من أدب النبوة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12410 - عددالزوار : 209016 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 167 - عددالزوار : 59590 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 761 )           »          الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          خواطر متفرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 37 )           »          القذف أنواعه وشروطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 67 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15886 )           »          الضلع أعود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-10-2020, 08:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي من أدب النبوة

من أدب النبوة


د. محمود محمد عمارة





جاء أعرابي يَطلُب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فأعطاه، ثم قال له: ((هل أحسنتُ إليك؟))، فقال الأعرابي: لا، ولا أجملتَ! فغضِب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كُفُّوا، ثم قام ودخل منزلَه، فأرسل إليه وزاده شيئًا، ثم قال له: ((أحسنتُ إليك؟))، قال: نعم، فجزاك الله من أهلٍ ومن عشيرة خيرًا.

فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنك قلتَ ما قلت آنفًا، وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببتَ فقل بين أيديهم ما قلتَ بين يدي؛ حتى يذهب ما في صدورِهم عليك))، قال: نعم.

فلما كان الغد جاء، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا الأعرابي قال ما قال، فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟))، قال: نعم، فجزاك الله من أهل ومن عشيرة خيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلي ومَثَل هذا كمَثَل رجل له ناقة شردتْ عليه، فاتَّبَعها الناس - جروا خلفها - فلم يَزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحبها فقال لهم: خلُّوا بيني وبين ناقتي؛ فإني أَرفَقُ بها منكم وأعلم، فتوجَّه لها بين يديها فأخذ لها من قُمام الأرض، فردَّها حتى جاءت واستناخت، وشدَّ عليها رَحلَها واستوى عليها، وإني لو تركتُكم حيث قال الرجل ما قال، فقتلتُموه، دخل النارَ)).

مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلمُ من أخلاق الأعراب أنهم أشدُّ كفرًا ونِفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، ومع أننا نعرف من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - أن يُعطي الغير لله، رضي الآخذ أم سخِط.

لكن سؤاله الأعرابي عن مدى رضاه بما أخذ، كان فرصةً ظهر فيها الأعرابي على حقيقتِه، التي غدت درسًا بليغًا ما يزال معروضًا أمام الأنظار؛ لنتعلَّم منه كيف كان - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، على نحو نقَل به الناسَ من الظلمات إلى النور بالعمل، وليس بالكلام وحده!

لقد كان سؤاله - صلى الله عليه وسلم - مثيرًا، تكشَّفتْ به نَفْس الرجل التي ثارت، فظهر على السطح ما خبَّأته الأعماق هناك.

وحينئذٍ فقد كرَّ راجعًا إليه... ليَنتزِع الدواء من مَكمَن الداء، الأمر الذي لم يكن يتوفَّر له؛ أي: إنه أعطاه ومضى، بلا سؤال.

وما كان جواب الأعرابي إلا أن أنكر الجميلَ، بل وحاول أن يَجرَح إحساسَ النبي صلى الله عليه وسلم.

وأحيانًا، يرضى القتيلُ وليس يرضى القاتلُ! وكان من الممكن أن ينال الرجل عقابَه، لا سيما وهو وحيد وسط عشيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو فعلاً قد ارتكب خطأ يَستحِقُّ أن يُعاقَب عليه.

وفي هذا الإطار دارت خواطرُ الصحابة الذين همُّوا به ليأخذوه، بيد أن رحمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت أسبقَ منهم إليه.

رحمته بالجاني حين يقف معه ضد شيطانِه الذي سوَّل له العنفَ، فأنقذه من موقف حَرِج، ربما ذهب به إلى النار، وحُرِم الصحابة من موقف الفضل لو أنهم نالوه بأذى.

وأحيانًا، تفور الدماء في العروق غضبًا، فينطق الإنسان بالكلمة لا يُلقي لها بالاً، وحينئذٍ فمن الولاء للحقِّ الذي ندعو إليه الناس، أن نتحمَّل بأعصابنا الهادئة - ثورةً مفاجئة من قِبَل جاهل، ربما - لو تحمَّلناه - يتحوَّل إلى إنسان آخر، يموت في سبيل الدين، وما أمرُ عكرمةَ بنِ أبي جهل ببعيد، حين فتح الرسولُ له ذراعيه فألقى في أوديته المباركة بهمومه وشجونه فذابت، وحوَّله الودُّ الحاني إلى بطلٍ من أبطال الإسلام، لا تهدأ نفسُه حتى يُسافر في نفْس اللحظة إلى مكان فيه جيش يُجاهِد؛ ليُكفِّر عن سيئاته، ويُعوِّض ما فاته من خير إزاء هذا القلب الكبير المتفتِّح، وقد فعل.

لكن الموقف المُلتهِب وأعصاب الصحابة الثائرة، ربما لا تهدأ لمجرَّد أن قيل لهم: كُفُّوا أيديَكم، فالرجل الذي أحسن الأخذَ، ولم يُحسِن القول - لا بد أن يُعاقَب، على قدرِ الإنسان الفذِّ الذي حاول أن ينال منه! وكان لا بد من موقف عملي تنتهي به الأزمة، وكان أنْ دخَلَ الرسول بيتَه، ثم دعاه إليه، ولما خلا مسرحُ الخطأ من الأعرابي، فاختفى عن الأنظار، هدأتِ الأعصاب، وتهيأ الجو الملائم للفَهْم وحُسْن تقدير الأمور، فلما زاده الرسول - صلى الله عليه وسلم - طابتْ نفسُه ونَطَق بالحق، بيد أن الرواية لم تتم فصولُها.

صحيح أن الصحابة - رِضوان الله عليهم - سكتوا حين طُلِب منهم السكوت، لكن ثورة النفوس لن تَنكسِر إلا بتوبة الجاني، وإذا كان الرجل قد اعتذر من خلف الجُدران، فلا بد أن يُحِسوا بهذه التوبة؛ لتعود المياه إلى مجاريها، وهذا ما حدث، وكان جميلاً أن يقول لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((زعم أنه رضي))، نعم، إن الرضا أمرٌ قلبي، وادِّعاؤه مجرد زعم، ربما أكَّده الإقرار أمامهم، والمعنى الجدير بالتأمل هنا، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين طَلَب من الأعرابي أن يُعيد ما قاله سرًّا أمام الصحابة، لم يَفرِض عليه ذلك، بل قال له: إن أحببتَ فقل بين أيديهم ما قلت!

إن نفسًا حرة تُولَد الآن، وتأخذ مكانَها بين صفوف الأحرار، فلا بد أن نُعينها على ذلك، ولا نتَّخِذ من الإعانة الماليَّة أو الصدقة، وسيلةً لكسْر عزَّتِها، وخيرٌ للإسلام أن يترك للرجل حريَّته اليوم، ليُمكن له غدًا أن يتَّخِذ موقفه من الدين بحريَّة كاملة، وحينئذٍ فسوف يكون معنا إلى الأبد، يوم أن دخل الدين أو التزم بأخلاقياته عن طواعية واختيار.

وهكذا يضع الرسولُ هذا الأعرابيَّ أمام مسؤوليته، فإذا كان قد رضي حقًّا، فليُعلِن ذلك على الملأ، وإلا فلنتعامَلْ معه منذ اليوم على أنه غريب غير محسوب على جماعتنا المسلمة.

وقد قالها الرجل كلمة مخلِصة، وخرج من التجرِبة بنجاح، بفضل موقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - منه، ولكن بقي الصحابة هناك في حاجة إلى أن يفهموا الدرس، ونفهم معهم نحن أيضًا على مدار التاريخ، لقد كان الرجل كالناقة الشَّرود، ورغم أن الذين يَعْدون وراءها يريدون لها الخير بالعَوْد الحميد إلى طريق الصواب، إلا أن المطلوب في دعوتنا إلى الله تعالى - ليس هو تكثير سواد المسلمين، وإضافة أرقام إلى جعبتهم، والمهم بالدرجة الأولى أن نستقبِلَ النَّفْس المتماسكة الواثقة.

أما الذين يَشرُدون، فلهم ميقاتُ يوم معلوم، يَرجعون فيه إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فانظر كيف تعرَّض أطهرُ مخلوق للسبِّ والشتم، بيد أنه عفا وكفَّ أيدي الناس عن شاتمِه؛ حتى لا يُقذَف في النار، وقل معي: ما أكثر الذين يَلعنون الخطَّائين، ويدفعونهم إلى سوء المصير! وما أكثر الذين يعتزُّون بشخصيَّاتهم إلى درجة القداسة!


وربما تهاونوا في حدودِ الله وعبادته، ولكنهم لا يُفرِّطون في كل ما يَمَس ذواتهم المتألِّهة، وإلى مِثْل هؤلاء يتَّجِه تحذير خاصٌّ؛ ليَضعوا أقدامَهم على طريق رسول الله، الذي ظُلِم من الأعرابي يومًا، وهبَّت عشيرته ورآها تنتصِر له، ورأى غريمه يجري إلى النار، ولكنه كان أكبر من الموقف كله، وغدا قلبُه واديًا خصبًا فسيحًا يَموج بالرأفة والرحمة، فعصم الرجل، وبقي الدين يُمثِّل هذه المواقف حيًّا في نفوس أخطأت فوقف الرسول معها، فبقيت إلى اليوم في معيَّته تعيش على ذِكراه، وتمضي في طريقه أشداء لكن على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلاً من الله ورِضوانًا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.22 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]