بعوضة فما فوقها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 39 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-09-2020, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي بعوضة فما فوقها

بعوضة فما فوقها













زهراء بنت عبدالله




الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، يصوِّرنا في الأرحام كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، الذي خلقنا ثم رزقنا، ثم يميتنا ثم يحيينا، ثم يجمعنا إلى يوم القيامة لا ريب فيه، الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوَنا أينا أحسن عملًا وهو العزيز الغفور، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، كتب على نفسه الرحمة، يختص برحمته من يشاء، وهو ذو الفضل العظيم، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا هو الحي القيوم.







أما بعد:



فقد ضرب الله سبحانه الأمثال في غير موضع من كتابه، ودعا الناس إلى تعقُّلِها والتفكر فيها والاعتبار بها؛ لِما فيها من فوائد كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21]، كما نبَّه الرسول صلى الله عليه وسلم إليها في قوله: ((إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال، وحرام، ومُحكَم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، وابتغوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال))[1]، وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي عن علي رضي الله عنه: ((إن الله أنزل القرآن آمرًا وزاجرًا، وسُنَّةً خالية، ومثلًا مضروبًا))[2]، وقال عبدالقاهر الجرجاني (ت: 471هـ) إمام البلاغة: "اعلم أن مما اتفق العقلاء عليه أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه، ونُقلت عن صورها الأصلية إلى صورته كساها أُبَّهةً، وكسبها مَنْقَبَةً، ورفع من أقدارها، وشبَّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها، واستثار من أقاصي الأفئدة صبابة وكَلَفًا، وقَسَرَ الطباع على أن تعطيَها محبةً وشَغَفًا؛







فإن كان ذمًّا، كان مسُّه أوجع، وميسمه ألذع، وَوَقْعُهُ أشد، وحَدُّهُ أحد.



وإن كان حِجَاجًا، كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر.



وإن كان افتخارًا، كان شَأْوُهُ أمدَّ، وشرفه أجدَّ، ولسانه ألد.







وإن كان اعتذارًا، كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب، وللسخائم أسلَّ، ولغَرْبِ الغضب أَفَلَّ، وفي عقد العقود أنفث، وحسن الرجوع أبعث.







وإن كان وعظًا، كان أشفى للصدر، وأدعى إلى الفكر، وأبلغ في التنبيه والزجر، وأجدر أن يجليَ الغَيَايَةَ، ويبصِّـر الغاية، ويبري العليل، ويشفي الغليل.











بعوضة فما فوقها:



مُثِّل الإنسان بالحيوانات والحشرات في حالة الذم؛ لاستقباح صفة فيه، لعله يهتدي ويرى سبيل الرشد، كذمِّ أحد علماء بني إسرائيل في قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ [الأعراف: 175، 176]، وذم مَن لم يعمل بعلم التوراة في قوله: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الجمعة: 5]، وهي ليست مقصورة على بني إسرائيل ولا على اليهود فقط، ولكن لكل من تواجدت فيه تلك الصفة المذمومة المخرجة عن ملة الإسلام؛ فمثلًا: مثل الحمار هو صالح لكل من لم يعمل بعلم الله، وكل من ينتسب للإسلام وليس منه، كمن يعمل بالأحكام الوضعية مخالفة لحكم الله ورسوله في الدماء، والأموال، والأعراض؛ لِما فيه من تحليل الحرام وتحريم الحلال، كدعوى تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث، وأن جلد الزاني والزانية، والقطع عند السرقة في مفهومهم إنما هي أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان؛ وقد قال تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، في حين أن تلك الأمثال تأتي لتكون أبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع، وأوقع في النفس - نجد الكثير من اكتفى أن الصفة تكون مذمومة ما دامت مُثِّلت بصفة تتواجد عند المخلوقات المحقرة عند الإنسان ،وبهذا كانت كافية أن يعتبروا بظاهر أحوالها، ولكن في الحقيقة تلك الامثال تحمل في باطنها معانيَ أكبرَ وأعظم، وهناك من تعدى الأمر عند ذلك، كالكفار والمنافقين الذين ادَّعَوا أن ضرب الأمثال بالحشرات الخسيسة عند الإنسان كالذباب والعنكبوت لا تليق أن تكون من عند الله تعالى، ومن ثَمَّ لا يحق لها أن تتواجد في أي كتاب من كُتُبِ الله، وفي رواية عطاء عن ابن عباس قال: "لما ذكر الله آلهة المشركين، فقال: ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ﴾ [الحج: 73][3]، وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد، أي شيء يصنع؟"، وقال الحسن وقتادة: "لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه، وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود، وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فردَّ الله تعالى على باطلهم في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ﴾ [البقرة: 26]"، وهو رد فيه إخبار من الله تعالى عن كيفية وجوب التعامل مع الأمثلة القرآنية التي تحمل في طيِّها صفة أو فعلًا من أفعال الحيوانات والحشرات؛ لكي نرى الأشياء على حقيقتها، وليس كما يراها المستصغر لتواجدها كأمثال الكفار والمنافقين، فإذا كان الإنسان يظن أنه لا يوجد على الأرض أكثر من البعوضة حقارة، فإن الآيات تثبث عكس ذلك، كما أن الآية (26) عبرت عن وجود ما أحقر من البعوضة بلفظ: ﴿ فَمَا فَوْقَهَا ﴾؛ فعن الأسود بن يزيد قال: ((دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنًى وهم يضحكون، فقالت: ما يضحككم؟ قالوا: فلان خرَّ على طنب فسطاط، فكادت عنقه أو عينه أن تذهب، قالت: لا تضحكوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يُشاك بشوكة فما فوقها، إلا كُتب له بها درجة، ومُحيت عنه بها خطيئة))[4]، "فما فوقها": ما تجاوزها في صفة من الصفات، وبما أن صفة الإيذاء هي الصفة الغالبة للشوكة عند الناس، كان معنى "فما فوقها" في حديث عائشة رضي الله عنها هو أي شيء يكون إيذاءه يفوق الشوكة إيذاء، ولما كانت صفة الحقارة هي الصفة الغالبة للبعوضة عند الناس، كانت معنى ﴿ فَمَا فَوْقَهَا ﴾ في الآية (26) هو المخلوقات التي تفوق حقارتها حقارة البعوضة، وهم الكفار والمنافقون؛ حيث إن الحقير الحق هو الحقير عند الله، والمنزلة عند الله عز وجل، لا عند الخلق، فمن كانت منزلته عالية عند الله وخير، فهذا هو المهم وهو المطلوب.








قال الحرالي رحمه الله: "﴿ فَمَا فَوْقَهَا ﴾: أي: من معنًى يكون أظهرَ منها، والفاء تدل على ارتباط ما؛ إما تعقيب واتصال، أو تسبيب، ففيه هنا إعلام بأقرب ما يليه على الاتصال والتدريج إلى أنهى ما يكون"، والمعنى أن ذلك إن اعتُبر بالنسبة إليه سبحانه، كان هو وأنتم وغيركم بمنزلة واحدة في الحقارة، وإن اعتُبر بالنسبة إليكم كان الفريقان بمنزلة واحدة في أنه خلق حقير ضعيف، صغير من تراب، وأما شرف بعضه على بعض، فإنما كان بتشريف الله له، ولو شاء لعكس الحال، ثم ذكر شأن قسمي المؤمنين والكافرين بقسمي كلٍّ منهما في قبول أمثاله، فقال مؤكدًا بالتقسيم؛ لأن حال كلٍّ من القسمين حال المنكر لِما وقع للآخر؛ كما قال الحرالي رحمه الله، ولما كان ضرب المثل متعلقًا بمثل وممثل، كان الضرب واقعًا عليهما، فكان لذلك متعديًا إلى مفعولين: (مثلًا ما، وبعوضةً)، والبعوض جنس معروف من أدنى الحيوان الطائر مقدارًا، وفيه استقلال وتمام خلقة، يشعر به معنى البعض الذي منه لفظه؛ لأن البعض يوجد فيه جميع أجزاء الكل، فهو بذلك كلٌّ.







وعن معمر بن شبيب قال: "سمعت المأمون يقول لـمحمد بن إدريس الشافعي: يا محمد، لأي علة خلق الله الذباب؟ قال: فأطرق، ثم قال: مذلة للملوك يا أمير المؤمنين، قال: فضحك المأمون، وقال: يا محمد، رأيت الذباب قد سقط على خدي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، ولقد سألتني وما عندي جواب، فلما رأيت الذباب قد سقط بموضع لا يناله أحد، انفتق في ذهني الجواب، فقال: لله دَرُّك يا محمد"، وعن أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي قال: "وقع الذباب على المنصور، فَذَبَّهُ عنه، فعاد، فذبه حتى أضجره، فدخل جعفر بن محمد، فقال له المنصور: يا أبا عبد الله، لِمَ خلق الله عز وجل الذباب؟ قال: ليذِلَّ به الجبابرة.







فبوجود المخلوقات الضارة، تظهر عظم المنة من خلق الأشياء النافعة، كما أن الله سبحانه تعالى لا يخلق شيئًا عبثًا؛ أي: لا يخلق شيئًا حقيرًا وإن كان في أعين الناس حقيرًا، وإنما الحقير يصبح حقيرًا بفعله وإرادته، ولا يكون الشيء حقيرًا إلا إذا كان حقيرًا عند الله، ولقد وصف الله تعالى الشيطان وأوليائه الذين يعصونه بالحقارة والمهان؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأعراف: 18]، ﴿ مَذْءُومًا ﴾؛ أي: محقورًا مخزيًّا بما تفعل؛ قال القطاع: ذأمت الرجل: خزيته، وقال ابن فارس: ذأمته؛ أي: حقرته، ﴿ مَدْحُورًا ﴾؛ أي: مبعدًا مطرودًا عن كل ما لا أريده، فالله لا يعتد بهم، ولا يكون لهم عند الله قدر ولا منزلة؛ وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105]، قال: يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُوزن، فلا يزن حبة حِنطة، ثم يوزن فلا يزن شعيرةً، ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة، ثم قرأ: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105] يقول: ليس لهم وزن.







إن الله عز وجل قد جعل العزة له سبحانه ولرسوله وللمؤمنين، وجعل الذُّلَّ والصَّغَارَ على مَن خالف نبيه صلى الله عليه وسلم؛ أي: من لم يتذلل لله، أذله الله؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بُعِثْتُ بين يدي الساعة بالسيف، حتى يُعبَدَ الله وحده لا شريك له، وجُعِلَ رزقي تحت ظل رمحي، وجُعِلَ الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبَّهَ بقومٍ، فهو منهم))[5].







فإذا كان المنافقون والكفار يتعجبون من وجود كلمة "عنكبوت"، وكلمة "ذبابة" في القرآن الكريم، لأنها في نظرهم حشرات خسيسة ذليلة خبيثة - فقد كان من الأجدر عليهم أن يعرفوا قدرهم، وأن يتعجبوا من وجود كلمة "كافر"، وكلمة "منافق"، وكلمة "مشرك" في الكتاب، وأن يسألوا أنفسهم: من أخبث خلق الله وشرهم: هل العاصي الكافر أو البعوضة؟ ولقد بيَّن الله تعالى في سورة إبراهيم أن الكلمة الخبيثة لا هي كلمة "عنكبوت" ولا هي كلمة "بعوضة"، وإنما هي الكلمة التي تنتسب إلى الكفر؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 26]، كما وصف الله المشركين بأنهم نجس، وهذا الوصف يجعل قدرهم عند الله أقل من قدر البعوضة؛ قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 28]، جاء في تفسير ابن عاشور أن النجاسة المعنوية هي اعتبار صاحب وصف من الأوصاف محقَّرًا متجنَّبًا من الناس، فلا يكون أهلًا لفضل ما دام متلبسًا بالصفة التي جعلته كذلك، فالمشرك نجس لأجل عقيدة إشراكه، وقد يكون جسده نظيفًا مطيبًا لا يُستقذَر، وقد يكون مع ذلك مستقذر الجسد ملطخًا بالنجاسات؛ لأن دينه لا يطلب منه التطهر، ولكن تنظفهم يختلف باختلاف عوائدهم وبيئتهم، والمقصود من هذا الوصف لهم في الإسلام تحقيرهم وتبعيدهم عن مجامع الخير، ولا شك أن خباثة الاعتقاد أدنى بصاحبها إلى التحقير من قذارة الذات؛ ولذلك أوجب الغسل على المشرك إذا أسلم؛ انخلاعًا عن تلك القذارة المعنوية بالطهارة الحسية لإزالة خباثة نفسه، وإن طهارة الحدث لقريب من هذا.







وظيفة الإنسان ومكانته عند الله:



فضَّل الله الإنسان عن سائر مخلوقاته، وجعل الكون كله في خدمته، بتسليطنا إياهم على غيرهم من الخلق، وبتسخير الأنعام لنا، التي جعلها مقهورة ذليلة، لا تمتنع على صاحبها عند الحاجة إليها في تسييرها وتوجيهها للرعي، أو للطرق، أو للحمل، أو للوقوف؛ ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾خلق الإنسان تامَّ الخَلْقِ بما خُصَّ به تناسب الأعضاء وانتصاب القامة، مستويًا غير منكب على وجهه، ذا لسان لذق، له يد وأصابع يقبض بها، يحمل كتابه بيده، يتناول مأكوله بيده، مزينًا بالعقل، مهديًّا بالتمييز، وخلقه مؤهلًا لقبول الحق؛ قال تعالى: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 28]، فهذا استدلال قاطع على أن الإيمان بالله تعالى أمر مستقر في الفطرة والعقول، وأنه لا عذر لأحد في الكفر به ألبتة، إلا أن على الإنسان أن يفرق بين النعم التي أنعم الله عليه وعلى سائر الخلق، وبين قدره ومنزلته عند الله؛ لأن مجرد احتوائه على النعم لا يجعله أكبر قدرًا ومنزلة من الحشرات والحيوانات، ولكن يجعله قادرًا على أن يكون أكبر قدرًا ومنزلة حسب مدى تحقيق وظيفته الكبرى التي خُلق من أجلها؛ وهي عبادة الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وبالرغم من أن الحيوانات تسبِّح بحمد الله، إلا أن وظيفتها الكبرى مِن خَلْقِها هي تسخيرها للإنسان؛ يقول الله في محكم كتابه: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].







ولكن نجد كثيرًا من الإنس تخلَّوا عن وظيفتهم الكبرى، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأصبحت أفعالهم تشبه ظاهريًّا أفعال الحيوانات حال تحقيق وظيفتها؛ قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الجمعة: 5]، إن حمل الكتاب علمًا وفهمًا وعملًا هو فرض عين على الإنسان، وهو من وظيفة الإنسان الكبرى، بينما الحمار خلقه الله على صورة غير قادر أن يفتح كتابًا، ولا أن يتعلم، ولا أن يعمل به، وأقصى ما قد يقدر عليه هو حمل الكتاب دون علم ولا عمل، وهذا يُعَدُّ من التسخير؛ أي: ضمن وظيفته، فكيف لعبدٍ أعطاه الله العقل، وخلقه في أحسن تقويم، جحد وأعرض عن وظيفته، وتقبل وأراد لنفسه وظيفة الحمير، ومن ثَمَّ يكون ضالًّا، لا يهتدي إلى أخذ ما ينفعه، وترك ما يضره، ولا يميز بين حسن وقبح، ولا يقدر على قراءة كتاب؛ لِما فيه من موجبات العذاب؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا ﴾ [مريم: 75]، وهنا تكون منزلة ذلك المرء عند الله أقل من منزلة الحمار؛ لأن هذا الأخير قد أدى على الأقل وظيفته على أحسن وجه، وعمل على تحقيق غايته الكبرى التي خُلِق من أجلها؛ وهنا يمكن القول: إن تكريم الله للإنسان قد يكون حُجَّةً عليه، لا حجة له، حينما يُلغي عقله، ويعبد هواه، حينها يصبح أحقر من البعوضة؛ لأنه اختار لنفسه أن يكون أضل من البهيمة؛ كما قال الله تعالى عن هؤلاء: ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]؛ قال الزمخشري: "﴿ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ سبيلًا من الأنعام عن الفقه والاعتبار والتدبر، وقيل: الأنعام تبصر منافعها من مضارها، فتلزم بعض ما تبصره، وهؤلاء أكثرهم يعلم أنه معاند فيقدم على النار، وقال ابن عطية: حكم عليهم بأنهم أضل؛ لأن الأنعام رُكِّبَ في بنيتها وخِلْقتها ألَّا تفكر في شيء، وهؤلاء هم معدُّون للفهم، وقد خُلقت لهم قوًى يصرفونها، وأُعطوا طرفًا من النظر، فهم بغفلتهم وإعراضهم يُلحِقون أنفسهم بالأنعام؛ فهم أضل على هذا"، وجاء في تفسير الرازي: "لأن الحيوانات لا قدرة لها على تحصيل الفضائل، والإنسان أُعطي القدرة على تحصيلها، ومن أعرض عن اكتساب الفضائل العظيمة مع القدرة على تحصيلها، كان أحسن حالًا ممن لم يكتسبها مع العجز؛ فلهذا قال: ﴿ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾".







العقل والقلب:



من المعلوم أنه لا يوجد مخلوق له قدرات عقلية وذهنية تفوق الإنسان، وهذه النعمة تمكِّنه من التفكر في آيات الله الكونية، كقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3]، كما تمكِّنه من التدبر في آيات الله القرآنية؛ قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، ولكن ليس كل من له أعين قادرًا على الإبصار، ولا كل من له آذان قادرًا على السمع، ولا كل من له عقل قادرًا على الفقه؛ لأن الإبصار والسمع والفقه يحتاج إلى قلب سليم مستعدًّا لمعرفة الحق. فحين يغلق القلب أبواب العلم والمعرفة، يتعطل العقل، فيعمى عن الفهم، ويُصَمُّ عن السمع، فيصير لا يفقه شيئًا، ولا يسمع دعاء الله ولا يستجيب له؛ قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]، جاء في تفسير القرطبي: "﴿ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾؛ أي: عن درك الحق والاعتبار، وقال قتادة: البصر الناظر جُعِل بُلْغَةً ومنفعةً، والبصر النافع في القلب، وقال مجاهد: لكل عين أربع أعين؛ يعني: لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه، فلم يضره عَمَاه شيئًا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه، فلم ينفعه نظره شيئًا، وقال قتادة وابن جبير: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم الأعمى، قال ابن عباس ومقاتل: لما نزلت: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى ﴾ [الإسراء: 72][6]، سأل ابن أم مكتوم النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: ((أنا في الدنيا أعمى، أفأكون في الآخرة أعمى؟ فنزلت هذه الآية: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]))"، عن أبي هريرة رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم))؛ [رواه مسلم]، فإذا كان العقل هو أعظم نعمة أعطاها الله للإنسان، فهي قد تكون أكبر نقمة يُستدرَجُ بها إن لم ينتفع بها لمرضاة الله عز وجل، ولا يكون حينذاك العقل مسؤولًا بذاته بتحول النعمة إلى النقمة؛ إذ يرجع ذلك للقلب، الذي هو الجارحة المذمومة والممدوحة من الله تعالى حسب سلامتها؛ قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 89]، فلا يُحاسَب الإنسان على قلة عقله، ولكن على مدى عمل عقله في معرفة الحق واتباعه؛ لأن الله لا يظلم العباد؛ أي: لا يحاسبهم على شيء لم تقدمه أيديهم، ولكن يحاسبهم على شيء مسؤول عنه؛ وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((رُفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يُفيق))[7]؛ فإن العقل مناط التكليف، وبه يُتحصَّل الرُّقي والتشريف، وهو أداة يحركها القلب ويجاريه ويسلك مسلكه، فإن حرَّكه قلب سليم، متواضع لجلال الله، تارك لهوى نفسه، أصاب، وإن حرَّكه قلب غير سليم، أسير الشهوات والملذات، ملهيٌّ عن ذكر الله تعالى، لا يقبل الحق ولا يعقل الرشاد - مال عن الحق، وعمل حسب هوى صاحبه، ولكن أحيانًا إن تطابق هواه وهوى القلب السليم، أصاب، وإن لم يتطابق أخطأ؛ لهذا نجد الكثير من العلماء والعباقرة في الأمور الدنيوية يمتلكون ذكاء خارقًا، وسرعة بديهية في حل الكثير من المسائل المعقدة التي يصعب على عامة الناس حلها، ولكن إن ناقشته في موضوع وجود الله، تلعثم، وبدأ يهذي ويدندن بلا منطق، وتراه يهيم على وجهه في كل واد من أودية الخيال كي يبحث عن أعذار؛ لعله يثبت لنفسه ولغيره عدم وجود الإله، فحين يتطابق هواه وهوى صاحب القلب السليم؛ أي: معرفة الحق، أصاب حتى لو كان قلبه مريضًا، أما في الأمور الدينية، يكون هواه الإعراض عن الحق، ومن ثَمَّ قلبه يعمل على منع عقله أن يعمل على أحسن وجه، فما يترتب عن ذلك إلا العدول عن الحق ومسار الصراط المستقيم، وما هو بذلك إلا عنيدٌ جاحظٌ عاصٍ، فيكفي أن يكون المرء حينذاك هواه الإعراض عن الحق في الدين لكي يكون ذا قلب مريض، لأن أساس وجود الانسان هو أن يعبد الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].







اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ووفقنا لطاعتك وطاعة رسولك، وثبتنا على دينك حتى نلقاك، يا رب العالمين.







وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.







سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.









[1] رواه أبو هريرة، نقله ابن حجر العسقلاني في تخريج مشكاة المصابيح، وحكم عنه بأنه: حسن.




[2] سنن سعيد بن منصور، سعيد بن منصور، ج: 2، ص: 271، حديث: 72.




[3] راجع ج: 12، ص: 97، الجامع لأحكام القرآن/ تفسير القرطبي.




[4] رواه عائشة أم المؤمنين، نقله الألباني في صحيح الجامع، وحكم عنه بأنه: صحيح.

[5] مسند الإمام أحمد (2/ 92).




[6] راجع: ج: 10، ص: 298، الجامع لأحكام القرآن/ تفسير القرطبي.




[7] [1686] أخرجه أبو داود (4398)، والنسائي (3432) واللفظ له، وابن ماجه (2041)، وأحمد (24738)، قال البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي (225): أرجو أن يكون محفوظًا، وصححه ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (3/ 392)، وقال ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/ 89): إسناده على شرط مسلم، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي" (3432).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.87 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]