|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاستشهاد بلغة الشعر في النحو
الاستشهاد بلغة الشعر في النحو د. سعد الدين إبراهيم المصطفى إنَّ المهِمَّ عِندَ النَّحويينَ في استِقرائهِم لِلغةِ العربِ هو توثِيقُها والتأكُّدُ من صِحَّةِ نقلِها وفَصاحتِها، وقد تأتَّى لَهُم ذلِكَ من خلالِ مصدريْنِ اثنينِ. أوَّلُهُما: العربُ الفُصحاءُ. وثانِيهِما: الرُّواةُ الثِّقاتُ عنِ الأعرابِ. وأمَّا المصدَرُ الأوَّل فَهُم الَّذِينَ يَعيشُونَ فِي بَوادِي نجد والحِجازِ وتِهامة مَنبَعِ الشِّعرِ، ودِيوانِهِ الموثُوقِ بِهِ، وهؤلاءِ العربُ حَمَلُوا علَى ألسِنَتِهِم عزَّ قَصائِدِ شُعرائِهِم، وأنشَدُوها فِي الحَواضِرِ، وحينَ تحوَّلَ المجتَمعُ الإسلامِيُّ إلى حفظِ اللغةِ ومنها الشِّعرُ، وبَدَؤُوا بِتَقعيدِ قَواعِدِ النَّحو واستِنباطِ الأحكامِ أصَبحَ الأعرابُ مَصدراً أصيلاً للشِّعر العربيِّ الفصِيحِ. وكانَ النُّحاةُ وأهلُ اللُّغةِ يُحَكِّمونَ الأعرابَ الفُصحاءَ فيما اختلَفوا فيهِ من الشِّعرِ، وهناك كثيرٌ من الشَّواهِدِ التي تَنَاقَلَتْها كُتُبُ التُّراثِ. ومن أجلِ ذلِكَ نرى سيبويه يعتَمِدُ في توثيقه للشواهِدِ النَّحويَّة علَى النَّقلِ مِن الفُصحاءِ، فَيُشِيرُ فِي كِتابِهِ أنَّه سَمِعَ من الأعرابِ الفُصَحاءِ، أو ممَّن يُحتجُّ بِعربِيَّتِهِ، فيَأتِي بِصيغٍ مُختلِفةٍ جَميعها تَدلُّ علَى فَصاحةِ مَنْ نَقَلَ عَنهُم، وبِصِحَّةِ ما نَقَلَ. وكانَ النَّحويونَ يعتَمدُونَ إلى جانِبِ المصدرِ الأوَّلِ مَصدراً آخر هو روايةُ الشُّيوخِ عنِ الأعرابِ، فقد كانَ سيبويه يَنقُلُ عن شيخِهِ الخليل، وعن أبي الخطَّاب، ويونس وأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر، وكانَ الفراء (ت207هـ) ينقل أيضاً عن المفضل الضبيِّ، والكِسائيِّ (ت189هـ)، ويونس بن حبيب، وهؤلاء ثقاتٌ نقلُوا عنِ الأعرابِ الموثوقِ بِهِم فِي الفصاحةِ والبيانِ. وتأتِي الشَّواهِدُ الشعريَّةُ التي احتجَّ بِها سيبويه في المرتبةِ الأولى من تاريخِ النَّحو وتقعيدِهِ، ومرَدُّ ذلِكَ أنَّ كتابَهُ أصبحَ مَرجِعاً للنُّحاةِ ودارسِي العربيَّةِ علَى مرِّ العصُورِ، فقد تَتَلمَذَ علَيهِ أعلامُهُم من بصريينَ وكوفيينَ، ومَنْ جاءَ بعدَهُم إلى عصرِنا الحاضِرِ. وعاصَرَ سيبويه عالمين جليلين هما الكسائِيُّ وتلميذه الفرَّاء الكُوفيَّانِ، وكانَ لَهما من شَواهدِ الشِّعرِ الفصيحِةِ ما سارَ في كُتُبِ النَّحو المتأخرةِ، فهيَ لا تختلِفُ عن الشَّواهِدِ التي ساقَها سيبويه من حيثُ الفَصاحةُ والعنايةُ بِالبَداوةِ، ويَظهَرُ لنا ذلِكَ جليَّاً من كُتُبهِم كـ "معاني القرآن" للفرَّاء.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |