العفة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح النووي لحديث: افتح وبشره بالجنة على بلوى تكون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شرح النووي على مسلم: دعاء النبي لابن سلول على قبره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الخطوات الأربع للتدبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          قيام الليل يجعلك من الصالحين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حكمة بعض الابتلاءات والأقدار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          "إنا لله" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الشباب وفساد المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          غيرة هدهد أطاحت بمملكة كفران فحولتها إلى عرش توحيد وإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          بناء العقيدة في النفوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-01-2020, 11:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,635
الدولة : Egypt
افتراضي العفة

العفة


موقف الإسلام من الغريزة:
من ضرورات الإسلام ومقاصده الكبرى حفظ العرض، ويهدف من وراء ذلك إلى طهارةِ المجتمع وحمايتهِ من الفواحش والمنكرات، ومن القبائح والرذائل، ولتحقيق هذا الهدفِ حرم الزنا والشذوذَ وجميعَ الجرائمِ الخلقية، ولأن الإسلامَ دينُ واقعي فلم يكتفي بتحريم الرذيلة فحسب، بل حرم جميعَ الطرقِ والوسائل المؤديةِ إليها، كنوع من الوقاية، وفي الوقت نفسه وضع البدائل المشروعة، ثم وضع العلاج عند المخالفة، ولكن الوقاية خير من العلاج.
لقد خلق الله الإنسان وركب فيه الغرائز والعواطف، ومن أقوى الغرائز التي ركبها الله في جسد الإنسان غريزةُ الجنس، لكنه لم يتركه هملاً لإشباعها على طريقة الحيوان، لأن الإنسانَ غيرُ الحيوان، لذلك شرع الزواج استجابة لغريزة الجنس وإبقاء على النوع الإنساني في تناسل طاهر نظيف، وامتن علينا بذلك بقوله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الروم: 21)، وقد قرر الشارع كما شهد الواقع أن الجنس هو نقطة الضعف التي يتمكنُ الشيطانُ من خلاله إغواءَ كثيرٍ من الناس-خاصة مع ضعف الإيمان، فقد قال - تعالى -: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً(النساء: 27)، قال سفيان الثوري تعليقاً على ضعف الإنسان الوارد في الآية: المرأة تمر بالرجل فلا يملك نفسه عن النظر إليها ولا ينتفع بها، فأي شيء أضعف من هذا؟ ويقول- صلى الله عليه وسلم - في بيان ذلك الضعف: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلبَ لذي لب منكن) رواه أبو داود، ويقول كذلك: (ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء)متفق عليه.
ولم يقفِ الإسلام عند الحث على الزواج فحسب، بل وضع منهجاً واضحاً في التعامل مع هذه الغريزة الفطرية، ومن معالمه، أنه حرم حياةَ الرهبنة تحت أيِ حجةٍ ولو كانت سامية، كالتفرغ للعبادة بالعزوف عن الزواج، بل إنه نعى على الأمم الذين ابتدعوا الرهبانية لتصادمها مع الفطرة البشرية، فقال: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(الحديد: 27)، وكذلك أنكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على النفر الثلاثة الذين حاولوا الترهبن لصالح العبادة.
ومن هذا المنطلق لم يصف الإسلام هذه الغريزة بالقذارة أو الدنس طالما كان إشباعها بطريق مشروع، فقال- صلى الله عليه وسلم -: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) رواه أحمد عن أنس، بل واعتبر ذلك من القربات، فقال- صلى الله عليه وسلم -: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ)رواه مسلم..

معنى العفة:
العفة لغة: بمعنى الكف عن القبيح، وقال الراغب: أصل العفة الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العُفافة [أي البقية من الشي]، وفي اللسان: العفة الكف عن عما لا يحل ويجمل، والعفة أيضاً: النزاهة.
العفة اصطلاحاً: قال الراغب: العفة هي ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية، وهي حالة متوسطة من إفراطٍ هو الشَّره، وتفريط وهو جمود الشهوة. وقال الجاحظ: هي ضبط النفس عن الشهوات، وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد ويحفظ صحته فقط.
وضدها: الفجور والدناءة والخسة.

ممارسات تنافي العفة:
هناك عدة ممارسات تنافي العفة والطهارة، وسوف نقتصر في الحديث على أشهرها وهي:
أولاً: الزنى واللواط.
ثانياً: المعاكسات بين الشباب والفتيات.
ثالثاً: العشق والغرام.
رابعاً: الاستمناء.
وهذه الصور - فضلاً عن كونها منافية للعفة- فهي محرمة كذلك، وكل هذه الصور تثيرها الشهوة الجنسية، وهي غريزة فطرية لا يلام عليها الإنسان، إنما اللوم ينشأ عند الاستجابة لضغطها وتصريفها في غير وجها الشرعي، ومنها هذه الصور الأربع، ومن واقعية الإسلام أنه لم يذمها ولم يكبتها -كما يُزعم- بل ضبطها ورشَّدها، وأوجد المتنفس الصحي لها، حتى لا تنحرفَ يَمنةً أو يسرة، فيكونَ الهلاكُ والدمارُ، والانحلالُ الخلقي- كما هو الحال في البلاد الإباحية.
أما الذين لا يملكون مؤونة النكاح فقد أمرهم الله بالاستعفاف، فقال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (النور: 33)، أي ليجتهد في المحافظة على العفة وقمع الشهوة الذين لا تتيسر لهم أسباب النكاح من المهر والنفقة أو المسكن حتى يوسع الله عليهم ويسهل عليهم أمر الزواج.
ويكون بعدة وسائل:
- البعد عن مواطن الإثارة والإغراء، الحسية والمعنوية، حتى لا يثير كوامن الشهوات.
- تخفيف حدة الشهوة، بتضييق مجرى الدم، عن طريق الصيام، وتقليل الطعام وخاصة بعض المواد الغذائية التي تثير الشهوة، فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم - (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)[أي وقاية] متفق عليه
- صرف هذه الطاقة في أمور نافعة ومباحة: سواء كانت فكرية أو اجتماعية أو خيرية أو حتى بدنية كالرياضة ونحوها، ولذلك كان الفراغ من أخطر الأشياء على الشاب الأعزب، فالشيطان سرعان ما يتسلط عليه ويزين له فعل الفواحش والمنكرات، يقول أبو العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة **مفسدة للمرء أي مفسدة

أحكام وتشريعات وقائية للمحافظة على العفة:
لقد شرع الإسلام عدة أحكام للمحافظة على العفة والطهارة، ووقاية المجتمع وحمايته من القبائح والرذائل، وقد قسمنا هذه الأحكام إلى ثلاثة مجموعات:
الأولى: أحكام الاستئذان:
يبلغ الأطفال سن الرشد والتكليف باحتلام الصبي وحيض البنت، أو ببلوغ خمسة عشر سنة، فإذا بلغوا وجب عليهم الاستئذان في كل الأوقات كما يستأذن الرجال، لقوله تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(النور: 59)، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (النور: 27-29).
جاء في سبب نزول الآية: أن امرأة أتت النبي- صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله: إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد، لا والد ولا ولد، فيأتيني آت فيدخل علي فكيف أصنع؟ فنزلت هذه الآية.
وفي الموطأ (سأل رجل النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أستأذن على أمي؟ فقال: نعم، قال الرجل: إني معها في البيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : استأذن عليها، فقال الرجل: إني خادمها، فقال رسول الله: استأذن عليها، أتحب أن تراها عُريانة، قال: لا، قال: فاستأذن عليها)، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : استأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم.

آداب الاستئذان لدخول البيوت: للاستئذان في دخول البيوت آداب، وهي:
- السلام والاستئذان: حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا، ومعنى: تَسْتَأْنِسُوا: أي تستأذنوا، وقيل: حتى تستعلموا أيريد أهلها أن تدخلوا أم لا؟
- أسلوب الاستئذان: وقد علَّم رسول الله الصحابة صيغة الاستئذان، [خب] عن رجل من بني عامر جاء إلى النبي فقال: أألج؟ فقال- صلى الله عليه وسلم - للجارية: (اخرجي فقولي له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟ فإنه لم يحسن الاستئذان) ويقوم في عصرنا مقام الاستئذان طرق الباب أو قرع الجرس.
- التعريف الصريح باسمه: فإذا أجابه من في الدار فعليه أن يعرف بنفسه صراحة ولا يكتفي بكلمة (أنا): [م/جابر](قال: استأذنت على النبي- صلى الله عليه وسلم - فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن أنا؟ كأنه كره ذلك).
- الاستئذان ثلاث مرات: فقد ثبت بالسنة أن الاستئذان يكون ثلاثاً، فإن أذن له وإلا انصرف، ففي حادثة أبي موسى مع عمر -رضي الله عنهما- عندما استأذن أبو موسى ثم انصرف، فأرسل عمر - رضي الله عنه - في طلبه فسأله عن سببه انصرافه، فقال: لأني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: (الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع) فقال: لتأتيني على هذا بالبينة أو لأعاقبنك، فقال أُبي: لا يقوم معك إلا أصغر القوم، قال أبو سعيد: قلت: أنا أصغر القوم، قال: فاذهب معه.
- ألا يطلع الزائر ببصره داخل المنزل: وقد جعل الشارع عقوبة ذلك إباحة فقع عينه، فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال- صلى الله عليه وسلم -: (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤا عينه)، وفي رواية: (لو أن رجلاً اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه، ما كان عليك من جناح).
وعن سهل - رضي الله عنه - أن رجلاً اطلع في حُجْرٍ في باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مِدْرى يَحُك به رأسه، فلما رآه رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: (لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك، إنما جُعل الإذن من أجل البصر) رواه مسلم.
- ألا يقف مواجهة للباب: فمن آداب الاستئذان ألا يستقبل الزائر الباب بوجهه، بل يقف يمنة أو يسرة، فعن عبدالله بن بُسْر - رضي الله عنه - قال: (كان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا أتى باباً يريد أن يستأذن لم يستقبله؛ جاء يميناً وشمالاً، فإن أذن له وإلا انصرف) رواه أبو داود.

الثانية: أحكام النظر:
للنظر تأثير كبير ومباشر على خلق العفة، فمعظم المشكلات الأخلاقية بدايتها النظر، فالنظر هو الخطوة الأولى تتبعها خطوات، كما قال شوقي:
نظرة فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلام فموعدٌ فلقاءُ
وحتى لو لم تكتمل هذه الخطوات الشوقية، فالنظر عاقبته وخيمة، ومن كثرت نظراته طالت حسراته، تصور شاباً كلُّ همِه الخروجُ إلى الشوارع والأسواق ليتسكع، ويلاحق بنظره كلَّ رائحة وغادية، هل هذا سيحقق له الهدوء الجنسي، لا والله بل سيزيد النار اشتعالاً، وسيظلُ أسيراً لتلك المناظر، مسلوب القلب مشتت الفكر، كما قال القائل:
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
وقال الآخر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وينبغي التنبيه أن الأمر سيان من جهة الأثر والحرمة، النظر المباشر أو عبر الشاشات، بل هذه أعظم فتنة لعدم استنكار الناس، ولتعمد انتقاء الفاتنات.
ولخطورة أثر النظر على العفة وضع الشارع أحكاماً للنظر، من حيث الناظر والمنظور، وحدود النظر المسموح به، على النحو التالي:
-نظر الزوجين إلى بعضهما: يجوز لكل من الطرفين النظر إلى صاحبه مطلقاً، فينظر إلى ما يشاء من صاحبه، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(المعارج: 29-30)،
- النظر إلى المحارم: محارم الرجل هنّ كل من حرم عليه نكاحهن على التأبيد بنسب أو سبب؛ من رضاع أو مصاهرة، فيجوز النظر إلى أجسادهن عدا ما بين السرة والركبة، بشرط أمن الشهوة.
- والمحرمات بالنسب: سبع نسوة هنّ: الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت، وقد ذكرن في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ (النساء: 23).
· والمحرمات بسبب الرضاع: وهن سبع نسوة كذلك، وهن نظائر المذكورات في الآية السابقة، الأمهات بالرضاع، البنات بالرضاع، الأخوات بالرضاع،.... ودلت عليهن الآية السابقة، في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال- صلى الله عليه وسلم -: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب).
- أما المحرمات بسبب المصاهرة: فهن أربع نسوة، هن: أم الزوجة، وبنت الزوجة، وزوجة الابن، قال تعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ (النساء: 23).
- والمرأة الرابعة هي زوجة الأب: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (النساء: 22)، ودلّ على جواز النظر إلى المحارم قوله - تعالى -: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور: 31).
- نظر الرجل إلى المرآة الأجنبية: لا يجوز للرجل النظر إلى جسد المرأة الأجنبية مع الخلاف في الوجه والكفين، إلا في حالات الضرورة، كالنظر للخطبة، أو لأداء الشهادة، أو للعلاج ونحوها، لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَؤ(النور: 30)، أما الأحاديث فمنها: ما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطا، والقلب يهوي ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه).
وعن أبي بريدة - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه الترمذي، ووضح حديث جرير هذه النظرة بنظرة الفجاءة، قال - رضي الله عنه - (سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري).
- نظرة المرآة إلى الرجل الأجنبي: الراجح جواز نظر المرأة إلى الرجل إلا عورته، وهي ما بين السرة والركبة، بشرط أن يكون بدون شهوة، وأمن الفتنة، ولأنهن لو منعن النظر إليهم لوجب على الرجال الحجاب كذلك لئلا ينظرن إليهم، واستدلوا بعدة أحاديث، منها: ما رواه الشيخان أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت قيس - رضي الله عنها -لما مات زوجها-: (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك).
وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا انظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد).
وفي رواية: كان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي- صلى الله عليه وسلم - وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة -لقب للحبشة- حتى مللت قال: حسبك؟ قلت نعم، قال: فاذهبي).
- نظر الرجال إلى الرجال، والنساء إلى النساء: اتفق الفقهاء أن عورة الرجال مع بعضهم والنساء مع بعضهن من السرة إلى الركبة، ولا يجوز نظر بعضهم إلى عورة بعض، روى الترمذي عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد) [أي لا يضجعان متجردين تحت ثوب واحد].

الثالثة: أحكام عامة:
- منع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية: فقد حرم الشارع الدخول على النساء الأجنبيات بدون محرم، روى الترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)، وينبغي أن يعتبر كل رجل الخلوة بالمرأة خط أحمر لا ينبغي تجاوزه، ولا ينبغي أن يختلي معها بحجج شيطانية يزينها الشيطان، كتعليمها ولو كان يعلمها القرآن، كما قال عمر بن عبدالعزيز لميمون بن مهران - رحمهما الله -: يا ميمون لا تخلون بامرأة لا تحل لك وإن أقرأتها القرآن.
- وقد يتساهل بعض الناس في الخلوة بالقريبات من غير المحارم، لاعتقاده أن الفتنة أقل والخطر أهون، لكن رسول- صلى الله عليه وسلم - بين أن الخطر في هذه الحالة أشد، ففي البخاري عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) والحمو: أقارب الزوج ممن ليس بمحرم، كأخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه.. ونحوهم.
- ومعنى الحمو الموت: أن الخوف منه أشد، لأن الفتنة منه أكثر توقعاً، لتمكنه من الدخول على المرأة وقلة النكير عليه عادة، بخلاف الأجنبي، لذلك اعتبره رسول كالموت، أو هو الموت.
- منع سفر المرأة بدون محرم: روى مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم).
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: ارجع فحج مع امرأتك) رواه البخاري.
لقد تضمن هذين الحديثين دلالات قوية في تحريم سفر المرأة بدون محرم، ومع ذلك نجد التساهل الكبير عند كثير من المسلمين اليوم.
- تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال: وذلك في الزي والكلام والحركة والطيب إلا ما استثني، روى الترمذي عن أبي هريرة قال- صلى الله عليه وسلم -: (طيبُ الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه) واليوم نجد الآية قد انعكست، فتجد رائحة العطور التي تفوح من المرأة إذا مرت، وتجد في المقابل بعض المخنثين الذين يستخدمون مساحيق النساء، لترقيق البشرة وتنعيمها، وصل الأمر إلى استخدام المكياج، وهو لا شك من خصائص النساء، والذكر ليس أنثى، والأنثى ليست ذكراً، لذلك ورد الوعيد الشديد فيمن يعبث بهذه الحقيقة بسلوكه الشاذ، فقد روى الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنه - (لعن رسول الله المتشبهات بالرجال من النساء، والمتشبهين بالنساء من الرجال)، وعنه (لعن رسول الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء) رواه الترمذي.
- طلب الإسلام من الزوجة تحقيق رغبة زوجها: أي في الاستمتاع، لأن الرجل إذا أشبع غريزته في الحلال لم يلتفت إلى الحرم، لذلك جاء الوعيد في حق المرأة الممتنعة عن تلبية رغبة زوجها، روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح)
- شرع الإسلام آداباً للطريق: روى مسلم عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها، قال- صلى الله عليه وسلم - فإذا أبيتم إلا الجلوس، فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
- حذر الإسلام من المجاهرة بالمعاصي: لأن المجاهرة فيها إشاعة الفاحشة وتجرئ الناس على المعاصي، وجرح مشاعر العفيفين وخدش الحياء، لذلك كان عذاب المجاهر عظيم، حيث يحرم من مغفرة الله وستره يوم القيامة، روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال- صلى الله عليه وسلم -: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعملَ الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربُه ويصبح يكشف ستره الله عنه).
- حث ولي المرأة بالمسارعة إلى تزويجها: قال- صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي.

