اليوم العالمي للغة العربية تكريم أم تأبين؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216190 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7836 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859758 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394088 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-08-2023, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي اليوم العالمي للغة العربية تكريم أم تأبين؟

اليوم العالمي للغة العربية تكريم أم تأبين؟
د. عبدالمنعم مجاور

دأب الكثيرون من المهتمين باللغة العربية على الاحتفال بيومها العالمي؛ ذلك اليوم الذي تصدقت به الأمم المتحدة علينا، وعلى اللغة العربية فجعلت يوم الثامن عشر من ديسمبر يومًا لذلك التكريم، وقد صدر ذلك بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، المرقّم (3190) والمؤرخ بالتاريخ السابق من عام 1973م، لتجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية الست التي تدخل ضمن لغات العمل بتلك الجمعية.

وقد يقول قائل: وما الغضاضة في ذلك؟! وما وجه الاعتراض في أن تُدرَج اللغة العربية ضمن أشهر لغات العالم الست؟! أليس ذلك أفضل من أن تهمّش تلك اللغة ولا يسمع بها أحدٌ؟!

وأجيب عن أسئلتك المشروعة بأسئلة أكثر مشروعية فأقول: وهل تخصيص يوم للغة العربية أحياها بعد موات؟! هل وضعها في مكان لم تتبوأه من قبل؟! ماذا أضاف إليها في غربتها؟ هل منحها كرامة لها في موطنها؟ هل حماها من لغات زاحمتها بل غزتها في عُقر دارها؟!

فإن قلت لي: ذلك ليس ذنبَ منظمة عالمية أرادت تكريم لغتك بل هو ذنبُ أُمَّة فرّطت في لغتها، فَلْتَلُم أهل تلك اللغة إن كنتَ لائمًا، قلتُ لك ما قاله الحارث الجرمي:
ما عاتبَ المرءَ الكريمَ كنفسِهِ *** ولا لامَ مثلَ النفسِ حين يلومُ
نعم، وعندك كل الحق، إنّ من ضيَّع وفرّط في ميراثه لا يُقبل منه أن يلوم غريبًا على استهانة أو تفريط.

إن الاحتفال بيوم اللغة العربية أشبه بذلك اليوم الذي يسمونه "يوم الأم" أو "عيد الأم" إن جازت التسمية؛ فترى الأبناء يتسابقون في ذلك اليوم إلى شراء الهدايا لأمهم الرؤوم، فيسعدونها ويقبّلون منها الرأس والأيادي حتّى إذا انتهوا من أداء مهمتهم الشكلية عادوا من حيث أتوا وتركوها لغربتها ووحدتها تعيش على ذكرى ذلك اليوم إلى صنوه من العام المقبل إن مدّ الله في عمرها إليه، فما فائدة ودّ متكلف، وحب مصطنع؟! إن من علامات صدق الحب الوصل لا الهجر، والبذل لا المنع، والرعاية والبِّر لا الإهمال والعقوق، فهل وصلنا لغتنا وبذلنا لها من العناية والرعاية والبِّر ما تستحق؟!

إنك لتعجب من احترام أهل اللغات الأخرى وتبجيلهم للغتهم إلى حدّ أن يعتذر رئيس دولة ويخرج غاضبًا مغادرًا قاعة مؤتمر عُقد في بلده لا لإهانة وجهت له، ولا لبروتوكول لم يُراعى وإنّما لأن المؤتمر الذي عقد في بلده بُدِء بلغة غير لغة بلده!!

ولعلك تقول: ومن أين نبدأ إذن بعيدًا عن التنظير؟ أقول لك: مما بدأ به مَن سبقونا، سواء على مستوى السبق الحضاري، أو السبق التاريخي الزمني؛ فكل تجربة أثبتت جدارتها ونجاعتها في علاج داء استعصى حقيقٌ بها أن تُحتذى على ألا يكون فيها تعارض مع دين، أو هدم لقيم، ولعل التركيز على الجانب الوظيفي في اللغة الآن أضحى ضرورة مُلحّة تحت ضغط التكنولوجيا وآفاقها الممتدة، وبحارها الواسعة، ولا يكون ذلك إلا بالاهتمام بالنشء منذ نعومة الأظفار، ويفاعة الصبا، فَيُرَبَّون على حُبِّ لغتهم واحترامها من خلال القدوة والمَثَل، ومن خلال التسلح بعلوم العصر التي تخدم تلك اللغة لتواكب عصرها، وتساير زمانًا فيه من المتغيرات ما أتى على كثير من الثوابت.

إن تعلم اللغة العربية وتعليمها ليس مجرد إكساب المتعلم مهارات اللغة، بل إنها مسألة وجود، وقضية كينونة، وأمر هُويّة، ومشروع ثقافة، وعملية بناء شخصية.. ولا تظننّ أني مبالغ في شيء من ذلك، بل إنني ذكرت شيئا وتركت أشياء لا يتسع لها مقال كهذا، ودعني أضرب لك مثلًا أختم به حديثي معك: لو أنّك أخذت قصة من قصص الأطفال لكاتب ممن عُرفوا بحبهم للغتهم وتاريخهم وتراثهم؛ ككامل الكيلاني، أو عبد التواب يوسف، أو زكريا تامر، أو عبد الوهاب المسيري "طيّب الله ثراهم جميعًا" أقول: لو أنك قرأت لطفلك أو لطفل غيرك قصة من قصصهم التي كتبوها للأطفال واستلهموا مادتها من التراث العربي الإسلامي كأن تكون قصة صحابي مثلا، هل تظن أنك بذلك تعلّم الطفل اللغة فحسب؟! إنّك تعلّم اللغة الوظيفية السهلة وتبث معها قيمًا إيجابية كالعدل والإخاء والمساواة والتضحية وغيرها من القيم، وتبني من خلالها شخصية الطفل، وتُكرّس الهوية، وترسخ مبادئ الدين السمحة، وترسم مستقبلًا مبنيًا على جذور ثوابت، وليس مجرد نبت شيطاني يتزعزع ثم يتهافت أمام أول هبة ريح، إنّك بهذه القصة البسيطة تصنع مجدًا، وتبني جسور الأمل بوحي من تلك اللغة الغرّاء.

إن تكريم هذه اللغة الغالية – يا سادة- لا يكون بإقامة حفل تُلقى فيه القصائد الغرّاء، والخطب العصماء، وتوزع فيه شهادات التقدير، وتُنشر بعده مقاطع الفيديو وألبومات الصور، وإنّما ينبغي أن يكون احتفالنا بهذه اللغة احتفالا مستمرًا ممتدا؛ احتفالا بكتاب فذِّ ألّف فيها، أو بحث نادر أرشد إلى ظاهرة جديدة، أو أطفال نابهين نطقوا بها بطلاقة وارتجال، أو بشعراء ذادوا عن حياض تلك اللغة.. ساعتها فقط سندرك أن يوم اللغة العربية هو يوم تبجيل لها وتكريم، وليس يوم رثاء لها وتأبين -حاشاها-.. حفظ الله اللغة العربية ومعلميها ومحبيها والذائدين عن حياضها، وقيّض الله لها من أبنائها من يرفع راياتها خفاقة على مسامع الزمن.

ولله در شاعر النيل إذ يقول على لسان اللغة العربية:
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني
أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً
وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.73 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]