الاستنساخ ..وجهة نظر علماء المغرب العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836877 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379389 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191233 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1098 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي > الطب الباطني

الطب الباطني قسم يشرف عليه الدكتور احمد محمد باذيب , ليجيب على اسئلتكم واستفساراتكم حول ما يختص بالطب الباطني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-10-2006, 04:57 PM
الصورة الرمزية د / أحمد محمد باذيب
د / أحمد محمد باذيب د / أحمد محمد باذيب غير متصل
استاذ الباطنة والاورام المشارك بكلية الطب جامعة حضرموت
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 2,037
الدولة : Yemen
افتراضي الاستنساخ ..وجهة نظر علماء المغرب العربي

انص محاضرة الدكتور " عبد المجيد بن حمدة " : مسألة الاستنساخ بين العلم و الإيمان

بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله الذي علّم الإنسان ما لم يعلم، و صلى الله على سيدنا محمد وآله و صحبه و سلم.
سيادة الرئيس،
لقد كرمتموني، في هذه الليلة المباركة من ليالي شهر رمضان، شهر الرحمة و نزول القرآن، بأن ألقي بإشرافكم، وبين يديكم، مسامرة حول مسألة الاستنساخ بين العلم و الإيمان.
و إنني يا سيادة الرئيس ليسعدني في بدء كلمتي أن أعبر لكم عن أخلص عبارات شكري
و امتناني لهذا التكريم و التشريف.
إن موضوع الاستنساخ، موضوع علمي دقيق، له تأثيرات في مسار الأجناس الحية، و تبعات نفسية
و اجتماعية و دينية و أخلاقية و قانونية و اقتصادية...كثر الجدل حوله، و لا سيما إثر الإعلان عن مولد "دوللي" التي أثار الكشف عنها ضجة إعلامية لم تسبق، ذلك أنه لفت الأنظار إلى إمكانية استنساخ الإنسان بعد أن تم استنساخ حيوان فقري، ثدي يدخل في عالم الكائنات الحية العليا المشابهة له، و التي لا يتميز عنها إلا بكونه عاقلا، ناطقا، متعلما، و مؤسسا لحضارة.
كما اعتبر الحدث من قبل بعض كبار الباحثين نقلة حاسمة في تاريخ النوع الإنساني، و منعرجا في تطو ر علوم الحياة.
و ما زالت نتائجه تثير ردود فعل مختلفة، فهي بين محبذ، مشجع على ولوج كل أبواب البحث العلمي، دون أي قيد، و بين موافق شرط تحقيق نفع الإنسان، و عدم الاعتداء على البيئة، و الكون عامة، و بين رافض بإطلاق، تخطي عتبة المس بالمقومات الجوهرية لكينونة الإنسان و كرامته و محيطه..
فهو يطرح إشكال التقدم العلمي و التقني، في عصرنا، فهل يتجه العلم بيد الإنسان لصالح الإنسان، محركه ؟ أم يتجه، في غفلة من أمره، نزولا تحت نوازعه البحثية، و تطلعاته و طموحاته التي لا تنتهي نحي الكشف عما يمكن أن يكون سببا في هلاكه، بيده و بعلمه و بعقله.
و إني لتفصيل المسألة سأتوقف، عند ثلاثة مفاهيم ذات علاقة ارتباطيه بالموضوع، سيتضح على ضوئها الاستنساخ مفهوما و تأثيرات، و مواقف و مستقبلا...هي الإنسان و العلم و الإيمان.
إن الإنسان جنس قائم بذاته، هذا ما أكده الوحي المنزل على أصحاب الرسالات، و ما انتهى إليه العلماء إذ سلموا بجنسه المتفرد.
خلق الإنسان في أحسن تقويم، و كرمه و فضله على كثير من خلقه، فنفخ فيه من روحه، و زينه بالعقل- أداة الإدراك و التكليف و حمله رسالة التعمير و السعي الدائب إلى الأفضل.
فطره على التعلم، و أوثق مصيره بالعلم، فهو تعالى عندما سواه كائنا آدميا حيا أمر ملائكته بالسجود له، و لما سأله هؤلاء عن هذا المخلوق الذي يفسد في الأرض و يسفك الدماء، كشف لهم تعالى خصيصة هذا الإنسان، إنها الاقتدار على اكتساب العلم، و الارتفاع يه إلى أعلى الدرجات، و هو ما يعجز عنه غيره من جميع المخلوقات، حتى الملائكة المقربون. قال تعالى:" و إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا " (الحجر28) و فال سبحانه:" فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " (الحجر29) و قال تعالى في بيان خلق آدم و حوار الملائكة : ( و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) ( البقرة 30-33
).