نموذج الشاب العفيف:
يوسف - عليه السلام - هو أعظم نموذج تاريخي للشاب العفيف، وهو قدوة الشباب في كل زمان ومكان.
لقد تعرض يوسف - عليه السلام - في حياته لعدة فتن وعدة ابتلاءات صبر عليها إلا أنه يلاحظ أن أعظمَ هذه الفتن كانت فتنة النساء، لقد صبر على حسد إخوانه له، وعلى بيعه وتعرضه للعبودية وهو الحر كابراً عن كابر، وصبر على الغربة، وصبر على السجن، ولم نجد له شكوى إلى الله إلا عند ما تعرض لفتنة النساء والجنس فقال: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ(يوسف: 33) وقالوا إن هذه المحنة هي أعظمها، كيف لا وقد أخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن فتنة النساء هي أعظم الفتن، فقال: (ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء) متفق عليه.
والسبب أن صبرَه فيها كان صبرُ اختيار مع وجود الدواعي الكثيرةِ لوقوع الفعل، فقدم محبة الله عليها، أما محنه الأخرى فصبره عليها صبر اضطرار، بمنزلة الأمراض والمكاره التي تصيب العبد بغير اختياره وليس له ملجأً إلا الصبر عليها، طائعاً أو كارهاً.
وحتى نقدر هذا الموقف العظيم الذي وقفه نبيُ الله يوسفُ - عليه السلام - لنتأمل في عوامل الإغراء التي كانت تنازعه للاستجابة، ومع ذلك امتنع وآثر ما عند الله، وهو الحبل الوحيد الذي يعصم المسلم عند وقوعه في مثل هذه الفتنة؛ التي تعصف بالإنسان وتنهار عندها الأقدام، وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - أكثر من عشرة أسباب ودواعي ومغريات ليوسف - عليه السلام - ليستجيب ومع ذلك أبى وامتنع:
1. الأمر الغريزي الجبلي، إذ بين الجنسين تجاذب فطري يميل كلٌ منها للأخر، ولا تصدق صفاء القلب وحسن النية بين رجل وامرأة غيرِ محارم.
2. أن يوسف - عليه السلام - كان شاباً، والشبابُ مَرْكب الشهوة، فقوة الشهوة عند الشاب أشدُ منها عند غيره، أضف إلى ذلك أنه أقلُ الجميع ضبطاً وتحكماً في شهواته، ومن هنا تكون صعوبة الصبر أشد، خاصة في جو مُهيج، ولذلك كان عجب الرب- تبارك وتعالى - من الشابِّ ليست له صَبْوةٌ، أي انحراف مع ثوران الشهوة
3. أنه كان أعزباً ليس عنده ما يعوضه، خاصة إذا أثير بعكس المتزوج، فقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم - عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: (من رأى امرأة فأعجبته فليرجع إلى أهله فإن معها مثلَ الذي معها) ومن هنا كان تغليط الحد على المتزوج المحصن المعتدي بالزنا، فحده الرجم وحدُّ الأعزب الجلدُ والتغريبُ.
4. أنه كان غريباً عن أهله ووطنه، وعادةُ المقيم بين أهله وأصحابه أنه يستحي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم، فإذا تغرب زال هذا المانع، وهذا هو واقع كثير ممن يسافرون من أجل الزنا، فهم يخشون من الفضيحة أكثر من خشيتهم من الله.
