لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826444 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374334 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 283 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 361 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 480 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 380 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 376 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 382 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11482 - عددالزوار : 180165 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-02-2019, 08:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (1)



محمد رضوان الذهبي







ياسر.. إنه الشخصيةُ الأكثرُ ذكاءً وهِمَّةً في العملِ التي عرفتُها يومًا.
كان شابًّا مبدعًا ومميزًا في عمله بما حباهُ اللهُ تعالى به من الذكاءِ والفطنةِ في عقلِهِ، والهدوءِ والأناةِ في طبعِهِ، واللطفِ والجديةِ في شخصِهِ.
كان ياسرٌ في العَقد الخامسِ من العمر، ورغم أنه كان مجتهدًا في عمله فإنه لم يكُن قد تزوجَ بعدُ؛ لأن ظروفَه الماديةَ لم تكنْ تساعدُهُ على حملِ المزيد من المسؤوليات، ففي جميعِ المؤسسات والشركاتِ التي عمِلَ بها كان أربابُ العملِ يستغلون نشاطَهُ وذكاءَهُ وهِمَّتَهُ العاليةَ للعملِ دون أن يكونَ المقابلُ الماديُّ في ذلك مُجزيًا.
لا أنسى أبدًا يومَ كنا نعملُ معًا في الشركةِ نفسِها عندما تعطلت إحدى الآلات، وعند تواصُلِ الإدارة مع الشركةِ المُصَنِّعة للآلة لصيانة العطل تبيَّنَ أن الكُلفةَ الماديةَ للصيانة تبلغُ 5000 دولارٍ.
وبما أن المهندسَ ياسرًا كان مديرًا للصيانةِ فقد طَلبَ من الإدارة أن تُمهله يومًا أو يومين قبلَ أن تقرِّر صيانَةَ هذا العطل في الشركة المصنِّعة.
في الموعدِ المحدد دخل ياسر إلى مكتبِ المديرِ العامِ ليخبره بأنَّ الآلة قد تم تصليحُ عُطلها ولم يزِدْ على تلك الكلماتِ بشيء.
بعد تحقُّقِ الإدارة من الموضوع وحُسنِ عمل الآلة تبيَّن لها أن المهندس ياسرًا هو من قامَ بصيانة الآلة؛ وبالتالي فقد أبى أن يأخذ كلفةَ صيانتها؛ لأن الكلفة لم تتجاوز 50$ وكان مبلغًا زهيدًا في نظرِهِ لا قيمة له، رغم أن راتبه الشهري لم يتجاوز 335 دولارًا!
فما كان من الإدارة أخيرًا إلا أن كافأته بمبلغ لم يتجاوز 100دولار.
تبسَّم ياسر وهو يتسلم مكافأتَه التي لم تكُن تعني له شيئًا؛ لأنه كان قد اتخذ قراره مسبقًا بالهجرة إلى كنَدا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-02-2019, 08:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (2)



محمد رضوان الذهبي




رغم أن والدَ محمد كان يعمل في القطاع العام لمدةٍ طويلةٍ، فإنه كان يكرهُ العملَ في هذا القطاع، بل ويكره كلَّ المعاملات الرسمية والحكومية؛ لِما فيها من السوءِ والفسادِ.
لكنه كان لا بد له من بعضِ الأمورِ التي يُجريها في الدوائرِ الحكومية؛ ففي أحد الأيامِ اشترى محمد سيارةً مستعملةً بالتقسيط نظرًا لأن الرواتبَ التي تمنحُها الشركات ضئيلةٌ، إضافةً إلى أن أسعارَ السيارات كانت باهظةً جدًّا.
لم يكلِّف محمد نفسَه عناءَ الذهابِ إلى الدوائرِ المروريةِ لتثبيتِ عقدِ الشراءِ والحصولِ على براءة ذمة السيارة، وكلَّفَ بهذه المهمة أحدَ زملائه في العمل.
بالفعل تمَّ الأمر بيسرٍ ودفع ما ترتب عليه من المال ضريبةَ نقلِ الملكية، رغم أنه كان يعلمُ أن جزءًا غير قليل من هذه الكلفة دُفعت على شكل رشوةٍ لتسهيل العملية.
لم تمضِ بضعةُ أشهرٍ حتى حانَ موعدُ دفعِ الرسمِ السنوي بعد استصدارِ براءةِ ذمةٍ ودفعِ ما على السيارة من المخالفاتِ المرورية.
هذه المرة قرر محمد أن يقومَ بهذه المهمة بنفسِه لئلا يُضطرَ لدفع الرشوة مهما كلفه الأمر.
وبالفعل تقدم محمد بطلبِ إجازةٍ من مكانِ عمله وذهبَ إلى دائرة المرورِ وبعدَ جُهد جهيد - بسبب الزحمة - استطاعَ الوصولَ إلى شباك المخالفاتِ المروريةِ الذي يتم عنده استصدار براءةِ الذمةِ، أعطى الموظفَ الأوراقَ اللازمةَ ولكنه لم ينسَ وضعَ الرشوة ضمنها؛ بل تعمَّد ألا يضعها بالفعل.
انتظر محمد لساعاتٍ في مقدمةِ شباكِ المخالفاتِ دونَ فائدةٍ إلى أن انتهى وقتُ العمل لهذا اليوم؛ مما اضطره للعودة أدراجه مع خيبةِ الأمل، لكنه عاد في اليومِ التالي منذ الصباح الباكر علَّه يفوزُ ببراءة الذمة تلك، لكنه عبثًا حاول، إلى أن كان اليومُ الثالثُ حيث تمكن بالفعل من الحصول على ما يريد ولكن بعد شجارٍ كبير مع الموظف المسؤول، لكنه فوجئ بأن عليه دفعَ مبلغٍ يقدر بـ 130 دولارًا لمخالفاتٍ مروريةٍ تمت منذ ثلاثِ سنواتٍ قبل شرائه لسيارته!!
لم يجدْ محمد بدًّا مِن دفعِ المبلغِ، ولكن ما إن خرَجَ من زحمةِ المكان حتى اكتشف أن قيمةَ المخالفاتِ كانت 100 دولارٍ، وأن الموظف اقتطع لنفسه 30 دولارًا من تلقاء نفسه!
ومع حساب أجرة الأيام الثلاثة التي أُجيز فيها من عمله وجد أنه خسر أكثر من 50 دولارًا ليقوم بهذه المهمة في الوقت الذي كان يستطيع فيه دفع 5 دولارات كرشوةٍ ليقوم بالأمر ذاته!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-02-2019, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (3)



محمد رضوان الذهبي






ثقافة المجتمع هي الكلمة السحرية التي يصطدم بها الشباب العربي في مجتمعاتهم، فتتحطَّمُ على صخورها آمالُهم وطموحاتهم، فالطفل في المجتمعات العربية يفتح عينيه على عالمه الصغير، فلا يرى إلا أبويه وإخوته، وربما بعضًا من أقربائه، ثم تبدأ رحلته في التعلم والثقافة مع بدء الوعي والإدراك لديه.
فيبدأ بتلقي القيم الإنسانية والدينية التي يحرص أبواه على نقلها إليه، حتى إذا بلغ سن السادسة أو نحوًا من ذلك، خرج إلى المدرسة ليستكمل علمه وثقافته وقيمَه من محيط أوسعَ من دائرة الأهل والأقرباء.
ثم بعد ذلك تبدأ الحياة الجامعية أو العسكرية أو العملية، ويكبر معها المحيط الثقافي الذي يغذِّي قيمَ الإنسان العربي، حتى تكتمل منظومة القيم والثقافة المجتمعية التي لديه، ويبدأ دوره بتصدير هذه الثقافة.
حتى اللحظة تبدو الأمور طبيعية لا إشكال فيها.
لكن عندما نجد أن الوالدين يعلِّمان أطفالهما الـمُثُلَ العُلْيَا (الأدب - الكلام الطيب - النظام - النظافة - الحياء، وغيرها)، لكنهما يعلِّمانهم ذلك قولاً، إلا أن جُلَّ أفعالهما تسير في الاتجاه المعاكس.
وعندما نجد أن المدرسة تحاول إكمال منظومة القيم، فتربِّي الجيل على مزيد من الـمُثُل العليا (معنى الإخلاص في العمل - والعطاء - والصداقة - وحب الحياة، وغيرها)، إلا أن المعلم نفسه تراه أبعدَ ما يكون عن المعاني التي يتحدث عنها، وتجد الأصدقاء فيهم كثير ممن أغْرَته الغيرة بمعاداة زملائهم والكيد لهم.
وعندما يحاول المجتمع في الحياة الجامعية والعسكرية والعملية أن يتمِّمَ تثقيف الفرد بالمزيد والمزيد من تلك المثل (حب الوطن - والتفاؤل بالحياة - والعدل - وقبول الاختلاف في الرأي والتوجه والسلوك، وكثير غيرها)، لكنه على غِرار سابقيه، يعيش في عالم مختلف تمامًا عن العالم الذي يتكلم عن قِيَمه.
عندئذٍ: ينشأ الفرد في تلك المجتمعات وهو مليء الذهن بالقيم والـمُثُل العليا التي لا تشكل في حياته إلا سببًا لمزيد من الانفصام في الشخصية والسلوك.
ومهما حاول العودة بسلوكه ليتناغم مع ما تعلَّمه من تلك القيم، فإنه يصطدم بالعادات والتقاليد، وبالواقع المرير، وبما يمكن أن نسميه: "ثقافة المجتمع".
●●
أحد أسباب تفكير الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية:
انفصام الشخصية العربية بين النظرية والتطبيق، وبين ما يتعلمه وما يعمله.
●●
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22-02-2019, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (4)



محمد رضوان الذهبي





اليوم كان مشرقًا ومليئًا بالنشاط والحيوية، الطرقات مزدحمةٌ منذ الصباح الباكر بالسيارات والحافلات، والأرصفةُ مليئةٌ بالمارة من الأطفال والأهالي والشباب والفتيات.
الجميع يقصد مدرستَه، والبسماتُ المشرقةُ تملأُ وجوهَهم، البعضُ كان مرتديًا اللباس المدرسي، وآخرون ارتدَوا ملابسهمُ المعتادةَ، لكنْ جميعُهم كانت ملابسُهم نظيفةً ومكويةً بعناية، والطقس المعتدل يزيد المدينةَ جمالاً إلى جمالها في هذا اليوم.
نعم؛ فقد كان هذا هو اليومَ الأول للعودة إلى المدرسة، بعد عطلة صيفيةٍ امتدت لشهرين ونصف تقريبًا.
من بين الوجوه المشرقة كان وجه "حلا" أشدَّها إشراقًا، وبسمتُها أكثرَها جمالاً، وهي تسير ممسكةً يدَ أبيها في طريقها إلى المدرسة للمرة الأولى؛ حيث أصبح عمرها ست سنواتٍ، وهي اليومَ في الصفِّ الأول الابتدائي.
طيلةَ أعوامٍ وهي تنتظر هذه اللحظة؛ فقد كانت ترى إخوتَها في كل عامٍ وهم ذاهبون إلى مدارسهم، وكثيرًا ما كانت تبكي وهي تريد الذهاب معهم، لكن جواب أمها كان دائمًا: "تمهّلي يا بنتي، فغدًا عندما تصبحين في السادسة تذهبين معهم إليها".
وأخيرًا أتى اليوم الموعود، ولبسَت ملابسها المدرسية الجديدة بلونها الأزرق الجميل، وحملت حقيبتها الصغيرة وقد وضعت فيها قلمًا ودفترًا، وأمسكت يدَ أبيها وخرجت معه قاصدةً مدرستَها الجديدة.
لم يكنِ الطريقُ طويلاً، ووصلت "حلا" إلى مدرستها سريعًا، ورغم سعادتها فإنها وجدت صعوبةً في ترك يد أبيها لتدخل إلى صفها مع رفيقاتها الجدد.
أخذت "حلا" تفكر في الأصدقاء الجدد الذين ستتعرفُ إليهم وتلعبُ معهم، وكيف ستتعلمُ الكتابةَ والقراءة، وكانت مشاعرُها في هذا اليوم مزدحمةً بين فرحةٍ بالحياة الجديدة، وحزنٍ لبُعدها عن أمِّها تلك الساعاتِ الطويلة، وخوفِها من السيارات التي تعبر الطريقَ لأنها ستضطرُّ للعودة إلى منزلها وحدَها كلَّ يوم.
تركَ الأبُ ابنته بمشاعرها المختلطةِ تلك، وذهبَ بدورِه إلى عمله وهو سعيدٌ لرؤيته سعادةَ ابنتِه الصغيرة المدلَّلة.
مضت الساعات سريعًا، كعادتها عندما تكون الحياةُ سعيدةً، لكنها لم تكنْ كذلك بالنسبة لـ "حلا".
فما إن عاد الأب إلى منزله حتى استقبلتْه ابنتُه وهي تبكي بصوتٍ عالٍ وتقول:
بابا، أنا لا أريد الذهاب إلى المدرسة!
صدمتْ هذه الكلماتُ الأبَ وسألها بلهجةِ حنانٍ:
ولماذا يا حلوتي؟ هل اشتقتِ إلينا بهذه السرعة؟
أجابت حلا:
لا.. ولكنَّ المعلمةَ شتمتْ صديقتي وضربتْها؛ لأنها كانت تبكي وتريدُ العودةَ إلى أمها!
صَمَتَ الأبُ بألمٍ واحتضنَ ابنتَه وعجزَ لسانُه عن الكلام.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللَّعَّان، ولا الفاحشِ، ولا البذيءِ))؛ حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

أحد أسباب تفكير الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية:
إن العلم فى بلادهم مشقة ___وفى بلاد الغرب متعة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24-02-2019, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (5)



محمد رضوان الذهبي




كان العمل في إدارة الموارد البشرية بالنسبة لي ممتعًا بقدر كونه شاقًّا؛ لصعوبة التعامل مع أنماطٍ مختلفةٍ من الناس والموظفين على كافة المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية.



وحيثما كنت أعمل كنت أصادقُ بشكلٍ خاصٍّ الموظفَ المسؤول عن المعلوماتية والشبكات؛ لوجود رابطٍ قويٍّ بين عملي وتنظيمِ هذا العمل حاسوبيًّا.



وفي إحدى الشركات التي عملتُ بها، تعرفتُ منذ اليومِ الأولِ على رئيسِ قسمِ المعلوماتية والشبكات وكان اسمُه "زياد".



لم تمضِ أيامٌ معدودةٌ حتى توطدتِ العلاقةُ فيما بيننا بشكلٍ قويٍّ ورائعٍ؛ فقد كان "زياد" شابًّا طموحًا وذكيًّا وماهرًا في عمله، وأنا أحب الأشخاصَ الذين تجتمع فيهم هذه الصفات.



وبحُكم كوني رئيسًا لقسم الموارد البشرية في ذلك الوقت؛ فقد كانت مهمة إعدادِ وتنظيمِ برامج التدريب والتعليم من ضمنِ واجباتي في العمل.



كان "زياد" الموظفَ الأوفرَ حظًّا في عملية التدريبِ والتعليمِ؛ لأن مجال المعلوماتية سريعُ التطور، ولا بد لمن يعمل فيه مِن مُواكبة هذا التطور.



وبالفعل استطاع "زياد" نيلَ شهادةِ الشبكات mcse من شركة مايكروسوفت، كما حصلَ على شهاداتٍ أخرى كثيرةٍ في البرمجة وصيانةِ الحواسب وغيرها.



وعلى الرَّغم من ذلك فقد كنت دائمًا ما أشعر بغصةٍ تجتاحُ صديقي كلما حصل على شهادةٍ جديدةٍ في المعلوماتية أو غيرها.



في يومٍ من الأيام بُحت له بشعوري ذاك، وسألتُه عن سبب غصته ونظرةِ الحزن التي كان يحاول إخفاءها جاهدًا.



ولأنه كان شابًّا كتومًا فقد وجدتُ صعوبةً في استنطاقه عن قصته التي قصَّها عليَّ؛ فقد كان "زياد" يدْرس المعلوماتيةَ في معهدٍ تقني، وفي نهاية سنته الدراسية الثانية نالَ الدرجةَ الأولى، ووفقًا للقوانين المعمول بها ونتيجةً لنَيله هذه الدرجةَ فقد فاز بمنحةِ إمكانية التسجيل في الجامعة، وهو ما كان يطمح إليه ويجتهدُ في الدراسة لبلوغه.




وعندما تقدم "زياد" إلى الجامعةِ للتسجيلِ كانت صدمتُه التي خطَّتْ في نفسه جرحًا لم يبرأ منه أبدًا، فقد عرف أنه لن يستفيدَ من المنحةِ التي فازَ بها بجهده وعمله، لأن شابًّا آخرَ حصلَ على مكانه في مقاعدِ الجامعة بحُكم الوساطة التي يعرفُها؛ حيث كانت المقاعدُ المخصصةُ لطلابِ معهدِ المعلوماتية الأوائلِ ثلاثةَ مقاعد فقط.. وجميعُها أصبحت مشغولةً بأصحابها، ورغم أنه تقدم بطلب اعتراض لأكثر من مرة فإن طلبه كان يبوء بالرفض في كل مرةٍ؛ لأن الشاب الآخر كان يدفع واسطته لرفضِ هذا الاعتراض.