فالإنسان كائن مكرم، مدعوم بروح إلهي، معزز بقدرة غير محدودة على اكتساب العلم، إن الإنسان كائن علمي، مثلما هو مدني، و اجتماعي و فطري الإيمان.
و الإنسان يكتسب خصوصيته من محيطه الثقافي و العقلي و الديني و القيمي و القانوني...و من محيطه البيئي: طبيعة و مناخا و خصائص أخرى كثيرة...
و العلم ذو مفهوم و اسع شامل لكل ما يدرك بحقيقته في مختلف الاختصاصات و المجالات.و العلم، في الإسلام، هو ما تتوقف عليه مصلحة الإنسان،ويشمل العلوم الشرعية و الإنسانية و الاجتماعية و الطبيعية، و شتى المعارف و الخبرات و التقنيات...و أساسه العقل الذي يستخدم بحرية في البحث و النظر لتحصيل المعرفة عن طريق اليقين استقراء و استنباطا و تجريبا، بعيدا عن الظن و الهوى.و تاريخ العلم يكشف أن الإنسان انتقل به من مكان إلى آخر،في كل زمان، فهو لا يعرف الاستيطان
و اتخذه مطيته لفرض معتقده و قناعاته، و نمط تفكيره و تعبيره، و أسلوب عيشه...
و العلم باني الحضارات، و الحضارة المعاصرة يتعالى صرحها، يوما بعد يوم، بالعلم، حتى أصبحنا نقرأ و نلمس و نعيش عجائب و أشياء مدهشة، و أضحى العاملون في حقوله يتربعون على عرش القوة و المال و التأثير و التوجيه...
الكون أصبح في يد العلم يحدثنا عنه بما يريد، كما يريد، يبرهن حينا، و يفترض غالبا، و يحقق افتراضاته أحيانا، و الناس خاصتهم و عامتهم يقبلون نتائجه و اكتشافاته، و ينوهون بكل خطوة يقطعها نحو التقدم الذي لا يعترف بحد، و لا يقف عند مدى.
نعم للعلم، و نبارك جهود العلماء و نشيد بها و نعترف بفضلهم، فالله تعالى يقول في محكم التنزيل:" قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون " (الزمر9
) و علمنا سبحانه أن خشيته تكون من قبل العلماء لتطلعهم الدائب لمعرفة الأسرار الوجودية، و لإدراكهم الحكم الإلهية من الخلق
و التقدير و التدبير. قال عز و جل: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (فاطر
28). نعم للعلم، و لكن لا لصلف العلم، أن يصل الإنسان بالعلم إلى ادعاء السيطرة على الخلق
و التلاعب بكرامة الإنسان، و تشويه الكائنات، و ضرب القيم و المبادئ و القوانين و المواثيق الدولية، و المس بالأديان السماوية، فهذا أمر مردود، لأن فيه اعتداء على حق على حق الإنسان في صون حياته، و قيمه، و مواريثه...
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-10-2006, 04:58 PM
الصورة الرمزية د / أحمد محمد باذيب
د / أحمد محمد باذيب د / أحمد محمد باذيب غير متصل
استاذ الباطنة والاورام المشارك بكلية الطب جامعة حضرموت
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
مكان الإقامة: اليمن
الجنس :
المشاركات: 2,037
الدولة : Yemen
افتراضي

و مع كل هذا فلا يمكن التغافل، بأي حال، عما حققه العلم للإنسان و البشرية جمعاء، من حياة أفضل و رفاه متنام، بالقضاء على الأوبئة و الأمراض، و بتوفير الغذاء و النماء في كل المجالات.
و العلماء في بحثهم الدائب، كأنما يعدون، من فرط جنوحهم إلى الخيال، و التعلق بكل ما كان صعب المنال، بالقضاء، ذات يوم، على شبح الموت هذا الذي يعتبره بعضهم فناء أبديا، فإذا تراءى ببصيص من أمل في تجاوز الموت و الانطلاق إلى الخلود، ألا يكون ذلك أعظم أماني الإنسان ؟
و هنا نصل إلى الإيمان الذي يلتقي بالعلم و على ضوئه تتحدد المواقف من الاستنساخ و غيره من الاكتشافات التي قد تحمل في طياتها شرا و دمارا.
والإيمان في الإسلام أساسه العلم،و هذا ما يجليه قوله تعالى:"فاعلم أنه لا إله إلاّ الله"(محمد19)
والمؤمنون لا يتخيلون القضاء على الموت بل يرونه مرحلة أخرى، و عند المسلمين هي خير و أبقى و يعلمون أن الموت تقدير إلهي " نحن قدرنا بينكم الموت " (الواقعة60
). و الراسخون في العلم منهم يتأملون و يتدبرون، و يلحظون آيات الله في الآفاق و في أنفسهم.
وبعد هذا، فما هو الاستنساخ ؟ و هل هو خلق أم تخليق ؟ هل هو حقا إيجاد كائن مماثل كل المماثلة، فرع، صورة مطابقة للأصل للمستنسخ منه، أم هو شيء قريب من ذلك ؟ و هل حقا يمكن استنساخ الإنسان ؟
و أخيرا هل يمكن إيقاف الحركة العلمية الساعية إلى استنساخ الإنسان، بعد أن قطعت مرحلة حاسمة، في مجال حيوي مجاور له ؟
الاستنساخ (1) يعني مجموع خلايا -أخوات- متماثلة متأتية من نفس الخلية -الأم- عن طريق الانشطار، و مثاله: المرحلة الأولى التي يمر بها الجنين في حالة تكونه، تخلقه -المضغة- و انقسام البكتيريات، و تكاثر الفيروسات، فهذه الخلايا تحمل نفس خصائص أمها. و يمكن تسمية هذا النوع استنساخ الخلايا، أو الاستنساخ الخلوي Reproduction Cellulaire، و هو يمثل إحدى طريقتي التوالد و التكاثر لاستمرار النوع و الحفاظ عليه في الكائنات الحية، و هي طريقة التكاثر غير الجنسي Reproduction Asexuelle
.
و الطريقة الثانية و هي التكاثر الجنسي، أهم و أوسع إذ تشمل الكائنات الحية الإنسانيةو الحيوانية، فيما عدا ما ذكر، و النباتية.
و موضوع الاستنساخ ليس جديدا في مجال الدراسات و الأبحاث العلمية، و لكن الجديد الخطير فيه، هو اقترابه من المجال الإنساني، و قد نزل الإخبار به كالصاعقة على بني الإنسان، و نفخت فيه وسائل الإعلام المختلفة، و اهتز له العامة و الخاصة، و صدرت التصريحات و الآراء و المواقف عن رجال السياسة و الدين والقانون و الأخلاق، و المختصين في العلوم الإنسانية و الاجتماعية
و الطبيعية...
و أدى الحدث إلى بلبلة و قلق و حيرة لدى مختلف الشرائح المجتمعية،في كل أنحاء العالم،و برزت التساؤلات عن مصير الإنسان.
و لكن هل أصبح العلم و نتائجه وبالا على الإنسانية ؟ وهل كان يشك باحث أو مفكر أو أي عاقل في أن أسمى هدف للعلم هو الحفاظ على حياة الإنسان، و تأمين أفضل الظروف لعيشه في منظومة أو منظومات روحية و مادية، هي أساس بنائه النفسي و الاجتماعي، و ضمان توازنه الجسدي و العقلي و الوجداني ؟
أ فهل أصبح العلم عبثا ؟ و إذا كان ذلك كذلك فالإنسان بعقله ينبغي عليه أن يتجاوز كل مظاهر العبث، و أن يوقف كل عابث يسقط في الإضرار بذاته، و في الإضرار بغيره.
وبعد هذا فهل الاستنساخ خلق أم تخليق ؟
إن الشيء الثابت علميا و تجريبيا أن الاستنساخ ليس خلقا، لأنه ينطلق من الموجود المخلوق، في حين أن الخلق يكون من لا شيء.
إن الاستنساخ لا يعدو أن يكون اكتشافا كغيره، و لكن بدرجة أرقى، لبعض أسرار الحياة،فهو تركيب، و أحرى أن يكون تخليقا، أما الخلق فهو لله وحده، و هو القائل في محكم التنزيل: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " (يس82)، " و الله خلقكم و ما تعملون " (الصافات96)، " إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له " (الحج73
).
و بالوقوف عند "دوللي"، فإنه تجدر الملاحظة أن التقدم العلمي و التطورات التقنية التي صحبته، مكن من التجريب المتلاحق، و تحقيق ما يمكن اعتباره استنساخا في الوسط الحيواني.
و كان استنساخ "دوللي" عملية معقدة، و باهظة التكاليف، و نتيجة عدة عقود من البحث و التجارب المخبرية المختلفة.
و على الرغم من الفشل الذي لاحق فرق البحث منذ أكثر من نصف قرن إلا أن هذه التجربة الناجحة، توجت جهود أجيال من العلماء و الباحثين، و فتحت المجال واسعا أمام الاكتشافات و التحولات الجذرية المتوقعة، و عززت المطالب المتزايدة لتمويل الأبحاث، و لكسب السباق المعرفي و العلمي، في عالم يتعولم يوما بعد آخر، و يسير نحو سيطرة أكثر الناس ذكاء و علما.
و الجديد في تجربة " دوللي "، التي نشر خبر الكشف عنها، بعد أن تأكد أصحابها من سلامتها، هو استخدام تقنيتين فشلت كل واحدة بمفردها، فوقع الجمع بينهما و أثمرتا " دوللي " بعد اعتماد ألف بويضة، خصب منها 277
جنينا لم ينجح منها إلا واحد.
و أهم جديد في هذا الاكتشاف هو أن المورّثات- الجينات- التي كان المولود يحملها من أبويه، و ما ينتج عنهما من كائن حي ذي مميزات، نوع متفرد، أصبحت غير موجودة إلا من أحدهما، فلا أثر لأحد القرينين- الأب أو الأم-.
و لكن هل وجد الاستنساخ حقا، وهل " دوللي " حيوان مستنسخ ؟
" دوللي " ليست حيوانا مستنسخا تمام الاستنساخ، أي لا تماثل أصلها (أمها ) تماثلا كليا، فمجين مصوراتها الحيوية- Le genome de se mitochondries ، المتأتية من الخلية منزوعة النواة - ليس مأخوذا من أمها- النعجة التي أعطت الخلايا الضرعية Les cellules mammaires-
- و لا يعلم بدقة تأثير ذلك المجين في المراحل الأولى من التكوين.
فــ" دوللي " و أمها كائنان أكثر اختلافا من التوأمين الحقيقيين، المتماثلين في العوامل الوراثية Homozygotes
.
هذا فضلا عن الاختلاف في الأجيال، فالأم نعجة ذات ست سنوات، و تلك مولود فتي. و يبدو أن في احتمال استنساخ امرأة في الأربعين، فإن مستنسخها عندما يصل إلى سن الأربعين، يصبح في الثمانين، أي يصبح حمضه النووي..AND
في الثمانين.
و في هذا الصدد يشير " ولموت Y.Wilmut " أحد مكتشفي " دوللي " إلى أن الهدف الأساسي لفريقه ليس الاستنساخ، و إنما إحداث تغييرات جينية- محددة، في الخلايا..(2
).
و في استنساخ " دوللي " فإن أصحاب التجربة لا يعرفون بدقة أي نوع من الخلايا أدى إلى ميلادها، فقد تكون خلية فتية و متخصصة، كخلايا غدد الثدي أتناء الحمل، و قد تكون خلية جنينية متأخرة، لها عمر النعجة الحامل، و كانت قد تخلفت أثناء عملية النمو والتكوين...
رغم هذا فإن الاستنساخ يتدرج نحو التحقيق الفعلي، فقد تم استنساخ نوع من القردة، Reshus ، بمركز Oregon أرقن للبحث في - الثديات العليا- Primates
، لم تستخدم فيه تقنية " دوللي "،
و صرحت مديرة المركز بأن الهدف من استنساخ القردة هو تجريب بعض الأدوية.
و لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن باحثين من جامعة " جورج واشنطن " نشرا سنة 1993 معطيات و نتائج تجارب تقسيم برعمي لأجنة إنسانية، وقع تقسيمها إلى اثنين 2 فأربعة 4 ، فثمانية 8
، نتائج وصلا إليها دون موافقة لجنة الأخلاقيات، و نشراها بدعوى تنشيط النقاش حول موضوع الأخلاقيات..
و بهذا يمكن الحديث عن إمكانية استنساخ الإنسان عمليا: نظريا و تطبيقيا، و لكن هل الاستنساخ هو إيجاد المماثل جسما و شكلا، أم أن الإنسان هو أكثر من ذلك و أشد تعقيدا ؟
إن المتعارف هو أن الإنسان ليس موروثات جسمانية، و شكلا مزيجا من أبوين فحسب، و إنما هو كذلك روح و عقل ونفس و وجدان تتأثر بعوامل البيئة العائلية و الثقافية و الطبيعية، و عوامل ذاتية،
و أخرى غيرها، و من الكل تتحدد شخصية الكائن الإنساني، و لذا يستبعد أن توجد شخصيتان متماثلتان حتى لو كانتا توأمين، فالتشابه بينهما لا يعدو الجوانب الإنسانية.. و هذا وحده كاف ليهدّئ من روعنا، ويخفف من خشيتنا ويدفعنا إلى تشجيع التقدم العلمي و دعمه، لا سيما إذا لم يهدف أو يؤدّ إلى الإضرار بالإنسان و بيئته.و للوقوف على تأثيرات العملية الاستنساخية التي تمت، و إلى احتمالات استنساخ الإنسان، فإن الواقع الراهن، و المستقبل الوافد يشتركان في هذا الهاجس الخطير.
و إذا ركزنا على عالمنا الإنساني، و تطلعنا إلى استكناه التأثيرات النفسية والاجتماعية و الاقتصادية و الأخلاقية و القانونية، و الدينية بدرجة أساسية، فإن ذلك سيحيلنا حتما إلى التساؤل عن التأثيرات في مجال البيئة الطبيعية، و الآفاق - العوالم الكونية - فما هي جلية الأمر ؟ و هل بمقدورنا الإجابة ؟
نفسيا : صرح بعض المختصين " بأن هذا الحدث سيغير نظرتا إلى أنفسنا " أي سيحدث انقلابا في كل ما تعارفنا عليه، من كوننا أفرادا إنسانيين من سلالة معينة، تنظمها قوانين في تسلسلها و وجودها...
و رأى بعض علماء النفس و التربية أن التأثيرات سوف لا تظهر سريعا، لأن علم النفس يعنى بدراسة الحالات الواقعة.هذا فيما يخص الشخصية الإنسانية، فكيف سيكون الأمر مع شخصية المستنسخ ؟ هل ستكون له نفس الميول و العواطف و ردود الفعل، فرحا أو حزنا، رضا أو غضبا... مع أصله ؟ أسئلة كثيرة تطرح...
اجتماعيا : يتميز الإنسان بانتمائه إلى أسرة : هذه الخلية الاجتماعية الأساسية التي نشأ في أحضانها جميع البشر سوى آدم و حواء و عيسى الذين يمثلون معجزات إلهية في الخلق الإنساني.
و الاستنساخ يهدد نظم الأسرة و الزواج و القرابة و المصاهرة و الميراث و غيرها. ألا يعدنا بالاقتصار على المرأة التي ستستمر في الإنجاب دون حاجة إلى قرين ؟ لكن ألا يتوقع أن ينحصر دور المرأة مثلما بشّر الحدث بانحسار دور الرجل، فتستحدث أرحام، و أنه لا يحتاج إلى المرأة إلاّ من أجل تقديم بويضتها ؟ لكن ما الذي يمنع من إنتاج بويضة ؟
هنا نصل في اعتقادي إلى حاجز آخر، بعد حاجز الشخصية...إن العلماء وصلوا بعلمهم إلى نتائج باهرة، لكن الذي حصلوا عليه كان بالانطلاق مما هو موجود أي مخلوق، فهل يستطيعون الخلق من لا شيء أي هل يستطيعون الخلق حقا ؟
اقتصاديا : يرى بعضهم أن للاستنساخ فائدة لا تقدر، إذ سيؤسس سوقا بعدة مليارات من الدولارات، و سيدفع إلى مزيد تنشيط الحركة العلمية، بتمويل المشاريع، و تحفيز الباحثين. و البعض الآخر يراه إضافة مهمة، و لكن لا تبلغ درجة الثورة. وثمة من يذهب إلى قلة مردوديته، اعتبارا إلى ضخامة التمويلات و فشل التجارب، ونجاح " دوللي " كان ثمرة ألف بويضة،فكيف سيتحقق الربح ؟
و لكن المتأمل بدقة و موضوعية في ما انجر و ما سينجر عن الاستنساخ في مجالي النبات والحيوان، يلاحظ أن ثمة منافع كبيرة في عدة مستويات : طبية - علاجية و وقائية - و غذائية و بيئية...فهناك أدوية و أمصال و طرق علاجية تثبت جدواها، و أخرى في مجال التجريب، من ذلك ما يزيد على 230 دواء جربت خلال سنة 1997
في مستشفيات و مصحات أمريكية وأوروبية خاصة، و هي تتعلق خاصة بأمراض السرطان و القلب و الأوعية.
