|
|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاستخدام الرشيد للمال من أسباب الرفاهية
الاستخدام الرشيد للمال من أسباب الرفاهية كيندة حامد التركاوي الرفاهية هي: رغد العيش وسعة الرزق والخصب والنعيم عموماً. والرفاهية الاقتصادية مصطلح اقتصادي يعني: الوفرة في السلع وفي الخدمات التي يعتاد الناس مبادلتها بالنقود. وازدياد الرفاهية الاقتصادية في مجتمع ما يعني ازدياد الرفاهية العامة فيها. ولا تتحقق الرفاهية الاقتصادية في مجتمع ما إلا بتحقيق أمور جوهرية منها: • تحديد الأهداف التي من شأنها أن تبلغ الحد الأقصى من الرعاية الاجتماعية. • مراعاة المدى الذي يصل فيه النسق الاقتصادي إلى تلك الأهداف المحددة من قبل [1]. ولا يخفى على أحدٍ مَيلُ الإنسان إلى الرفاهية في العيش، خاصة في هذا العصر، عصر التقدّم التكنولوجي للوسائل الحديثة قاطبة، بدءاً من وسائط النقل الحديثة المريحة السريعة، مروراً بوسائل الاتصالات الحديثة - عبر الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية وأجهزة الاتصالات الخليوية - التي فتحت للإنسان آفاق واسعة للرفاهية في العيش، وصولاً إلى ما وصلت إليه الرفاهية المنزلية من أجهزة كهربائية غاية في التقدّم والتطور، وهذه الأجهزة ساعدت الأسرة العصرية على الاستمتاع برفاهية فائقة أدت في بعض المجتمعات وبعض الأسر التي حادت عن الطريق الإسلامي، إلى الاستتراف والبطر في المعيشة. فمثلاً يتم الاهتمام بالقضايا الترفيهية إلى حد يصل إلى صرف واستهلاك الكثير من الأموال والإمكانيات في سبيل الوصول إلى الترف والرفاهية اللامحدودة، والتي تتم على حساب تجنب البناء القيمي للإنسان وماله من أثر في سلوكياته، إذ إن السلوك الإنساني مظهر من مظاهر القيم التي يحملها الإنسان بمعنى أن السلوك ترجمة عملية للقيمة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية[2]. الإسلام لم يقف حجر عثرة أمام التقدّم والتطور أو استخدام كل ما هو جديد طالما لا يتعارض مع الشرع. فالله جلت قدرته سخر الكون بما فيه لخدمة البشرية جمعاء، وهذا الكون يزخر بالموارد الطبيعية التي هي هبة الله في هذا الكون، وعلى الإنسان عامة والمسلم خاصة الانتفاع من هذه الثروات بما يُعود بالخير والنفع على المجتمعات أفراداً وجماعات ودول. فإذا تأملنا في القرآن الكريم وجدناه يدفعنا دفعاً إلى استغلال هذه الموارد، إنه ينبّه عقولنا، ويلفت أنظارنا بقوة إلى هذا الكون المحيط بنا، بمائه وهوائه، وبحاره وأنهاره، ونباته وحيوانه وجماده، وشمسه وقمره، وليله ونهاره، كل ذلك مسخّر لمنفعة الإنسان [3]. قال تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 33- 34]. سخر الشمس والقمر، وفي هذا دلالة ودعوة إلى الانتفاع بالطاقة الشمسية، وتسخير الفضاء لمنفعة الإنسان[4]. إن الطاقات الكونية كلها مهيأة ومبذولة للإنسان، لا يستعصى شيء منها عليه، إذا تيسرت سبله، ورعيت سنن الله فيه، فعليه أن يبذل جهده، ويعمل فكره في فتح مغاليقها، ليستخدمها في ما يعود عليه بالخير والسعادة [5]. والقرآن الكريم يزخر بالآيات التي تحض على الاستفادة من الموارد الطبيعية النباتية والحيوانية، والبحرية، والمعدنية، بالإضافة إلى الحض على الصناعة والتجارة والإنتاج، وفي هذا دعوة إلى الرفاهية في الحياة، فكلما تقدم العلم في تطوره كلما زاد الرقي والترف في الحياة، والتقدم العلمي مأمور به شرعاً. واستخدام كلّ ما سخر الله للبشر باعتدال وتوازن، يسهم في بناء الحياة الكريمة التي تؤدي إلى رفاهية مستقبلية؛ لأن حُسن التدبير في المعيشة اليومية استهلاكاً وإنفاقاً وترشيداً سيؤدي حتماً إلى الحفاظ على مستوى راقٍ في المعيشة. والباحثة ترى أن الاستخدام الرشيد النافع للمال حسب ضوابط التربية الاقتصادية الإسلامية يؤدي إلى رفاهية في العيش، فعندما تنفق الأسرة ضمن حدود الحاجة اليومية من طعامٍ وشرابٍ ولباسٍ وأثاث؛ وفقاً لمردودها المادي الشهري فإن التوازن بين المدخول والإنفاق سيؤدي إلى زيادة في مخصصات الادخار الذي ستستفيد منها الأسرة في المستقبل. إن تحقيق الرفاهية الشاملة لا يكون إلا بالالتزام التام والكامل بضوابط التربية الاقتصادية الإسلامية وبالتالي فإننا نتوصل إلى فرضية هذه الدراسة والتي تقول أن هناك علاقة وثيقة بين تحقيق الرفاهية الشاملة للفرد والمجتمع وتطبيق ضوابط التربية الاقتصادية. التي تُعتبر منظومة متكاملة تلبي الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والروحية للفرد ومجتمعه بما يحقق مفهوم الرفاهية الشاملة. [1] محمود، علي عبدالحليم، التربية الاقتصادية الإسلامية، 69. [2] الهيتي، قيصر عبدالكريم، أساليب الاستثمار الإسلامي، دمشق، دار ومؤسسة رسلان، د. ت، 254. [3] زعتري، علاء الدين، معالم اقتصادية في حياة المسلم، د. م، بيت الحكمة، ط 3، 1428هـ/2007م، 52. [4] زعتري، علاء الدين، معالم اقتصادية في حياة المسلم، 54. [5] أبو ليلى، فرج محمود، تاريخ حقوق الإنسان في التصور الإسلامي، الدوحة، دار الثقافة، ط1، 1414هـ/ 1994م،53.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |