معاني العطاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-07-2020, 02:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي معاني العطاء

معاني العطاء


حسنية تدركيت








قِيَم كثيرة تغيب عنَّا وتختفي في هذا الزَّخَم الهائِل مِن الأحداث والواقِع المرير الذي تعيشه الأمَّة، ولكنَّها تتجلَّى بوضوح في لحظة الابتلاء، ويُتوِّج هذه الخِصال العظيمة معنَى العطاء في الإسلام وأهميته لبناء الأمَّة.













لقد عرفْنا الشيء الكثير عنه، ولكن لم ندركْ معناه الكبير في إسعاد البشريَّة، ورغم ذلك ظلَّ معنًى جميلاً يحضرنا كلَّما أردْنا أن نستمتع بسَرْد قصة من قصص التفنُّن في هذه الخَصلة المتميِّزة جدًّا، عادةً لا نُدرِك قيمةَ الأشياء إلا عندما نحتاج إليها وبإلْحاح، لكن الحياة تُعلِّمنا أن نقدِّر النِّعم ونَجعل المثل والقِيَم الغالية حقيقةً ملموسة في واقعنا وليستْ حروفًا منسَّقة مسجونة بين طِيَّات كتاب.







نستشعر الآن قِيمة العطاء حينما نُواجِه واقعًا أضحى أكثر ماديةً، وطغت فيه الأنا بشكل مريع مِن خلال مواقف عديدة تُثير المخاوف مِن انتشار قِيم الغرْب بين صفوف الشباب المسلم، رغم أنَّ هناك الكثيرَ من الأمور التي علينا أن نفخرَ بها ولله الحمد، ولكن يبقى الواقِع أقل مِمَّا نتمنى ونرجو، لا سيَّما أنَّنا أمة السَّخاء والكرَم والبذل والعطاء، أمَّة محمد - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.







عاينت مرةَّ ألَمَ فقْد الرُّوح الجماعية؛ رُوح المسلم السخي المعطاء، كان لهذا وقعٌ بليغٌ في نفْسي حدَث ذلك في المركز الصحي، كنَّا ننتظر الطبيب المختصَّ بالترويض الطبي، وقد خيَّم الصمت على القاعة الفسيحة البارِدة، فجأةً علا صوتُ امرأة كانت تجلس بالقُرْب مني تطالب ببعض حقوقها بصوتٍ مجروح ومقهور، تأجَّج غضبٌ يائس في عينيها وهي تشير إلى فتاةٍ في مقتبل العمر قد خفضتْ رأسها تتلهَّى بالنظر إلى صفحات مجلَّة عمَّا يدور حولها وقد غالبتِ العَبَرات.







كلُّ أحزان العالَم تجسَّدتْ في نظراتها وحرَكاتها وسَكَناتها، قيَّد العجز ما تبقَّى لها من عقل، فظلَّت ساكنةً تنتظر فرَج المولى بكثير مِن التصبُّر، تقلب جهازًا قد انكسرتْ بعض أجزائه يبدو غير صالِح للاستعمال، تأملتني الأمُّ بنظرات حزينة، وقالت:



هذا الجهاز يا ابنتي يُساعِدها على المشي وقدِ انكسر، ورفضوا أن يستبدلوا به جهازًا آخر لنا إلا إذا دفعْنا ثمنه، أرأيتِ ظلمًا وجورًا كهذا؟! صمتت للحظات ثم عادتْ تقول بحسرة كبيرة:



كما ترين، العين بصيرة واليد قصيرة، بالكاد نملك قوتَ يومِنا.







ظلَّتْ علامات الاستفهام تكبر بداخلي، لم أشأ أنْ أردَّ عليها بأسئلة أخرى قد تَزيدها ألمًا على ألَم.







وحين عجزتُ عن مواساتها لُذْتُ بصمت مترقب أردِّد بيني وبين نفسي: لعلَّ وعسَى.







لكن الأمر الذي أدهشني ووضَع في ذهني العديدَ من التساؤل تعاطُف الطبيب الفَرَنسي المعالِج معها بطريقة عجَز عنها موظَّفو المركز، وبأسلوب مثير للتأمُّل وبتواضُع جم.







ظلَّتْ معي صورة الطبيب وهو منحنٍ يُصغي إلى شكواها، بينما الممرِّض يترجم له ما تقوله المرأة المسكينة.







وعندما استوعب المشكلة سارَع إلى حلِّها، لم تعجزه قراراتُ الإدارة ولا طلَب منها ضمانة كان يُردِّد لها بثقة بالغة:



ما يَهُمُّنا حقًّا هو أن تغادر فاطمة وهي باسمةٌ يغمرها الأمَل!







أَلَم يكن الأحْرى أن يتعامَل معها موظَّفو المركز بهذا التعامُل الإنساني الرَّاقي؟!







ولأنَّني كنت صغيرةً لم أستوعب أن يكون المسلم سلبيًّا لا يحرِّك ساكنًا أمام مواقف صعْبة كهذه! والتي تحتاج تدخلاً سريعًا للحدِّ من معاناة الآخرين، بل تخطَّى الأمر إلى أبعد من هذا؛ إذ ظلَّ عقلي الباطن يستعرِض صورة الطبيب الواثق من نفْسه ومن علمه، أُقارِن بعفوية بينه وبينهم شتَّان بين النظام والفوضى، والتواضُع والكبرياء المنفوش، والرحمة والقسوة المتسلِّطة على خلْق الله، والأخلاق المتجمِّلة بالعلم والمعرفة وحب العطاء والغرور.







كلُّ هذه الأمور زلزلتني حتى بدأتُ أتمنَّى لو كنتُ مِن بلده، مِن الطينة التي نما منها وترَعْرَع! فيصرخ شيءٌ بداخلي: أنت مسلِمة وكفاك فخرًا.







فهو يُعطي من أجلِ أهداف حدودها الأرضُ لا آفاق لها، أما المُسلِم الحق فيُعطي ابتغاءَ مرضاة الله، فعطاؤه حرٌّ طليق ينبع مِن إحساسه أنَّ ما عنده ينفد وما عند الله باقٍ.







لكن التناقُض الصارِخ بيْن ما سمعته في طفولتي على ضآلته عن الإسلام وبين ما رأتْه عيناي أثَّرَ فيَّ كثيرًا.







لم يكن ذنبي؛ لأنَّ أحدًا لم يعلمني ويخبرني أنَّنا فقط عندما ابتعدْنا عن جادة الصواب بدأتِ الأمم الأخرى تُظهر تفوقها علينا تفوقًا جعَل الكثير من الجاهلين يشكُّون في الإسلام، ويَضعون هالاتٍ مِن نور وهْمي حول الغرْب.







فالعطاء جعَلَني أفكِّر في أن ما يعتقِده هذا الطبيبُ هو الأسلم؛ إذ حرَّكه إيمانه أن يُنقِذ الفتاة من المعاناة، ويدخل على كلِّ عائلتها الفرحة والسعادة عندما مدَّ لهم يَدَ العون، وجعَلَها تغادر المركز بعزَّة وفخْر.







فات المسلمين العاملين في المركز يومها أجرٌ كبير، وهو إدخال الفرَح على قلب مسلم.







وأحبُّ الأعمال إلى الله تفريجُ الكرْب كما جاء في الحديث: ((سُرورٌ تُدخله على مؤمِن، تكشف عنه كربًا، أو تَقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا))؛ رواه البيهقي، وحسَّنه الألباني.







لطالما سألتْ أمي لماذا يَتعامَل معنا الأجانبُ بطريقة مميزة، بينما نجد الجفاءَ والقسوة في المسلمين؟!







لم أكن أجِد أجوبةً شافية عندها؛ لأنَّها ربما تجهل مكْمَن الداء مِثلي، فتظل الأسئلة معلقة بداخلي تبْحَث عن مَنْفَذ يُخرجني من بحر الحَيْرة الذي كنتُ أتخبَّط فيه.







لكنني الآن أحْمَد الله كثيرًا؛ لأنَّه حماني من التوغُّل في لُجَّة الظلام والابتعاد عنِ النور.







استنار عقلي وقلْبي بالمعرفة والعِلم، واكتسبت الكثيرَ من الأشياء الجميلة في حياتي وترسَّخ بداخلي رسوخَ الجبال أنَّ العيب ليس في الإسلام، وإنَّما هو فينا؛ لأنَّنا تركنا التمسُّك به وركضْنا وراءَ السَّراب، ولم نجعلْه منهاجًا يوميًّا، وظلَّ لفترة طويلة عادةً نتوارثها أبًا عن جَدّ.







أكبر عطاء تلقتْه البشريةُ هو الإسلام الذي أنار لنا سبيلَ الله، وعلَّمنا أنَّنا نستطيع أن نكون سعداءَ إذا ما تمسَّكْنا بالنَّهْج القويم السَّليم، فيتجلَّى ذلك في كلِّ حركاتنا وسكناتنا.







وصُور العطاء كثيرةٌ، وأجملها ما جاء في الحديث؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن نفَّس عن مؤمِن كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كُربةً مِن كُرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسِر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخِرة، ومَن ستَر مسلمًا ستَره الله في الدنيا والآخِرة، والله في عوْن العبد ما كان العبْد في عون أخيه)).







وهذه أروع صُور العطاء المعنوي، ولها أكثر مِن دلالة على أنَّ العطاء لا يقتصر على النَّفْع المادي فحسبُ، بل يتعدَّاه إلى المعنوي والرُّوحي والإنساني العام.







رافقتني صورةُ الطبيب الفرنسي لسنوات، وكانت تطل عليَّ في كل مناسبة يُذكَر فيها العطاء، مِمَّا دفعَني إلى تفكير أعمقَ في ماهية العطاء، وهل ممكن أن نأخُذ مِن أجل أن نُعطي أكثر؟! فتجلَّت لي الحقيقة وأنا أتجوَّل في بستان رَوضة المحبين والمشتاقين، بيْن كتب السيرة النبوية الشريفة تعلمتُ الكثير من المعاني الإنسانية العالية مِن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان السؤال كالتالي:



ما الذي يمْنَع من العطاء؟ هل الخوف مِن الفقْر؟







هناك ضمانات ربَّانيَّة لكلِّ مَن أحَبَّ الزيادة بأن يُعطي، وذلك في آيات وأحاديثَ لا يتَّسع المقال لذكرها، نذكُر منها ما جاء في الحديثِ الشريف من قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((... وما فتَح رجلٌ باب عطية يُريد بها صِلةً إلا زاده الله بها كثْرَةً....))؛ رواه أحمد، وقوله: ((ما مِن يوم يُصبِح العباد فيه إلا مَلَكانِ ينزلان، فيقول أحدهما: اللهمَّ أعطِ منفقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهمَّ أعطِ ممسكًا تلفًا))؛ أخرجاه في الصحيحين، وهذا الحديث يحمل الترغيبَ والترهيب، فلعلَّنا نعي ما المُراد منَّا.







ولدحْضِ وساوس الشيطان التي تُثير الخوف من الفَقْر كلَّما همَّ المسلِم بزكاة أو صَدَقة أو هِبة لأخيه المسلِم فقد جاء في الحديثِ الشريف عن أبي هُرَيرَة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((قال الله: أَنْفِق يا ابنَ آدم، أُنْفِق عليك)).







تغيَّرتْ أشياءُ كثيرةٌ أمامي، واتَّضحتِ الأمور، فكلَّما نهلت مِن هذا المعين الصافي أحسستُ بالغبن؛ لأنَّني ظللتُ لسنوات أبْحَث عن صورة أمْحو بها تعطُّشي لصور السَّخاء الإنساني، اختفَتْ صورة الطبيب، ضاعتْ ملامحه وبدأتْ ملامح مسلِم أبِيٍّ شامخ يُعطي أغْلى ما عنده، وهي رُوحه التي بين جنبيه؛ كي تعلوَ كلمةُ الحق، لا ينتظر جزاءً ولا شكورًا، هدفه أن ينال رِضا الله ثم الجنة.







شيءٌ ما في حنايا رُوحي غرَّد بفرَح عارم هامسًا:



هذا ما كنتُ أبحث عنه، هذا هو العَطاء.







لو حملنا لواءَ العِلم والعمل معًا لكان الحالُ غير الحال، فنحن بحقٍّ أمَّة العطاء، أمَّة (اقرأ)، فما أعظمَه مِن عطاء وما أجلَّه! أن تنير للسائرين دربًا بدايته هنا ونهايته جنَّات عدْن - إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.88 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]