فصل في السحر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853344 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388506 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213934 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-12-2020, 06:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي فصل في السحر

فصل في السحر
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك








قوله: "ويكفر ساحرٌ يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه، لا كاهن، ومُنجم، وعرَّاف، وضارب بحصى، ونحوه، إن لم يعتقد إباحته، وأنه يعلم به الأمور المغيبة ويعزر، ويكف عنه، ويحرم طلسم ورُقية بغير العربي، ويجوز الحل بسحر ضرورة"[1].







قال في "المقنع": "فصل: والساحر الذي يركب في المكنسة وتسير به في الهواء ونحوه يكفر ويُقتل، فأما الذي يسحر بالأدوية والتدخين وسقي شيء يضر فلا يكفر ولا يُقتل، ولكن يُعزر ويُقتص منه إن فعل ما يوجب القصاص، فأما الذي يعزم على الجن، ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يُقتل، وذكره أبو الخطاب في السحرة الذين يُقتلون"[2].








وقال في "المغني": "فصل: في السحر، وهو عُقد ورُقى وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئًا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة، فمنه ما يقتل وما يُمرض، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يُفرق بين المرء وزوجه، وما يُبغض أحدهما إلى الآخر "1042أ"، أو يُحبب بين اثنين، وهذا قول الشافعي[3]، وذهب بعض أصحابه[4]: أنه لا حقيقة له، إنما هو تخييل؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66].








وقال أصحاب أبي حنيفة[5]: إن كان شيئًا يصل إلى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه ذلك، فأما أن يحصل المرض والموت من غير أن يصل إلى بدنه شيء فلا يجوز ذلك؛ لأنه لو جاز لبطلت معجزات الأنبياء عليهم السلام؛ لأن ذلك يخرق العادات، فإذا جاز من غير الأنبياء بطلت معجزاتهم وأدلتهم.








ولنا[6]: قول الله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 1 - 4].








يعني: السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه، ولولا أن السحر له حقيقة لما أمر الله تعالى بالاستعاذة منه.








وقال الله تعالى: ﴿ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾... إلى قوله: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102].








وروت عائشة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُحر حتى إنه ليُخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وأنه قال لها ذات يوم: "أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته؟ إنه أتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم في مُشط ومشاطة في جف طلعة ذكر، في بئر ذي أروان"[7].








ذكره البخاري وغيره، جُف الطلعة: وعاؤها، والمُشاطة: الشعر الذي يخرج من شعر الرأس أو غيره إذا مُشط، فقد أثبت لهم سحرًا.








وقد اشتهر بين الناس وجود عقد الرجل عن امرأته حين يتزوجها، فلا يقدر على إتيانها، وحل عقده فيقدر عليها بعد عجزه عنها حتى صار متواترًا لا يمكن جحده "1042ب".








ورُوي من أخبار السحرة ما لا يكاد يمكن التواطؤ على الكذب فيه، وأما إبطال المعجزات فلا يلزم من هذا؛ لأنه لا يبلغ ما يأتي به الأنبياء عليهم السلام، وليس يلزم أن ينتهي إلى أن تسعى العصي والحبال.








إذا ثبت هذا: فإن تعلم السحر وتعليمه حرام، لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم[8]، قال أصحابنا[9]: ويكفر الساحر بتعلمه "وفعله"[10]، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته.








ورُوي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكفر[11]، فإن حنبلًا روى عنه قال: قال عمي في العراف والكاهن والساحر: أرى أن يُستتاب من هذه الأفاعيل كلها، فإنه عندي في معنى المرتد، فإن تاب وراجع - يعني: يُخلى سبيله - قلت له: يُقتل؟ قال: لا، يُحبس، لعله يرجع، قلت له: لم لا تقتله؟ قال: إذا كان يصلي لعله يتوب ويرجع.








وهذا يدل على أنه لم يُكفره؛ لأنه لو كفره لقتله، وقوله: في معنى المرتد يعني: في الاستتابة.



وقال أصحاب أبي حنيفة[12]: إن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء كفر، وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر.








وقال الشافعي[13]: إن اعتقد ما يوجب الكفر، مثل التقرُّب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس، أو اعتقد حل السحر كفر؛ لأن القرآن نطق بتحريمه، وثبت بالنقل المتواتر، والإجماع عليه[14]، وإلا فُسق ولم يُكفر؛ لأن عائشة رضي الله عنها باعت مُدبرة لها سحرتها[15] بمحضر من الصحابة، ولو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها، ولم يجز استرقاقها، ولأنه شيء يضر بالناس فلم يُكفر بمجرده كأذاهم.








ولنا[16]: قول الله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ﴾... إلى قوله: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾، أي: وما كفر سليمان، وما كان ساحرًا كفر بسحره "1043أ"، وقولهما: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾، أي: لا تتعلمه فتكفر بذلك[17].








وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن امرأة جاءتها فجعلت تبكي بكاء شديدًا، وقالت: يا أم المؤمنين، إن عجوزًا ذهبت بي إلى هاروت وماروت، فقلت: علماني السحر، فقالا: اتقي الله ولا تكفري، فإنك على رأس أمرك.








فقلت: علماني السحر، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، ففعلت فرأيت كأن فارسًا مقنعًا في الحديد خرج مني حتى طار فغاب في السماء، فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقالا: ذلك إيمانك، فذكرت باقي القصة...








إلى أن قالت: والله يا أم المؤمنين، ما صنعت شيئًا غير هذا، ولا أصنعه أبدًا، فهل لي من توبة؟ قالت عائشة: ورأيتها تبكي بكاء شديدًا، فطافت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون تسألهم: هل لها من توبة؟ فما أفتاها أحدٌ إلا ابن عباس، قال لها: إن كان أحد من أبويك حيًا فبُريه، وأكثري من عمل البر ما استطعت[18].








وقول عائشة قد خالفها فيه كثيرٌ من الصحابة، وقال علي رضي الله عنه: الساحر كافر. ويحتمل أن المدبرة تابت فسقط عنها القتل والكفر بتوبتها، ويحتمل أنها سحرتها بمعنى: أنها ذهبت إلى ساحر سحر لها.







فصل: وحدُّ الساحر القتل، رُوي ذلك عن عمر وعثمان بن عفان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس بن سعد وعمر بن عبد العزيز، وهو قول أبي حنيفة[19] ومالك[20].








ولم ير عليه الشافعي[21] القتل بمجرد السحر، وهو قول ابن المنذر[22]، ورواية عن أحمد[23] قد ذكرناها.








ووجه ذلك: أن عائشة رضي الله عنها باعت مُدبرة سحرتها[24]، ولو وجب قتلها لما حل بيعها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كُفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق"[25]، ولم يصدر منه أحد الثلاثة فوجب ألا يحل دمه.








ولنا[26]: ما روى جُندب بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حد الساحر ضربة بالسيف[27]" "1043ب". قال ابن المنذر[28]: رواه إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف. وروى سعيد وأبو داود في كتابيهما عن بجالة قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية - عم الأحنف بن قيس - إذ جاءنا كتاب عُمر قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحر، فقتلنا ثلاث سواحر في يوم[29]. وهذا أشهر فلم ينكر فكان إجماعًا. وقتلت حفصة جارية لها سحرتها[30]. وقتل جُندب بن كعب ساحرًا كان يسحر بين يدي الوليد بن عقبة[31]. ولأنه كافر فيُقتل؛ للخبر الذي رووه.







فصل: وهل يُستتاب الساحر؟ فيه روايتان[32]:



إحداهما: لا يُستتاب، وهو ظاهر ما نُقل عن الصحابة، فإنه لم يُنقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحرًا، وفي الحديث الذي رواه هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة: أن الساحرة سألت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون، هل لها من توبة[33]؟ فما أفتاها أحد، ولأن السحر معنى في قلبه لا يزول بالتوبة فيشبه من لم يتب.








والرواية الثانية: يُستتاب، فإن تاب قُبلت توبته؛ لأنه ليس بأعظم من الشرك، والمشرك يُستتاب، ومعرفته السحر لا تمنع قبول توبته؛ فإن الله تعالى قبل توبة سحرة فرعون، وجعلهم من أوليائه في ساعة، ولأن الساحر لو كان كافرًا فأسلم صح إسلامه وتوبته، فإذا صحت التوبة منهما صحت من أحدهما كالكفر، ولأن الكفر والقتل إنما هو بعمله بالسحر لا بعلمه؛ بدليل الساحر إذا أسلم، والعمل به يمكن التوبة منه، وكذلك اعتقاد ما يكفر باعتقاده يمكن التوبة منه كالشرك.








وهاتان الروايتان في ثبوت حكم التوبة في الدنيا من سقوط القتل ونحوه، فأما فيما بينه وبين الله تعالى، وسقوط عقوبة الدار الآخرة عنه فيصح؛ فإن الله تعالى لم يسُد باب التوبة عن أحد من خلقه، ومن تاب إلى الله قبل توبته، لا نعلم في هذا خلافًا "1044أ".







فصل: والسحر الذي ذكرنا حكمه هو الذي يُعد في العرف سحرًا، مثل فعل لبيد بن الأعصم حين سحر النبي صلى الله عليه وسلم في مُشط ومُشاطة[34].








وروينا في "مغازي الأموي": أن النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد، فهام مع الوحش فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمسكه إنسان فقال: خلني وإلا مت، فلم يُخله فمات من ساعته[35].








وبلغنا: أن بعض الأمراء أخذ ساحرة فجاء زوجها كأنه مُحترق، فقال: قولوا لها تحل عني، فقالت: ائتوني بخيوط وباب، فجلست على الباب حين أتوها به وجعلت تعقد، وطار بها الباب فلم يقدروا عليها.








فهذا وأمثاله مثل أن يُعقد الرجل المتزوج فلا يُطيق وطء زوجته، هو السحر المختلف في حكم صاحبه، فأما الذي يُعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن ويأمرها فتطيعه، فهذا لا يدخل في هذا الحكم ظاهرًا، وذكره القاضي وأبو الخطاب في جملة السحرة.








وأما من يحل السحر فإن كان بشيء من القرآن، أو شيء من الذكر والأقسام والكلام الذي لا بأس به فلا بأس به، وإن كان بشيء من السحر فقد توقف أحمد عنه[36]، قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سُئل عن رجل يزعم أنه يُحل السحر فقال: قد رخَّص فيه بعض الناس.








قيل لأبي عبد الله: إنه يجعل في الطِّنجير ماء ويغيب فيه، ويعمل كذا، فنفض يده كالمنكر، وقال: ما أدري ما هذا؟



قيل له: فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر؟ فقال: ما أدري ما هذا؟



وروي عن محمد بن سيرين: أنه سُئل عن امرأة يعذبها السحرة، فقال رجل: أخط خطًا عليها، وأغرز السكين عند مجمع الخط، وأقرأ القرآن. فقال محمد: ما أعلم بقراءة القرآن بأسًا على حال، ولا أدري ما الخط والسكين؟



وروي عن سعيد بن المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته فيلتمس من يداويه، فقال: إنما نهى الله عما يضرُّ، ولم ينه عما ينفع.



وقال أيضًا: إن استطعت أن تنفع أخاك فافعل. فهذا من قولهم يدل على أن المُعزم ونحوه لم يدخلوا في حكم السحرة، لأنهم لا يُسمون به، وهو مما ينفع ولا يضر "1044ب".








فصل: فأما الكاهن الذي له رئي من الجن يأتيه بالأخبار، والعرَّاف الذي يحدس ويتخرص، فقد قال أحمد في رواية حنبل في العراف والكاهن والساحر: أرى أن يُستتاب من هذه الأفاعيل. قيل له: يُقتل؟ قال: لا، يُحبس؛ لعله يرجع.



قال: والعرافة طرف من السحر، والساحر أخبث؛ لأن السحر شعبة من الكفر.



وقال: الساحر والكاهن حكمهما القتل أو الحبس حتى يتوبا؛ لأنهما يلبسان أمرهما.



وحديث عمر: اقتلوا كل ساحر وكاهن[37].



وليس هو من أمر الإسلام، وهذا يدل على أن لكل واحد منهما فيه روايتان:



إحداهما: أنه يُقتل إذا لم يتب.








والثانية: لا يُقتل؛ لأن حكمه أخف من حكم الساحر وقد اختلف فيه، فهذا بدرء القتل عنه أولى.








فصل: فأما ساحر أهل الكتاب فلا يقتل لسحره إلا أن يقتل به، وهو مما يُقتل به غالبًا فيُقتل قصاصًا.



وقال أبو حنيفة[38]: يُقتل؛ لعموم ما تقدم من الأخبار، ولأنه جناية أوجبت قتل المسلم فأوجبت قتل الذمي كالقتل.








ولنا[39]: أن لبيد بن الأعصم سحر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتله[40]، ولأن الشرك أعظم من سحره، ولا يُقتل به، والأخبار وردت في ساحر المسلمين؛ لأنه يكفر بسحره، وهذا كافر أصلي، وقياسهم ينتقض باعتقاد الكفر والمتكلم به، وينتقض بالزنى من المحصن، فإنه لا يُقتل به الذمي عندهم، ويُقتل به المسلم، والله أعلم"[41].








وقال في "الإفصاح": "باب كيفية السحر، وأجمعوا على أن السحر له حقيقة[42] إلا أبا حنيفة[43]، فإنه قال: لا حقيقة له عندي[44].








واختلفوا في من يتعلم السحر ويستعمله:



فقال أبو حنيفة[45] ومالك[46] وأحمد[47]: يكفر بذلك، إلا أن من أصحاب أبي حنيفة[48] من فصَّل فقال: من تعلمه ليتقيه، أو ليتجنبه فلا يكفر بذلك، وإن تعلمه "1045أ" معتقدًا لجوازه، أو معتقدًا أنه ينفعه فإنه يكفر، ولم ير الإطلاق، وإن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر.








وقال الشافعي[49]: إذا تعلم السحر قلنا له: صف سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر بمثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يُلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر.



يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-12-2020, 06:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر

فصل في السحر
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







وهل يُقتل بمجرد تعلمه أو استعماله؟
فقال مالك وأحمد: يُقتل بمجرد ذلك وإن لم يقتل به[50].
وقال أبو حنيفة[51] والشافعي[52]: لا يُقتل بذلك، فإن قتل بالسحر قُتل عندهم، إلا أبا حنيفة[53] فإنه قال: لا يُقتل حتى يتكرر ذلك منه.
وروي عنه[54] أنه قال: لا يُقتل حتى يُقر: إني قتلت إنسانًا بعينه.


واختلفوا، هل يُقتل قصاصًا أو حدًا؟
فقال أبو حنيفة[55] ومالك[56] وأحمد[57]: يُقتل حدًا.
وقال الشافعي: يُقتل قصاصًا[58].


واختلفوا، هل تُقبل توبته؟
فقال أبو حنيفة[59] في المشهور عنه ومالك[60]: لا تُقبل توبته ولا تُسمع، قولًا واحدًا.
وقال الشافعي[61]: تُقبل توبته قولًا واحدًا، وعن أحمد روايتان[62]، أظهرهما: لا تُقبل توبته، والأخرى: تُقبل توبته كالمرتد.
واختلفوا في ساحر أهل الكتاب، فقال مالك[63] والشافعي[64] وأحمد[65]: لا يُقتل، وقال أبو حنيفة[66]: يُقتل.


واختلفوا في المسلمة الساحرة:
فقال مالك[67] والشافعي[68] وأحمد[69]: حكمها حُكم الرجل.
وقال أبو حنيفة[70]: تُحبس ولا تقل"[71].
وقال في "الفروع": "فصل: ويكفر الساحر بمجرد تعلمه كاعتقاد حله، وعنه[72]: لا يكفر بذلك، اختاره ابن عقيل وجزم به في "التبصرة"، وكفره أبو بكر بعمله، قال في "الترغيب": وهو أشد ترحيمًا، وقد حمل ابن عقيل كلام أحمد في تكفيره على المعتقد له، وأن فاعله يُفسق ويُقتل حدًا لا لكفره، فعلى الأول يُقتل، وهو من يركب مكنسة فتسير به في الهواء ونحوه، وكذا قيل في المُعزم على الجن "1045ب" ومن يجمعها بزعمه، وأنها تطيعه بما يأمرها به، وكاهن وعراف، وقيل: يُعزر، وقيل: ولو بقتله.


وذكر في "الترغيب": أن الكاهن والمنجم كالساحر عند أصحابنا، وأن ابن عقيل فسقه فقط إن قال: أصبت بحدسي وفراستي، فإن أوهم قومًا بطريقته أنه يعلم الغيب قُتل؛ لسعيه في الأرض الفساد.


قال شيخنا: التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية نوع من السحر، وذلك محرم إجماعًا[73]، وقد أقر أولهم وآخرهم أن الله تعالى يدفع عن أهل العبادة الدعاء ببركته ما زعموا أن الأفلاك توجبه، وأن لهم من ثواب الدارين ما تعجز الأفلاك عن جلبه.


ومن سحر بشيء من الأدوية والتدخين، أو سقى بشيء مُضر عُزر، وقيل: ولو بالقتل، وذكر القاضي وتبعه الحلواني أنه إن قال: سحري ينفع من كذا وأقدر على القتل به، قُتل وإن لم يقتل به، ويُقاد منه إن قتل بما يقتُل غالبًا، وإلا وجبت الدية لا غير.


والمشعبذ، والقائل بزجر الطير، والضارب بحصى وشعير وقداح، ونحو ذلك إن لم يعتقد إباحته، وأنه يعلم به عُزر وكُف عنه، وإلا كفر، ويحرم طلسم ورقية بغير خط عربي، وقيل: يكره.


وتوقف الإمام أحمد في الحل بسحر، وفيه وجهان[74]، وسأله مُهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها، قال: لا بأس بذلك.


قال الخلال: إنما كره أحمد فعاله، ولا يرى به بأسًا كما بينه مُهنا، وهذا من الضرورة التي يباح فعلها، ولا يُقتل ساحر كتابي على الأصح، قال في "التبصرة": إن اعتقدوا جوازه، وإن قتل به أقيد به كما تقدم، وتقدم إن سحر مسلمًا.


وذكر في "عيون المسائل": أن الساحر يكفر، وهل تُقبل توبته؟ فيه روايتان "1046أ"، ثم قال: ومن جملة السحر المحرم: السعي بين الناس بالنميمة والإفساد بينهم، وذلك شائع وعام في الناس[75].


وقد حُكي أن امرأة أرادت أن تفسد بين زوجين، فقالت للزوجة: إن زوجك يُعرض عنك وقد سحر، وهو مأخوذ عنك، وأنا أقدر أن أسحره لك حتى لا يريد غيرك، ولكن أريد أن تأخذي لي من تحت حلقه بالموسى ثلاث شعرات إذا نام؛ فإن بها يتم ذلك الأمر - إن شاء الله - ثم ذهبت بعد ذلك إلى الرجل، فقالت له: إن امرأتك قد علقت بغيرك، وقد عزمت على قتلك، وعلامة ذلك: أنها قد أعدت لك في هذه الليلة موسى لتنحرك فأشفقت لشأنك، ولقد لزمني نصحك لأنك مسلم، فتناوم الرجل في فراشه، فلما ظنت امرأته أنه قد نام عمدت إلى الموسى ومدت يدها إلى حلقه لأخذ الشعر، ففتح الرجل عينيه فرآها كما قالت، فقام إليها قتلها.


وقد ذكر بعضهم نحو ذلك عن حماد بن سلمة أنه قال: باع رجل مرة غلامًا على أنه نمام، فاشتراه رجل على ذلك فلما استقر عنده سعى بينه وبين امرأته بذلك، وفي آخر هذه القصة: فجاء أولياء المرأة فقتلوه، فوقع القتال بين الفريقين بسبب ذلك.


ثم قال العُكبري: فأما من يسحر بالأدوية والتدخين ويسقي مُضرًا فلا يكفر به، ولا يُقتل، بل يُعزر بما يردعه، وما قال غريب؛ لأنه يقصد الناس بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة، فأشبه السحر؛ ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر وأكثر منه، فيعطى حكمه؛ تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين، لا سيما إن قلنا بقتل الآمر بالقتل على رواية سبقت فهنا أولى، أو الممسك فهذا مثله.


ولهذا ذكر ابن عبد البر[76]، عن يحيى بن أبي كثير أنه قال: يفسد النمام والكذاب في ساعة ما يفسده الساحر في سنة.
وقد رأيت بعضهم حكاه عن يحيى بن أكثم قال: النمام شر من الساحر فذكره "1046ب"، لكن يقال: إن الساحر إنما كفر لوصف السحر، وهو أمر خاص، ودليله خاص، وهذا ليس بساحر وإنما يؤثر عمله تأثير السحر، ويعطى حكمه إلا فيما اختص به من الكفر وعدم قبول التوبة، ولعل هذا القول أوجه من تعزيره فقط، فظهر مما تقدم رواية مُخرجة من الآمر والممسك، كما تقدم في التعزير.


ومن أطلق الشارع عليه الكفر، كمن ادعى إلى غير أبيه، أو من أتى عرَّافًا فصدقه بما يقول، فقيل: معناه: كفر النعمة، وقيل: قارب الكفر.


وقد ذكر ابن حامد فيه روايتين[77]:
إحداهما: تشديد وتأكيد، ونقل حنبل: كُفر دون كُفر لا يُخرج ذلك عن الإسلام.


والثانية: يجب التوقف، ولا يُقطع بأنه لا ينقل عن الملة، نص عليه في رواية صالح وابن الحكم"[78].
قال في "تصحيح الفروع": "والصواب رواية حنبل، وأنه إنما أتى به تشديدًا وتأكيدًا، وقد بوَّب على ذلك البخاري في "صحيحه" بابًا ونص: أن بعض الكفر دون بعض، ونص عليهما أئمة الحديث"[79].


وقال في "التصحيح" أيضًا: "قوله:" وتوقف أحمد في الحل بسحر، وفيه وجهان[80]: أحدهما: يجوز.


قال في "المغني" و"الشرح": توقف أحمد في الحل، وهو إلى الجواز أميل، وسأله مُهنا عمن تأتيه مسحورة فيقطعه عنها قال: لا بأس.
قال الخلال: إنما كره فعاله، ولا يرى به بأسًا كما بينه مُهنا، وهذا من الضرورة التي يبيح فعلها، قال في آداب "المستوعب": وحل السحر عن المسحور جائز.
والوجه الثاني: لا يجوز.
قال في "الرعايتين" و"الحاوي الصغير": ويحرم العطف والربط، وكذا الحل بسحر، وقيل: يُكره الحل، وقيل: يباح بكلام مباح.
وقال في "الآداب الكبرى": ويجوز حله بقرآن، أو بكلام مباح غيره، فدلَّ كلامه أنه لا يباح بسحر.
قال ابن رزين في "شرحه" وغيره: ولا بأس "1047أ" بحل السحر بقرآن، أو ذكر أو كلام حسن، وإن حله بشيء من السحر فعنه التوقف، ويحتمل أن لا بأس؛ لأنه محض نفع لأخيه المسلم[81]"[82].


وقال البخاري: "باب الكهانة".
حدثنا سعيد بن عُفير، حدثنا الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأتين من هُذيل اقتتلتا، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصاب بطنها وهي حامل، فقتلت ولدها الذي في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية ما في بطنها غُرة: عبد أو أمة، فقال ولي المرأة التي غرمت: كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكُهان"[83].


حدثنا قُتيبة، عن أبي مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بُغرة: عبد أو وليدة[84].


وعن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يُقتل في بطن أمه بغُرة عبد أو وليدة، فقال الذي قُضي عليه: كيف أغرم ما لا أكل، ولا شرب، ولا نطق، ولا استهل، ومثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان"[85].


حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا ابن عُيينة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي مسعود، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحُلوان الكاهن[86].


حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا هشام بن يوسف، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن يحيى بن عروة بن الزبير، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان، فقال: "ليس بشيء"، فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثونا أحيانًا بشيء فيكون حقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مئة كذبة"، قال علي: قال عبد الرزاق: مرسل "الكلمة من الحق"، ثم بلغني أنه أسنده بعده[87] "1047ب".


قال الحافظ: "قوله: "باب الكهانة" وقع في ابن بطال[88] هنا: والسحر، وليس هو في نسخ "الصحيح" فيما وقفت عليه، بل ترجمة السحر في باب مفرد عقب هذه، والكهانة بفتح الكاف ويجوز كسرها: ادعاء علم الغيب، كالإخبار بما سيقع في الأرض مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه: استراق الجني السمع من كلام الملائكة، فيلقيه في أذن الكاهن.


والكاهن: لفظ يُطلق على العرَّاف والذي يضرب بالحصى والمُنجم، ويُطلق على من يقوم بأمر آخر ويسعى في قضاء حوائجه، وقال في "المحكم": الكاهن: القاضي بالغيب.


وقال في "الجامع": العرب تُسمي كل من أذن بشيء قبل وقوعه كاهنًا.


وقال الخطابي[89]: الكهنة: قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطباع نارية، فألفتهم الشياطين؛ لما بينهم من التناسب في هذه الأمور ومساعدتهم بكل ما تصل قدرتهم إليه، وكانت الكهانة في الجاهلية فاشية، خصوصًا في العرب؛ لانقطاع النبوة فيهم، وهي على أصناف:
منها: ما يتلقونه من الجن، فإن الجن كانوا يصعدون إلى جهة السماء فيركب بعضهم بعضًا إلى أن يدنو الأعلى بحيث يسمع الكلام فيلقيه إلى الذي يليه إلى أن يتلقاه من يلقيه في أذن الكاهن فيزيد فيه، فلما جاء الإسلام، ونزل القرآن حُرست السماء من الشياطين، وأُرسلت عليهم الشهب فبقي من استراقهم ما يتخطفه الأعلى فيلقيه إلى الأسفل قبل أن يصيبه الشهاب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ [الصافات: 10] وكانت إصابة الكُهان قبل الإسلام كثيرة جدًا، كما جاء في أخبار شق وسطيح ونحوهما، وأما في الإسلام فقد ندر ذلك جدًا حتى كاد يضمحل، ولله الحمد.


ثانيها: ما يُخبر الجني به من يواليه بما غاب عن غيره، مما لا يطلع عليه الإنسان غالبًا، أو يطلع عليه من قرُب منه لا من بعُد "1048أ".


ثالثها: ما يستند إلى ظن وتخمين وحدس، فهذا قد يجعل الله فيه لبعض الناس قوة مع كثرة الكذب فيه.


رابعها: ما يستند إلى التجربة والعادة، فيستدل على الحادث بما وقع قبل ذلك، ومن هذا القسم الأخير ما يُضاهي السحر، وقد يعتضد بعضهم في ذلك بالزجر والطرق والنجوم، وكل ذلك مذموم شرعًا.


وورد في ذم الكهانة ما أخرجه أصحاب السنن، وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة رفعه: "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد"[90]، وله شاهد من حديث جابر وعمران بن حصين، أخرجهما البزار بسندين جيدين، ولفظهما: "من أتى كاهنًا"[91].


وأخرجه مسلم من حديث امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الرواة من سماها حفصة، بلفظ: "من أتى عرافًا"[92].
وأخرجه أبو يعلى من حديث ابن مسعود بسند جيد، لكن لم يُصرح برفعه، ومثله لا يقال بالرأي، ولفظه: "من أتى عرافًا أو ساحرًا أو كاهنًا"[93].


واتفقت ألفاظهم على الوعيد بلفظ حديث أبي هريرة إلا حديث مسلم، فقال فيه: "لم يُقبل لهما صلاة أربعين يومًا". ووقع عند الطبراني من حديث أنس بسند لين مرفوعًا بلفظ: "من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أُنزل على محمد، ومن أتاه غير مُصدق له لم تُقبل صلاته أربعين يومًا"[94].


والأحاديث الأول مع صحتها وكثرتها أولى من هذا.
والوعيد جاء تارة بعدم قبول الصلاة، وتارة بالتكفير، فيحمل على حالتين من الآتي، أشار إلى ذلك القرطبي[95].
والعراف: من يستخرج الوقوف على المغيبات بضرب من فعل أو قول.


