أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها - الصفحة 37 - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858898 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393263 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215631 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #361  
قديم 19-08-2015, 05:48 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

حنان الشيخ تروي لنا قصة أمّها في:
"حكايتي شرح يطول"

د. نـبـيـه القــاسم
رغم وجود المصادر التراثية العديدة التي تُؤكد وجود نماذج من السيرة الذاتية في تراثنا العربي،(1) إلاّ أنّ السيرةَ الذاتية بمفهومها الحديث وتعريفها النقدي تُعتَبر "ظاهرة حديثة غَربية" حسب رأي جورج ماي(2). ويتحدّد تعريفُها كما جاء على لسان مُنَظرها الأبرز فيليب لوجون " حَكي استعادي نثري يقومُ به شخص واقعيّ عن وجوده الخاص، وذلك عندما يُركّزُ على حياته الفرديّة وعلى تاريخ شخصيته بصفة خاصة"(3) وبعد مدّة عاد وحَدّث تعريفَه بقوله: "أنّ الكتابة السير- ذاتية هي أوّلا ممارسة فرديّة واجتماعيّة لا تقتصر على الكُتّاب وحدَهم" (4).
وكما في الإبداع الأدبي عامّة وكتابة السيرة الذاتيّة خاصة كان الرجلُ هو المبدع الأوّل والوحيد لفترة زمنيّة طويلة في الغرب. هكذا أيضا في أدبنا العربي كان الرجل هو المُبادر والمُتفرّد. ويعود ذلك إلى ذكوريّة المجتمع وصعوبة اختراق المرأة للحواجز العالية التي وُضعَت أمامها. فالرجلُ لم يُسَلّم بسهولة بقدرة المرأة على مُراوغة الكلمة ومُراودتها واصطيادها وخلق نموذج إبداعيّ
كما يستطيع الرجل، ولهذا شهدنا التشكيكات والاتّهامات والإدّعاءات التي رافقت ظهور كل إبداع أنثوي وادّعاء رجل أنّه صاحبُ هذا العمل(أذكّرفقط بما جري للشاعرة سعاد الصباح والإدّعاء بأنّ الشاعر نزار قباني هو مَن يكتب لها قصائدها، وما جرى للكاتبة أحلام مستغانمي عندما أصدرت روايتها "ذاكرة الجسد" والقول بأنّ الشاعر سعدي يوسف هو صاحب النّص).
دخول المرأة عالم الخَلق والإبداع ومنافستها للرجل في قُدس أقداسه التي اعتبرَها اختصاصاته المُتفرّد بها وضعت كليهما أمام تحديّات كبيرة. وشعر الرجل باهتزاز عرشه وانحسار تألّقه وانقشاع الهالة التي أسبغها على نفسه، وأن المرأة التي طالما، حَجّمها في وظائفها التي حدّدها لها وقيّدها في الإطار الذي رسَمه، تتمرّد وتكسرُ قيدَها وتكتسح أطرَها وتتجاوزُ وظائفَها وتُواجه الرجلَ في ساحته مُواجهةَ الندّ للندّ.
وكانت المرأة العربية، كما الغَربية، على إدراك تام بأنها تُحارب الرجل من موقعه الخاص به. فالمجتمع الذي تتمرّد عليه وتخرجُ لمُواجته وتَغييره ذكوري بمفاهيمه وعاداته وتقاليده وحتى لغته. هذا المجتمع الذكوري الذي وضع له قوانين صارمة ومتشدّدة وصعبة التّجاوز والاختراق، حتى على الرجل، وحدّد الأقانيم الثلاثة المقدّسة التي لا يجوز الاقتراب منها وهي: الجنس والدين والسياسة. وإذا كان يصعب على المبدع الاقتراب من هذه الأقانيم المحرّمة الثلاثة في الرواية أو الشعر فكيف ستكون حالته في السيرة الذاتية التي تكون شهادة الإدانة الرئيسية والكافية لتسليم عنقه لمقصلة المجتمع والسلطات المسؤولة. وكيف سيكون ردّ فعل مجتمعُنا العربي المُتشبّث بالماضي إذا كانت صاحبةُ هذه السيرة الذاتية واحدة من بناته المُتمَرّدات!؟ وذلك لأنّ السّردَ في السيرة الذاتيّة يكون بضمير المتكلّم مما يعني كما يقول جيرار جينيت سيكون " التبئير على بطل السيرة شيئا مفروضا في الشكل السير- ذاتي".
ويُوضّح جينيت " بأنّ السارد السير- ذاتي غير ملزم بأيّ تحفّظ بإزاء ذاته، والتحدّث باسمه الخاص، بسبب تطابق السارد مع البطل". ويؤكّد " أنّ التبئير الوحيد من وجهة نظر السارد - البطل، يتحدّد بالعلاقة مع معلوماته الحالية كسارد، وليس بالعلاقة مع معلوماته الماضية بوصفه بطلا، أي أنّ اتّجاه السّرد لا يبدأ بشكل خطيّ، كما هو في الحياة التي عاشها في الماضي، بل الحياة التي يرويها (الآن) بوصفها جزء من ماضيه"(5).
ورغم أنّ التطابق بين المؤلف والسارد هو المطلوب، والقائم فعلا في معظم الأعمال السير – ذاتية إلاّ أنّ الصدق المطلوب غير مؤكّد في كتابة السيرة الذاتية وذلك لما تتعرّض له السيرة الذاتية من إمكان الخطأ أو التصحيف المتعمّد كالنسيان أو التناسي، والحذف والإضافة، والتعديل والتكييف، وإكراهات الوعي القائم زمن الكتابة والاسترجاع اللاحق للأحداث"(6) ويشير والاس مارتن إلى متغيّرات تمنع تقديم صورة ثابتة لحياة الكُتّاب منها ما يتعلّق بالنفس التي تصف الأحداث حيث تتبدّل منذ تجربة الأحداث ومنها ما يتعلّق بالأحداث وقيمتها في زمن استرجاعها وكتابتها"(7). كما أن الصدق في السيرة الذاتية محاولة يُحبطها أو يحدّ منها زمنُ الكتابة، كما أنّ فعل الاسترجاع والاستعادة بواسطة الذاكرة يتمّ في الحاضر، ذهابا إلى الماضي بطريقة الانتقاء أو الاختيار التي تسميها يمنى العيد (الاستنساب) وعجز الكتابة عن استعادة كل أبعاد المحكي بل اجتزاء وأحيانا تقديم وتأخير الوقائع كما يقتضيه السياق. (8) ولا يملك سارد السيرة- الذاتية القدرة للتخلص من زمن الكتابة (الحاضر) ليلتحم بالماضي الذي يرويه"(9) وهذا ما يدفعه إلى (خلق الماضي) الذي يصعب على الاستعادة.
وحنان الشيخ الكاتبة اللبنانية التي تألّقت في إبداعاتها الروائيّة مثل "حكاية زهرة" و "مسك الغزال" تخرج إلينا بعمل إبداعي متميّز هو "حكايتي شرح يطول". والحكاية هي قصّة أمّها كاملة التي روتها لحنان لتُقدمها لنا. تقول كاملة في نهاية قصتها: "ها هي حكايتي كتَبَتها لي ابنتي حنان.. حتى إذا رويتُها لها توقّفتُ عن لوم نفسي. كنّا نجلس معا من غير آلة تسجيل، تخطّ في دفاترها الصغيرة التي تُشبه المفكّرات التي ألصقتُ عليها الصوَر"(10). وتُخبرنا أنّها كانت تستهلّ حديثها مع حنان في كل مرّة بالكلمات "حكايتي شرح يطول، لوما الجرادة ما علق عصفور" وأنّ حنان لم تنشر القصة مباشرة وإنّما خبأتها، وبعد مرور عامين على وفاتها عادت إلى الأوراق وجهّزتها للنشر واكتشفت أنّها نسيت أن تسأل أمّها عن معنى الكلمات التي كانت تبدأ بها كلامها. وأنّها استفسرت من صديقة لها عن المعنى(11) ومن ثمّ اختارت مبتدأ الكلمات لتكون عنوانا للقصة.
ووالدة حنان الشيخ "كاملة" لم تكن تعرفُ القراءْة والكتابة، وكانت تُعبّر عمّا تُريد بالصوَر التي ترسمها. والقصة كما كتبتها حنان هي سيرة ذاتية لوالدتها ترسّمت فيها حياتها من بدايتها في بيتهم المتواضع في جنوب لبنان وما عانته وأمها وشقيقها على أثر هجْر الوالد لهم وزواجه من أخرى والتنكّر لحقوقهم ممّا دفعهم للأعمال الصعبة ومن ثم قرار الأم الانتقال إلى بيروت للعيش هناك في كنف الأبناء من الزوج الأول. وفي بيروت لم تكن الأوضاع الاقتصادية أفضل، فقد اضطرت الأم للعمل وعلى دفع ابنتها كاملة التي لم تتجاوز العشرسنوات، إلى طَرق أبواب البيوت للكسب. وكانت نقطة التحوّل الأولى في حياة كاملة عندما كتبوا كتابها على زوج شقيقتها التي توفيت ومن ثمّ إيداعها عند خياطة قريبة لتُعلمَها المهنة حيث تَعرّفت هناك على جار الخياطة محمد الذي جذبته كاملة الصغيرة بجمالها ورشاقتها وعفويّتها وصغر سنّها وصوتها الجميل فطاردَها حتى نجح في كسب قلبها ليعيشا قصة حبّ عنيفة لم تتأثر بزواج كاملة ولا بولادتها مولودتها البكر فاطمة. فقد حرصت ومحمد على اللقاء المستمر في غرفته وحتى أقامت معه العلاقة الجنسية التي كانت "حنان" ثمرتها آلى حدّ ما. وتتوسّع كاملة في وصف زوجها بكل النعوت السلبية وتذكر محاولاتها المتكررة للتخلّص منه حتى نجحت في النهاية بالطلاق منه والزواج من حبيبها محمد الذي عرفت معه أجمل أيام حياتها. لكن سعادتها انتهت بحادث طرق أودى بحياة محمد ومواجهة كاملة وأولادها لصعاب الحياة ووحوشها من جديد. وبانفجار الحرب الأهلية عام 1975 وجدت كاملة نفسها تفتقد أولادها الواحد تلو الآخر، ففاطمة وحنان مع الأولاد يسافرون إلى لندن . وتلحق بابنتيها من محمد إلى الكويت ومن ثم تلحق بابنها البكر إلى ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة. ولكنها تقرّر العودة إلى لبنان لتعيش في وطنها وبين أهلها حتى كانت نهايتها بأن مرضت وفارقت الحياة وهي وسط أفراد بيتها.
قد تبدو سيرة حياة كاملة في خطوطها العريضة عاديّة كحياة الآلاف من الفتيات العربيات في بلداننا العربية. لكن التميّز فيها في التفصيلات والأحداث والمُمارسات التي كان يرفضها الأهل ويعاقبون عليها ويدينُها المجتمع. فكاملة منذ صغرها انحازت إلى جانب أمّها ورفضت طاعة والدها والبقاء عنده فغافلته وهربت. وفي بيروت كانت تتحدّى العيون الملاحقة لها وتقابل أصحابَها بالسخرية. كانت تحلم أن تكون ممثلة سينما ولهذا كانت تذهب دون علم أفراد بيتها لحضور أفلام سينمائية وكانت تتقمص شخصية البطلة وتحياها بكل تفاصيلها. وعندما وقعت في حبّ محمد لم تهتم لعواقب ذلك وانساقت في حبّها رغم أنها كانت مخطوبة لزوج شقيقتها التي توفيت. ولم تستسلم لحكم العائلة بتزويجها القسري وتمرّدت، وعندما فشلت كل محاولاتها وأرغمت على الزواج رفضت اقتراب زوجها منها حتى تآمر عليها الجميع واغتُصبَت بالقوة. وفي علاقتها مع محمد تحدّت كلّ مفاهيم العائلة والمجتمع وظلّت تُقابله وتُبادله الحبّ حتى نجحت أخيرا بالزواج منه بعد إرغام زوجها على الموافقة علىالطلاق منها.
وسيرة حياة كاملة هي سيرة حياة الكثيرات مثلها اللاتي عشن ظروفها التي عاشتها، وهي صورة بانورامية للمجتمع الشيعي الفقير في الجنوب اللبناني بكل عاداته وتقاليده ومفاهيمه وعلاقاته، وما يحدث لمَن يترك هذا المجتمع لينفتحَ على مجتمع بيروت المتفجر والمتغيّر أبدا. كما أن سيرة كاملة هي تأريخ للأحداث المهمة التي عاشها لبنان منذ سنوات العشرينات من القرن العشرين حتى سنوات السبعينات الأخيرة وأحداث الحروبات الأهلية اللبنانية في الخمسينات والسبعينات من القرن نفسه. كاملة تُمثّل هذا النموذج المتمرّد من الفتيات وحتى الشباب الذين رفضوا الاستسلام للواقع ونظروا إلى المستقبل يريدون ارتيادَه من أوسع بواباته لا يقفُ أمام طموحهم أيّ عائق. لم يكن في تحدّيها للواقع المَعيش ما هو من الخوارق والمستحيلات وإنما كان الإصرار على الرفض والنزوع الدائم للتغيير والخروج على المألوف. وذلك يتمّ ببساطة وعَفويّة تقترب من البراءة الطفوليّة ولكن باستمرارية وثبات على الرفض والتحدّي والسّعي نحو التغيير مستفيدة من معايشتها لوالدَيها وما تميّز به كلّ منهما : الأم باصرارها على ملاحقة الزوج الهاجر لها والمتزوّج عليها ومطالبته بدفع ما يُستَحَقّ منه، ومن ثم تركه والابتعاد عنه إلى الأبناء في بيروت لخوض حياة جديدة . والوالد الذي عشق نفسَه وأحبّ المرأة ووجد فيها سعادته وفرحَه فلم يتنازل عنها، ولأجلها ترك الزوجة والأولاد. وكما والدها أيضا كاملة كانت تخون زوجَها وتتحدّى المجتمع بعاداته وتقاليده، وتلتقي حبيبَها، وحتى تُضاجعه، ولم تهتم بكلام الناس وتعليقاتهم. ومن ثمّ تركت زوجَها وابنتيها من أجل الزواج من حبيبها الذي اختاره قلبها، ولم تشعر بالندم.
كاملة كانت تعي أهمية الدور الذي قامت به في حياتها وأبعاد الأفعال التي مارستها، رغم أن البعض قد يعتبرها عاديّة وليست ذات قيمة. فكاملة كونها الساردة لقصتها تُذكرنا بقول ماري تيريز عبد المسيح في تحليلها لدنيوية الحب في "طوق الحمامة" لابن حزم الأندلسي: " السارد هنا لا يُجاهرُ بخطيئته بل إنّه في حديثه عن تجربته في الحبّ يكشفُ عن مكنون ذاته بما له وما عليه فيما يخُصّه ويخصّ الآخرين. ويتمّ الإفصاح عن الذات في أسلوب ديالكتيكي حواري يُشارك فيه الساردُ والقارئ معا. حيث يخوض كلّ منهما التجربة عبر الآخر ممّا يهيئهما لتجاوز ذاتيّة الأنا لبلوغ الآخر. فالسارد يُجاوز ذاتيّتَه حينما يُشركُ القارئ في تجربته والقارئ يُجاوز ذاتيّته حين يخوض تجربة السارد. وإذا تحقّق التواصل بين السارد والقارئ عبر التجربة الابداعيّة يكون ما يُطلَق عليه بالمفهوم الأوسطي بلوغ التنوير perieteia وبالمفهوم الديني الهداية للحق"(12). ولهذا اهتمّت أن تكون سيرتها مُدوّنة ليعرفها الآخرون، وسعدتْ أنّها أودعتْ قصتها عند ابنتها الكاتبة حنان، التي كانت الأقربَ إليها ورأت فيها صورة مطابقة لها.
لقد اختارت الكاتبة حنان الشيخ أن تروي قصّة والدتها بضمير المتكلم لأن الوالدة هي التي روت قصتها وحنان أعادت صياغتها وتحدّثت باسمها ونجحت في أن تكتبَ سيرة ذاتيّة يتوفّر فيها الشرط المهم الذي حدّده فيليب لوجون وهو وجود تطابق بين المؤلف والسارد والشخصيّة.(13) وما تنفرد به "حكايتي شرح يطول" أنها تنسحب على أربعة أزمنة هي:
أ‌- زمن وقوع الأحداث في الماضي البعيد. ب- زمن سرد الأحداث على الكاتبة في الماضي قبيل موت صاحبة القصة. ج- زمن الكتابة. د- زمن القراءة.
ومن الطبيعي أن تتفاوت الأزمنة وتتداخل ما بين الاسترجاع والاستحضار وفي حالة "حكايتي شرح يطول" تكون العودة للماضي والاسترجاع للأحداث على دفعتين:
الأولي: عندما روت كاملة صاحبة السيرة قصتها على ابنتها حنان . والثانية: عندما قامت الكاتبة حنان، بعد مرور سنوات على موت أمها، بكتابة ما سمعته وسجّلته في أوراقها.
وطبيعي أن تَتمّ في المرتين، خلال محاولة الذهاب إلى الماضي والاستعانة بالذاكرة لاسترجاعه وإحيائه تحت تأثير الحاضر بمفاهيمه وتغييراته، قَصَد الساردُ أو لم يقصد، عمليات الانتقاء والاختيار والتقديم والتأخير لسَرد الأحداث ممّا يُبعد صفة الصدق الكامل عن السيرة الذاتية التي توخّتها الكاتبة بتقديمها لقصّة والدتها. فمهما حاولَ كاتبُ السيرة الذاتية التخلصَ من أثر الزمن الحاضر ، زمن الكتابة، والالتحام بالماضي فسيجدُ أنّه واهم وليس بمقدوره ذلك.
حنان الشيخ في كتابتها لسيرة والدتها، كما في رواياتها السابقة، لم تحاول الرقابةَ والحذفَ ومراعاةَ الآخرين، ونقلت لنا بكل صدق وأمانة مواقفَ وأفكارَ وممارسات أمّها كاملة التي بكل شجاعة تجاهلت الأقانيم الثلاثة المحرمة "السياسة والجنس والدين" وتمرّدت على مفاهيم الناس وقوانينهم. فعندما أحبّت وهبَت روحَها ونفسيتَها وحتى جسدَها للحبّ وللرجل الذي أحبته رافضة كل النصائح والتهديدات، وتجاوزت كلّ الحواجز والصعوبات حتى حققت التواصلَ معه والزواج منه. وعندما شعرت أن المراسيمَ الدينيّة المُتّبعة تُقيّد حريّتها وتضغط على أنفاسها رفضتها بسهولة ودون أيّ شعور بالذنب، فقد رفضت إدخالَ الشيخ المقرئ الذي أثقل عليها بحضوره اليومي بعد موت زوجها حتى ضاقت ورفضت فتح الباب له وسألته بتحدّ وآصرار :"نعم شو بتريد؟ وإذ قال: أنا الشيخ اللي بيجي كل يوم أقرأ عن روح ابن عمّك. قالت له طاردة إيّاه: الظاهر إنّك غلطان بالبيت، ما فيش ميّت عنّا مش حرام تفوّل علينا"؟(14)
يبدو أنّ الكاتبة حنان الشيخ انساقت في كتابتها لسيرة والدتها فجعلتها تتحدّث بالنيابة عنها حتى بعد عجزها عن الحركة والكلام والوعي وحتى بعد مغادرتها للحياة وبعد مرور سنوات على موتها ممّا جعلني كقارئ أتساءل عن الحكمة في عملها هذا، ولماذا لم تقم حنان، التي ائتَمَنَتها أمّها على قصتها، بعد تدهور صحة أمّها ومن ثم موتها، بتسجيل ما كتبته بلسانها هي مؤكدة بذلك على اخلاصها لوصية أمها ووديعتها ومُظهرَة حبّها الكبير لتلك الوالدة التي كان لها التأثير الكبير عليها مما كان يُكسب القصّةَ المصداقية والواقعيّة والقبول أكثر. لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال: إنّ حنان الشيخ في روايتها لسيرة والدتها الذاتية ساهمت في ترسيخ هذا الجنار في أدبنا العربي الحديث واستطاعت أن تُحقّق الشرطَ الأساسيّ فيه وهو وجود التطابق بين المؤلف والسّارد والشخصيّة.

الإشارات:
1- قطع من السيرة الذاتية لمحمد بن شهاب الزهدي والسيرة النبوية لابن اسحق وابن هشام وكتاب سيرة محمد النفس الزكية ، وكتاب الحارث بن أسد المحاسبي، وكتب سير الملوك والأمراء والسلاطين. ونجد تراجم وسير الفقهاء والمحدثين والقراء في كتب الفارابي وابن سينا والبيروني وياقوت الحموي وغيرهم.
2- جورج ماي: السيرة الذاتية، ترجمة محمد القاضي وعبدالله صولة، قرطاج، تونس 1993،
3- فيليب لوجون: السيرة الذاتية، ترجمة وتقديم عمر حلي. المركز الثقافي العربي بيروت 1994 . ص 22
4- فيليب لوجون: جريدة القدس العربي، لندن – العدد 4118 في 13 آب 2002 ص 11
5- جيرار جينيت وآخرون: وجهة النظر من السرد إلى التبئير، ترجمة ناجي مصطفى، الدار البيضاء 1989، ص 67
6- حاتم الصكر: السيرة الذاتية النسوية: البوح والترميز القهري. مجلة فصول ، عدد 63 شتاء وربيع 2004. ص 211
7- والاس مارتن: نظريات السرد الحديثة، ترجمة حياة جاسم محمد، المشروع القومي للترجمة القاهرة 1998، ص 97
8- يمنى العيد: السيرة الذاتية الروائية والوظيفة المزدوجة، مجلة فصول، العدد الرابع، القاهرة شتاء 1997، ص 12
9- جورج ماي : مصدر سابق ص 94
10- حنان الشيخ: حكايتي شرح يطول. دار الآداب ، بيروت 2005. ص 379
11- المصدر السابق ، ص 380
12- ماري تيريز عبد المسيح: دنيوية الحب في طوق الحمامة. مجلة إبداع، العدد التاسع، سبتمبر 1996، ص 92
13- فيليب لوجون : مصدر سابق ، ص 24
14- حنان الشيخ: حكايتي شرح يطول، ص 280
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #362  
قديم 19-08-2015, 05:48 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


حنان الشيخ روائية لبنانية من بلدة أرنون في جبل عامل (جنوب لبنان)
ولدت في بلدة أرنون عام 1943 ميلادي
انهت دراستها في القاهرة
تنقلت وعاشت في بلدان كثيرة فمن بيروت إلى القاهرة فالسعودية وصولا إلى لندن
كتبت أولى رواياتها في عمر التاسعة عشر.
عملت في جريدة النهار اللبنانية ومجلة الحسناء اللبنانية لفترة من الوقت
ترجمت رواياتها إلى احدى وعشرين لغة
مؤلفاتها
  1. انتحار رجل ميت
  2. حكاية زهرة
  3. مسك الغزال
  4. فرس الشيطان
  5. أكنس الشمس عن السطوح
  6. امرأتان على شاطئ البحر
  7. بريد بيروت
  8. إنها لندن يا عزيزي
  9. اوراق زوجية
  10. حكايتي شرحٌ يطول
المصادر

قضاء النبطية في قرن - علي حسين مزرعاني- صفحة 252 - الطبعة الأولى 2002م

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #363  
قديم 19-08-2015, 05:49 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

بعد تقديمها سيرة ذاتية "جريئة" عن والدتها

الروائية حنان الشيخ: لهذه الأسباب رفضت الظهور مع "أوبرا وينفري"



دبي - العربية.نت
أكدت الروائية اللبنانية حنان الشيخ أنها رفضت عرضا للظهور في برنامج المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري، وذلك بعد نجاح روايتها "حكايتي شرح يطول" وتروي فيها بأسلوب شائق وعميق السيرة الذاتية لأمها.

وعن قصة رفضها الظهور في برنامج "أوبرا"، تقول: "بعد نجاح الكتاب في لندن وأميركا، تمّ إرساله ضمن كتب أخرى طبعاً إلى أوبرا وينفري التي تختار مع فريق عملها الكبير ما تراه مُلائماً. ووجدوا في كتابي ما يجذب انتباه الناس إليه لكونه يحكي سيرة ذاتية لامرأة عربية مُسلمة أميّة تحدّت عائلتها وبيئتها وعشقت على زوجها وتركت منزلها وأطفالها وابنتها التي أصبحت فيما بعد الكاتبة المعروفة التي تجرأت أن تنشر قصة أمها كما هي".

وتابعت في حديثها إلى صحيفة "الحياة": "اتصلوا بي ورحّبت بالفكرة طبعاً إلّا أنهم اشترطوا علي بعض الأسئلة التي لم أجد لها مبرّراً وكأنهم كانوا يُريدون إعطاء الحوار طابعاً فضائحياً إلى حدّ ما. لذا فضلّت عدم الظهور مع أوبرا بالشروط التي ترضي برنامجها على حساب قناعاتي الشخصية. وأخبرتهم بصراحة بأنني لا أرغب في الظهور معهم لتدخلهم الوقح بتفاصيل لا تهمّ البرنامج ولا المشاهدين.

وأضافت: "ولا أخفي عليك أنّ الدار التي تولّت نشر الكتاب في أميركا سألتني: (هل كنت تحلمين بالظهور في برنامج أوبرا؟). الدار انزعجت كثيراً للقرار الذي اتخذته واعتبروا رفضي لهذا العرض فيه خسارة مادية كبيرة لهم كدار نشر. ولكنني مقتنعة بما فعلت ولست نادمة على الإطلاق، لأنني على رغم الجرأة التي تُلازمني كصفة إلّا أنني لا أقدّم أي شيء على حساب شفافيتي وصدقي واحترامي لنفسي ولأدبي. ولكن في المجلّة التي تصدر عن برنامج أوبرا تناولوا الكتاب وقدّموا مقالة نقدية جميلة جداً، ولم يأتوا على ذكر سوء التفاهم الذي حصل في ما بيننا".


وفي موضوع آخر، وفيما إذا كانت نهاية بعض الحكام المستبدين في ثورات "الربيع العربي" قد أثرت بها، قالت: "الشباب العربي حاربهم بالشغف وحبّ الحياة بعزّة وكرامة. قلبهم كان سلاحهم. وأعتقد أنهم نجحوا في ما أرادوه. هناك من يعتقد أنّ التغيير يُمكن أن يؤدي للأسوأ ولكن كيف يُمكن أن نعرف ما الذي ينتظرنا ونحن نلتزم أماكننا من دون أن نُحرّك ساكناً. هل نقبل بالظلم خوفاً من المجهول؟ وهل ثمة ما هو أسوأ من الأوضاع التي كانت تعيشها هذه الشعوب؟."

وزادت: " إنّ المصير الذي لاقاه الزعماء العرب هم الذين قرّروه لأنفسهم. ماذا يعني أن يحكم فرد شعباً كاملاً ما يُقارب نصف قرن؟ وماذا ينتظر من يقبع في الحكم ثلاثين وأربعين عاماً والبلاد تغرق في القمع والفقر والجهل؟ شعبه لن يُكرّمه في النهاية، ولن يموت طبعاً ميتة الأبطال. هؤلاء الأشخاص عاشوا جنون العظمة ونسوا الحياة بصورتها الطبيعة، تجاهلوا دورة الكواكب ووجود الشمس والقمر واعتقدوا أنّ كلّ شيء يدور في فلكهم وأنّهم سيبقون إلى الأبد. وهذه الكذبة التي صدّقوها هي التي أودت بهم إلى هذه النهايات المخزية"
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #364  
قديم 19-08-2015, 05:49 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

حنان الشيخ
- طفولة صعبة ومؤلمة.
- تقول عنها في مقابلة صحفية اعلاه"لم اعش حياة تقليدية في بيتنا، امي لم تكن في البيت، وابي يشتغل طوال النهار ولا يعود الا ليلاً. لم تكن هناك سلطة أبوية ثم ان الشخص في تكوينه الجيني يحمل التمرد احياناً. وانا اكتب سيرة امي اكتشفت ان امي بتركها البيت وزواجها بحبيبها، وثورتها على واقعها، قد تكون اورثتني اشياء كثيرة. لا اسأل نفسي هذا السؤال. لكنني اذكر حين كنت صغيرة جداً ومررت بمنطقة «رأس بيروت» وشاهدت البحر، قلت في نفسي، اريد ان اعيش هنا لا في «رأس النبع» مع الجيران الذين يفتحون الشبابيك كلما مررنا ليتفرجوا علينا. تمردت على والدي المتدين كثيراً، وصارحته انني اكذب عليه وانني اضع الحجاب في حقيبتي لا على رأسي. كان اقربائي يقولون بأن حياتي ستكون صعبة لأنني اعاند وأشاكس. انما اريد ان اقول هنا بأنني عشت حياة مختلفة عن الآخرين بسبب غياب امي. كنت احمل الأكل لوالدي وامشي في بيروت من سوق الى سوق، اقرأ المكتوب على اللافتات وكان ثمة كلام جميل يسحرني".
- وتقول في ردها على سؤال آخر وهو : * لغتك ايقاعها سريع، والمشهد عندك يطوى بسرعة، بحيث لا تتركين فرصة للقارئ ليتململ، فهل انت انسانة ضجرة؟
ـ جداً، ثم انني لا افكر بأن ما اكتبه سينشر، يخيل الي انني ألعب او اكتشف عالماً جديداً اتمتع به بعد ان بنيته. منذ صغري كنت احب ان أُسلّي من حولي، واثبت لأولاد الحي اننا مثلهم، رغم ان امنا تركتنا، كنت امثّل لهم، اخترع لهم قصصاً، اكذب عليهم، اردتهم ان يقبلوني، واستعملت خيالي لأتودد إليهم، رغم انني كنت اعيش باستمرار اغتراباً داخلياً. حين كنت ادخل بيتنا اشعر بأن اشياءه تتكلم، اثاثه اشخاص ناطقون، هذا عدا النسوان الكثر اللاتي كان يعج بهن البيت، وحكاياتهن وثرثراتهن، هناك عوامل كثيرة لعل منها انني لم اكن ناجحة بالقدر الكافي في المدرسة، ولم اتعلم كثيراً، ولم ادرس كثيراً، ولم اقرأ كثيراً كما فعل غيري، لذلك لم تتقيد موهبتي.

غير واضح تماما متى مات والدها وهناك ما يشير الى احتمال ان تكون ابنة محمد حبيب امها وان كان محمد والدها تكون قد عاشت بعيدة عنه ثم مات في حادث سيارة وهي صغيرة ..على كل حال لا شك انها عاشت حياة مأزومة ومضطربة.

يتيمة اجتماعيا بسبب غياب الام,

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #365  
قديم 19-08-2015, 05:50 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

53- ريح الجنوبعبد الحميد بن هدوقة الجزائر

لأول مرة على النت رواية " ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة
لأول مرة على النت وحصريا الرواية الجزائرية المشهورة " ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة بصيغة جافا للهواتف الجوالة الداعمة للعربية.
نشرت هذه الرواية سنة 1971 وتُعدُّ أول رواية جزائرية ناضجة فنيا وهي تصوّر المجتمع الريفي الجزائري بعاداته وتقاليده وخرافاته. وبطلته الطالبة الجامعية نفيسة التي تعود إلى قريتها في العطلة الصيفية بعد انتهاء الجامعة وهي تحلم بالعودة إلى العاصمة لإنهاء دراستها، لكن أباها كان يدبر لها شيئا آخر، حيث تحقيقا لمصالحه الإقطاعية أراد تزويجها من شيخ البلدية الذي يفوقها في السن مرتين.
وحينما لم تستطع أن توقف تحضيرات أبيها لتزويجها قررت الفرار؟
ولكن هل ستنجح؟ أترككم مع رواية رائعة جدا صوّرت بحق المجتمع الريفي الجزائري في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي.
وقد حُوّلت إلى فيلم جزائري سينمائي يحمل العنوان ذاته.

الرابط هو :

http://www.mediafire.com/?7cqu32k9n399rb9
==

ريح الجنوب - دراسة نقدية
عن منتديات الشروق
الكاتب : سميحة
لقد شهد الأدب الجزائري محاولاتقصصية مطولة تنحو منحى روائيا ، وأول عمل من هذا النوع كتبه صاحبه سنة 1849 وهو "حكايةالعشاق في الحب والاشتياق" لمحمد بن إبراهيم المدعو الأمير مصطفى ، ثم تبعتهمحاولات أخرى مثل "غادة أم القرى" لأحمد رضا حوحو، "الطالب المنكوب" لعبد المجيد الشافعي ، " الحريق" لنور الدين بوجدرة ... (1) .

إلا أنالنشأة الجادة لرواية فنية ناضجة ارتبطت برواية "ريح الجنوب" ، وقد كتبها عبدالحميد بن هدوقـة في فترة كان فيها الحديث جديا عن الثورة الزراعية فأنجزها في 5/11/1970 ، ثم كان التطبيق الفعلي لهذا المشروع في 8/11/1971 ،فدشن الرئيس هواري بومدين أول تعاونية للثورة الزراعية في قرية خميس الخشنة في 17/06/1972 ، ثم دشنت بعد ذلك أول قرية اشتراكية في عين نحالةبتاريخ 17/06/1975 (2) .

تنطلق الروايةفي صباح يوم الجمعة ، - وهو يوم سوقأين يستعدعابـد بن القاضي للذهاب إلى السوق مع ابنه عبد القادر ، فيقف قرب الدار متأملاأراضيه وقطيع الغنم الذي يقوده الراعي رابح ، وعلى صدره هم ينغص راحة باله ، ذلك أنهناك إشاعات بدأت تروج منذ صدور القرارات المتعلقة بالتسيير الذاتي حول الإصلاحالزراعي ، ثم خطرت بباله فكـرة بعثت في نفسه السرور حين نظر من الخارج إلى غرفةابنته نفيسة ، يتلخص مضمونها في تزويج ابنته إلى مالك شيخ البلدية والذي يقومبتأميم الأراضي ، في ذلك الوقت كانت نفيسـة داخل غرفتها تعاني الضيق و الشعوربالضجر تقول أكاد أتفجر، أكاد أتفجر في هذه الصحراء(3) ، ثم تضيـف " كل الطلبة يفرحون بعطلهم ، أما أنا فعطلتي أقضيها فيمنفى " (4) ، و فجأة تهدأ نفيسة منحالة الاضطراب ، عندما تسمع صوت أنغام حزينة كان يعزفها الراعي رابح ، فتطرب ولايخرجها من ذلك إلا صوت العجوز رحمة منادية على أخيها عبد القادر من بعيد ، معلنة عنقدومها ، كي تذهب مع خيرةوالدة نفيسة- إلى المقبرة ، فترغب هذه الأخيرة في الذهابمعهما " أرغب في ذلك يا خالة ! أود أن أرى الدنيا ، إنني اختنقت في هذا السجن" (5) .

بعد أيامتحتفل القرية بتدشين مقبرة لأبناء الشهداء الذين سقطوا أيام حرب التحرير، فيستقبلعابد بن القاضي أهل القرية في بيتـه رغبة منه في التأثير في مالك و إعادة ربط مابينهما من صلات قديمـة فمالك كان خطيب زليخـة – ابنة عابد بن القاضي- والتي استشهدتأيام الثورة ، حين أعد مالك ورفاقـه من المجاهدين لغما كان من المفترض أن يستهدفقطارا عسكريا ، لكنه خطأ استهدف قطارا مدنيا كانت زليخة من ركابه ، مما أثار غيظابن القاضي فوشى بالمجموعة لقوات الاحتلال ، فأثر ذلك في نفس مالك و أصبح يتهرب منه، وفي هذا اليوم يوم الاحتفال يدعو عابد بن القاضي مالكا لرؤية زوجته خيرة ، لأنهاترجو ذلك منه ، فيقبل دعوتها، وعندما يدخل الغرفة ما إن يقع نظره على نفيسة حتىيبهت لما رأى ، فهي شديدة الشبـه بأختها وخطيبته السابقة زليخة .

ويسعى عابدبن القاضي لإشاعة خبر خطوبة مالك لابنته نفيسة على الرغم من تحفظ مالك ، فتعلن خيرةهذا الخبر لابنتها فترفض بشدة لأنها لا ترغب بالبقاء في القرية ، كما انه لا تريدالزواج بشخص يكبرها سنا ولا تعرفه جيدا وحين يصر الأب على قراره وتفشل في صده ،تستنجد بخالتها التي تسكن في الجزائر فتكتب لها رسالة ، تطلب من رابح أن يحملها إلىالقرية المركزية ويضعها في البريد ، فيعجب بها رابح لأنها تكلمت معه بلطف ، وظنهامعجبة به ، فقرر زيارتها ليلا، وبالفعل يقوم بذلك، وعندما تجده فجأة أمام سريرهاتدفعه وتشتمه: " أخرج من هناأيها المجرم ! ، أيها القذر أيها الراعي القذر " (6) ، فخرج مطأطأ رأسه حزينا، وبقيت تلك الكلمة المؤلمة تدوي في سمعه " أيها الراعي القذر " ، ومن يومها يقررترك الرعي ويشتغل حطابا.

تمر الأيام ولا يزال الأب مصمما على تزويجابنتـه لمالك ، فتفكر طويلا في حل لمشكلتـها ، فتفكـر في إدعاء الجنون ثم الانتحار، وأخيرا يقـع اختيـارها على حل نهائي وهو " الفرار" ، فتضع خطة محكمة للهروب ،وتقرر تنفيذ خطتها يوم الجمعة لأن الرجال يتوجهون إلى السوق بينما النساء يتوجهنإلى المقبرة ، فتخرج متنكرة مرتدية برنس والدها حتى لا يعرفها أحد ، فتتجه إلىالمحطة عبر طريق ذا طابع غابي فتظل ويلدغها ثعبان ، فيغمى عليها، ويصادف أن يجدهارابح – الذي أصبح حطابا- فيتعرف عليها ، و يعود بها إلى بيته أين يعيش مع أمهالبكماء ، ولا يطلع والدها لأنها لا تريد العودة " دار أبي لن أعود إليها أبدا " (7) ، لكن الخبر يشيع في القرية فيعلم والـدها ، ويعزم على ذبح رابح ، فينطلقإلى بيته ، ويهجم عليـه بقوة شاهرا " موسه البوسعادي " فتنهار قوى رابح ، فتسرع أمهإلى فأس ضاربة عابد بن القاضي على رأسه فتنفجر الدماء من رأسه ومن عنق رابح ،فتنصرف الأم مسعفـة ابنها و البنت مسعفة أباهـا ، ثم قامت الأم ودفعت نفيسة إلىخارج البيت وبدأت تصرخ ، فأقبل الناس فزعين ، واتجهت نفيسة راجعة إلى بيت أبيها،بعد أن فشلت محاولتها فيالهرب.

(1) ينظر عمر بنقينة ، في الأدب الجزائري الحديث ، ص 197/198
(2) ينظر عمر بنقينة ، الأدب العربي الحديث ، شركة دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ،ط1 ،1999 ص 168
(3) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، ط5 ،ص10

(4) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص10

(5) المصدرالسابق ، ص20

(6) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص108

(7) المصدرالسابق ، ص246

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #366  
قديم 19-08-2015, 05:50 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

عبد الحميد بن هدوقة

أديب جزائري (1925 - 1996).
ولد عبد الحميد بن هدوقة في 9 يناير1925 بالمنصورة برج بوعريريج. بعد التعليم الابتدائي انتسب إلى معهد الكتانية بقسنطينة، ثم انتقل إلى جامع الزيتونةبتونس ثم عاد على الجزائر ودرس بمعهد الكتانية بقسنطينة. نضاله ضد المستعمر الفرنسي الذي كان له بالمرصاد، دفعه إلى مغادرة التراب الوطني مرة أخرى نحو فرنسا ثم يتجه عام 1958م لتونس، ثم يرجع إلى الوطن مع فجر الاستقلال.توفي في أكتوبر 1996م.
تقلد عدة مناصب منها: مدير المؤسسة الوطنية للكتاب، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، عضو المجلس الاستشاري الوطني ونائب رئيسه.
علّم الأدب العربي بالمعهد الكتاني بين 1954- 1955 ثم التحق بالقسم العربي في الإذاعة العربية بباريس حيث عمل كمخرج إذاعي، ومنها انتقل إلى تونس ليعمل في الإذاعة منتجاً ومخرجاً. وبعد عودته إلى الجزائر عمل في الإذاعتين الجزائرية والأمازيغية لأربع سنوات ورئس بعدها لجنة إدارة دراسة الإخراج بالإذاعة والتلفزيون والسينما وأصبح سنة 1970 مديراً في الإذاعة والتلفزيون الجزائري.
أمه بربرية وأبوه عربي مما أتاح له أن يتمتع بتلك الخلفيتين اللتين تمتاز بهما الجزائر وأن يتقن العربية والأمازيغية بالإضافة إلى الفرنسية التي تعلمها في المدارس رغم أن الفرنسية في تلك الحقبة من تاريخ الجزائر كانت ممقوتة لأنها لغة المستعمر، خصوصاً لدى سكان الريف الذين اعتبروا المتكلمين بها والدارسين لها بمثابة التجنيس. من هنا جاء قرار والده بإرساله إلى المعهد الكتاني الذي كان فرعاً للزيتونة في تونس. وكان أساتذة هذا المعهد من الأزهريين أو ممن تخرجوا من المدرسة العربية الإسلامية العليا بالجزائر. له مؤلفات شعرية ومسرحية وروائية عديدة ترجمت لعدة لغات. اكسبته نشأته في الأوساط الريفية معرفة واسعة بنفسية الفلاحين وحياتهم. ما جسده في عدة روايات تناولتها الإذاعات العربية.
مؤلفاته
وصلات خارجية

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #367  
قديم 19-08-2015, 05:51 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

في اعتقادي أن شخصيات مثل الوالد لم يخرجوا للجمهور صدفة، وإنما تكونت شخصياتهم بعد تجربة وبعد نضال وبعد تضحيات. ربما، وأقول ذلك بتحفظ لأنني لم أقرأ جميع الأعمال النقدية عن الوالد، ربما يتم حصر عبد الحميد في خانة الأديب وكفى، لكن الوالد كان مناضلا في صفوف حركة انتصار حريات الديمقراطية، تخيلي أنه كان مطاردا من قبل الاستعمار الفرنسي وجرح برصاصة في ذراعه أطلقها عليه رجل الشرطة الاستعمارية>

من مقابلة مع نجل مؤسس الرواية الجزائريّة أنيس بن هدوقة للوكالة: عبد الحميد بن هدوقة كان شاعرا .. وطباعة أعماله ليست مسؤولية وزارة الثقافة

==
ابنهدوقة.. كان -يبدو- خجولاً.. منطوياً.. متواضعاً.. أنيقاً، هادئاً، وإذا تكلم أقنع،ويمتاز في كتاباته بأسلوب جميل، أخاذ، رصين.. وبفكر عميق ثاقب.. ولغة قوية مطواعةكان لامعاً..! وكان يمكن أن يحاط بالحب، كما يحاط بالحسد..‏
والدهرجل عالم وجيه.. ولد في قريته الصغيرة /الحمراء/ وفي القرية الكبيرة المجاورة/ /المنصورة/ شب عبد الحميد، وحفظ القرآن ودرس مبادئ اللغة العربية، وتعلم في المدارسالفرنسية ثم حوله والده إلى معهد /الكتانية/ بقسنطينة للدراسة بالعربية حيث داومفيه مدة خمس سنوات، /عبد الحميد من ولاية/ سطيف/.‏ من مقالعبدالحميد بن هدوقة ورحيل الأدباء..!؟

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #368  
قديم 19-08-2015, 05:51 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

عبد الحميد بن هدوقة

دخل المعترك السياسيوأصبح عضواً في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم اميناً عاماً بها، ورئيسجمعية الطلبة الجزائريين في تونس. قبض عليه في 18 كانون الاول - ديسمبر- 1952 فيتونس بعد قيامه بمهمة صحافية وذلك بتغطية تظاهرات نسائية في احدى احوار تونس، وسجنفي زغوان في تونس ثم فر من السجن مع مجموعة من رفاقه. (سنة اندلاع ثورة التحريرالجزائرية) عاد الى الجزائر. وعندما حصل الانقسام بين حركة انتصار الحرياتالديمقراطية وجبهة التحرير الوطني، استقال من كل مناصبه وكرس جهده لتدريس الادب فيالمدرسة الكتانية، ونتيجة ملاحقته المستمرة، اتخذ بطاقة تعريف جديدة باسم عبدالحفيظ مصطفى، وجواز سفر وغادر ثانية الى فرنسا ونتيجة الجهد والتعب الكثير دخلالمستشفى وطلب منه الاطباء تغيير عمله، وربما كان هذا هو السبب الاساسي الذي جعلهيهتم بالكتابة والإبداع اكثر من اي شيء آخر، كالتمثيل في السينما او المسر.
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #369  
قديم 19-08-2015, 05:52 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

قراءة في رواية: نهَاية الأمس للرّوائي الجزائري عبد الحميد بن هدوقه
أحمد دوغان‏

إن المتتبع للأدب الجزائري الحديث يشعر بادئ ذي بدء أنه أدب ثوري، عرف حقيقة الثورة بكل أبعادها النضالية، الثورة ضد الاستعمار، والثورة ضد الإقطاع والاستغلال، والثورة في مرحلة البناء الاشتراكي، وهذا يعني أنه أدب هادف.. عمل على تغيير الواقع نحو الأفضل، وكان التزامه به حتمياً، وتجلى هذا الالتزام في سائر الفنون الأدبية، وإذا تجلت الصور الثورية المختزلة في الشعر والقصة القصيرة، فإن الرواية استطاعت أن تبلور معالم الحياة الواقعية إبان الثورة، وأثناءها، وبعد الاستقلال، ولعل هذا الواقع قد قدّم لهم مادة خصبة تساعد الروائي في عملية الإبداع، ومن الروائيين الذين عايشوا الأحداث في الجزائر واقعاً وفناً، "الطاهر وطار" و "عبد الحميد بن هدوقه" وإذا وقفنا في فترة سابقة عند رواية (الزلزال)1للطاهر وطار، فإن حديثنا في هذا المقال سيكون عن رواية (نهاية الأمس)2للروائي عبد الحميد بن هدوقه.‏
ولد الروائي والقاص الجزائري عبد الحميد بن هدوقه سنة 1929 بالمنصورة التابعة لولاية سطيف، قضى طفولته في الريف، في قرية تركت آثارها على كتاباته من بعد.. وبعد إتمامه للتعليم الابتدائي، انتسب إلى المعهد (الكتاني) بقسنطينة، ولما بلغ من العمر سبعة عشر عاماً سافر إلى مرسيليا، بفرنسا، وظل هناك حتى عام 1949 ليلتحق بالمعهد ذاته، ولمدة سنة ثم يجدد السفر ثانية، ولكن هذه المرة إلى تونس، وفي جامع الزيتونة يقضي أربع سنوات في دراسة الأدب إلى جانب كونه طالباً في (معهد الفنون الدرامية) ليعود إلى الجزائر في عام الثورة 1954، ويقوم بتدريس مادة الأدب في (المعهد الكتاني) ولم يكن (ابن هدوقه) في مهنته مدرساً فقط، وإنما كان مناضلاً، مما دفع الاستعمار الفرنسي إلى ملاحقته إلا أنه هرب إلى فرنسا، وذلك في نوفمبر من العام نفسه ليعمل هناك، وعلى أثر الجد والتعب نقل إلى المستشفى، وطلب منه الأطباء تغيير عمله، وشجعه ذلك على الاهتمام بالأدب أكثر، فأخذ يكتب المسرحيات باللغة العربية، لتذاع من إحدى المحطات، وفي عام 1958 يترك فرنسا ملتحقاً "بتونس" وفيها تفرغ للأدب، ومن بعد إلى مجموعته (الكاتب وقصص أخرى) القصصية فإنه لا بد أن يعيش الواقع الذي عاناه ابن هدوقه في تونس حتى الاستقلال.‏
ومع فجر الاستقلال يعود الروائي ابن هدوقه إلى الوطن، ليعمل في الإذاعة الوطنية، إلى جانب متابعة كتاباته في القصة3 والرواية4 والشعر5 والوراثة6.‏
الحدث في الرواية:‏
تقع الرواية في مئتين وست وثمانين صفحة من القطع الوسط، وفي سبعة فصول تطول وتقصر حسب مقتضى الحدث في الرواية.‏
تطل علينا شخصية (البشير) المعلم الذي تقله سيارة (اللاندروفر) إلى المدرسة في إحدى القرى.. ولدى وصول البشير يستقبل من أفراد القرية الذين يدعونه إلى قهوة القرية، فيقبل الدعوة، ويذهب معهم، وعند الانصراف يدعوه كبير القرية.. إلى تناول الطعام فيفعل ذلك، وعند المساء يعود أدراجه إلى المدرسة، ولكنه يفاجأ بأن الماء غير موجود، فيعود ثانية إلى ساحة القرية فيحضر ما يحتاج من الماء، وعلى الشمعة، كأن يتناول الشاي والقهوة، وتذهب به الخواطر، التي تبدأ... بزوجته التي تركها وهي في وقت الوضع والولادة، ملتحقاً بالجبل، مع الثوار، وكيف أنها طلبت منه البقاء إلا أنه قال لها (ثقي أنني سأعود أننا سننتصر، إن ثورتنا الآن قوية).. ثم ينتقل إلى خاطرة أخرى إذ أنه أصيب برصاص العدو، ولم يشعر إلا وهو في مخيم جيش التحرير، ثم ينقل إلى ألمانيا، وتنقطع أخبار الزوجة والأهل، وعند الشفاء ينقل إلى تونس، وفيها يتابع الدراسة ويتعرف فتاة، تريده زوجاً، ويصر على صداقتها، وعندما يطلعها على بعض مشكلاته، تنقطع عن الدراسة، ولم يعد يراها.‏
وعلى متابعة الشاي ولفافات التبغ "عند ذكرياته".. يوم أن عاد إلى قرية في جويليه (تموز) عام 1962 ليجد القرية أنقاضاً لا زوج ولا ولد ولا أحد.. فغادر القرية إلى العاصمة.‏
وفي الفصل الثاني يستيقظ صباحاً، في الساعة الرابعة.. يخرج إلى ساحة المدرسة يفكر بإيصال الماء إليها.. يذهب إلى مقهى القرية، يبحث عن بعض أوان للاستعمال ويعلم أن ذلك لا يوجد إلا عند (أم الحركي).. وبواسطة كبير القرية (بو عرارة) يذهب إلى (ربيحة) العجوز.. وعند طرق الباب تخرج فتاة في الحادية عشرة تسمى فريدة يسألها عن جدتها.. تحضر العجوز، ويخبرها بو غرارة بطلب المعلم البشير.. وإذا كان بالإمكان أن تعمل في المدرسة حسب طلب المعلم، فوافقت العجوز.. وتذهب في اليوم الثاني، وعند عودتها تسألها كنتها عن المعلم.. فتقول لها أنه ابن حلال... وتزيد الكنة رقية من الأسئلة، فتقول أنها لم تعرف عنه سوى أن اسمه (البشير) وأنه سأل عن (فريدة) وسعالها، ولا بد أن يعرضها على طبيب في أقرب وقت.‏
وفي الفصل الثالث تفكر رقية في زوجها الأول أيام الخطبة ثم الزواج.. والتحاقه بالجبل، وكيف أن الدورية العسكرية الفرنسية قد جاءت في غياب العم والد زوجها الشيخ حموده، ودنسوا شرف ابنه، ولما عاد إلى البيت وعلم من زوجة العجوز ذهب إلى الجبل، وعاد ببندقية رشاشة، وقبع عند حجر المصلى منتظراً الدورية الفرنسية.. وهو يقول في نفسه (التاريخ لا تكتبه الأقلام الجميلة، وإنما الأفعال الفذة، والقصص الفذة، وقصص الشرف عاشت على روايتها الأجيال والأجيال) وما إن مرت الدورية حتى قضى على جميع أفرادها، واستشهد هو أيضاً، ومنع الاقتراب منه، ولما همت زوجه، لتدفنه قتلت هي الأخرى مما اضطرت زوجة البشير إلى الرحيل.‏
وفي الفصل الرابع.. يبدأ "البشير" بتصوراته حول مستقبل المدرسة، ولا بد من الماء، ثم المطعم، انطلق مع (غرارة) لرؤية القرية.. وشاهد أرض الإقطاعي (ابن الصخري) وكيف أن الماء يسيل فيها، بينما القرية بحاجة إليها.. ثم ينقلنا الروائي إلى انتشار خبر عمل أم الحركي في المدرسة وغضب أهل القرية.. وثائرتهم في وجه المعلم، الذي أصر على تحدي ابن الصخري في داره لأنه هو الذي حرضهم، وكان الصراع قوياً بين ابن الصخري وبين المعلم (البشير) ويقف بو غرارة إلى جانب البشير.. واتفقا معاً على أخبار المجلس البلدي بالموضوع.. وبالموافقة على شراء الجديد والأسلاك لتسييج المدرسة، وكان الشخص الثالث الذي يقف إلى جانبهما هو القهوجي.‏
وفي الفصل.. تظهر لنا رغبة العجوز في صنع الأواني للمعلم، والكنة ترغب أن تصنع له حاجة من الصوف، بينما يزداد سعال فريدة.. الذي يكون مصحوباً بالدم وما أن تنام حتى تستيقظ من جديد والدم يملأ فمها.. ولم يمهلها السعال كثيراً، فتموت، وتخبر العجوز المعلم.. الذي يذهب بدوره إلى الدكان ليرسل إلى دار الفقيدة بعض المواد الغذائية، ثم يتابع طريقه إلى منزل (بو غرارة) ويتفقان على أن يلتقيا في المدرسة، وفي منزل العجوز يلتقي المعلم وبو غرارة ثم يأتي القهوجي وابن الصخري، ليقول (البشير) عن ابن الصخري (إنه منافق جاء ليقال عنه أنه رجل متواضع لا يتخلف في الملمات) وتألم المعلم لأنه لم يسرع إلى إنقاذ الطفلة.‏
بينما رقية تعود بها الذاكرة إلى زوجها الأول المجاهد، ثم إلى زواجها من الحركي.. وفي اليوم الذي يليه توافد (بو غرارة) ثم دخل المعلم، وأثناء دخوله كانت رقية قد خرجت لجلب الماء.. فتراه، لكنه لم يرها.. إنه ذاته زوجها الأول.. وبكت، وظن الجميع أنها تبكي على ابنتها.‏
وعند حمل الجنازة.. وفي الطريق إلى المقبرة تأكدت رقية من صحة رؤيتها.. وأن المعلم هو زوجها الأول.. وزادت أحزانها، فإنه يدفن الآن ابنته. وجاء اليوم التالي، ويبدأ المعلم في الحفر ووضع القضبان الحديدية، ويمر ابن الصخري.. ليقول للمعلم (أن القلم والفأس لا يجتمعان في يد) ويبدأ الصراع من جديد.. ويتشعب الحديث، متناولاً قصة الماء، ثم يطلب ابن الصخري من (البشير) أن يعمل مديراً لشؤون المزرعة.. لأنه يعلم أن المعلم لا بد أن يحرك شعور أهل القرية.. فتنقلب الأمور رأساً على عقب... ويستريح بعد غرس ثلاثين من الأعمدة.. وفي المقهى يلتقي (بو غرارة) مع البشير.. ويتحدثان حول ما جرى بين البشير وابن الصخري.‏
وفي الفصل السادس تقبل سيارة البلدية، ويتهامس أبناء القرية.. إلا أنها تحط عند ابن الصخري.. ويعرف أن ابنه هو الذي جاء..‏
وينقل لأبيه شأن نقل الماء إلى القرية، بينما وصلت رسالتان إلى المعلم بالموافقة على المطعم واستخدام العاملة، ونودي المعلم على أن هناك ضيوفاً في انتظاره، فيسرع ليرى رئيس البلدية والمهندس.. واستدعى (بو غرارة) ثلاثة رجال ليتعاونوا في نقل المعدات والأنابيب، وجرى حوار بين المعلم ورئيس البلدية، ثم بين رئيس البلدية وابن الصخري.. ويصر رئيس البلدية على نقل الماء، واتفق "البشير" والمهندس على أن يتم وصول الماء في يوم افتتاح المدرسة.‏
وفي صبيحة اليوم التالي جاءت العجوز لتخبر المعلم بنبأ هدم الجامع، وأن المشار إليه على أنه فعل ذلك هو المعلم، وتطلب منه ألا يخرج، إلا أن الصوت والشتم وصلا إلى المعلم، وخرج ليرى ما الخبر، ليرمى بحجرة، وعند التحقيق تشار أصابع الاتهام إلى ابن الصخري. وجاء موعد تسجيل التلاميذ.. ويطلب المعلم من (السعيد) ابن الحركي.. أن يحضر والدته للإمضاء بعد أن انتبه على أن رقية هي قد تكون زوجته من خلال قراءته لورقة الميلاد.. وهنا تشعر رقية أن البشير علم بكل شيء.‏
وفي الفصل السابع.. تقابل رقية المعلم.. تأكد المعلم من أنها زوجته لكنه لم يصارحها.. ويبدأ الصراع في نفسه، يطلب من بو غرارة أن يذهب معه لطلب الزواج من رقية.. على الرغم مما سيقال.. فيوافق بو غرارة قائلاً له (إن وقفت أمس إلى جانبك فلست لأقف في الغد ضدك أنني في أعماقي ما زلت جندياً في جيش التحرير) وعند نقل الخبر عن طريق العجوز إلى رقية، تمانع في المرة أولى لكنها سرعان ما توافق ويتبسم الفجر.‏
الشخصية المحورية:‏
إن الشخصية المحورية هي شخصية (البشير) التي تظهر بثوريتها، فقد تحملت أعباء النضال، منذ بداية الرواية فهو (لم يقدم على المجيء إلى هذه القرية من أجل تعليم الأطفال والقراءة والكتابة فحسب بل بدافع أعمق... إنه جاء ليحرض الناس على أن يثوروا على أوضاعهم).. وبقدر مهمته الصعبة قاوم وناضل بصبر.. فها هو في الماضي يقول لزوجته (ثقي أنني سأعود وأن الجزائر ستتحرر... أفهمت؟ من أجل هذا أفارقك وأنت حبلى، وأفارقك ولو كنت الليلة ستضعين حملك، إننا سننتصر، إن ثورتنا الآن قوية، ولم يبق من الكثير إلا القليل).. والبشير التقدمي الوطني يرد على أحد أساتذته في تونس.. وعندما أراد تغيير المجتمع القروي وجد العقبات، طرح عمل المرأة، المدرسة هي الثورة في الريف.. ومن هنا كان الصراع بين البشير وبين ابن الصخري.. بل بين الثورة، والإقطاع وعندما علم بأن زوجة الحركي هي في الأصل ثورته كان في موقع الاختبار فأعلن عن زواجه.. وعندما أنهى مهمته في القرية، قرر الانتقال إلى قرية أخرى، لأن الثورة أدت مهمتها في هذه القرية، بينما القرى الأخرى بحاجة إلى البشير.. جر المياه، المدارس، القضاء على الإقطاعيين، من هنا فإن الشخصية المحورية ثورية عملت على تغيير المجتمع الكامل، ولم تبدله ظروف الحياة، والحقيقة أن ابن هدوقه يهتم كثيراً بشخصياته، ويعمل على نجاح هذه الشخصيات بفنية روائية.‏
الشخصيات الثانوية:‏
لقد طرح الروائي ابن هدوقه مجموعة من الشخصيات إلى جانب البشير.. فشخصية (الشيخ حمودة) و (والد البشير) قدمت موقفاً خالداً كان بمثابة الثورة لدى (البشير) وكذلك شخصية (بو غرارة) التي حملت الثورة ذاتها، وشخصية ثالثة العجوز (ربيحة) مثال ثوري، فهي لم تهجر وطنها، وتمسكها بالطين شرف لها، بل هي تعاطفت مع البشير الذي يمثل الثورة، أما الشخصية المضادة (ابن الصخري فهي الوجه الحقيقي للإقطاع والجشع ويجب القضاء عليه. وشخصية (رقية) هي جزء من "البشير" وانتصرت معه أما باقي الأسماء فهي مفاتيح الثورة.‏
من كل يظهر لنا أن الشخصيات التي اختارها ابن هدوقه ثورية أكدت على استمرارية البشير، وكان لها دور في التحريف، لأن الزمن الذي اختاره الروائي لهذه الشخصيات، كان كالصاعق في العمل الفدائي من أجل نجاح العمل الثوري وهذا تأكيد على أن القاعدة الجماهيرية هي التي تخلق الثورة الفعالة، والبشير في حد ذاته من هذه الجماهير.‏
الفن في الرواية:‏
التصورات في الرواية واضحة الملامح.. لقد تعرف الروائي إلى قضية الأرض، والثورة، وانتصار الثورة على الإقطاع... ودور العلم في الريف.‏
وهذه التصورات جاءت في القضية التي أعلن عنها البشير منذ البداية (فهو لم يقدم على المجيء إلى هذه القرية من أجل تعليم الأطفال القراءة والكتابة فحسب، بل بدافع أعمق من هذا، جاء ليحرض هذه القرية جاء ليحدث انقلاباً.. ليرضى الناس أن يثوروا على أوضاعهم).‏
هذا الحدث الذي طرحه ابن هدوقه هل واكب الرؤيا الفنية الروائية؟ وكيف كان الصراع؟ أقول لقد قدم الكاتب تشكيلاً فنياً بارعاً فقد استعمل التصوير الفني.. من حيث التشويق، تأزم الصراع، الأسلوب الذي اعتمده الروائي..‏
وكل ما جاء في الرواية يدل على أن ابن هدوقه ينتمي إلى الواقعية والواقعية الاشتراكية. على الرغم من استعماله أحياناً إلى اللغة الشعرية.. التي تدل على اهتمام الكاتب باللغة والأسلوب.. والتكوين الفني.. بقي أن نقول أن الروائي قدم لنا صورتين بارزتين حين صور زواج البشير من رقية، ثم افتراس رقية من قبل الدورية الفرنسية وفي الحقيقة ليس في عمل ابن هدوقة، وإنما ألفاظ الجنس أصبحت مباحة عند كثير من الكتاب، بل أن الجنس في منظورهم أصبح جزءاً من الواقع
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #370  
قديم 19-08-2015, 05:52 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

لا نعرف شيء عن والدي عبد الحميد هدوقة لكن لا شك ان حياته تبدو مأزومة كونه ابن ريف ولد زمن الاستعمار وسافر للدراسة الابتدائية في بلد قريب ثم الى فرنسا وهو ابن 17 سنة للدراسة وهربا من القوة الاستعمارية ثم عاد الى تونس ونجده مسافرا من جديد. شارك في النضال واصيب برصاصة وسجن.

هو حتما اكثر من مأزوم وسنعتبره يتيم اجتماعي كونه غادر العائلة وهو شاب للدراسة وهربا من القوة الاستعمارية. وعلى امل ان يزودنا بلقاسم علواش بمعلومات تفصيلية عنه.

يتيم اجتماعي.

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 161.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 155.77 كيلو بايت... تم توفير 5.91 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]