صخب دافئ - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858568 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 392987 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215512 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-08-2022, 03:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي صخب دافئ

صخب دافئ





أم وفاء خناثة قوادري







مُشتَّتةُ الفكر أنا، بين واقع مرير، تكدَّست أعباؤه على كاهلي، فسحقت ابتسامتي، وتائهةٌ بين أمسٍ زاخر بالأحلام النرجسية الدافئة، ترسمها فتاة عشرينية، تتوثب للنجاح، ترفض الاستسلام للواقع، وتشحن بطارية إرادتها صباحَ مساءَ.

تسافرُ مِن عمق القرية الوادعة المسالِمة "ازنينة"، تلك القرية التي نامَت منذ القدم، وصارت تاريخًا وطللًا، عزلت عن كل تيار ثقافي، إلا تيارًا واحدًا يعب بالشوق إليها عبًّا، إنه تيار قلوبٍ تضبط عقارب ساعتها على ذاك الميقات؛ ميقات العودة إليها، لشمِّ نسائمها، والتَّجوال في مرابعها.

قلوب متأهبة للفوز بها كملاذٍ، ويا له من ملاذٍ!
مطحونة أنا، وهل طحنني غيرُ التعليم! إنه مقبرة الإبداع، وملتقى الجياع.

كان يحدق بعينين متوقدتين، كأنما يريد استفزازي؛ لأن الاختبارات على الأبواب، ولم أقدِّم بعدُ نصوص أسئلتي.
صدمني بجدول حراسة من ست أو سبع فترات.

أنا تابعة لمؤسسة تربوية أخرى، وانتمائي لثانويَّتكم إنما هو تكملة نصاب لا غير، وعليه فأنا غير مَعْنية بالحراسة هنا.
لم أنتبه إلا وشرطي المرور يعترض سبيلي، يشير لي بركن السيارة جانبًا.

يا ربي، ما العمل إن سُحبت مني رخصتي؟ وكيف أتحرك صباحَ مساءَ، غدوًّا ورواحًا، بين مؤسستين إحداهما بالمدخل الشمالي للمدينة، والأخرى بمدخلها الشرقي؟!
قلت بعفوية وارتباك:
العفو، لم أنتبه للإشارة.

رد بأدب جم:
أعرف؛ فقد كنت مشدوهة لسيارة الإسعاف التي مرت أمامك، أما الإشارة، فلا أحسبك قد انتبهت للشرطي، ولا حتى رأيتِه، ربما!
وأشار إلى زميله القابع هناك، عند الخط الدائري.
سلمتُ الشرطي الوثائق، واستطردت أفكر في محنة الحراسة والامتحانات والناظر الشرس، والنصوص التي لم يتبقَّ لي وقت لأنجزها فيه.
خجلت حقًّا حين رد عليَّ أوراقي!
شكرته وانصرفت.
♦ ♦ ♦


صوت ابنتي من داخل الدار، يفجؤني قبل أن ألج الباب: أمي، عدت الحين أنا وأخواي، لا يوجد بالبيت غيرنا، لقد تغيبتْ.
تغيبتْ؟! هكذا إذًا، فعلتْها، أخلفتْ موعدها، كنت أظن أن المبلغ مُغرٍ لأرملةٍ في مثل حالها!
ويصدمني الواقع من جديد، فكل الأعمال بالبيت كانت قد تأجلت، وها هي الآن مكدسة تنتظرني.
صدق مَن قال: إن العبيدَ لأجناسٌ مَناكِيدُ!
إذًا سأقفُ كلَّ الساعات المتبقية من النهار، أنظف وأشطف، أرتب وأنسق.. يا سامعي:
أرأيتَ عينًا للدموعِ تُعارُ؟
موجات الإذاعة المحلية التي اخترتُ، تحمل إلى أذنيَّ لقاءً صحفيًّا مع أحد زملاء المهنة والدراسة، بدا سعيدًا ينثر ابتهاجه على الملأ، فقد أتم الدراسات العليا، ذاك الحلم الذي عز عليَّ تحقيقُه.

كنت أشطف الدهن عن المِقْلاة، وبعصبية فاحَتْ منها رائحة المقت للاَّعدْلِ داخل المجتمع، وجدتني أتمتم:
أجل لك أن تزهو بنفسك؛ فأنت لا تغسل الأواني مثلي.
يا له من مجتمع متخلف، يمتهن إرادة الفرد، ويطمس فيه كل إرادة تتوثب للنجاح!
♦ ♦ ♦


أسابق اللحظات لأعيد للبيت نظامه وترتيبه، ويصرعني الإعياء، فآخذ هُنيَّة استرخاءٍ.
أحاور بطلات قصصي ولا غرابة، فالغريق يتشبَّث بقشة، أسائلهن: مَن منهن تتكرَّم فتزيح غمَّتي، وتخفف عني العناء، ولأعطرنَّ ذِكْرها بيراعي، ولأدبِّجنَّه بالياقوت والألماس، ولأنثرنَّ عليه من أريج العطر والزهر الفواح.
حمدًا لله، انتهى يومي بسلام؛ إذ لم أضطرَّ لصلاة العشاء جالسة، كما يحدث لبعض زميلاتي، في بعض الأحيان.
♦ ♦ ♦


هل اخترتُ التعليم أم اختارني؟!
لا أدري؛ إذ ليس هناك مهنةٌ أخرى كان بوسعي ممارستُها إلا إياه، على كلٍّ لقد وجدت فيه متنفسًا للخروج إلى فضاءات رَحْبة في الحياة، عِوَض البقاء فريسةً للجهل والركود المعرفي.
وما الذي يعيب التعليم؟! وهل كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلا معلمًا، أوَ ليس هو القائل: ((فضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب))؟
ومَن العالم؟ إنه مَن يعلِّم الناس الخير، وهو مَن تصلي عليه الملائكة، بل وحتى النملة في جحرها والحوت في البحر لَيدعونَ له ويستغفرون، وصلى الله على الحبيب؛ إذ قال ذلك وبشَّر به.
وليت شِعْري، كم كنت أتألم حينما كنتُ أرى لِدَاتٍ لي وهن يتنافَسنَ في الخيرات، ويواظبن على مجالس العلم، أما أنا، فإلى المدرسة جيئة وذَهابًا، لكن سرعان ما يُبدِّد هذا الحديثُ ما بي من الأسى، فتنفرج أساريري، وتهدأ النفس وتستكين.
♦ ♦ ♦


أجل ما الذي يعيب التعليم، سوى أننا شوَّهنا وجهه المشرق الجميل؟ فهو زكاة العلم، ومهنة الشرف السامية، وميراث النبوة الخالد.
ويا.. ما أجملها من محبة صادقة، تلك التي توطد دعائمَها الأيامُ، بين المربي وطلابه، فالقسم بيتُنا الثاني، وهذه الوجوه النيِّرة الحالمة تملأ نفسي دفئًا وسكينة، ومع الأيام تسرقني من عائلتي، بل ومِن نفسي التي بين جوانحي، فأشتاقها حين العطل، وآنَسُ بصحبتها في الخلوات.
فهنا نقاء السريرة والبراءة، والابتسامة التي لا تفارق الوجوه.
أما مع مرور السنين، فتتحول هذه البراءة عقلًا واتزانًا، ليستلم أصحابها مواقعهم في المجتمع، دون أن ينسوا للأستاذ فضله واحترامه.
إن نجاحهم بحقٍّ وسامُ شرف لي، وتاج عز وفخار.
ما أروعك أيها التعليم! لولا أن طبيعة مادة الاختصاص تضطرني لتدريس ثمانية أو عشرة ولربما اثني عشر قسمًا، مما يعني أنه ينبغي لأستاذٍ هذا حاله أن يسكن بإحدى الحجرات داخل المؤسسة وكفى.
♦ ♦ ♦


أفتح الباب، ليدلف أصغر أبنائي، يقذف بمحفظتِه إلى أعلى، فتدور بحركة لولبيَّة في الفضاء، ويرتمي بقفزة انسحابية على ركبتَيْه، معلنًا غبطته بصرخة فرح مدوِّية، تنطلق لترافق المحفظة في الأعلى.
أجل، إنها أمي بداخل الدار، يا له من يوم جميل!
ويتدفَّق الصخب الدافئ إلى صحن الدار، ومعه الفرحة والحبور، يغمر البيت بكل المشاعر، لا لشيء إلا لأنني اليوم لا أعمل.
لكن، هل حقًّا أنا اليوم لا أعمل!؟ لا والله، فما أكثرَ وأشق العملَ اليوم!
♦ ♦ ♦


في نهاية كل يوم متعب شاقٍّ، أرفع شعار: ((مَن أمسى كالًّا مِن عمل يده، أمسى مغفورًا له))، أسترخي لآخذ قسطًا من الراحة، أنظر بحنينٍ إلى أوراقي المتناثرة على المكتب هناك، أُشفِق على نفسي لحرمانها من حضن الكتب الدافئ الحنون.
أغازل القرطاس من بعيد، ويراعًا ينتظر أن يُطلَق له العنان، للتعبير عن مكنون النفس والضمير.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.46 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]