التفسير اللقبي لــ (أصول الفقه) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4422 - عددالزوار : 859921 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3954 - عددالزوار : 394273 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216314 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7844 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 67 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-08-2023, 07:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي التفسير اللقبي لــ (أصول الفقه)

التفسير اللقبي لــ (أصول الفقه)
ناصر الدين عبدالرحمن طاهر


أصول الفقه:
لبيان المركب الإضافي ها هنا وهو "أصول الفقه"، لا بد من بيان المضاف والمضاف إليه؛ حتى تتحقق الإحاطة بالمعنى اللقبي لهذا الفن؛ كما صنع الرازي في (المحصول 1/ 78)، والآمدي في (الإحكام)، وغيرهما.

فالأصول جمع أصل، وله في اللغة غير ما معنى؛ منها: ما يُبنى عليه غيره، كما أن الفرع ما يُبنى على غيره؛ فأصل الشجرة - مثلًا - عروقها، ويُبنى عليها الساق والأوراق؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]، ومنها: ما منه الشيء؛ كالولد للوالد، ويُطلق على أسفل الشيء، تقول: أصل البحر؛ أي: أسفله؛ [انظر: تهذيب اللغة، مادة: ق ع د].

فائدة:
للأصل معانٍ عدة لدى الأصوليين؛ فمنها:
1- الراجح؛ نحو قولهم: الأصل براءة الذمة؛ أي: الراجح.

2- الدليل؛ كقولهم: أصول الفقه؛ أي: أدلته.

3- القاعدة المستمرة؛ كقولهم: إباحة الميتة للمضطر خلاف الأصل؛ أي: القاعدة المستمرة.

4- الْمَقيس عليه؛ [انظر للفائدة: شرح مختصر الروضة للطوفي (1/ 126)، وشرح تنقيح الفصول (ص: 15)، وتقريب الوصول لابن جزي (ص: 89)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (1/ 39)، وإرشاد الفحول للشوكاني (ص: 9)، ط. دار ابن حزم، وكشف اصطلاح الفنون (1/ 85)].

وبقِيَ عليه أمور:
أحدها: التعبد؛ كقولهم: إيجاب الطهارة بخروج الخارج على خلاف الأصل؛ يريدون أنه لا يهتدي إليه القياس.

الثاني: الغالب في الشرع، ولا يمكن ذلك إلا باستقراء موارد الشرع.

الثالث: استمرار الحكم السابق، كقولهم: الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى يوجد المزيل له.

الرابع: المخرج؛ كقول الفرضيين: أصل المسألة من كذا؛ [انتهى، من البحر المحيط (1/ 27)].

وأما الفقه: فهو في اللغة: الفَهم؛ قال تعالى: ﴿ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ﴾ [هود: 91]؛ أي: ما نفهم كثيرًا مما تقول؛ [انظر: لسان العرب، مادة: ف ق ه، والقاموس، مادة ف ق ه]، ونقل القرافي عن الشيرازي، أنه خصَّه بالأمور الخفية، ونفى البعض نسبة القول بالتخصيص المذكور إلى القرافي؛ لعدم وروده عنه في نقل؛ [انظر: شرح مختصر الروضة (1/ 132)، وفي البحر المحيط للزركشي (1/ 20)].

وقال الشيخ أبو إسحاق وصاحب اللباب من الحنفية: "فَهم الأشياء الدقيقة، فلا يُقال: فقهت أن السماء فوقنا، قال القرافي: وهذا أولَى، ولهذا خصَّصوا اسم الفقه بالعلوم النظرية، فيشترط كونه في مَظِنَّة الخفاء، فلا يحسُن أن يُقال: فهمت أن الاثنين أكثر من الواحد، ومن ثَمَّ لم يُسَمَّ العالم بما هو من ضروريات الأحكام الشرعية فقيهًا، فإن احتُج له بقوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ﴾ [هود: 91]، وقوله: ﴿ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78]، قلنا: هذا يدل على أن الفَهم من الخطاب يسمى فقهًا، لا على أنه لا يسمى فقهًا، إلا ما كان كذلك؛ وقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 179]، وهذا لا يختص بالفَهم من الخطاب، بل عدم الفهم مطلقًا من الأدلة العقلية والسمعية، وطرق الاعتبار.

وأما الفقه اصطلاحًا، فقد اختلفت الأقوال فيه؛ فعرَّفه بعضهم بأنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من الأدلة التفصيلية؛ قال العلوي في المراقي:
والفقه هو العلم بالأحكامِ
للشرع والفعل نماها النامي
أدلة التفصيل منها مكتسَبْ
والعلم بالصلاح فيما قد ذَهَبْ


وعرَّفه البعض بأنه: التصديق بأعمال المكلَّفين التي تُقصَد لا لاعتقاد، وعن بعضهم: اعتقاد الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.

والأول هو الألصق بالصواب على ما ذهب إليه بعض المحققين؛ قال الشوكاني بعد أن ذكر بعض التعريفات السابق ذكرها في (إرشاد الفحول ص: 9): "وقد اعتُرض على كل واحد من هذه التعريفات باعتراضات، والأول أولاها إن حمل فيه على ما يشمل الظن؛ لأن غالب الفقه ظنون"؛ [انتهى]، وقال القرافي: "الفقه في الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال، وقولي: بالاستدلال؛ احترازًا عن المقلد، وعن شعائر الإسلام؛ كوجوب الصلاة والزكاة، وغير ذلك مما هو معلوم بالضرورة"؛ [انتهى]، وعن ابن سراقة: "حقيقة الفقه عندي الاستنباط، وبمثله قال ابن السمعاني، وزاد عليه: استنباط حكم المشكل من الواضح، وأيده العلامة الزركشي مستندًا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((رُبَّ حاملِ فقهٍ غيرُ فقيه))، وفسَّره بقوله: ومعناه أنه يحمل الفقه من غير أن يكون له استدلال واستنباط"؛ [انتهى من المنثور (1/ 68)، وصرح به في (البحر المحيط 1/ 22) بقوله: "وحقيقة الفقه عندي الاستنباط"، ثم ذكر ثمرة ذلك، فقال (1/ 23): "عُلِم من تعريفهم الفقه باستنباط الأحكام أن المسائل المدوَّنة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحًا، وأن حافظها ليس بفقيه، وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح المستصفى، قال: وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها فروعي، وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة، فيتلقَّاها منه الفروعي تقليدًا، ويدوِّنها ويحفظها، ونحوه قول ابن عبدالسلام: هم نقلة فقه لا فقهاء، وقال الشيخ أبو إسحاق في كتاب الحدود: الفقيه من له الفقه، فكل من له الفقه فقيه، ومن لا فقه له، فليس بفقيه"؛ [انتهى].

فائدة:
قال الطوفي (شرح مختصر الروضة 1/ 132): "يُقال فقِه بكسر القاف: إذا صار فقيهًا، وفقَه غيره، بفتحها: إذا غلبه في الفقه، وترجح عليه، وفقُه، بضمها: إذا صار الفقه له سجية".

وبعد ذي التقدمة، يمكن التعرض لتعريف المركب الإضافي أصول الفقه؛ فيُقال: بأن الأقوال تباينت في تعريفه على العادة؛ فعرفه البعض بأنه: دلائل الفقه الإجمالية؛ وهذا تعريف ابن السبكي في (جمع الجوامع ص: 209، ت: عقيلة حسين، ط. دار ابن حزم)، وعرفه البعض بأنه: معرفة دلائل الفقه الإجمالية، وإلى ذلك الإشارة من قبل ابن السبكي في (جمع الجوامع ص: 209)، وقيل: معرفتها، وقيل: بأنه إدراك القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية، وقيل: هو نفس القواعد الموصلة بذاتها إلى استنباط الأحكام، وقيل: طرق الفقه على جهة الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وما يتبع ذلك.

الأول هو الذي تميل إليه النفس، وهو الذي ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في (اللمع)، وإمام الحرمين في (البرهان 1/ 78)، والغزالي في (المستصفى 1/ 4)، وابن برهان في (الأوسط)، وإليه مال الزركشي في (البحر المحيط 1/ 24).

والعلة الموجِبة لذلك: أنه لا فرض على لفظة "العلم" للورود ها هنا؛ فالتركيب في غِنًى عنها؛ إذ المقصود بيان التفسير اللقبي للفن، وهو بحد ذاته: أدلة، وليس هو العلم بها، وقد تعرض الزركشي في (البحر المحيط 1/ 25) للمسألة، وذكر تفصيلًا بعد الاختيار والتصريح بأنه ذات الأدلة، لا العلم بها، فقال: "هل الأصول هي هذه الحقائق نفسها أو العلم بها؟... وأما قول ابن السبكي: دلائل الفقه... فإن من أول مَن ذكره من الأصوليين البيضاوي في المنهاج، إلا أن الذي انتُقِد البيضاوي عليه في هذا التعريف، هو قوله: دلائل؛ فإنها على زنة فعائل، وهو جمع لفعيلة، وهو اسم جنس، وهو لا يجمع على فعائل، كما نص عليه ابن مالك رحمه الله تعالى"، وقد تعرض الزركشي للمسألة في (البحر المحيط 1/ 40)، وذكر كلامًا حسنًا، فقال: "هل الأصول هذه الحقائق أنفسها أو العلم بها؟ طريقان، وكلام القاضي أبي بكر يقتضي أنه العلم بالأدلة، وعليه البيضاوي، وابن الحاجب وغيرهما، وقطع الشيخ أبو إسحاق وإمام الحرمين في البرهان، والرازي والآمدي بأنه نفس الأدلة، ووجه الخلاف أنه كما يتوقف الفقه على هذه الحقائق، يتوقف أيضًا على العلم بها، فيجوز حينئذٍ إطلاق أصول الفقه على القواعد أنفسها، وعلى العلم بها، والثاني أولى لوجوه: أحدها: أن أصول الفقه ثابت في نفس الأمر من تلك الأدلة، وإن لم يعرفه الشخص، وثانيها: أن أهل العرف يجعلون أصول الفقه للمعلوم، فيقولون: هذا كتاب أصول الفقه، وثالثها: أن الأصول في اللغة الأدلة، فجعله اصطلاحًا نفس الأدلة أقرب إلى المدلول اللغوي، وهذا بخلاف الفقه، فإنه اسم للعلم كما سبق، والتحقيق: أنه لا خلاف في ذلك، ولم يتواردوا على محل واحد، فإن من أراد اللقبي، وهو كونه علمًا على هذا الفن حدَّه بالعلم، ومن أراد الإضافي حدَّه بنفس الأدلة، ولهذا لما جمع ابن الحاجب بينهما، عرف اللقبي بالعلم، والإضافي بالأدلة"؛ [انتهى].

مزيد توضيح:
محصل الأقوال: إن أصول الفقه أدلة الفقه الإجمالية، وأضاف بعضهم قيدَين؛ وهما: كيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.

والمراد من قولهم: أدلة الفقه الإجمالية أن الذي يبحث فيه أصول الفقه: الأدلة التي يصح التعويل عليها في بناء الأحكام؛ فمثلًا: قول الصحابي: يكون البحث فيه لدى الأصوليين من حيث صحة اعتماده دليلًا، وسد الذرائع - مثلًا - يُبحث فيه من حيث صحة اتخاذه دليلًا، وهكذا... وهو أيضًا: بمثابة المصدر للأحكام الشرعية، فهو الذي يضبط النظر في النصوص الشرعية من حيث استخراج الأحكام منها، فبتلك القواعد المقررة فيه يكون استخراج الأحكام الشرعية؛ فمثلًا: قولهم: الأصل في الأمر: أنه يقتضي الوجوب، فهذا دليل إجمالي، وهو بمثابة الحكم الكلي، فينطبق على كل أمر في القرآن والسنة، بخلاف الفقه، فإن البحث فيه عن الأمر الواحد فقط؛ كقوله جل ثناؤه: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، فـ"أقيموا" أمر، وهو لا يتعلق إلا بالصلاة، أما القاعدة السابقة، فهي منطبقة على كل أمر في الكتاب والسنة.

وأما الفقهية، فقد عرفها الجرجاني وغيره من أهل العلم بأنها قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها؛ [انتهى من التعريفات، ص: 207 للجرجاني]، وقال الفيومي في المصباح المنير: "الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته"؛ [انتهى].

أنواع الفقه:
قال الزركشي: واعلم أن الفقه أنواع:
أحدها: معرفة أحكام الحوادث نصًّا واستنباطًا، وعليه صنَّف الأصحاب تعاليقهم المبسوطة على مختصر المزني.

والثاني: معرفة الجمع والفرق، وعليه جُلُّ مناظرات السلف، حتى قال بعضهم: الفقه فرق وجمع، ومن أحسن ما صنف فيه كتاب الشيخ أبي محمد الجويني، وأبي الخير بن جماعة المقدسي، وكل فرق بين مسألتين مؤثِّر ما لم يغلب على الظن أن الجامع أظهر، قال الإمام رحمه الله: ولا يُكتفَى بالخيالات في الفروق، بل إن كان اجتماع مسألتين أظهر في الظن من افتراقهما، وجب القضاء باجتماعهما، وإن انقدح فرق على بعد، قال الإمام: فافهموا ذلك فإنه من قواعد الدين.

الثالث: بناء المسائل بعضها على بعض لاجتماعها في مأخذ واحد، وأحسن شيء فيه كتاب السلسلة للجويني، وقد اختصره الشيخ شمس الدين بن القماح، وقد يقوى التسلسل في بناء الشيء على الشيء؛ ولهذا قال الرافعي: وهذه سلسلة طوَّلها الشيخ، ثم الأكثر بناء الوجهين على قولين أو على وجهين، إذا كان المأخذ في الأصل أقوى، وأما القولان، فَيَنْبَنيِان على القولين، وقد ينبنيان على الوجهين، وهو مما يستنكر كثيرًا، وجوابه أن الوجهين مأخذهما قولان، فلم نَبْنِ القولين في الحقيقة إلا على قولين.

الرابع: المطارحات؛ وهي مسائل عويصة يقصد بها تنقيح الأذهان، وقد قال الشافعي رضي الله عنه للزعفراني رحمه الله: تعلَّم دقيق العلم كي لا يضيع.

الخامس: المغالطات.

السادس: الممتحنات.

السابع: الألغاز.

الثامن: الحيل، وقد صنَّف فيه أبو بكر الصيرفي، وابن سراقة، وأبو حاتم القزويني، وغيرهم.

التاسع: معرفة الأفراد، وهو معرفة ما لكل من الأصحاب من الأوجه القريبة، وهذا يُعرَف من طبقات العبادي وغيره ممن صنف الطبقات.

العاشر: معرفة الضوابط التي تجمع جموعًا، والقواعد التي ترد إليها أصولًا وفروعًا، وهذا أنفعها وأعمها، وأكملها وأتمها، وبه يرتقي الفقيه إلى الاستعداد لمراتب الجهاد، وهو أصول الفقه على الحقيقة؛ انتهى، قلت: والفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية، أن القواعد الفقهية متعلقة بفروع الفقه، بخلاف القواعد الأصولية؛ فإنها متعلقة بالأصول؛ فالقواعد الفقهية هي بحدِّ ذاتها دليل يُستدَل به على إثبات الحكم الشرعي، بخلاف القواعد الأصولية، فإنها وسيلة لإثبات الحكم؛ قال ابن السبكي (الأشباه والنظائر 1/ 11): "القاعدة الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة، يُفهَم أحكامها منها، ثانيًا: القواعد الفقهية هي أصول بالنظر إليها من حيث بناء الأحكام عليها...".

فائدة:
جمع القاضي الحسين المروزي أربعة قواعد وردَّ الأحكام التكليفية إليها، وهي المسماة بـ"القواعد الكلية الكبرى"؛ محصلها: اليقين لا يزول بالشك، المشقة تجلب التيسير، العادة محكَّمة، الضرر يزال، وأضاف بعضهم: الأمور بمقاصدها؛ [انظر: الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 12)].


وها هنا قصة لطيفة: قال العلامة السيوطي (الأشباه والنظائر 1/ 7): إن بعض أئمة الحنفية بهراة بلغه أن الإمام أبا طاهر الدباس إمام الحنفية بما وراء النهر، ردَّ جميع مذهب أبي حنيفة إلى سبع عشرة قاعدة، فسافر إليه وكان أبو طاهر ضريرًا، وكان يكرر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد أن يخرج الناس منه، فالتف الهروي بحصير وخرج الناس، وأغلق أبو طاهر المسجد وسرد من تلك القواعد سبعًا، فحصلت للهروي سعلة، فأحس به أبو طاهر فضربه، وأخرج من المسجد، ثم لم يكررها فيه بعد ذلك، لعله كان في دور التنقيح والتصحيح، فلم يُرِدْ أن يظهرها إلا بعد ذلك، فرجع الهروي إلى أصحابه، وتلا تلك السبع، قال القاضي أبو سعيد: فلما بلغ القاضي حسينًا ذلك، رد جميع مذهب الشافعي إلى أربع قواعد: الأولى: اليقين لا يزول بالشك... ثم ذكر بقية القواعد المذكورة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.17 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]