أنهى "زياد" رواية قصته وفي عينهِ دمعةٌ تأبى السقوط على وجنته لئلا تُحطِّم كبرياءَه.



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ولي من أمر المسلمين شيئًا، فأمَّر عليهم أحدًا محاباةً، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً؛ حتى يدخله جهنم))؛ أخرجه الإمام أحمد والحاكم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-02-2019, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (6)



محمد رضوان الذهبي




كانت "غنى" فتاةً من أسرةٍ محافظةٍ، نشأت وتربَّتْ على تعاليم وأخلاق دينها الإسلامي؛ حيث درَستْ الإعداديةَ في مدرسةٍ شرعية، تأسَّستْ خلالها على حبِّ الله وحبِّ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وطاعتِهما كما يرضى اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلم.
فلما أنهتْ "غنى" دراستها الإعدادية قررت أن تتابع دراستها في الثانوية العامة، ولأن الأسرة كانت تعرف أحكامَ دينها بشكلٍ سليمٍ، استجاب والدا "غنى" لرغبتها؛ إيمانًا منهما بأن العلمَ لا يمكن أن يَنجح طالبُه إذا كان مدفوعًا إليه غصبًا، وإنما ينجح فيه عندما يكون اختيارًا.
وبالفعل تركتْ "غنى" الثانوية الشرعية وانتقلت منها إلى الثانوية العامة، وفي أحد الأيام الأولى لدراستها دخل حلقةَ الدراسة أستاذُ مادةِ "الفلسفة" التي كانت مقررة في سنتها تلك، وتعرَّف الأستاذُ على طالباتِ الحلقة وبدأ بإلقاء الدرس المقرر، لم تمضِ دقائق معدودات حتى بدأ الدرسُ بتناولِ الأدلةِ العقليةِ ودلالتِها على الحقائق؛ فما كان من الأستاذ إلا أن قال: "لا يوجد في القرآن دليلٌ عقليٌّ على وجود الله".
صُدمت "غنى" بهذه الكلمات وانتظرت هنيهةً لتستوعب ما قاله الأستاذ؛ منتظرةً أن يفسِّر ما يقصده بكلماته تلك؛ لكن الأستاذ تابع حديثه دون أي تفسير.
فما كان منها إلا أن استأذنت الأستاذ للحديث رافعةً يدها؛ فأذن لها بذلك، فقالت له بلهجة مؤدبةٍ:
"كيف قلتَ يا أستاذ: إنه لا يوجد دليلٌ عقليٌّ في القرآن على وجود الله؟ أين هذا الكلام من قوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء: 22]؟ بل وكل ما في كلام الله يدل على وجود الله، كفى بالقرآن معجزةً ودليلاً عقليًّا على وجوده تعالى، خصوصًا مع تحديه للعرب والعجم جميعًا أن يأتوا بآية مِن مِثْلِه"!
سكت الأستاذ ولم يجد ما يرد به على تلك الطالبة، ولم يجد لنفسه بدًّا من التراجع عن مقولته تلك معتذرًا بأن هذا ما تعلمه في الجامعة.
واستمر الدرس، ولكن الأستاذ تعلم أن لا يقْفو ما ليس له به علم؛ بل أصبح فيما بعد كلما أراد أن يتحدث بكلمة عن دين الإسلام نظر إلى "غنى"؛ لتؤكِّد له موافقتها لما يقول، أو منتظرًا لتنبيهاتها بتصحيح مقالته.
ونالت "غنى" احترام صديقاتها وأستاذها وإن ساءَها أن أحدًا من صديقاتها لم تتعلم عن إسلامها إلا ما تسمعه في منزلها من بعض الأحكام التي ربما يكون بعضها لا يمُتُّ للدِّين بِصِلةٍ.
قَالَ تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24-02-2019, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (7)



محمد رضوان الذهبي






رغم أنه مضى زمن ليس بالقليل على هذه الحادثة، فإنها تشكِّل أحد المحاور التي تدفع الشباب العربي للتفكير في الهجرة إلى بلاد الغرب.



في عام 1417 هجرية تمكَّن "عبدالرزاق" من تأمين المال الكافي للذهاب لأداء فريضة الحج، فقام باتخاذ ما يلزم من إجراءات وتأمين الأوراق والمستندات اللازمة، استعدادًا لأداء هذه الفريضة عظيمةِ الشأن في حياة المسلم المقتدر.



وكان من ضمن هذه الاستعدادات حضورُه للجلسات التعليمية التي كان ينظمها الشيخ رئيس الفوج، فتعلم خلال هذه الجلسات والمحاضرات أهمية الحج في حياة المسلم، وكيف يتعلم في هذه الشعيرة العظيمة إخلاص العمل لله سبحانه، ويتعلم بطريقة عملية معانيَ المساواة بين الناس، والزهد في متاع الحياة الدنيا، والاستعداد للآخرة، ومعاني الصبر على المشقَّات في الطاعات، إضافةً للأحكام المتعلقة بالحج من أركانٍ وسُنَن وغيرها.



وما هي إلا بضعة أيام حتى حان موعد السفر بالطائرة إلى الأرض المقدسة، وكانت الإجراءات تقتضي أن يحضر المسافرُ إلى المطار قبل بضع ساعات للحصول على تأشيرة المغادرة، إضافةً إلى إجراءات أخرى لا بد منها.



وبالفعل قدِم "عبدالرزاق" إلى المطار يصحبه كل من أمه وأخيه، دخل الجميع ردهة المطار، وقاموا بالإجراءات اللازمة، ولم يبقَ لديهم إلا استردادهم لجواز السفر (الباسبورت) وقد وضعت عليه تأشيرة الخروج، قدِم موظف المطار وأشار إليهم أن عليهم أن يتوجهوا إلى الردهة المخصصة للبضائع لاستلام جواز السفر.



استغرب الجميع توجيهات موظف المطار؛ إذ إن الردهة التي أشار الموظفُ إليها مخصصة لتحميل البضائع المعَدَّة للشحن بالطائرات التجارية، لكن لم يجد الجميع مندوحةً من الاستجابة لموظف المطار، فتوجَّهوا إلى ردهة البضائع، وما أن دخلوها حتى رأوا ما زادهم تعجبًا وإنكارًا! فقد كان المكان مزدحمًا بالمسافرين الذين ارتَدَوْا لباس الإحرام وهم يتدافعون، وعلى مقربة منهم شاب مفتول العضلات يقف في مكان مرتفع، وهو يحمل سوطًا يلوح به بين الحين والآخر، فيصيب به بعضًا من المسافرين، ولم يكن لسانه بأقل ضررًا وأثرًا من سوطه؛ فقد كان يُكثر الشتم والسِّباب، بل حتى إنه أخذ يطلق بعض عبارات الكفر وسب الدِّين، وإلى جانبه يقف شاب آخر على شاكلته يحمل بيديه جوازات السفر وهو يقرأ أسماء أصحابها ثم يرميها إليهم، فكلما وقع جواز سفر على الأرض انحنى أحدهم ليأخذه تحت وطأة زحمة المكان وتدافع المسافرين، فيزاد تأذِّيًا.



كان المشهد غريبًا للغاية، ومنكَرًا، ولكن أحدًا لم يستطع أن ينبِسَ ببِنت شَفَة؛ لأن السوط كان يسبق الكلمة، فيصيب جسد المنكِر لهذا المشهد قبل أن تصل كلمته لمسمع ذَيْنِ الرَّجلين.



أخيرًا حصل "عبدالرزاق" على جواز سفره، وخرج من ردهة البضائع ليدخل إلى بوابة الطائرة، وهناك ودع أمه وأخاه، وهو يرغب بشدة في ألا يعود؛ لئلا يرى ثانيةً موقفًا كالذي رآه ذلك اليوم؛ حيث تبددت عنده خلال لحظات قليلة ما تعلَّمه عن معاني الحج في شهر.




أحد أسباب تفكير الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية
عدم حصولهم على الاحترام الإنساني الذي تمنحه جميع الشرائع الإلهية، بل والقوانين الوضعية
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24-02-2019, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (8)



محمد رضوان الذهبي

حثَّت الشريعة الإسلامية المؤمنين على كتابة العقود فيما بينهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، بل وحثَّتْهم على كتابة تلك العقود مهما كان الشأن الذي كُتبت فيه صغيرًا أو كبيرًا؛ وذلك لتكون هذه العقود شاهدًا على أطرافه فيما اتفقوا عليه، وأوثَقَ فيما بينهم في التزام اتفاقاتهم، وبالتالي تكون الخلافات في تنفيذ هذه العقود في حدودها الدُّنيا؛ ولكي توحي للإنسان المسلم بأن التزامه تجاه المجتمع والناس من حوله إنما يكون بالكلمة بالدرجة الأولى.
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾ [البقرة: 282].
كما أن الله سبحانه أمر المؤمنين بالوفاء بالتزاماتهم وعقودهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، وحذَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من فتن آخر الزمان، مبيِّنًا أن من هذه الفتن فسادَ العهود وضياعَ الأمانة، ففي الحديث: "عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الفتنة، فقال: ((إذا رأيتم الناس قد مَرِجَتْ عهودهم، وخفَّت أماناتهم، وكانوا هكذا)) وشبَّك بين أصابعه، قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: ((الزمْ بيتك، واملِكْ عليك لسانك، وخُذْ بما تعرف، ودَعْ ما تُنكَر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودَعْ عنك أمر العامة))[1].
ولكنَّ بين كلام الله تعالى وأوامره لنا وبين تطبيقنا لهذه الأوامر بونًا شاسعًا.
وسأخص بالكلام هنا عقودَ العمل التي تكون في المؤسسات والشركات بينها وبين الموظفين الذين يعملون فيها، فجُلُّ هذه العقود تتضمن مادةً أو أكثر، غالبًا ما تكون هي المادة الأخيرة في العقد، والتي تنسف بنود العقد التي تسبقها كافة، حيث تنص هذه المادة على أن لربِّ العمل أن ينهي العقد قبل نهاية مدته إذا أَعلمَ الموظف برغبته تلك قبل مدة تتراوح - حسب كل شركة - بين خمسة عشر يومًا وثلاثة أشهر، أو تنص على أن يقوم الموظف بأداء أية أعمال أخرى غير المذكورة في العقد إذا كلَّفه بها مديره المباشر أو المدير الأعلى، أو تُلزِم تلك الشركات الموظف بتوقيع طلب استقالة غير مؤرخ بتاريخ؛ لتتمكن من وضع التاريخ الذي تريده متى أرادت ذلك.
وبذلك يجد الموظف نفسه دائمًا تحت خطر التهديد بالفصل من وظيفته لأدنى الأسباب وأشدها تفاهةً، أو يجد نفسه ملزمًا بالقيام بأعمال غير تلك التي تنص عليها مواد العقد، وإلا فإن مصيره كذلك إنهاء عقده والفصل من العمل.
وبالتالي فإن "الأمن الوظيفي" بالنسبة للموظف يصبح فكرةً لا تتعدى أن تكون وهمًا لا غير.
وعدم الالتزام بالعقود ليس حكرًا على أرباب العمل، بل كذلك نجد الظاهرة نفسها لدى الموظفين الذين يتركون أعمالهم دون إنذارٍ مسبق، ضاربين عُرض الحائط بعقودهم مع مؤسساتهم وشركاتهم، لدى دنو أول فرصة عملٍ أخرى توفر لهم مزيدًا من الأجور أو الميزات.
وهذه الحالة الفريدة التي كثيرًا ما تتكرر في الوطن العربي، لا نجدها في الدول الغربية، حيث تلتزم معظم الشركات هناك بعقودها التي تبرمها مع موظفيها، كما أن الموظفين كذلك يلتزمون بعقودهم، ويحترمون كلمتهم.
وهنا أذكر مقولةً للشيخ محمد سعيد النورسي يقول فيها:
"إن الدول العربية تحتضر، وستلد الإلحاد يومًا ما.. والدول الغربية تحتضر، وستلد الإسلام يومًا ما".
أحد أسباب تفكير الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية
بُعد المسلمين عن الشريعة الإسلامية على الرغم من إيمانهم بها
وتطبيق الدول الغربية لبعض ما يوافق الشريعة الإسلامية على الرغم من كفرهم بها.


[1] رواه أبو داود في سننه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24-02-2019, 09:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية

لماذا يفكر الشباب العربي في الهجرة إلى الدول الغربية (9)



محمد رضوان الذهبي








لم يقرأ محمد عن هذا الموضوع إلا منذ فترة قريبة لا تتعدى بضع سنوات، لكنه خلال زمن طويل يصعد في تلبية احتياجاته الشخصية، الواحدة تلو الأخرى، حتى وجد نفسه أخيرًا يبحث عن تحقيق الذات، ليصبح هاجسَه في العمل والمنزل والحياة، حتى إذا قرأ عن هرم ماسلو وجد نفسه قد تربَّع على رأس هذا الهرم.
ومنذ انتقال محمد إلى عمله الجديد قبل سنة ونيف، كان يحاول المحافظة على موقعه ذاك، باذلًا كل جهده وخبرته وإبداعاته في سبيل المحافظة على احترامه لِذَاته، وشعوره بتميزه، مستمدًّا قوته من يقينه بالمولى تعالى، وثقته به سبحانه.
لكنه فجأة وقع من أعلى رأس الهرم، ليعود إلى قاعدته من جديد، فكانت القصة الآتية:
كان يومًا من الأيام حالكة الظلام بالنسبة لمحمد، على الرغم من أن الوقت كان نهارًا، لكنه كان نهارًا مختلفًا كل الاختلاف عن غيره من الأيام.
حدث هذا في اليوم الثالث من شهر رمضان لعام 1435 هـ، حيث خرج محمد كعادته قاصدًا مكان عمله الذي أمضى فيه سنةً ونيفًا، حيث كان دائم الاستمتاع بعمله والتطوير له، فنهض به نهوضًا طيبًا بشهادة أرباب العمل والزملاء من حوله.
لكنَّ محمدًا كان موظفًا شديد الحساسية، مرهف الإحساس، صادقًا لأبعد الحدود، ومخلصًا في عمله، ومندفعًا إليه - وكذلك هم القادة المبدعون والفنانون - في الوقت الذي كان فيه أرباب العمل الجديد سريعي الغضب، يتصرفون - غالبًا - بردود الأفعال غير المدروسة، وغير الواعية - على الرغم من حسن أخلاقهم، وإخلاصهم في أعمالهم - مما خلق نوعًا من التوتر المستمر في علاقة العمل بينه وبينهم.
وفي ذلك اليوم تلقى محمد توجيهًا بأن يقوم بعملٍ آخر سوى أعماله المعتادة كمدير للإنتاج، لكنه كان عملاً بسيطًا، ويمكن لأيِّ موظف جديد أن يقوم به، وإن لم يمتلك الخبرة أو المهارة لذلك؛ مما ترك انطباعًا لديه أن هذا التوجيه أُريدَ به الحطُّ من قدره، والزهد في خبرته - كما هو عهده بأرباب العمل كلما اتقدت شعلة الغضب في نفوسهم - فما كان منه إلا أن رفض العمل الموكَل إليه بشدة، وكانت ردة الفعل الصادمة من الإدارة برسالةٍ تقول: "سلم ملفاتك، وغادر فورًا".
على الفور خرج محمد من عمله تائهًا، حائرًا، شارد الذهن، ينظر في اللاشيء، فماذا يفعل وهو أبٌ لخمسة أبناء؟! والبلد تعيش أزمةً خانقةً، حيث معدلات البطالة في أعلى مستوياتها، والاقتصاد في انهيارٍ شديد، والغلاء والبلاء قد حل بالبلاد، وتمثلت له احتياجاته واحتياجات أهل بيته همًّا يطارده، فلا يستطيع الهروب منه، كما لا يقوى على التغلب عليه، خاصةً مع اقتراب الأعياد، وازدياد الاحتياجات.
مرت الأيام قاسيةً عليه، فما حصل عليه من تعويض مالي لا يكاد يكفيه لأكثر من شهر واحد أو شهرين - على أبعد تقدير - إذا اقتصد كثيرًا في نفقاته.
أخذ يفكر كيف هبطت به الدنيا من قمة الهرم إلى أسفل قاعدته في لمحة بصر، فهو الذي كان يعمل لتحقيق ذاته، وتطوير نفسه، ومكان عمله، وإفادة الآخرين من خبراته وإبداعاته، دون الالتفات إلى الجوانب المادية التي يعتبرها أمورًا ثانويةً للغاية، إذا حصل على ما يسد احتياجاته اليومية، فلم يكن يفكر يومًا في الادخار، كما لم يكن يبحث عن الرفاهية؛ لأن المال بالنسبة إليه كان وسيلةً يستعين بها، ولم يكن يومًا غايةً يسعى إليها، لكن أعلى ما كان يسعده في عمله هو شعوره بالانتماء إلى هذا العمل، وإحساسه بالأمان فيه، وتكوينه للعلاقات الطيبة مع أرباب وزملاء العمل، إلا أن كل هذا زال في لمحةٍ دون اعتبار لأيِّ معاييرَ أخلاقيةٍ أو إنسانية.
وأخيرًا؛ وصل به التفكير إلى الهجرة، دون عودة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.50 كيلو بايت... تم توفير 5.57 كيلو بايت...بمعدل (4.31%)]