جمع القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850025 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386212 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2020, 08:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي جمع القرآن الكريم

جمع القرآن الكريم













هشام الهواري(1)








الحمدُ لله الذي هدانا لكتابه، وفضَّلنا على سائر الأمم بأكرم أحبابه، حمدًا يستجلب المرغوب من وضائه، ويستعطف المخزون من عطائه، ويجعلنا من الشاكرين لنعمائه، والعارفين لأوليائه، وصلى الله على سيدنا محمدٍ رسوله المصطفى، ونبيه المجتبى، وعلى آله وعترته الطيبين، وعلى أصحابه الطاهرين، وأمته أجمعين.







أنزل الله عزَّ وجلَّ على عبده محمدٍ صلى الله عليه وسلم القرآنَ الكريم ليكونَ للعالمين بشيرًا ونذيرًا، وجعله خاتمةَ كتبِهِ، مصدِّقًا لها، ومهيمنًا عليها، وحجَّةً على خلقه، ومعجزةً لنبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.







وقيَّض الله تبارك وتعالى لكتابه العزيز أئمةً ثقاتٍ، تلقَّوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فنقلوه إلينا غضًّا طريًّا كما أُنزل رواية ودِرَاية، سالمًا معصومًا من الخطأ والزَّلل.







وجعل للمشتغلين به أجرًا ومَزِيَّةً، وتواترت فضائل حَمَلَتِهِ وقُرَّائه في الأحاديث النبوية، تحقيقًا لوعد الله تعالى القائل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].







ولما تكفَّل الله تعالى بحفظه، خصَّ مَن شاء مِن بَرِيَّتِهِ، وأورثه مَن اصطفاه من خليقته؛ قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [فاطر: 32]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ لله أهلين من الناسِ، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: هم أهل القرآن، هم أهل الله وخاصَّتُهُ)[2].







ولم يترك الرسول صلى الله عليه وسلم أمرًا فيه حثٌّ على حفظ القرآن الكريم إلا أمر به، فكان يفاضل بين أصحابه بحفظ القرآن، ويعقد الراية لأكثرهم حفظًا للقرآن، وإذا بعث بعثًا جعل إمامهم في صلاتهم أحفظَهم لكتاب الله، فضلًا عن كثرة الأحاديث الداعية لحفظ القرآن الكريم.







فالنبي صلى الله عليه وسلم هو خير من تعلم القرآن وعلَّمه، بلَّغه وبيَّنه لصحابته الكرام، فحفِظوه وتنافسوا في تلاوته وتدبره، ومدارسته وتفسيره والعمل به، وعلى نهجهم سار التابعون ومَن تبعهم بإحسان، فغدت سنة مُتَّبَعَةٌ يأخذها اللاحق عن السابق؛ عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنهما قال: (القراءة سُنَّةٌ، فاقرؤوه كما تجدونه)[3].







هكذا كانت نظرة السلف رحمهم الله لِما يتلقَّونه من الوحي، مستشعرين في ذلك أنهم مبلِّغون عن الله عز وجل، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.







معنى جمع القرآن:



لغة: الجمع مصدر الفعل "جمع"، يقال: جمع الشيء يجمعه جمعًا؛ قال الجوهري: "أجمعت الشيء: جعلته جميعًا، والمجموع: الذي جُمِعَ من ها هنا وها هنا، وإن لم يُجعَل كالشيء الواحد"[4].







وقال ابن منظور: "جمع الشيء عن كل تفرقة يجمعه جمعًا، واستجمع السيل: اجتمع مع كل موضع، وجمعتُ الشيء... وتجمَّع القوم: اجتمعوا أيضًا من ها هنا وها هنا"[5].



ويتضح أن معنى كلمة (جمع) في اللغة: التأليف وضمُّ المتفرق.







اصطلاحًا: جمع القرآن الكريم يُطلَق في علوم القرآن على معنيين:



الأول: جمعه بمعنى: حفظه في الصدور؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17]؛ أي: جمعه في صدرك، وإثبات قراءته في لسانك"[6]؛ يقول الإمام الطبري رحمة الله عليه: "وقوله: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾؛ يقول تعالى ذكره: إن علينا جمع هذا القرآن في صدرك يا محمد، حتى نثبته فيه، ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾؛ يقول: وقرآنه حتى تقرأه بعد أن جمعناه في صدرك"[7].







والثاني: جمعه بمعنى: كتابته؛ ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في قضية جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومما ورد فيه قول عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما: ((وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن))، وقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: ((فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من العُسُبِ واللِّخافِ وصدور الرجال))[8].







يقول الإمام الزرقاني: "كلمة جمع القرآن تُطلَق تارة ويُراد منها: حفظه واستظهاره في الصدور، وتطلق تارة أخرى ويُراد منها: كتابته كله حروفًا وكلمات وآيات وسورًا؛ هذا جمع في الصحائف والسطور، وذاك جمع في القلوب والصدور، ثم إن جمعه بمعنى كتابته حدث في الصدر الأول ثلاث مرات؛ الأولى: في عهد النبي صــلى الله عليه وسلم، والثانية: في خلافة أبي بكر، والثالثة: على عهد عثمـــان، وفي هذه المرة الأخيرة وحدهـــا، نُسخِت المصـــاحف، وأُرسلت إلى الآفـــــــاق"[9].







جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:



كان الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مولَعًا بالوحي، يترقب نزوله عليه بشوق، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، يُقرِئه القرآن فيحفظه ويفهمه، فكان بذلك أول الحُفَّاظ، ولصحابته فيه الأسوة الحسنة؛ شغفًا بأصل الدين ومصدر الرسالة السماوية.







وأما الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان كتاب الله عز وجل في المحل الأول من عنايتهم، يتنافسون في استظهاره وحفظه، ويتسابقون إلى مدارسته وتفهمه وتدبره والعمل به؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: ((جمعت القرآن، فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأه في شهر))[10].







يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله: "إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على حفظ المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة"[11]، وقال: "وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه، لا في الكتب، ولا يقرؤونه كله إلا نظرًا لا عن ظهر قلب، ولما خصَّ الله تعالى بحفظه مَن شاء مِن أهله، أقام له أئمة ثقات تجرَّدوا لتصحيحه، وبذلوا أنفسهم في إتقانه، وتلقَّوه من النبي صلى الله عليه وسلم حرفًا حرفًا، لم يهملوا منه حركةً ولا سكونًا، ولا إثباتًا ولا حذفًا، ولا دخل عليهم في شيء منه شكٌّ ولا وَهْمٌ، وكان منهم من حفظه كله، ومنهم من حفظ أكثره، ومنهم من حفظ بعضه، كل ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في أول كتابه في القراءات من نقل عنهم شيء من وجوه القـــراءة من الصحابة وغيرهم؛ فذكر من الصحابة: أبا بكــر، وعمر، وعثمان، وعليًّا، وطلحة، وسعدًا، وابن مسعود، وحذيفة، وسالمًا، وأبا هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابنه عبدالله، ومعاوية، وابن الزبير، وعبدالله بن السائب، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وهؤلاء كلهم من المهاجرين، وذكر من الأنصار أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا الدرداء، وزيد بن ثابت، ومجمع بن جارية، وأنس بن مالك، رضي الله عنهم أجمعين"[12].







من خلال ما تقدم يتضح لنا أن حفَّاظ القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جمًّا غفيرًا، "حتى كان عدد القتلى ببئر معونة ويوم اليمامة أربعين ومائة؛ قال القرطبي: قد قُتل يوم اليمامة سبعون من القرَّاء، وقُتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببئر معونة مثل هذا العدد"[13].







لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن الكريم، وإقرائه لأصحابه، وحثِّهم على تعلمه وتعليمه، بل جمع إلى ذلك الأمر بكتابته وتقييده في السطور، فكان كلما نزلت عليه آياتٍ، دعا الكُتَّاب فأملاه عليهم، فيكتبونه، وبذلك كان القرآن مكتوبًا كله بأمره في عهده صلى الله عليه وسلم.







ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ عددًا من كُتَّابِ الوحي، ومنهم الخلفاء الأربعة، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعبدالله بن رواحة، وخالد بن الوليد، وغيرهم[14]، "وكان يأمرهم بكتابة كل ما ينزل من القرآن؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((كنت جارَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل الوحي، أرسل إليَّ فكتبت الوحي))[15]، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها، ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تظاهر الكتابة في السطور الجمع في الصدور، كما كان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداءً من أنفسهم، دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيخطُّونه في العُسُبِ (جريد النخل)، واللِّخاف (صحائف الحجارة)..."[16]؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلِّف القرآن من الرِّقاع))[17].



ويسمى هذا الجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حفظًا وكتابةً: "الجمع الأول".







جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:



قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواجهته أحداثٌ جِسام في ارتداد جمهرة العرب، فجهَّز الجيوش وأوقدها لحروب المرتدين، وكانت غزوة أهل اليمامة سنة اثني عشرة للهجرة، تضم عددًا كبيرًا من الصحابة القُرَّاء، فاستُشهد في هذه الغزوة سبعون قارئًا من الصحابة، فهال ذلك عمر بن الخطاب، ودخل على أبي بكر رضي الله عنهما، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشيةَ الضياع؛ فإن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بالقُرَّاء[18].







"روى البخاري في صحيحه[19]، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالمواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يَزَلْ عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شابٌّ عاقل لا نتَّهِمُك، وقد كنتَ تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبَّعِ القرآن واجمعه، قال زيد: فوالله لو كلَّفوني نقلَ جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير[20]، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبَّعْتُ القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره، فألحقتها في سورتها فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر"[21].







"وقد راعى زيد بن ثابت رضي الله عنه نهاية التَّثَبُّتِ، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، وقوله في الحديث: ((ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره))، لا ينافي هذا، ولا يعني أنها ليست متواترة، وإنما المراد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره، وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك؛ لأن زيدًا كان يعتمد على الحفظ والكتابة معًا[22]، فكانت هذه الرواية محفوظة عند كثير منهم، ويشهدون بأنها كُتبت، ولكنها لم توجد مكتوبة إلا عند أبي خزيمة الأنصاري"[23].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2020, 08:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: جمع القرآن الكريم

منهج الصحابة الكرام في جمع القرآن الكريم:




لقد اتبع زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمع القرآن الكريم منهجًا قويمًا، وطريقة دقيقة مُحكَمة، وضعها له أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهذا المنهج يعتمد على مصدرين في جمع القرآن الكريم:



١- ما كُتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.



٢- ما كان محفوظًا في صدور الصحابة رضي الله عنهم.







فلم يكتفِ زيد بما حفظه وكتبه هو بنفسه، بل جعل يتتبع ويستقصي ما كان عند غيره، ولم يكن يقبل شيئًا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان على أنه كُتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعتمد الحفظ وحسب، بل جمع بين المكتوب والمحفوظ زيادة في التوثيق.







يقول الإمام الزرقاني: "وانتهج زيد في القرآن طريقة دقيقة محكمة وضعها له أبو بكر وعمر، فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبُّتٍ بالغٍ وحَذَرٍ دقيق، وتحريات شاملة، فلم يكتفِ بما حفظ في قلبه، ولا بما كتب بيده، ولا بما سمع بأذنه، بل جعل يتتبع ويستقصي آخذًا على نفسه أن يعتمد في جمعه على مصدرين اثنين؛ أحدهما: ما كُتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني: ما كان محفوظًا في صدور الرجال، وبلغ من مبالغته في الحيطة والحذر أنه لم يقبل شيئًا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كُتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم"[24].







وبهذه الخصائص العظيمة المعتبرة تميز جمعُ أبي بكر الصديق رضي الله عنه للقرآن الكريم؛ قال علي كرم الله وجهه: "أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر رحمة الله عليه، هو أول من جمع كتاب الله"[25].







قال الخراز:










جمعَه في الصُّحفِ الصِّدِّيقُ

كما أشارَ عُمَرُ الفارُوقُ


وذاك حينَ قتلُوا مُسيلمة

وانقلبتْ جيوشُه منهزمَة


وبعده جرده الإمام

في مصحف ليقتديَ الأنام


ولا يكون بعده اضطراب

وكان فيما قد رأى صواب[26]






جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه:



"إن ما يميز السياسة الراشدة نظرها الثاقب الذي يتدبر الأمور، بل الذي يسبق الحوادث قبل وقوعها، كما سجَّلها المؤرخون قديمًا وحديثًا، وهكذا كان عمل أبي بكر والصحابة في جمع المصحف عدة مرات آتت أعظم النتائج في مواجهة ما تطويه الأيام من تغيرات ومفاجآت"[27].







فقد "اتسعت الفتوحات في زمن عثمان، واستبحر العمران، وتفرق المسلمون في الأمصار والأقطار، ونبتت ناشئة جديدة كانت بحاجة إلى دراسة القرآن، وطال عهد الناس بالرسول والوحي والتنزيل، وكان أهل كل إقليم من أقاليم الإسلام، يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة، فأهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب، وأهل الكوفة يقرؤون بقراءة عبدالله بن مسعود، وغيرهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري، فكان بينهم اختلاف في حروف الأداء ووجوه القراءة، بطريقة فتحت باب الشقاق والنزاع في قراءة القرآن"[28].







روى البخاري "عن أنس بن مالك ((أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرِكِ الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما أنزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا[29]، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرَق"[30].







قال الإمام الزركشي في "البرهان": "وأما تعلق الروافض بأن عثمان أحرق المصاحف، فإنه جهلٌ منهم وعمى، فإن هذا من فضائله وعلمه، فإنه أصلح ولمَّ الشعْثَ وكان ذلك واجبًا عليه، ولو تركه لعصى؛ لِما فيه من التضييع وحاشاه من ذلك"[31]؛ قال علي كرم الله وجهه: "لو وليتُ ما ولي عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل"[32].







ثم إن النص الذي كان عند حفصة هو النص المكتوب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ذاته النص المكتوب في مصحف عثمان رضي الله عنه، فلا يصح الزيادة عليه ولا يصح النقص[33].







عن سويد بن غفلة قال: "قال علي رضي الله عنه: لا تقولوا في عثمان إلا خيًرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصحف إلا عن ملأ منا"[34].







توحيد المصاحف:



"إن عثمان رضي الله عنه لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف، ألا ترى كيف أرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك - وإنما فعل ذلك - عثمان - لأن الناس اختلفوا في القراءات؛ بسبب تفرق الصحابة في البلدان، واشتد الأمر في ذلك، وعظُمَ اختلافهم وتشتُّتُهم، ووقع بين أهل الشام والعراق ما ذكره حذيفة رضي الله عنه، وذلك أنهم اجتمعوا في غزوة أرمينية، فقرأت كل طائفة بما رُوي لها، فاختلفوا وتنازعوا، وأظهر بعضهم إكفارَ بعض، والبراءة منه، وتلاعنوا، فأشفق حذيفة مما رأى منهم، فلما قدم حذيفة المدينة - فيما ذكر البخاري - إلى عثمان قبل أن يدخل إلى بيته، فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلِكَ، قال: في ماذا؟ قال: في كتاب الله؛ إني حضرت هذه الغزوة، وجمعت ناسًا من العراق والشام والحجاز، فوصف له ما تقدم، وقال: إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم، كما اختلف اليهود والنصارى"[35].







"أضِفْ إلى ذلك أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن لم تكن معروفة لأهل تلك الأمصار، ولم يكن من السهل عليهم أن يعرفوها كلها، حتى يتحاكموا إليها فيما يختلفون، إنما كان كل صحابي في إقليمه يقرئهم بما يعرف فقط من الحروف التي نزل عليها القرآن، ولم يكن بين أيديهم مصحف جامع يرجعون إليه فيما شجر بينهم من هذا الخلاف والشقاق البعيد.







لهذه الأسباب والأحداث، رأى عثمان بثاقب رأيه، وصادق نظره، أن يتدارك الخرق قبل أن يتسع على الراقع، وأن يستأصل الداء، قبل أن يعزَّ الدواء، فجمع أعلام الصحابة وذوي البصر منهم، وأجال الرأي بينه وبينهم في علاج هذه الفتنة، ووضع حدًّا لذلك الاختلاف، وحسم مادة هذا النزاع، فأجمعوا أمرهم على استنساخ مصاحف يُرسَل بها إلى الأمصار، وأن يُؤمَرَ الناس بإحراق كل ما عداها، وألَّا يعتمدوا سواها، وبذلك يرأب الصَّدْعَ، ويجبر الكسر، وتعتبر تلك المصاحف العثمانية الرسمية نورهم الهادي في ظلال هذا الاختلاف، ومصباحهم الكشاف في ليل تلك الفتنة، وحَكَمهم العدل في ذلك النزاع والمِراء، وشفاءهم الناجع من مصيبة ذلك الداء"[36].







وكان هذا من عثمان رضي الله تعالى عنه بعد أن جمع المهاجرين والأنصار، وجُلَّةَ أهل الإسلام، وشاورهم في ذلك، فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت من القراءات المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وطَرْحِ ما سواها، واستصوبوا رأيه، وكان رأيًا سديدًا موفَّقًا، رضي الله عنهم أجمعين.







[1] جامعة السلطان مولاي سليمان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال، المملكة المغربية.




[2] "سنن ابن ماجه"، كتاب المقدمة، باب: فضل من تعلم القرآن وعلمه، حديث رقم: 215.




[3] الإمام جعفر المستغفري، "فضائل القرآن"، تحقيق: محمد عثمان، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ص: 130، انظر أيضًا: "السبع" لابن مجاهد، ص: 47.




