|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
دموع الفرح
دموع الفرح د. خاطر الشافعي (فرحة عارمة طغَت على كل أفراد العائلة وهم ينتظرون خارج حجرة الولادة، عندما سمعوا صراخ الطفل، وانطلقت الزغاريد - كعادة أهل الريف - ابتهاجًا بالقادم الجديد؛ فهم ينتظرون هذه اللحظة الجميلة على أحَرَّ من الجمر؛ فقد تزوج الرجل بعد رحلة كفاح طويلة وقد تخطَّى الثلاثين من عمره، كعادة أغلبية الشباب، وهم يعيشون حُلم هذه اللحظة منذ حملت به أمه، ويودون لو يستطيعون اقتحام الحجرة قبل أن يأذَن لهم الطبيب؛ ليحملوا القادم الجديد فوق أجنحة الفرحة العارمة. ووسط لهيب الانتظار لخروج الطبيب، ولهفة الشوق لمعانقة القادم الجديد، كانت الأم تُصارِعُ الموتَ وهي تحتضن طفلَها بكل جوارحِها، حتى فاضت روحُها، وكأنَّ ميلادَ الجنين كان لها إعلان الرحيل! خرج الطبيب والحزن يكسو ملامحَه، وانقبَضت قلوبُ كل المنتظرين، وداهمتهم ظنونُ السوء بالمولود الجديد، ونسوا في غمرةِ الفرحة (أم الوليد)، فمنهم مَن بادَر بالسؤال: هل بالمولود أذى؟ ومنهم من ينتظر الإجابة، وبصوتٍ خفيف همس الطبيب في أذن السائل: البقاء للهِ، ولم تقوَ قدَمَا الرجل على حمل جسدِه من صدمة الإجابة، فهوى على الأرض، وأسند ظهرَه إلى الحائط، وظلَّ يردِّد: لا حول ولا قوَّةَ إلا بالله، وإنا للهِ وإنَّا إليه راجعون! توقفت الزغاريد، وتجمع الجميع حول الرجل: بمَ أخبَرك الطبيب؟ هل مات (الوليد)؟ لم يستطِعِ الرجلُ الإجابة، وفجأة خرجت الممرضةُ تحمل (الوليد) وتنادي في الحاضرين: لقد رحَلَتْ أمُّ الوليد!). واستمر شريط الذكريات يتراءى أمام (أبي الوليد)، لم تقطَعْه سوى (زغرودة) ذكَّرته أن الليلةَ ليلةُ زواج (الوليد)، فقد مرَّت السنون، وكبر (الوليد)، فتساقطت على خدِّه دمعةٌ بلَّلت قلوب كل الحاضرين! وامتزجت الفرحةُ بالدموع، ولسان الكلِّ يردِّد: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]. (يكفيهم اللهُ أمرَ ذُرِّيَّتهم بعدهم، حدثنا إبراهيم بن عطية بن دريج بن عطية، قال: ثني عمي محمد بن دريج، عن أبيه، عن الشيباني، قال: كنَّا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبدالملك، وفينا ابن محيريز، وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم، قال: فجعَلْنا نتذاكرُ ما يكونُ في آخر الزمان، قال: فضِقْتُ ذرعًا بما سمعتُ، قال: فقلت لابن الديلمي: يا أبا بشر، بودِّي أنه لا يولد لي ولدٌ أبدًا، قال: فضرَب بيدِه على منكبي وقال: "يا بن أخي، لا تفعَلْ؛ فإنه ليست من نسمةٍ كتَب الله لها أن تخرُجَ مِن صُلب رجلٍ، إلا وهي خارجةٌ إن شاء وإن أبى"، قال: "ألا أدلُّك على أمرٍ إنْ أنت أدركتَه نجَّاك الله منه، وإن ترَكْتَ ولدَك مِن بعدِك حفِظهم اللهُ فيك؟ قال: قلتُ: بلى، قال: فتلا عند ذلك هذه الآيةَ: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]؛ تفسير الطبري.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |