عبري عن غضبك بلا غضب!

[ابوالوليد المسلم]

عبري عن غضبك بلا غضب!

رشا أحمد


" أنا سريعة الغضب لدرجة أني لا أميز من أمامي حين أغضب، حتى أني قد أنفعل على والدتي لمجرد أنها تحاول تهدئتي... أمي قدوة سيئة ، تدخن ، ولا تصلي لذا دائما ما أظهر لها غضبي على تصرفاتها وأعنفها.. والدتي تظلمني دائما وأي خطأ يحدث بالمنزل تتهمنى أني السبب فيها لذا دائما ما أثور وأتمرد عليها غضبا من ظلمها لي.. رغم حنان أمي وحبها لي إلا ان ضغوط الحياة أحيانا تدفعني للغضب عليها دون أن أقصد".
هذه نماذج لآراء عدد من الفتيات يعترفن فيها أنهن قد يظهرن غضبهن لأمهاتهن بطريقة أو بأخرى، إما لأسباب قد تعود لتصرف قامت به الأم وأغضب الفتاة ، أو دون اي سبب قد تغضب الفتاة دون أن ترتكب الأم أي جريرة.. وأيا كان المخطئ في الطرفين فهل يعقل ان تعنف الفتاة أمها أو ترفع صوتها أو تعصاها، وكيف تعبر الفتاة عن غضبها؟ هذا هو موضوع تحقيقنا.
في البداية يجب أن نوضح ان قضية التعبير عن غضبك لوالدتك هي قضية مركبة، لأنها تحتوي على أمرين كلاهما في غاية الأهمية، الأمر الأول هو التعبير عن الغضب، والثاني هو معاملة الأم، فالغضب في ذاته هناك طرق لمواجهته والبعد عنه، فما بالكن لو كان هذا الغضب على الأم.
" رسالة المرأة" استطلعت آراء عدد من الفتيات حول كيفية تعبيرهن عن الغضب، فتنوعت الآراء ما بين الصمت والعنف، وبذاءة اللسان، والندم بعد فوات الآوان.

صمت وانزواء...
إيمان .ع قالت أنه مهما بلغ غضبها من تصرف قامت به والدتها، فإنها لا تستطيع سوى أن تسيطر على نفسها، غالبا ما تلجأ للنزواء في إحدى غرف المنزل، ثم بعد أن تهدأ تحاول أن توضح لوالدتها الأمر أو سبب غضبها.
وتابعت: يجب على كل فتاه أن تنظر لوالدتها نظرة مليئة بالحب والرحمة والشفقة، وتلتمس لها العذر، ولابد عليها أن تعي جيدا انها مدينة لها باشياء عديدة تحتم عليها تحملها مهما فعلت.
"هناء .ط " لم تختلف كثيرا في تعبيرها عن غضبها عن إيمان، قائلة : "الصمت هو ملاذي الوحيد للتغلب على غضبي".
وأكدت أنها تبادر بالصمت عندما يحدث خلاف على أى شئ بينها وبين والدتها، حتى تهدأ الأم وبعدها تأتي هي لمصالحتها، وترى أن هذا هو الأسلوب الأمثل، فليس من المعقول أن تعنف الفتاه والدتها أو ترفع صوتها عليها.
أما "فاطمة .ج " فتعبر عن ندمها عن إساءة تعبيرها عن الغضب لوالدتها، مشيرة إلى أنها سريعة الغضب وعندما تغضب لا تعرف من أمامها حتى أنها قد تخطئ في والدتها ، وبعد أن تفيق من نوبة الغضب تجد أنها قد تسبب في كوارث وجفوة وخصام بينها وبين والدتها.
وتابعت: لو اتبعت النهج البنوي في أملك نفسي عند الغضب ، ما كان حدث كل هذا، فإلى الآن أمي تقاطعني بسبب نوبة غضب، بعد أن تحملتي مني الكثير.

عبري عن غضبك...
عن كيفية التعبير عن الغضب، أكد علماء النفس أن الغضب عاطفة طبيعية تختلف في قدرها وحجمها من شخص إلى آخر، وأنه من الضروري التعبير عن الغضب، لأن تخزينه وعدم التعبير يؤدي إلى اصابة الشخص بالتوتر، وارتفاع ضغط الدم، ومن الممكن أن تصل بالإنسان إلى الإصابة بالاكتئاب.
ورأوا ضرورة اتباع الخطوات التالية للتعامل مع الغضب ومنها:
عند أي موقف غضب يجب على الإنسان أن يهدئ من نفسه تدريجياً، ومن الحكمة أن يلجأ إلى الصلاة.
يجب عليه تعلم كيف تتحاور مع الناس، وأن يجعل حواره بطريقة بناءة، كما يجب عليه تحليل المشكلة التي أدت إلى الغضب ليكتشف السبب الحقيقي وراء هذا الغضب ،وألا يتخذ قراراً في أثناء الانفعال.
أن يجعل قراراته تحل المشكلة من جذورها.
ومحاولة مراجعة نفسه في مواقف الغضب.
أخيراً ان يحاول التماس العذر للناس فربما يكون الطرف الآخر الذي أغضبه يعيش ظرفاً صعباً.
فالمشكلة ليست في الغضب ولكن في التعبير عنه.

طاعة الوالدين واجب...
ورغم تشديد علماء النفس على ضرورة التنفيس عن الغضب إلا أن هذه المشاعر لابد أن تكون محكمة وألا تتبع بسلوك منحرف ، وخصوصا اذا كانت مع الوالدين، فلقد أمرنا الله تعالى بضرورة طاعة الوالدين وجاء ذلك في قوله تعالى في سورة الإسراء
بسم الله الرحمن الرحيم { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }-{الإسراء/23-24}.
حتى ولو وصل الأمر بهما إلى الكفر لقوله تعالى في سورة العتكبوت بسم الله الرحمن الرحيم { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }-{العنكبوت/8}، وقوله في سورة لقمان بسم الله الرحمن الرحيم ، (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)- {لقمان/15}، فلا بد من الأدب معهما في كل الأحوال حتى ولو وصل الحال إلى الكفر والشرك فلهما حق البر .
هذا عن الوالدين بشكل عام فما بالكن بالأم التي أوصى بها الرسول ثلاثا، لذا فنصيحتنا لكن أيها الفتيات إذا أردتي أن تعبري عن غضبك لأمك فعبري ولكن دون غضب، وهذا لن يتأتى إلا بالود والأدب والاحترام وقبل كل شئ بالإيمان.