي ولا شك أول معاهدة من نوعها في التاريخ، كما قامت هذه الأمة بعد الوحدة والحب على الإخاء والتكافل العملي في كل نائبات الحياة.

وأما الدولة فقد قامت على العدل التام، الذي يجعل رئيسها الأعلى يعلن في وضوح أن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- لو سرقت لقطع يدها، كما قامت على الفداء، فكل عضو من أعضائها على تمام الاستعداد لبذل دمه وروحه وماله في سبيل إعلاء كلمة الله.

لا ضعف ولكن قوة.. لا تردد ولكن إقدام
إن الأهوال والصعاب سمة من سمات الدعوات الخيِّرة، وستظل المحاولات الضارية تذهب وتجيء ضد الإسلام، وستظل قوى الشر تحاول وتضغط على المسلمين في كل مكان على الأرض فيه مسلمون، ليصرفوهم عن دينهم، ولكن الزمان يسري في بطون التاريخ قرنًا بعد قرن، حافلاً بما يُدَبَّر فيه للمسلمين، ومع ذلك سيظل المسلمون مسلمين رغم أنف الدنيا ومن فيها: ﴿.. ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا.. ﴾ (البقرة : 217).


والواقع شاهد: فقد حُلَّت جماعة الإخوان مرارًا، وسُجن رجالها وعُذبوا، واغتُيل مرشدها، فماذا كانت النتيجة؟ عادت الجماعة في كل مرةٍ أقوى مما كانت، واشتاقها الشباب للتفتح على إشراق دعوة الله، يستوضحون أمرها، ويُؤمنون بتعاليمها، ويتجهون نحوها، ويتحدثون عن شهدائها، في حبٍّ وإكبار، وبلغ صوتها مشارق الأرض ومغاربها، في غير ما عنف، ولا تخريب، ولا إرهاب، ولكن عن طريق الأثر الطيب، والأسوة المجيدة، والقدوة اللامعة المضيئة.
وعلى مثل هذا الثبات، والتضحية، واليقين، والرجولة تقوم عزة الدعوة، وتنتصر، وتسود، أما لو طلب كل مسلم السلامة لنفسه، ولم يبادل خصوم الدعوة نزالاً بنزال، لخلا الميدان للطغاة الظالمين يصولون فيه ويجولون... لا رادع، ولا مناضل، ولا مُنكِر، ولا حسيب.

إن طلب السلامة في مواقف الرَّوع، إن لم يُقَدِّرها صاحب الملك والملكوت، رب العزة والجبروت، لن يحصل عليها طالبها، حتى ولو تَمَرّغ في قذارة المداهنة والنفاق، وقد حدث في العهد القريب غير البعيد، أن آثر بعض الدعاة السلامةَ على الفداء، بالسير في ركاب الظالمين، فلم يغنِهم ذلك الهوان من الله شيئًا، فنالهم من السجن والاعتقال ما نال غيرهم من الأُباة النافرين من المذلة، المُنكرين للابتذال ﴿وتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ومَا يَعْقِلُهَا إلا العَالِمُونَ﴾ (العنكبوت : 43).

ذكرى استشهاد الإمام البنا
وتأتي ذكرى الهجرة مواكبة للذكرى السادسة والخمسين من استشهاد الإمام المجدِّد "حسن البنا"، شهيد الحق والعدل والحرية، شهيد القضية الفلسطينية، قضية العروبة والإسلام الأولى، لقد استشهد الإمام الجليل بعد حياةٍ قصيرة بمقاييس البشر، ولكنها حياة طويلة حافلة بمقاييس البذل والتضحية والفداء.

لقد كان هتافه الدائم "الجهاد سبيلنا" عنوانًا تجسَّد في المجاهدين من الإخوان المسلمين على ثرى فلسطين، وكان هتافه الدائم "والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، ترجمة حقيقية لاستشهاد أصحابه وهم يواجهون عصابات بني صهيون، واستشهاده- أيضًا- وهو يواجه عملاء الخيانة الذين تواطئوا مع خصوم الإسلام والمسلمين على قضية فلسطين.

لقد أخلص الإمام البنا قلبه لله.. فكان الله تعالى له، وكانت هذه الشجرة الوارفة الظلال التي تمتد فروعها في كل قارات العالم؛ فقد استطاع بثاقب فكره وبُعد نظره- ومن قبل ذلك وبعده توفيق الله له- أن يعيد للإسلام رونقه وبهاءه، وأن يزيل عنه ما حاول المبطلون والجاهلون إلصاقه به، وأن يرجع به إلى منابعه الصافية، استطاع الإمام البنا أن يقدم الإسلام، كما جاء به محمد- صلى الله عليه وسلم- نظامًا شاملاً يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو كما يقول "دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة وكسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء".

ويقول رحمه الله في موضع آخر: "حدثوني بربكم أيها الإخوان، إذا كان الإسلام شيئًا غير السياسة وغير الاجتماع، وغير الاقتصاد، وغير الثقافة، فما هو إذن؟".

لقد استطاع الإمام البنا أن يوقظ شعبًا ويحيي أمة، وأن يربى جيلاً فريدًا على أساس صحيح من العقيدة والوحدة والارتباط، وأن يجمع الكلمة ويوحد الصفوف، وأن يضع منهاجًا يبدأ من الفرد المسلم والأسرة المسلمة فالمجتمع المسلم الذي يطبق الإسلام بشموله وكماله.

مؤتمر شرم الشيخ
انعقد في شرم الشيخ مؤتمر القمة الرباعية، الذي ضم مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني يوم الثلاثاء 8 فبراير 2005م، ولم ينته المؤتمر إلى شيءٍ سوى التهدئة بين الطرفين والاتفاق على إيقاف النار(!!) من قِبل الفصائل الفلسطينية في مقابل وقف العمل العسكري الصهيوني، وكأنه لا يوجد مُعتدٍ ومُعتدًى عليه، وكأنه لا يوجد احتلال للأرض والمقدسات الفلسطينية.

ولم يحصل الفلسطينيون على شيء سوى أمل، مجرد أمل.. بالنظر- في المرحلة التالية- بتحسين الأساليب المعيشية، وفتح المعابر، والإفراج عن المئات من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال- والذين يقدر عددهم بثمانية آلاف معتقل وأسير- وذلك في مقابل تجميع السلاح من الفصائل الفلسطينية، ووقف عسكرة الانتفاضة، وبل تركيع الشعب الفلسطيني.

إن وراء الكيان الصهيوني كثيرًا من الأوراق الضاغطة وهي احتلال الأرض والمغتصبات والجدار العازل، والاعتداءات العسكرية المتكررة التي يمكن أن تقع في أية لحظة، فضلاً عن حصار الجوع والموت، أما السلطة الفلسطينية فليس لديها غير الانتفاضة، ووحدة الفصائل الفلسطينية، وإرادة الشعب الفلسطيني، وسلاح المقاومة الذي يمثل الورقةَ الأقوى في مواجهة عدوٍ لا يفهم غير لغة القوة، فهل تتنازل السلطة عن ذلك كله؟ وفي مقابل ماذا؟ لقد ثبت فشل المفاوضات التي كانت تُتخذ ستارًا لإقامة المزيد من المغتصبات، وفرض سياسات جديدة على أرض الواقع، إضافة إلى المجازر الوحشية والأعمال البربرية التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني.

على السلطة الفلسطينية أن تعي ذلك كله جيدًا قبل المضي قُدمًا في أية خطوات قادمة، وعلى الفصائل الحفاظ على وحدتها وسلاحها؛ فهو الضمانة الأكيدة في إدارة الصراع بينها وبين العدو الصهيوني، ولتتذكر المقاومة أنها تدافع عن كرامة الأمة وشرفها.

ولله الأمر من قبل ومن بعد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محاضرات رمضانية مهمة جدا وادخل وحمّل وشوف بنفسك وانشرها .. محاضرات عملية جدا جدا جمعية حضن الاسلام ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية 11 21-08-2009 05:59 PM
نفسكم تتعلموا فوتوشوب(دروس فيديو صوت وصورة لتعلم الفوتوشوب)كل يوم خمسة دروس مسلم اون لاين قسم الفوتوشوب 20 25-01-2009 09:51 AM
موسوعة السنة النبوية المباركة أبــ«alyemen»ــن ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث 3 11-11-2006 12:33 PM
الدماغ هو الشجرة المباركة : يانورالنور الملتقى الاسلامي العام 4 09-01-2006 01:29 PM


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 113.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 110.03 كيلو بايت... تم توفير 3.39 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]