![]() |
|
|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#41
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1193 الفرقان حقيقة اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الشرط الثاني من شرطَي قَبول العمل الصالح؛ فيجب على كل مسلم ومسلمة طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألَّا يعبدَ الله إلا بما شرع، وهذا من معاني الإيمان بأنه رسول الله حقًا وصدقًا. من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم إن من أعظم ما يتقرب به المسلم والمسلمة إلى الله -تعالى- محبةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعتَه، ونشر سُنَّتِهِ والذَّبَّ عنها، فلا يتذوق العبد حلاوة الإيمان، إلا بتمام محبته - صلى الله عليه وسلم - ومن علامات محبته - صلى الله عليه وسلم - ما يلي: (1) الإيمان به وتصديقه فيما أخبر - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 136)، وقال -تعالى-: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (التغابن: 8).(2) توقيره حيًّا وميتًا وتوقير سُنَّته - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (الفتح: 8- 9)، وأثنى الله -تعالى- عليهم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157). (3) طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر، والاستجابة والامتثال لِشَرْعِهِ؛ فقد أوجب الله -تعالى- علينا طاعته - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (التغابن: 12)، وأخبر الله -تعالى- أن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي طاعة لله -تعالى-، فهما قرينتان؛ فقال -تعالى-: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (النساء: 80). (4) متابعته وترسُّم خُطاه وتطبيق سنته فهو الأسوة والقدوة الحسنة، والنموذج الكامل الجدير بالمتابعة، قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21)، وقال -تعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر: 7). من أدب الحديث عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب». حكم ترك الصلاة في جماعة ![]() من غدا إلى المسجد أو راح ![]() موعظة وتذكير إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن، من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات، فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات، إنهم بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم ولا سيما في القضايا المهمة التي حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة، كقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء، وكمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة التي أضرت الأمة أيما ضرر!. مَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة ![]() طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحذر من مخالفته أمر الله بطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقرن طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته، كما قرن بين اسمه واسمه، وحذَّر الله -سبحانه- من مخالفته أشد التحذير فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور:63)، وكذلك ألبس الله -سبحانه- الذلة والصغار لمن خالف أمره.
__________________
|
#42
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1194 الفرقان معرفة الله غاية كل مطلب إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل، بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله -[-، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه. الشباب وتعظيم الله -عز وجل إن من أهم الواجبات على الشباب في هذا العصر المادي الذي انتشرت فيه الدعوة إلى الإلحاد، وإنكار وجود الرب -سبحانه وتعالى-، هو تعظيم الله -عز وجل- وتقديره حق قدره، فكيف يفلح قلب ويسعد لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه؟ ومن عظَّم الله عرف أن الذل والخضوع والخشوع والانكسار لا يكون إلا له -سبحانه-، وعظّم شرعه، وعظّم دينه، وعرف مكانة رسله، وهذا التعظيم لله -سبحانه- يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام، بل إن روح العبادة في الإسلام هو التعظيم، ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى (العظيم)، وهو -جل وعلا- عظيم في أسمائه، وعظيم في صفاته، وعظيم في أفعاله، وعظيم في كلامه، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيجب على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه، ومن تعظيمه -سبحانه- أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يُخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه. من صفات الشاب المسلم الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)، وكان صلى الله عليه وسلم خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التفضيل بين الصحابة: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أي: أفضلكم أَحَاسنكم أخلاقا). ١ - الشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا). ٢- الشابُّ المسلم رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (آل عمران: 159)، ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا. ٣- الشاب المسلم لا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي، قَالَ: (لَا تَغْضَب فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ وإذا غضب لا يغضب إلَّا لله. 4- الشاب المسلم يتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ)، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق: 18). كن دائماً مع الله -عزوجل قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: احرص أن تكون دائماً مع الله -عز وجل- مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض، وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى- لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك. الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل من الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل- معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فإن العبد كلما كان أعظم معرفة بالله كان لله أحب ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد، وكيف يستقيم أمر البشرية وتصلح حال الناس دون معرفة بخالقهم وبارئهم ورازقهم، وينبغي أن يعلم أن معرفة الله -سبحانه- نوعان: الأول: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه المعرفة هي المصدر لكل خير، والمنبع لكل فضيلة، وأنفع الأمور الجالبة للمحبة. الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها قال الشيخ: بكر أبو زيد -رحمه الله-: على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19). علمني شيخي علمني شيخي أنَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- رضوان الله عليهم- هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة أمة الإسلام شرقاً وغرباً. حكم من مات على المعاصي ولم يتب قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: إنْ من مات على المعاصي ولم يتب فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يُطَهَّر من سيئاته، فإذا طُهِّرَ منها في النار أخرجه الله من النار إلى الجنة بفضل رحمته -جلَّ وعلا-، ولا يبقى في النار إلا الكفَّار، لا يُخلَّد فيها إلا الكفرة الذين قال فيهم -سبحانه-: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:167). حاجة الشباب إلى المنهج الصحيح الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج صحيح يعينهم على الخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات من الشهوات والشبهات الباطلة، منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات، إنهم بحاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى مَنهج الإسلام الهادي، مَنهج القرآن والسنة، الذي يستطيعون به النجاة من تلك الفتن، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).
__________________
|
#43
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1195 الفرقان أمتنا خير أمة على الشاب أن يعلم أن أمته هي خير أمة، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، وعليه أن يعلم أن أمته بقيت دهراً طويلاً رائداً للعالم، وأنه يجب أن تبقى لها هذه الريادة، وذلك لا يتحقق إلا بالالتزام بتعاليم الإسلام. من عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب غرس الإيمان في نفوسهم حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على غرس الإيمان في نفوس الشباب حتي لا ينحرفوا يمنة أو يسرة عن منهج الله -عز وجل-: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»، فنجده - صلى الله عليه وسلم - «خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى»، وفي الحديث حثٌّ للشباب للإقبال على الله -عز وجل-، والنشأة في عبادته -سبحانه وتعالى- من مقتبل عمرهم وريعان شبابهم، وبذلك يستحقون هذه المكانة الرفيعة، وخصهم بذلك؛ لأن سن الشباب قد يغري بمواقعة المعاصي واقتراف الذنوب، نظرا لما يغُلب على المرء من التسويف، وما قد يتاح له من الأسباب المؤدية إلى المعاصي أو المعينة عليها، كالصحة، والفراغ». ملاطفة الخلق قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به». الشباب والالتفاف حول العلماء الثقات قال الله -تعالى-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83)، والشاب المسلم لا توجهه عاطفته، ولا تقوده حماسته، إنما يسير على طريق الهداية بتوجيه العلماء الثقات، والشيوخ الكبار، ممن لهم علم واسع، وتجارب نافعة، فيهتدي بنصحهم، ويعمل بمشورتهم، ويُرجى أن يكون بعد ذلك أكثر نفعاً لأمته، ودينه، ويكون أكثر حماية ممن يكيد بالشباب لصرفهم عن رسالة الحق، ونشر النور في الأرض. طيش الشباب قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يكثر الطيش في الشباب؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها شبابُه فيما أبلاه، وإن لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك. الشباب هم العمود الفقري للأمة قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: «الشباب في أي أمَّة من الأمم هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة، والحيوية؛ إذ لديهم الطاقة المنتجة، والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمَّة من الأمم -غالباً- إلا على أكتاف شبابها الواعي، وحماسته المتجددة، ولقد علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة، فسعوا إلى وضع العراقيل في طريقهم، أو تغيير اتجاههم، إما بفصلهم عن دينهم، أو إيجاد هوة سحيقة بينهم وبين أولي العلم، والرأي الصائب، في أمتهم، أو بإلصاق الألقاب المنفِّرة منهم، أو وصفهم بصفات ونعوت، غير صحيحة، وتشويه سمعة من أنار الله بصائرهم في مجتمعاتهم». من أدب الحديث عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب». الأعرابي أعقل من الملحدين من يسمون أنفسهم بـ»الملحدين» يدَّعون أن هذا الكون كله بمجراته وفضائه ونجومه وكواكبه جاء بمحض الصدفة! وأنه لا خالق له، ولا إله له! تعالى الله عما يهرفون! لقد كان الأعرابي الأمي الذي يعيش في وسط الصحراء أعقل منهم وأعلم، فقد سئل بعض الأعراب: بم عرفت ربك؟ فقال: «البعرة تدل على البعير، والروث يدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وبحار ذات أمواج، أما يدل ذلك على العليم القدير». همة الشباب وهمومهم على الشباب أن تكون همتهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء، وعليهم أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أداء الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة به في جميع الأمور، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد المشروعة كأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والركوب، ونزول المكان، وغير ذلك، وعليهم أن يعلموا أن قدوتهم الحقيقية هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وليحذروا من التقليد الأعمى الذي يفقدهم شخصيتهم وهويتهم. قاعدة في حسن الخلق أحسن إلى المسيء تملك قلبه قال الله -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى -: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، هذه قاعدة مهمة في حسن الخلق، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ فعلى الشباب أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد غضبًا وتبجُّحًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.
__________________
|
#44
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1196 الفرقان الشباب الذين نفتخر بهم إن الشباب الذين نفتخر بهم، هم الشباب الذين تمسكوا بدينهم وأخلاقهم الإسلامية النابعة من كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى، هم الشباب العاملون بما يجب عليهم من واجبات تجاه أمتهم وبلادهم والذود عنها وعن مقدساتها والعمل على رخائها وسعادتها وعزها وكرامتها، هؤلاء هم الشباب الذين تفتخر الأمة وتعتز بهم. الفتح الأيوبيّ لبيت المقدس عزم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- على فتح بيت المقدس وطرد الصليبيين منه، وذلك بعد فتح عسقلان وما جاورها من المدن؛ حيث أدرك سكان بيت المقدس أنَّهم محاصرون، وأنَّ مصيرهم كمصير بقية المدن التي فتحها صلاح الدين الأيوبيّ. ولذلك أرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين، فعرض عليهم صلاح الدين تسليم المدينة بالشروط التي استسلمت بها المدن الأخرى، ومنها الأمان على الأرواح، والنساء، والأولاد، والأموال، والسماح لأيّ شخص بالخروج سالمًا من المدينة، ولكنَّهم رفضوا تسليمها، واستمرّ صلاح الدين في عرض شروطه على سكان بيت المقدس؛ وذلك تجنّبًا للعنف، ولكنَّهم أصرّوا على الرفض، فقرر -رحمه الله- اقتحام المدينة، وفي العشرين من شهر أيلول عام 1187م وصل صلاح الدين إلى مدينة القدس، وعسكر أمام أسوارها وحاول البدء في المهاجمة، ولكنَّه وجدها محكمة الجانب ومليئةً بالمقاتلين، وأخذ بالطواف حول المدينة مدّة خمسة أيام، وفي الليل نصبوا المجانيق، وبدأت ضربات المجانيق بين الطرفين، ولمَّا أدرك الصليبيين أنَّهم على وشك الهلاك، عقدوا اجتماعًا بينهم، وقرّروا طلب الأمان، وأرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين لتحقيق ذلك، وكان من شروطهم احترام الصليبيين الموجودين في المدينة، والسماح لمن يشاء بمغادرتها، وبعد التشاور سُمح للصليبيين بمغادرة المدينة مقابل الشروط التي حدّدها صلاح الدين، وهكذا استطاع فتح بيت المقدس، ودخلها فاتحًا في يوم الجمعة الموافق الثاني من تشرين الأول (أكتوبر). مهمتك في الحياة إن للمسلم دورًا كبيرًا ومهما في هذه الحياة، ومن أجله خلق الله -عزوجل- الثقلين، وهو عبادته وحده لا شريك له، وأرسل الله -سبحانه- الرسل -عليهم الصلاة والسلام- لدعوة الناس إلى هذا الواجب وتوضيح هذا الأمر العظيم وتبصيرهم في ذلك وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم عما سواه، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 56-58) فأبان -سبحانه وتعالى- أنه خلق الثقلين ليعبدوه وحده لا شريك له، خلقهم لعبادته وتعظيمه والخضوع والذل له بفعل أوامره وترك نواهيه، عن محبة خاصة وعن صدق وإخلاص وعن رغبة ورهبة. هنيئًا لهؤلاء الشباب هنيئًا لشباب أتقياء تعلقت قلوبهم بالمساجد ومجالس العلم والخير وعمل الصالحات، واغتنموا شبابهم قبل هرمهم، وصحتهم قبل سقمهم، وغناهم قبل فقرهم، وفراغهم قبل شغلهم، وحياتهم قبل مماتهم، هنيئًا لشباب تسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36). الصراع بين الحق والباطل قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه-: أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام وغيرهم للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل، حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق». حقيقة الإسلام قال البشير الإبراهيمي -رحمه الله-: أهتف بشباب الإسلام ليعلموا أنَّ الإسلام ليس لفظًا تلوكه الألسنة المنفصلة عن القلوب، إنما الإسلام هو إسلام الوجه لله، هو المعنى الذي خالطت بشاشته قلب نبي التوحيد إبراهيم -عليه السلام-، فقال: أسلمت وجهي، وتذوقته بلقيس حين هداها الله -تعالى- فقالت: وأسلمت مع سليمان، هو استسلام الجوارح -وسلطانها القلب- لله ولعظمته وقدرته، وعلمه حتى توحده وحده، وتعبده وحده، وتدعوه في النائبات وحده، وتنيب إليه وحده، وتُذعن إلى سلطانه وحده، وتخشاه وحده. فتح بيت المقدس قام خليفة المسلمين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بفتح بيت المقدس؛ إذ تمكّن من فتحها في السنة الخامسة أو السادسة عشرة للهجرة، واستمرَّ بيت المقدس تحت حكم المسلمين مدّة خمسة قرون، وفي أثناء حكم العبيديين للشام وقع بيت المقدس تحت سيطرة الصليبيين، ومكث تحت سيطرتهم مدّة تسعين عاماً، وبعد ذلك تمكّن المسلمون -في ظل حكم الأيوبيين- من استرجاعه، وبقي في رحاب المسلمين لمدّة تجاوزت ثمانية قرون، وفي أواسط القرن الهجري الماضي سيطر اليهود على بيت المقدس إلى الآن. من واجبات الشباب في زمن الفتن حتى ينجو الشاب المسلم في زمن الفتن، عليه العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها، والقيام بشروطها ولوازمها، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، والحفاظ على صوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله، وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى المسلمين وعدم التسبب في أذيتهم بأي نوع من الأنواع. بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُدخِل السُّرور على أمثالنا ممَّن لم يُتَحْ لهم شرفُ الصُّحبة بسبب مُرور الزمان، فجعَل المسلمين كلَّهم إخوانه، كما جاء في حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخَل المقبرة فقال: «السلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا - إنْ شاء الله - بكم لاحِقون، وَدِدت أنَّا رأينا إخواننا»، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك؟! قال: «أنتم أصْحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ». قالوا: كيف تعرفُ مَن لم يأتِ بعدُ من أمَّتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أنَّ رجلاً له خيلٌ غرٌّ محجَّلة بين ظَهراني خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟». قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: «فإنهم يَأتُون غُرًّا محجَّلين من الوضُوءِ...» الحديث، وهذا شرفٌ لِمَن رُزِقَ ذلك، جعَلَنا الله منهم.
__________________
|
#45
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1197 الفرقان ثمرة تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة أثمرت تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه للصحابة جيلاً مجاهداً شجاعاً يبذل النفس والمال، ويضحي بكل ما يملك في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ونصرة دين الله، ولقد كان للشباب بطولات رائعة ومواقف خالدة، في نصرة دين الله -عزوجل- والدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم . أثر توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشباب لقد بلغ المنهاج النبوي غايته وحقّق أهدافه في تربية شباب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فقد برز الشباب في جوانب كثيرة في العلم والإيمان، والدعوة والجهاد، وسائر الأعمال الصالحة. فهذا معاذ بن جبل يأتي إمامًا للعلماء يوم القيامة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة إمام العلماء برتوة»، ولقد كانوا أعلم الناس بكتاب الله، وأجمع الناس له، وأدرى الناس بمعانيه وأحكامه، قال عبدالله بن مسعود: ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأخذ القرآن من الشباب: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل»، وقد أمر أبوبكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن؛ مما يؤكد مكانة الشباب، ولقد أثمرت توجيهاته - صلى الله عليه وسلم - جيلاً مؤمناً محباً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد شهد بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حينما قال: «لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله». أضعف الإيمان تجاه قضية فلسطين من أضعف الإيمان أن يجعل المسلم في قلبه همَّ تحرير المسجد الأقصى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إنه إذا لم يُجاهد فليُحدِّث نفسه، يقول: لعله يتيسر لي، ينوي في قلبه: إذا تيسر لي جاهدتُ، إذا أمكن لي جاهدتُ، يعني: يكون في قلبه، في باله شيء من هذا المعنى، ما يكون غافلًا، يرجو ما عند الله -جلَّ وعلا-، وما ذاك إلا لأنَّ الجهاد نصرٌ لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، ودعوة إلى ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها، وتقوية للمؤمنين، وإعزاز لهم. ![]() واجبنا تجاه المسجد الأقصى فلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثالث المسجدين، وعلى المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى أمور عدة أهمها ما يلي:
![]() من صفات الشباب المستقيم قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الشباب المستقيم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب، والشقاء له أسباب، شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان كما يحب أن يعاملوه بها؛ فلا خداع ولا غش ولا التواء ولا كتمان. ![]() صمود شباب الصحابة أمام الدنيا وزينتها كان من ثمرات تربيته النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب صمودهم أمام الدنيا وزينتها، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يمتحن معاذ بن جبل وأبا عبيدة بن الجراح بالمال، فأعدّ عمر لكل واحدٍ منهما أربعمائة دينار، وجعل كل واحدة في صرة، وقال للغلام: اذهب بها إلى معاذ ثم إلى أبي عبيدة، وتشاغل في البيت قليلاً لتنظر ما يصنع كلٌ منهما، فما كان من معاذ إلا أن فرّقها جميعًا ولم يبق لأهله إلا دينارين، وكذلك فعل أبو عبيدة، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسُرّ بذلك عمر وفرح وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض. الرحمة من الإيمان كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه؛ فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ الله -تعالى- المقصود المعبود رحيم، يحب الرحماء، ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. مواقف خالدة لا تنسى لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل؛ ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففعل كذلك. من آداب الصحابة -رضي الله عنهم لقد تربى ذلك الجيل من الصحابة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتصفوا بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة، والآداب النبيلة، ومن جملة هذه الآداب، الأدب مع الوالدين والبر بهما، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه يعمد إلى نخلة فينقرها ويخرج جمارها فيطعمها أمه، فقال له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها.
__________________
|
#46
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1198 الفرقان شبابنا وقضية فلسطين أثبتت الأحداث الأخيرة في غزة أن قضيّة فلسطين تحتل مكانة متميزة في قلوب كثير من شباب الأمة العربية والإسلامية وعقولهم وفكرهم، في ظل جهود عديدة سعت لتغييب هذه القضية من ذاكرة المجتمعات المسلمة، وحصرها ببعدها الداخلي فقط؛ لذلك من الضروري التركيز على بناء الوعي بقضايا الأمة في قلوب الشباب والناشئة وعقولهم، لتكون دائمًا على رأس أولوياتهم حتى نخرج أجيالا مهتمة بأمتها ومدركة لما يحيط بها من أخطار. عناية الإسلام بالشباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه -تعالى-، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». اعتنت السنة النبوية بالشباب عنايـة خاصة، تتجلى في الإشــادة بكل شاب طبـع حياته بطابـع الاستقامـة وروح الامتثال والتقـوى، وخاف الله في جميع حركاتـه، كما نجــد أن القرآن الكريم كذلك خـص الشباب بالتوجيه من خـلال القصص التي ساقها؛ تكريمـا للشباب الذي سبق ظهــور الإسلام، واستحق الفضـل بما حاز من كريم الصفات وجلائـل الأعمال، يقول الله -تبارك وتعالى-، في سورة الكهف، {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، فبهـذه الآيات ومثلهـا أشار القرآن الكريم إلى أن الشباب قد خلد في الصالحــات ذكره بما أوتى من عقل وتبصر وحكمة، والقرآن الكريم يسوق لنا القصص للاستفادة والتثبيت مصداقــا لقوله -تعالى-: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، ومن هنا نلاحـظ الغاية المقصودة في إظهــار العناية بالشباب وحثه على اقتباس السنن الحسنة من ماضي الأمم السابقة. القراءة أساس العلم والمعرفة في عصرنا الحديث تعددت وتنوعت وسائل اكتساب العلم والمعرفة ما بين وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولكن مع كثرة هذه الينابيع واختلافها تبقى القراءة هي أساس العلم والمعرفة، ومفتاح الرقي والحضارة، وسبب التقدم والتطور، ولا يمكن أن تتقدم أمة أبناؤها قد هجروا القراءة ونبذوا العلم، ولما كان الإسلام دين العلم، والعلم أصله القراءة والكتابة، كانت أول كلمة نزل بها الوحي، ونطق بها الشرع هي الأمر بالقراءة والكتابة والتعلم {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق)؛ لذلك يجب علينا أن نعي ونستشعر أنه لا سبيل للارتقاء والتقدم إلا عن طريق القراءة، ونشر حبها وأهميتها بين أطياف المجتمع ولا سيما جيل الشباب. احفظ الله يحفظك روى الترمذيُّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وقوله: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك، يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده في الشدائد. فائدة جامعة في التوبة وشروطها ![]() الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر ![]() الرحمة من الإيمان ![]() قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -[-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ إلهنا المقصود المعبود رحيم يحب الرحماء ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. من مشكلات الشباب الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، أو الإيمان بعقائد الدين نظريا وتركها عمليا من أهم المشكلات التي تواجه شبابنا في العصر الحالي، قال الله - تعالى -: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله؛ فاحذروا أيها الشباب أن تكونوا من هؤلاء، فالإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق؛ ولذلك ستدين بالدين الباطل، وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية: أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه». الشباب والدعوة إلى الله حفظت لنا سير الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- نماذج فريدة من جهود الشباب المبارك في الدعوة، فلقد كان جُلّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابًا طاهرًا زاكيًا مباركًا، وكانت لهم جهود مباركة في السبق إلى الإسلام وقت الغربة والتعليم والتربية والدعوة، والصبر عند المحنة والمبادرة إلى الهجرة والنصرة، فهنيئًا لمن سلك طريقهم واقتدى بهم واهتدى بهديهم.
__________________
|
#47
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1199 الفرقان القدس للمسلمين مهما طال الزمان بقي المسجد الأقصى في أيدي الصليبيين قرابة التسعين عامًا، حتى حرَّره صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وما نسي المسلمون أبداً طيلة تلك السنوات قضية القدس والمسجد الأقصى، فبقاؤها في أذهاننا حاضرة واجب من الواجبات مهما تردَّت أوضاعنا، وساءت أحوالنا، ومهما نزل بنا من البلاء، ولابد أن نكون موقنين بموعود الله -تعالى- للمؤمنين: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، فالقدس لنا مهما طال الزمان أو قصر. الشباب ومعالي الأمور روى الإمام البيهقي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها»، ومعالي الأمور: هي الأمور الجليلة، رفيعة القدر عالية الشأن. سميت بذلك؛ لأنها في الأعمال من أجلها وأعلاها، أو لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة التي تنبئ عن خسة نفس صاحبها وهمته، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الإنسان بالمعالي ويكره السفاسف إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، فتتطلع إرادته إلى طلب الكمالات والمراتب العالية، فكلما عظمت الهمم علت المطالب، كما قال ابن تيمية رحمه الله -تعالى-: العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب؛ لذلك فإن الإنسان المسلم يجب أن يكون عالي الهمة صاحب هدف كبير، حتى إذا جاءت الفرصة استغلها فإن الفرص ربما لا تتكرر. أعظم قدوة لشبابنا إن نهضة الأمم تتوقف كثيرًا على إظهار القدوات الصالحة، وكثرة النماذج الطيبة، وإحياء تاريخ الأماجد من أبنائها وعلمائها، وحرص الشباب والناشئة وأبناء الأمة على اتخاذ الأماثل وأصحاب الهمم العالية والمنجزات الرائعة إسوة وقدوة، هو سبيل الصلاح والفلاح، وقد ربى الله هذه الأمة على ذلك، وأمرها أن تتخذ لها قدوة وإسوة، وأنها لن تجد أعظم من رسولها صلوات الله عليه ليكون في مقدمة من تقتدي بهم، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب). الشباب وصلاة الفجر صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ -[- قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». من الموفق حقا؟
إذا أردت معرفة تقصيرك فانظر إلى حال من سبقك ![]() ثمار التقوى ![]() هل أنت متقدم أم متأخر؟ قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(المدثر:35-37)، فمن لم يتقدم بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ بالأعمال السيئة. المعالي لا تنال بالأماني إنما تنال المعالي بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، وإنما الأماني رأس مال المفاليس؛ لما قال ربيعة - رضي الله عه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السُّجود»، وقال لابن عمر - رضي الله عنه -: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها. النفس على ما عودتها إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون! فإن الراضي بالدون دنيء، وإن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب رضا الله، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة. من زكاة النفس حسن أخلاقها لو أن الإنسان سمع ما يقول الناس وما يعترضون به ما مشي خطوة، لكن أنت أصلح ما بينك وبين الله ولا يهمك أحد؛ فإذا التمست رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، وكفاك مؤونتهم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 37 ( الأعضاء 0 والزوار 37) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |