قل آمنت بالله ثم استقم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-12-2009, 12:17 AM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
59 59 قل آمنت بالله ثم استقم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




عن عُرْوَةَ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِِ الثَّقَفِىِّ , قَالَ:قُلْتُ : يَارَسُولَ اللهِ , قُلْ لِى في الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بعدك. قَالَ : قُلْ آمَنْتُ بِالله ثُمَّ اسْتَقِمْ. أخرجه أحمد 3/413(15494) و\"مسلم\"1/47(68) .
والمعنى: استقيموا واثبتوا على التقوى حتى يأتيكم الموت وأنتم على ذلك، كما في الحديث قال تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستقامة : \" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)\" سورة هود .
وقال سبحانه مبيناً جزاء أهل الاستقامة في الدنيا والآخرة : \" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) سورة فصلت .
وقال سبحانه : \" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) سورة الأحقاف.
وقال سبحانه : \" وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) سورة الجن .
وخرّج الطبراني والحاكم من حديث عبد الله بنِ عمرو بن العاص : أنَّ معاذَ ابن جبل أراد سفراً ، فقال : يا رسولَ الله أوصني ، قال : (( اعبد الله ، ولا تشرك به شيئاً )) قال : يا رسول الله زِدني ، قال : (( إذا أسأتَ فأحسنْ )) ، قال :يا رسول الله زدني ، قال : (( استقم ولْتُحْسِنْ خلقك )) . أخرجه ابن حبان ( 1922 ) و الحاكم ( 4 / 244 )الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 230 .



1- معنى الاستقامة:

الاستقامة في اللغة : ضد الاعوجاج والانحراف فالشَّيء المستقيم هو المعتدل الذي لا اعوجاج فيه، وهذا يأتي في الحسيات، تقول: هذا طريق مستقيم و هذا طريق مُعْوَجٌّ. انظر: التعريفات للجرجاني ص37 .
ومعناها في الشرع كما قال ابن حجر : \" قَوْله ( اِسْتَقِيمُوا )أَيْ اُسْلُكُوا طَرِيق الِاسْتِقَامَة وَهِيَ كِنَايَة عَنْ التَّمَسُّك بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى فِعْلًا وَتَرْكًا ، عَنْ أَبِي نُعَيْم شَيْخ الْبُخَارِيّ فِيهِ \" فَإِنْ اِسْتَقَمْتُمْ فَقَدْ سَبَقْتُمْ \". الفتح 20/334.
والاستقامة تتضمن في الشرع أمرين:
السَّير على الطريق.
الاستمرار و الثبات عليه حتى الممات .
فالأول: السير على الطريق :
وهذا المعنى يُفَسِّرُهُ قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) [آل عمران:102] .
اتقوه حق التقوى بحسب الاستطاعة ، قال تعالى: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16].
والثاني: الاستمرار والثبات عليه حتى الممات:
وذلك في قوله تعالى: (( وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) [آل عمران:102] .
فهذا يتضمن الأمر بالدوام والاستمرار .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-12-2009, 12:24 AM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
59 59 رد: قل آمنت بالله ثم استقم

2- طرق تحقيق الاستقامة:


وكي يحقق العبد الاستقامة , ويسلك طريقها لا بد له من هذه الأشياء :



أولاً : الإخلاص لله تعالى :
قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } (البينة:5).
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ شَىْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِىَ بِهِ وَجْهُهُ.
أخرجه النسائي 6/25 وفي \"الكبرى\" 4333.
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ ، وَالرِّفْعَةِ ، وَالدِّينِ ، وَالنَّصْرِ ، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ (وَهُوَ يَشُكُّ فِي السَّادِسَةِ) ، قَالَ : فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ. أخرجه أحمد 5/134(21539) ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2825 في صحيح الجامع .


ثانياً: متابعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولاً وعملاً .
قال - تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (آل عمران:31).
قال الحسن البصري: قوم ادعوا محبة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فابتلاهم الله بهذه الآية: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم من محبة الله تعالى ,وطاعته من طاعة الله سبحانه قال تعالى : \"مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)سورة النساء.
عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛أَنَّ رَجُلاً قََالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، قَالَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ ، بَعْدَ الإِسْلاَمِ ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
قَالَ : فَأَنَا أُحِبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ ، لِحُبِّي إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ. رواه أحمد (13419 و13886) ، وعَبْد بن حُمَيْد (1296) ، ومُسْلم (7520) .

تعصي الإله وأنت تظهر حبه * * * هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته * * * إن المحب لمن يحب مطيع

وقال آخر:
وقال الشاعر:
أتحب أعداء الحبيب وتدّعي * * * حباً ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه * * أين المحبةُ يا أخا الشيطان؟
شرط المحبة أن توافق من تحبُّ * * على محبته بلا عصيان
فإذا ادّعيت له المحبة مع خلافك * * ما يحب فأنت ذو بهتان


ثالثاً : فعل الطاعات واجتناب المحرمات :
فإن مما يعين العبد المسلم إلى الوصول إلى الاستقامة وتحقيقها محافظته على الطاعات فرائض كانت أو نوافل ، وهي من أهمّ الوسائل التي تجلب للعبد محبة سيده ومولاه .
ففي الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - :قال : قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - :قال الله - عز وجل - : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ، حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. أخرجه البخاري 8/131(6502).


أمرتك الخير لكن ما إتمرت به * * * وما استقمت فما قولي لك استقم

وقال ابن المعتز:
خلّ الذنوبَ صغيرها* * * وكبيرها فهو التُّقى
واصنع كماشٍ فوق أرض* * * الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرةً * * * إن الجبال من الحصى

وقال آخر:
من يتق الله يحمد في عواقبه * * * ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استجار بغير الله في فزع * * * فإن ناصره عجز وخذلان
فالزم يديك بحبل الله معتصماً * * * فإنه الركن إن خانتك أركان

فيا من راح في المعاصي وغَدا، يقول: سأتوبُ اليومَ أو غدا، يا مَن أصبحَ قلبه في الهوى مبدَّدًا، وأمسَى بالجهل جلمدًا، وبالشهوات محبوسًا مقيَّدًا، تذكَّر ليلةً تبيتُ في القبر منفرِدًا، وبادِر بالمتابِ ما دمتَ في زمن الإنظار، واستدرِك فائتًا قبلَ أن لا تُقالَ العِثار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، واعلَم أنَّ الله يبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ الليل، ويبسط يدَه بالليل ليتوب مسيءُ النهار.
ويا من تقلَّبتَ في أنواعِ العبادة، الزَم طريقَ الاستقامة، وداوِم العملَ فلست بدار إقامة، واحذَر الإدلاء والرّياء فرُبّ عملٍ صغير تعظِّمه النّية، ورُبَّ عملٍ كبير تصغِّره النية، يقول بعض السلف: \"من سرّه أن يكمُل له عمله فليحسِن نيته\".
وكن على خوفٍ ووجَل من عدَم قبولِ العمل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألتُ رسول الله عن هذه الآية: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]، فقلتُ: أهُم الذين يشرَبون الخمر ويسرِقون؟ فقال رسول الله : ((لا يا بنتَ الصديق، ولكنّهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدّقون وهم يخافون أن لا تقبَل منهم، أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْراتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون:61])) أخرجه الترمذي,سنن الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة المؤمنون (3175)، وأخرجه أيضا أحمد (6/205)، وابن ماجه في الزهد (4198)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2537).
قال بعض السلف: من اتقى الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيّع تقواه فقد ضيّع نفسه والله الغني عنه، ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذية بطبعها حافظة له من الأذى! على العكس، كما جرى لسفينة مولى رسول الله r ، سفينة مولى النبي r أطلق عليه هذا الاسم؛ لأنهم كانوا في سفرهم يحمّلونه كل أثقالهم فسموه سفينة وكان مولى للنبي r؛ إذ كسر به المركب الذي يركبه، وخرج إلى الجزيرة، فرأى الأسد فقال له سفينة: أنا سفينة مولى رسول الله r يقول: فجعل يمشي معه حتى دلّه على الطريق، فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه، ثم رجع، وهذا الحديث حديث حسن.رواه البزار في مسنده (5/265) حديث (3838) .
فالمسلم المستقيم تتطابق أفعاله مع أقوله , فتراه حيث أمره الله تعالى , وتفتقده حيث نهاه .


رابعاً العلم :
إن الله تعالى أمر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يستزيد من العلم فقال: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } (طه : 114).
وروى الطبراني في الكبير وابن حبان في صحيحه من حديث أبي شريح الخزاعي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفَهُ بِيَدِ اللهِ، وَطَرَفَهُ بِأَيْدِيكُمْ؛ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا . أخرجه ابن أَبي شَيْبَة 10/481 (30006) وابن حِبَّان (122) .
وفي سنن ابن ماجة من حديث كثير بن قيس قال : كنتُ جالسا مع أبي الدَّرْدَاء في مسجد دِمَشْقَ ، فجاءه رجل ، فقال : يا أبا الدرداء، إِني جئْتُكَ من مدينَةِ الرَّسولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ، لحديث بلغني أَنَّكَ تُحَدِّثُه عن رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما جئتُ لحاجة ، قال : فإِني سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول : « مَن سَلَكَ طريقا يَطلُبُ فيه علما : سَلَكَ الله بِهِ طريقا من طُرُقِ الجنَّة، وَإِنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضى لطالبِ العلم ، وَإِنَّ العالمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَن في السمواتِ ومَن في الأرضِ ، والحِيتَانُ في جَوفِ الماء ، وَإِن فَضْلَ العالمِ على العَابِدِ كَفضل القمر ليلة البدرِ على سائرِ الكَوَاكِب، وَإِن العُلماءَ وَرَثَةُ الأنبياء، وَإِنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دِينارا ولا دِرْهما ، وَرَّثُوا العلم ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظّ وَافِر ».أخرجه أحمد 5/196(22059) و\"الدارِمِي\" 342 و\"أبو داود\"3641 و\"ابن ماجة\"223 .


خامسا : الذكر
ففي مسند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - : لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ . أخرجه أحمد 3/198(13079).
وما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا؛ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا؛ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ: يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ. أخرجه ابن أَبي شَيْبَة \"أحمد\" 2/252(7421و\"الدارِمِي\" 344 و\"مسلم\" 6952 .
وعَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ:جَاءَ أَعْرَابِيَّانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ وَقَالَ الآخَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَمُرْنِى بِأَمْرٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ فَقَالَ لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.أخرجه أحمد 4/188(17832) و\"ابن ماجة\" والتِّرْمِذِيّ\" 2329 و3375.
قال شقيق أربعة أشياء من طريق الاستقامة لا يترك أمر الله لشدة تنزل به ولا يتركه لشيء يقع في يده من الدنيا فلا يعمل بهوى أحد ولا يعمل بهوى نفسه لأن الهوى مذموم ليعمل بالكتاب والسنة. الحلية 8/71.
فاجعل إيمانك بالله تعالى طريقا تصل به إليه سبحانه , واجعل استقامتك تطبيقاً عملياً لهذا الإيمان, فقد ربط الله بين الإيمان والعمل , قال سبحانه : \" وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)سورة البقرة . وقال : \" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) سورة البقرة .وقال : \" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)سورة فصلت .



اللهم اجعلنا ممن,يقولون فيعملون, ويعملون فيخلصون,ويخلصون فيقبلون.


صيد الفوائد
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-12-2009, 07:35 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: قل آمنت بالله ثم استقم



أحسن الله اليك أختي الكريمة على نقلك المبارك
جعله الله في ميزان حسناتك
وأود أن أضيف تلخيصي لشرح الحديث من خلال دراستي


ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا الله وان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده ، اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين

أما بعد : فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر ألامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.





