درر حسان في تدبر القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850895 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386896 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60073 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-03-2023, 06:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي درر حسان في تدبر القرآن

درر حسان في تدبر القرآن
عبدالله لعريط




إنَّ الحمدَ لله تعالى، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَه بإحسان إلى يوم الدين.


بين يدي المقال: القرآن الكريم من أعظم نِعَم الله في الأوَّلين والآخرين؛ لأنه الشريعة الأكمل والأمثل والأفضل التي تتلاءم مع حياة الناس في كل عصر ومصر، وهو محفوظ من أن تمتد إليه يد البشر بالتحريف والتزييف والتكييف؛ قال الله تعالى: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].


والقرآنُ الكريمُ نورُ الله الذي نزل على أطهر قلب وأنقى صدر وأزكى نفس؛ لذلك فلا يُنعَّم به حقيقة التنعُّم إلَّا مَنْ كان قلبُه طاهرًا نقيًّا، فيتلوه حقَّ تلاوته، فيستنير بسوَرِه وآياته.


وهذه الآية الكريمة يرشدنا فيها الباري تقدَّس وعلا إلى الفهم والتأمُّل والتدبُّر في القرآن؛ لأن في ذلك الخير والفلاح في العاجلة والآجلة.


الآيــــة: قال الله تعالى:﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].


مفردات: ﴿ يَتَدَبَّرُونَ ﴾: تدبَّر في الأمرِ: تأمَّلَه وتفكَّر فيه على مَهلٍ، ونظر في عاقبته.


﴿ أَقْفَالُهَا ﴾: قفل الباب: أغلق، أوصد.


معاني: ﴿ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾: مغلقة وغير مفتوحة، فهي محجوبة، فلا تعي ولا تفهم ولا تعقل ما تسمعه من الآيات البيِّنات.


تدبُّر القرآن: فهم آياته ومعانيه وما تشتمل عليه من أوامر ونواهٍ وأحكام ووصايا وحِكَم.


والباري عز وجل يريد أن يمنَّ على خلقه بحياة كريمة، وعيش فاضل، واستخلاف في الأرض يسوده الأمْنُ والعافية.


والقرآن الكريم هو السبيل الأقوم الذي يُحقِّق للإنسان سعادته العاجلة والآجلة، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]؛ لأن الحياة فيها من الحوادث والنوازل والمُتغيِّرات والغيبيَّات ما لا يقدر البشر على كشفها أو فهمها أو حَلِّها كما هو واقع الآن من كوارث مُدمِّرة وطواعين مبيدة وحوادث يعجز العقل البشري عن تفسيرها وإيجاد الحلول لها!


القرآن وحده: والقرآن الكريم معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة، وحده الذي يحتوي على بيان هذه السُّنَن الكونية، وهذه النوازل والكوارث والغيبيات والمتغيرات، وفيه الحلول الكافية والشافية لكل حادثة تحدث، ونازلة تنزل، وكارثة تحل.


أولو النُّهى: ولا يمكن الاطِّلاع على مكنون القرآن وسرِّه وخباياه إلَّا مَنْ ألهَمَه اللهُ الفَهْم والتدبُّر والبصيرة من أولي الألباب والأبصار.


قرآنًا عجبًا: والقرآن الكريم لا تنتهي عجائبُه، والمُطَّلِع على تفاسيره يجد أمرًا عجابًا؛ فقد فسَّرَه علماء التفسير كل بما يواكب عصره، ولا تزال أقلام العلماء تنهل من عطاياه، وتستخرج من خباياه، ولا يزال الفقهاء والنبغاء والأدباء والشعراء وأهل العلم يستخرجون من كنوزه وما تخفيه آياته من أسرار فيها من النور ما تضيء للناس ليلَهم، وتُنير سبيلَهم، وتشرح صدورَهم، وتبعث فيهم الحياة من جديد، قال الله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].


الفهم والتدبُّر: القرآنُ الكريمُ شريعةٌ متكاملةٌ متناسقةٌ ليس فيها تفاوُت وتضارُب كتناسق الكون من الذرَّة إلى المجرَّة:﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 3، 4].


وكما أمر الله بالتدبُّر في مخلوقاته العجيبة في ملكه العجيب لتحقيق الغاية، والوصول إلى الحقيقة، وفَهْم سِرِّ وجود الإنسان على هذه الظهيرة ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]، كذلك أمر الله بالتدبُّر في آياته من القرآن، وفي صفحات كتاب الله ما تُغني العبد عن البحث والتنقيب في صفحات الكون الشاسعة والواسعة والبعيدة الآفاق.


هل من مجير؟!: الناس اليوم في بحث حثيث وتنقيب مستميت؛ للوصول إلى حلول لمشاكلهم، وما أكثرها! وما أعوص حلولها! فتن ومِحَن وأوبئة وإحَن عطَّلت سير عجلة حياتهم، وأفسدت عنهم معاشهم، وجعلتهم في غيٍّ وضلالٍ تائهين حيارى، ينظرون نَظَر المغشيِّ عليه من الموت، لسان حالهم: هل من مجير؟!


أفلا يتدبرون: إنَّ في تدبُّر القرآن الكريم الفائدة المرجوَّة، والغاية المُثْلى، والهدف الأسمى، وهو العمل بمقتضى ما فيه من أوامر ونواهٍ، وأحكامٍ وعِبَرٍ وعِظاتٍ، وتطبيقه كمنهاج في حياة الفرد والجماعة ليصلح حال البلاد والعِباد.


المطلوب: إذا كان المطلوب قراءة القرآن مع التأمُّل والتفكُّر في آياته الكريمة، والعمل به والاحتكام إليه في الصغيرة والكبيرة، فالمطلوب كذلك العلم بما يحول بين العبد والفَهْم والتدبُّر، والعوائق التي تعيق العمل به، وتطبيقه والحكم به.


حجاب الفهم: أقفال على القلوب: فالقلب له أوردة وشرايين لنقل الدم الذي هو عصب الحياة، فإذا انسدَّت هذه الأوردة حبس الدم فيها وتوقَّف نبض الحياة في القلب.


كذلك فالقلب إذا حجب عن المعرفة والفهم فإن صاحبه يعيش حياةً ضنكًا في فوضى وشتات وحيرة وشكوك وظنون؛ ومِنْ ثَمَّ فحاجته للفَهْم أشدُّ من حاجته للدم.


الشهوات: إن من جملة الحجب التي تحيل بين المرء وقلبه فتجعله لا يعقل ولا يطَّلِع على حقائق وسُنَن الله في خلقه حجاب الشهوات واللذَّات التي خاض فيها عالم هذا الزمان؛ حيث فتحت فيه من الفتن ما لم يفتح من قبل، وأصبح تحصيل الشهوة واللذة في متناول الجميع دون جهدٍ ولا عناءٍ يُذكَر.


عن أُمِّ المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: اسْتَيْقَظَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: ((سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، ومَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ في الآخِرَةِ))؛ رواه البخاري رحمه الله.


والملاحظ اليوم أنَّ أبواب الشهوات فُتِحَت على مصراعيها، وخاض الناس وانشغلوا في تحصيلها، فحُجِبَتْ قلوبُهم عن التنعُّم بالعبادة والاستئناس بنور القرآن، قال الله تعالى:﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].


ومن مكائد أعداء الإسلام أنهم دخلوا على المسلمين من باب الشهوات حتى يشغلوهم بدنياهم عن أُخْراهم، وبشهواتهم عن صلواتهم، فيكونون فريسةً سهلةً بين مخالبهم وأنيابهم التي تتربَّص بهم بين الآونة والحين، قال الله تعالى:﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، وخط الميل اليوم أعظم.


حجاب المعاصي: قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14].


وأصل "الرين" الغلبة، يقال: رانت الخمر على عقله ترين رَيْنًا وريونًا: إذا غلبت عليه فسَكِر.

ومعنى الآية: غلبت على قلوبهم المعاصي، وأحاطت بها فحجبَتْهم عن ربِّهم.


قال الحسن رحمه الله: هو الذنب على الذنب حتى يموت القلب.


قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ طبع عليها.



قال مجاهد رحمه الله: (هي مثل الآية التي في سورة البقرة: ﴿ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 81].


والران كالصدأ؛ وهو حجاب يضرب على القلوب بسبب الذنوب فيحجبها عن نور الهداية وضياء العبادة، حتى إنك لتجد المسلم يُصلِّي ولا يشعر بلذَّة الصلاة وحلاوة ركوعها وسجودها، وقد يحدث في صلاته من حركات ونظرات وأمور تبطل ثوابها، أو تنقص أجرها، وتراه يدعو وقلبه لاهٍ، ويقرأ القرآن وفكرُه سارحٌ ساهٍ.


