مباحث في العقيدة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 33 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          { ويحذركم الله نفسه } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان والسباق نحو دار السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 772 )           »          منيو إفطار 19 رمضان.. طريقة عمل الممبار بطعم شهى ولذيذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          جددي منزلك قبل العيد.. 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-12-2019, 06:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي مباحث في العقيدة

مباحث في العقيدة (3) التعريف بالتوحيد مع بيان فضله وأهميته وثمراته

د.عبدالله بن محمد الطيار




عناصر البحث
(1) تعريف التوحيد.
(2) نصوص القرآن في تعظيم التوحيد.
(3) نصوص السنة في تعظيم التوحيد.
(4) آثار السلف في تعظيم التوحيد.
(5) فضل التوحيد.
(6) أهمية التوحيد وكلام بعض المحققين من العلماء في ذلك.
(7) ثمرات التوحيد.
(8) أسباب نمو التوحيد في القلب

(1) تعريف التوحيد
التوحيد لغة مصدر وحّد يوحّد أي جعل الشيء واحداً وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحَّد وإثباته له.
والتوحيد شرعاً: هو إفراد الله بالعبادة وإثبات اتصافه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وتنزيهه عن النقائص والعيوب ومشابهة المخلوق [1].
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- في تعريف التوحيد: «توحيد الله هو إفراده بالعبادة عن إيمان وصدق وعن عمل لا مجرد كلام ومع اعتقاده بأن عبادة غيره باطلة وأن عباد غيره مشركون ومع البراءة منهم» [2].

(2) نصوص القرآن في تعظيم التوحيد.
غالب سور القرآن بل كل سورة منه فهي متضمنة للتوحيد وشاهدة به وداعية إليه بل التوحيد هو فاتحة القرآن العظيم وخاتمته.
فهو فاتحة القرآن كما في أول سورة الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[3] وهو في خاتمة القرآن {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[4] وجميع آيات سورة الفاتحة تدل على التوحيد. وكثير من آيات الكتاب جاءت صريحة بالدعوة إليه.
بل إن جميع الرسل بعثوا بالتوحيد قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[5].
وسورة الكافرون دعوة إلى التوحيد ومنابذة المشركين {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}
وسورة الإخلاص{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
قال ابن القيم –رحمه الله-:
«وغالب سور القرآن بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة نوعي التوحيد. الأول: توحيد الإثبات والمعرفة أي توحيد الربوبية والأسماء والصفات، والثاني: توحيد الطلب والقصد وهو توحيد الألوهية – بل نقول قولاً كلياً إن كل آية من القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه، فإن القرآن:
• إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، أي توحيد الربوبية.
• وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي أي توحيد الألوهية.
• وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره فهو حقوق التوحيد ومكملاته
• وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء توحيده.
• وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم من العقبى من عذاب الله فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد.
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائه» [6].
قال شارح الطحاوية: «فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه وفي شأن الشرك وأهله وجزائه فـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} توحيد {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
توحيد {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}توحيد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}توحيد {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
توحيد المتضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد الذين أنعم الله عليهم {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}الذين فارقوا التوحيد.
وكذلك شهد الله لنفسه بهذا التوحيد وشهدت به ملائكته وأنبيائه ورسله قال تعالى:
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ }[7].
فتضمنت هذه الآية الكريمة إثبات حقيقة التوحيد والرد على جميع الطوائف الضلال فتضمنت أجل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها من أجل شاهد بأجل مشهود به» [8].
(3) نصوص السنة في تعظيم التوحيد
لقد اهتم رسولنا - صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد وأعلى مكانته ورفع أعلامه ودعا إليه عشر سنوات وهو في مكة وكان يخاطب الكفار قائلاً {قولوا لا إله إلا الله تفلحون}[9].
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحقق هذا التوحيد لأمته ويحسم عنهم مواد الشرك إذ هذا تحقيق قولنا لا إله إلا الله فإن الإله هو الذي تألهه القلوب لكمال المحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والرجاء والخوف» [10].
ومن الأحاديث التي تدل على أهمية التوحيد:
(1) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له .." [11]
(2) وعن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة" [12].
(3) وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن قال: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات ..." [13].
(4) وعن معاذ بن - جبل رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً يا معاذ أتدري ما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذبهم..."[14].
(5) حديث جبريل حيث سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "الإسلام أن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة ..."[15]
وغير هذه النصوص كثير يظهر منها تعظيم التوحيد وأنه أعظم ما أمر الله جل وعلا به عباده وأمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم- وأن جزاءه الجنة.
(4) آثار السلف في تعظيم التوحيد
سار السلف الصالح على ما كان عليه نبيهم من الحرص على التوحيد ونشره وبيان معالمه ودلالة الناس عليه وإقامة الحجة وقد رفعوا راية التوحيد خفاقة في أرجاء المعمورة.
لقد انتشر صحابة رسول الله في كل البلاد التي فتحوها ينشرون التوحيد فيها مجتهدين غاية الاجتهاد في إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ظلمات الدنيا إلى سعة الآخرة.
*أ. قال ابن مسعود - رضي الله عنهما- :«من سره أن ينظر إلى وصية محمد - صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}[16]
*ب. وقال أبو العالية: «تعلموا الإسلام وعليكم بالصراط المستقيم وعليكم بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء» [17].
*ج. وكان ابن عباس يوصي فيقول: «عليكم بالاستقامة اتبعوا ولا تبتدعوا» [18].
*د. وقال ابن مسعود:«الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة» [19].
هـ. وقال الزهري: «الاعتصام بالسنة نجاة» [20]
و. وقال الأوزاعي: «اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما يسعهم» [21].
وقد سار على هذا المنهج الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة من أهل العلم والفضل ممن تحملوا أمانة تبليغ شرع الله ونشر التوحيد بين الخلائق في سائر الأمصار والأعصار وجهودهم في هذا الباب ظاهرة للعيان لاسيما في مجالين هامين :
أحدهما: مناظرة أصحاب الفرق الضالة والبدع المنحرفة وكشف زيغهم وفضح طرائقهم.
وثانيهما: تأليف الكتب في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة وذكر ما كان عليه السلف الصالح في هذا الباب فرحم الله الجميع رحمة واسعة وجمعنا بهم في جنات النعيم.
(5) فضائل التوحيد.
للتوحيد فضائل عظيمة وكثيرة منها:
أ. أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة ودفع عقوباتهما.
ب. أنه يمنع دخول النار "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار" [22] .
ج. ومنها أن صاحبه يحصل له الهدى الكامل والأمن التام في الدنيا والآخرة.
د. ومنها أنه السبب الوحيد لنيل رضا الرحمن وحصول ثوابه.
هـ. ومنها أن الموحد من أسعد الناس بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم- .
و. ومنها أن جميع الأعمال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها على التوحيد.
ز. ومنها أنه يسهل فعل الخير وترك الشر.
ح. ومنها أنه يحبب الإيمان ويزينه في قلب العبد ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.
ط. ومنها أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم والخوف منهم ورجائهم ويجعله متصلاً بالخالق العظيم.
ي. ومنها أن العمل القليل معه يكون كثيراً ولذا رجحت كلمة الإخلاص بجميع الأعمال بل إن السماوات والأرض وما فيهن لا تعادلها.
ك. ومنها أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر والتأييد والعز في الدنيا والآخرة وأن الله يدافع عن الموحدين ويمن عليهم بالحياة الطيبة في الدنيا.[23]
(6) أهمية التوحيد وكلام بعض المحققين من العلماء في ذلك.
من أجل التوحيد أرسلت الرسل وأنزلت الكتب وقام سوق الجنة والنار وانقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار وأبرار وفجار، ومن أجله وقعت الواقعة وحقت الحاقة وأسست الملة وجردت السيوف للجهاد وهو حق الله على جميع العباد وبه تقسم الأنوار {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[24].
قال ابن القيم -رحمه الله-: « اعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شياً أعظم من حاجة الجسد إلى روحه والعين إلى نورها بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به فإن حقيقة العبد روحه وقلبه ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو فلا تطمئن الدنيا إلا بذكره...»[25] .
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: «فالله الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم وأوله وآخره وأسِّه ورأسه شهادة أن لا إله إلا الله واعرفوا معناها وأحبوها وأحبوا أهلها واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين واكفروا بالطواغيت وعادوهم وأبغضوا من أحبهم...» [26].
وقال ابن سعدي : «أعظم الأصول التي يقررها القرآن ويبرهن عليها توحيد الألوهية والعبادة وهذا الأصل العظيم أعظم الأصول على الإطلاق وأكملها وأفضلها وأوجبها وألزمها لصلاح الإنسانية وهو الذي خلق الله الجن والإنس لأجله وخلق المخلوقات وشرع الشرائع لقيامه وبوجوده يكون الصلاح وبفقده يكون الشر والفساد.
وجميع الآيات القرآنية إما أمر به أو بحق من حقوقه أو نهي عن ضده أو إقامة حجة عليه أو بيان جزاء أهله في الدنيا والآخرة أو بيان الفرق بينهم وبين المشركين...»[27].
قال شارح الطحاوية : «اعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[28].
وهكذا كل الأنبياء هود وصالح وشعيب وقال تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[29].
إلى أن قال «فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"[30] فهو أول واجب وآخر واجب» انتهى كلامه [31].
ويمكن تلخيص أهمية التوحيد في النقاط التالية:
(1) أن العلم به من أشرف العلوم وتعليمها للناس على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة لأنه يدل على أشرف معلوم وهو الرب - عز وجل - فكلما كان المعلوم أعظم منزلة وأشرف مكانة كان العلم به أعلى وأكمل.
(2) أن التوحيد هو أول دعوة الرسل –عليهم الصلاة والسلام- فلم يكن الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- يبدأون أقوامهم بغير توحيد الله مع وجود انحرافات اجتماعية وأخلاقية واقتصادية وذلك لأن التوحيد هو القاعدة الأساسية لكل شيء قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[32]
(3) أن التوحيد هو أول واجب على المكلف من حيث تعلمه وفهمه ودراسته والعمل به والدعوة إليه لا كما يقول المبتدعة إن أول واجب النظر أو الشك دليل ذلك حديث معاذ المتقدم وقول النبي - صلى الله عليه وسلم- له:"وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"[33].
(4) أن النطق بكلمة التوحيد لا إله إلا الله هو أول ما يدخل به الإنسان في الإسلام، فلا دخول في الإسلام إلا بالتوحيد، فلو صام الإنسان أو حج ولم ينطق بكلمة التوحيد لا يحكم بإسلامه وإيمانه قال - صلى الله عليه وسلم- : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" [34].
(5) أن التوحيد هو الأساس لقبول أعمال العبد كلها فلو صلى العبد أو قام بالعبادات ولم يكن موحداً لله تعالى فإن أعماله كلها تكون هباءً منثوراً غير متقبلة ، قال تعالى : {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[35] . وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [36].
(6) ومن أهمية التوحيد أن حاجة العباد إليه فوق كل حاجة وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة لها إلا بمعرفة ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله.
(7) ومن أهميته أيضاً أنه من العبادات التي لا يستغني عنها العبد طرفة عين فهو محتاج إليه في ليله ونهاره ومحياه ومماته بل هو ملازم له في أحواله كلها بخلاف العبادات الأخرى كالصلاة والصيام وغيرها حيث تؤدى في أوقات محددة.
(8) ومن أهميته أنه ما شرع الجهاد في سبيل الله تعالى إلا من أجله وذلك لتبليغ الناس العقيدة الحقة والتوحيد الخالص فمن وقف في وجه الدعوة إليه أو عارضها وجب قتاله واستئصاله حتى يبلغ هذا التوحيد أرجاء المعمورة. قال - صلى الله عليه وسلم- :"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" [37].
(9) ومن أهمية التوحيد أنه آخر ما يخرج به المسلم من هذه الدنيا، فمتى ختم للعبد به سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً قال - صلى الله عليه وسلم- : "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" [38].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-12-2019, 06:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مباحث في العقيدة

(7) ثمرات التوحيد
جعل الله تعالى لكل عبادة شرعها لعباده آثاراً وثماراً، ولما كان التوحيد أعظم العبادات التي أوجبها الله على خلقه كانت ثماره من أعظم الثمار، وهذه جملة من آثار التوحيد وثماره:
(1) من أعظم ثمرات التوحيد انشراح الصدر فليس هناك أعظم من هذه الثمرة العظيمة قال تعالى في شأنها {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[39]وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[40] فالهداية للتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر فكلما قوي التوحيد وكمل في القلب كان انشراح صدر صاحبه أكمل وأقوى.
(2) ومن ثمرات التوحيد أنه من أعظم الأسباب لتكفير الذنوب والسيئات دليل ذلك حديث أنس- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: قال تعالى : "يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" [41]فقوله - عز وجل - {لا تشرك بي شيئاً} أي موحداً.
(3) ومن ثمراته أنه يمنع صاحبه من الخلود في النار إذا كان في قلبه مثقال ذرة منه كما في حديث الشفاعة وقوله - صلى الله عليه وسلم- فيه "أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"[42]. أما إذا كان العبد قد كمل توحيده فإنه يمنعه من دخول النار بالكلية كما جاء في حديث عتبان بن مالك – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" [43].
(4) ومن ثمرات التوحيد أن الموحد من أسعد الناس بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه - وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم- :"... أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ونفسه" [44].
(5) ومن ثمراته أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم فقلب الموحد معلق بربه خالق السماوات والأرض الذي بيده ملكوت كل شيء .
(6) تحصيل ولاية الله وهي أعظم ما يتنافس فيه المتنافسون {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[45].
(7) الفوز برضا الله ودار كرامته.
(8) الدفاع عن المؤمنين الصادقين {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[46].
(9) الهداية إلى الصراط المستقيم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[47].
(10) ومن ثمرات الإيمان والتوحيد أنه يورث المحبة قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}[48] أي بسبب إيمانهم يحبهم الله ويجعل لهم المحبة في قلوب المؤمنين.
(11) ومن ثمراته رفعة أهله في الدنيا والآخرة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [49].
(12) ومن ثمراته حصول البشارة بكرامة الله والأمن التام من جميع الوجوه قال تعالى : {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[50]قال تعالى{لَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[51].
(13) ومن ثمراته الانتفاع بالمواعظ قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[52]
(14) الإيمان يقطع الشكوك ويقضي على الوساوس والخطرات التي تؤثر على العبد وصدق الله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}[53]. أي أن إيمانهم دفع الريب والشك وقاوم شبهات الشياطين والنفس الأمارة بالسوء فكل ذلك دواؤه الإيمان بإذن الله.
(8) أسباب نمو التوحيد في القلب
من الأسباب التي تنمي التوحيد في القلب :
(1) فعل الطاعات رغبة بما عند الله تعالى .
(2) ترك المعاصي خوفاً من عقاب الله تعالى .
(3) التفكر في ملكوت السماوات والأرض.
(4) معرفة أسماء الله تعالى وصفاته ومقتضياتها وآثارها وما تدل عليه من الجلال والكمال.
(5) التزود بالعلم النافع والعمل به.
(6) التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض.
(7) دوام ذكر الله تعالى على كل حال باللسان والقلب.
(8) إيثار ما يحبه الله عند تزاحم المحاب.
(9) مجالسة أهل الخير والصلاح والاستفادة من كلامهم.
(10) أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه مع سلامة القلب من الغل للمؤمنين.
(11) الرضا بتدبير الله وشكر نعمه والصبر عند النقم.


[1] أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن سليمان التميمي (ص7)

[2] مجموع فتاوى سماحة الشيخ رحمه الله (2/20)

[3] الفاتحة (1)

[4] الناس (1).

[5] النحل (36).

[6] انظرشرح قصيدة ابن القيم (2/260).

[7] سورة أل عمران (17/18)

[8] شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (1/43-44).

[9] أخرجهأحمدفي المسند (4/63) ، (5/371)

[10] مجموع الفتاوى (1/136).

[11] رواهالإمامأحمد (2/50-92)،وابن أبي شيبة في مصنفه (7/150) وصححه الألباني في الإرواء (5/109) وفي صحيح الجامع رقم (83)

[12] أخرجه البخاري (6/474- الفتح)،ومسلم (1/310- النووي)

[13] أخرجه البخاري (13/367-الفتح)،ومسلم (1/272- النووي)

[14] أخرجه البخاري (12/347-الفتح)،مسلم (1/3190- النووي)

[15]أخرجه البخاري (1/114- الفتح)

[16] الأنعام (151).

[17] الإبانةلابنبطة (1/299).

[18] المرجع السابق (1/314).

[19] شرح أصول اعتقاد أهل السنةوالجماعة (1/55).

[20]المرجع السابق (1/56).

[21]المرجع السابق (1/154).

[22] أخرجه مسلم في كتاب الإيمانباب من مات لايشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات مشركاً دخل النار برقم (93)

[23] انظر بيان فضائل التوحيد في القول السديد لشرح كتاب التوحيد- لابن سعد يرحمه اللهباب فضل التوحيدومايكفر من الذنوب.

[24] النور (40).

[25]طريق الهجرتين (57، 58)

[26] تفسير كلمةالتوحيد (ضمن مجموعة التوحيد) ص 252

[27]القواعد الحسان 192

[28] سورة الأعراف (59).

[29] النحل (36).

[30] رواهأبوداود (3/486) برقم (3616)

[31] شرح العقيدة الطحاوية (1/21-23)

[32] الأنبياء (25)

[33] تقدم تخريجه صـ 40.

[34] أخرجه البخاري (3/262) برقم (1339)،ومسلم (1/71-52) برقم (20).

[35] الزمر (65).

[36] الأنعام (88).

[37] تقدم تخريجه صـ 46.

[38]رواه أبو داود (3/486) برقم (3616)

[39] الزمر (21).

[40] الأنعام (125).

[41] رواه الترمذي (5/548) برقم (3540) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3/76).

[42] رواه البخاري (1/72) برقم (22)،ومسلم (1/172) برقم (174).

[43] رواهالبخاري (1/519) برقم (425)،ومسلم (1/455) برقم (456).

[44]رواه البخاري (1/193) برقم (99)

[45] يونس من الآية (62).

[46] الحج من الآية (38).

[47] التغابن من الآية (11).

[48] مريم (96).

[49] المجادلة من الآية (11).

[50] الصف من الآية (13).

[51] الأنعام (82).

[52] الذاريات (55).

[53] الحجرات (15).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.65 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]