أنواع الطواف في الحج والعمرة

[ابوالوليد المسلم]

أنواع الطواف في الحج والعمرة
د. عبد الرحمن بن حسن النفيسة

سؤال من الأخ مكاوي ... من الجزائر عن أنواع الطواف في الحج والعمرة، وهل هناك مفسدات له؟ وما العمل إذا زاد أو نقص؟.
أنواع الطواف في الحج ثلاثة: طواف القدوم: ويسمى طواف التحية، وهو سنة لمن أتى من الآفاق، ويؤديه المفرد بالحج أن القارن بين الحج والعمرة، كما يؤديه المتمتع بالعمرة إلى الحج. والأصل فيه حديث عائشة – رضي الله عنه –: "أن أول شيء بدأ به رسول الله – صلى الله عليه – حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت"1 . والأصل فيه أيضاً حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – في قوله: "حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً"2 . وجمهور العلماء على أن طواف القدوم سنة تحية للبيت العتيق يبدأ به القادم3 . وخالف في ذلك المالكية فقالوا بوجوبه؛ لأنه من أخذ المناسك عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في قوله: "خذوا عني مناسككم"4 . ويسقط طواف القدوم عن الحاج إذا أدركه يوم عرفة؛ لأن هذا اليوم أولى بالوقوف5 . وفي مذهب الحنابلة قال الإمام أحمد: "المتمتع إذا دخل مكة لطواف الزيارة يبدأ قبله بطواف القدوم، ويسعى بعده، ثم يطوف للزيارة بعدهما، وهكذا القارن والمفرد إذا لم يكونا دخلا مكة قبل يوم النحر، فإذا دخلاها للإفاضة، بدأ بطواف القدوم ... ثم طافا للزيارة؛ لأن طواف القدوم مشروع، فلا يسقط بتعيُّن طواف الزيارة"6 . النوع الثاني: طواف الإفاضة: وهذا ركن من أركان الحج بلا خلاف، فليس للحاج أن يتحلل الأكبر إلا بعد أن يؤدي هذا الطواف، بعد إفاضته، من عرفة وبياته في مزدلفة. وله أسماء عدة هي طواف الفرض، وطواف الزيارة، وطواف الركن، وطواف الإفاضة. والأصل في فرضيته قول الله تعالى: {...وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (الحج: 29). والأصل فيه أيضاً قصة صفية زوجة رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "فلما أخبر أنها حاضت قال: أحابستنا هي؟ فقالوا يا رسول الله، إنها قد أفاضت، قال: فلتخرج إذاً"7. ويشترط في هذا الطواف أن يكون بعد الوقوف بعرفة فلو طاف قبل الوقوف لم يجز. وقيل في وقته إنه من طلوع الفجر الثاني يوم النحر وهو مذهب الحنفية، والمالكية. وقيل إن وقته بعد منتصف ليلة النحر وهو مذهب الشافعية، والحنابلة. والأفضل أن يبتدئ وقته يوم النحر بعد أن يرمي الحاج جمرة العقبة ويحلق أو يقصر شعره. النوع الثالث: طواف الوداع: ويعد واجباً عند أكثر العلماء8 . والأصل في ذلك حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – "أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر الناس أن يكون ىخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض"9 . وفي مذهب الإمام مالك أنه مستحب؛ لأنه قد أجيز للحائض تركه، فلو كان واجباً لما أجيز لها ذلك . ويجب على الآفاقي، فلا وداع على المكي ولا من هو في حكمه، ولا يجب كذلك على الحائض والنفساء إذا فارقتا مكة قبل طهارتهما، فإن طهرتا قبل المغادرة طافتا للوداع. ويفسد الطواف في أنواعه الثلاثة بعدم الطهارة من الحدثين أو من الجنابة، كما يفسد بخروج الدم الكثير وبالقيء، كما يفسد بالزيادة أو النقص. فالأصل أن عدده سبعة أشواط كما فعل ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – في صفة الحجة النبوية بقوله "... حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً"11 . فدل ذلك على أن عدده سبعة أشواط، فما زاد منه أو نقص أفسده ما لم يكن ذلك عن جهل أو خطأ. هذه أنواع الطواف في الحج، أما في العمرة فلها طواف واحد وسعي واحد.
--------------------------------------------
1- أخرجه البخاري في كتاب الحج، برقم: 1164.
2 - أخرجه مسلم في متاب الحج، برقم: 1218.
3 - حاشية ابن عابدين، ج2 ص496.
4 - أخرجه مسلم برقم: 1297، وانظر الكافي لابن عبد البر، ص135.
5 - حاشية ابن عابدين، ج2 ص525.
6 - الكافي لابن قدامة، ج2 ص446.
7 - أخرجه البخاري في كتاب الحج، برقم: 1733.
8 - بدائع الصنائع للكاساني، ج2 ص134.
9 - أخرجه مسلم في كتاب الحج، برقم: 1328.
10 - المعونة على مذهب عالم المدينة، ج1 ص588.
11 - صحيح مسلم بشرح النووي، ج8 ص174-175.