لنهلكن الظالمين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 39 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-09-2020, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي لنهلكن الظالمين

لنهلكن الظالمين


ياسر عبدالله محمد الحوري





الحمد لله ناصر المظلومين ومنجي المستضعفين، الحمد لله قاصم الجبابرة والمتكبرين ومهلك الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، وصفِّيُهُ من خلقه وحبيبه، الرحمة المهداة والنعمة المسداة، أرسله الله رحمة للعالمين.



أما بعد:

فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 13 - 15].



أيها المسلمون:

إنَّ الظلمَ من الأمراض الفتاكة، والجرائم البشعة، التي انتشرت في أواسط المجتمعات، حتى هلك إثر ذلك أفرادٌ وجماعات، وسحقت بسببه شعوبٌ، وأبيدت أُمم، وسلبت خيرات، ونزعت بركات. ويكفينا إذا أردنا أن نعرف خطورته أن نعلم أن الله جل جلاله حرَّمه على نفسه، وجعله محرَّماً بين عباده، ومن أجل مكافحته وعلاج المرضى بدائه وإزالته واستئصاله؛ بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، وأوضح السبل، قال سبحانه إرشاداً لعباده وتذكيراً: ﴿ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 19] وقال: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112].



لقد حذر الباري جل في علاه من هذا الداء المستفحِل، فقال: (يا عبادي إنِّي حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، إنها دعوة للتطهر من أدران الظلم بجميع أنواعه، في حق العباد وحق المعبود، جاءت في سياق الامتداح للذين سمت نفوسهم، وتطهرت أرواحهم من براثِن الشرك ومستنقعات الرذائل: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].



فوَاعَجَبَاً كَيْفَ يَعصِي الإِلَه

أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ



وَللهِ فِي كُلِّ تَحْرِيكَةٍ

وَفِي كُلِّ تَسْكِينَةٍ شَاهِدُ



وَفِي كُلِّ شِيءٍٍ لَهُ آيَةٌ

تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الوَاحِدُ






إنّ الظلم والطغيان هو الديوان الذي لا يتركه الله حتى يقتصَّ من الظالم للمظلوم؛ فمرتع الظلم وخيم، وعاقبته سيئة،وجزاءُ صاحبه البوار وخراب الدار، ولو بغى جبلٌ على جبلٍ لدُّكَ الباغي منهما.



عن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: لما رجعت مهاجرةُ الحبشةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم في أرض الحبشة؟ فقال فتيةٌ منهم: بلى يا رسول الله، بينما نحن يوماً جلوسٌ إذ مرت عجوزٌ من عجائزهم تحمل على رأسها قُلةً من ماء، فمرت بفتًى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها، فخرت المرأة على ركبتيها وانكسرت قُلَّتُها، فلما قامت التفتت إليه وقالت له: سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف تعلم ما أمري وأمرُك عنده غداً، قال صلى الله عليه وسلم:صدقت، كيف يقدِّسُ اللهُ قوماً لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟



أَمَا وَاللهِ إِنَّ الظُّلْمَ شُؤْمٌ

وَمَا زَالَ الْمُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ



إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّينِ نَمْضِي

وَعِنْدَ اللهِ تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ



سَتَعْلَمُ فِي الْحِسَابِ إِذَا الْتَقَيْنَا

غَدًا عِنْدَ الْمَلِيكِ مَنْ الظَّلُومُ



تَنَامُ وَلَمْ تَنَمْ عَنْكَ الْمَنَايَا

تَنَبَّهْ لِلْمَنِيَّةِ يَا نَؤُومُ



لَهَوْتَ عَن الْفَنَاءِ وَأَنْتَ تَفْنَى

وَمَا حَيٌّ عَلَى الدُّنْيَا يَدُومُ



تَرُومُ الْخُلْدَ فِي دَارِ الْمَنَايَا

وَكَمْ قَدْ رَامَ غَيْرُكَ مَا تَرُومُ



سَلِ الأَيَّامَ عَنْ أُمَمٍ تَقَضَّتْ

سَتُخْبِرُكَ الْمَعَالِمُ وَالرُّسُومُ






ذُكِر عن أبي بكر الوراق أنه قال: "أكثر ما ينزع الإيمانَ من القلب: ظلم العباد".



أعوان الظَّلمة:

إنَّ من ألدِّ خصوم البشرية وأعداء الإنسانية، هم جلساء الظلمة وبطانتهم وأعوانهم، الذين يحققون للظالم رغباتِه، ويوصلونه إلى طموحاته وأمنياته، يحسنون القبيح ويقبِّحون الحسن، يزينون له الباطل ويسترون الحق، يحجبون الفضيلة ويعينون على الرذيلة، يقرِّبون السفهاء ويُبعدون العقلاء.



ولذا: نعى القرآن على أمثال أولئك الأعوان:

﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113].



فكيف بمن أعانهم على ظلمهم؟ أو كان أداةً من أدوات الظلم والطغيان لقمع الحق؟

وتأمل يا عبد الله إلى قول ربك وهو يبين مصارع الطغاةِ وأعوانِهم، وأنهم لا يستطيعون أن يقدموا عذراً ولا مبرراً وهمالذين كانوا يثبِّتُون أوتاد الظلم ليخلُدَ في الأرض، قال تعالى حكايةً عن فرعون وحرسه وقواته الخاصة به: ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص: 39 - 42]



مهما قدموا من مبررات فلن يسلموا، وصدق الله: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54].

والشعب لو كان حراً ما استخف به ♦♦♦ فردٌ ولا عاث فيه الظالم النهمُ



عَن ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ».

وَقَالَ سَعِيدُ بنُ الْمُسَيِّبَ: لا تَمْلَؤُا أَعْيُنَكُمْ مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إِلاَّبالإِنْكَارِ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِئَلا تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ.



وَقَالَ مَكْحُولُ الدِّمَشْقِي: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُ الظَّلَمَةِ؟ فَمَا يَبْقَى أَحَدٌ مَدَّ لَهُمْ حِبْرًا أَوْ حَبَّرَ لَهُمْ دَوَاةً أَوْ بَرَى لَهُمْ قَلَمًا فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلاَّ حَضَرَ مَعَهُمْ، فَيُجْمَعُونَ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فَيُلْقَوْنَ فِي النَّارِ.



وَجَاءَ رَجُلٌ خَيَّاطٌ إلى سُفْيَانِ الثَّوْرِي، وقيل للِإمام أحمد، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أخِيطُ ثِيَابَ السُّلْطَانِ هَلْ أَنَا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: أَنْتَ مِنَ الظَّلَمَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَكِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ مَنْ يَبِيعُ مِنْكَ الإِبْرَةَ وَالْخُيُوط.



عاقبة الظلم:

في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلِتْه".

فهيهات أن ينجوا الظلومُ وخلفه ♦♦♦ سهامُ دعاءٍ من قسيِّ ركوعِ



أيها المسلون:

لقد ساق لنا القرآن نماذجَ وأمثلةً لمن استكبروا في الأرض، وطغوا وبغوا، وعاثوا فيها الفساد، وساموا شعوبهم أمر الشقاء والعذاب.. كيف كانت عاقبتهم؟ ما أخبار قُرُوشِهم وعروشِهم؟



استمع إلى قول الحقِّ - تعالى شأنُه وتقدست أسماؤه -: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 6 - 14]، لنتذكر جيداً: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].. ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-09-2020, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لنهلكن الظالمين


أيها المصلون الراكعون الساجدون: إنَّ ليل الظلم لن يستمر، وثوب العار سوف يتمزق، وشمس الحق سوف تشرق، وأعداءُ الله مهما مكروا فإنَّ الله سيستدرجهم من حيث لا يعلمون ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ [الأعراف: 183].



يقول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرجلَ لترفعُ له يومَ القيامةِ صحيفةٌ حتى يرى نفسه أنَّه ناجٍ فما تزالُ مظالمُ بني آدم تتْبعه حتى ما يبقى له حسنة، ويحمل عليه من سيئاتهم).



﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾ [الكهف: 29]، وقال: ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإنسان: 31]، وقال: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]، وقال: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59] وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾ [هود: 102]، وقال: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].



إنَّ عصابة الظلم والطغيان في كل مكانٍ وزمان، تُحسن تقديم المبررات والأعذار، حتى يوم القيامة يظنون أنه سينجيهم تذرُّعهم بــ: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ [الأحزاب: 67]. وأين كانت عقولكم إذن؟.. أما كنتم تقرؤن قوله تعالى: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14، 15]؟



لكن الباري يبين لنا خزي أولئك القوم بقوله: ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 25].

فيا ويح أهلِ الظلمِ و الفحشِ والعدا ♦♦♦ إذا أقبلت يومَ الحسابِ جهنمُ



دخل طاووس بن كيسان على هشامِ بن عبد الملك فقال له: إنَّي أُحذِّرُك يوم الأذان، فقال هشام: وما يوم الأذان؟ قال طاووس: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44]، فصعق هشام بن عبد الملك.



قال بعض السلف: لا تظلمنَّ الضعفاء فتكون من شرار الأقوياء.

فكم قد رأينا ظالماً متمرداً ♦♦♦ يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه



قال شريحٌ القاضي: سيعلم الظالمون حق من انتقصوا، إنَّ الظالمَ لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النَّصر والثواب..!!



يا أحبابنا: لقد أخبرنا - صلى الله عليه وسلم - عن امرأةٍ "دخلت النَّار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".



فكيف بمن يصادر حقوق أمة، ومقدرات شعب؟

كيف بمن يحارب الناس في رزقهم وقوت يومهم؟

كيف بمن يضيق على الناس الخناق، ويجعلهم في خلاف وشقاق؟

والله.. والله.. والله: لن يفلتوا أبداً من بين يدي الجبار جل جلاله، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].

واستغفروا الله العظيم وتوبوا إليه، إنه هو الغفور التواب الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله القائل:

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26، 27].



إنَّ إعطاء الملك هبة من الله، ولذلك قال: ﴿ تُؤْتِي ﴾ [آل عمران: 26]، لكن! تأمل يا عبد الله كيف يُسلب الملك؟ قال الله: ﴿ وَتَنْزِعُ ﴾ [آل عمران: 26] إنَّها صورة الأخذ الإجباري الذي يُنزعُ كما تُنزعُ الرُّوح.. فهل تأمله الملوك، وتصوروا ذاك الأخذ، وتذكروا ساعةَ الانتزاع؟ ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 21].



إنه مهما بلغت قوة الطاغية وقبضته الحديدية على شعبه، فإن سقوطه إذا أراد الله تعالى سيكون من حيث لا يتوقع، وتلك سنة الله تعالى في الظالمين: أن يذلهم ولو على أيدي أقرب الناس إليهم، ويسقطهم بأهون الأسباب عليهم، ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100] ﴿ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ﴾ [الحشر: 2].



لقد كان ذاك الطاغية هو وأسرته وحاشيتُه: في النعيمِ غافلين، وفي لحافِ الرَّغدِ دافِئين، وفي بستانِ الترفِ مُنعَّمِين، فجاءهم أمرُ اللهِ ضُحىً وهم يلعبون، وبياتاً وهم نائمون، فخُرِّبت دُورُهم، وهُدِّمَت قصورُهُم، وهُتكت سُتُورهُم، وفُضِحوا على الملأ، وأُورِدوا موارد الهالِكين، لا إله إلا اللهُ! ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2].. ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

هذا المصابُ وإلاَّ غيرُه جللُ ♦♦♦ وهكذا تُمحقُ الأيَّامُ والدُّولُ



اطمأنوا في سِنةٍ من الدهْر، وأمْنٍ من الحدَثان، وغفْلةٍ من الأيامِ ﴿ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ﴾ [إبراهيم: 45].



خفقَتْ على رؤوسِهِمُ البنودْ، واصطفَّتْ على جوانِبِهم الجنودْ.. يا سبحان الله!

كأنْ لم يكُن بين الحَجُونِ إلى الصفّا ♦♦♦ أنيسٌ ولم يسْمُرْ بمكَّة سامِرُ



رتعُوا في لذَّةِ العيشِ لاهين، وتمتَّعُوا في صفْو الزمان آمنِين، ظنُّوا السراب ماءً، والورم شحْماً، والدنيا خُلُوداً، والفناء بقاءً، وحسِبوا الوديعةَ لا تُستردّ، والعاريةَ لا تُضمن، والأمانةَ لا تُؤدَّى، ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 39].



فجائعُ الدهرِ ألوانٌ مُنوَّعةٌ

وللزَّمانِ مَسَرَّاتٌ وأحزانُ



وهذه الدارُ لا تُبقي على أحدٍ

ولا يدومُ على حالٍ لها شأنُ






إن الظلم كلما زاد واستشرى، فإنه مؤذِنٌ بزواله: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ [الحاقة: 11].. ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59].. ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 103].



رحم الله ابن تيمية، فقد صاغ قاعدةً نورانية في حفظ الحضارة الإنسانية: "إن الله لينصر الدولةَ العادلةَ ولو كانتكافرة، ويهدم الدولةَ الظالمةَ ولو كانت مسلمة، وتلك سنة منسنن الله، ثم تلا: ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 52]، فالظلم مؤذن بالزوال، والعدل طريق الخلود والبياء.



ونصيحةً لكل من ولاه الله رقاب شعب، وذمة أمة، أن يتأمل جيداً قوله: ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴾ [المرسلات: 16 - 18]، وليتذكرَ الملوك قول ملك الملوك: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 42 - 46]




اللهم أصلح من في صلاحه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وللبلاد والعباد، ونسألك أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، ونسألك أن تجعلنا من الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، ونسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وتتوب علينا، اللهم هب لنا توفيقاً إلى الرشد، وقلوباً تتقلب مع الحق، وألسنة تتحلى بالصدق، ونطقاً يؤيد بالحجة، وعزائم تقهر الهوى، اللهم أسعدنا بالهداية، وتولنا فيمن توليت، ولا تضلنا بعد الهدى يا ذا العلا، وصلِّ على محمدٍ وآله ومن تلا..




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.31 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]