الأثر الحسن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 309 - عددالزوار : 14069 )           »          ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 2836 )           »          تجــديد الخطـــاب الدعــــوي في المرحلـة القادمـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 150 )           »          أزمــــة النخـــــب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          شبابنا والخروج من التيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          اختلاف الأجيال.. بين الآباء والأبناء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          شـروط لازمـة.. الزوجـــة كما يجـــب أن تكــون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-05-2023, 10:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي الأثر الحسن

الأثر الحسن

أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والحرص على الأثر الحسن بعد الممات؛ لأن آثار الإنسان التي تبقى وتُذكَر بعده من خير أو شر - يُجازى عليها؛ قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12].

{وَآثَارَهُمْ} هي آثار الخير وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرًا؛ من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدًا، أو محلًّا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تُكتَب له، وكذلك عمل الشر[1]؛ ولهذا «مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أَجْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عليه مِثْلُ وِزْرِ مَن عَمِلَ بهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ» [2].

عباد الله، ومن الأثر الحسن بعد الممات: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له»[3].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِمَّا يلحقُ المؤمنَ من عملِهِ وحسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا علَّمَه ونشرَه، وولدًا صالحًا ترَكَه، ومُصحفًا ورَّثَه، أو مسجِدًا بناهُ، أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناهُ، أو نَهرًا أجراهُ، أو صدَقةً أخرجَها من مالِه في صِحَّتِه وحياتِه، يَلحَقُهُ من بعدِ موتِهِ»[4].

ومن الأثر الحسن: غرسُ الغرس، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلِمٍ يغرسُ غَرْسًا أو يزرعُ زرعًا فيأْكُلُ منْهُ طيرٌ أو إنسانٌ أو بَهيمةٌ إلَّا كانَ لَهُ بِهِ صدقةٌ»[5]، وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمٍ يَغْرِسُ غرسًا إلا كان ما أُكِلَ مِنهُ له صدقةً، وما سُرقَ له منه صدقةٌ، وما أكل السَّبُعُ منه فهو له صدقةٌ، وما أكلتِ الطيرُ فهو له صدقةٌ، ولا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلا كان له صدقةٌ»[6]. عباد الله، إنَّ الولدَ الصالح ينفعُ والده نفعًا عظيمًا بعد موته، وذلك بدعائه له، والميت أشدُّ ما يكون حاجةً إلى دعاءٍ صالح، ودعاءُ الولدِ لأبيه بعد موته يُرجى له الإجابة، وكذلك بما يعملُه الولدُ من أعمالٍ صالحةٍ يَهَبُ ثوابَها لوالده بعد موته؛ كالعُمرة والصدقةِ ونحوِها، وإنَّ من الأثر الحسن: الموتَ في الرباط في سبيل الله: عن سلمانَ رضي الله عنه قال: سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وإنْ ماتَ، جَرى عليهِ عملُهُ الَّذي كانَ يَعملُهُ، وأُجْريَ عليهِ رزقُهُ، وأمِنَ الفتَّانَ»[7]، وَهَكَذَا فإن مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا أَوْ أَوْقَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقْفًا، وَمَنْ أَجْرَى نَهْرًا أَوْ كَفَلَ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ نَشَرَ عِلْمًا أَوْ طَبَّقَ سُنَّةً وَعَلَّمَهَا أَوِ امْتَثَلَ سُلُوكًا وَنَشَرَهُ؛ فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا آثَارٌ طَيِّبَةٌ وَذِكْرَى حَسَنَةٌ يَجْرِي لِصَاحِبِهَا ثَوَابٌ لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلَّا اللَّهُ سبحانه وتعالى.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَجْتَمِعَ فِي الْعَبْدِ كُلُّ الْآثَارِ الطَّيِّبَةِ، أَوْ يَبْرُزَ فِي جَمِيعِ خِصَالِ الْخَيْرِ الْحَمِيدَةِ؛ حَتَّى يَنَالَ شَرَفَهَا جَمِيعَهَا، أَوْ يُحْمَدَ فِي كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا؛ لَكِنْ قَدْ يَبْرُزُ فِي بَعْضِهَا، وَيَنَالُ فِيهَا وَبِهَا قَصَبَ السَّبْقِ وَشَرَفَ الْمَعَالِي وَالذِّكْرَى الْحَسَنَةَ وَالصِّيتَ الْجَمِيلَ والأثر الحسن فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12].

فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ولنعلم أنَّ الأنبياءَ عليهم الصلاة والسلام تركوا آثارًا وسطَّروا مواقفَ مضيئةً وأعمالًا جليلة، ولرسولنا صلى الله عليه وسلم قَصبُ السبق، فقد علَّمَ البشريةَ كلَّها فنونَ الأثرِ لينْعَموا بالأجر حتى في اللحظة الأخيرة، ليس في عُمر الإنسان، ولكن في عُمر الحياة كُلِّها؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا»[8]، وفي هذا الحَديثِ: الحضُّ على استمراريَّةِ العملِ في الخَيرِ إلى آخِرِ لَحظةٍ في العُمُرِ؛ ولذلك فإنَّ صحابةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تركوا آثارًا حسنةً بعد رحيلِهم، ولقد مضى في تاريخ الإسلام أعلامٌ وعُظماءُ غُيِّبوا في الثَّرى؛ لكنْ ما غَابَ ذِكْرُهم، وما مُحِيَ أثرُهم، وذلك فضلُ اللهِ يُؤتِيه من يشاء.

عباد الله، إنَّ الذِّكرَ الحسنَ في الدنيا ليس بكثرةِ المُكْث فيها، وإنَّما بقدْر الأثرِ الحسن عليها، لقد عاش في هذه الدنيا رجالٌ ماتوا وهم في زَهْرةِ شبابِهم، لكنْ بقي ذِكْرُهم أزمانًا ودُهورًا إلى يومنا هذا، قلِّب نظرك في مسارب التاريخ تَجِدْ أسماءً لامعةً، وأنجُمًا سامقةً، أفلَتْ في عنفوانِ الشباب؛ ولكنها تركت أثرًا حسنًا، وخلَّدتْ ذِكْرًا جميلًا.

أيها المسلمون، إِنَّ حِرْصَنَا عَلَى الْأَثَرِ الْجَمِيلِ وَالسُّمْعَةِ الطَّيِّبَةِ وَالسِّيرَةِ الْحَسَنَةِ يَنْبَغِي أَلَّا يَحْمِلَنَا عَلَى تَجَاهُلِ الْإِخْلَاصِ وَتَغَافُلِ النِّيَّاتِ؛ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ َيَكُونَ دَافِعُنَا لِلْإِحْسَانِ هُوَ ابْتِغَاءُ مَا عِنْدَ اللَّهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى الإحسان وَالمَعْرُوفِ ثَنَاءُ النَّاسِ وَدُعَاؤُهُمْ لَكَ، فَذَلِكَ مِنْ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ الَّتِي يَجْعَلُهَا اللَّهُ عَلَامَةً عَلَى إِخْلَاصِ عَبْدِهِ وَقَبُولِهِ مِنْهُ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ»[9].

فاتقوا الله عباد الله، وصلُّوا وسلِّموا على محمد بن عبدالله كما أمركم الله في كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا».

[1]السعدي، تيسير الكريم الرحمن، ص 693.
[2]صحيح مسلم، رقم: 1017.
[3]صحيح مسلم، رقم: 1631.
[4]صحيح ابن ماجه، رقم: 200.
[5]أخرجه البخاري (2320)، ومسلم (1553).
[6]صحيح مسلم، رقم: 1552.
[7]صحيح مسلم، رقم: 1913.
[8]صحيح الأدب المفرد، رقم: 371.
[9]صَحِيحِ مُسْلِمٍ، (2642).
__________________________________________________ ___
الكاتب: محمد بن حسن أبو عقيل








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.04 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]