تحويل القبلة.. دروس وعبر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213624 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2020, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي تحويل القبلة.. دروس وعبر

تحويل القبلة.. دروس وعبر














محمود الشال














إن تحويل القبلة حادث جلل كان له تأثيره القوي في مصير الأمة الإسلامية ونفوس المؤمنين، بل ونفوس الجاحدين من اليهود والمشركين والمنافقين؛ وهو حادث غير وجه التاريخ بحق فقد اختلت الموازين عند اليهود الذين كان يعجبهم أنه صلى الله عليه وسلم يتجه إلى قبلتهم وكأنه يتبعهم، واختلت الموازين عند القرشيين من المشركين لما أُعلن المسجد الحرام وهم حوله قبلة لأمة الإسلام إيذانا بعودة المسلمين إليه وسلبه من أيدي هؤلاء المعاندين، واختلت الموازين عند المنافقين الذين ظنوا أن الإسلام أقوالٌ لا أفعال وأنه ما سيدعوهم إلى العمل والاجتهاد لرفعة الإسلام والمسلمين.







ولنحاول أن نستنتج من العبر ما يكون لنا زاداً إلى حسن المصير:



أولاً: التمييز بين الصادقين وغيرهم سنة الله في أمة الإسلام:



للمرة الثانية في أقل من خمس سنوات بعد الإسراء والمعراج ينتقص عدد المسلمين إثر حادث ضخم آخر للأمة ألا وهو تحويل القبلة حيث ارتد قوم عن الإسلام مرة أخرى!







أجاب الله على المتسائلين عن السبب فقال: ﴿ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ [البقرة: 143].







لم يكن التمييز فقط بين صادقي الإيمان وأصحاب الإيمان المزيف، ولكن التمييز في هذه الحادثة كان لجميع الطوائف في شبه الجزيرة العربية من مسلمين ومشركين وأهل كتاب، ولقد قسم الله هذه الطوائف كلها إلى قسمين كبيرين فجعل المؤمنين قسم وحدهم وجعل باقي الطوائف على اختلاف مواقفهم قسم في مقابل فريق أهل الإيمان قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ ﴾ [البقرة: 142].







وهي من الضربات الاستباقية التي عهدناها بعد ذلك في القرآن الكريم في خطاب المنافقين والمشركين فقد أخبر الله تعالى نبيه عما سيقوله المنافقون قبل أن يقولوه وبالفعل يقولوه ولكن الله يستبق قولهم بالرد عليهم وتفنيد ما يدعوه مثل قوله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [الفتح: 11]، وقوله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الفتح: 15].







وبالفعل يتساءل جميع السفهاء من مشركين ويهود ومنافقين نفس السؤال ﴿ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ﴾ [البقرة: 142] !







والسفه في الآية كما ذكره الطبري رحمه الله في تفسيره جـ3 ص 129 قال: وإنما سماهم الله عز وجل "سفهاء "، لأنهم سفهوا الحق. فتجاهلت أحبار اليهود، وتعاظمت جهالهم وأهل الغباء منهم، عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، إذ كان من العرب ولم يكن من بني إسرائيل، وتحير المنافقون فتبلدوا.







وهو ما يتضح جليا من سؤالهم حيث أن جميع الاتجاهات لله تعالى وليست ملكا لليهود او المسلمين أو غيرهم والله يفعل ما يشاء كيفما شاء وقتما شاء ولذلك قال الله لهم ﴿ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142].







ثانياً: اليهود قوم بُهت:



يتضح لنا من القصة أن أهل الكتاب من اليهود أهل جحود وإنكار وهم قوم بهت كما وصفهم حبرهم السابق عبد الله بن سلام رضي الله عنه حينما أسلم، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ( أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟، وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه ؟، قال: أخبرني به جبريل آنفا، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: يا رسولَ اللهِ، إن اليهود قوم بُهْت، فاسألهم عنِّي قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟!، قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟!، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قالوا: شرُّنا وابن شرِّنا، وتنقصوه، قال: هذا كنتُ أخاف يا رسولَ الله ) رواه البخاري.







قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ﴾، أحبار اليهود وعلماء النصارى: يقول: يعرف هؤلاء الأحبار من اليهود، والعلماء من النصارى: أن البيت الحرام قبلتهم وقبلة إبراهيم وقبلة الأنبياء قبلك، كما يعرفون أبناءهم ( تفسير الطبري جـ3 ص 187 ).







ولولا موقف اليهود الجاحد المنكر لدعوة الإسلام ما حدثت الفتنة التي حدثت بهذا الحجم ذلك أن العرب كانوا لا يعرفون عن الأمر شيئاً إلا ما أخبرهم به اليهود مع أنهم كان لديهم علم بنبوته صلى الله عليه وسلم وهو الذي عرفوه بمجرد قدومه عليهم، يروى أن عمر رضي الله عنه قال لعبد الله بن سلام: أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ولدك ابنك، قال: نعم وأكثر، نزل الأمين من السماء على الأمين، في الأرض بنعته فعرفته، وإني لا أدري ما كان من أمره.







يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير جـ 2 ص 39 ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].







جملة معترضة بين جملة ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب إلخ، وبين جملة ولكل وجهة إلخ اعتراض استطراد بمناسبة ذكر مطاعن أهل الكتاب في القبلة الإسلامية، فإن طعنهم كان عن مكابرة مع علمهم بأن القبلة الإسلامية حق.







ثالثاً: شعار المؤمنين التسليم لله رب العالمين:



أما المؤمنون حقاً فكان موقفهم واضحا منذ اللحظة الأولى جاء في الصحيحين، عن ابن عمر أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.







وكان لسان حالهم كما هو شأنهم في كل موقف وفي كل حادثة نسلم على أثر نبينا لكل أمر يأمرنا به ربنا ونرضى به؛ فقد رضينا ورضي رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقبلة الأولى ورضينا ورضي رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقبلة الثانية، وحبه صلى الله عليه وسلم وحبنا للمسجد الحرام كان محل نظر من ربنا، ولذلك قال الله تعالى مطيبا نفوس المؤمنين ونبيهم ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴾ [البقرة: 144]، وعبر هنا بالرضا لعلمه سبحانه بمحبة نبيه صلى الله عليه وسلم للمسجد الحرام وهواه المتوافق مع إرادة الله تعالى لهذه الأمة خاتمة الأمم.







ومع ذلك فإن المؤمنين المتحابين فيما بينهم المتماسكين كالجسد الواحد كان لهم سؤال مشروع ليس سؤالا عن أنفسهم فقط ولكن أيضاً عن إخوانهم الذين ماتوا وهم على القبلة الأولى جهة بيت المقدس يقول البراء رضي الله عنه كما في البخاري: وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله عز وجل ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143].







رابعاً: عالمية الدعوة الإسلامية وتميز أمة الإسلام:



لقد كان صلى الله عليه وسلم متعلقا قلبه بالمسجد الحرام طوال مدة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهراً بعد هجرته إلى المدينة المنورة.







فقد ورد في البخاري عن البراء، رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها، صلاة العصر، وصلى معه قوم. فخرج رجل ممن كان صلى معه، فمر على أهل المسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت.







لقد كان يكنه في صدره صلى الله عليه وسلم وكل ما كان منه هو النظر وتقليب وجهه في السماء انتظارا واشتياقا لمنة الله تعالى على هذه الأمة بإعلانها أنها الأمة المتميزة الخاتمة ذلك أن الله تعالى قد أخبر نبيه في مكة وقت معاندة المشركين له بقوله ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [سبأ: 28] وقوله ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقوله لما اتهموه باتباع أساطير الأولين ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 5، 6]، وقوله لما اتهموه بأنه يعلمه بشر ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103].







كل هذه نصوص من القرآن الكريم نزلت في مكة المكرمة تشير إلى عالمية دعوة الإسلام ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه غير تابع لأهل الكتاب ودعوته ليست مقتصرة على قومه فقط كما كان من قبله من الأنبياء.




ولقد أخبر صلى الله عليه وسلم المسلمين وهو في مكة بعدما اشتد بهم الأذى من قريش بعالمية الدعوة وانتشارها، عن خباب بن الأرت رضي الله عنه، قال: ( شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا ؟، قال - صلى الله عليه وسلم -: كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ) ( البخاري ).








كلامه صلى الله عليه وسلم يدل على انتشار الإسلام وعلى عالمية الدعوة الإسلامية وأن المسألة مجرد وقت وسيحدث كل هذا بتوفيق الله سبحانه، ولكن كيف ذلك والتبعية لازالت موجودة في القبلة إلى بيت المقدس قبلة اليهود أيضا، كان لابد من هذا الحدث الذي يثبت عالمية الدعوة الإسلامية وتميز الأمة الإسلامية؛ فكان صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وكأنه ينتظر أمر الله تعالى في تمييز الأمة.







يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار ( جـ2 ص 12 ): قالوا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتشوف لتحويل القبلة من بيت المقدس ويرجوه، بل قال ( الجلال ): إنه كان ينتظره؛ لأن الكعبة قبلة أبيه إبراهيم، والتوجه إليها أدعى إلى إيمان العرب؛ أي: وعلى العرب المعول في ظهور هذا الدين العام؛ لأنهم كانوا أكمل استعدادا له من جميع الأنام.







الخطبة الثانية



خامساً: وسطية أمة الإسلام:



قال تعالى: "﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143] الوسط هاهنا: الخيار والأجود







روى الإمام أحمد: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت ؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم ؟ فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك ؟ فيقول: محمد وأمته " قال: فذلك قوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143].







ورى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه، فيقال لهم هل بلغكم هذا ؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلغت قومك ؟ فيقول: نعم. فيقال [ له ] من يشهد لك ؟ فيقول: محمد وأمته. فيدعى بمحمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه ؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما علمكم ؟ فيقولون: جاءنا نبينا صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا " فذلك قوله عز وجل: (﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143] قال: " عدلا ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143] ".







نعم إنها أمة عدول لذلك فهي تعدل فتفصل بمشيئة ربها تبارك وتعالى بين الأنبياء وأممهم وتشهد على من سبقها من الأمم كل ذلك تصديقا بما أخبرها به نبيها صلى الله عليه وسلم.







ولقد جعل الله هذه الخاصية أيضا لهذه الأمة في الدنيا فيشهدهم الله تعالى بصلاح الصالح فيهم وطلاح الطالح ويجعل شهادتهم معتبرة، روى الحاكم، في مستدركه وابن مردويه أيضا، واللفظ له، من حديث مصعب بن ثابت، عن محمد بن كعب القرظي، عن جابر بن عبد الله، قال: شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة، في بني سلمة، وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: والله يا رسول الله لنعم المرء كان، لقد كان عفيفا مسلما وكان... وأثنوا عليه خيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت بما تقول ". فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر، فأما الذي بدا لنا منه فذاك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وجبت ". ثم شهد جنازة في بني حارثة، وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: يا رسول الله، بئس المرء كان، إن كان لفظا غليظا، فأثنوا عليه شرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعضهم: " أنت بالذي تقول ". فقال الرجل: الله أعلم بالسرائر، فأما الذي بدا لنا منه فذاك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وجبت ".







قال مصعب بن ثابت: فقال لنا عند ذلك محمد بن كعب: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].



ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.



وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثني أبو الوليد، حدثنا نافع بن عمر، حدثني أمية بن صفوان، عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنباوة يقول: " يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم " قالوا: بم يا رسول الله ؟ قال: " بالثناء الحسن والثناء السيئ، أنتم شهداء الله في الأرض ". ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون. ورواه الإمام أحمد، عن يزيد بن هارون، وعبد الملك بن عمر وشريح، عن نافع عن ابن عمر، به.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.98 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]