ثم ذكر المصنف ثلاثة أحاديث:
أحدها: حديث أبي هريرة قوله: كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان".


قال الحافظ: أي: لمشابهة كلامه كلامهم، زاد مسلم: "من أجل سجعه الذي سجع"[96]، وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسجع كسجع الأعراب؟"[97].


قال ابن بطال[98]: فيه ذم الكفار، وذم من تشبه بهم في ألفاظهم، وإنما لم يعاقبه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان مأمورًا بالصفح عن الجاهلين، وقد تمسك به من كره السجع في الكلام، وليس على إطلاقه "1048ب"، بل المكروه منه ما يقع مع التكلف في معرض مدافعة الحق، وأما ما يقع عفوًا بلا تكلف في الأمور المباحة فجائز، وعلى ذلك يُحمل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
والحاصل: أنه إن جمع الأمرين من التكلف وإبطال الحق كان مذمومًا، وإن اقتصر على أحدهما كان أخف في الذم، ويخرج من ذلك تقسيمه إلى أربعة أنواع: فالمحمود ما جاء عفوًا في حق، ودونه ما يقع مُتكلفًا في حق أيضًا، والمذموم عكسهما.


الثاني[99]: حديث أبي مسعود في النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي، وحلوان الكاهن، وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب البيع.


الثالث: حديث عائشة: قوله: سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ عن الكهان.
وأخرج مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلت: يا رسول الله، أمورًا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان؟ فقال: "لا تأتوا الكُهان..." الحديث[100].


وقال الخطابي[101]: هؤلاء الكُهان فيما عُلم بشهادة الامتحان قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطبائع نارية، فهم يفزعون إلى الجن في أمورهم، ويستفتونهم في الحوادث فيلقون إليهم الكلمات، ثم تعرَّض إلى مناسبة ذكر الشعراء بعد ذكرهم في قوله تعالى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴾ [الشعراء: 221].


قوله: "فقال: ليس بشيء" في رواية مسلم: "ليسوا بشيء"[102]، أي: ليس قولهم بشيء يُعتمد عليه، والعرب تقول لمن عمل شيئًا ولم يُحكمه: ما عمل شيئًا.


قال القرطبي[103]: كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكُهان في الوقائع والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم، وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المُحمدية، لكن بقي في الوجود من يتشبه بهم، وثبت النهي عن إتيانهم، فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم "1049أ".


قوله: "إنهم يحدثوننا أحيانًا بشيء فيكون حقًا"، هذا أورده السائل إشكالًا على عموم قوله: "ليسوا بشيء"؛ لأنه فهم منه أنهم لا يُصدَّقون أصلًا، فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق، وأنه إذا اتفق أن يصدق لم يتركه خالصًا، بل يشوبه بالكذب.


قوله: "تلك الكلمة من الحق"، أي: الكلمة المسموعة التي تقع حقًا.


قوله: "يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه"، أي: يصبها، تقول: قررت على رأسه دلوًا إذا صببته، فكأنه صب في أذنه ذلك الكلام.
قال القرطبي[104]: ويصح أن يقال: المعنى: ألقاها في أذنه بصوت، يقال: قر الطائر إذا صوت.


قال الحافظ: ووقع في رواية يونس: "فيقرقرها"، أي: يرددها، يقال: قرقرت الدجاجة تُقرقر قرقرة: إذا رددت صوتها، وأطلق على الكاهن ولي الجني؛ لكونه يواليه، أو عدل عن قوله: الكاهن، إلى قوله: وليه؛ للتعميم في الكاهن وغيره ممن يوالي الجن.


قال الخطابي[105]: بيَّن صلى الله عليه وسلم أن إصابة الكاهن أحيانًا إنما هي لأن الجِني يُلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقًا من الملائكة، فيزيد عليها أكاذيب يقيسها على ما سمع، فربما أصاب نادرًا وخطؤه الغالب.


قوله: "فيخلطون معها مئة كذبة"، في رواية ابن جريج: "أكثر من مئة كذبة"، وهو دال على أن ذكر المئة للمبالغة لا لتعيين العدد.
وقد أخرج مسلم في حديث آخر أصل توصل الجني إلى الاختطاف، فأخرج من حديث ابن عباس: حدثني رجال من الأنصار: أنهم بينا هم جلوس ليلًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رُمي بنجم فاستنار، فقال: "ما كنتم تقولون إذا رُمي مثل هذا في الجاهلية؟" قال: كنا نقول: وُلد الليلة رجل عظيم، أو مات رجل عظيم، فقال: "إنه لا يُرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش ثم سبح الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح إلى أهل هذه السماء الدنيا، فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم حتى يصل إلى السماء الدنيا فيسترق منه الجني، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يزيدون فيه وينقصون[106]"...


إلى أن قال: وفي الحديث: بقاء استراق الشياطين السمع، لكنه قل وندر حتى كاد يضمحل بالنسبة لما كانوا فيه زمن الجاهلية، وفيه: النهي عن إتيان الكُهان.


قال القرطبي[107]: يجب على من قدر على ذلك من مُحتسب وغيره "1049ب" أن يقيم من يتعاطى شيئًا من ذلك من الأسواق، ويُنكر عليهم أشد النكير، وعلى من يجيء إليهم، ولا يغتر بصدقهم في بعض الأمور، ولا بكثرة من يجيء إليهم ممن يُنسب إلى العلم؛ فإنهم غير راسخين في العلم، بل من الجهال بما في إتيانهم من المحذور.


قال الحافظ: تنبيه: إيراد باب الكهانة في كتاب الطب لمناسبته لباب السحر؛ لما يجمع بينهما من مرجع كل منهما للشياطين، وإيراد باب السحر في كتاب الطب؛ لمناسبته ذكر الرُّقى وغيرها من الأدوية المعنوية، فناسب ذكر الأدواء التي تحتاج إلى ذلك، واشتمل كتاب الطب على الإشارة للأدوية الحسية، كالحبة السوداء والعسل، ثم على الأدوية المعنوية، كالرُّقى بالدعاء والقرآن، ثم ذكرت الأدواء التي تنفع الأدوية المعنوية في دفعها كالسحر، كما ذُكرت الأدواء التي تنفع الأدوية الحسية في دفعها كالجذام، والله أعلم"[108].


وقال البخاري أيضًا: "باب السحر وقول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾... الآية [البقرة: 102]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 69]، وقوله: ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 3] وقوله: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66] وقوله: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4]، والنفاثات: السواحر، تسحرون: تُعَمَّوْن".


حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني زريق يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي "1050أ" لكنه دعا ودعا، ثم قال: "يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومشاطة، وجُف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان"، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: "يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين"، قلت: يا رسول الله، أفلا استخرجته؟


قال: "قد عافاني الله، فكرهت أن أُثير على الناس فيه شرًا"، فأمر بها فدُفنت[109].
تابعه أبو أسامة وأبو ضمرة وابن أبي الزناد، عن هشام.
وقال الليث وابن عُيينة، عن هشام: "في مُشط ومشاطة"، يقال: المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مُشط، والمشاطة من مشاطة الكتان".


قال الحافظ: "قوله: "باب السحر"، قال الراغب وغيره: السحر يُطلق على معان: أحدها: ما لطف ودق ومنه: سحرت الصبي: خادعته واستملته، وكل من استمال شيئًا فقد سحره، ومنه: إطلاق الشعراء سحر العيون لاستمالتها النفوس، ومنه: قول الأطباء: الطبيعة ساحرة، ومنه: قوله تعالى: ﴿ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾ [الحجر: 15]، أي: مصروفون عن المعرفة.


ومنه حديث: "إن من البيان لسحرًا"[110]، وسيأتي قريبًا في باب مُفرد.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17-12-2020, 06:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر

فصل في السحر
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







الثاني: ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المُشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66]، وقوله تعالى: ﴿ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ﴾ [الأعراف: 116]، ومن هناك سموا موسى ساحرًا، وقد يستعين في ذلك بما يكون فيه خاصية، كالحجر الذي يجذب الحديد المسمى المغنطيس.


الثالث: ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾.


الرابع: ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانياتها بزعمهم.
قال ابن حزم[111]: ومنه ما يوجد من الطلسمات، كالطابع المنقوش فيه صورة عقرب في وقت كون القمر في العقرب "1050ب"، فينفع إمساكه من لدغة العقرب، وكالمشاهد ببعض بلاد الغرب - وهي سرقسطة - فإنها لا يدخلها ثعبان قط إلا إن كان بغير إرادته، وقد يجمع بعضهم بين الأمرين الأخيرين، كالاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب، فيكون ذلك أقوى بزعمهم.


قال أبو بكر الرازي في "الأحكام[112]" له: كان أهل بابل قومًا صابئين، يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة، ويعتقدون أنها الفعالة لكل ما في العالم، وعملوا أوثانًا على أسمائها، ولكل واحد هيكل فيه صنمه يتقرب إليه بما يوافقه بزعمهم من أدعية وبخور، وهم الذين بُعث إليهم إبراهيم، وكانت علومهم أحكام النجوم، ومع ذلك فكان السحرة منهم يستعملون سائر وجوه السحر وينسبونها إلى فعل الكواكب؛ لئلا يُبحث عنها وينكشف تمويههم.


قال الحافظ: ثم السحر يُطلق ويراد به الآلة التي يُسحر بها، ويطلق ويراد به فعل الساحر، والآلة تارة تكون معنى من المعاني فقط، كالرُّقى والنفث في العقد، وتارة تكون بالمحسوسات، كتصوير الصورة على صورة المسحور، وتارة بجمع الأمرين الحسي والمعنوي، وهو أبلغ.


واختلف في السحر: فقيل: هو تخييل فقط ولا حقيقة له، وهذا اختيار أبي جعفر الأستراباذي من الشافعية[113] وأبي بكر الرازي من الحنفية[114] وابن حزم[115] الظاهري وطائفة.


قال النووي[116]: والصحيح: أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور[117]، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه: الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة.


قال الحافظ: لكن محل النزاع: هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لا؟ فمن قال: إنه تخييل فقط منع ذلك، ومن قال: إن له حقيقة، اختلفوا، هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج، فيكون نوعًا من الأمراض، أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانًا مثلًا وعكسه؟


فالذي عليه الجمهور[118]: هو الأول، وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني، فإن كان بالنظر إلى القدرة الإلهية فمسلم، وإن كان بالنظر إلى الواقع "1051أ" فهو محل الخلاف، فإن كثيرًا ممن يدعي ذلك لا يستطيع إقامة البرهان عليه.


ونقل الخطابي[119]: أن قومًا أنكروا السحر مُطلقًا، وكأنه عنى القائلين بأنه تخييل فقط، وإلا فهي مكابرة.
وقال المازري[120]: جمهور العلماء[121] على إثبات السحر، وأن له حقيقة، ونفى بعضهم حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة، وهو مردود؛ لورود النقل بإثبات السحر، ولأن العقل لا يُنكر أن الله قد يخرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق، أو تركيب أجسام، أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص، ونظير ذلك: ما يقع من حُذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى ينقلب الضار منها بمفرده فيصير بالتركيب نافعًا، وقيل: لا يزيد تأثير السحر على ما ذكر الله تعالى في قوله: ﴿ يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102]؛ لكون المقام مقام تهويل، فلو جاز أن يقع به أكثر من ذلك لذكره.


قال المازري: والصحيح من جهة العقل: أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك.


قال: والآية ليست نصًا في منع الزيادة، ولو قلنا: إنها ظاهرة في ذلك، ثم قال: والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة: أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد، والكرامة لا تحتاج إلى ذلك، بل إنما تقع غالبًا اتفاقًا.


وأما المعجزة: فتمتاز عن الكرامة بالتحدي، ونقل إمام الحرمين الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق، وأن الكرامة لا تظهر على فاسق، ونقل النووي في زيادات "الروضة[122]" عن المتولي نحو ذلك، وينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه، فإن كان متمسكًا بالشريعة متجنبًا للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة، وإلا فهو سحر؛ لأنه ينشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشياطين.


وقال القرطبي[123]: السحر حيل صناعية يُتوصل إليها بالاكتساب، غير أنها لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس، ومادته الوقوف على خواص الأشياء، والعلم بوجوه تركيبها وأوقاته وأكثرها تخييلات بغير حقيقة وإيهامات بغير ثبوت، فيعظم عند من لا يعرف ذلك، كما قال الله تعالى عن سحرة فرعون: ﴿ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 116]، مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالًا وعصيًا، ثم قال: والحق: أن لبعض أصناف السحر تأثيرًا في القلوب، كالحب والبغض، وإلقاء الخير والشر "1051ب"، وفي الأبدان بالألم والسقم، وإنما المنكور أن الجماد ينقلب حيوانًا أو عكسه بسحر الساحر ونحو ذلك.


قوله: وقول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾... الآية، كذا للأكثر، وساق في رواية كريمة إلى قوله: ﴿مِنْ خَلَاقٍ ﴾، وفي هذه الآية: بيان أصل السحر الذي يعمل به اليهود، ثم هو مما وضعته الشياطين على سُليمان بن داود عليه السلام، ومما أُنزل على هاروت وماروت بأرض بابل، والثاني متقدم العهد على الأول؛ لأن قصة هاروت وماروت كانت من قبل زمن نوح عليه السلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره، وكان السحر موجودًا في زمن نوح؛ إذ أخبر الله عن قوم نوح: أنهم زعموا أنه ساحر، وكان السحر أيضًا فاشيًا في قوم فرعون، وكل ذلك قبل سليمان.


واختلف في المراد بالآية: فقيل: إن سليمان كان جمع كتب السحر والكهانة فدفنها تحت كرسيه، فلم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي، فلما مات سُليمان، وذهبت العلماء الذين يعرفون الأمر جاءهم شيطان في صورة إنسان، فقال لليهود: هل أدلكم على كنز لا نظير له؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا - وهو متنح عنهم - فوجدوا تلك الكتب، فقال لهم: إن سليمان كان يضبط الإنس والجن بهذا، ففشا فيهم أن سُليمان كان ساحرًا، فلما نزل القرآن بذكر سُليمان في الأنبياء أنكرت اليهود ذلك وقالوا: إنما كان ساحرًا، فنزلت هذه الآية، أخرجه الطبري وغيره عن السدي[124].


