السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله - الصفحة 9 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 126 - عددالزوار : 14510 )           »          تحويل القبلة وتميز الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 09-06-2020, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(81)



دعوة أبيه إبراهيم


من الإرهاصات التي سجلتها السنة النبوية وقررها القرآن الكريم لنبينا صلى الله عليه وسلم ضراعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام عند البيت العتيق ببعثته صلى الله عليه وسلم
روي الإمام احمد وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه :" قال قلت : يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك ؟ قال دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منها قصور الشام "(1)
وروي ابن حبان واحمد وغيرهما من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنهما قال :" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (إني عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم) (2)
وقد نص القرآن الكريم علي هذه الدعوة وذلك إذ يقول تعالي وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)[ سورة البقرة / 127 ــ 129 ]
فقوله تعالي:" وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل..)حاو للحال التي كان عليها إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت ويدعوان الله بما دعواه به في قولهما ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك) وقد استجاب الله لهما فجعل منهما أمة محمد صلى الله عليه وسلم وامتن الله علي تلك الأمة بهذه النعمة حين قال ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل)[ سورة الحج /78 ]
ثم كان من دعائهما قولهما ( ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم)وقد استجاب الله لهما فبعث النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم.



(1)المسند (5/262) والطبراني في الكبير (7729) والبيهقي في الدلائل(1/84) وابن سعد في الطبقات (1/102) وقال الهيثمي في المجمع (8/222) وإسناد احمد حسن وله شواهد تقويه. " قلت ومن شواهده حديث العرباض التالي وحديث خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر شبيها بهذا بزيادة ، أخرجه الحاكم في المستدرك (2/600) وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

(2) موارد الظمآن (2093) والمسند(4/127، 128) والطبراني في الكبير( 18/252) والبيهقي في الدلائل(1/80) والبزار كما في كشف الأستار( 3/112، 113) رقم (2365) وقال الهيثمي في المجمع(8/223) :"رواه احمد والطبراني والبزار وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #82  
قديم 04-07-2020, 02:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(82)



لماذا كان الدعاء خاصاً بنبينا دون غيره ؟





وقد يقول قائل: لما نعتبر هذا خاصا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟ وقد كان بعد إبراهيم عليه السلام أنبياء كثيرون أتوا من بعده ؟؟

والجواب : أننا نعتبر ذلك خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم لأسباب:

الأول: أن الدعاء كان من إسماعيل مع إبراهيم والأمة التي انحدرت منهما هي أمة العرب وأما غير العرب فلم يكونوا منسوبين إلي إسماعيل وإن كانوا منسوبين إلي إبراهيم عليه السلام .

الثاني : كان دعاء إبراهيم وإسماعيل في أم القري – مكة المكرمة- قلب الأمة العربية ومهوي أفئدتهم .. والرسول الذي كان من العرب وولد في هذه البقعة وبعث فيها بعد إسماعيل هو محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

الثالث: أن القرآن نفسه يوضح هذا المعني ويؤكده في قول الحق تبارك وتعالي كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)[ سورة البقرة /151 ]

وفي قوله تعالي لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)[ سورة آل عمران / 164 ]

وفي قوله تعالي لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)[ سورة التوبة / 128 ]

وفي قوله تعالي هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)[ سورة الجمعة / 2 ]

والذي لا ريب فيه أن في هذه الآيات تفسيرا واضحا لهذا الإرهاص ولتلك البشري وهذه الدعوات التي جاءت علي لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام .

الرابع: ما رواه واحمد والحاكم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنهما قال :" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إني عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى قومه ، ورؤيا أمي التي رأت انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام..."(1)

وأراد صلى الله عليه وسلم أثر دعوته أو مدعوه أو عين دعوته – علي المبالغة ولما كان إسماعيل عليه السلام شريكا في الدعوة كان الرسول صلى الله عليه وسلم دعوة إسماعيل عليه السلام أيضا إلا أنه خص إبراهيم لشرافته وكونه أصلا في الدعاء ووهم من قال : إن الاقتصار في الحديث علي إبراهيم يدل علي أن المجاب من الدعوتين كان دعوة إبراهيم دون إسماعيل عليهما الصلاة والسلام .

وفي الأثر: أنه لما دعى إبراهيم قيل له : قد أستجيب لك وهو يكون في آخر الزمان "(2)


الخامس: أنه إجماع المفسرين وهو حجة(3)





(1) المستدرك للحاكم(2/656) وقال حديث صحيح الاسناد، ووافقه الذهبي، المسند4/127.

(2) روح المعاني 1/386

(3) انظر تفسير الفحر الرازي (4/72)،غرائب القران (1/456)تفسير الالوسي(1/386) التحرير والتنوير (1/722)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #83  
قديم 04-07-2020, 02:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(83)



أوصاف المدعو له





وإذا تبين من خلال الأسباب السابقة أن المراد بدعاء الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره فإنهما قد ذكرا في دعائهما لهذا الرسول أوصافا أربعة وهي :

1 ــ "يتلو عليهم آياتك" أي يقرأ عليهم ما توحيه إليه وهو القران الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لأن الذي كان يتلوه عليهم هو القرآن فوجب حمله عليه

2 ــ "ويعلمهم الكتاب " يعني معاني الكتاب وحقائقه ، لأن المقصود الأعظم تعليم ما في القرآن من دلائل التوحيد والنبوة والأحكام الشرعية فلما ذكر الله تعالى أولا أمر التلاوة- وهي حفظ القران ودراسته ليبقي مصونا عن التحريف والتبديل- ذكر بعده تعليم حقائقه وأسراره .

3 ــ "والحكمة" أي ويعلمهم الحكمة وهي الإصابة في القول والعمل ولا يسمي الرجل حكيما إلا إذا اجتمع فيه الأمران، وقيل الحكمة معرفة الأشياء بحقائقها ، وقيل: الفقه في الدين أو السنة المبينة للكتاب نفسه.

4 ــ "ويزكيهم" أي يطهرهم من أرجاس الشرك وأنجاس الشك وقاذورات المعاصي، وهو إشارة إلي التحلية كما أن التعليم إشارة إلي التخلية وقيل: ويزكيهم من التزكية أي يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ(1)

فهذه الأوصاف الأربعة قد استوفت منابع الدين أصولا وفروعا، لأن تلاوة الآيات وحفظها بألفاظها كما نزلت والتعرف علي بلاغتها وروعة أساليبها ووجوه إعجازها- كل هذا- داع إلي تفهم معانيها وتعقل مراميها ، فإذا جمع الإنسان بين التلاوة والفهم كان أحري وأجدر بتقبل الحكمة النبوية التي ظهرت في حياة رسول اللهصلى الله عليه وسلمقولا وعملا ، فإذا ما ارتقي إلي هذه الدرجة زاد خيره وعم نفعه وطهر قلبه وخلص لمولاه ونظفت جوارحه مما يغضب الله تعالى.(2)

يقول الطاهر ابن عاشور:" وقد جاء ترتيب هذه الجمل في الذكر على حسب ترتيب وجودها لأن أول تبليغ الرسالة تلاوة القرآن ، ثم يكون تعليم معانيه قال تعالى فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)[ سورة القيامة / 18 ــ 19 ]

وقال الدكتور طنطاوي:" وقد جاءت ترتيب هذه الجمل في أسمى درجات البلاغة والحكمة؛ لأن أول تبليغ الرسالة يكون بتلاوة القرآن ثم بتعليم معانيه ، ثم بتعليم العلم النافع الذي تحصل به التزكية والتطهر من كل ما لا يليق التلبس به في الظاهر، أو الباطن "(3)




(1) تفسير الخازن 1/82،روح المعاني 1/387

(2) التفسير الوسيط1/196

(3) التفسير الوسيط 1/275

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #84  
قديم 04-07-2020, 02:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(84)



العلاقة بين التزكية والتعليم



ومما يلاحظ في الدعاء أنه قد جمع بين التزكية والتعليم غير أن التعليم – وهو تحلية- تقدم علي التزكية- وهي تخلية- في دعوة إبراهيم عليه السلام فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وامتن الله به علي هذه الأمة وتحدث عن أوصافه قدمت التزكية علي التعليم يقول تعالى كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)[ سورة البقرة / 151 ]

ويقول تعالى لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة..)[ سورة آل عمران / 164 ]

ويقول تعالى هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة..)[ سورة الجمعة / 2 ] فما الحكمة من ذلك؟

والجواب: رهن بمعرفة الفرق بين التزكية والتعليم؟

وأقول: التزكية: هي تنظيف النفس البشرية من رواسبها الجاهلية سواء كانت من نوع الأفكار الباطلة أو المعتقدات الفاسدة أو الأخلاق السيئة.

وكلمة التزكية مشتقة من الزكاة وهي الطهارة وأساس التزكية تقوية الإرادة البشرية وتحرير النفس من الأهواء والشهوات.

بينما التعليم هدفه إضافة المعارف الجديدة للإنسان لدفع عجلة البشر إلي الأمام وهو يعتمد علي طاقة العقل الكامنة فيه.

فالعلاقة بين التزكية والتعليم تشبه إلي حد بعيد العلاقة بين تنظيف ماكينة السيارة وبين وضع الوقود فيها إذا التنظيف يغسل المواد الضارة والوقود يضيف مواد جديدة.

فوقود الإنسانية في مسيرتها الحضارية العلم ، ولكن هذا الوقود لا ينفع بدون تنظيف ماكينة الإنسان من الأخلاق الفاسدة والأفكار الباطلة ، من هنا تكتمل عملية التزكية بعملية التعليم وتأتي الواحدة تتمة للأخرى.

ولما كان ظاهر دعوة إبراهيم عليه السلام أن البعث في الأمة المسلمة كانوا إلي تعليم ما ذكر، أحوج منهم إلي التزكية ، فإن أصلها موجود بالإسلام ، فأخر قوله :"ويزكيهم" أي يطهر قلوبهم بما أوتي من دقائق الحكمة ، فترتقي بصفائها ولطفها من ذروة الدين إلي محل يؤمن عليها فيها أن ترتد علي أدبارها وتحرف كتابها كما فعل من تقدمها.

ولما ذكر سبحانه وتعالى في سورة الجمعة :" بعثه في الأميين عامة" اقتضي المقام تقديم التزكية ، التي رأسها البراءة من الشرك الأكبر، ليقبلوا ما جاءهم من العلم ، وأما تقديمها في آل عمران مع ذكر البعث للمؤمنين فلاقتضاء الحال بالمعاتبة علي الإقبال علي الغنائم التي كانت سبب الهزيمة لكونها إقبالا علي الدنيا التي هي أم الأدناس "



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #85  
قديم 04-07-2020, 02:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(85)



الحكمة في الجمع بين الخليل والحبيب في تشهدنا في الصلاة





ولما كانت دعوة إبراهيم عليه السلام لهذه الأمة وإجابة الله له نعمة من نعم الله الكبرى علي هذه الأمة كان حقا علي هذه الأمة أن تشكر هذه النعمة وأن تقابل الحب بحب والجميل بجميل ، لذلك أجرى الله على ألسنة أبنائها ذكر الخليل مقترنا بذكر الحبيب في كل صلاة حيث يقول المصلي"اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم"

والحكمة في ذلك كما يقول الفخر الرازي:

1 ــ أن إبراهيم عليه السلام دعا لمحمد صلى الله عليه وسلمحيث قال : ( رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آياتك ) فلما وجب للخليل على الحبيب حق دعائه له: قضى الله تعالى عنه حقه بأن أجرى ذكره على ألسنة أمته إلى يوم القيامة.

2 ــ أن إبراهيم عليه السلام سأل ذلك ربه بقوله واجعل لي لِسَانَ صِدْقٍ فِى الآخرين) يعني ابق لي ثناء حسناً في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأجابه الله تعالى إليه وقرن ذكره بذكر حبيبه إبقاء للثناء الحسن عليه في أمته.

3 ــ أن إبراهيم كان أب الملة لقوله : ( مّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم) ومحمد كان أب الرحمة ، وفي قراءة ابن مسعود :" النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم" وقال في قصته بالمؤمنين رَءوفٌ رَّحِيمٌ)وقال عليه السلام : ( إنما أنا لكم مثل الوالد)(1) يعني في الرأفة والرحمة ، فلما وجب لكل واحد منهم حق الأبوة من وجه قرب بين ذكرهما في باب الثناء والصلاة.

4 ــ أن إبراهيم عليه السلام كان منادي الشريعة في الحج وَأَذّن فِى الناس بالحج) وكان محمد عليه السلام منادي الدين سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى للإيمان) فجمع الله تعالى بينهما في الذكر (2) .







(1) الحديث أخرجه ابو داود في سننه كتاب الطهارة باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة والنسائي في سننه كتاب الطهارة باب النهي عن الاستطابة بالروث وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة وسننها باب الاستنجاء بالحجارة

(2) تفسير الفخر الرازي 4/72



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #86  
قديم 15-08-2020, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(86)


تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(1)







لقد جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة مجموعة من النصوص تدل دلالة واضحة على أن الأنبياء السابقين قد بشروا أممهم ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذوا عليهم العهد بالإيمان به والنصرة له .

كما تؤكد هذه النصوص بأن الكتب السابقة قد اشتملت على نصــوص تدل دلالة صريحة على اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفتــه وبلــده ومهاجره وغير ذلك من أخباره .

وسوف نعرض ذلك في الصفحات التالية وفق هذا الترتيب ، إخبار القرآن ببشارات الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم ، الأحاديث المصرحة بالبشارات والمعلنة عن معرفة أهل الكتاب به صلى الله عليه وسلم ، بشارات التوراة والإنجيل به صلى الله عليه وسلم

أولا : إخبار القرآن ببشارة الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم :

1ـ قال تعالى : ( وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) [ سورة البقرة / 89 ].

يقول ابن كثير رحمه الله : " كان اليهود من قبل مجيء هذا الرسول صلى الله عليه وسلم بــهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على المشركين إذا قاتلوهم ، يقولون إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم(1) .

وروى أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس : " أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه .

فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور : يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا ، وقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ، وإنا أهل الشرك تخبرون بأنه مبعوث وتصفونه بصفته . فقال سلام بن مشكم : ما هو الذي كنا نذكر لكم ، ما جاءنا بشيء نعرفه " (2) .

يقول الإمام ابن تيمية : " وهذا من أعظم ما دعا الأنصار إلى الإيمان به صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى الإسلام ، حيث بايعوه من غير رهبة ولا رغبة " (3) .

وروى ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصارى عن رجال من قومه ، قالوا : " ومما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه ، أنا كنا نسمع من رجال يهود وكنا أهل شرك أصحاب أوثان ، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس عندنا ، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور ، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا : " قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم " فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم . فلما بعث الله رسوله أجبنا حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزلت هذه الآية .





(1) تفسير ابن كثير ( 1 / 124 ) .

(2) دلائل النبوة ص 44 .

(3) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح جـ 3 ص 283 .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #87  
قديم 15-08-2020, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(87)



تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(2)





2ـ قال تعالى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[ سورة البقرة / 146 ] .

يخبرنا سبحانه وتعالى أن علماء اليهود يعرفون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة تامة كما يعرف الواحد منهم ولده الذي لا يشك فيه ، لكنهم يكتمون ذلـك بغيا وحسدا .

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار :" إنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبهم من البشارة به ، ومن نعوته وصفاته التي لا تنطبق على غيره وبما ظهر من آياته وآثار هدايته كما يعرفون أبنائهم الذين يتولون تربيتهم حتى لا يفوتهم من أمرهم شيء "(1) .

ثم إن الذين أطلعوا على التوراة يعترفون بأن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة فيـها وأنها تنطبق عليه تماما ، لذا سارعوا للدخول في الإسلام كأمثال عبد الله بن سلام وزيد بن سعنه وغيرهما كثير .

يروى أن عمر رضي الله عنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أنا أعلم به منىي بابني . قال : ولما ؟ قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي ، فأما ولدي فلعل والدته خانت " فقبل عمر رأسه (2).

3ـ قال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[ سورة الأعراف / 157 ] .

فهذه الآية الكريمة تؤكد أن صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثابتة في كتب الأنبياء السابقين الذين بشروا أممهم به ليؤمنوا به ويتبعوه ، ولا تزال هذه الصفات مدونة في كتبهم يعرفها علماؤهم إلا أنهم يتواصلون بكتمانها أو يؤولونها تأويلات فاسدة .

لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى اتباعه ويقيم عليهم الحجة بما هو مدون في كتبهم من نعته ومبعثه ، لكنهم يعاندون ويكابرون وتأخذهم العزة بالإثم عن اتباعه .

يقول الإمام الرازي في تفسيره : " وهذا يدل على أن نعته وصحة نبوته مكتوب في التوراة والإنجيل ، لأن ذلك لو لم يكن مكتوبا لكان ذكر هذا الكلام من أعظم المنفرات لليهود والنصارى عن قبول قوله لأن الإصرار على الكذب والبهتان من أعظم المنفرات ، والعاقل لا يسعى فيما يوجب نقصان حاله وينفر الناس عن قبول قوله ، فلما قال ذلك دل هذا على أن ذلك النعت كان مذكورا في التوراة والإنجيل وذلك من أعظم الدلائل على صحة نبوته "(3) .








(1) تفسير المنار جـ2 ص 20 .

(2) الكشاف للزمخشرى جـ 1 ص321 ، تفسير ابن كثير 1/ 194 .

(9) التفسير الكبير ، جـ15 ص 23 .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #88  
قديم 15-08-2020, 04:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(88)



تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(3)





4ـ قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)[ سورة الصف / 6 ] .

يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية حقيقة دعوة عيسى عليه السلام وهي أنه جــاء مصدقا لما في التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، فهذه بشارة صريحة من نبي الله عيسى لرسولنا عليه السلام ، سواء وجدت هذه البشارة في الأناجيل أم طمست من قبل الحاقدين الحاسدين .

وقد جاء في الحديث الصحــــــيح أن من أسمــــاء الرسول صلى الله عليه وسلـــم ( أحمد ) كما ورد في هذه البشــــارة .

روى البخاري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب ) (1) .

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخبر أصحابه أنه دعوة أبيه إبراهيم وبشارة أخيه عيسى عليهم الصلاة والسلام .

روى الإمام أحمد عن لقمان بن عامر قال : " سمعت أبا أمامة قال : قلت : يا رسول الله ما كان بدء أمرك ؟ قال : دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام "(2).

ثم إن الأخبار قد تواترت عن الرهبان والملوك عند النصارى بأن النبي عيسى عليه السلام بشر بالرسول صلى الله عليه وسلم ، باسمه وصفته ومبعثه وأن كل ذلك ثابت في الأناجيل ، إلا أنهم فعلوا كما فعل اليهود من قبلهم ، فعمدوا إلى إخفائها أو تأويلها تأويلات تبعد بها عن الحقيقة .

لكن هناك الكثير منهم أراد الله له الهداية ، فصدق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم معلنا أنه مبشر به صلى الله عليه وسلم من قبل عيسى عليه السلام ، أمثال النجاشي والجارود وغيرهما كثير .

جاء في كتاب دلائل النبوة للبيهقي : " أن جماعة من العرب التقوا براهب من الرهبان في الشام فأخبرهم بأنه سوف يبعث نبي من العرب وأمرهم باتباعه وأخبرهم أن اسمه محمد فلما رجعوا إلى أهلهم ولد لكل واحد منهم غلام فسماه محمدا "(3).

وهذا يدل على أن أهل الكتــــــاب كانوا يعرفون اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلـــك مدون في كتبـــهم .





(1) صحيح البخاري ، كتاب المناقب ، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم جـ4 ص 162 وقوله : " وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمه " قال ابن حجر : أي على إثرى ، أي أنه يحشر قبل الناس " وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى " يحشر الناس على عقبي " وقوله : " وأنا العاقب " أي الذي ليس بعده نبي . انظر : فتح الباري جـ 6 ص 557 .


(2) مسند أحمد ( 5 / 262 ) ، وقد سبق تخريجه .[2]

(3) دلائل النبوة ( 1 / 378 ) .[3]





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #89  
قديم 15-08-2020, 04:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(89)



تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(4)







5ـ قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) ]آل عمران81[.

تفيد هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخذ العهد على أنبيائه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام أنه مهما أتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ ثم جاء رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه ، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من الإيمان بمن بعث بعده ونصرته .

عن علي وابن عباس رضي الله عنهم قالا : " لم يبعث الله نبيا ـ آدم فمن بعده ـ إلا أخذ عليه العهد في محمد لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ويأمره فيأخذ العهد على قومه "(1) .

ويقول الإمام الرازي : " أعلم أن المقصود من هذه الآيات تقرير الأشيـاء المعروفة عند أهل الكتاب مما يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قطعا لعذرهم وإظهارا لعنادهم ، ومن جملتها ما ذكره الله في هذه الآية وهو أن الله تعالى أخذ الميثاق من الأنبياء الذين آتاهم الكتاب والحكمة بأنهم كلما جاءهم رسول مصدق لما معهم آمنوا به ونصروه وأخبر أنهم قبلوا ذلك "(2) .

6ـ قال تعالى : ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ* أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ )[ سورة الشعراء / 196 ، 197 ] .

تقرر الآية الكريمة أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وما جاء به ثابت في الكتب السابقة وأن علماء بني إسرائيل يحيطون بذلك علما .

والله سبحانه وتعالى يخاطب في هذه الآية المشركين ويقـيم عليهم الحجة بقوله : " أولم يكن لهم آية .. " أي أو لم يكن علم علماء بني إسرائيل بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به وهو القرآن دليلا على صحة القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم فيقلعوا عن تكذيبه ويبادروا إلى اتباعه علما بأن الكثير من علماء بني إسرائيل صرحوا بهذا الأمر وسمع المشركون منهم مرات كثيرة قبل أن يبعث النبي وبعد أن بعث لأنهم كانوا يخالطونهم ويأنسون إليهم ، والروايــات التاريخية خير شاهد على ذلك .

يقول الإمام الرازي : " المراد منه ذكر الحجة الثابــــــتة على نبوته عليه الســــلام وصدقــــه " .

وتقريره : أن جماعة من علماء بني إسرائيل أسلموا نصوا على مواضع في التوراة والإنجيل ذكر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بصفته ونعته وقد كان مشركوا قريش يذهبون إلى اليهود ويتعرفون منهم هذا الخبر، وهذا يدل دلالة ظاهرة على نبوته لأن تطابق الكتب الإلهية على نعته وصفته يدل قطعا على نبوته(3) .

وهكذا فالآية فيها شهادة من الله على بني إسرائيل ، إذ بينت أن علماءهم يعرفون تماما بأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي وأن ما جاء به هو الحق ، صرح بذلك من آمن منهم ، وأسر به من لم يؤمن لمن يأنس إليه ، وسيأتي بيان ذلك عما قريب .








(1) فتح القدير ( 1 / 357 ) .

(2) تفسير الفخر 8 / 114 .
(3) تفسير الفخر 24 / 169 .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #90  
قديم 15-08-2020, 04:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,322
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(90)



تبشير الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(5)




7ـ قال تعالى " ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )[ سورة الأحقاف / 10 ] .

تتضمن هذه الآية الكريمة شهادة حبر من أعظم أحبار اليهود ومن أوسعهم علما ، شهد له بهذا قومه أمام المصطفى صلى الله عليه وسلم ، إنه عبد الله بن سلام الذي من الله عليه بمعرفة الحق واتباعه بما أتاه الله من العلم ، فلما سمع القرآن علم أنه الوحي الناطق بالحق ، وإنه من جنس ما نزل على الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم .


جاء في فتح القدير : " وشهد شاهد من بني إسرائيل العالمين بما أنزل الله في التوراة على مثله ( أي القرآن ) من المعاني الموجودة في التوراة المطابقة له من حيث إثبات التوحيد والبعث والنشور وغير ذلك وهذه المثلية هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ ، فآمن الشاهد وهو عبد الله بن سلام بالقرآن لما تبين له أنه من كلام الله ومن جنس ما ينزله الله على رسله "(1) .

وقصة إسلام هذا الحبر مشهورة ، فعندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة نظر ابن سلام إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم نظرة فاحصة متأملة ، فأضاء الله بصيرته فتحقق أنه النبي المنتظر وأن وجهه ليس بوجه كذاب .

جاء في رواية البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : " بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ، ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبرني بهن آنفا جبريل ، قال : فقال عبد الله : ذاك عدو اليهود من الملائكة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب . وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له ، وإذا سبق ماؤها كان الشبه له . قال : أشهد أنـك رسول الله . ثم قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك ، فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعلمنا وابن أعلمنا ، وأحبرنا وابن أحبرنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرأيتم إن أسلم ؟ قالوا : أعاذه الله من ذلك . فخرج عبد الله إليهم ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقالوا : شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه "(2).

وروى سعد ابن أبي وقاص قال : " ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام " (3).

وأخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال : " نزلت في آيات من كتاب الله ، نزلت في : (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ونزلت في قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)(4) .





(1) فتح القدير 5 / 16 .

(2) صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء ، باب خلق آدم وذريته 4 / 102 ، 103 .


(3) صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب من أثنى على أخيه بما يعلم 7 / 87 ، وصحيج مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عبد الله

(4) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عبد الله بن سلام .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 186.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 180.67 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]