و أنتج هرمون نمو، و مواد دموية خالية من الفيروسات الخطرة، و حليب غير دسم.
و هناك حركة علمية متنامية لاستنساخ حيوانات ثديية و خاصة منها القردة للحصول على أعضاء، إذ تقدر سوق الأعضاء و الأنسجة بـ 6
مليارات دولار.
و يتطور العلاج الجيني Therapie genique
، و يفتح مجالات مستقبلية واعدة، و لا سيما في تحضير أمصال للإنسان و الحيوان، و إدخال جينات في خلايا الأبقار لاستدرار حليب دواء لبعض الأمراض.
و كل هذه الاكتشافات و التطبيقات العلمية البيولوجية و الجينية و الطبية تنمي اقتصاديا الدول المتقدمة، و مراكز بحوثها، و تخصها بالسيطرة على أسواق الدواء و التأثير الثقافي و الحضاري، إنها مؤشر آخر فاعل من مؤشرات تقدم الأمم..
أخلاقيا : يدخل مشروع استنساخ الإنسان في إطار علم تحسين النسل : Eugenisme
و بهذا يكون معرضا إلى كل التدخلات في المستويين الأخلاقي و القانوني، الذين اتفق أغلب المتخصصين فيهما على استنكاره، لأنه تغيير جذري للعلاقة المؤسسة لأصل الإنجاب الإنساني، فالجنسان تنعدم الغاية من وجودهما، و تنتهي العملية الاستنساخية إلى جعل الإنسان منتوجا صناعيا، يبحث له عن أسواق.
و ينبغي إعادة النظر في هذا الموضوع، والتفكير في إيجاد أفضل الصيغ التي تمكن من إبقاء البحث العلمي في قداسته، و نبل رسالته، و إيجابياته، و إبعاده عن المنزلقات و التردي في حضيض الإساءة إلى الإنسان الذي يرى فيه أنبل ما وصل إليه العقل الإنساني، إذ عوده غالبا على صون حياته، و أمنه، و سعادته و رفاهه، فكيف يصبح هذا المجال النبيل سبب بؤسه وحيرته و دماره ؟
و تجدر الملاحظة أن بلادنا كانت من الدول الأولى التي اهتمت بموضوع التطورات العلمية البيولوجية،و أحدثت بأمر منكم يا سيادة الرئيس، لجنة وطنية للأخلاقيات الطبية لمتابعة كل المستجدات التقنية في مجالات البيولوجيا و الطب، و العمل على التوثيق بينها و بين القواعد الأخلاقية و القيم الإنسانية و الحضارية و حقوق الإنسان،و المجلس الإسلامي الأعلى ممثل في هذه اللجنة بأحد أعضائه.
قانونيا : يلاحظ غياب نصوص قانونية محددة، تمنع الإنسان من التلاعب بحياة الإنسان و كرامته و خصوصياته، رغم توفرها مجملة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، منذ نصف قرن، و تكفي الإشارة إلى الفصلين الأول و الثالث، ليتضح ذلك.
و لذا فإن ما يجدر التنبيه إليه و الاتفاق عليه هو سن القوانين التي ينبغي أن تسبق الأحداث و أن تستشرف المستقبل في شتى المجالات، فتكون بذلك أداة لحماية الإنسان، و دفعا لطموحاته العلمية المشروعة.
دينيا : يمس هذا الحدث الجوانب الدينية، بل يمس الدين في أساسه و هو المجال العقدي، ألا يلمح الاستنساخ إلى اللبس في مسألة الخلق ؟
إنه بعامة يمكن أن يحدث هزة عنيفة، لدى ضعاف الإيمان، أو الذين لم يتمكنوا من علم راسخ في قدرة الله و وحدانيته و خالقيته، و في إعطائه الإنسان قدرة على اكتساب العلوم، و النفاذ إلى الأسرار الوجودية، و الكونية.
هذا بخصوص استنساخ الإنسان الذي اتفق أغلب رجال السياسة و الدين و القانون و الأخلاق على منعه، وقد صرح بذلك أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى في الندوة التي عقدها المجلس حول الاستنساخ، أما استنساخ الأعضاء كالكبد و الكلية، فقد أفتى بعض الفقهاء بجوازه. و هذا اجتهاد رائد يراعي أهمية التقدم العلمي، و في نفس الوقت يمنع المسّ بالإنسان حياة و كرامة وقيما دينية و أخلاقية و حضارية.
و هذا استأثر الاستنساخ بالرأي العام العالمي، و صدت التصريحات و الإعلانات من المنظمات الدولية و الإقليمية، ومن الجمعيات الطبية الأخلاقية و غيرها...
فقد صرح المدير العام لمنظمة اليونسكو بأنه لا يمكن قبول الاستنساخ الإنساني تحت أي شرط.
و أعلنت المندوبة الأوروبية للبحث العلمي، أمام البرلمان الأوروبي، أنه يوجد اتفاق بين العلماء دوليا على استنكار البحث في الاستنساخ الإنساني.و صوت مندوبو 186 بلدا في منظمة اليونسكو على الإعلان العالمي حول المجين الإنساني و حقوق الإنسان، الذي يشير الفصل 11
منه إلى أنه لا يمكن السماح بالممارسات المخالفة لكرامة الإنسان، مثل الاستنساخ من أجل الحصول على بشر.
و أعلنت المنظمة العالمية للصحة OMS
أن استنساخ الإنسان غير مقبول.
و جاء في تصريح مجلس أوروبا في الفصل الأول منه : يمنع كل تدخل يهدف إلى إيجاد كائن إنساني مماثل جينيا لشخص آخر حي أو ميت.
و تحرك المنسق العالمي للمنظمات الدينية و الأخلاقية، للدعوة إلى تحريم عالمي للاستنساخ، معتبرا إياه كالسرقة و التغرير بالأطفال و القتل...و صرح إلى صحيفة واشنطن بوست Wachington post بأن هذا الحديث شديد الخطورة على مستقبل حضارتنا، إنه إنكار لثقافاتنا و تقاليدنا التاريخية، أصبحنا نسير نحو ثقافة التزييف : Culture de contre - facon
.
و إزاء هذا المد المستنكر للاستنساخ، برزت تصريحات و مواقف، مؤيدة و مشجعة، و معبرة عن فرحتها بانتصار العلم.فعلماء الأحياء - البيولوجيا - و الوراثة و الأجنة، و هم المعنيون بالموضوع، صرحوا بأن في الاستنساخ فائدة للإنسان، إذ سيخفف آلامه، و يقضي على أمراضه المختلفة الموروثة و المكتسبة.
و خلاصة القول فإن مسألة الاستنساخ ما زالت مطروحة للدرس و النظر و هي تمثل مرحلة مهمة في تطور العلم. وتلفت الأنظار إلى ضرورة تشجيع الباحثين و تمويل مشاريعهم التي يشترط أن تكون لصالح الإنسان.
و المسألة تمس المجتمع الإنساني في حياته وقيمه التي عاش عليها منذ نشأته الأولى، و تؤكد حاجته إلى الاتفاق على وضع قوانين ملزمة لجميع أفراده و على احترام الأديان، و كرامة الإنسان.
سيادة الرئيس،
إن بلادنا في ظل قيادتكم الحكيمة أصبحت صورة مثلى لحضارة الإسلام و المسلمين، و انخرطت بكل اقتدار في الحضارة المعاصرة، تنظيما محكما و تخطيطا ملهما و إسهامات علمية وتطبيقية متميزة، و سياسة اجتماعية تضامنية رائدة، حفاظا على كرامة الإنسان و تكريسا لحقوقه.
سيادة الرئيس،

في هذه الليلة المباركة، ومن هذا القصر العامر، أتوجه إلى الله العلي القدير أن يحفظكم و يكرمكم برعايته، و يشملكم بعنايته و يبقيكم ذخرا للوطن و للمسلمين كافة، إنه تعالى سميع الدعاء مجيب، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
__________________

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اتفاق مكة من وجهة نظر العدو صاحب النقب فلسطين والأقصى الجريح 2 11-02-2007 01:39 AM
المغرب hichou ملتقى تفسير الاحلام والرؤى 0 06-11-2006 06:44 PM
الاستنساخ د / أحمد محمد باذيب الملتقى العلمي والثقافي 0 17-12-2005 03:23 PM


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.81 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]