[4] الجوهري، "الصحاح"، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطَّار، دار العلم للملايين، بيروت، القاهرة، الطبعة الثانية، 1376هـ/ 1556م، ج: 3، ص: 1199.




[5] ابن منظور، "لسان العرب"، دار صادر بيروت، الطبعة الأولى، ج: 8، ص: 53.




[6] "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجه التأويل"، الزمخشري، تحقيق: محمود بن عمر الزمخشري أبو القاسم، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1430هـ/ 2009م، ط: 3، ج:1، ص: 1161.




[7] ابن جرير الطبري، "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، تحقيق: الدكتور بشَّار عوار معروف، وعصام فارس الحرستاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ/ 1994م، ج: 7، ص: 213.




[8] أخرجه البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، ج: 6، ص: 98.




[9] محمد عبدالعظيم الزرقاني، "مناهل العرفان"، ج: 1، ص: 115.




[10] أخرجه النسائي بسند صحيح، "السنن الكبرى"، رقم: 8064.




[11] محمد بن الجزري، "النشر في القراءات العشر"، تحقيق: علي محمد الضباع، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، ج: 1، ص: 6.




[12] المرجع السابق، ص: 6.




[13] "مناهل العرفان"، ج: 1، ص: 242.




[14] انظر: "جوامع السير"، لابن حزم، ص: 26.




[15] أخرجه ابن أبي داود، كتاب "المصاحف"، ص: 3.




[16] مناع القطان، "مباحث في علوم القرآن"، مكتبة وهبة، القاهرة، ص: 118.




[17] أخرجه الحاكم في "المستدرك"، بسند على شرط الشيخين: 6112.




[18] انظر: "مباحث في علوم القرآن"، لمناع القطان، ص: 121.




[19] أخرجه البخاري، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، ج: 6، ص: 98.




[20] قال الحارث المحاسبي في كتاب "فهم السنن": "كتابة القرآن ليست بمحدثة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرَّقًا في الرِّقاع والأكتاف والعُسُب، فإنما أمر الصدِّيق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعًا، وكان ذلك بمنزلة أوراق وُجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشرًا، فجمعها جامعٌ، وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء"؛ [الإتقان في علوم القرآن، ص: 385].




[21] "البرهان في علوم القرآن"، الزركشي، تحقيق: أبي الفضل الدمياطي، ص: 165.




[22] أخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب، قال: ((قدِمَ عمر، فقال: من كان تلقَّى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من القرآن، فليأتِ به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئًا حتى يشهد شاهدان))، وهذا يدل على أن زيدًا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبًا، حتى يشهد من تلقَّاه سماعًا، مع كون زيد كان يحفظ، فكان يفعل ذلك مبالغة من الاحتياط؛ [البرهان في علوم القرآن، ص: 165]، الحديث أخرجه ابن أبي داود، في كتاب "المصاحف"، ص: 10.




[23] "مباحث في علوم القرآن"، مناع القطان، ص: 122.




[24] "مناهل العرفان"، ص: 352.




[25] "مباحث في علوم القرآن"، ص: 122، بتصرف.




[26]- الشريشي الخراز، "منظومة مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن"، ص: 7.




[27]- نور الدين عتر، "علوم القرآن الكريم"، مطبعة الصباح، دمشق، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1414ه/ 1993م، ص: 172.




[28]- "مناهل العرفان"، ص: 255.




[29]- قال أبو عمرو الداني في "المقنع": أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف، جعله على أربعة نسخ وبعث إلى كل ناحية واحدًا: الكوفة، والبصرة، والشام، وترك واحدًا عنده، وقد قيل: إنه جعله سبع نسخ، وزاد إلى مكة، وإلى اليمن، وإلى البحرين، قال: والأول أصح وعليه الأئمة؛ [البرهان في علوم القرآن، ص: 169].




[30]- رواه البخاري في "صحيحه"، كتاب: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، ج: 6، ص: 99.




[31]- الزركشي، "البرهان في علوم القرآن"، ص: 169.




[32]- أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف"، ص: 97، 98.




[33]- محمد أبو زهرة، "المعجزة الكبرى القرآن"، ص: 42.




[34]- أخرجه ابن أبي داود بسند صحيح، انظر: "مباحث في علوم القرآن"، مناع القطان، ص: 125.




[35]- القرطبي، "الجامع لأحكام القرآن"، ص: 86.




[36]- "مناهل العرفان"، ص: 256، 257.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.61 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]