عُدَّة المصحِّح اللغويِّ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-07-2019, 02:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي عُدَّة المصحِّح اللغويِّ

عُدَّة المصحِّح اللغويِّ


د. طه محسن عبدالرحمن





شرَّف الله اللغة العربية إذ أنزل بها كلامه المجيد، وبه وهبها من الإكبار ما جعلها طوال القرون لغة الفقه، والسياسة، والقضاء، والفلسفة، والأدب ولغة العلوم كافة. وكان للرعيل الأول من أبنائها وأحبَّائِها، حين عرفوا هذا التشريف، فضلُ القيام بجمعها، وتدوينها بعد ما جابوا آفاق بلاد العرب وبواديها، يستنطقون أهلها ويستملونهم. فكان الحصاد تراثاً كبيراً يضاف إلى لغة الكتاب العزيز، والحديث الشريف.



ثم نظر هؤلاء ومن جاء بعدهم إلى هذا المحصول نظراً سديداً، فاستنبطوا منه القواعد والضوابط، والأصول، وتركوا في ذلك تآليفَ تشهد على علوِّ همتهم، وجميل صبرهم، وأبدعوا علوماً تقوم على خدمة اللغة، وخدمة القرآن الكريم بها.



ونفرت من هذه الفرق طوائف تحقق كلام الناس، وكتابات المنشئين، وتراقب الألسن والأقلام مراقبة دقيقة، وتسجل ما تراه غلطاً في استعمال الألفاظ والتراكيب، وما تجده مخالفاً للفصيح. ودونوا آراءهم في كتب ورسائل مستقلة علاوة عما سجل في مصنفات الأدب، واللغة، والطبقات، وكتب الأمالي، ومجالس العلماء من مادة غزيرة في الموضوع.



وسار الزمن، وتوالت القرون ورجال التصحيح لا يألون نقداً للغة العلماء والأُدباء وسائر أرباب الفنون، واستجدت دوافع حفزتهم على ذلك؛ منها: رواج الترجمة إلى اللغة العربية، وكثرة الكتابة في الجرائد والمجلات، وسرعة النشر وتشعب سبله بعد ظهور الطباعة. وتهيأت فئة لانتشال الكتابة من الأساليب المستحدثة واللغات الضعيفة، والوقوف دون ظهورها على لغة الضاد. وبرز كتاب في مصر والشام، والعراق، والمغرب، وجهات أُخرى كتبوا مقالات، وألّفوا الكتب، وتحاوروا في الأنديات، وطلعوا على الناس بتأليفات تدور عنواناتها حول اللغة العربية. وتقويم الأساليب، مثل: (أخطاؤنا في الصحف والدواوين)، و(إصلاح الفاسد من لغة الجرائد)، و(مغالط الكتاب ومناهج الصواب) و(نحو وعي لغوي) و(عثرات اللسان) و(معجم الأخطاء الشائعة) و(لغة الجرائد) و(تذكرة الكتاب) و(الكتابة الصحيحة) و(قل ولا تقل).



وكان لهؤلاء المتأخرين وأُولئك الأقدمين أثر واضح في كتّاب يرومون الآن تخليص اللغة من الشوائب، فراحوا يتداركون ما يرونه غلطًا في التراكيب، وأذاعوا آراءهم بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة. واعتادت الجرائد اليومية على تخصيص أعمدة تتضمن موضوعات في التوعية اللغوية ونقد الأساليب.



ونهدت أقسام اللغة العربية في الجامعات إلى نشر الوعي اللغوي، وجعلت له نصيبًا في المؤتمرات والندوات، والحلقات الدراسية.

فالحركة إذن نشطت في هذا العصر، وهانحن أولاء نجد مؤيديها وحاملي ألويتها تتنوع ثقافتهم الأدبية، وتختلف مشاربهم اللغوية، وتتقارب أساليبهم في البحث والاستقراء. فمنهم العارف باللغة المختص بها، ومنهم دون ذلك معرفة واختصاصًا وتمكنًا من التصويب والنقد، والحال هذه، في أن يرافق البحوث شيء من التزمت، والتشدد، والتقليد الضعيف، والصرامة في قبول الكلم، والخطأ في النقد، والتسرع في الأحكام، فينتج عنه ذبذبة واضطراب وتراجع عن الآراء أحيانًا.



وإذا كان علماء اللغة الأقدمون الآخذون الفصاحة من منابعها أو قريب منها لم يسلموا من المؤاخذة والغفلة من الاستقراء التام فيما حكموا عليه بالخطأ، فما بالك بمن بعُد من هذه الموارد، وأخذ بقسط من كلام العرب قليل؟.



قال أبو الفتح بن جني ت393هـ: (قال أبو حاتم[1]: كان الأصمعي[2] ينكر "زوجة" ويقول: إنّما هي "زوج".




ويحتج بقول الله تعالى: {أمسك عليك زوجك} [الأحزاب 37]. قال: فأنشدته قول ذي الرمَّة[3]:



أذو زوجة في المصر أم ذو خصومة أراك لها بالبصرة العام ثاويا


فقال: ذو الرمة طالما أكل الملح والبقل في حوانيت البقالين[4]. وتبقى كلمة "زوجة" فارضة وجودها. ولا أرى إثبات تائها إلا رافعًا للّبس في مواطن. منها على سبيل المثال مراسلات الدعاوي الفضائية، والمراسلات الأُسرية الرسمية، وغيرها.

ومثل "زوجة" ألفاظ أُخرى كثيرة، وأساليب أنكرها العلماء ومنعوا استعمالها[5].




ومثل الأصمعي لغويون تشبثوا بالفصيح، على زعمهم، حتى غلوا وتعسفوا. وهذا أبو محمد الحريري ت516هـ في (درة الغواص في أوهام الخواص) ينكر طائفة من الألفاظ، وقد كان شيء منها في الشعر الجاهلي، وشيء في الحديث الشريف[6].



وإذا كان هؤلاء المتقدمون قد أخلُّوا في استقرائهم، فحملوا على الخطأ جمهرة من الألفاظ والتراكيب. بحجة أن العرب ما استعملتها، ثم تبين أن ما نبهوا على عدمه هو شيء من كلامهم يؤيده شعر ونثر.

وأقول: إذا كان ذلك، فهل يحق لأهل هذا العصر أن يسلكوا الطريق نفسه فيكتبوا "تصحيحًا" و"إصلاحًا" إلاّ بعد الاكتهال، وأنا أطلع على مقالات أهل التصحيح، إنهم يؤتون أحيانًا من جانب القصور عن العدة اللغوية، والتقصير في تلك الصفات.

ولذلك كان هذا المقال يهدف إلى وضع المعالم المفيدة في طريق أولئك لتعينهم على بلوغ الصواب، وهي تلخَّص في الأمور الآتية:





الأمر الأول – حسن النية وسلامة القصد:

قد يتعرض الناقد لغيره فيبين هفواته لسوء علاقة بينهما، ويندفع في تحامله، ويترصد ما يخيل إليه أنه خطأ، فيجانب القصد في النقد.

والذي يتابع مناظرات التصحيح اللغوي في القرن الماضي بين أصحابه يعرف شيئًا سودت به صفحات نابعًا من موقف كهذا. وفي ذلك ما فيه من ضرر على العربية. وأذكر يوم كنت طالبًا في الكلية إذ سلّمني أُستاذ سنة 1967م ورقات وطلب نشرها في مجلة (الأقلام). فلما اطلعت عليها وجدتها نقدًا موجعًا لبحث عنوانه (الخليل بن أحمد الموسيقي) كتبه أُستاذ فاضل.



وتدور التنبيهات حول (ما جاء فيه مخالفًا للأساليب الفصيحة) على ما ذكره الناقد الذي صارحته بما في المقال من انتقاص من علم الرجل. فقال: تصرف فيها وانشرها.

ما زلت أحتفظ بمسودة الرد بخط كاتبه، ولذلك سأنقل مما عدّه مخالفًا لسنن العربية، وما وضعه بديلاً إزاءه:



- من أصوات غريبة عليها =.... غريبة عنها.

- العمل من أجلها...= العمل لمصلحتها. أو: العمل لمنفعتها.

- لا يكتفي بالأداء الآلي والصوتي = لا يكتفي بالأداء الآلي والأداء الصوتي.

- دارت عند من بعده = دارت عند من هو بعده.

- لا يتبقى عليه = لا يبقى. أو: لا يتبقاه.

- ولا زال الكتابان مفقودين إلى اليوم = ما زال... (مع حذف: إلى اليوم، لزيادتها).

- وإذا بنا أمام رأيين = وإذا نحن إزاء رأيين.

ثم ختم تصحيحاته قائلاً: (هذا ما بدا لي أن أسجله إشارة إلى ما عرض للأساليب من جنوح عن سنن العربية الفصيحة).



وفي الوقت الذي ذهب فيه الأستاذ هذا المذهب وجدته ينعى على المعاصرين هذا النمط من النقد، ويوجه إليهم لومه. يقول: (إن المعاصرين لا يحق لهم أن يقولوا: إنّ هذا الاستعمال خطأ، وإنّ هذا البناء لا تعرفه العربية، وذلك لأن استقراءهم للعربية أبعد ما يكون عن النمط الوافي الكافي... ولأن من العسير أن يحيط المرء بما قالته العرب وما لم تقله... لقد فات هؤلاء أن الكثير مما يشدد النكير عليه ينبغي أن ينظر إليه على أنه لغة جديدة أو عربية معاصرة وليس خطأ.



إن القول بالخطأ يأخذ علينا الأقطار، ولا ييسر علينا أن نواجه الجديد الذي تفرضه علينا حضارة جديدة وعصر جديد، إن عامة ما يكتب في الصحف في حيز الأخبار السياسية والتعليقات شيء من هذا الجديد، فكيف يسوغ لنا أن نحمله على الخطأ؟)[7].



الأمر الثاني – الاطلاع على قرارات المجامع اللغوية:

فهذه المجامع لم تكن نائية عن هذا الموضوع القديم الجديد، فهي تابعت آراء أصحابه، وألَّفت اللجان لدراستها، والتحكيم فيها تجويزًا أو منعًا، ونشرت قراراتها في محاضر جلساتها وفي مجلاتها.

وفات قسمًا من المتصدين لنقد الأساليب معرفةُ هذا، ودخلوا الميدان مكررين منع استعمال أساليب أجازتها المجامع.




الأمر الثالث – النظر في ردود العلماء على النقاد:

قيض الله لهذه اللغة علماء أوتوا العلم بخصائصها ودقائق نحوها وصرفها، وقواعد اشتقاقها، وطرق مقاييسها وبلاغتها. ولاحظوا بدقة ما صدر عن المصوبين من أحكام. ومازوا جيدها من رديئها، وسمينها من هزيلها، وردُّوا غير المصيب بالدليل، واحتجوا عليهم بالشاهد الصحيح، ونشروا التصويبات على صفحات المجلات، وفي الصحف، وأخرجوها في كتب مستقلة.



إن الرجوع إلى هذه الآراء، والإفادة منها ضروريّ لمن يتصدى لتقويم الكلام. والذي ينقل من كتب التصويب اللغوي ولا يعرف ما كتب عنها من ردود وتصويبات، وما سجل على أصحابها من مآخذ سيقع فيما أراد أن ينتشل منه الآخرين.



الأمر الرابع – معرفة قوانين البلاغة وفن القول:

قد يأتي الاعتراض على الصحيح من قلة المعرفة بتنوع الأساليب في أداء المعنى الواحد. فقد يتوخى المنشئ لكلامه الجمال فيزينه بزينة المجاز، ويستعير له ثياب البلاغة، ويرفعه مكانًا يكلُّ دونه بصر الناقد، فيمنع استعمال ألفاظه التي جازت إلى تلك المعاني الدقيقة.

وهذا جهل قديم دفع المصابين به إلى تسديد سهامهم نحو الشعراء والأُدباء حين جهلوا أسرار البيان العربي.

إن ملاحظة الجانب البلاغي يجنب أهل التصحيح اللغوي الوقوع في المزلقات؛ إذ مالهم بد من أن يحسبوا لتغير دلالة اللفظ، وتقلب الكلمة بين معناها الحقيقي ومدلولات مجازية حسابه في الاستعمال.



ولهذا الجانب عند علماء العربية اهتمام واسع، إذ انتهوا، عند أول العهد بالتأليف إلى توسع العرب في استعمال الكلمة لأكثر من معنى، فقسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز.

والمجاز عندهم هو: استعمال اللفظ في غير ما وضع له في أصل اللغة لعلاقة بين الوضعين.

ثم ذهبوا يحققون في هذه العلاقات التي سوغت ذلك التوسع، وثبتوها في مصنفاتهم.

وحتى الحقيقة تقسم إلى: الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية، والحقيقة العرفية. ويختلف اللفظ في كلِّ واحدة عنه في الأخرى.



إنَّ هذه الصفات التي جُبلت عليها العربية مكّنتها من الاتساع، ودَعَم ذلك طابع المرونة الذي انمازت به، فكانت أهلاً لأن تستوعب العلوم والفنون والمعارف، وتنفتح على الأدب، وتتسع لأدق الأفكار غير منطوية على نفسها.



وأحسن جمع من اللغويين والبلاغيين بعدما عرفوا هذا الأمر فدرسوا الألفاظ على أساس دلالتها المجازية، أو اتساع استعمالها لتحقيق الأغراض الشرعية والعلمية وغيرها. وفي الرجوع إلى معجم (أساس البلاغة) لجار الله الزمخشري ت538هـ و(المصباح المنير) لأحمد الفيُّومي ت770هـ وكتب المجازات ما ينور القارئ، ويزيد من يفيد.



ولا أريد أن يفهم من هذا الكلام أني أدعو إلى التساهل في التجاوز بالألفاظ إلى مدلولات اعتباطية من غير تقيد بالقواعد، سيرًا في موكب دعوة التقليد الأعمى لمدارس الغرب في الغموض والرمز السفساف
للموضوع تتمة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 115.12 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]