الحديث الحاديوالعشرين

الاستقامة لب الإسلام


عَنِ أَبيْ عَمْرٍو،وَقِيْلَ،أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُيَارَسُوْلَ اللهِ قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاًغَيْرَكَ؟ قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّاستَقِمْ"[152].



الشرح




هذا الحديث على قلة ألفاظه ، حديث جامع، من أجمع الأحاديث يضع منهجا متكاملا للمؤمنين ، وتتضح معالم هذا المنهج ببيان قاعدته التي يرتكز عليها ، وهي الإيمان بالله.


تخريج الحديثأخرجه الإمام مسلم رحمه الله ,صحيح .





قوله: "قل لي فيالإسلام " أي في الشريعة. في شرائع الإسلام، وأحكامه.

قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً جامعاً لمعاني الدين يكونحداً فاصلاً مانعاً واضحاً بيّناً إذا عملت به كفاني في ديني ودنياي وآخرتي ولا أسأل أحداً غيرك فيه.



فقال له صلى الله عليه وسلم وهو الذي أوتي جوامع الكلم : "قُل آمَنْتُ بِاللهِ"أي الإيمان الكامل وهذا في القلب ويشملقول اللسان وقول القلب وعمل الجوارح.




قال أهل العلم:قول القلب:هو إقرارهواعترافه.


"ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح.


فأعطاه النبي صلى الله عليهوسلم كلمتين : "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عملالجوارح.


هاتان الكلمتان أو هذه الجملة البليغة العظيمة التي تحوي معاني كثيرة جمعت الدين كله. فآمنت بالله يشمل إيماناً بكل ما أخبر الله به عزوجل عن نفسه وعن اليوم الآخر وعنرسله وعن كل ما أرسل به، فيكونالحديثجامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.




آمَنْتُ بِاللهِ" أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمانبوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.


الإيمان باللهيتضمن الإخلاص له في العبادة فقوله صلى الله عليه وسلم "قُلْ آمَنْتُ باللهِ "أي جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضرَ جميع تفاصيل أركان الإيمان.


ثم بعد الإيمان "اِستَقِم" فرتّب الاستقامة على الإيمان ، فالاستقامة ثمرة ضرورية للإيمان الصادق . فحقيقة الاستقامة ، أن يحافظ العبد على الفطرة التي فطره الله عليها ، فلا يحجب نورها بالمعاصي والشهوات ، مستمسكا بحبل الله ، كما قال ابن رجب رحمه الله : " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها : الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها.




" اِستَقِم" أي سر على صراط مستقيم، داومْ واثبت على عمل الطاعات، وانتهي عن جميع المخالفات فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولاشمالاً.


وهو بذلك يشير إلى قوله تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ( الروم : 30 ).


وقد أمر الله تعالى بالاستقامة في مواضع عدة من كتابه ، منها قوله تعالى ، قال الله تعالى :{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك }[هود:112].وقال الله تعالى :{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة }[فصلت:30]. أي عند الموت تبشرهم بقوله تعالى: {لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنت توعدون }[فصلت:30].


وفي التفسير أنهم إذا بشروا بالجنة قالوا: وأولادنا ما يأكلون وما حالهم بعدنا؟ فيقال لهم : {نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة }.[فصلت:31]أي نتولى أمرهم بعدكم، فتقر بذلك أعينهم




وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌعَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف


وبيّن سبحانه هدايته لعباده المؤمنين إلى طريق الاستقامة ، كما قال عزوجل : { وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } ( الحج : 54 ) ، وجعل القرآن الكريم كتاب هداية للناس ، يقول الله تعالى في ذلك : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد } ( إبراهيم : 1 ).


ولما كانت الاستقامة تستدعي من العبد اجتهاداً في الطاعة ، فلا يعني ذلك أنه لا يقع منه تقصير أو خلل أو زلل ، بل لا بد أن يحصل له بعض ذلك ، بدليل أن الله تعالى قد جمع بين الأمر بالاستقامة وبين الاستغفار في قوله : { فاستقيموا إليه واستغفروه } ( فصلت : 6 ) ، قال ابن رجب : فيه إشـــارة إلى أنه لا بد من التقصير في الاستقامــة المأمور بها ، فيجبر ذلك الاستغفار المقتضي للتوبـــة والرجـــوع إلى الاستقامة ،وذلك يستدعي من العبد أن يجبر نقصه وخلله بالتوبة إلى الله عزوجل ، والاستغفار من هذا التقصير فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس لن يستطيعوا الاستقامة حق الاستقامــة ،فقال صلى الله عليه وسلم : ( استقيموا ولن تحصوا ) رواه أحمد وفي الصحيحين عن أبي هريرة . عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سددوا وقاربــــوا ) رواه البخاري .

فالسداد هو حقيقة الاستقامــة ، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصـــد ، والمقاربة أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه ، ولكن بشرط أن يكون مصمماً على قصد السداد وإصابة الغرض ، فتكون مقاربته عن عمد .
وإذا أردنا أن تتحقق الاستقامة في البدن فلابد من استقامة القلب أولا ، لأن أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، ومتى استقام القلب على معرفة الله وعلىخشيته، وإجلاله ومهابته ومحبته، وإرادته ورجائه ودعائه، والتوكل عليه والإعراض عماسواه، لأن القلب هو ملك الأعضاء ، وهي جنوده،فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، فمتى استقام القلب على معاني الخوف من الله ، ومحبته وتعظيمه ، استقامت الجوارح على طاعة الله ، قال رسول الله: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلحالجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم.و قال صلى الله عليه وسلم ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ) رواه الترمذي .

ثم يليه في الأهمية : استقامة اللسان ، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان لأنه الناطق بما في القلب والمعبّر عنه فهو ترجمانالقلب والمعبِّر عنه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قَالَ قُلْ رَبِّيَاللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُعَلَيَّ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا.وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أنس . أن النبي قال " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانــه ) .


" ماهي مجالات الاستقامة؟


1-أمور العبودية يجب أن تكون لله - سبحانه وتعالى-ولذلك قال تعالى﴿ إياك نعبد وإياك نستعين قبل قوله ﴿ اهدنا الصراط المستقيم . إذاً لابد أن تتوجه العبادة لله - سبحانه وتعالى .


2- الاستقامة فى التشريع معناه الرضي و القبول بحكم الله - سبحانه وتعالى –﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ولذلك نفى الإيمان عمن يطلب التحاكم إلى غير - سبحانه وتعالى – من المؤمنين ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .


إذاً لابد من القبول بحكم الله - جل وعلا –فى النفس فى المال فى جميع الأمور وفى جميع أمور الحياة كلها لأن هذا الدين مبناه على الاستسلام لله - سبحانه وتعالى – فلا يكون مستقيماً إذا لم يرضى بحكم الله - جل وعلا - .


4- الأستقامة على الأخلاق فعلى العبد أن يكون مستقيما في أخلاقه سواء كانت الأخلاق فيما بين الإنسان وبين أسرته أو بينه وبين الناس حتى الأخلاق فى التعامل مع الكفار قال في مسألة القول ﴿ وقولوا للناس حسنا . و قال النبى - صلى الله عليه وسلم – ( وخالق الناس بخلق حسن ) . ولأهمية الأخلاق نص عليها فى الاقتداء بالنبى - صلى الله عليه وسلم – فقال الله - سبحانه وتعالى - ﴿ وإنك لعلي خلق عظيم ﴿ لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة .


- فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وفى العمل لهذا الدين" يجب أن يكون المرء مستقيماً على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم-, وقد أعطانا الله سبحانه وتعالى المنهاج ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فى الآية الأخرى ﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .


6- الاستقامة في الحياة عموماً، بمعنى التكامل في مجالات الحياة، في التعامل مع الله , مع الأسرة . مع الناس مع الجيران هذه نقطة مهمة نأخذها من قوله - صلى الله عليه وسلم – ( ثم استقم ).
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-12-2009, 07:37 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: قل آمنت بالله ثم استقم

فضائل الاستقامـة بعد الإيمان :

1- للاستقامة ثمار عديدة لا تنقطع ، فهي سبب لبسط الرزق وباب من أبواب الخير ، وبركتها لا تقتصر على صاحبها فحسب ، بل تشمل كل من حوله ، ويفهم هذا من قوله تعالى : { وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا } ( الجن قال القرطبي : ” أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق “ .


2- سبب لنصر الله إذا استقام العبد على منهاج الله نصره الله﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾[محمد:7]. سنة كونية معادلة هذه المعادلة تقول إن استقام العبد على منهاج الله نصره الله نكون مع الله يكون الله معنا ننصر الله ينصرنا الله، نحفظ الله يحفظنا.

3- وتستمر عناية الله بعباده المستقيمين على طاعته حتى ينتهي بهم مطاف الحياة ، وهم ثابتون على كلمة التوحيد ، لتكون آخر ما يودعون بها الدنيا ، كما قال الله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم } ( فصلت : 30 – 32 ) . فتتنزل عليهم الملائكة وتبشرهم بالجنـة وعدم الخوف .
قوله [ تتنــزل عليهم الملائكـة ] :
قيل : عند الاحتضار ، وقيل : يوم خروجهم من قبورهم ، وقيل : يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث ، واختار هذا القول ابن كثير وقال : ” وهذا القول يجمـــع الأقوال كلهــا وهو حسن جداً “ .
قال ابن رجب : ” فيه إشـــارة إلى أنه لا بد من التقصير في الاستقامــة المأمور بها ، فيجبر ذلك الاستغفار المقتضي للتوبـــة والرجـــوع إلى الاستقامة ، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس لن يستطيعوا الاستقامة حق الاستقامــة ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة . عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سددوا وقاربــــوا ) فالسداد هو حقيقة الاستقامــة ، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصـــد ، والمقاربة أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه ، ولكن بشرط أن يكون مصمماً على قصد السداد وإصابة الغرض ، فتكون مقاربته عن عمد “ .
1- وأعظم ما ينبغي مراعاتــه في الاستقامة استقامــة القلب ، فهو ملك الأعضاء وهي جنوده ، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه .
وكذلك مما ينبغي مراعاة استقامتــه بعد القلب اللســـان ، فإنه ترجمان القلب .
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، تقول : إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ) رواه الترمذي .
وجاء في حديث الباب في رواية للترمذي : قلت يا رسول الله ! ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلســـان نفســـه .
وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أنس . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانــه ) .
2- أسباب الاستقامــة :
أولاً : دعاء الله بالثبات .كان صلى الله عليه وسلم يقول : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك ) .
ثانياً : قراءة القرآن وتدبره .قال تعالى } .. لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً { .
3- أن من استقــام في هذه الدار على الهداية ، وفقه الله تعالى للهداية يوم القيامة .
قال ابن القيم رحمه الله :
” فمن هدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيــم ، الذي أرسل به رسله ، وأنزل به كتبــه ، هدي هناك إلى الصراط المستقيــم ، الموصل إلى جنتــه ودار ثوابــه ، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار ، يكون ثبوت قَدَمــه على الصراط المنصوب على متــن جهنــم ، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط “ .
4- أنه لا خوف ولا حزن على المستقيــم .
5- الحث على مجالسة ومصاحبــة أهل الاستقامــة .
6- وجوب المداومــة على العمل الصالح وأن ذلك من أسباب الاستقامــة .
وأفضل العمل ما داوم عليه صاحبه .
قال صلى الله عليه وسلم ( أحب الأعمال إلى الله أدومهــا وإن قل ) .
وهذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبتــه .
قالت عائشة ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبتــه) رواه مسلم .
قال النووي : ” وإنما كان القليل الدائم خيراً من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعـــة والذكر والمراقبــة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة “ .
وللمداومــة على العمل الصالــح آثار :
أولاً : دوام اتصال القلب بخالقــه مما يعطيه قوة وثباتاً واستقامــة .
ثانياً : تعهــد النفس عن الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها .
ثالثاً : أن المداومة على العمل الصالح سبب للنجاة من الشدائد .
قال صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي .


من فوائد الحديث


1- يرشدنا الحديث إلى وجوب الإيمان بالله تعالى والاستقامة على التوحيد وإخلاص العبادةلله وحده.

2- حرص الصحابة رضي الله عنهم على تعلّم دينهم والمحافظة على أيمانهموعلى السؤال عماينفعهم في دينهم ودنياهم.

3- . أنالإنسان ينبغي له أن يسأل عن العلم السؤال الجامع المانع حتى لا تشتبه عليه العلوموتختلط، لقوله: "قَولاً لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدَاً غَيْرَك


4- أن الدين الإسلامي مبني على هذين الأمرين، الإيمانومحله القلب ،والاستقامة ومحلها الجوارح،

5- أن الإيمان بالله لا يكفي بل لا بدمن إيمان بالله واستقامة على دينه.

6- الأيمان والأستقامة ركنين أساسيين من أركان السعادة الدنيوية والآخروية.

7- أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطيجوامع الكلم حيث جمع كل الدين في كلمتين:"آمَنتُ بِاللهِ، ثُمَّ استَقِم"

8- التعبير بكلمة الاستقامة دون التعبير المشهور عند الناس الآن بكلمةالالتزام، فإن الناس اليوم إذا أرادوا أن يثنوا على شخص بالتمسك بالدين قالوا: فلانملتزم، والصواب أن يقال: فلان مستقيم كما جاء في القرآن والسنة .

9- أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد نفسه دائماً: هل هو مستقيم أو غير مستقيم؟ فإن كان مستقيماً حمد الله وأثنى عليه وسأل اللهالثبات، وإن كان غير مستقيم وجب عليه الاستقامة وأن يعدل سيره إلى الله عزّوجل.
فمن أخر الصلاة عن وقتها فهو غير مستقيم ، لأنه أضاعالصلاة.
ومن منع الزكاة فهو غير مستقيم لأنه أضاع الزكاة.
ومن يعتديعلى الناس في أعراضهم فغير مستقيم، لفعل المحرم.

ومن يغش الناس ويخادعهم فيالبيع والشراء والإجارة والتأجير وغير ذلك فهذا غير مستقيم.
فالاستقامة وصف عام شامل لجميع الأعمال .

نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

فما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو زلل أو نسيان فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح و يخلص لنا القول والعمل وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه صلاة باقية دائمة الى يوم الدين
__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-12-2009, 03:02 PM
الصورة الرمزية بهاء الدين
بهاء الدين بهاء الدين غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: فلسطين
الجنس :
المشاركات: 147
الدولة : Palestine
افتراضي رد: قل آمنت بالله ثم استقم

جزاكم الله كل الخير على معلوماتكم المفيدة وجعله في ميزان حسناتكم
__________________
و لقد ذكرتك و الخطوب كوالح**سود ووجه الدهر أغبر قاتم

فهتفت في الأسحار باسمك صارخا** فإذا محيا كل فجر باسم


الإسلام قادم
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-12-2009, 05:09 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: قل آمنت بالله ثم استقم

جزاك الله الفردوس اختي الحبيبة على الاضافة القيمة
سعيدة جدا بتعاونك الهادف
جعله الله في ميزان حسناتك
بارك الله لك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-12-2009, 05:10 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: قل آمنت بالله ثم استقم

[quote=بهاء الدين;859439]




أشكر لك مرورك الطيب
أخي الكريم
بارك الله فيك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 122.97 كيلو بايت... تم توفير 4.61 كيلو بايت...بمعدل (3.62%)]