البرقية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 177 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28409 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60011 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 803 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-01-2020, 09:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,616
الدولة : Egypt
افتراضي البرقية

البرقية
وليد قصاب



عندما وصلت إلى البيت عائدة من زيارة أمها أخبرتها جارتها أن ساعي البريد طرق بابها, وهي غائبة, ومعه برقية لها.
قالت لها الجارة:
- حاولت تسلمها منه؛ ولكنه رفض, قال: لابد من حضور صاحبة العلاقة شخصيًا, ولابد من توقيعها, هذه برقية.
لم تستقبل الخبر ببشاشة, لم تدر لمَ أوجست في نفسها خيفة؟ إنه لا عهد لها بالبرقيات, لا تذكر أنها تسلمت في حياتها برقية من أحد, ولكنّ هذه الكلمة "برقية" مقرونة في لا شعورها بالأنباء غير السارة, سمعتها عندها غير طيبة.
قالت لجارتها:
- أبو عدنان يعرفنا, فماذا كان يمنعه أن يسلمها لك، وأن توقعي بدلاً عني؟.



قالت الجارة:
- قلت له، فقال: إنّ ذلك غير جائز, هذه قوانين الحكومة، ويجب أن تحترم.
كانت الساعة قد اقتربت من الثانية ظهرًا, قدرت أن مكتب البريد قد أغلق أبوابه, وانتهى الدوام, ستذهب غدًا، ستخطف نفسها في الصباح تتسلم هذه "البرقية".
ليلتها لم تستطع أن تنام, ممن هذه البرقية؟, وماذا عسى أن تحمله من أنباء, اللهم اجعله خيرًا.
عتبت بينها وبين نفسها على ساعي البريد أبي عدنان, إنه يعرفها منذ سنوات, لماذا هذا "الروتين" المعقد؟ لمَ لمْ يسلم "البرقية" إلى جارتها, أو يضعها لها تحت الباب مثلما اعتاد أن يفعل عندما يحمل إليها رسائل زوجها في الخليج؟, بم تختلف البرقيات عن الرسائل؟, سبحان الذي خلق الحكومة, يعقّدون كل شيء.
خواطرها تلك الليلة تذهب بها وتجيء, أهي من زوجها؟, من غيره؟؛ إنها منه على الرغم من أنه لم يعتد أن يرسل إليها برقيات، بل رسالة تأتيها منه كل أول شهر وفيها "شيك" أو "حوالة" مصروفها ومصروف الأولاد.
لم يخرم ذلك شهرًا منذ سفره إلى الخليج من خمس عشرة سنة, خمس عشرة سنة, ياه, من يصدّق؟؛ كأنه سافر أمس, قال لها يوم ذاك:
- سأتدبر أمري، ثم أبعث في طلبك أنت وعامر.
لم يكن عندهما إلا عامر؛ ولكنه مضى, ولم يبعث في طلبهم, كتب إليها ذات مرة قائلاً:
- إن تكاليف المعيشة هنا غالية جدًا؛ لو أحضرتكم إلى عندي لما استطعت أن أوفر شيئًا.
وكتب إليها في مرة أخرى:
- إنني أسكن مع ثلاثة من العمال في غرفة واحدة على سطح عمارة قديمة؛ إنها عيشة كعيشة الكلاب, أتحملها من أجلكم لأهيئ لكم حياة كريمة, وحتى أختصر سنوات الغربة, أنت تقدرين ذلك وتفهمينه يا حبيبتي؟, أليس كذلك؟, ياه, كان ذلك منذ سنوات, خمس عشرة سنة, من يصدق ذلك؟؛ إنها هي نفسها لا تكاد تصدق.
كان في سنوات الغربة الأولى يأتي مرة كل سنة, يقضي معهم شهرًا, ثم صار يأتي في كل سنتين نصف شهر أو أقل، ثم صار ينقطع عن المجيء سنوات:
- تكاليف السفر كثيرة يا عزيزتي, من الخير توفيرها لاختصار سنوات الغربة, وتقريب اللقاء, هانت, هانت.



كان عندهما عامر عندما سافر، ثم أودع في رحمها خلال زياراته التي لم تزد على ست أو سبع مرات خلال خمس عشرة سنة ثلاثة آخرين من الأولاد.
يسألها عامر الذي صار الآن شابًا في الثانوية العامة.
- متى سيعود أبي يا أماه؟, أما اشتاق إلينا؟
تترقرق الدموع في عينيها، وتحس الغصة في حلقها، ولكنها تخفي ذلك عن ولدها قائلة:
- بلى يا عامر, إنه والله مثلنا على جمر من الشوق.
ولكنه يتحمل من أجلنا, يريد أن يهيئ لنا حياة كريمة.
"حياة كريمة" عبارة ما فتئت ترددها أمامه كلما ورد ذكر أبيه وغربته، وفي كل مرة مذ كان طفلاً صغيرًا يسألها:
- ألا توجد حياة كريمة إلا هناك يا أمي.
تأكلها الحيرة، فتتجاهل السؤال.
$$$
ما نامت تلك الليلة, من أين تأتيها تلك البرقية؟ منها قطعًا، ومنْ غيره؟؛ ولكن ذلك ليس من عادته الرسالة أول كل شهر فقط, ومنذ دخل بيتها هاتف منذ ثلاث سنوات صار يتصل بها بين الحين والحين ليطمئن عليهم, مكالمة مختصرة لا تستغرق إلا دقيقتين أو ثلاثًا:
- كيف حالك؟, وكيف حال الأولاد وحال دراستهم؟, وصل الشيك؟, صرفتِه؟, كم كان السعر؟, هل تريدون شيئًا؟.
يبدو دائمًا في عجلة من أمره, أسئلة منه فقط؛ لم يكن أحيانًا ينتظر جوابها، يقول لها:
- نختصر في الكلام الضروري منه فقط, المكالمات من هنا غالية جدًا, هانت.
"هانت" كلمته؛ ولكن السنوات تمر, والعمر ينفد يومًا بعد يوم، يطحنه الزمان برحاه التي لا ترحم، بعد سنوات من سفره اشترى بيتًا متواضعًا في ضواحي العاصمة, قالت له يوم ذاك:
- لم يعد بيتنا بالإيجار, صار عندنا بيت ملك والحمدلله, لماذا لا تعود؟.



قال لها:
- لابد من فرش لائق, وهذا يحتاج إلى عمل سنتين, سنتان فقط وبعدها نستريح إن شاء الله, أين الراحة؟ ومرت ثلاثة سنوات, قالت له:
- بيتنا صار فيه كل شيء, والحمدلله, لم نعد بحاجة إلى شيء, الأولاد كبروا, وصار وجودك إلى جانبهم ضروريًا.
قال لها:
- سيارة متواضعة, ورصيد متواضع في البنك, حتى نستريح قليلاً بعد هذه الغربة والعناء, عندنا أربعة أولاد يا عزيزتي, تحتاج تربيتهم إلى وزنهم ذهبًا.
وتمر السنوات, وينفد العمر.
$$$
صحت مبكرة, لم تكن سِنَة من النوم قد عرفت طريقها إلى عينيها أصلاً, شرَّقت بها الخواطر والذكريات وغرّبت, لماذا يرسل إليها برقية في هذه المرة؟, لماذا لم يبعث رسالة أو يتصل بالهاتف كما اعتاد أن يفعل؟, هل البرقية أرخص؟, ولكنها لا تحب سماع سيرة البرقيات, لا تدري من أين جاءها هذا؟, سمعتها عندها سيئة- يا رب- اجعله خيرًا, أصلح الله ساعي البريد أبا عدنان, أما كان باستطاعته أن يترك لها البرقية عند الجارة, ويريح بالها من هم التفكير, والتخمين طوال هذه الليلة؟, ماذا يعني أن توقع له على تسلّمها؟, توقع عنها الجارة, تعقيد في تعقيد, هكذا حال معاملات الحكومة على الدوام.
انتظرت على أحر من الجمر أن يحين موعد الدوام، ثم لبست ثيابها بعد أن فطّرت الأولاد, وأرسلتهم إلى مدارسهم, ثم انطلقت إلى مكتب البريد.
ماذا في البرقية؟, قلبها يوجس خوفًا, تسأل الله ألا يكون مكروه أصاب زوجها؟, أيعقل بعد سنوات الغربة والعناء هذه أن يكون....؟.



لم تجرؤ أن تسترسل مع خواطرها, استعاذت بالله, اللهم إنك أدرى بالحال, أعِدْه سالمًا غانمًا يا رب.
انتظرت أكثر من ساعة حتى جاء موظفو البريد, ولما سألت عن برقية لها جاء ساعي البريد أبو عدنان إلى بيتها حتى يسلمها إياها، ولكنه لم يجدها, ولم يسلمها للجارة, وقال: لابد أن تحضر هي شخصيًا حتى توقع على تسلّمها.
أخبروها أن عليها أن تنتظر أبا عدنان نفسه, شغلها عنّده, والبرقيات معه.
انتظرته طويلاً تتقاذفها الأفكار, وهي تتمتم بالأدعية أن يكون خبرًا هذه أول مرة في حياتها على ما تتذكر تصلها برقية.
أخيرًا جاء أبو عدنان, اندفعت نحوه تسأله من خلال أنفاس لاهثة عن البرقية التي وصلتها, نظر إليها أبو عدنان متسائلاً:
- أية برقية يا أم عامر؟
- برقية, قالت لي جارتي إنك جئت أمس وطرقت بابي لتسلمها إليّ, ولكنك لم تجدني.
قال أبو عدنان بغير مبالاة, وهو يتابع طريقه:
- آه تذكرت, لم تكن لك, طرقت الباب خطأ.
انتابتها مشاعر شتى, لم تدر أتفرح أم تحزن؟, بل تفرح, إنها والله لا تحب البرقيات, لا تعرف ممن سمعت أنها ليست فأل خير, الحمدلله أن صرفها عنها, الحمدلله.
$$$
كانت خواطرها لا تكف عن الأخذ والرد, ما إن وصلت إلى بيتها حتى وجدت نفسها تأخذ ورقة وقلمًا، وتكتب لزوجها:
"زوجي الحبيب, لم نعد نطيق صبرًا على فراقك, عد إلينا, لا نريد شيئًا غيرك, صار عندنا كل شيء, السّنوات تمر, والعمر يفنى, اليوم حصل أمر غريب, جاء ساعي البريد, أخبرك فيما بعد, عُدْ إلينا على جناح الريح, أرجوك, أرجوك. أستحلفك بالله, ويستحلفك الأولاد".
المرسل "زوجتك وأولادك"
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.68 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]