أثر في القلب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هوَ نزعَ واستَغفرَ وتابَ سُقِلَ قلبُهُ، وإن عادَ زيدَ فيها حتَّى تعلوَ قلبَهُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾))؛ صحَّحَه الألباني رحمه الله، فكثرة الذنوب تُقسِّي القلوب، وكلما زاد العبد في ضلاله زاد القلب في ظلامه حتى يصبح أسودَ محجوبًا عن نور الهداية وحلاوة الذكر والعبادة.


ويحجب العبد عن نور العبادة بقدر ما يقترف من ذنوب ومعاصٍ، ويحجب عن التفكير السليم والفَهْم المستقيم بقدر ذنوبه، فمن الناس من يحجب حجب حرمان، ومنهم مَنْ يُحجَب حجبَ نُقْصان، ويكون ذلك بقدر الصدِّ والابتعاد عن الله.


فالقرآن نورٌ، والذنوب ظلمةٌ، والقرآن هدايةٌ، والذنوب غوايةٌ، ولا تجتمع الهداية والغواية في قلب واحد كما لا يجتمع الماء والنار في إناء واحد.


والذنوب كما تحجب صاحبَها عن نور الفَهْم والتدبُّر تحجبه عن نور الحفظ، وحفظ القرآن في الصدور له من الفضل ما قال فيه الباري سبحانه وتعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49].
قال الإمام الشافعي رحمه الله:

شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سُوءَ حِفْظي
فَأَرشَدَني إِلى تَرْكِ المَعاصي
وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلْمَ نورٌ
وَنورُ اللهِ لا يُهْدَى لِعاصي


المخرج: والمخرج من هذه الظُّلُمات هو:
المبادرة إلى التوبة النصوح، فهي سبيل الفلاح والصلاح، قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

اجتناب كبائر الذنوب التي هي أكبر حائل بين العبد وربِّه، قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31].


ومجاهدة النفس وحملها على تحمُّل العبادة؛ كالصلاة في أوقاتها مع الجماعة؛ لأن الصلاة نورٌ، وقرنها النبي صلى الله عليه وسلم بنور هداية القرآن كما في الحديث الذي رواه مسلم رحمه الله عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حُجَّةٌ لك أو عليك)).
حضور مجالس الذكر والصبر عليها؛ كما قال جلَّ وعلا: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

ومخالطة الصالحين، ففي ذلك نجاة وسلامة للقلب، قال لقمان الحكيم: يا بني، جالس العلماء, وزاحمهم بركبتيك, فإن القلوب لتحيا بالحكمة, كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر.
وكثرة الصدقات؛ فهي تلين القلوب، وتنشرح بها الصدور، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: ((إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ))؛ صحَّحه الألباني رحمه الله.


والصيام جُنَّةٌ ووقايةٌ من أمراضِ وآفاتِ الأبْدان والقلوب خاصة، روى البخاري ومسلم رحمهما الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الصيامُ جُنَّةٌ))، ومعنى جُنَّة؛ أي: وقاية، فهو يلين القلوب، ويحجب ويقي من كبائر الذنوب والمعاصي، وطهارة وصفاء للنفوس.


الخاتمة: إذا طهر القلب استنار بنور الله، وذاق حلاوة القرآن، وتنَعَّم بنعيمه، وألْهَمَه اللهُ الفَهْمَ والبصيرة، ومن علومه الكثيرة.


فعلى المسلم المجاهدة لتحصيل دُرَر وكنوز كتاب الله المكنون كما يجاهد في تحصيل كنوز الله في الكون، قال الله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].


اللهُمَّ اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصَّتُك يا منَّان، اللَّهـُمَّ اجْعَلَ الْقُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنا، وَنُورَ صُدُورِنَا، وَجلاءَ أَحْزَانِنَا، وَذَهَابَ هُمُومِنَا.


اللهُمَّ متِّعْنا بتلاوته، وألهِمْنا فَهْمَه وتدبُّرَه، والعمل به يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، وصَلِّ اللَّهُمَّ على محمدٍ، وعلى آله وصَحْبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.18 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]