5. أنه كان في صورة المملوك، والعبدُ لا يأنف مما يأنف منه الحر، بل هو رهن الإشارة ممسوخ الشخصية، ليس له اختيار أو اعتبار عند سيده، فهو كسقط المتاع فقد يُكْره عليها، هذا من جهة ومن جهة أخرى فهو من أهل البيت لا يعتبر أجنبياً فلا يتحفظ عنه- كما يفعل للأسف بعضُ الناس اليوم مع السائق إذ يعتبرونه من غير أولي الإربة من الرجال- فسهل أن يرى ما يثير غرائزه الكامنةَ ويهيجُها.
6. أن المرأة كانت ذاتَ منصب وجمال، وحسبك أنها امرأة العزيز، فلن يكون جمالها عادياً إن لم تكن الأجمل على الإطلاق.
7. أن المرأة غيرُ ممتنعة ولا أبية، فإن مما يصدُ الفاسقَ أحياناً عن المعصية أن تمتنع المرأة ولا تجيبه، فهنا نجدها هي المطالبة، وبذلك زالت كلفةُ تعرض الرجل وطلبه وإذلال نفسه، بل هي الآن الذليلة الراغبة، وهو العزيز المرغوب فيه.
8. وبالإضافة إلى الطلب وجدت الرغبة التامة، التي عبرّ عنها بالمراودة وهي المعاودة مع بذل الأسباب، فزال بذلك الظن أن تكون ممتحنة له ومختبرة لعفافه من فجوره.
9. أنه كان في مأمن لأنه في دارها وسلطانها: فهو في مأمن من العيون والمراقبة، ورجال الحسبة والنهي عن المنكر، وعن الفضيحة والانكشاف، بل وبالغت في الاحتياطات بتغليق الأبواب، لتأمن عدمَ المباغتة على حين غرة، فهذه الاحتياطات جعلته لا يخشى من عواقب هذه المعصية الدنيوية، فاجتمع له الإغراء والأمان.
10. استعانتها بأئمة الكيد والمكر، وهن النسوة الفاسقات، فبعد أن غَلَّطوها في محاولتها الأولى قائلين: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ(يوسف: 30).
وغالباً أنهم قالوها شماتةً لا عفة، ثم أيَدوها لمّا عرضته عليهم: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ(يوسف: 31)، مما جعلها تصرّ على طلبها، بل وتقرنه هذه المرة بالتهديد والتوعدقَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ(يوسف: 32)،
11. دَياثةُ الزوج، فإن مما يسهل الفاحشةَ موتُ الغيرة والنخوة من الأولياء، فرغم ما حصل في بيت هذا الديوث حتى أصبح أمراً مشهوراً تحدثت به الركبان، وثبت إدانة امرأته بالأدلة والبراهين والقرائن والشهود، لم يزد على أن قال: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ(يوسف: 29) يعنى هذا الموضوع الخطير بهذه الكلمات، التي لا تجد فيها حتى العتاب، عندها عرف يوسف - عليه السلام - أو تأكد له من خلال هذا الموقف أن هذا الزوج ديوث، وهذا مما يزيد الضغط عليه ويقوي داعي الإجابة لو عرضت عليه مرة أخرى، وهو ما حصل فعلاً، فقد تعرضت له مع التهديد كما مرّ، لمّا وجد يوسف - عليه السلام - أن بقاءه في هذا البيت-الذي لا يكترث أهله بالفاحشة ولا يهمهم أمر العرض - سوف يعرضه للفتنة المرة تلو الأخرى آثر حياة السجن الكريهة على أن يفقد عفافه ويتعرض لغضب الله، فقال ما قصه الله: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ(يوسف: 33).

مراجع للتوسع:
· العفة ومنهج الاستعفاف، ليحي سليمان العقيلي
· مشكلات الشباب الجنسية والعاطفية تحت أضواء الشريعة، لعبدالرحمن واصل
منقول



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.87 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]