القرآن واللبن: شاربهما ممدوح أم مذموم - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858577 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393022 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215517 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-03-2024, 02:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي القرآن واللبن: شاربهما ممدوح أم مذموم

القرآن واللبن: شاربهما ممدوح أم مذموم
أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز




الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمدك ربنا حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا تطيب به الحياة، وتستديم به النعم، وتنفتح معه مغاليق العلم، وتنشرح له أسارير المسائل، وتتجلَّى به بوارق الأفهام، حمدًا لك إلهي حتى يبلغ الحمد منتهاه، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلاةً تكون طريقًا لفهم مجامع كلِمِهِ، وبابًا تفتحُ به ما غاب عني من معاني بيانهِ، وتهبُ لي ما خفيَ عليَّ من مرادات هديك، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاه، أما بعد:
فإن الله أنزل كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، ولتسعد به البشرية، قال الله تعالى: ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه: 1، 2]، وجاء وصفه، قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وَالْمُبَارَكُ: الْمُنْبَثَّةُ فِيهِ الْبَرَكَةُ؛ وَهِيَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَكُلُّ آيَاتِ الْقُرْآنِ مُبَارَكٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا: إِمَّا مُرْشِدَةٌ إلى خَيْرٍ، وَإِمَّا صَارِفَةٌ عَنْ شَرٍّ وَفَسَادٍ، وَذَلِكَ سَبَبُ الْخَيْرِ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ، وَلَا بَرَكَةَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وما ذلك إلا لأن قراءة القرآن ذكر للهِ، واستماع لحديث اللهِ، وترداد له، فهو إصلاح للقلوب وللنفوس.

وليس بدعًا من القول أن التعامل مع القرآن كله خير، كيف لا وهو شريعة الله المنزلة على قلب حبيبنا ونبينا وسيّدنا محمد؟ وهو ما ختم الله به الأديان، وهو كلام الله الخالد الذي قال: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته أن تمعن النظر في كتاب الله، فتعقله، وتتدبر معانيه، وتنقله من الواقع النظري إلى الواقع العملي، فالقرآن ليس كتابًا يُقرأ ويُتلى فحسب، وإنما هو شريعة ومنهج، ختم الله به الشرائع، تبيانًا لكل شيء وهدًى ورحمة للعالمين.

ومن عجيب ما وقفت عليه من الهدي النبوي تشبيهُ (شرب القرآن) بـ (شرب اللبن)، وهو ما أثار الجدل والسؤال في مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات العلمية والبحثية في أرجاء المعمورة، فأحببت أن أدلو بدلوي، وأبذل جهدي جهد المقل رجاء الوصول إلى فهم المراد في النص المذكور مع تخريجه والحكم عليه، ثم الغوص في أغواره، وتبيان معانيه الدقيقة، والجمع بين النصوص للوصول إلى المعنى المرجو، أقول وبالله التوفيق:
أخرج الروياني (المتوفى سنة: 307هـ) بسنده عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ[1]قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ كَشُرْبِهِمُ اللَّبَنَ»[2].

وأخرجه الطبراني (المتوفى سنة: 360هـ) بلفظ: «سَيَخْرُجُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ كُشُرْبِهِمُ اللَّبَنَ»[3]، وكذا أخرجه المستغفري في فضائل القرآن[4]، وابن قطلوبغا في مسند عقبة بن عامر[5].

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ[6].
وقال المناوي: رِجَاله ثِقَات[7].
وقال الألباني: حسن[8].

واختلفت أنظار الشراح في فهم معنى هذا الحديث؛ فذهبَ قوم على حمله على معنى الذمِّ، وحمله قوم آخرون على معنى المدح:
فممن حمله على معنى الذم:
1-المناوي؛ أي: يسلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه، ولا تأمل في أحكامه؛ بل يمر على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة[9]. قلت: أي الذم على العجلة في قراءة القرآن وعدم تدبر معانيه.

2-قلت: وهذا ما نلمحه ونفهمه من إخراج الهيثمي له في (باب مَا جَاءَ فِي الْخَوَارِجِ)[10]. فجعل هذا الفعل من أفعال الخوارج الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وهم من يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم.

3-وكذا فعل المتقي الهندي فقد أخرجه في (باب قتل الخوارج وعلاماتهم...)، وذكره بين حديثين؛ الأول: "يخرج قوم في آخر الزمان يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم سيماهم التحليق..."، والثاني: "ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"[11].

4-وقال الأمير الصنعاني (1182هـ): أي يتلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه ولا تأمل في أحكامه؛ بل يمرونه على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة، وهذا ذم لهم[12].

قلت: والتلقي هنا مقصود؛ قال الله تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15، 16]، فالتلقي هنا للذم، فكما ذمَّ اللهُ أقوامًا تناقلوا خبر الإفك دون التفكر به، فهنا ذم هؤلاء فيتلقون القرآن ولا يتعظون به ولا يعملون به، وهو ملحظ مهم منه رحمه الله.

5-وفهمه المستغفري على أنه من باب الاسترزاق بالقرآن وهو مذموم، فقد أخرجه في: (باب ما جاء في الوعيد لمن يستأكل بالقرآن)[13]، فهؤلاء يسترزقون بالقرآن كما يسترزق باللبن، والله أعلم بالصواب.

وذهب قوم إلى فهمه على معنى المدح ومنهم:
1-قال الأمير الصنعاني (1182هـ): ويُحتمل-أي صيغة تضعيف-أن المراد يغتذون به كما يُغتذى باللبن، فيكون مدحًا لهم[14]. بعد أن ذكر قوله: (أي يتلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه ولا تأمل في أحكامه؛ بل يمرونه على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة، وهذا ذم لهم).

2-ونحا الشيخ محمد نصر الدين محمد عويضة منحًا إيجابيًّا آخر، فقال: ويجب عليه أن يجاهد نفسه في مراجعة القرآن حتى يشربه كشرب اللبن [15]. ثم ذكر الحديث، ففهمه أنه من باب لا بد من مراجعته مرة بعد مرة حتى يتمكَّن؛ فيكون عليه كشربة لبن.

وأنا أقف مع النص بعد صحة الاستدلال به فأقول:
1- قراءة القرآن ممدوحة عمومًا؛ فهي من أفضل الأعمال، وصاحبها مثاب عليها سواء عقل المعنى أو لم يعقله؛ فعنعبدالله بن مَسْعُودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قَرَأَ حَرْفًا من كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: ﴿ الم ﴾ [البقرة: 1] حَرْفٌ؛ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»[16].

وعن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ عشر آيات في ليلةٍ لم يكتب من الغافلين»[17].

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «من حافظَ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلةٍ مائة آية كتب من القانتين»[18].

والقراءة كلها ممدوحة، وهي على قسمين:
الأول: من قرأ القرآن وهو عليه شاقٌّ لا يحسن القراءة فهو ممدوح؛ فعن عَائِشَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: «الْمَاهِرُ في الْقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ وهو عليه شَاقٌّ يَتَتَعْتَعُ فيه له أَجْرَانِ اثْنَانِ»[19].

الثاني: من قرأ القرآن وهو يتقن القراءة، فله أجر عظيم، ومنزلة كريمة مع الملائكة الأخيار؛ فعن عَائِشَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الذي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وهو حَافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الذي يَقْرَأُ وهو يَتَعَاهَدُهُ وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ»[20].

قلت: وبهذا الوصف أصبح القارئ هنا كالماهر فيه، والله أعلم بالصواب، فالذم هنا ليس للقراءة؛ وإنما لمن لا ينتفع منها كما ينتفع جسمه بالتغذي من اللبن.

2- أنه صلى الله عليه وسلم نسب صاحب هذا الفعل له ولأمته، والنسبة هنا للمدح والشرف لا للذم فقال: «من أُمَّتي».

ويَردُ عليه أنه لم يرد مطلقًا؛ وإنما قُيد بالخروج، وفي هذا معنى يخرجه من المدح إلى الذم، فهؤلاء وإن كانوا من أمته؛ لكن أفعالهم ليست مرضية بدليل أن القرآن لم يؤثر فيهم وفي تصرُّفاتهم.

3- ذُكر اللبن في النصوص-أي الحليب-ممدوح عمومًا لحادثة المعراج، فاختار اللبن صلى الله عليه وسلم، ولم يختر الخمر. فاللبن يدل على الصفاء والفطرة كما هو معلوم؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ،... ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ»[21].

لو أراد السرعة وذم الاستعجال بالقراءة لذكر الماء من باب أولى؛ فهو أسرع بالمرورإلى الجوف كما هو معلوم، وكما هو دارج على ألسنة الناس كشربة ماء. ويرد عليه أن القرآن بذاته ممدوح فهو كاللبن، وإنما فاعل هذا الفعل مذموم وهم أقوام بعينهم- أي: الخوارج- فهذا من أوصافهم؛ أي: إن القرآن لا يؤثر في حياتهم وتصرُّفاتهم فهم مذمومون لذلك، والله أعلم بالصواب.

4- اللبن هو الشراب الوحيد الذي كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا شربه قال: «لَيْسَ شَيْءٌ يَجْزِي مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْر اللَّبَنِ».


وهو الطعام الوحيد -وسمَّاه طعامًا وليس شرابًا في النص لفائدته الجمة دون غيره من الأشربة- الذي كان يطلب من ربِّه الزيادة منه ولم يطلب خيرًا منه؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ، فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ وَخَالِدٌ عَلَى شِمَالِهِ، فَقَالَ لِي: «الشَّرْبَةُ لَكَ، فَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا»، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أُوثِرُ عَلَى سُؤْرِكَ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَطْعَمَهُ اللهُ الطَّعَامَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ». وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ شَيْءٌ يَجْزِي مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْر اللَّبَنِ»[22].

وفي هذا معنى مهم؛ وهو أن فاعل ذلك سيتغذَّى به كما يتغذَّى باللبن، فيعم النفع سائر أعضائه، وهذا هو فعل القرآن بالمسلم، وعليه ينبغي بقارئ القرآن أن يؤثر في سلوكه كما يؤثر اللبن في تغذية جسمه.

5- أنه حث منه صلى الله عليه وسلمعلى التمكُّن في كتاب الله من كثرة قراءته وإعادته، فيصبح عليه يسيرًا كشربه اللبن، وكما أنه ينبغي أن يكون اللبن يفيد الجسم ماديًّا وينعكس ذلك على أعضائه، فكذلك ينبغي له أن ينتفع بالقرآن معنويًّا، ويفيض على قلبه وجوارحه.

6-كلمة (يشربون) تدل على التكرار والحدوث يعني مرة بعد أخرى، وهو ممدوح في السنة، وهذا هو الحالُّ والمرتحل في كتاب اللهِ[23]، فقد ورد جواز الختم في كل ثلاثة أيام والذي يفعل ذلك؛ أي: يقرأ عشرة أجزاء في اليوم واللية؛ أي: تستغرق ثلث يومه تقريبًا، وهذا لا يتأتَّى إلا بالسرعة في القراءة؛ فيكون ممدوحًا لا مذمومًا، وهذا ينفع من جهة أخرى كما فهمه بعض الأفاضل أنه يفيد الرسوخ في الذهن؛ أي: طلب منهم تكرار القراءة؛ لأنه سيؤدي إلى ثبوتها ورسوخها في الذهن كما سلف ذكره. وعلى هذا يكون المفهوم للحديث بمعنى المدح لا الذم.

7- قد يفـهم من كلمة (شرب) معنى: أَحَبَّ، وتَعَلَّقَ؛ لقولـه تعالى: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ﴾ [البقرة: 93]، قَالَ الْمُفَـسِّرُونَ: حُبَّ الْعِجْلِ[24]. وضَعَّف ابن هشام من أَوَّلَهُ بمعنى: حب العبادة فقال: (وَضعف قَول بَعضهم فِي ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ﴾: إِن التَّقْدِير حب عبَادَة الْعجل، وَالْأولى تَقْدِير الْحبّ فَقَط)[25].

وعليه يكون المعنى: أنهم يحبون القرآن، كحبهم لشرب اللبن. ويكون على هذا التأويل بمعنى المدح ظاهرًا.
وَيَرِدُ عليه أن هذا الحب هو حب ميل وهوى لا حب اتِّباع وعمل فهو مذموم؛ لأنه من أحب القرآن لا بد له من دليل على صدق حبه، والدليل: هو العمل بمعناه ومقتضاه، وقد قيل: (ومشرب الرجل: ميله وهواه. يُقَال: هم قوم اخْتلفت مشاربهم)[26]،فهؤلاء ميلهم وهواهم ينصرف إما بقراءته بما لا يجاوز تراقيهم أو بتأويل القرآن على غير ما أنزل الله بمعزل عن السنة وأحكامها. وأحسب أنَّ هذا ما فهمه ابن عبدالبر فبوَّب لهذا المعنى فقال: (بَابٌ فِيمَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ...ثم قال: أَهْلُ الْبِدَعِ أَجْمَع أَضْرَبُوا عَنِ السُّنَّةِ، وَتَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ مَا بَيَّنَتِ السُّنَّةُ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُذْلَانِ، وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ بْرَحْمَتِهِ...)[27].

8-تستعمل كلمة (شرب) بمعنى: فَهِمَ، قال ابن فارس(395هـ): (قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: الشَّرْبُ الْفَهْمُ، يُقَالُ: شَرِبَ يَشْرَبُ شَرْبًا، إِذَا فَهِمَ. وَيُقَالُ: اسْمَعْ ثُمَّ اشْرَبْ)[28]، وهذا ما ذهب إليه الزمخـشري (المتوفى: 538هـ) فقال: (وشرب ما ألقى عليه شربًا إذا فهمه، يقال: اسمع ثم اشرب)[29]، وعلى هذا يكون المعنى للمدح لا للذم.

وَيَرِدُ عليه أنَّ هؤلاء وإن فهموا الكتاب فقد فهموه على غير ما أنزل الله، وفهمهم بما يتوافق مع ميلهم وهواهم، فتركوا السُّنَّة والجمعة والجماعة، وخرجوا إلى البوادي، فطلبوا المراعي وشرب اللبن كما سيأتي بيانه من حديث عقبة بن عامر المُبَيِّنِ للمُجْمَل هنا.

ويمكن أن يفهم الحديث بمعنى الذم زيادة على ما سبق فأقول:
9-إن كلمة (الخروج) تستخدم عمومًا في السنة وهي تدل على الذم وليس للمدح كما ورد في أحاديث عدة بوصف الخوارج وغيرهم، وهذا ما فهمه علماء الأمة؛ كالهيثمي وقبله المستغفري؛ فعن عبدالله بْن عُمَرَ قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ"[30].

وعن علي قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَيَخْرُجُ أَقْوَامٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتَهُمْ فَاقْتُلْهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[31].

فيكون المراد أنه من شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته أمرهم ألا يستعجلوا بالقراءة؛ وإنما أراد منهم الفهم لكتاب الله وتدبر معانيه، فقد وردت عشرات النصوص التي تؤيد هذا المعنى في كتاب الله، فمدح الله الذين يعقلون،ويتفكَّرون، ويتدبرون القرآن[32].فالذم هنا ليس لقراءة القرآن وإنما لمن قرأه دون تفكُّر وعمل.

10- كلمة "أقوام" وردت في السنة للتقليل من شأن أصحابها، وهي بمعنى: الذم عمومًا؛ ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالعَهْدِ»[33].

وقوله: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً»[34].

وقوله: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ»[35].

وقوله: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِع إِلَيْهِمْ»[36].

فهؤلاء القوم مذمومون وليسوا من أهل المدح، فالذم لهم لا لفعلهم.

11- ورد الجمع بين كلمة "يخرج"، أو "سيخرج" مع كلمة "أقوام" للذم على فعل الخوارج دون غيرهم، ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، وفي لفظ: «يَخْرُجُ مِنْهُ أَقْوَامٌ»[37].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-03-2024, 02:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القرآن واللبن: شاربهما ممدوح أم مذموم


12- الملاحظ في قراءة القرآن بالتشبيه بلفظ (شربه) فقد جاء على وجه المجاز لا الحقيقة، وهو خلاف التغذي، فينبغي ظاهرًا أن يقترن بالقرآن الطعام لا الشراب؛ لأنه غذاء الروح كما يُعلم، وفي الطعام لا بد من تذوُّقه ثم مضغه ثم ابتلاعه ليصل إلى معدته وينتفع الجسم منه، وهكذا ينبغي قراءة القرآن بمراحله كافة من القراءة، والتفكر، والتعقُّل، والتدبر....إلخ من مراحل التعامل مع القرآن الكريم، فعدل صلى الله عليه وسلم من الطعامإلى لفظة الشراب لنكتة مهمة ودقيقة؛ وهي: أن فاعل هذا العمل لم ينتفع من القرآن حق انتفاعه، فمرره كالشراب وإن كان نافعًا بذاته؛ لكنه لم يحصل له النفع به حق الانتفاع، فكان ينبغي عليه أن يطعمه لا أن يشربه، وهذا المعنى تؤيده نصوص عدة في ذم أقوام يقرءون القرآن بهذه الشاكلة ولا يجاوز تراقيهم؛ أي: لا ينتفعون منه ولا يعملون به، فحظُّهم منه القراءة فحسب، والله أعلم بالصواب.


13- ويمكن أن نفهم الحديث بمنحى آخر؛ وهو أن الذم هنا للتمنطق بالقرآن-أي: تعلمه للتفلسف به لمراء الناس لا لذاته أو العمل به-فكما أن شارب الحليب يتمنطق بطعمه، فكذلك هؤلاء يتمنطقون بالقرآن، فلا يجاوز تراقيهم؛ من أجل هذا عدل صلى الله عليه وسلم عن الماء إلى اللبن، فالماء لا يتمنطق بطعمه بخلاف اللبن، والله أعلم بالصواب.

14- ويضاف إلى ما سبق أن كل من أخرج هذا الحديث من أهل التخريج من مسند عقبة بن عامر رضي الله عنه ذكره في سياق الأحاديث التي تذم أفعال المنافقين والخوارج وتصرفاتهم وسلوكهم المنحرف عن جادة الصواب، وهذا يدل على أن فهمهم للحديث جاء بسياق الذم لا المدح.

15- وينبغي التنبيه هنا إذا كان هذا الذم لمن يقرأ ويستعجل في قراءته ولا يعمل به، فمن باب أولى يتأكد الذم لمن لا يقرأ القرآن ولا يعمل به؛ فعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ؛ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ؛ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ؛ طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلا رِيحَ لَهَا»[38].

وفي ختام هذا البحث لاح لي ملمح آخر ممكن أن نفهم به هذا الحديث، وهو: أن مُسند الحديث وهو سيدنا عقبة بن عامر رضي الله عنه قد روى حديثًا آخر ممكن أن نحمل عليه هذا الحديث، فقد جاء هنا مُبَيِّنًا، وورد هناك مُجملًا، فيمكن حمل المُجْمَل على المُبَيَّن في النصوص الآتية:
فقد أخرج الإمام أحمد عن عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْكِتَابَ وَاللَّبَنَ»، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: «يَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا»، فَقِيلَ: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ»[39].

وعنه بلفظ: «هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قَالَ: «يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمَعَ وَيَبْدُونَ»[40].

وأخرجه الطبراني بلفظ: «سَيَهْلِكُ مِنْ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ» قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: فَقُلْتُ: وَمَا أَهْلُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ كِتَابَ اللهِ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا» قُلْتُ: وَمَا أَهْلُ اللَّبَنِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ويُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ»[41].

وأخرجه الروياني من طريق آخر، وذكر معه فهم راويه عن سيدنا عقبة بن عامر للحديث فقال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، نا عَمِّي، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ الْخَيْرِ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ أَمْرِ الْقَدَرِ، فَقَالَ: أَنَا فِي الِإِسْلَامِ أقْدَمُ مِنْهُ، لَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَ أَبُو قَبِيلٍ: وأخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَيَهْلِكُ مِنْ أُمَّتِي أَهْلُ الْكِتَابِ وأهْلُ اللَّبَنِ» فَقَالَ عُقْبَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا أَهْلُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ كِتَابَ اللهِ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا» فَقَالَ عُقْبَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا أَهْلُ اللَّبَنِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، ويُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ» فَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ عِنْدَ قَوْلِهِ هَذَا: لَأَحْسَبُ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ: الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ، وَأَمَّا أَهْلُ اللَّبَنِ، فَلَا أَحْسَبُهُمْ إِلَّا أَهْلَ عَمُودٍ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِمَامُ جَمَاعَةٍ، وَلَا يَعْرِفُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ"[42].

وعليه يمكن حمل قوله المجمل وهو: (يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ) على قوله المبين وهو: (يَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا) أو بمعنى قريب منه وهو: (يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ).

وهذا المعنى الذي فهمه ابن عبدالبر للحديث المبين للمجمل فقال: (بَابٌ فِيمَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ...ثم قال: أَهْلُ الْبِدَعِ أَجْمَع أَضْرَبُوا عَنِ السُّنَّةِ وَتَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ مَا بَيَّنَتِ السُّنَّةُ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُذْلَانِ وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ بْرَحْمَتِهِ...)[43].

وإلى هذا مال المتقي الهندي عندما بوَّب له فقال: (باب آفات العلم ووعيد من لم يعمل بعلمه)[44].

وأما قوله المجمل: (كَشُرْبِهِمُ اللَّبَنَ)، فيحمل على قوله المبين: (أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ) أو بالمعنى القريب منه وهو قوله: (وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمَعَ وَيَبْدُونَ) أو بقوله: (قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ويُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ)؛ أي بمعنى: يتركون الحضر إلى البادية، فيتركون الجمعة والجماعة ويسكنون الخيام لا البيوت، ويطلبون مواضع اللبن وهي في البوادي والمراعي، وهذا الذي فهمه راوي الحديث عن سيدنا عقبة بن عامر فقال: (وَأَمَّا أَهْلُ اللَّبَنِ، فَلَا أَحْسَبُهُمْ إِلَّا أَهْلَ عَمُودٍ-أي أصحاب الخيام- لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِمَامُ جَمَاعَةٍ، وَلَا يَعْرِفُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ).

ونص على ذلك ابن الأثير في النهاية فقال: (قَالَ الْحَرْبِيُّ: أَظُنُّهُ أَرَادَ: يَتَبَاعَدُونَ عَنِ الْأَمْصَارِ وعَن صَلَاةِ الجمَاعة، ويَطْلُبون مَواضع اللَّبن فِي المَراعي والبَوَادِي)[45].

قلت: وهذا هو وصف دقيق للخوارج في زمن سيدنا علي رضي اللهُ عنه، فتركوا المدنإلى البوادي وأوصافهم كثيرة، ومنها: يحقر الرجل صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وهنا يضاف أيضًا يحقر قراءته للقرآن إلى قراءتهم؛ فهم يكثرون من قراءة القرآن ختمة بعد أخرى، ولا يفقهون معناه، ولا يتدبرون آيات اللهِ، ويَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، فالذم ليس لقراءة القرآن ولا الاستعجال به؛ وإنما لعدم تأثير القرآن فيهم، فكما أن اللبن لا بد أن يكون غذاء للجسد فكذلك القرآن لا بد أن يكون غذاء للروح، ويثمر بها، فيفيض ذلك على قلبه وجوارحه.

وبعد البحث والتفتيش في طرق الرواية تبين لي أن الفريابي روى هذا الحديث عـن سيدنا عقبة بن عامر بلفظ يشبه شرب القرآن بشـرب الماء لا اللبن فقال: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ الْأَصْبَغِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نـا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ مِـشْـرَحَ بْنَ هَاعَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «سَيَخْرُجُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَشْـرَبُونَ الْقُرْآنَ كَشُرْبِهِمُ الْمَاءَ»[46].

قلت: ولعله من تصرُّف الرواة عن سيدنا عقبة بن عامر، والله أعلم بالصواب.
ومما لفت انتباهي أن الطبراني روى بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه هذا التشبيه أيضًا فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: نا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي هَوْذَةَ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عبدالرحمن السُّلَمِيِّ، عَنْ عبدالله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُـرْآنَ قَـوْمٌ يَشْرَبُونَهُ كَشُرْبِهِمُ الْمَاءَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ»، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ: «لَا يُجَاوِزُ هَا هُنَا». قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ إِلَّا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ[47].

قال الهيثمي: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ وَهُوَ ضَعِيفٌ[48].

قلت: الحسين بن إدريس الأنصاري، الهروي، المعروف بابن خرم.
قال فيه الـدارقطني: كان من الثقات.
وقال ابن مـاكولا: كان من الحُفَّاظ المكثرين.

وانتقده ابن أبي حاتم بما ليس فيه؛ بـل الآفة من غيره كما هو موضَّح في مكانه.

وَذكره ابن حبان فِي الثِّقَات، وَقَالَ: كَانَ من أَرْكَانِ السُّنَّة فِي بَلَده.

وقال الذهبي: الإمام المحدث، الثقة الرحال أبو علي الأنصاري الهروي، وكان صاحب حديث وفهم[49].

وأما تفرد عَمْرو بْن أَبِي قَيْسٍ عن عطاء فإنه لا يضـر الحديث؛ لأنه رُوي من طريق آخر عن حماد بن زيد، وخلف الواسطي كما سيأتي، وعليه فالحديث يحتج به، والله أعلم بالصواب.

فقد روى أبو عبدالله محمد بن وضاح بن بزيع المرواني القرطبي (المتوفى سنة: 286هـ) بسنده عن السلمي فقال: نَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عبدالرحمن بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عبدالرحمن السُّلَمِيِّ قَالَ: "إِنَّا أَخَذْنَا الْقُرْآنَ عَنْ قَوْمٍ فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْـرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهُنَّ إلى الْعَشْـرِ الْأُخَرِ حَتَّى يَعْمَلُوا بمَا فِيهِنَّ مِنَ الْعِلْمِ، قَالَ: فَتَعَلَّمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا، وَإِنَّهُ سَيَرِثُ هَـذَا الْقُرْآنَ قَوْمٌ بَعْدَنَا يَشْـرَبُونَهُ كَشُرْبِهِمُ الْمَاءَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ قَالَ: بَلْ لَا يُجَاوِزُ هَهُنَا وَوَضَعَ يَدَهُ تَحْت حَنَكِهِ"[50].

ووصله الآجُرِّيُّ (المتوفى: 360هـ) فقال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِالْحَمِيدِ قَالَ: نا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا سَعِيدُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أنا خَلَفٌ- يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ- عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: كَانَ أَبُو عبدالرحمن يُقْرِئُنَا فَقَالَ يَوْمًا: قَالَ عبدالله بْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيُرَتِّلُ هَذَا الْقُرْآنَ قَوْمٌ يَشْـرَبُونَهُ كَمَا يُشْرَبُ الْمَاءُ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ»[51].

قلت: وكذا رُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون فِي آخر أمتِي قوم يتفقهون فِي دين الله ويقرءون كتـاب الله كَمَا يشـرب المَاء الْبَارِد لَا يُجَاوز تراقيهم، يكذبُون بأقدار الله عز وَجل هم مجوس أمتِي، هم مجوس أمتِي، هم مجوس أمتِي»[52].

قلت: في النصوص والآثار عن الصحابة أعلاه تأكيد للمعنى الذي ذهبنا إليه، وهذا يعني أنَّ الذمَّ إنما يقعُ على الأقوام الذين لم يعملوا بالقرآن بسبب عدم انتفاعهم بالقراءة لا على ذات فعلهم وهو القراءة؛ لأنها محمودة مطلقًا، وعليه أميل أن يحمل الحديث على معنى الذم لا المدح لما ذكرنا سابقًا، والله أعلم بالصواب.

وأخيرًا هذا ما توصلت إليه من معاني الأحاديث بعد البحث والتنقيب مسترشدًا بآيات كتاب الله وبيان من لا ينطق عن الهوى سيدنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وما انقدح في أذهان سلفنا الصالح، ولعل في هذا بيان لمن أشكل عليه فهم معنى الحديث، واللهَ أسأل أن يهدينا طريق الحق ويجنبنا الزلل.

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيِّدنا مُحمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

[1] قال الذهبي: (عقبة بن عامر الجهني صحابي كبير، أمير شريف، فصيح مقرئ فرضي شاعر، ولي غزو البحر، روى عنه علي بن رباح وأبو عشانة وخلق، مات بمصر 58 ع) الكاشف (2/ 29) (3839)، وقال: (...وَعَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ: أَنَّ عُقْبَةَ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْرِضْ عَلَيَّ أَقَرَأَ، فَبَكَى عُمَرُ...)؛ سير أعلام النبلاء، ط الرسالة (2/ 468)، وقال: (الإِمَامُ، المُقْرِئُ، أَبُو عَبْسٍ)؛ سير أعلام النبلاء، ط الرسالة (2/ 467)، وقال: (قَالَ أَبُو سَعِيد بن يونس: مُصْحَفه الآن موجود بخطه، رأيته عند علي بن الحسن بن قُدَيد، عَلَى غير التأليف الذي في مُصْحَف عُثْمَان، وَكَانَ في آخره: "وكتب عُقْبة بن عامر بيده". وَلَمْ أزل أسمع شيوخنا يقولوْن: إِنَّهُ مُصْحَف عُقبة، لَا يشكون فِيهِ. وَكَانَ عقبة كاتبًا قارئًا، لَهُ هجرة وسابقة)؛ تاريخ الإسلام، ت بشار (2/ 524). وقال المزي: (وكان عقبة بن عامر الجهني صاحب بغلته يقود به في الأسفار)؛ تهذيب الكمال في أسماء الرجال (1/ 206)، وهو من علمه المصطفى المعوِّذَتين، وحديثه معروف ومشهور.

[2] مسند الروياني: (1/ 188) (249).

[3] المعجم الكبير للطبراني: (17/ 297) (821)، وهو في مسند عقبة بن عامر، زين الدين أبو العدل قاسم بن قطلوبغا السودوني (نسبة إلىمعتق أبيه سودون الشيخوني) الجمالي الحنفي (المتوفى: 879هـ) (ص: 209)، باللفظ نفسه.

[4] فضائل القرآن: (1/ 136) (8) و(9).

[5] ينظر: مسند عقبة بن عامر، زين الدين أبو العدل قاسم بن قطلوبغا السودوني (نسبة إلى معتق أبيه سودون الشيخوني) الجمالي الحنفي (المتوفى: 879هـ) (ص: 209)، باللفظ نفسه.

[6] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: (6/ 229) (10412).

[7] التيسير بشرح الجامع الصغير: (2/ 63).

[8] صحيح الجامع الصغير وزيادته: (1/ 681)، وهذا حكمه عليه في جميع كتبه.

[9] فيض القدير: (4/ 118).

[10] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: (6/ 229) (10412).

[11] كنز العمال (11/ 142) (30956).

[12] التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 427).

[13] فضائل القرآن للمستغفري (1/ 135).

[14] التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 427).

[15] الضياء اللامع من صحيح الكتب الستة وصحيح الجامع (ص: 467، بترقيم الشاملة آليًّا).

[16] سنن الترمذي، ج5/ ص175. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

[17] المستدرك: ج1/ 742 (2041)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، والأحاديث المختارة ج8/ ص278، وقال: إسناد صحيح.

[18] المستدرك ج1/ص452، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

[19] أحمد ج6/ص170، قال شعيب: حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.

[20] صحيح البخاري ج4/ ص1882.

[21] صحيح مسلم (1/ 145) (162).

[22] سنن الترمذي، ت شاكر: (5/ 506) (3455)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ» وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: عَنْ عُمَرَ بْنِ حَرْمَلَةَ، وقَالَ بَعْضُهُمْ: عَمْرو بْن حَرْمَلَةَ، وَلَا يَصِحُّ، سنن أبي داود: (3/ 339) (3730)، سنن ابن ماجه: (2/ 1103) (3322).

[23] فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: «الحَالُّ المُرْتَحِلُ». قَالَ: وَمَا الحَالُّ المُرْتَحِلُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِإلى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ»؛ سنن الترمذي: (5/ 197) (2948).

[24] مقاييس اللغة (3/ 268).

[25] مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص: 578).

[26] المعجم الوسيط (1/ 477).

[27] جامع بيان العلم وفضله (2/ 1199).

[28] مقاييس اللغة (3/ 268).

[29] أساس البلاغة(1/ 500).

[30] مسند أحمد، ط الرسالة (9/ 395) (5562).

[31] مصنف عبدالرزاق الصنعاني (10/ 157) (18677).

[32] ينظر: مقالنا بعنوان: "مراحل التعامل مع القرآن الكريم" وهو منشور في شبكة الألوكة وأوصلتها إلى عشرين مرحلة، وكلها خير.

[33] صحيح البخاري (3/ 171) (2652).

[34] صحيح البخاري (8/ 26) (6101).

[35] صحيح البخاري (3/ 198) (2735).

[36] صحيح مسلم (1/ 321) (428).

[37] صحيح مسلم (2/ 750) (1068) و(1069).

[38] صحيح البخاري (6/ 190) (5020)، وفي مسلم بلفظ: «وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ...». صحيح مسلم (1/ 549) (797).

[39] مسند أحمد، ط الرسالة (28/ 555) (17318).

[40] مسند أحمد، ط الرسالة (28/ 632) (17415). قال الشيخ شعيب: إسناداه حسنان. وقال الهيثمي: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ لَيِّنٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (8/ 105)، وصححه الألباني بعد أن جمع طرقه، وأجاب الهيثمي بقوله: قلت: فخفي عليه أمران: الأول: أن ابن لهيعة صحيح الحديث في رواية العبادلة عنه، وهذا من رواية أحدهم، وهو أبو عبدالرحمنالمقرئ كما تقدم. والآخر: أن ابن لهيعة لم يتفرد به؛ بل تابعه الليث بن سعد وغيره... ينظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 647).

[41] المعجم الكبير للطبراني (17/ 296) (817).

[42] مسند الروياني (1/ 183) (240).

[43] جامع بيان العلم وفضله (2/ 1199).

[44] كنز العمال (10/ 215) (29137).

[45] النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 228).

[46] فضائل القرآن للفريابي (ص: 203) (109)، قـال الألباني: قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين غير مشرح بن هاعان، قال ابن معين: "ثقة". وقال ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس". وتناقض فيه ابن حبان فأورده في "الثقات"، ثم أورده في "الضعفاء"! فهو حسن الحديث. وميمون بن الأصبغ روى عنه جماعة منهم النسائي وأبو حاتم وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال الهيثمي (6 / 229): "رواه الطبراني ورجاله ثقات". وأخرجه الروياني في "مسنده" (10 / 59 / 1): أخبرنا أبو بكر أخبرنا سعيد بن أبي مريم به إلا أنه قال: "شعيب بن زرعة" بدل مشرح بن هاعان. فلعل بكر بن عمرو سمعه منهما كليهما، فكان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن هذا. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 507) (1886).

[47] المعجم الأوسط (1/ 251) (825).

[48] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (6/ 232) (10427).

[49] الجرح والتعـديل لابن أبي حاتم (3/ 47) (206)، ميزان الاعتدال (1/ 530) (1979)، الكشف الحثيث (ص: 97) (236)، لسان الميزان، ت أبي غدة (3/ 147) (2461)، سير أعلام النبلاء: (14/ 113)، وموسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني في رجال الحديث وعلله (1/ 211) (993).

[50] البدع لابن وضاح (2/ 170) (255).

[51] أخلاق أهل القرآن (ص: 99) (33).

[52] الفردوس بمأثور الخطاب (5/ 452) (8715)، وحز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر؛ شيث بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة، أبو الحسن القفطي، ضياء الدين المعروف بابن الحاج القناوي (المتوفى: 598هـ): (ص: 111).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 89.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 87.66 كيلو بايت... تم توفير 2.11 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]