فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي
اخر عشرة مواضيع :         الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1189 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16899 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 9 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          توقفوا عن التنصيف رحمكم الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-03-2023, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان

فقه الصيام من دليل الطالب (1)
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
(1)



دليل الطالب كتاب الصيام [1]
للصيام أحكام مهمة، ومن جملتها معرفة حكمه في الإسلام وشرائط وجوبه وصحته، وما تثبت به رؤية هلال رمضان، وحكم العمل برؤية غير أهل البلد، وغير ذلك من الأحكام.
بيان معنى الصيام ومعنى رمضان
الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وب
عد: فأسأل الله جل وعلا أن يجعل هذه المحاضرات في هذه الدورة مباركة على الجميع، مباركة على من حضر وحاضر ونظّم وأعان؛ إنه مجيب الدعاء، وأسأله جل وعلا أن يفقهنا وإياكم في دينه وأن يبصّرنا في شريعته وأن يجنبنا وإياكم الجهل والزلل؛ إنه سميع الدعاء.

ودروسنا في هذه الدورة الصباحية في كتاب الصيام من كتاب الدليل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الصيام].
الصيام في اللغة: الإمساك، ومنه قوله تعالى عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم:26] أي: إم
ساكاً عن الكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [مريم:26].
وأما في الشرع: فهو الإمساك عن المفطّرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، يمسك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها من مفطّرات الصائم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، هذا هو الصيام في الشرع، ولا خلاف بين أهل السير أن رمضان شرع في السنة الثانية من الهجرة، وأن النبي عليه الصلاة والسلام صام تسعة رمضانات.
ورمضان: من رمِض يرمض رمضاً، وسمي رمضان برمضان؛ لأنه وافق شدة حر في أول م
شروعيته، وما روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقولوا: جاء رمضان؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله) فهذا حديث ضعيف فيه أبو معشر وهو ضعيف الحديث، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة) كما في الصحيح، فلا يصح أن رمضان اسم من أسماء الله جل وعلا الحسنى].

حكم صيام رمضان
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صوم رمضان].
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة، قال عليه الصلاة والسلام: (بُني الإسلام على
خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]، وقد أجمع أهل العلم على أن من جحد وجوبه فقد كفر، من قال: إن رمضان ليس بفرض، بل هو كمال أو فضل أو سنة وليس بفرض وليس بواجب وأنا أصوم لأنه فضل؛ فهذا كافر بإجماع أهل العلم، فمُنكر وجوبه كافر بالإجماع، وأما من أفطر رمضان متعمداً لا عذر له وهو مقر بوجوبه فإنه لا يكفر، وإنما قد أتى باباً عظيماً من أبواب الكبائر، لكنه لا يكفر، فالذي يكفر هو مُنكر أو جاحد وجوبه، فجاحد وجوبه كافر بالإجماع.
ما يثبت به وجوب صيام رمضان
حكم الصيام برؤية غير أهل البلد
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صوم رمضان برؤية هلاله على جميع الناس] لقوله عليه الصلاة والسلام في الص
حيحين: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) قال الجمهور: إذا رُئي في بلد لزم سائر البلاد الصوم.
واستدلوا بحديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فإذا رُئي -مثلاً- في قطر ولكن الإمارات حال دون رؤيتها غيم أو قتر أو غير ذلك ولو لم يكن كغيم أو قتر فيلزم أهل الإمارات الصوم، ويلزم أهل مصر، وأهل الشام، وأهل الحجاز ونجد، وسائر أهل المملكة العربية السعودية، وغير ذلك من البلاد شرقاً وغرباً، هذا هو قول الجمهور؛ لحديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
وقال الإمام إسحاق: بل لكل بلد رؤيته، أهل قطر لهم رؤيتهم، وأهل الإمارات لهم رؤيتهم، وأهل الشام لهم رؤيتهم، وهكذا.
واستدل بحديث كريب، فإنه استهل عليه رمضان وهو في الشام حين بعثته أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها، وفيه أن ابن عباس رضي الله عنه سأله؟ فقال كريب: رأيت الهلال
ليلة الجمعة في الشام.

قال: أنت رأيته؟ قال: نعم رأيته ورآه الناس فصام الناس وصام معاوية.
قال ابن عباس: (لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نُكمل ثلاثين أو نراه.
فقلت -يقول كريب -: ألا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟! قال: لا، هكذا أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام).
إذاً: أهل الشام قد رأوه ليلة الجمعة، وأهل الحجاز رأوه ليلة السبت، فكان لكل أ
هل بلد رؤيتهم.
وهذا -أيها الأخوة- يدل على أن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد، وكون المسلمين يختلفون في ذلك لا يضر، كون أهل الشام يصومون قبلنا بيوم أو بعدنا بيوم هذا لا يؤثر، ولا يثير عداوة ولا بغضاء، أما كون أهل البلد الواحد بعضهم يصوم وبعضهم يفطر فهذا الذي فيه العداوة والبغضاء، الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يُفطر الناس، فهذا الذي يُنهى عنه، فإذا رأى الحاكم قولاً أخذ به وألزم الناس به، وحُكم الحاكم يرفع الخلاف، ولا تقل: أنا أرى أن لكل أهل بلد رؤيتهم والحاكم قد أعلن، بل ترجع إلى قول الحاكم؛ لأن هذه المسائل يُرجع فيها إلى حُكم الحاكم ليرفع فيها الخلاف.

وبعض العلماء -كالشافعية- توسطوا -وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - ف
قالوا: إذا اتحدت المطالع لزم الصوم وإذا اختلفت المطالع لم يلزم الصوم، فإذا أعلن -مثلاً- أهل قطر أنهم رأوا الهلال وكان أهل الإمارات يوافقونهم في المطلع -وهذا أمر معروف عند أهل الفلك- صاموا، وإذا كانوا يختلفون معهم لم يصوموا، وهكذا.
إذاً: إذا اتحدت المطالع لزم الصوم، وإذا اختلفت لم يلزمنا أن نصوم لرؤية أهل بلد يختلفون معنا في مطلع القمر، وهذا هو الأصح.
وهذه المسألة -أيها الأخوة كما تقدم- من المسائل الاجتهادية، فإذا رأى الحاكم قولاً فإن قوله يرفع الخ
لاف ويُلزم الناس بذلك.
--------------------
(1)-[فقه الصيام والحج من دليل الطالب]ـ
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-03-2023, 12:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان




فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد

(2)


حكم صيام يوم الشك
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صوم رمضان برؤية هلاله على جميع الناس، وعلى من حال دونهم ودون مطلعه غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان احتياطاً لنية رمضان].
هؤلاء أهل البلد في ليلة الثلاثين من شعبان، كان بينهم وبين رؤية الهلال غيم أو قتر، فقد مضى اليوم التاسع والع
شرون من شعبان ونحن الآن في ليلة الثلاثين من شعبان، لكن الليلة ليلة غيم وقتر، فلم يتمكن الناس من رؤية الهلال والحالة هذه، فما الحكم؟ قال الحنابلة: يصبحون صائمين احتياطاً، إذاً: كم يكون شهر شعبان؟ يكون تسعة وعشرين يوماً.

واستدلوا بقول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له) قالوا: (اقدروا له): يعني: ضيّقوا عليه، أي: ضيقوا عليه بأن يكون تسعة وعشرين يوماً.

وقال الجمهور: بل لا يجب صيام هذا اليوم، وأما قوله عليه الصلاة والسلام: (فاقدروا له) فقالوا: معناه: احسبوا ثلاثين يوماً، فالتقدير هنا من الحساب، قالوا: ويدل على ذلك رواية البخاري (فأكملوا العدة ثلاثين)، وفي رواية مسلم (فاقدروا له ثلاثين يوماً) وفي الصحيحين من حديث أب
ي هريرة (فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين) قالوا: وعلى ذلك فقوله عليه الصلاة والسلام: (فاقدروا له) أي احسبوا وعدوا ثلاثين يوماً واستدل الحنابلة -أيضاً- بأن الراوي -وهو ابن عمر - كان رضي الله عنه -كما في سنن أبي داود - إذا حال دون رؤيته غيم أو قتر أصبح صائماً، ورُدّ هذا بأن العبرة بروايته لا برأيه، فهذا رأي له وقد فعله احتياطاً.

وقد جاء في سنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره) فكان يتحرى الهلال، فإذا رأى هلال رمضان صام، وإن لم يره أصبح مفطراً، وعلى ذلك فالصحيح ما ذهب إ
ليه الجمهور.
وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن هذا اليوم يُنهى عن صيامه، وهو اختيار أبي الخطاب وابن عقيل من الحنابلة، واختاره طائفة من أئمة الدعوة كالشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ محمد بن إبراهيم وغيرهم، ويدل على ذلك قول عمار رضي الله عنه -كما عند الأربعة-: (من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم).
وهذا القول هو الراجح، وهو أنه يُنهى عن ذلك، والأصح أنه نهي تحريم، وأن اليوم الذي يُشك فيه لا يجوز صيامه، والوجوب الذي هو مذهب الحنابلة -كما تقدم- لا تتوجه إضافته إلى الإمام أحمد كما قال ذلك صاحب الفروع، وكذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله، فليس في نصوصه ما يدل على الوجوب.
إذاً: الراجح أن يوم الشك يُنهى عن صيامه، ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت ليلته ليلة غيم وقتر، فلو كانت الليلة ليلة صحو ولم يروا الهلال فإنهم يفطرون بلا خلاف.

إذاً: إذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان ليلة صحو ولم يُر الهلال فإنهم يفطرون، فإن كانت ليلة غيم وقتر -والقتر: هو الغبار- ولم يروا الهلال، ويُحتمل أن يكون الهلال قد استهل لكنهم لم يروه للغيم أو القتر؛ فأهل العلم منهم من يوجب الصيام، ومنهم من لا يوجبه، ومنهم من ينهى عنه، والصحيح النهي كما تقدم.
وهنا المؤلف رحمه الله قال: [احتياطاً بنية رمضان] إذاً: هو عنده من باب الاحتياط، لكنه يج
ب على المشهور في المذهب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجزئ إن ظهر منه].
هذا رجل صام يوم الثلاثين من شعبان احتياطاً فبان أن هذا اليوم من رمضان، ثبتت البينة في أثناء النهار أن هذا اليوم من رمضان، وأنه رئي في البلد الفلاني، وكان في القديم يتأخر الخبر، فثبت في النهار أنه من رمضان، فالحكم أنه يجزئه ذلك، ولذا قال: [ويجزئ إن ظهر منه] أي: يجزئ إن ظهر من رمضان.
قال رحمه الله تعالى: [وتصلى التراويح احتياطاً كذلك] فيصومون نهاره ويقومون ليلته احتياطاً.
قال رحمه الله تعالى: [ولا تثبت بقية الأحكام].

فبقية الأحكام لا تثبت كوقوع الطلاق، فلو أن رجلاً قال لزوجته: يا فلانة! أنتِ طالق في أول يوم من رمضان، فهل تطلق في هذا اليوم الذي هو يوم الشك؟ لا؛ لأنه يوم شك، لكنها تطلق في اليوم الذي بعده؛ لأنه هو اليوم المتيقن أنه من رمضان.
ولو أن رجلاً أجّل دينه أو كان على أقساط يحل القسط في أول رمضان، فه
ل يحل في يوم الشك؟ لا يحل، بل يحل في اليوم الذي بعده.
ولذا قال: [كوقوع الطلاق والعتق] فلو قال: يا فلان! أنت حر في أول يوم من رمضان؛ فلا يعتق في هذا اليوم الذي هو يوم الشك، وحلول الأجل كذلك.
بيان من يقبل خبر رؤيته هلال رمضان وما يترتب عليها
قال رحمه الله تعالى: [وتثبت رؤية هلاله بخبر مسلم] لا كافر؛ لأن الله يقول: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات:6] والكافر أولى في رد خبره.
قال رحمه الله تعالى: [مكلّف عدل ولو عبداً أو أنثى]، فيُقبل خبر الواحد في رؤية الهلال إذا ك
ان عدلاً مكلفاً، يعني: بالغاً عاقلاً ولو كان أنثى، ولو كان عبداً، لا يُشترط أن يكون حراً؛ لأن هذا خبر دين، وخبر الدين يُقبل فيه خبر الواحد، ولذا نعتمد على أحاديث الآحاد وإن كان الراوي واحداً، فالحديث الغريب نقبله وإن رواه الواحد؛ لأنه خبر ديني والناس مستأمنون على أديانهم، فإذا كانوا عدلواً فإنهم لا يكذبون، فلا يمكن أن يقول: إني رأيت الهلال وهو كاذب، فيُقبل خبر الواحد لأنه خبر ديني، ولذا جاء في سنن أبي داود أن ابن عمر رضي الله عنه قال: (تراءى الناس الهلال فرأيته وأخبرت النبي عليه الصلاة والسلام أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه).
وتثبت بقية الأحكام تبعاً للصيام، كل الأحكام تثبت تبعاً للصيام، ما دام أنه ثبت بخبر الواحد وثبت أنه عدل فإن الصيام يثبت وتثبت بقية الأحكام.
قال رحمه الله تعالى: [ولا يُقبل في بقية الشهور إلا رجلان عدلان].

في بقية الشهور لا بد من رجلين عدلين، لا يُقبل فيها خبر الرجل الواحد، واستدلوا بحديث في سنن الن
سائي ومسند أحمد (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) قالوا: قوله: (فصوموا) قبلنا في الصيام خبر الواحد لحديث ابن عمر، لكن قوله: (فأفطروا) ليس فيه عندنا حديث يُعارضه، فقوله: (فصوموا) مفهومه أنا لا نصوم بشهادة شاهد، لا نصوم رمضان إلا بشهادة شاهدين، لكن حديث ابن عمر منطوقه يدل على خلاف ذلك، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
لكن قوله: (وأفطروا) ما عندنا شيء يعارضه، فقال الجمهور على ذلك: إن رؤية هلال شوال التي يثبت بها خروج رمضان لا تث
بت إلا بشاهدين؛ لقوله: (فإن شهد شاهدان) وأما رؤية هلال رمضان التي يثبت بها الصيام فيُقبل فيها خبر الواحد، وهذا هو قول الجمهور.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-03-2023, 11:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان




فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد

(3)



شروط وجوب الصوم
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وشروط وجوب الصوم أربعة أشياء] هذه شروط وجوبه، فلا يجب الصيام إلا بهذه الشروط: قال رحمه الله تعالى: [الإسلام] فلا يجب الصيام على الكافر، ولا يصح منه كما سيأتي، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ
مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة:54].
قال رحمه الله تعالى: [والبلوغ والعقل] فلا يجب على المجنون؛ لأن المجنون ضد العاقل، ولا يصح منه كما سيأتي، فلا يصح من المجنون ولا يجب عليه، وضد البالغ الصبي، فالصبي لا يجب عليه الصيام، وهل يصح منه؟ سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله.

قال رحمه الله تعالى: [والقدرة عليه، فمن عجز عنه لكبر أو مرض لا يُرجى زواله أفطر وأطعم ع
ن كل يوم مسكيناً مد بُر أو نصف صاع من غيره] لقول حيث ابن عباس رضي الله عنه في قوله جل وعلا: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] حيث قرأ: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطوّقُونَهُ)) وقال رضي الله عنه: (هي في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً) رواه البخاري، وسيأتي شرح هذا إن شاء الله تعالى.
إذاً: لا يجب على الكافر، ولا يجب على الصبي، ولا يجب على المجنون، ولا يجب على الكبير والمريض الذي لا يُرجى برؤه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وشروط صحته ستة: الإسلام].
شروط صحة الصوم
الإسلام

قلنا: إنه لا يجب على الكافر، لكن هل يصح من الكافر؟ قال المؤل
ف هنا: لا يصح.
إذاً: لا يجب على الكافر ولا يصح منه.
انقطاع دم الحيض والنفاس
قال رحمه الله تعالى: [وانقطاع دم الحيض والنفاس] فلو أن امرأة صامت وهي
حائض أو نفساء فهل يصح صومها؟ لا يصح.
التمييز
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الرابع: التمييز].
التمييز يكون عند تمام سبع سنين، فمن كان دون سبع سنين فهو غير مميز، فهل يصح منه الصوم؟ لا يصح، فلو صام وهو ابن ست سنين أو ابن خمس سنين لا يصح صومه؛ لأن قصده ناقص ضعيف فهو كالمعتوه، فإن كان الصبي مميزاً وهو ابن سبع سنين فيصح صومه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فيجب على ولي المميز المطيق للصوم أمره
به وضربه عليه ليعتاده].
هذه مسألة أخرى، قلنا: إن المميز -وهو ابن سبع سنين- يصح صومه، لكن هل يؤمر بالصيام كما يؤمر بالصلاة؟ قال المؤلف: فيه تفصيل: إن كان يطيق أُمر، وإن كان لا يُطيق لم يؤمر، فإن كان عمره عشر سنين لم يبلغ، وهو ضعيف البدن والجو شديد الحرارة والنهار ط
ويل ويشق عليه الصيام مشقة شديدة، فهل يجب على الولي أن يأمره بالصوم؟ لا، وإذا كان قوي البنية قادراً على الصوم مطيقاً له فإنه يأمره بذلك، ولذا قد يأمر الأب هذا ولا يأمر هذا، قد يأمر الأصغر ولا يأمر الأكبر، قد يكون عنده ابن ثمان سنين أو تسع سنين لكنه ضعيف لا يتحمل، أو يكون في تلك الليلة لم يطعم، والآخر قد طعم ونشط.
فهذه المسألة راجعة إلى اجتهاد الولي، إن كان الولي يرى أن الابن يطيق أو أن البنت تطيق، وهذا إنما
يكون بعد سبع سنين، أما إن كان دون سبع سنين فإنه لا يصح صومه.



العقل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الخامس: العقل] لأن الصوم إمساك بنية، ومن لا عقل له لا نية له.
قال رحمه الله تعالى: [لكن لو نوى ليلاً ثم جُن أو أُغمي عليه جميع النهار فأفاق منه قليلاً صح].
هذا رجل نوى الصيام من الليل ثم جُن، فبعض الناس يُجن تارة ويعقل تارة، يذهب عقله ويجيء مثل بعض كبار السن، فبعض كبار السن يذهب عقله، ثم يعود إليه عقله تاماً، فهذا رجل نوى من الليل ثم جُن فأفاق أثناء النهار وأمسك، أو قبل غروب الشمس بنصف س
اعة أفاق وأمسك ولم يأكل ولم يشرب وقد نوى من الليل فغربت عليه الشمس ولم يأكل ولم يشرب، فإنه يصح صومه.
أو رجل أُغمي عليه، كأن تسحر ثم وقع على رأسه وأغمي عليه ولم يفق إلا قبل غروب الشم
س بدقائق فأمسك ولم يأكل ولم يشرب ولم يكن قد أكل أو شرب؛ إذ بعض الناس يوضع له مغذ وهو مغمى عليه، والمغذي يقوم مقام الأكل والشرب، لكن هذا لم يوضع له المغذي ولم يطعم فأمسك، فيصح صومه.

لكن إن أُغمي عليه جميع النهار، فما أفاق إلا بعد غروب الشمس فقد قال الحنابلة: يجب عليه القضاء.
وقال بعض العلماء -وهو اختيار صاحب الفائق من الحنابلة، واختيار ابن سريج من الشافعية- لا يجب عل
يه القضاء، وهذا هو الصحيح؛ لأنه زائل العقل فليس بمكلف، وهذا الأمر راجع إلى العقل، فالتكليف مناطه العقل، فالصحيح أن من أُغمي عليه جميع النهار فلا يجب عليه القضاء، ومن نام كل النهار صح صومه بإجماع العلماء والحمد لله.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-03-2023, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان




فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
(4)



النية
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [السادس: النية من الليل لكل يوم واجب قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، وفي سنن أبي داود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له) فلا بد من النية؛ فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
قال رحمه الله تعالى: لكل يوم من الليل، لا بد أن تكون النية من الليل لكل صوم واجب كرمضان، وكالنذر، وككفارة
اليمين، أو كفارة القتل، أو كفارة الظهار، أو القضاء، هذا كله من صيام الواجب فلا بد أن ينوي من الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له) وهنا المؤلف قال: [لكل يوم] فكل يوم له نيته من الليل، اليوم الأول له نيته، واليوم الثاني له نيته، واليوم الثالث له نيته، وهكذا.

وقال المالكية -وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار ابن عقيل من الحنابلة-: بل تكفي نية من أول الشهر، إذا لم يقطع هذه النية بسفر يُفطر به أو مرض، أي: يُفطر به، كرجل سافر فقطع نيته فأفطر، فلا بد أن ينوي إذا أراد أن يصوم، أو مريض أفطر أياماً ويريد أن يصوم من الغد، فلا بد أن ينوي من الليل وإلا فإن النية من أول الشهر تكفي؛ لأن شهر رمضان عبادة واحدة، وهذا هو الراجح، وهو -أيضاً- الأيسر، وبه -أيضاً- يزول ما يُخشى من وقوع كثير
من الناس في الوسوسة: أنا نويت أم لم أنو.
فالراجح ما ذهب إليه المالكية وهو رواية عن أحمد واختيار ابن عقيل، أن نية من أول الشهر تكفي إن لم يقطع ذلك بسفر يُفطر به.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [لكل يوم واجب]، وأما النفل فإن النية تصح فيه من النهار
، سواء كان هذا النفل نفلاً مطلقاً أو نفلاً مقيداً كعرفة، أو عاشوراء، أو أيام الست، أو أيام البيض، فالنية من النهار تكفي ما دام أنه لم يطعم، فتكفي النية من النهار قبل الزوال أو بعده على الصحيح، حتى لو نوى بعد الزوال، فلو أن رجلاً نام فاستيقظ بعد أذان الظهر وقال:

ما بقي من النهار إلا ساعات يسيرة فلو أني نويت وأتممت هذا اليوم صائماً؟ فلا حرج عليه في ذلك، لكنه يؤجر بقدر ما نوى، ولا فرق في هذه المسألة كما تقدم بين الأيام التي يُستحب صيامها على التقييد كعرفة، والتطوع المطلق، وقد جاء في صحيح مسلم ما يدل على ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (هل عندكم شيء؟ قالت: لا قال: إني إذاً صائم) ثم أتاها في يوم آخر فقالت له: (يا رسول الله! أُهدي لنا حيس.
فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائماً) هذا يدل على أن التطوع تُجزئ النية فيه من النهار، وهذا هو
قول الجمهور، لكن أهل العلم القائلين بذلك اختلفوا: فمنهم من يرى أن النية إنما تُجزئ إذا كانت قبل الزوال، ومنهم من يرى أنها تجزئ ولو بعد الزوال، وهذا هو الراجح، وعلى ذلك فالصوم الواجب يجب أن ينوي فيه من الليل، والصوم المستحب مطلقاً -حتى لو كان صوم عرفة، أو عاشوراء، أو أيام الست أو غير ذلك- تجزئ النية فيه من النهار ما دام أنه لم يطعم، ويكون أجره بقدر نيته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن خطر بقلبه ليلاً أنه صائم فقد نوى] في الليل خطر في قل
به أنه صائم، فهذه هي النية؛ لأن النية محلها القلب، فهذا قد نوى.
قال رحمه الله تعالى: [وكذا الأكل والشرب بنية الصوم] دعا بالسحور ليتسحر فتسحّر، فهذه نية صوم، أو قام من الليل قبل الفجر وقال: أحضروا لي تمراً ولبناً فشرب بنية الصوم، فهذا يكفي.

قال رحمه الله تعالى: [ولا يضر إن أتى ب
عد النية بمناف للصوم].
بعض الناس يقول: أنا نويت الساعة الثانية وقلت: أنام قليلاً قبل الفجر فاستيقظت وقد بقي لطلوع الفجر نصف ساعة، فهل لي أن آكل أو أشرب أو أن أجامع؟ له ذلك، ولا يُنافي هذا النية المتقدمة، تبقى نيته ثابتة، ما دام أنه لم ينو الفطر من الغد.
قال رحمه الله تعالى: [ولا يضر إن أتى بعد النية بمناف للصوم
أو قال: إن شاء الله غير متردد].
قالوا له: تصوم غداً؟ فقال: إن شاء الله، أراد بذلك تعليق الأمر بمشيئة الله والتبرك بذكره، فهذا ليس بتردد، لكن لو قيل له: أتصوم غداً وهو مسافر فقال: إن شاء الله فهو متردد، فإن نام على هذا التردد، فهل تكفي هذه النية أو لا بد من جزم بالنية؟ لا تكفي هذه النية؛ لأنها فيها تردد، فلا بد أن يجزم لأن النية يُشترط فيها الجزم.
والتردد ينافي الجزم.

إذاً: إذا قال إن شاء الله متردداً لم تُجزئ نيته، وإن قال إن شاء الله متبركاً غير متردد فإنها تجزئ.
قال رحمه الله تعالى: [وكذا لو قال ليلة الثلاثين من رمضان: إن كان
غداً من رمضان ففرض وإلا فمفطر].
هذا رجل في ليلة الثلاثين من رمضان أراد أن ينام مبكراً ولم يثبت بعد هل الشهر كامل أم لا، فما أُعلم بعد، فقال: سأنام، فإن كان غداً من رمضان فهذا فرض ل


بيان فرض الصوم
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفرضه الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس].

فيمسك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات -ويأتي شرحها إن شاء الله تعالى- من طلوع الفجر الص
ادق، وهو البياض المعترض في الجانب الشرقي تحل فيه الصلاة -أي: صلاة الصبح، يعني: دخل وقتها- ويحرم فيه الطعام، بخلاف البياض المستطيل الذي يذهب إلى أعلى فإن هذا هو الفجر الكاذب، وأما الفجر الصادق فهو البياض المعترض الذي يكون في الجانب الشرقي، قال جل وعلا في كتاب الكريم: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187]، وقال عليه الصلاة والسلام فيما ثبت في الصحيحين: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) والحديث متفق عليه.
إذاً: يمسك من طلوع الفجر الصادق، وعلى ذلك فإذا قال المؤذن: (الله أكبر) وجب الإمساك، إذا كان المؤذن ثقة يؤذن على الوقت، والناس الآن في هذا الوقت يعتمدون هم والمؤذنون على التقويم، وعلى ذلك فإذا دخل الوقت على التقويم المعتمد من
الأوقاف وجب الإمساك.
وبعض الناس يأكل ويشرب حتى يسكت المؤذنون وهذا غلط، بل إذا تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وجب الإمساك، فليس لك أن تأكل والمؤذنون يؤذنون، بل يجب عليك أن تُمسك بمجرد دخول وقت الصلاة كما تقدم تقريره.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-03-2023, 01:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان






فقه الصيام والحج من دليل الطالب

المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
(5)


بيان سنن الصوم
قال المؤلف: [وسننه ستة: تعجيل الفطر] قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه، فيستحب تعجيل الفطر، فإذا غربت الشمس استحب لك أن تُفطر.
قال رحمه الله: [وتأخير السحور] ثبت في الصحيحين أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (تسحّرنا مع النبي ع
ليه الصلاة والسلام ثم قمنا إلى الصلاة.
فقيل له: كم كان بينهما؟) يعني: بين فراغكم من السحور وبين القيام للصلاة.
قال: (خمسون آية) وهذا زمن يسير، فدل هذا على استحباب تأخير السحور، والسحور سنة مؤكدة، قال عليه الصلاة والسلام: (السحور بركة) متفق عليه، وفي مسند أحمد (فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء) ولو أن تأكل تمرة أو تجرع جرعة من ماء؛ فإن ذلك يقويك على الصيام، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).

إذاً: السحور مستحب، ويستحب -كما تقدم- تأخيره.

قال رحمه الله تعالى: [والزيادة في أعمال الخير] في رمضان من قراءة للقرآن، وذكر، وصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
قال رحمه الله: [وقوله جهراً إذا شُتم: إني صائم] لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحي
ن: (فإن شاتمه أحد فليقل: إني صائم، إني صائم) والحديث متفق عليه، وفي رواية: (إني امرئ صائم).
وظاهره أنه يقول ذلك جهراً لا سراً بحيث يسمعه من سبه أو شتمه، وظاهره -كذلك- أن ذلك في الفرض وفي النفل، ولذا قال المؤلف هنا: [جهراً] وأطلق، يعني: في الفرض وفي النفل، لكن إن خشي على نفسه الرياء في النفل فهنا يقول ذلك سراً يؤدب نفسه بذلك، فيقول ذلك سراً لا جهراً إذا خشي على نفسه الرياء، وأما في الفرض فإنه يقول ذلك مطلقاً، يقول: (إني صائم) في الفرض، وفي النفل إذا لم يخش على نفسه الرياء قال ذلك جهراً، وإذا خشي على نفسه الرياء في النافلة فإنه يقول ذلك سراً.
قال رحمه الله تعالى: [وقوله عند فطره: اللهم لك صمت وعل
ى رزقك أفطرت].

هذا الدعاء جاء في سنن أبي داود وعند غيره لكن إسناده ضعيف، [سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم]، هذا من الدعاء المباح، وكذلك قول: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) إن قال ذلك فلا بأس، لكن لا يتخذ ذلك سنة، والمستحب له أن يقول ما جاء في سنن الدارقطني -والحديث حسن-: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء ال
له).
هذا رواه الدارقطني وغيره وهو حديث حسن، أما حديث: (لك صمت وعلى رزقك أفطرت) فإن قاله فحسن، لكن الحديث في سنده ضعف.
قال رحمه الله تعالى: [وفطره على رُطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء] فقد جاء في الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُفطر على رطبات، فإن لم تكن فتمرات، فإن لم تكن حسى حسوات من ماء، والحديث رواه الترمذي وغيره وهو حديث حسن، فيُفطر إما على رطب في أوان الرطب، وإما على تمر، فإن كان في أوان الرطب فالأفضل الرطب؛ لأن الرطب أبرد على المعدة من التمر، فيُفطر على رُطب، فإن لم يكن فعلى تمر، والتمر أصله الرطب و
كلاهما حلو، فيسهل هضمهما على المعدة، فينشط البدن سريعاً، فالمستحب له أن يُفطر على رطب، فإن لم يكن فعلى تمر، فإن لم يكن حسى حسوات من ماء، هذا هو المستحب له، لكن لو أفطر على طعام فلا بأس بذلك، لكن الأفضل أن يبدأ بالرُطب فإن لم يكن فبالتمر، فإن لم يكن حسى حسوات من ماء.دليل الطالب_كتاب الصيام [2]

من أحكام الصوم ما يتعلق بفرضه، ومنها ما يتعلق بسننه، ومنها ما يتعلق بالأعذار التي يجوز بها الفطر في نهار رمضان، وكل ذلك لا ينبغي للمسلم أن يجهله.
أعذار الفطر في رمضان
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: في أهل الأعذار.
ويحرم على من لا عذر له الفطر برمضان] لأن صيام رمضان فريضة، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، قال عليه
الصلاة والسلام: (بُني الإسلام على خمس) وذكر منها صيام رمضان، فمن أفطر في رمضان بلا عذر فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الكبائر، وقد جاء في سنن أبي داود بإسناد ضعيف أن من أفطر في رمضان بغير عُذر لم يكفه صيام الدهر وإن صامه،

والحديث إسناده ضعيف وإن كان معناه صحيحاً؛ فإن الفطر في رمضان -كما تقدم- من كبائر الذنوب، ولذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم قوماً معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل دماً فسأل عنهم، فقيل له: (هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم)، والحديث صحيح.
الحيض والنفاس
قال رحمه الله تعالى: [ويجب الفطر على الحائض والنفساء] لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أليس إذا حاض
ت لم تصل ولم تصم؟!) فالحائض والنفساء لا يصح صومهما ويجب عليهما الفطر، وعليهما القضاء.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27-03-2023, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان






فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد

(6)


الحاجة إلى الفطر لإنقاذ معصوم
قال رحمه الله تعالى: [وعلى من يحتا
جه لإنقاذ معصوم من مهلكة].
هذا رجل على الشاطئ رأى من يدركه الغرق فقال: أنا ضعيف عن إنقاذه، لا أقدر على إنقاذه إلا بأن آكل أو أشرب حتى أتقوى على إنقاذه، وقد يحتاج إلى الدخول في الماء ونحو ذلك، فله الفطر، فإن كان الأمر يتوقف على ذلك؛ فإنه يجب عليه الفطر؛ لأن هذا فيه إنقاذ للمسلم من الهلكة، وهذا أعظم وأولى من إكماله صومه، بل يجب عليه ذلك إن كان لا يقوى على إنقاذه إلا بذلك، فإن كان يقوى على إنقاذه بدون ذلك لكنه قد يضعف فإنا نقول له: ي
ستحب لك أن تأكل وتشرب لتتقوى، أما إذا كان لا يقوى على إنقاذه إلا بالأكل والشرب فإنه يجب عليه ذلك؛ لما في ذلك من إنقاذ المسلم من الهلكة.
السفر

قال رحمه الله تعالى: [ويسن لمسافر يباح له القصر] إذا كان المسافر يباح له القصر، وهو الذي يسا
فر لمسافة ثمانين كيلو، وينوي إقامة أربعة أيام فقط أو أقل، يعني: لا ينوي أكثر من أربعة أيام، هذا هو المسافر، فيسن للمسافر الفطر في رمضان، وهذا هو المشهور في المذهب، يعني: الأفضل لك -أيها المسافر- أن تفطر إن كنت في الطريق، وإن كانت نازلاً وكانت مدة إقامتك أربعة أيام فأقل، فإذا نويت أربعة أيام فأقل فإن الأفضل لك أن تُفطر، هذا هو المشهور في المذهب، واستدلوا بما جاء في حديث حمزة الأسلمي أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الصوم في السفر، وذكر أن به قوة على الصيام في السفر، فهل عليه جناح في ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (هي رخصة من الله، فإن أخذت بها فحسن، وإن صمت فلا جناح عليك) قالوا: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من البر الصيام في السفر) متفق عليه، فهذا يدل على أن الأفضل له الفطر.

وقال الجمهور: بل الأفضل له الصوم إلا أن يشق عليه ذلك فيفطر، واستدلوا بما ثبت في الصحيحي
ن عن أبي الدرداء أن النبي عليه الصلاة والسلام صام في السفر في يوم شديد الحر، قال رضي الله عنه: (كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر في يوم شديد الحر حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعبد الله بن رواحة) قالوا: فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر، فهذا يدل على أنه هو الأفضل، وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ومن وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن.
وهذا القول هو الراجح، فالأفضل له الصوم؛ لأن ذلك أبرأ لذمته، ولأن في ذلك إيقاعاً للصوم في
هذا الشهر المبارك، إلا أن يشق عليه، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة.
وعلى ذلك فعندنا ثلاثة أحوال للمسافر: الحالة الأولى: أن يكون المسافر لا يشق عليه الصيام، ويجد قوة عليه، فهذا الأفضل له أن يصوم، ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر كما في ح
ديث أبي الدرداء.

الحالة الثانية: أن يشق عليه الصيام مشقة تُحتمل لكنه يضعُف، فهذا الأفضل له الفطر وأن يأخذ بهذه الرخصة، ويُحمل حديث حمزة الأسلمي على ذلك؛ لأن الغالب في السفر أن يكون في الصوم فيه مشقة.
الحالة الثالثة: أن يشق عليه مشقة شديدة حتى إنه يخشى على نفسه الضرر، فبعض الناس قد يبلغ به الحال حتى إنه ليُغمى عليه، وقد يكون يقود السيارة، فهذا يُخشى عليه الضرر، فيجب عليه الفطر، لقوله عليه الصلاة والسلام: (ليس من البر الصيام في السفر) كما في الصحيحين، قال ذلك في رجل قد ظلل عليه، يعني: اجتمع عليه الناس وازدحموا عليه حتى إنهم حجبوا الشمس عنه، وهذا يدل على أنه قد شق عليه ذلك مشقة شديدة، وفي صح
يح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: (إن الناس قد شق عليهم الصوم، فدعا بإناء فشرب، وكان صائماً، فقيل له: إن بعض الناس قد صام.
فقال: أولئك العصاة، أو
لئك العصاة).

إذاً: هذا رجل قال: أنا مسافر أقمت في مكة كإقامتي في بلدي، المكيفات موجودة وأنا آخذ راحتي من النوم ولا يشق عليّ الصوم أبداً، فما هو الأفضل في حقي؟ نقول: الأفضل في حقه -على الصحيح- أن يصوم.
ورجل آخر خرج من بلده بعد صلاة العصر مسافراً بعد أن تسحّر ونوى الصيام، فالأفضل في حقه أن يُكمل الصوم، فليس فيه مشقة.
وهناك حالة أخرى، وهي أن يكون هناك مشقة لكنها مشقة تُحتمل، مثل رجل سافر في السيارة ف
خرج من الأحساء بعد الفجر إلى مكة بسيارته في حر يشق عليه، لكنها مشقة تُحتمل، نقول: الأفضل لك أن تأخذ بالرخصة وأن تُفطر وأن تتقوى.
وآخر شق عليه الصوم مشقة شديدة حتى إنه خُشي عليه، وأخذه شيء م
ن الإغماء اليسير، وظهر عليه إعياء شديد، فهذا يجب عليه الفطر.المرض
قال المؤلف رحمه الله: [ولمريض يخاف الضرر].
المرض يُبيح الفطر، قال الله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] وما هو المرض الذي يُبيح الفطر؟ هل هو كل مرض؟ قد يُصاب الإنسان بالصداع اليسير، قد يُصاب بزكام، قد يكون هناك ألم في رُكبته، أو ألم في ظهره، فهل كل مرض يُبيح الفطر؟

الجواب
لا، بل المرض الذي يُبيح الفطر هو المرض الذي تكون معه مشقة في الصوم، يعني: يشق عليه الصوم، ويلحقه حرج في الصوم، قال الله جل وعلا: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] وهذا عليه حرج، وعليه مشقة، فالصداع الشديد فيه مشقّة، فيحتاج إلى أن ي
تناول دواءاً، كذلك إذا كان عنده التهاب شديد في المعدة أو نحو ذلك إذا كان المرض يزداد بالصوم، ويتأخر البرء، وهذا هو المرض الذي يجوز معه الفطر في نهار رمضان، أما الشيء اليسير الذي يُحتمل ولا مشقة فيه فإنه لا يسوغ معه الفطر في نهار رمضان إذا كان لا مشقة فيه.

فإن كان المرض يضر معه الصيام، حيث يقول له الطبيب ذلك أو يُعرف في العادة أن الذي يصوم وفيه هذا المرض يضره الصيام؛ فظاهر كلام المؤلف أنه يُسن له الفطر، والراجح أنه يجب، وهو اختيار الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، واختاره بعض الحنابلة؛ لأنه إن صام فقد ألقى ب
نفسه للتهلكة، فإذا كان يضره الصوم وجب عليه الفطر، وإذا كان لا يضره الصوم لكن يشق عليه ويحرجه، فهذا يُستحب له الفطر.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28-03-2023, 11:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان



فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
(7)


حكم الفطر بعد السفر في أثناء النهار
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويُباح لحاض
ر سافر في أثناء النهار].
إذا سافرت في أثناء النهار -يعني: كنت في بلدك ثم سافرت في أثناء النهار -فهل لك أن تُفطر؟ الصواب أن لك أن تُفطر وهو المشهور في مذهب الحنابلة، ويدل عليه ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج في سفر فلما بلغ كراع الغميم دعا بإناء فشرب) عليه الصلاة والسلام.
فهذا رجل أصبح صائماً مع الناس في بلده ثم خرج ظهراً مسافراً، فله أن يُفطر.
ولكن هل له أن يُفطر قبل أن يُفارق عمران بلده، فيُفطر في بيته لأنه يريد السفر؟ على قولين: ال
مشهور في المذهب: أنه ليس له أن يفطر حتى يغادر عمران بلده، والقول الثاني في المسألة -وهو قول إسحاق - أن له أن يُفطر قبل أن يغادر عمران بلده دون قصر الصلاة، فقصر الصلاة لا خلاف فيه، فإنه لا يقصر ما دام في البلد؛ لأن الصلاة لا تستمر ركعات، لكن الصوم مآله إلى الفطر، فهل له أن يُفطر؟ قال بذلك إسحاق وهو قول بعض العلماء، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.

قالوا: له أن يفطر ما دام أنه متهيئ للسفر، واستدلوا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، ففي
الترمذي أن محمد بن كعب قال: (أتيت إلى أنس بن مالك رضي الله عنه وقد رُحّلت له راحلته ولبس ثياب سفره فدعا بطعام فأكل فقلت له: سنة؟ فقال: سنة.
ثم ركب) وهذا هو الأقرب، وإن كان الأحوط له أن ينتظر حتى يفارق عمران بلده، والأمر ي
سير والطعام في الطريق، لكن لو أكل أو شرب وهو متهيئ للسفر عازم عليه فلا حرج عليه في ذلك في قول طائفة من العلماء، وهو قول إسحاق.
الحمل والرضاع

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولحامل ومرضع خافتا على أنفسهما أو على الولد، لكن لو أفطرتا خوفاً على الولد فقط لزم وليه إطعام مسكين لكل يوم].
الحبلى -وهي الحامل- وكذلك المرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو خافتا على أنفسهما وعلى الولد معاً، أو خافتا على الولد فقط جاز لهما الفطر، فقد ثبت في سنن الترمذي والنسائي بإسناد صحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم) وعلى ذلك فلهما الفطر،


فإذا خافت المرضع على نفسها، أو خافت على ولدها، أو خافت على النفس والولد ف
لها الفطر، وكذلك المرضع، وعلى ذلك فعندنا ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن تخاف على نفسها فقط، أي: الحبلى أو المرضع.
الحالة الثانية: أن تخاف على الولد فقط.
الحالة الثالثة: أن تخاف على النفس
والولد جميعاً.
فهذه الحالات الثلاث يجب فيها القضاء، وإن كان الخوف على الولد فقط فعليها مع القضاء الإطعام، والذي يُطعم -كما قال المؤلف- هو الولي، فيجب على الولي الإطعام.
إذاً: إذا خافت على نفسها فقط فعليها القضاء فقط، وإذا خافت على نفسها وعلى الولد جميعاً فعليها القضاء فقط، وإذا خافت على الولد فقط ولم تخف على نفسها، يعني: قال لها الطبيب: إ
ن صيامكِ يضر بالجنين.
أو: إن صيامكِ يضر بولدكِ في إرضاعه، وهي مرضع فخافت على ولدها فقط فأفطرت فعليها هي القضاء وعلى وليه الإطعام، ولذا جاء في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (رُخِّص للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة أن يُفطرا ويُطعما عن كل يوم مسكيناً، والحُبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً) وجاء في الدارقطني عن ابن عمر: (أطعمتا مداً من حنطة).

وهذه من المسائل التي تشتبه على كثير من الناس، ولذا قال المؤلف هنا: [ولحامل ومرضع خا
فتا على أنفسهما أو على الولد، لكن لو أفطرتا خوفاً على الولد فقط لزم وليه إطعام مسكين لكل يوم] وإنما وجب ذلك على الولي؛ لأن فطرها حيث خافت على الولد فقط، فكان على وليه -وهو الأب- أن يُطعم، والإطعام -كما تقدم- مد من حنطة، والمد هو ربع الصاع، والصاع يساوي ثلاثة كيلو جرامات، وعلى ذلك فالواجب عليها ثلاثة أرباع الكيلو إذا كان من حنطة أو من أرز جيد، وأما إذا كان من التمر أو من الأرز الرديء فإن الواجب هو نصف الصاع، وهذا يساوي كيلو ونصفاً، فالصاع يساوي ثلاثة كيلو جرامات، ونصف الصاع كيلو ونصف، وربعه ثلاثة أرباع الكيلو.
بيان ما يلزم المكلف حال انقطاع عذره أثناء النهار
قال رحمه الله تعالى: [وإن أسلم الكافر، أو طهرت الحائض، أو برئ المريض، أو قدم المسافر، أو بلغ الصغير، أو عقل المجنون في أثناء النهار وهم مفطرون لزمهم الإمساك والقضاء].
إذا أسلم الكافر لزمه الإمساك والقضاء، هذا رجل أسلم في أثناء النهار بعد العصر ودخل في الإسل
ام، فما الواجب عليه؟ الواجب عليه الإمساك بلا خلاف، لقوله جل وعلا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] وهذا قد شهده، وهل يجب عليه القضاء؟ قال المؤلف: يجب عليه القضاء، واستدل الحنابلة بما جاء في سنن أبي داود أن أسلم لما دخلوا في الإسلام قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: (صوموا بقية يومكم واقضوه) والحديث رواه أبو داود لكن إسناده ضعيف، وقد ضعّفه عبد الحق الأشبيلي وغيره.

والقول الثاني في المسألة -وهو مذهب الأحناف واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يجب عليهم القضاء، فالكافر إذا أسلم لا يجب عليه القضاء، قالوا: لأن الشرائع إنما تجب بعد العلم بها، وهؤلاء لم يسلموا إلا في أثناء النهار، فأسلموا وعلموا أن من شرع الله وجوب الصيام فوجب عليهم الإمساك دون القضاء، قالوا: ويدل على ذلك أن صوم يوم عاشوراء كان في أول الإسلام واجباً قبل فرضية رمضان، وقد جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين- لما فُرض يوم عاشوراء فقال: (من أصبح صائماً فليتم صومه، ومن أصبح مفطراً فليصم بقية يومه) ولم يأمر عليه الصلاة والسلام با
لقضاء، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهذا القول هو الراجح.
إذاً: إذا أسلم الكافر وجب عليه الإمساك ولم يجب عليه القضاء وإن أكل وشرب في أول النهار.
ومثل هذه المسألة إذا قامت البيّنة في أثناء النهار، حيث جاء النبأ أن هذا اليوم من رمضان، والناس منهم من أكل وشرب وجامع ومنهم من لم يطعم، وقامت البيّنة في أثناء النهار، فالجمهور يقولون: يجب الإمساك والقضاء، وشيخ الإسلام ومن وافقه يقولون:
يجب الإمساك فقط ولا يجب القضاء كالمسألة السابقة تماماً؛ لأن الشرائع لا تجب إلا بعد العلم بها وهؤلاء إنما علموا في أثناء النهار، ولحديث يوم عاشوراء المتقدم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أو برئ المريض، أو قدم المسافر، أو بلغ الصبي الصغير، أو عقل المجنون].

إذا بلغ الصغير وجب عليه الإمساك، إذا بلغ في أثناء النهار، نام في وسط النهار فاحتلم وكان قد أكل أو شرب فقام بعد هذه القيلولة وقت عند العصر وإذا به قد احتلم، نقول: يجب عليك أن تمسك؛ لأنك أصبحت الآن ممن يجب عليهم الصيام، وهل يجب عليه الق
ضاء أم لا؟ على قولين كما تقدم، والصحيح أنه لا يجب القضاء.
كذلك -أيضاً- إذا أفاق المجنون فعقل في أثناء النهار، وجب عليه الإمساك بقية اليوم ولم يجب عليه القضاء على الصحيح، فهذه أربع مسائل: إذا أسلم الكافر، وإذا قامت البيّنة في أثناء النهار، وإذا بلغ الصبي، وإذا عقل المجنون، هؤلاء الأربعة -على الصحيح- يجب عليهم الإمساك دون القضاء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أو برئ المريض].
هذا رجل مريض في أول النهار لكنه لما شرب الدواء برئ، قالوا: فيجب عليه
القضاء بلا خلاف؛ لأن القضاء تعلق في ذمته في أول النهار، وهل يجب عليه الإمساك أم لا؟ على قولين، كذلك إذا قدم المسافر وهو مفطر فيجب عليه القضاء، وهل يجب عليه الإمساك أم لا؟ على قولين، كذلك -أيضاً- إذا طهرت الحائض، كانت حائضاً في أول النهار ثم طهرت بعد العصر، فيجب عليها القضاء بلا خلاف، وهل يجب عليها الإمساك؟ على قولين.
فالمشهور في المذهب وجوب الإمساك على هؤلاء: المريض إذا برئ، والمسافر إذا قدم، والحائض إذا طهرت، فالقضاء لا خلاف في وجوبه، والخلاف في الإمساك،


فالحنابلة قالوا: يجب الإمساك، وقال الشافعية -وهو رواية عن أحمد -: بل لا يجب عليهم الإمساك، وذلك لأنه لا ثمرة من إمساكهم، والله يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:147] وقد أُذن لهم بالفطر في أول النهار لعذر ووجب عليهم القضاء فلا فائدة من أمرهم بالإمساك، وهذا هو القول الراجح.
فعندنا -أيها الأخوة- طائفتان: طائفة يجب عليها الإمساك فقط، وطائفة يجب عليها القضاء فقط، والمشهور في المذهب أن هؤلاء جميعاً يجب عليهم الإمساك والقضاء، والصحيح أن طائفة يجب عليها القضاء فقط وأن طائفة يجب عليها الإمساك فقط، فإذا قامت البيّنة نهاراً، وإذا أسلم الكافر، وإذا عقل المجنون، وإذا بلغ الصبي؛ فهؤلاء يجب عليهم الإمساك فقط ولا قضاء، وإذا برئ المريض، وإذا طهرت الحائض، وإذا قدم المسافر ويجب عليهم القضاء فقط ولا يجب الإمساك.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29-03-2023, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان


فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد

(8)





حكم صيام المعذور غير رمضان في رمضان
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وليس لمن جاز له الفطر برمضان أن يصوم غيره فيه] هذا رجل سافر
إلى مكة مثلاً لأداء عمرة، ونوى أن يمكث في مكة ثلاثة أيام، فأفطر لأنه مسافر ووافق ذلك يوم الإثنين فقال: أنا قد اعتدت على صيام يوم الإثنين، أريد أن أصوم في مكة يوم الإثنين في رمضان بنية صيام يوم الإثنين، فهل يصح هذا؟ لا يصح باتفاق العلماء، ففي رمضان إما أن تصوم الفريضة وإما أن تُفطر إن كنت معذوراً، أما أن تصوم يوماً آخر في رمضان فإن ذلك لا يجزئ باتفاق العلماء.
إذاً: لو أن رجلاً عذر في الفطر لكنه نوى في رمضان أن يصوم نفلاً فإن ذلك لا يجزئ، أو قضاء أو نذراً، فلو ق
ال: أنا عليّ نذر أن أصوم يوماً في مكة، والآن أنا في مكة، فأريد أن أصوم، وأنا مسافر يجوز لي أن أُفطر، فلا أصوم هذا اليوم بنية أنه من رمضان لأني مسافر وسأصوم اليوم الذي هو من نذري.
نقول: لا، فوقت رمضان وقت مضيّق لا يسع غير الفريضة، إما أن تصوم فريضتك وإما أن تُفطر إن كنت معذوراً.
الأسئلة




حكم قصر الصلاة في البلدة قبل السفر

السؤال
ما حكم قصر المسافر الصلاة في بلده قبل خروجه؟

الجواب
ليس له أن يقصر باتفاق العلماء، فإن قيل: ما الفرق؟ فالجواب أن الصلاة تنتهي، فلو صلى في بيته انتهت الصلاة
في البيت، ولا تستمر، لكن الصيام مآله إلى الفطر، فإذا أفطر في بيته أو لم يفطر فمآله إلى الفطر، أما الصلاة فإنها تنتهي، أما اليوم فإنه لا ينتهي، فهو الآن في بلده، فإن سافر أفطر، فمآله إلى الفطر بخلاف القصر، أما القصر فلا خلاف بين أهل العلم في أنك ما دمت في عمران بلدك ليس لك أن تقصر الصلاة.



حكم الجمع والقصر في المطار

السؤال
ما حكم الجمع والقصر في المطار؟

الجواب
المطار فيه تفصيل، فإذا كان المطار خارج العمران -يعني: منفصل- جاز ذلك.حكم جمع أهل قطر وقصرهم في مطار الدوحة

السؤال
مطار الدوحة هل يجوز فيه الجمع والقص
ر؟

الجواب
لا، مطار الدوحة داخل، الذي أعلم أن المطار داخل.حكم الجمعة للمسافر


السؤال
هل يصلي المسافرون جمعة؟

الجواب
لا، ما تسمى جمعة إلا في الأماكن المستقرة، المسافرون لا يصلون جمعة، فهي تُعتبر ظهراً بالن
سبة لك كسائر الأيام، فليس هناك فرق.حكم صلاة المسافر في الطائرة

السؤال
هل يصلي المسافر الظهر في الطائرة في وقتها أم يؤخرها؟

الجواب
تصليها ظهراً، إن صليت في الطائرة أو انتظرت وجمعت فلا بأس، فإن صليت تصلي بحسب حالك وحسب قدرتك
، وإن أخّرتها حتى تجمعها إلى التي بعدها -وهي العصر- فهذا حسن.
حكم القصر بعد العودة من السفر


السؤا
ل
إذا وصلت راجعاً إلى مطار الدوحة بعد دخول وقت الظهر، فهل أقصر أم أتم؟

الجواب
لا، تصليها ظهر أربعاً، إذا وصلت إلى الدوحة ولا يزال وقت الظهر فإنك تصليها تماما؛ لأنه زال العذر.
حكم إنقاذ الكافر من المهلكة


السؤال
ما حكم إنقاذ الكاف
ر من الغرق؟

الجواب
الكافر الذي يعيش في بلادنا ذمي له عهد، فهذا يُنقذ، لكن إذا كان كافراً حربياً -يعني: يحاربنا- فهذا لا يُنقذ.



حكم فطر المصاب بمرض السكر

السؤال

ما حكم فطر المريض بالسكر؟

الجواب
المريض بالسكر يُرجع فيه إلى الطبيب، والأصل أن السُكري الأنفع له هو الصوم، والأحسن له الصوم، لكن بعضهم قد يقرر له الطبيب خلاف ذلك، وهذا راجع إلى رأي الطبيب الثقة، فمعلوم أن السكري يخففه الصوم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 31-03-2023 الساعة 12:14 AM.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 31-03-2023, 12:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان




فقه الصيام والحج من دليل الطالب
المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد
(9)

دليل الطالب_كتاب الصيام [3]
الصوم عبادة تعتمد على الامتناع عن المفطرات بالنية، فإذا وقع الصائم في أحد المفطرات فسد صومه، ولذا يجب على المسلم أن يتعلم ما يفسد صومه، أو ينقصه، حتى لا يقع في ذلك.المفط
رات

خروج دم الحيض والنفاس
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل في المفطرات: وهي اثنا عشر: خروج دم الحيض والنفاس] لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحائض: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟!) فالمرأة إذا حاضت فقد أفطرت وعليها القضاء، لو نزلت من المرأة قطرة من دم الحيض قبل أذان المغرب بدقائق، فهل يجزئها هذا اليوم من رمضان؟ إن خروج الدم منها قبل غروب الشمس يبطل صومها
.
الموت

قال رحمه الله تعالى: [الموت] لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) فإذا غسلوه فهل يقولون: لا ندخل الماء إلى فيه حتى لا يدخل الماء إلى جوفه وهو صائم؟ نقول: لا، الموت يُبطل العمل {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث}.
الردة

قال رحمه الله تعالى: [الردة] قال الله جل وعلا: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65].
العزم على الفطر
قال رحمه الله تعالى: [العزم على الفطر] هذا رجل في سفر فنوى الفطر ولم يجد طعاماً أو وجد طعاماً لا يناسبه فقال: إذاً: أُكمل هذا اليوم.
فهل يجزئه ذلك؟ لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فوا
جب أن تستوعب النية اليوم كله، وهذا أخلى جزءاً من النهار من النية، وهذا كله في الفرض، لكن النفل يختلف، إذا نوى الفطر ولم يُفطر نقول لك أن تُكمل؛ لأن النية في النهار تُجزئ في النفل.
التردد في الصيام


قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والتردد فيه] هذا رجل تردد في أثناء النهار: أُفطر، لا أُفطر فهذا حصل عنده تردد، قال: كذلك يكون بذلك قد أفطر؛ لأن الواجب هو الجزم بالنية، والقول الثاني في المذهب: أن التردد في النية في أثناء النهار لا يُبطل الصوم، وهذا أرجح، وذلك لأن الأصل بقاء النية وإنما تردد هل يزيلها أم لا؟ بخلاف التردد في الليل، فلو أنه تردد: هل أصوم غداً أم لا أصوم؟ ومضى عليه الليل ودخل النهار وهو متردد، فواضح أنه لا يصح ذلك الصوم فريضة؛ لأنه تردد في الليل والواجب هو الجزم، لكن هذا جزم أصلاً في نيته ونوى، ثم إنه تردد: هل يقطع صومه فيفطر أم لا؟ فحصل عنده تردد، فهذا -على الصحيح وهو قول في المذهب- لا يُفطر بذلك، لكن لو جزم بالفطر فإنه يُفطر ولو لم يأكل ويشرب.
القيء عمداً
قال رحمه الله تعالى: [القيء عمداً] لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض) والحديث رواه الترمذي وغيره وهو حديث صحيح صححه جماعة كثيرة من أهل العلم، فقوله: (من استقاء) يعني: من طلب خروج القيء، وأما من ذرعه فإنه لا
قضاء عليه، و (ذرعه) يعني: خرج بلا قصد، فمن ذرعه قيء -يعني: خرج القيء من غير قصد- فإنه لا يفطر، ومن استقاء فطلب خروج القيء -كالذي يُدخل إصبعه في فيه حتى يخرج ما في معدته- فإنه يُفطر.

فإن قيل: ما هي الحكمة؟ فالجواب كما ذكر ابن عبد البر رحمه الله أن خروج الطعام من المعدة مظنة رجوع بعض منه، إذا خرج الطعام فوصل إلى الفم فإن هذا مظنة رجوع شيء منه إلى المعدة فيرجع شيء منه من الحلق أو من الفم إلى المعدة مرة أخرى، وعلى ذلك فمن استقاء فإنه يُفطر، ومن خرج منه القيء بلا قصد فإنه لا يُفطر بذلك.

الاحتقان
قال رحمه الله تعالى: [الاحتقان من الدبر] يعني: إذا وضع في دبره حقنة للتداوي، يعني دواء حقنة في الدبر، قال: كذلك يُفطر، وهذا هو المشهور في المذهب؛ لأن قاعدة المذهب -كما سيأتي- أن ما دخل في جوفه أو في المجوف في بدنه كالدبر فإنه يُفطر به، والقول الثاني في المسألة -وهو الراجح وهو اختيار شيخ الإسلام - أن الحقنة في الدبر لا يُفطر بها الصائم، وذلك لأن الله جل وعلا قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْ
وَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] والحقنة ليست أكلاً ولا شرباً في عُرف المخاطبين بهذه الآية من العرب، فالعرب لا يعدون الحقنة طعاماً ولا شراباً، والله جل وعلا قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] وعلى ذلك فالراجح أن الحقنة لا يُفطر بها الصائم.

بلع النخامة إذا وصلت إلى الفم
قال رحمه الله تعالى: [بلع النخامة إذا وصلت إلى الفم] وهي ما يخرج من الصدر أو يخرج من الدماغ، وهي شيء مستقذر معروف، إذا استخرجها من صدره إلى فيه ثم ابتلعها قصداً -وهذا لا يكاد يفعله أحد- فإنه يُفطر في المشهور في المذهب، فإن أخذها من الصدر إلى المعدة مباشرة، أو
من الدماغ إلى المعدة مباشرة ولم يجمعها في الفم فإنه لا يُفطر، قالوا: لأنه يشق التحرّز من ذلك، وأما إذا جمعها في فيه ثم ابتلعها فإنه يفطر، والقول الثاني في المسألة -وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله- أن ابتلاع النخامة ولو وصلت إلى الفم لا يُفطر به الصائم؛ لأن النخامة كالريق متحللة من الجوف، فكما أن من جمع ريقه ثم ابتلعه لا يُفطر فكذلك من ابتلع النخامة، وهذا هو الراجح.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-04-2023, 12:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,024
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام من دليل الطالب ____ يوميا فى رمضان




فقه الصيام والحج من دليل الطالب

المؤلف: حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد

(10)



الحجامة
قال رحمه الله تعالى: [الحجامة خاصة حاجماً كان أو محجوماً] الحجامة معروفة، وهي استخراج الد
م الفاسد إما بمص الحاجم، وإما بالآلة فقط، يعني: بأكواب يضعها على ظهره أو في موضع آخر، فالحجامة يُفطر بها الصائم في المشهور في المذهب، واستدلوا بما روى الخمسة إلا الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) قالوا: هذا يدل على أن الحاجم والمحجوم يُفطران بالحجامة، قالوا: والعلة تعبدية، يعني: لا نفقه العلة بل العلة مجهولة عندنا، ولذا فالمشهور في المذهب أن الحاجم يُفطر ولو كان يحجم بالأكواب، لقوله: (أفطر الحاجم والمحجوم).

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيرى أن العلة معقولة المعنى وليست تعبدية، قال: أما المحجوم فلأن بدنه يضعف بالحجامة، وأما الحاجم فإنما يُفطر إذا مص الآلة، وأما إذا كان يحجم بالكأس فقط -يعني: بالكوب- فإنه لا يُفطر بذلك، قال: فالعلة معقولة المعنى، فالذي يمص لا يأمن دخول الدم إلى جوفه، وأما الذي يحجم بالأكواب فقط فهذا لا يفطر؛ لأن الدم لم يصل إلى فيه بحيث يُخشى أن يدخل
إلى جوفه.
وقال جمهور العلماء: بل الحجامة لا تُفطّر ولا يُفطر بها الصائم، واستدلوا بما جاء في صحيح البخاري (أن النبي عليه الصلاة والسلام احتجم وهو صائم) رواه البخاري في صحيحه، قال ابن عبد البر: لا اختلاف بين أهل العلم في صحته وثبوته، وقال ابن حجر: هذا الحديث لا نطعن فيه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وهو من حديث ابن عباس وهو مذهب راويه، فقد ثبت في البخاري معلقاً أن ابن عباس رضي الله عنه قال: الفطر فيما دخل لا في
ما خرج، قالوا: وأما حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) فهو منسوخ، ويدل عليه ما جاء في سنن الدارقطني بسند قوي أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (مر النبي عليه الصلاة والسلام على جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يحتجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفطر هذان قال أنس: ثم رُخّص بعد في الحجامة للصائم) وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرّمهما إبقاء على أصحابه.

وهذا هو القول الراجح، وأما حديث أفطر الحاجم والمحجوم فمنسوخ.
ومن العلماء من قال: إن قوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) يعني: يئول أمرهما إلى الفطر؛ لأن المحجوم يضعف بدنه فيشق عليه الصوم، وأما الحاجم فإنه لا يؤمن -كما تقدم- من دخول الدم إلى جوفه فيفطر بذلك.

والمؤلف ذكر هنا الحجامة خاصة، وأما الفصد فإنه لا يُفطر به على المذهب، وكذلك جرح البدن بحيث يخرج الدم من غير أن تغور الآلة، فإذا جرح بدنه من غير أن تغور الآلة فإنه لا يُفطر بذلك، كذلك إذا أدخل أصبعه في أنفه فخرج الدم -وهو الرع
اف- فإنه لا يُفطر بذلك، هذا على ما هو مشهور في مذهب الإمام أحمد.
وأما التبرع بالدم فهو من جنس الحجامة، فالقائلون بأن الحجامة تُفطّر يكون التبرع عندهم من جنسها، يعني: إخراج الدم الكثير من جنسها، وأما إخراج الدم من البدن بجرحه -كما يُفعل هذا لمريض السكري- فلا يُفطر به الصائم حتى على المشهور في المذهب؛ لأن الآلة لا تغور، أما إخراجه سحباً -بأن تدخل الآلة حتى تسحب الدم- فهذا -على المشهور في المذهب- يُفطر به الصائم؛ لأن الآلة تغور، والذي يترجح -كما تقدم وهو قول الجمهور- أن الصائم لا يُفطر بذلك.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
، وعلى آله وصحبه.
الأسئلة
حكم تردد الصائم في الفطر أثناء النهار


السؤال
ما حكم تردد الصائم في الفطر أثنا
ء النهار؟

الجواب
إذا تردد يُعتبر قد أفطر، لكن هل له أن يتم اليوم فيرجع فينوي من جديد؟ له ما دام أنه لم يأكل ولم يشرب، فإذا تردد قلنا: بطل صومك ولك أن تنوي من جديد، هذا فيما إذا نوى الفطر، أما إذا كان مجرد تردد فإن هذا لا يؤثر في أثناء النهار، وفي الليل إذا تردد في النفل نقول: الحمد لله، اعزم على النية ولا يضرك هذا، يعني: يدخل الفجر وهو متردد، ولما صلى الفجر عزم، فليس هناك مانع من صيامه.
حكم استعمال الصائم السواك

السؤال
ما حكم السواك للصائم؟

الجواب
الصحيح أنه لا يُفطّر، السواك لا يُفطّر، لكن هل يكره بعد أذان الظهر؟ من العلماء من يكرهه، والصحيح أنه لا يُكره؛ لأنه لا يُذهب الخلوف؛ ومن أهل العلم من يقول: إنه لو أذهبه فلا مانع، ليس المقصود هو إذهاب الرائحة، بل المقصود أن هذه الرائحة مستحبة لأنها أثر مستحب للصيام، لأن الله يحب هذه الرائحة التي هي أثر عنه وليس المقصود أن العبد لا يزيلها كما سيأتي ذلك إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 162.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 156.70 كيلو بايت... تم توفير 6.01 كيلو بايت...بمعدل (3.70%)]