|
|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
نظرات في جهود العلماء في تدوين السنة النبوية
نظرات في جهود العلماء في تدوين السنة النبوية الكاتب : أحمد بن عبدالرحمن الصويان من حكمة الله ـ تعالى ـ أنّه رضـي الإســــلام ديناً خاتماً لجميع الشرائع،إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فأكمل الله ـ عز وجل ـ لـنــا الدين وأتم عليناالنعمة، قال ـ تعالى ـ: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِـيــتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً))[المائدة:3] ومـن إتمام النعمـة أن الله ـ تعالى ـ تكفل بحفظ مصـدر هـذا الدينوينبوعه الكـريم، فقال ـ عز وجل ـ: ((إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّالَهُ لَحَافِظُونَ)) [ الحـجـر: 9]، وتضمن ذلك حفظ سنة سيد المرسلين -صلى الله عليهوسلم-، فائتمن الله ـ عز وجل ـ عـلـى نـقـلـها صحابة نـبـيه الكريم ـ عليه الصلاةوالسلام ـ، أطهر الناس قلوباً، وأصفاهم عقولاً، وأفـصـحـهــم لـســانـــــاً،وأسلمهم منهجاً، فأدوها حق الأداء، كما تحملوها حق التحمل، ورعوها حق الرعاية.. ثـمتـنـاقلـهـــا الثقات الأثبات من بعدهم جيلاً بعد جيل، بعناية فائقة وحرصكبير. وقد تضافرت جهود السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ في خدمة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- رواية ودرايــــــة، وتركوا لنا تراثاً ضخماً غزيراً في عشراتالمصنفات، حتى أصبحت هذه الأمة تمتلك بحق أغنى مورد للعلم عرفته البشرية باختلافمللها ونحلها. وفي هذه المقالة سأبرز بعون الله ـ تـعــالى ـ بعض جهود أولئكالسلف في تدوين السنة من خلال التعريف الموجز بأشهر الموسوعاتالحديثية. وأقصد بالموسوعات الحديثية: (تلك المصنفات التي جمعت عدداً كبيراًمن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم )، ويخرج من هذا التعريف: المـصـنـفـات التيجمعت عدداً يسيراً من الأحاديث النبوية كالسنن الأربعة ونحوها. أولاً: الموسوعات الحديثية الأصيلة: ويـقـصــــــد بالموسوعات الأصيلة: (المصنفاتالتي يروي فيها المصنف الأحاديث النبوية بإسناده إلى النبي ) ومنها: 1-مصنّف عبد الرزاق بن همام الصنعاني (126 ـ 211 هـ) : وهو أحد الكتب الجليلةالتي وصلت إلينا، وصفه الذهبي بأنه: (خزانة علم)(1). وصدق ـ رحمه الله ـ،فـالـمـصـنـف مليء بكنوز العلم والمعرفة، وقد رتبه عبد الرزاق على الأبواب الفقهية،فبدأ بكتاب الطـهـارة، ثم كتاب الحيض، ثم كتاب الصلاة.. وهكذا حتى ختمه بكتابالجامع. وتحت كل كـتـاب يـوجــــــــد عـدد من الأبواب التي تضم مجموعة من الأحاديثالمرفوعة والموقوفة والمقطوعة. طـبـع الـكـتاب لأول مرة في سنة (1392هـ)بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي في أحد عشر مجلداً، وبلغ عدد أحاديثه حسب ترقيم المحقق (21033) حديثاً، ويحتوي الكتاب على أحاديث مكررة كثيرة(2). وقد عملالـبـاحـث يوسف بن محمد صديق على استخراج زوائد مصنف عبد الرزاق على الكتب الستة فيرسالة علمية لنيل شهادة الدكتوراه، وبلغ عدد الزوائد: أربعة عشر ألف حديثزائد(3) وهـذه نـسـبـة عـالـيـة جداً، ولكن خلال تتبعي لهذه الزوائد تبيّنلي أن 80% منها تقريباً أحاديث موقوفة ومقطوعة. وبالجملة: فإن المصنّفكـتـاب نـفـيس، وسفر عظيم يحوي من الكنوز ما لا حصر له ولعل من أهم مميزاته علوإسناده، وكونه مرجعاً أساساً لكثير من كتب السنة المتأخرة. ولكنه مع ذلك يحوي عدداًكبيراً من الأحاديث الضعيفة، بل والموضوعة أحياناً. 2- مصنّف أبي بكر بن أبيشيبة (159 ـ 235هـ): وهو من أجلّ كتب ابن أبي شيبة ، وأعلاها منزلة ومقداراً،امتدحه ابن كثير وامتدح مؤلفه بقوله: (أبو بكر بن أبي شيبة أحـــد الأعــــلاموأئمة الإسلام ، وصاحب المصنّف الذي لم يُصنّف أحد مثله قط، لا قبله ولا بعده)(4)ووصفه الذهبي بقوله: (سيّد الحفاظ، صاحب الكتب الكبار: المسند والمصنفوالتفسير)(5). وقــد شهد لابن أبي شـيـبة بجودة التأليف وإتقانه عدد منالأئمة، منهم أبو عبيد القاسم ابن ســلام حـيـنـمـا قـال: (ربانيو الحديث أربعة: فأعلمهم بالحلال والحرام: أحمد بن حنبل، وأحسنهم سـياقـة للحديث وأداء: علي بنالمديني، وأحسنهم وضعاً لكتاب: أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم بصحيح الحديث منسقيمه: يحيى بن معين(6). وقال الرامهرمزي: (وتـفـرد بالكوفة أبو بكر بن أبيشيبة بتكثير الأبواب وجودة الترتيب وحسن التأليف(7). طبع الكتاب في الهندفي خمسة عشر جزءاً على عدة مراحل، ولكن يوجد فيه نقص ظاهر، ثم طـبـع في لبنان طبعةأخرى، ولكن كلا الطبعتين لا تخلوان من سقط وتحريف. وقد بدأ بعض الـبـاحثين أخيراًفي تحقيقه ومراجعته على أصوله الخطية وتخريج نصوصه، ونشر منه المجلد الأول فقط.. ونرجو أن يتيسر نشر بقية أجزائه ـ إن شاء الله تعالى ـ. والمصنف مرتـبحـســب الأبـواب الفـقـهية، ويحتوي على مادة خصبة جداً، وهو مصدر رئيس لمعرفة فتاوىالصحابة والتابعين وتابـعـيـهم. ويمتاز بأنّه مصدر تاريخي مهم جداً ـ يغفل عنه بعضالباحثين في الدراسات التاريخية ـ لاحتوائه على بعض الكتب التي يقلّ وجودها في كتبالحديث، مثل: كتاب التاريخ، وكتاب الفتن، وكتاب الجمل. 3-مسند الإمام أحمدبن حنبل (164 ـ 241هـ) : ألّف الإمام أحمد مسنده من أجل أن يكون: (هذا الكتابإماماً، إذا اختلف الناس في سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رُجعإليه)(8). وصدق الإمام أحمد فإن هذا الكتاب الجليل من أكـبـر كـتـبالـسـنــة التي وصـلـت إلينا، وأعظمها نفعاً، وأغزرها مادة، وقد قال أبو موسىالمديني: (هذا الـكـتــاب أصــل كـبـير، ومـرجـــع وثيق لأصحاب الحديث، انتُقي منأحاديث كثيرة، ومسموعاتٍ وافرة، فجُعل إماماً ومعتمداً، وعند التنازع ملجأومستنداً)(9). ومن أجـــل هذا لما سئل أبو الحسين اليونيني: أنت تحفظ الكتبالستة؟ فقال: (أحفظها وما أحفـظـهـا!) فقيل له: كيف هذا؟! فقال: (أنا أحفظ مسندأحمد وما يفوت المسند من الكتب الستة إلا قليل)(10). وقد اختلف في عددأحاديث المسند اختلافاً كثيراً، فمن قائل: بأنه ثلاثون ألف حديث، ومن قائل: بأنهأربعون ألفاً، ومن قائل: بأنه خمسون ألفاً(11). قال ابن عساكر: (والكتاب كبير العددوالحجم، مشهور عند أرباب العلم، تبلغ عدد أحاديثه: ثلاثين ألفاً سوى المعاد، وغيرما ألحق به ابنه عبد الله من عالي الإسناد)(12). وقال أحمد شاكر: (هو على اليقين: أكثر من ثلاثين ألفاً، وقد لا يبلغ الأربعين ألفاً)(13). رتبه الإمام أحمدعلى مسانـيـد الصحابة، حيث أفرد أحاديث كل صحابي على حدة من غير نظر في موضوعاتها،فـبـدأ بمسـانيد العشرة المبشرين، ثم مسانيد عبد الرحمن بن أبي بكر، وزيد بنخـارجــــــة، والحارث بـن خزيمة، وسعد مولى أبي بكر، ثم مسانيد أهل البيت، ثم بنيهاشم، ثم المشهورين من الـصـحــابة.. وهكذا حتى ختمه بمسند القبائل. ولكبرحجم الكتاب وصعوبة البحث فيه؛ قام الـشـيــخ أحمد البنا بترتيبه على الأبوابالفقهية مع حذف الأسانيد والأحاديث المكررة، وسـمـى كـتـابـه: (الفتح الربانيلترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني)، ثم ذيل كتابه بشرح موجز سـمـاه: (بلوغ الأمانيمن أسرار الفتح الرباني). كما قام الشيخ أحمد شاكر بتحقيق المسند وترقيمهوتخريج أحاديثه ومراجعته على بعض الأصول الخطية، ووضع فهارس علمية في نهاية كل جزءعلى حدة، ولكنه توفي ولمّا يكمل تحقيقه، حيث أخرج ستة عشر جزءاً فقط، وهي تمثل ثلثالكتاب تقريباً. ثم قـــــام الشيخ شعيب الأرنؤوط بإعادة تحقيقه وتخريجهومراجعته على بعض الأصول الخـطـيـة، وطُبع منه حتى الآن خمس وعشرون مجلداً، ولا زالالعمل فيه جارياً حتى الآن، نسأل الله ـ تعالى ـ أن ييسر إتمامه. 4- مسندبقي بن مَخْلد القرطبي (201 ـ 276هـ): هذا الكتاب من كتب السنة الكبيرة،ولكنه مع الأسف الشديد فُقِدَ كما فقدت بعض الكنوز الأخرى، ولا نعرف عنه إلا القليلمما نقل إلينا من أقوال أهل العلم عنه. قال ابن حزم: (رتبه على أسماءالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فروى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب، ولا أعـلـم هـــــذهالرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه وإتقانه، واحتفاله فيه في الحديث، وجودةشـيـوخــه، فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلاً ليس فيهم عشرة ضعفاء،وسائرهم أعلام مشاهير)(14). وقال ابن الفرضي في تاريخه: (ليس لأحدمثله)(15). وقال ابن الجوزي: (روى فـيــــه عـــــن ألــف وسـتـمـائة صحابي،بل يزيدون على هذا العدد)(16). وقــال ابن كـثـيـر: (وقـــد فضله ابن حزمعلى مسند الإمام أحمد، وعندي في ذلك نظر، والظاهر أن مسند أحمد أجود منهوأجمع)(17). وقال الذهبي في ترجمة بقي: (صاحب التفسير والمسند اللذين لانظير لهما)(18). 5- مسند أبي يعلى الموصلي (210 ـ 307 هـ): ولمسندأبي يعلى روايتان: الأولـى: روايــة طويلة رواها أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ،عن أبي يعلى، وهي التي اعتمد عليها ابن حـجـــر في: (المطالب العالية)، والبوصيريفي (إتحاف المهرة)، في تخريج زوائدها على الكتب السـتـة، وتـسـمـى هذه الرواية بـ (المسند الكبير). والـثـانـيـة: رواية قصيرة رواها أبو عمرو بن حمدان، وهذهالرواية هي التي اعتمد عليها الهيثمي فـي كتابيه: (المقصد العلي في زوائد أبي يعلىالموصلي) و (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد). والرواية القـصـيـرة هي التي وصلتإلينا، وقد أتم تحقيقها الأستاذ حسين أسد في ثلاثة عشر مجلداً، مع ثـلاثـــة مجلداتللفهارس، كما حققت في عدد من الرسائل العلمية في جامعة الإمام محمد بنسعود. والمسند مرتب حسب مسانيد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وقد بلغ عددأحاديثه حسب ترقيم حسين أسد (7555) حديثاً. وقد أثنى العلماء على الـمـسـنـدالكبير، فقد قال ابن المقرئ: سمعت أبا إسحاق بن حمزة يثني على مسند أبي يعلى،ويقول: (من كَتَبَه قلّ ما يفوته من الحديث)(19). وقال إسماعيل التيمي: (قرأت الـمـسـانـيد، كمسند العدني، ومسند أحمد بن منيع، وهي كالأنهار، ومسند أبييعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار(20). وقال الذهبي: (صدق.. ولا سيما مسندهالذي عند أهل أصبهان من طريق ابن المقرئ عنه، فإنه كبير جداً، بخلاف المسند الذيرويـنـــــاه من طريق أبي عمرو بن حمدان عنه فإنّه مختصر)(21). يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: نظرات في جهود العلماء في تدوين السنة النبوية
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |