قصة خشوع

[ماجد المطرودي]

قصة قصيرة بطلها شخص لا يخشع في صلاته أبدا
قصة قصيرة
خشوع

- الله أكبر .
- سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك – وتعالى . . . .
أعتقد أنني متوضئ – نعم فأنا أذكر ذلك جيداً . لقد توضأت لصلاة المغـرب وما زلت طاهراً . . . لم ينتقض وضوئي ، لا أذكر أنني .. الدجاج لا ينقض الوضوء ، لم آكل لحم إبل منذ زواج الأسبوع الماضي ، ترى لماذا الإبل ينقض الوضوء ولا ينقضه الغنم ؟ قد يكون ذلك لحكمة أجهلها –
- غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
- آمين .
سكت الإمام الآن ، سأقرأ الفاتحة ، ولكن هل سيصبر حتى أتمها ؟
- بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك..
لم أقرأ شيئاً بعد ، ولكن الاستماع إلى الإمام أفضل من القراءة . سيتجاوز عني ربي ، لكن لماذا أختار الإمام هذه السورة بالذات ؟ كيف يجرؤ الأب على دفن أبنته حيه ، يالهم من . . . . كم هم عديمو القلوب .
الحمد لله لقد نجانا الإسلام من تلك العادات القبيحة ، لكن لماذا يفرح الإنسان عندما يرزق بالولد ؟ لا ... لا ... الإنسان المسلم لا يفرق بين الولد والبنت ... لكن هذا الشعور ناتج بسبب أنه مازالت فيّ ترسبات ورثتها عن أجدادي القدماء جعلتني أفضل الولد عن البنت .. كم هي مظلومة تلك الفتاة المسكينة ..كيف كانوا يسكنون إليهن ليلاً ثم ينقلبون على أعقابهم نهاراً ؟
- فأين تذهبون ؟
الله أعلم ، رأس مشوش وتيارات تسحبه من كل اتجاه ، طرق عدة تستحق المشي ، ولكن لا أستطيع أن أمشيها جميعاً في وقت واحد –
- وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ، الله أكبر –
- سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي . ..
ما تلك التي تمشي في موضع سجودي ؟
- سمع الله لمن حمده .
- ربنا ولك الحمد . . . .
- سأحاول أن أبعدها عن وجهي عندما أسجد ، ماذا لو دخلت النملة في أذني هل سيعاقبني الله بمثل ما عاقب به ذلك الملك القديم الذي دخلت في أنفه بعوضة وقتلته ؟ سأزيحها عن طريقي تماماً كما أفعل عندما ألعب " الكيرم "
هيه ..
خذي أيتها المشاغبة ابتعدي عن طريقي –
- سبحان ربي العظيم –
لا . . لا .. أقصد . . .
- سبحان ربي الأعلى . سبحان ربي الأعلى –
- الله أكبر .
- ربي أغفر لي ...
أوه . ما هذا الذي أرى أمامي ؟ أنه عقالي ، لقد سقط على الأرض . كم هو متعب ، سـأفكر في طريقة أتخلص بها منه أثناء الصلاة . . الإمام جلس للتشهد ، أذن نحن في الركعة الثانية وسنبدأ الثالثة بعد قليل . . يا إلهي ، كيف صلينا ركعتين وأنا بعد لم استوعب ما أقول ؟ كم أتعبني هذا الشعور ، لم أستطع أن أتخلص منه ، لقد سيطر عليّ الشيطان لعنه الله عليه . ما أن أبدأ صلاتي إلا ويتلبسني الشيطان هذا الشعور فانشغل عنها . .. وأبدأ أفكر في هذا وذاك . لكن لن أدع الشيطان يتغلب عليّ لن أيأس . وسأكثر من النوافل علها تجبر صلاتي .....
بقيت الآن ركعتان ، نعم ... انهما قصيرتان .. فقط الفاتحة ونركع .. لكن ها هو الإمام يوشك على القيام وأنا بعد لم أقرأ التشهد –
- الله أكبر .
- بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم . . . .
يا إلهي ، يا للرائحة الكريهة . . هذا الذي عن يمني لا يستحم أبداً ، ألا يهتم بمظهره وجسمه وهو في حضرة الله ؟ وأنا ؟ لماذا أشغل نفسي وأفكر في أشياء بعيدة عن الصلاة ؟ يا الله .. خلصني من هذا العذاب . . حسناً .. سأقرأ الفاتحة من جديد . . لم أتبين معانيها جيداً . .
- الحمد لله رب العالمين -
- الله أكبر .
أوه ، ها هو الإمام يركع وأنا بعد لم أقرأ الفاتحة ، رحمة ربي وسعت كل شيء سيتجاوز عني –
- سمع الله لمن حمده .
- ربنا ولك الحمد ، ..
- هذه اللعينة مرة أخرى تمشي في موضع سجودي .. أنها تختار المكان الذي سيحط عليه رأسي ووجهي .. سأقتلها مع سبق الإصرار والترصد .. هيه خذي أذهبي إلى الجحيم . . .
- - الله أكبر .
- ربنا أغفر لي ولوالدي . . .
- لم تمت تلك النملة . . . أنظر كيف تتحرك بسرعة هرباً من الموت –
- الله أكبر .
- سبحان ربي الأعلى . . .
- بقيت ركعة واحدة وتنتهي الصلاة .. في هذه الركعة سأقرأ الفاتحة .. لم أقرها في الركعة الثالثة .
- الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك . . .
- ترى من سيفوز في مباراة الليلة ؟ كما أنا خائف . لن يفلح الهلال هذه المرة .. سيضيع الكأس هذه السنة كما أضاع الدوري . . لكني أرى ذلك يحدث أمام عيني . .
- المدرب لا يعرف كيف يستخدم لاعبيه .. الثنيان مصاب والأمل ضعيف في الفوز و . . .
- - الله أكبر .
- سبحان ربي العظيم . . ..
أوه مسكينة تلك النملة .. لقد احتجزها عقالي بعد أن سقط من رأسي عند السجود . . . إنها تدور في جنون طمعاً في مخرج ولكن هيهات ، كيف ..
سمع الله لمن حمده
- ربنا ولك الحمد . .
- هاهي النملة قد أكملت دورتها الثانية في العقال تبحث عن محرج ولكن دون جدوى سأفك أسرها أنا وسأزيح العقال قليلاً عندما أسجد الآن .
- الله أكبر .
- ياه ، أين ذهبت تلك النملة بعد أن أزحت العقال عنها .. إنها هناك ..بعيداً كيف وصلت بهذه السرعة إلى ذلك المكان البعيد . . لقد انطلقت تحقق هدفاً غامضاً بالنسبة لي .
- الله أكبر .
لماذا غير الإمام طريقته في نطق هذه التكبيرة بالذات ؟ الأخيرة ؟ نعم إن إمام هذه القرية يريد أن يحسس المأمومين أن هذه التكبيرة هي الأخيرة .. انه إمام طيب دائماً ينصح الخادم ويأمره بتنظيف المسجد جيداً .. هو محق في ذلك .. فلو كان ينظفه جيداً لما رأيت أنا النملة التي احتفت الآن عـن الأنظار . . هه ما هذا الذي لمسني ؟ أنه هذا الذي عن يساري .. أنه لا يستقر على حال .. مرة يرفع يديه نحو عقاله ليضبط " مرزامه " (1) ومرة يحاول أن يضبط ساعته ويظهر خاتمه الفضي ويحرك يديه بفخر .. هه .. انظر .. رفع رأسه إلى أعلى كي يلقي نظره على " مرزامه " . .. سيصبح أحولاً لا محالة .. نعم أنه بحاجة إلى ضبط .. ها هو الآن يرفع يده اليمنى إلى أعلى .. ترى لماذا ؟ أوه إنها لمسة أخيرة على عقاله لضبطه ها هي ذي أيضاً يده اليسرى ترتفع أيضاً إلى أعلى .. يبدو أنها غارت من يده اليمنى ولمسة من اليسرى على أنفه كحركة أخيرة يطمئن فيها على كل شيء .. حسناً .. الحمد لله كل شيء على ما يرام .. الساعة والخاتم بارزتان للعيان .. و " المرزام " في المنتصف بالضبط .. والثوب ناصع البياض .. يا الله ، الناس تصلي وتعبد الله وهو مشغول في ضبط هندامه ولكن لماذا يضبطه الآن .. وفي التشهد الأخير بالذات ، يستطيع أن يفعل ذلك بعد فراغه من الصلاة .. أعرف أنا سبب ذلك . . حتى يقولوا أنه .. جزاه الله خيراً وهداه إلى الحق .. ولكن أنا أيضاً ؟ لماذا لا أقول شيئاً ؟ لمـاذا لا أتدبر ما أقول ؟ فقط أتمتم بأشياء لا أتبيّنها .
اللهم أشفني من هذا المرض ... اللهم أعوذ بك من قلب لا يخشع ....
ها هي الصلاة تنتهي وأنا .. ياه .. حسناً ... حسناً .. سأحاول أن أعي ما أقول التحيات لله والصلوات ...
- السلام عليكم ورحمة الله ... السلام عليكم ورحمة الله .

( هذه القصة مأخوذة من كتاب أدبي جديد يحتوي على قصص مكتوبة بلغة حديثة ويحوي موضوعات أكثر اثارة وموجود في مكتبة العبيكان وعنوان الكتاب " العيش خارج الزمن " )

[حفيدة عمر]

سبحان الله
يحصل هذا في اكثر الاحيان مع الكثير منا
اللهم عفوك وغفرانك مشكور اخي الكريم على القصة المعبرة

[زهرة الياسمينا]

جزاك الله خيرا اخى الكريم على القصه المعبره ..
جعلها الله فى ميزان حسناتك ...
شكرا لك..

[شريف]

والله الموضوع ده كتير أوي

وبيحصل