ومن طريق سعيد بن جبير بسند صحيح نحوه[125]، ومن طريق عمران بن الحارث، عن ابن عباس موصولًا بمعناه[126]، وأخرج من طريق الربيع بن أنس نحوه[127]، ولكن قال: إن الشياطين هي التي كتبت كتب السحر ودفنتها تحت كرسيه، ثم لما مات سليمان استخرجته وقالوا: هذا العلم الذي كان سُليمان يكتمه الناس.


وأخرجه من طريق محمد بن إسحاق، وزاد: أنهم نقشوا خاتمًا على نقش خاتم سليمان، وختموا به الكتاب[128]، وكتبوا عنوانه: هذا ما كتب آصف بن برخياء الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم، ثم دفنوه، فذكر نحو ما تقدم[129].


وأخرج من طريق العوفي، عن ابن عباس "1052أ" نحو ما تقدم عن السدي، ولكن قال: إنهم لما وجدوا الكتب قالوا: هذا مما أنزل الله على سُليمان فأخفاه منا[130].


وأخرج بسند صحيح عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: انطلقت الشياطين في الأيام التي ابتلي فيها سُليمان فكتبت كُتبًا فيها سحر "وكفر[131]" ثم دفنتها تحت كرسيه ثم أخرجوها بعده فقرؤوها على الناس[132].


وملخص ما ذكر في تفسير هذه الآية: أن المحكي عنهم: أنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين هم أهل الكتاب؛ إذ تقدم قبل ذلك في الآيات إيضاح ذلك، والجملة معطوفة على مجموع الجُمل السابقة من قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ ﴾... إلى آخر الآية [البقرة: 101]، و"ما" في قوله: ﴿ مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ﴾ موصولة على الصواب، وغلط من قال: إنها نافية؛ لأن نظم الكلام يأباه، و: ﴿ تَتْلُو الشَّيَاطِينُ ﴾ لفظه مضارع، لكن هو واقع موقع الماضي، وهو استعمال شائع، ومعنى: ﴿ تَتْلُو ﴾ تتقول؛ ولذلك عداه بـ "على"، وقيل: معناه[133] تتبع أو تقرأ، ويحتاج إلى تقدير. قيل: هو: تقرأ على زمان ملك سليمان.


وقوله: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ﴾ ﴿ مَا ﴾: نافية جزمًا.
وقوله: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ﴾، هذه الواو عاطفة لجملة الاستدراك على ما قبلها.
وقوله: ﴿ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾.


﴿ النَّاسَ ﴾: مفعول أول، و﴿ السِّحْرَ ﴾: مفعول ثان، والجملة: حال من فاعل ﴿ كَفَرُوا ﴾، أي: كفروا معلمين. وقيل: هي بدل من: ﴿ كَفَرُوا ﴾، وقيل: استئنافية، وهذا على إعادة ضمير ﴿ يُعَلِّمُونَ ﴾ على الشياطين، ويحتمل عوده على الذين اتبعوا فيكون حالًا من فاعل ﴿ اتَّبَعُوا ﴾، أو استئنافًا.


وقوله: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ ﴾ موصولة ومحلها النصب عطفًا على السحر، والتقدير: يُعلِّمون الناس السحر والمنزل على الملكين، وقيل: الجر عطفًا على ﴿ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ﴾ أي: تقوَّلا على ملك سليمان، وعلى ﴿ بِبَابِلَ ﴾، وقيل: بل هي نافية عطفًا على: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾.
والمعنى: ولم ينزل على الملكين إباحة السحر، وهذان الإعرابان ينبنيان على ما جاء في تفسير الآية عن البعض، والجمهور على خلافه وأنها موصولة، ورد الزجاج على الأخفش دعواه أنها نافية، وقال: الذي جاء في الحديث والتفسير أولى "1052ب".


وقوله: ﴿ بِبَابِلَ ﴾ متعلق بـ: ﴿ بِبَابِلَ ﴾ أي: في بابل، والجمهور على فتح لام ﴿ الْمَلَكَيْنِ ﴾ وقرئ بكسرها، و﴿ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾: بدل من ﴿ الْمَلَكَيْنِ ﴾، وجُرا بالفتحة، أو عطف بيان، وقيل: بل هما بدل من ﴿ النَّاسَ ﴾، وهو بعيد، وقيل: من ﴿الشَّيَاطِينُ ﴾ على أن هاروت وماروت اسمان لقبيلتين من الجن، وهو ضعيف.


وقوله: ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ ﴾ بالتشديد من التعليم، وقرئ في الشاذ بسكون العين من الإعلام بناء على أن التضعيف يتعاقب مع الهمزة، وذلك أن الملكين لا يُعلِّمان الناس السحر، بل يُعْلِمانهم به وينهيانهم عنه، والأول أشهر، وقد قال علي: الملكان يعلمان تعليم إنذار لا تعليم طلب.


وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كُفر ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه التي قدمتها، وهو التعبد للشياطين أو للكواكب.
وأما النوع الآخر: الذي هو من باب الشعوذة، فلا يكفر به من تعلمه أصلًا.
قال النووي[134]: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع[135]، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات[136]، ومنه ما يكون كفرًا، ومنه ما لا يكون كفرًا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر، وإلا فلا.


وأما تعلمه وتعليمه: فحرام، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر واستُتيب منه، ولا يُقتل، فإن تاب قُبلت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عُزر.
وعن مالك[137]: الساحر كافر يُقتل بالسحر ولا يُستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق.
قال عياض[138]: وبقول مالك قال أحمد[139] وجماعة من الصحابة والتابعين.
قال الحافظ: وفي المسألة اختلاف كثير وتفاصيل، ليس هذا موضع بسطها، وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر لأحد أمرين: إما لتمييز ما فيه كفر من غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه.
فالأول: فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد، فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعًا، كمن يعرف "كيفية[140]" عبادة أهل الأوثان للأوثان؛ لأن كيفية ما يعلمه الساحر إنما هي حكاية قول "1053أ" أو فعل، بخلاف تعاطيه والعمل به.


وأما الثاني: فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل أصلًا، وإلا جاز للمعنى المذكور، وسيأتي مزيد لذلك في باب هل يُستخرج السحر؟ قريبًا والله أعلم، وهذا فصل الخطاب في هذه المسألة.


وفي إيراد المصنف هذه الآية: إشارة إلى اختيار الحكم بكفر الساحر؛ لقوله فيها: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾ [البقرة: 102] فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كُفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102]، فإن فيه إشارة إلى أن تعلُّم السحر كفر، فيكون العمل به كفرًا، وهذا كله واضح على ما قررته من العمل ببعض أنواعه، وقد زعم "بعضهم[141]" أن السحر لا يصح إلا بذلك، وعلى هذا: فتسمية ما عدا ذلك سحرًا مجاز، كإطلاق السحر على القول البليغ.


وقصة هاروت وماروت جاءت بسند حسن من حديث ابن عمر في "مسند أحمد"[142]، وأطنب الطبري في إيراد طُرقها بحيث يقضي بمجموعها على أن للقصة أصلًا، خلافًا لمن زعم بطلانها، كعياض ومن تبعه، ومحصلها: أن الله ركب الشهوة في ملكين من الملائكة اختبارًا لهما، وأمرهما أن يحكما في الأرض فنزلا على صورة البشر وحكما بالعدل مدة، ثم افتتنا بامرأة جميلة فعوقبا بسبب ذلك بأن حبسا في بئر ببابل مُنكسين، وابتليا بالنطق بعلم السحر، فصار يقصدهما من يطلب ذلك ليتعلم منهما ذلك، وهما قد عرفا ذلك فلا ينطقان بحضرة أحد حتى يحذراه وينهياه، فإذا أصر تكلما بذلك، فيتعلم منهما ما قص الله عنهما، والله أعلم.


وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 69]، في الآية نفي الفلاح عن الساحر، وليست فيه دلالة على كفر الساحر مطلقًا، وإن كثر في القرآن إثبات الفلاح للمؤمن ونفيه عن الكافر، لكن ليس فيه ما ينفي نفي الفلاح عن الفاسق، وكذا العاصي.


قوله: وقوله: ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 3]، هذا يخاطب به كفار قريش، يستبعدون كون محمد صلى الله عليه وسلم رسولًا من الله؛ لكونه بشرًا من البشر، فقال قائلهم نكرًا على من اتبعه: ﴿ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ ﴾، أي: أفتتبعونه حتى تصيروا كمن اتبع السحر وهو يعلم أنه سحر "1053ب".


قوله: وقوله: ﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ [طه: 66]، هذه الآية عمدة من زعم أن السِّحر إنما هو تخييل، ولا حجة له بها؛ لأن هذه وردت في قصة سحرة فرعون، وكان سحرهم كذلك، ولا يلزم منه أن جميع أنواع السحر تخييل.


قال أبو بكر الرازي في "الأحكام"[143]: أخبر الله تعالى أن الذي ظنه موسى من أنها تسعى لم يكن سعيًا، إنما كان تخييلًا، وذلك أن عصيهم كانت مجوفة قد مُلئت زئبقًا، وكذلك الحبال كانت من أدم محشوة زئبقًا، وقد حفروا قبل ذلك أسرابًا، وجعلوا لها آزاجًا وملؤوها نارًا، فلما طُرحت على ذلك الموضع وحُمي الزئبق حركها؛ لأن من شأن الزئبق إذا أصابته النار أن يطير، فلما أثقلته كثافة الحبال والعصي صارت تتحرك بحركته، فظن من رآها أنها تسعى ولم تكن تسعى حقيقة.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17-12-2020, 06:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر

قوله: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4] والنفاثات: السواحر، هو تفسير الحسن البصري، أخرجه الطبري[144] بسند صحيح.
وذكره أبو عبيدة أيضًا في "المجاز[145]" قال: ﴿ النَّفَّاثَاتِ ﴾: السواحر ينفثن. وأخرج الطبري أيضًا عن جماعة من الصحابة وغيرهم: أنه النفث في الرقية، وقد تقدم البحث في ذلك في باب الرقية، وقد وقع في حديث ابن عباس فيما أخرجه البيهقي في "الدلائل[146]" بسند ضعيف في آخر قصة السحر الذي سُحر به النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم وجدوا وترًا فيه إحدى عشرة عُقدة، وأنزلت سورة الفلق والناس، وجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة.


وأخرجه ابن سعد بسند آخر منقطع عن ابن عباس: أن عليًا وعمارًا لما بعثهما النبي صلى الله عليه وسلم لاستخراج السحر وجدا طلعة فيها إحدى عشرة عُقدة، فذكر نحوه[147].


قوله: ﴿ تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 89] تعمون، بضم أوله وفتح المهملة وتشديد الميم المفتوحة، وضبط أيضًا بسكون العين.
قال أبو عبيدة في كتاب "المجاز[148]" في قوله تعالى: ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 89]، أي: كيف تعمون عن هذا وتصدون عنه، قال: ونراهم من قوله: سُحرت أعيننا عنه فلم نبصره[149].
وأخرج في قوله: ﴿ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾، أي: تخدعون، أو تصرفون عن التوحيد والطاعة.
قال الحافظ: وفي هذه الآية إشارة إلى الصنف الأول من السحر الذي قدمته.
وقال ابن عطية[150]: السحر هنا مُستعار لما وقع منهم من التخليط ووضع الشيء في غير موضعه، كما يقع من المسحور، والله أعلم.


قوله: "سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني زُريق يقال له: لبيد بن الأعصم".
وعند مسلك: "سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ من يهود بني زُريق"[151].
ووقع في رواية ابن عيينة: "رجل من بني زُريق حليف اليهود وكان منافقًا"[152]، وقد بيَّن الواقدي السنة التي وقع فيها السحر. أخرجه عنه ابن سعد بسند له إلى عمر بن الحكم مرسل، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة، ودخل المحرم من سنة سبع جاءت رؤساء اليهود إلى لبيد بن الأعصم - وكان حليفًا في بني زُريق وكان ساحرًا - فقالوا له: يا أبا الأعصم، أنت أسحرنا وقد سحرنا محمدًا فلم نصنع شيئًا، ونحن نجعل لك جُعلًا على أن تسحره لنا سحرًا ينكؤه، فجعلوا له ثلاثة دنانير[153].


ووقع في رواية أبي ضمرة عند الإسماعيلي: "فأقام أربعين ليلة".
وفي رواية وهيب عن هشام عند أحمد: "ستة أشهر"[154].
ويمكن الجمع بأن تكون الستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه، والأربعين يومًا من استحكامه.
قوله: "حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله".
قال المازري[155]: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا: وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل.


وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثم، وأنه يوحى إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء.


قال المازري: وهذا كله مردود؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يُبلغه عن الله تعالى، وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل.


وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يُبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يُخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له، مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين، قال: وقد قال بعض الناس: إن المراد "1054ب" بالحديث: أنه كان صلى الله عليه وسلم يُخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطئهن، وهذا كثيرًا ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يُخيل إليه في اليقظة.


قال الحافظ: وهذا قد ورد صريحًا في الباب الذي يلي هذا، ولفظه: "حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن"[156].
وفي رواية الحميدي: "أنه يأتي أهله ولا يأتيهم"[157].
قال الداودي: "يرى" بفتح[158] أوله أي: يظن، وقال ابن التين: ضُبطت يُرى بضم أوله.
قال الحافظ: وهو من الرأي لا من الرؤية، فيرجع إلى معنى الظن، وفي مرسل يحيى بن يعمر عند عبد الرزاق: سُحر النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة حتى أنكر بصره[159]، وعده في مرسل سعيد بن المسيب: حتى كاد يُنكر بصره[160].
قال عياض[161]: فظهر بهذا: أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه، لا على تمييزه ومعتقده.


قال الحافظ: ووقع في مرسل عبد الرحمن بن كعب عند ابن سعد: فقالت أخت لبيد بن الأعصم: إن يكن نبيًا فسيُخبر وإلا فسيُذهله هذا السحر حتى يذهب عقله[162].


قال الحافظ: فوقع الشق الأول، كما في هذا الحديث الصحيح، وقد قال بعض العلماء: لا يلزمه من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك، وإنما يكون ذلك من جنس الخاطر يخطر ولا يثبت، فلا يبقى على هذا للمُلحد حجة.


وقال عياض[163]: يحتمل أن يكون المراد بالتخيل المذكور: أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه من سابق عادته من الاقتدار على الوطء، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك، كما هو شأن المعقود. ويكون قوله في الرواية الأخرى: "حتى كاد يُنكر بصره"، أي: صار كالذي أنكر بصره بحيث إنه إذا رأى الشيء يُخيل أنه على غير صفته، فإذا تأمله عرف حقيقته، ويؤيد جميع ما تقدم: أنه لم يُقل عنه في خبر من الأخبار أنه قال قولًا فكان بخلاف ما أخبر به.


وقال المهلب: صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده؛ فقد مضى في الصحيح: أن شيطانًا أراد أن يُفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه[164]، فكذلك السحر ما ناله من ضرره ما يدخل نقصًا على ما يتعلق بالتبليغ، بل هو من جنس ما كان "1055أ" يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام، أو حجز عن بعض الفعل، أو حدوث تخيل لا يستمر، بل يزول ويُبطل الله كيد الشياطين.


واستدل ابن القصار أن الذي أصابه كان من جنس المرض بقوله في آخر الحديث: "أما أنا فقد شفاني الله"[165].
وفي الاستدلال بذلك نظر، لكن يؤيد المدعي أن في رواية عمرة عن عائشة عند البيهقي في "الدلائل"[166]: فكان يدور ولا يدري ما وجعه.


وفي حديث ابن عباس عند ابن سعد: مرض النبي صلى الله عليه وسلم، وأُخذ عن النساء والطعام والشراب، فهبط عليه ملكان... الحديث[167].
قوله: "حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي لكنه دعا ودعا"، كذا وقع، وفي بدء الخلق: "حتى كان ذات يوم دعا ودعا".


قال الكرماني[168]: يحتمل أن يكون هذا الاستدراك من قولها: عندي، أي: لم يكن مشتغلًا بي، بل اشتغل بالدعاء، ويحتمل أن يكون من التخيل، أي: كان السحر أضره في بدنه لا في عقله وفهمه؛ بحيث إنه توجه إلى الله ودعا على الوضع الصحيح والقانون المستقيم.


ووقع في رواية ابن نمير عند مسلم: "فدعا ثم دعا ثم دعا"[169]، وهذا هو المعهود منه أنه كان يُكرر الدعاء ثلاثًا.
وفي رواية وهيب عن أحمد وابن سعد[170]: "فرأيته يدعو".
قال النووي[171]: فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات، وتكريره، والالتجاء إلى الله تعالى في دفع ذلك.


قال الحافظ: سلك النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة مسلكي التفويض وتعاطي الأسباب، ففي أول الأمر فوض وسلم لأمر ربه فاحتسب الأجر في صبره على بلائه، ثم لما تمادى ذلك وخشي من تماديه أن يضعفه عن فنون عبادته جنح إلى التداوي ثم إلى الدعاء، وكل من المقامين غاية في الكمال.


قوله: ثم قال: "يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه"، في رواية الحُميدي: "أفتاني في أمر استفتيته فيه"، أي: أجابني فيما دعوته، فأطلق على الدعاء استفتاء "1055ب"؛ لأن الداعي طالب والمجيب مُفت، أو المعنى: أجابني بما سألته عنه؛ لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه لما اشتبه عليه من الأمر، ووقع في رواية عمرة عن عائشة: "إن الله أنبأني بمرضي"، أي: أخبرني.


قوله: "أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي".
قال الحافظ: وسماهما ابن سعد في رواية منقطعة: "جبريل وميكائيل"[172]، وفي حديث زيد بن أرقم عند النسائي وابن سعد - وصححه الحاكم - وعبد بن حميد: سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل فقال: إن رجلًا من اليهود سحرك، عقد لك عُقدًا في بئر كذا[173].


قوله: "فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب"، أي: مسحور يقال: طُب الرجل بالضم إذا سُحر، يقال: كنوا عن السحر بالطب؛ تفاؤلًا، كما قالوا للديغ: سليم.


وقال ابن الأنباري[174]: الطب من الأضداد، يقال لعلاج الداء: طب، والسحر من الداء، ويقال له: طب، وأخرج أبو عبيد من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه بقرن حين طُب[175].
قال أبو عبيد: يعني: سُحر.


قال ابن القيم: "بنى النبي صلى الله عليه وسلم الأمر أولًا على أنه مرض، وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه، فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبًا، فلما أوحي إليه أنه سُحر عدل إلى العلاج المناسب له، وهو استخراجه.


قال: ويحتمل أن مادة السحر انتهت إلى إحدى قوى الرأس حتى صار يخيل إليه ما ذكر، فإن السحر قد يكون من تأثير الأرواح الخبيثة، وقد يكون من انفعال الطبيعة، وهو أشد السحر، واستعمال الحجم لهذا الثاني نافع؛ لأنه إذا هيج الأخلاط وظهر أثره في عضو كان استفراغ المادة الخبيثة نافعًا في ذلك"[176].


وقال القرطبي[177]: إنما قيل للسحر: طب؛ لأن أصل الطب: الحذق بالشيء والتفطن له، فلما كان كل من علاج المرض والسحر إما يتأتى عن فطنة وحذق، أُطلق على كل منهما هذا الاسم "1056أ".


قوله: "قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان".


قال الحافظ: "أما المشط: فهو بضم الميم ويجوز كسرها، وهو الآلة المعروفة التي يُسرح بها شعر الرأس واللحية، وهذا هو المشهور، ووقع في رواية عمرة عن عائشة: فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مراطة رأسه.


وفي حديث ابن عباس: من شعر رأسه، ومن أسنان مُشطه.
وفي مرسل عمر بن الحكم: فعمد إلى مُشط وما مُشط من الرأس فعقد بذلك عقدًا...


إلى أن قال: وذروان: بفتح المعجمة وسكون الراء، وعند مسلم: "في بئر ذي أروان". وفي رواية: في ذروان، وذروان: بئر في بني زُريق، فعلى هذا فقوله: "بئر ذروان" من إضافة الشيء لنفسه، ويجمع بينهما وبين رواية ابن نمير بأن الأصل: "بئر ذي أروان"، ثم لكثرة الاستعمال سهلت الهمزة فصارت ذروان. انتهى ملخصًا.


قوله: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، وقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد: فبعث إلى علي وعمار فأمرهما أن يأتيا البئر، وعنده في مُرسل عمر بن الحكم فدعا جُبير بن إياس الزرقي، وهو ممن شهد بدرًا، فدله على موضعه في بئر ذروان فاستخرجه، قال: ويُقال: الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي، ويجمع بأنه أعان جبيرًا على ذلك، وباشره بنفسه فنسب إليه.


وعند ابن سعد[178] أيضًا أن الحارث بن قيس قال: يا رسول الله، ألا يهور البئر؟ فيمكن تفسير من أبهم بهؤلاء أو بعضهم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وجههم أولًا ثم توجه فشاهدها بنفسه.


قوله: فجاء، فقال: "يا عائشة"، في رواية وهيب: فلما رجع قال: "يا عائشة"، ونحوه في رواية أبي أسامة ولفظه: فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى البئر فنظر إليها ثم رجع إلى عائشة[179]، وفي رواية عمرة، عن عائشة: فنزل رجل فاستخرجه.


وفيه من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالًا من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا فيه إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فنزل جبريل بالمعوذتين، فكلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع إبرة وجد لها ألمًا ثم يجد بعدها راحة.


وفي حديث زيد بن أرقم: فأتاه جبريل "1056ب" فنزل عليه بالمعوذتين، وفيه: فأمره أن يحل العقد، ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما نُشط من عقال.


وعند ابن سعد من طريق عُمر مولى غُفرة مُعضلًا: فاستخرج السحر من الجُف من تحت البئر، ثم نزعه فحله فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم[180].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17-12-2020, 06:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر

فصل في السحر
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







قوله: فقال: "يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين".
قال الحافظ: قوله "كأن ماءها"، أي: البئر، "نقاعة الحناء"، أي: أن لون ماء البئر لون الماء الذي تنقع فيه الحناء.
قال ابن التين: يعني أحمر، وقال الداودي: المراد الماء الذي يكون من غسالة الإناء الذي يُعجن فيه الحناء.
قال الحافظ: ووقع في حديث زيد بن أرقم: فوجد الماء وقد اخضر[181]، وهذا يقوي قول الداودي.
قال القرطبي[182]: كأن ماء البئر قد تغير، إما لرداءته بطول إقامته، وإما لما خالطه من الأشياء التي أُلقيت في البئر.


قال الحافظ: ويرد الأول أن عند ابن سعد - في مرسل عبد الرحمن بن كعب - أن الحارث بن قيس هَوَّر البئر المذكورة وكان يستعذب منها، وحفر بئرًا أخرى، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرها[183].


قوله: "وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين"، ووقع في رواية عمرة، عن عائشة: "فإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤوس الشياطين".


وقد وقع تشبيه طلع شجرة الزقوم في القرآن برؤوس الشياطين.


قال الفراء وغيره: يحتمل أن يكون شبه طلعها في قُبحه برؤوس الشياطين؛ لأنها موصوفة بالقُبح، وقد تقرر في اللسان أن من قال: فلان شيطان، أراد أنه خبيث أو قبيح، وإذا قبحوا مذكرًا قالوا: شيطان، أو مؤنثًا قالوا: غُول، ويحتمل أن يكون المراد بالشياطين: الحيات، والعرب تُسمي بعض الحيات شيطانًا، وهو ثعبان قبيح الوجه، ويحتمل أن يكون المراد: نبات قبيح، قيل: إنه يوجد باليمن "1057أ".


قوله: قلت: يا رسول الله. أفلا استخرجته؟ في رواية أبي أسامة: فقال: "لا"، ووقع في رواية ابن عيينة أنه استخرجه، وأن سؤال عائشة إنما وقع عن النشرة فأجابها بلا، وسيأتي بسط القول فيه بعد باب.
قوله: "قد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس فيه شرًا"، وفي رواية الكُشميهني: "سوء".
ووقع في رواية أبي أسامة: "أن أُثوِّر" وهما بمعنى، والمراد بالناس: التعميم في الموجودين.


قال النووي[184]: خشي من إخراجه وإشاعته ضررًا على المسلمين من تذكر السحر وتعلمه ونحو ذلك، وهو من باب ترك المصلحة خوف المفسدة.


ووقع في رواية ابن نمير: "على أمتي"، وهو قابل أيضًا للتعميم؛ لأن الأمة تطلق على أمة الإجابة وأمة الدعوة وعلى ما هو أعم، وهو يرد على من زعم أن المراد بالناس هنا لبيد بن الأعصم؛ لأنه كان منافقًا، فأراد صلى الله عليه وسلم ألا يثير عليه شرًا؛ لأنه كان يؤثر الإغضاء عمن يظهر الإسلام ولو صدر منه ما صدر.


وقد وقع أيضًا في رواية ابن عيينة: "وكرهت أن أثير على أحد من الناس شرًا"، نعم، وقع في حديث عمرة عن عائشة: فقيل: يا رسول الله لو قتلته؟ قال: "ما وراءه من عذاب الله أشد".


وفي رواية عمرة: فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف فعفا عنه.


وفي حديث زيد بن أرقم: فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهودي شيئًا مما صنع به ولا رآه في وجهه، وفي مرسل عمر بن الحكم: فقال له: "ما حملك على هذا؟"، قال: حب الدنانير.


وقد تقدم في "كتاب" الجزية قول ابن شهاب[185]: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله...
إلى أن قال: وقال القرطبي[186]: لا حجة على مالك من هذه القصة؛ لأن ترك قتل لبيد بن الأعصم كان لخشيته أن يُثير بسبب قتله فتنة، أو لئلا يُنفر الناس عن الدخول في الإسلام، وهو من جنس ما راعاه النبي صلى الله عليه وسلم من منع قتل المنافقين حيث قال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه"[187].


قوله: "فأمر بها" أي: بالبئر فدُفنت، وقد تقدم أن في مرسل عبد الرحمن بن كعب أن الحارث بن قيس هورها[188]"[189].
وقال البخاري أيضًا: "باب الشرك والسحر من الموبقات".
حدثني عبد العزيز بن عبد الله، حدثني سليمان، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله، والسِّحر"[190].


قال الحافظ: "قوله: "باب الشرك والسِّحر من الموبقات"، أي: المهلكات، قوله: "اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله والسِّحر" هكذا أورد الحديث مختصرًا، وحذف لفظ العدد، وقد تقدم في كتاب الوصايا بلفظ: "اجتنبوا السبع الموبقات..." وساق الحديث بتمامه[191].


ويجوز نصب الشرك بدلًا من السبع، ويجوز الرفع على الاستثناء فيكون خبر مبتدأ محذوف.
والنُّكتة في اقتصاره على اثنتين من السبع هنا: الرمز إلى تأكيد أمر السحر، فظن بعض الناس أن هذا القدر هو جملة الحديث، فقال: ذكر الموبقات، وهي صيغة جمع وفسرها باثنتين فقط، وهو من قبيل قوله تعالى: ﴿ فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا﴾ [آل عمران: 97]، فاقتصر على اثنتين فقط، وهذا على أحد الأقوال في الآية، ولكن ليس الحديث كذلك، فإنه في الأصل سبعة[192]، حذف البخاري منها خمسة، وليس شأن الآية كذلك.


وقال ابن مالك[193]: تضمَّن هذا الحديث حذف المعطوف للعلم به، فإن التقدير: اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله والسحر وأخواتهما، وجاز الحذف؛ لأن الموبقات سبع، وقد ثبت في حديث آخر، واقتصر في هذا الحديث على ثنتين منها تنبيهًا[194] على أنهما أحق بالاجتناب، ويجز رفع الشرك والسحر على تقدير: منهن.


قال الحافظ: وظاهر كلامه يقتضي أن الحديث ورد هذا تارة، وتارة ورد بتمامه، وليس كذلك، وإنما الذي اختصره البخاري نفسه كعادته في جواز الاقتصار على بعض الحديث[195]".


وقال البخاري أيضًا: "باب: هل يستخرج السحر؟".
وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيُحل عليه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم يُنه عنه.


حدثني عبد الله بن محمد قال: سمعت ابن عيينة يقول: أول من حدثني به ابن جُريج يقول: حدثني آل عروة، عن عروة فسألت هشامًا عنه، فحدثنا عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السِّحر إذا كان كذلك، فقال: "يا عائشة، أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند راسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، رجل من بني زُريق حليف ليهود، كان منافقًا. قال: وفيم؟ قال: في مُشط ومشاطة، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر، تحت رعوفة، في بئر ذروان"، قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه فقال: "هذه البئر التي أريتها[196]، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين"، قال: فاستخرج، قالت: فقلت: أفلا؟ أي: تنشرت، فقال: "أما والله فقد شفاني، وأكره أن أُثير على أحد من الناس شرًا"[197].


قال الحافظ: "قوله: باب هل يستخرج السحر؟ كذا أورد الترجمة بالاستفهام إشارة إلى الاختلاف، وصدر بما نقله عن سعيد بن المسيب من الجواز إشارة إلى ترجيحه.


قوله: وقال قتادة: قلت: لسعيد بن المسيب... إلى آخره، وصله أبو بكر الأثرم في كتاب "السنن" من طريق أبان العطار عن قتادة، ومثله من طريق هشام الدستوائي عن قتادة "1058ب" بلفظ: يلتمس من يداويه، فقال: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع.


وأخرجه الطبري في "التهذيب" من طريق يزيد بن زريع، عن قتادة، عن سعيد بن المُسيب، أنه كان لا يرى بأسًا إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح.


قتال قتادة: وكان الحسن يكره ذلك، يقول: لا يعلم ذلك إلا ساحر، قال: فقال سعيد بن المسيب: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع.


وقد أخرج أبو داود في "المراسيل" عن الحسن رفعه: "النشرة من عمل الشيطان"[198]، ووصله أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر[199].


قال ابن الجوزي[200]: النشرة: حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر، وقد سُئل أحد عمن يطلق السحر عن المسحور، فقال[201]: لا بأس به، وهذا هو المعتمد.


ويُجاب عن الحديث والأثر بأن قوله: "النشرة من عمل الشيطان"، إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيرًا كان خيرًا وإلا فهو شر، ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره؛ لأنه قد ينحل بالرقي والأدعية والتعويذ، ولكن يُحتمل أن تكون النشرة نوعين.


قوله: "به طب" بكسر الطاء أي: سحر، قوله: "أو يُؤخذ" بفتح الواو مهموزة وتشديد الخاء المعجمة وبعدها معجمة، أي: يُحبس عن امرأته ولا يصل إلى جماعها.


والأُخذة: بضم الهمزة هي الكلام الذي يقوله الساحر، وقيل: خرزة يرقي عليها أو هي الرقية نفسها.
قوله: "أيُحلُّ عنه" بضم أوله وفتح المهملة.


قوله: "أو يُنشر" بتشديد المعجمة من النشرة بالضم، وهي: ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرًا أو مسًا من الجن، قيل لها ذلك؛ لأنه يكشف بها عنه ما خالطه من الداء، ويوافق قول سعيد بن المُسيب ما تقدم في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعًا: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل"[202]، ويؤيد مشروعيته ما تقدم "1059أ" في حديث: "العين حق[203]" في قصة اغتسال العائن، وقد أخرج عبد الرزاق من طريق الشعبي قال: لا بأس بالنشرة العربية التي إذا وطئت لا تضره[204]، وهي أن يخرج الإنسان في موضع عضاه[205]، فيأخذ عن يمينه وعن شماله من كل، ثم يدقه ويقرأ فيه، ثم يغتسل به.


وذكر ابن بطال[206] أن في كتب وهب بن منبه: أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر، فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله.


وممن صرَّح بجواز النشرة المزني - صاحب الشافعي - وأبو جعفر الطبري وغيرهما، ثم وقفت على صفة النُّشرة في كتاب "الطب النبوي" لجعفر المستغفري، قال: وجدت في خط نصوح بن واصل على ظهر جزء من "تفسير قتيبة بن أحمد البخاري"، قال: "قال" قتادة لسعيد بن المسيب: رجل به طب أُخذ عن امرأته، أيحل له أن ينشر؟ قال: لا بأس إنما يريد به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه، قال نصوح: فسألني حماد بن شاكر: ما الحل؟ وما النشرة؟ فلم أعرفهما، فقال: هو الرجل إذا لم يقدر على مجامعة أهله وأطاق ما سواها، فإن المبتلى بذلك يأخذ حُزمة قضبان وفأسًا ذا قطارين، ويضعه في وسط تلك الحُزمة، ثم يؤجج نارًا في تلك الحُزمة حتى إذا ما حمي الفأس استخرجه من النار، وبال على حره، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى.


وأما النُّشرة فإنه يجمع أيام الربيع ما قدر عليه من ورود المفازة وورود البساتين، ثم يلقيهما في إناء نظيف، ويجعل فيهما ماء عذبًا ثم يغلي ذلك الورد في الماء غليًا يسيرًا، ثم يمهل حتى إذا فتر الماء أفاضه عليه، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى، قال حاشد: تعلمت هاتين الفائدتين بالشام.


قال الحافظ: وحاشد هذا من رواة الصحيح عن البخاري "1059ب"، ثم ذكر حديث عائشة في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق شرحه مستوفى قريبًا.


قوله: "في جُف طلعة ذكر تحت رعوفة" في رواية الكشميهني: "راعوفة"، بزيادة ألف بعد الراء، وهو كذلك لأكثر الرواة...
إلى أن قال: والراعوفة: حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه، يقوم عليه المستقي، وقد يكون في أسفل البئر.


قوله: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه...
إلى أن قال: "فاستُخرج"، كذا وقع في رواية ابن عيينة، وفي رواية عيسى بن يونس: قلت: يا رسول الله، أفلا استخرجته؟ وفي رواية وهيب: قلت: يا رسول الله، فأخرجه للناس[207]. وفي رواية ابن نمير[208]: أفلا أخرجته؟ قال: "لا"، وكذا في رواية أبي أسامة التي بعد هذا الباب.


قال ابن بطال[209]: ذكر المُهلب أن الرواة اختلفوا على هشام في إخراج السحر المذكور، فأثبته سفيان وجعل سؤال عائشة عن النُّشرة، ونفاه عيسى بن يونس، وجعل سؤالها عن الاستخراج، ولم يذكر الجواب وصرح به أبو أسامة، قال: والنظر يقتضي ترجيح رواية سفيان لتقدمه في الضبط، ويؤيده: أن النُّشرة لم تقع في رواية أبي أسامة، والزيادة من سفيان مقبولة؛ لأنه أثبتهم ولا سيما أنه كرر استخراج السحر في روايته مرتين فيبعد من الوهم، وزاد ذكر النُّشرة وجعل جوابه صلى الله عليه وسلم عنها بـ"لا" بدلًا عن الاستخراج قال: ويحتمل وجهًا آخر، فذكر ما محصله: أن الاستخراج المنفي في رواية أبي أسامة غير الاستخراج المثبت في رواية سفيان، فالمثبت هو استخراج الجُف، والمنفي استخراج ما حواه، قال: وكأن السر في ذلك ألا يراه الناس فيتعلمه من أراد استعمال السحر.


قال الحافظ: وقع في رواية عمرة: فاستخرج جُف طلعة من تحت راعوفة.
وفي حديث زيد بن أرقم: "فأخرجوه فرموا به"[210].


وفي مرسل عمر بن الحكم "1060أ" أن الذي استخرج السحر قيس بن محصن[211]، وكل هذا لا يخالف الحمل المذكور، لكن في آخر رواية عمرة وفي حديث ابن عباس: أنهم وجدوا وترًا فيه عقد، وأنها انحلت عند قراءة المعوذتين، ففيه إشعار باستكشاف ما كان داخل الجُف، فلو كان ثابتًا لقدح في الجمع المذكور، لكن لا يخلو إسناد كل منهما من ضعف.


قوله: قالت: فقلت: أفلا؟ أي: تنشرت.
وقع في رواية الحميدي: فقلت: يا رسول الله، فهلا؟
قال سفيان: "بمعنى"[212]: تنشرت، فبين الذي فسر المراد بقولها: أفلا، كأنه لم يستحضر اللفظة فذكره بالمعنى، وظاهر هذا اللفظ أنه من النُّشرة، وكذا وقع في رواية معمر عن هشام عند أحمد، فقالت عائشة: لو أنك، تعني: تنشر[213]، وهو مقتضى صنيع المصنف حيث ذكر النُّشرة في الترجمة، ويحتمل أن يكون من النشر بمعنى الإخراج، فيوافق رواية من رواه بلفظ: فهلا أخرجته، ويكون لفظ هذه الرواية: هلا استخرجت؟ وحذف المفعول للعلم به، ويكون المراد بالمخرج ما حواه الجُف لا الجف نفسه، فيتأيد الجمع المقدم ذكره.


تكميل: قال ابن القيم: "من أنفع الأدوية، وأقوى ما يوجد من النُّشرة مقاومة السحر الذي هو من تأثيرات الأرواح الخبيثة بالأدوية الإلهية من الذكر والدعاء والقراءة، فالقلب إذا كان ممتلئًا من الله معمورًا بذكره، وله ورد من الذكر والدعاء والتوجه لا يخل به، كان ذلك من أعظم الأسباب المانعة من إصابة السحر له، قال: وسلطان تأثير السحر هو في القلوب الضعيفة، ولهذا غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال؛ لأن الأرواح الخبيثة إنما تنشط على الأرواح تلقاها مستعدة لما يناسبها"[214].


قال الحافظ: ويُعكر عليه حديث الباب، وجواز السحر على النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم مقامه وصدق توجهه وملازمة ورده، ولكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب، وإنما وقع به صلى الله عليه وسلم لبيان تجويز ذلك، والله أعلم[215]" "1060ب".


وقال البخاري أيضًا: "باب السِّحر".
حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: سُحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه ليُخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعاه، ثم قال: "أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟"، قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "جاء رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زُريق، قال: فيما ذا؟ قال: في مُشط ومشاطة، وجُف طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان".


قال: فذهب النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر، فنظر إليها وعليها نخل، ثم رجع إلى عائشة فقال: "والله لكأن ماءها نُقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين"، قلت: يا رسول الله، أفأخرجته؟ قال: "لا، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أن أثوِّر على الناس منه شرًا"، وأمر بها فدُفنت"[216].


قال الحافظ: "قوله: باب السحر".
كذا وقع هنا للكثير وسقط لبعضهم، وعليه جرى ابن بطال[217] والإسماعيلي وغيرهما، وهو الصواب؛ لأن الترجمة قد تقدمت بعينها قبل بابين، ولا يعهد ذلك للبخاري إلا نادرًا عند بعض دون بعض.


وذكر حديث عائشة من رواية أبي أسامة فاقتصر الكثير منه على بعضه من أوله إلى قوله: يفعل الشيء وما فعله.
وفي رواية الكُشميهني: أنه فعل الشيء وما فعله.
ووقع سياق الحديث بكماله "1061أ" في رواية الكشميهني والمستملي...


إلى أن قال: واستدل بهذا الحديث على[218] أن الساحر لا يُقتل حدًا إذا كان له عهد، وأما ما أخرجه الترمذي من حديث جُندب رفعه قال: "حد الساحر ضربة بالسيف"[219]، ففي سنده ضعف فلو ثبت لخُص منه من له عهد، وتقدم في الجزية من رواية بجالة أن عمر كتب إليهم أن اقتلوا كل ساحر وساحرة[220]، وزاد عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار في روايته، عن بجالة: "فقتلنا ثلاث سواحر[221]" أخرج البخاري أصل الحديث دون قصة قتل السواحر[222].


قال ابن بطال[223]: لا يقتل ساحر أهل الكتاب عند مالك[224] والزهري إلا أن يقتل بسحره فيُقتل، وهو قول أبي حنيفة[225] والشافعي[226].


وعن مالك[227]: إن أدخل بسحره ضررًا على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحل قتله، وإنما لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم لبيد بن الأعصم؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ولأنه خشي إذا قتله أن يثور بذلك فتنة بين المسلمين وبين حلفائه من الأنصار، وهو من نمط ما راعاه من ترك قتل المنافقين سواء كان لبيد يهوديًا أو منافقًا على ما مضى من الاختلاف فيه، قال: وعند مالك[228] أن حكم الساحر حكم الزنديق فلا تقبل توبته، ويقتل حدًا إذا ثبت عليه ذلك، وبه قال أحمد[229].


وقال الشافعي[230]: لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره فيُقتل به، فإن اعترف أن سحره قد يقتل وقد لا يقتل وأنه سحره وأنه مات، لم يجب عليه القصاص ووجبت الدية في ماله لا على عاقلته، ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة.


وادَّعى أبو بكر الرازي في "الأحكام[231]" أن الشافعي[232] تفرَّد بقوله: إن الساحر يُقتل قصاصًا إذا اعترف أنه قتله بسحره، والله أعلم.


قال النووي[233]: إن كان في السحر قول أو فعل يقتضي الكفر كفر الساحر، وتقبل توبته إذا تاب عندنا، وإذا لم يكن في سحره ما يقتضي الكفر عُزر واستتيب[234]" "1061ب".


وقال البخاري أيضًا: "باب: إن من البيان سحرًا".
حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه قدم رجلان من المشرق، فخطبا، فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرًا" أو: "إن بعض البيان لسحر"[235].


قال الحافظ: "قوله: باب إن من البيان سحرًا، في رواية الكُشميهني والأصيلي: "السحر"[236].
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17-12-2020, 06:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر

فصل في السحر
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







قوله: قدم رجلان من المشرق.


قال الحافظ: لم أقف على تسميتهما صريحًا، وقد زعم جماعة أنهما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم[237]، قدما في وفد بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة.


واستندوا في تعيينهما إلى ما أخرجه البيهقي في "الدلائل" وغيره من طريق مقسم عن ابن عباس قال: جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم "ففخر الزبرقان[238]" فقال: يا رسول الله، أنا سيد بني تميم والمُطاع فيهم والمُجاب، أمنعهم من الظلم وآخذ منهم بحقوقهم، وهذا يعلم ذلك، يعني: عمرو بن الأهتم.


فقال عمرو: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مُطاع في أُذنيه، فقال الزبرقان: والله يا رسول الله، لقد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد.


فقال عمرو: أنا أحسدك؟! والله يا رسول الله إنه لئيم الخال، حديث المال، أحمق الوالد، مضيع في العشيرة، والله يا رسول الله لقد صدقت في الأولى، وما كذبت في الآخرة، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان سحرًا"[239].


قوله: فخطبا فعجب الناس لبيانهما، قال الخطابي[240]: البيان اثنان، أحدهما: ما نفع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان.
والآخر: ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين، ويستميل قلوبهم، وهو الذي يشبه السحر إذا خلب[241] القلب "1062أ" وغلب على النفس حتى يُحول الشيء عن حقيقته، ويصرفه عن جهته، فيلوح للناظر في معرض غيره، وهذا إذا صُرف إلى الحق يمدح، وإذا صرف إلى الباطل يذم، قال: فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم.


وتُعقب: بأنه لا مانع من تسمية الآخر سحرًا؛ لأن السحر يُطلق على الاستمالة، كما تقدم تقريره في أول باب السحر.


وقد حمل بعضهم الحديث على المدح، والحث على تحسين الكلام وتحبير[242] الألفاظ، وهذا واضح إن صح أن الحديث ورد في قصة عمرو بن الأهتم.


وحمله بعضهم على الذم لمن تصنع في الكلام، وتكلف لتحسينه، وصرف الشيء عن ظاهره، فشُبه بالسحر الذي هو تخييل لغير حقيقة.
وإلى هذا أشار مالك حيث أدخل هذا الحديث في "الموطأ" في باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله[243].


وتقدم في باب الخطبة من كتاب النكاح في الكلام على حديث الباب من قول صعصعة بن صُوحان في تفسير هذا الحديث ما يؤيد ذلك، وهو أن المراد به الرجل يكون عليه الحق، وهو ألحن بالحجة من صاحب الحق، فيسحر الناس ببيانه فيذهب بالحق.


وحمل الحديث على هذا صحيح، لكن لا يمنع حمله على المعنى الآخر إذا كان في تزيين الحق، وبهذا جزم ابن العربي وغيره من فضلاء المالكية.


وقال ابن بطال[244]: أحسن ما يقال في هذا: أن هذا الحديث ليس ذمًا للبيان كله ولا مدحًا؛ لقوله: "من البيان"، فأتى بلفظة "من" التي للتبعيض، قال: وكيف يُذم البيان، وقد امتن الله به على عباده حيث قال: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 2 - 3].


قال الحافظ: والذي يظهر أن المراد بالبيان في الآية المعنى الأول الذي نبه عليه الخطابي لا خصوص ما نحن فيه، وقد اتفق العلماء على مدح الإيجاز والإتيان بالمعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة وعلى مدح الإطناب في مقام الخطابة بحسب المقام، وهذا كله من البيان بالمعنى الثاني، نعم، الإفراط في كل شيء مذموم، وخير الأمور أوسطها، والله أعلم"[245] "1062ب".


وقال البخاري أيضًا: "باب الدواء بالعجوة للسحر".
حدثنا علي، حدثنا مروان، أخبرنا هاشم، أخبرنا عارم بن سعد، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اصطبح كل يوم تمرات عجوة، لم يضره سُم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل"، وقال غيره: "سبع تمرات"[246].


حدثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا أبو أسامة، حدثنا هاشم بن هاشم قال: سمعت عامر بن سعد، قال: سمعت سعدًا رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سُم ولا سحر"[247].


قال الحافظ: "قوله: باب الدواء بالعجوة للسحر، العجوة: ضرب من أجود تمر المدينة وألينه.
وقال الداودي: هو من وسط التمر.
وقال ابن الأثير[248]: العجوة: ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد، وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بالمدينة، وذكر هذا الأخير القزَّاز.


قوله: "من اصطبح" في رواية أبي أسامة: "من تصبح".
وكلاهما بمعنى التناول صباحًا، وأصل الصبوح والاصطباح: تناول الشراب صبحًا، ثم استعمل في الأكل ومقابلة الغبوق والاغتباق، وقد يستعمل في مطلق الغذاء أعم من الشرب والأكل، وقد يستعمل في أعم من ذلك.


قوله: "كل يوم تمرات عجوة"، كذا أطلق في هذه الرواية، ووقع مُقيدًا في غيرها: "بسبع تمرات"، وعند الإسماعيلي: "من تصبح بسبع تمرات عجوة من تمر العالية"، والعالية: القرى التي في الجهة العالية من المدينة، وهي جهة نجد.


وعند مسلم عن عائشة: "في عجوة العالية شفاء في أول البُكرة"[249]، وله عن عامر بن "سعد" بلفظ: "من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح[250]" "1063أ".


قوله: "لم يضره سُم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل"، فيه تقييد الشفاء المطلق حيث قال: شفاء في أول البُكرة أو ترياق، وتردده في شفاء أو ترياق شك من الراوي، والبُكرة بضم الموحدة وسكون الكاف يوافق ذكر الصباح في حديث سعد، والشفاء أشمل من الترياق؛ لأن الترياق يناسب ذكر السم، والذي وقع في حديث سعد شيئان: السحر والسم. فمعه زيادة علم.


وقد أخرج النسائي من حديث جابر رفعه: "العجوة من الجنة، وهي شفاء من السم"[251]، وهذا يوافق رواية ابن أبي مليكة.
والترياق: دواء مُركب معروف يُعالج به المسموم، فأُطلق على العجوة اسم الترياق تشبيهًا لها به.


وأما الغاية في قوله: "إلى الليل" فمفهومه: أن السر الذي في العجوة من دفع ضرر السحر والسم، يرتفع إذا دخل الليل في حق من تناوله من أول النهار.


ويُستفاد منه: إطلاق اليوم على ما بين طلوع الفجر أو الشمس إلى غروب الشمس ولا يستلزم دخول الليل، ولم أقف في شيء من الطرق على حكم من تناول ذلك في أول الليل، هل يكون كمن تناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السم "والسحر[252]" إلى الصباح؟


والذي يظهر خصوصية ذلك بالتناول أول النهار؛ لأنه حينئذ يكون الغالب أن تناوله يقع على الريق فيلحق به من تناوله أول الليل على الريق كالصائم، وظاهر الإطلاق أيضًا المواظبة على ذلك، وقد وقع مقيدًا بما أخرجه الطبري من رواية عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت تأمر بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات[253]...


إلى أن قال: قال الخطابي[254]: كون العجوة تنفع من السم والسحر إنما هو ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لتمر المدينة لا لخاصية في التمر.


وقال ابن التين: يحتمل أن يكون المراد: نخلًا "1063ب" خاصًا بالمدينة لا يعرف الآن، وقال بعض شراح "المصابيح" نحوه، وأن ذلك لخاصية فيه، قال: ويحتمل أن يكون ذلك خاصًا بزمانه صلى الله عليه وسلم، وهذا يبعده وصف عائشة لذلك بعده صلى الله عليه وسلم، وقال بعض شُراح "المشارق": أما تخصيص تمر المدينة بذلك فواضح من ألفاظ المتن، وأما تخصيص زمانه بذلك فبعيد، وأما خصوصية السبع فالظاهر أنه لسر فيها، وإلا فيستحب أن يكون ذلك وترًا.


وقال المازري[255]: هذا مما لا يعقل معناه في طريقة علم الطب، ولو صح أن يخرج لمنفعة التمر في السم وجه من جهة الطب لم يقدر على إظهار وجه الاقتصار على هذا العدد الذي هو السبع، ولا على الاقتصار على هذا الجنس الذي هو العَجْوة.


ولعل ذلك كان لأهل زمانه صلى الله عليه وسلم خاصة، أو لأكثرهم إذ لم يثبت استمرار وقوع الشفاء في زمننا غالبًا، وإن وجد ذلك في الأكثر حمل على أنه أراد وصف غالب الحال.


وقال عياض[256]: تخصيصه ذلك بعجوة العالية، وبما بين لابتي المدينة يرفع هذا الإشكال، ويكون خصوصًا لها، كما وجد الشفاء لبعض الأدواء في الأدوية التي تكون في بعض تلك البلاد دون ذلك الجنس في غيره؛ لتأثير يكون في ذلك من الأرض أو الهواء.


قال: وأما تخصيص هذا العدد فلجمعه بين الإفراد والإشفاع؛ لأنه زاد على نصف العشرة، وفيه أشفاع ثلاثة وأوتار أربعة، وهي من نمط غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا، وقوله تعالى: ﴿ سَبْعَ سَنَابِلَ ﴾ [البقرة: 261]، وكما أن السبعين مبالغة في كثرة العشرات والسبعمئة مبالغة في كثرة المئين "1064أ".


وقال النووي[257]: في الحديث تخصيص عجوة المدينة بما ذكر، وأما خصوص كون ذلك سبعًا، فلا يُعقل معناه كما في أعداد الصلوات ونصب الزكوات، قال: وقد تكلم في ذلك المازري[258] وعياض[259] بكلام باطل فلا يُغتر به.


قال الحافظ: ولم يظهر لي من كلامهما ما يقتضي الحكم عليه بالبطلان، بل كلام المازري يشير إلى محصل ما اقتصر عليه النووي.
وفي كلام عياض إشارة إلى المناسبة فقط، والمناسبات لا يقصد فيها التحقيق البالغ بل يكتفي منها بطرق الإشارة.
وقال القرطبي[260]: ظاهر الأحاديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السم وإبطال السحر، والمطلق منها محمول على المقيد، وهو من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني.


ومن أئمتنا من تكلَّف لذلك فقال: إن السموم إنما تقتل لإفراط برودتها، فإذا داوم على التصبُّح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة وأعانتها الحرارة الغريزية، فقاوم ذلك برودة السم ما لم يُستحكم، قال: وهذا يلزم منه رفع خصوصية عجوة المدينة، بل خصوصية العجوة مطلقًا، بل خصوصية التمر، فإن من الأدوية الحارة ما هو أولى بذلك من التمر، والأولى أن ذلك خاص بعجوة المدينة، ثم هل هو خاص بزمان نُطقه أو في كل زمان؟ هذا محتمل.


ويرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة، فمن جرب ذلك فصح معه عُرف أنه مستمر، وإلا فهو مخصوص بذلك الزمان.
قال: وأما خصوصية هذا العدد فقد جاء في مواطن كثيرة من الطب كحديث: "صبوا علي من سبع قرب"[261].
وقوله للمفؤود الذي وجه للحارث بن كلدة أن يلدَّه بسبع تمرات[262] "1064ب"، وجاء تعويذه سبع مرات[263]، إلى غير ذلك.


وأما في غير الطب فكثير، فما جاء من هذا العدد في معرض التداوي، فذلك لخاصية لا يعلمها إلا الله، أو من أطلعه على ذلك، وما جاء منه في غير معرض التداوي فإن العرب تضع هذا العدد موضع الكثرة وإن لم ترد عددًا بعينه.


وقال ابن القيم: "عجوة المدينة من أنفع تمر الحجاز، وهو صنف كريم مُلذذ، متين الجسم والقوة، وهو من ألين التمر وألذه"[264].


قال: "والتمر في الأصل من أكثر الثمار تغذية؛ لما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الديدان؛ لما فيه من القوة الترياقية، فإذا أديم أكله على الريق جفف مادة الدود، وأضعفه أو قتله"[265].


قال الحافظ: وفي كلامه إشارة إلى أن المراد نوع خاص من السم، وهو ما ينشأ عن الديدان التي في البطن لا كل السموم، لكن سياق الخبر يقتضي التعميم؛ لأنه نكرة في سياق النفي، وعلى تقديم التسليم في السم فماذا يصنع في السحر؟[266]" انتهى، والله أعلم.


[1] الروض المربع ص501.

[2] المقنع 3/ 523 و524.

[3] تحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399.

[4] تحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399.

[5] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[6] شرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 272 و273.

[7] أخرجه البخاري 5766، ومسلم 2189.

[8] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302، ومغني المحتاج 4/ 119 و1120، وتحفة المحتاج 9/ 62، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[9] شرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[10] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدرك من المغني.

[11] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 183.

[12] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[13] المجموع 19/ 245، ومغني المحتاج 4/ 119 و1120، وتحفة المحتاج 9/ 62.

[14] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302، ومغني المحتاج 4/ 119 و1120، وتحفة المحتاج 9/ 62، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[15] أخرجه عبد الرزاق 9/ 141 16667.

[16] شرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[17] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 27/ 184 و185.

[18] أخرجه الحاكم 4/ 171، والبيهقي 8/ 137.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

[19] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[20] الشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302.

[21] المجموع 19/ 245 و246 وتحفة المحتاج 9/ 62.

[22] الإشراف 8/ 242 5412.

[23] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 183.

[24] المسند 6/ 40، قال شعيب الأرنؤوط: هذا الأثر صحيح.

[25] أخرجه البخاري 6878، ومسلم 1676.

[26] شرح منتهى الإرادات 6/ 295 و296 وكشاف القناع 14/ 254 و255.

[27] أخرجه الترمذي في الجامع 1460، وفي العلل الكبير ص 237 430، والدارقطني 3/ 114، والحاكم 4/ 360، والبيهقي 8/ 136، من طريق أبي معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب الخير، مرفوعًا.
قال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعَّف في الحديث من قبل حفظه، وقال: والصحيح عن جندب موقوف.
وقال في العلل الكبير: سألت محمدًا "يعني: البخاري" عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء، وإنما رواه إسماعيل بن مسلم، وضعَّف إسماعيل بن مسلم المكي جدًا.

[28] الإشراف 8/ 243 5412.

[29] أبو داود 3043، وسنن سعيد بن منصور 2/ 90 2180.

[30] أخرجه مالك 2/ 871، وعبد الرزاق 10/ 180 18747.

[31] الدارقطني 3/ 114، والطبراني 2/ 177 1725، والحاكم 4/ 361، وصححه.

[32] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 27/ 184، وشرح منتهى الإرادات 6/ 307.

[33] تقدم تخريجه 9/ 408.

[34] أخرجه البخاري 5766، ومسلم 2189.

[35] أخرجه عبد بن حميد ص 193 550، والروياني في مسنده 1/ 331 502، من طريق عبيدالله بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه رضي الله عنه، به.
قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة 5/ 78 4261: هذا إسناد رواته ثقات.

[36] شرح منتهى الإرادات 6/ 307، وكشاف القناع 14/ 276.

[37] أخرجه أبو داود 3043، وسعيد بن منصور 2/ 90 2180.

[38] حاشية ابن عابدين 4/ 260.

[39] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 27/ 192 و193.

[40] البخاري 5766، ومسلم 2189.

[41] المغني 12/ 299 - 306.

[42] المنتقى شرح الموطأ 7/ 118، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وتحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 272.

[43] المشهور عند الحنفية أن للسحر حقيقة، وبعضهم قال: إنما هو تخييل. انظر: فتح القدير 4/ 408.

[44] في الأصل: "عنده"، والمثبت من الإفصاح.

[45] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[46] الشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302.

[47] شرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[48] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[49] الأم 1/ 293.

[50] الشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وكشاف القناع 14/ 273.

[51] مذهب أبي حنيفة أن الساحر يقتل، وانظر: فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17-12-2020, 06:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر



[52] المجموع 19/ 245 - 246، وتحفة المحتاج 9/ 63، ونهاية المحتاج 7/ 399 - 400.

[53] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[54] لم نقف عليه.

[55] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[56] الشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302.

[57] شرح منتهى الإرادات 6/ 296، وكشاف القناع 14/ 273.

[58] المجموع 19/ 246، وتحفة المحتاج 9/ 61، ونهاية المحتاج 7/ 399 و400.

[59] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260.

[60] الشرح الصغير 1/ 416.

[61] الأم 1/ 293، وتحفة المحتاج 9/ 63، ونهاية المحتاج 7/ 400.

[62] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 134 - 136.

[63] الشرح الصغير 2/ 420، وحاشية الدسوقي 4/ 306.

[64] المجموع 19/ 246.

[65] شرح متنهى الإرادات 6/ 306، وكشاف القناع 14/ 274 و275.

[66] حاشية ابن عابدين 4/ 260.

[67] المنتقى شرح الموطأ 7/ 116 و117.

[68] الأم 1/ 293.

[69] شرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[70] الأصح عند الحنفية عدم الفرق بين المرأة والرجل في السحر، انظر: فتح القدير 4/ 388 و389، وحاشية ابن عابدين 4/ 260 و261.

[71] الإفصاح 4/ 174 - 177.

[72] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 183.

[73] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302، ومغني المحتاج 4/ 119 و1120، وتحفة المحتاج 9/ 62، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[74] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 189 و190، وشرح منتهى الإرادات 6/ 307، وكشاف القناع 14/ 276.

[75] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 181 - 193.

[76] بهجة المجالس 1/ 403.

[77] شرح منتهى الإرادات 6/ 292 و293 وكشاف القناع 14/ 229 و230.

[78] الفروع 6/ 177 - 181.

[79] تصحيح الفروع مع الفروع 6/ 181.

[80] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 189 و190 وشرح منتهى الإرادات 6/ 307، وكشاف القناع 14/ 276.

[81] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 27/ 192.

[82] تصحيح الفروع مع الفروع 6/ 178 و179.

[83] البخاري 5758.

[84] البخاري 5759.

[85] البخاري 5760.

[86] البخاري 5761.

[87] البخاري 5762.

[88] شرح صحيح البخاري 9/ 438.

[89] أعلام الحديث 3/ 2219.

[90] تقدم تخريجه بلفظ: 9/ 358.

[91] البزار "كشف الأستار" 3/ 400 3045 - 3046.

[92] مسلم 2230.

[93] أبو يعلى 9/ 280 5408.

[94] الطبراني في الأوسط 6/ 378 6670.

[95] المفهم 5/ 636.

[96] أخرجه مسلم 1681.

[97] أخرجه مسلم 1682، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

[98] شرح صحيح البخاري 9/ 439.

[99] في الأصل: "الثالث"، والمثبت من الفتح.

[100] مسلم 537.

[101] أعلام الحديث 3/ 2219.

[102] رواه مسلم 2228.

[103] المفهم 5/ 632.

[104] المفهم 5/ 634.

[105] أعلام الحديث 3/ 2219.

[106] مسلم 2229.

[107] المفهم 5/ 633.

[108] فتح الباري 10/ 216 - 221.

[109] البخاري 5763.

[110] البخاري 5767، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ومسلم 869، من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما.

[111] الفصل في الملل والنحل 5/ 3.

[112] أحكام القرآن 1/ 52.

[113] نهاية المحتاج 7/ 399.

[114] فتح القدير 4/ 408.

[115] المحلى 1/ 36.

[116] روضة الطالبين 9/ 346.

[117] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والمنتقى شرح الموطأ 7/ 118، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وتحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 272.

[118] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والمنتقى شرح الموطأ 7/ 118، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وتحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 272.

[119] أعلام الحديث 2/ 1500.

[120] المعلم 3/ 94.

[121] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والمنتقى شرح الموطأ 7/ 118، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وتحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 399، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 272.

[122] 9/ 346.

[123] المفهم 5/ 569.

[124] الطبري في تفسيره 1/ 490 1649.

[125] الطبري في تفسيره 1/ 494 1662.

[126] الطبري في تفسيره 1/ 495 1665.

[127] الطبري في تفسيره 1/ 490 1649.

[128] في الأصل: "الكتب"، والمثبت من الفتح.

[129] الطبري في تفسيره 1/ 491 1653.

[130] تفسير الطبري 1/ 490 490.

[131] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدرك من الفتح.

[132] الطبري في تفسيره 1/ 494 1663.

[133] في الأصل: "معنى"، والمثبت من الفتح.

[134] روضة الطالبين 9/ 346.

[135] فتح القدير 4/ 408، وحاشية ابن عابدين 4/ 260، والشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302، وتحفة المحتاج 9/ 62، ونهاية المحتاج 7/ 400، وشرح منتهى الإرادات 6/ 305، وكشاف القناع 14/ 273.

[136] البخاري 6857، ومسلم 89، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[137] انظر: الشرح الصغير 1/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302.

[138] إكمال المعلم 7/ 90.

[139] شرح منتهى الإرادات 6/ 295 و296، وكشاف القناع 14/ 254 و255.

[140] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من الفتح.

[141] ساقطة من الأصل، والمثبت من "الفتح".

[142] 2/ 134.
قال أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه 2/ 69 - 70: هذا حديث منكر.
وقال ابن كثير في تفسيره 1/ 523: وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيح، إلا موسى بن جبير.

[143] أحكام القرآن 1/ 52.

[144] الطبري في تفسيره 12/ 750 38381.

[145] مجاز القرآن 2/ 317.

[146] 6/ 248.

[147] الطبقات الكبرى 2/ 198 - 199.

[148] مجاز القرآن 2/ 61.

[149] في الأصل: "تبصره"، والمثبت من الفتح.

[150] المحرر الوجيز 4/ 153.

[151] مسلم 2189.

[152] البخاري 5765.

[153] الطبقات الكبرى 2/ 197.

[154] أحمد 6/ 63.

[155] المعلم 3/ 93.

[156] البخاري 5765.

[157] البخاري 6063.

[158] في الأصل: "بضم"، والمثبت من الفتح.

[159] عبد الرزاق 11/ 13 19763.

[160] عبد الرزاق 11/ 14 19764.

[161] إكمال المعلم 7/ 88.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17-12-2020, 06:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فصل في السحر



[162] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 197 - 198.

[163] إكمال المعلم 7/ 88.

[164] البخاري 1210، ومسلم 541.

[165] تقدم تخريجه 9/ 432.

[166] دلائل النبوة 7/ 92.

[167] الطبقات الكبرى 2/ 198.

[168] شرح صحيح البخاري 21/ 37.

[169] مسلم 2189.

[170] أحمد 6/ 96، وابن سعد 2/ 196.

[171] شرح النووي على مسلم 14/ 176.

[172] الطبقات الكبرى 2/ 196 - 197.

[173] النسائي 7/ 113 4080، وأحمد 4/ 367، وابن سعد 2/ 199، وعبد بن حميد 1/ 115 271، والحاكم 4/ 360 - 361، قال الهيثمي في المجمع 6/ 281: رواه النسائي باختصار، ورواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.

[174] الأضداد لابن الأنباري ص 231.

[175] رواه أبو عبيد في غريب الحديث 1/ 232.

[176] زاد المعاد 4/ 125 - 126.

[177] المفهم 5/ 571.

[178] الطبقات الكبرى 2/ 198.

[179] البخاري 6391.

[180] الطبقات الكبرى 2/ 196 و197.

[181] الطبقات الكبرى 2/ 199.

[182] المفهم 5/ 573.

[183] الطبقات الكبرى 2/ 198.

[184] شرح النووي على مسلم 14/ 178.

[185] علقه البخاري قبل الحديث 3175.

[186] المفهم 5/ 574.

[187] البخاري 3518، ومسلم 2584، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

[188] الطبقات الكبرى 2/ 197 و198.

[189] فتح الباري 10/ 222 - 231.

[190] البخاري 5764.

[191] البخاري 2767، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[192] في حاشية الأصل: "لعله: سبع".

[193] شواهد التوضيح ص172.

[194] ساقطة من الأصل، والمثبت من الفتح.

[195] فتح الباري 10/ 232.

[196] في الأصل: "رأيتها"، والمثبت من صحيح البخاري.

[197] البخاري 5765.

[198] المراسيل 1/ 319 453.

[199] أحمد 3/ 294، وأبو داود 3868.

[200] كشف المشكل 4/ 341.

[201] شرح منتهى الإرادات 6/ 307، وكشاف القناع 14/ 276.

[202] مسلم 2199.

[203] البخاري 5740، ومسلم 2187، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[204] أخرجه عبد الرزاق 11/ 13 19763.

[205] في الأصل: "عصاه"، والمثبت من الفتح.

[206] شرح صحيح البخاري 9/ 446.

[207] أخرجه أحمد 6/ 96.

[208] مسلم 2189.

[209] شرح صحيح البخاري 9/ 444 و445.

[210] أخرجه البزار 2/ 131 4304.

[211] الطبقات الكبرى 2/ 197 و198.

[212] في هامش الأصل: "لعلها: تعني".

[213] المسند 6/ 63.

[214] زاد المعاد 4/ 113، باختصار وتصرف.

[215] فتح الباري 10/ 233 - 235.

[216] البخاري 5766.

[217] شرح صحيح البخاري 9/ 440.

[218] في الأصل: "إلى"، والمثبت من الفتح.

[219] تقدم تخريجه 9/ 410.

[220] البيهقي 8/ 136.

[221] عبد الرزاق 10/ 169 18745.

[222] البخاري 3157، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

[223] شرح صحيح البخاري 5/ 358.

[224] الشرح الصغير 2/ 420، وحاشية الدسوقي 4/ 306 و307.

[225] حاشية ابن عابدين 4/ 260.

[226] المجموع 19/ 246.

[227] الشرح الصغير 2/ 420، وحاشية الدسوقي 4/ 306 و307.

[228] الشرح الصغير 2/ 416، وحاشية الدسوقي 4/ 302.

[229] شرح منتهى الإرادات 6/ 295 و296، وكشاف القناع 14/ 254 و255.

[230] المجموع 19/ 246، وتحفة المحتاج 9/ 61، ونهاية المحتاج 7/ 399 و400.

[231] أحكام للقرآن للجصاص 1/ 63.

[232] المجموع 19/ 246، وتحفة المحتاج 9/ 61، ونهاية المحتاج 7/ 399 و400.

[233] شرح النووي على مسلم 11/ 38.

[234] فتح الباري 10/ 236.

[235] البخاري 5767.

[236] في الأصل: "لسحرًا"، والمثبت من الفتح.

[237] في الأصل: "الأهيم"، والمثبت من الفتح.

[238] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدرك من الفتح.

[239] دلائل النبوة للبيهقي 5/ 316 - 317.

[240] أعلام الحديث 3/ 1976.

[241] في الأصل: "دخل"، والمثبت من الفتح.

[242] في الأصل: "تخيير"، والمثبت من الفتح.

[243] أخرجه مالك 2/ 986 1783، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[244] شرح صحيح البخاري 9/ 448.

[245] فتح الباري 10/ 237 - 238.

[246] البخاري 5768.

[247] البخاري 5769.

[248] النهاية في غريب الحديث 3/ 188.

[249] مسلم 2048.

[250] مسلم 2047.

[251] النسائي في "الكبرى" 4/ 165 6715 - 6718.

[252] ساقطة من الأصل، والمثبت من "الفتح".

[253] أخرجه ابن أبي شيبة 7/ 376، حدثنا ابن نمير، به.

[254] أعلام الحديث 2/ 2054.

[255] المعلم 3/ 72.

[256] إكمال المعلم 6/ 531.

[257] شرح النووي على مسلم 14/ 3.

[258] المعلم 3/ 72.

[259] إكمال المعلم 6/ 532.

[260] المفهم 5/ 322.

[261] أخرجه البخاري 5714، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

[262] أخرجه أبو داود 3875، من طريق مجاهد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 2/ 559 - 560: إنه من رواية مجاهد، عن سعد بن أبي وقاص، ولا أعلم له سماعًا منه.
قلت: قال أبو حاتم الرازي: لم يدرك "مجاهدٌ" سعدًا، إنما يروي عن مصعب بن سعد، عنه. انظر: تحفة التحصيل ص 294.

[263] أخرجه مسلم 2202.

[264] زاد المعاد 4/ 341.

[265] زاد المعاد 4/ 292.

[266] فتح الباري 10/ 238 - 240.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 310.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 305.50 كيلو بايت... تم توفير 5.12 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]