قواعد أساسية للتربية الايمانية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854518 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389459 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 31-08-2019, 03:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي قواعد أساسية للتربية الايمانية

قواعد أساسية للتربية الايمانية

إن لشخصية القائد المربي المعلم الأثر الكبير في صياغة التكوين الفكري والسلوكي والنفسي لمتعلميه ومتربيه والعاملين معه؛ ولسلوكه وطريقته في الأداء والتعليم والتوجيه والتربية أكبر الأثر في التقدم بنجاح نحو الأهداف الفردية لكل فرد من المحيطين به وكذلك في الإنجازات العامة.
ومسألة التربية الإيمانية والتزكية النفسية, تحتاج - بوجه خاص - إلى موجه عليم يأخذ بيد الأفراد, ويقوّم سلوكهم, ويعينهم في علاج أمراضهم, ويعلمهم العلم, ويتدرج معهم من مستوى إلى آخر ومن إنجاز إلى آخر وفق منهج علمي تربوي مدروس.

ولقد سارت العملية الإيمانية العلمية دومًا بمساعدة القادة المؤمنين والعلماء الربانيين والدعاة المخلصين, وما علمنا أحدًا نجح في الوصول إلى المستويات العالية السامقة وليس له قدوة أو معلم أو موجه, حتى الذين حالت ظروفهم دون التعليم المباشر من معلمين لطالما حاولوا الاقتداء بالصالحين والعلماء عن طريق سيرهم وخطواتهم وكتبهم وتوجيههم, وكانوا يشعرون بغاية الألم والحزن من نقص المعلمين والمربين من حولهم الذين يبينون لهم الطريق وييسرون لهم العلوم ويدفعونهم إلى العلا دفعًا...
ونؤكد هنا حول عدة محاور مهمة في دور المربي :

- من السلبية إلى الإيجابية :
يبدأ المرء حياته الإيمانية محملاً بتصورات شتى عن الكون والحياة والإسلام, وتكون معظمها تصورات سلبية لم يوجهه فيها أحد أو يعلمه أحد, وإنما تكون معظمها مستقاة من واقع المجتمع الذي ظل عمره يعيش بداخله, فتأثر بأدوات الإعلام فيه وبالقيم والمبادئ السارية فيه.
وكان دومًا ما يرى مبادئ الإسلام الحقة مستغربة عنه لم يجد هناك من يوجهه إليها ولا من يربيه عليها, ولكن اكتفى ذلك المجتمع منه بحاله , ولم يكن ذلك المجتمع أن يقوى إيمان هذا المسلم أو يدفعه إلى الطاعات والعبادات, ولكن كان دومًا ما يبث فيه التصورات السلبية تجاه ما يحيط به من حياة.
وللمعلم هنا دور بالغ الأهمية في تعديل تلك التصورات السلبية واستبدالها بتصورات إيجابية إيمانية تجاه الناس والحياة والعبادات وغيرها من تصورات الإسلام وقيمه.
وهو دور صعب في واقع الأمر ويصعب أن يقوم به معلم وحده, ولكن ينبغي أن تكون هناك مؤثرات أخرى تؤثر على ذلك الإنسان ليستبدل تصوراته تلك السلبية بأخرى إيجابية إيمانية.
ونحن في هذا المقام نوجه النظر إلى مجموعة تصورات ينبغي التأكيد على تغييرها فاتحين المقام لكل معلم أن يوجه سلوك متعلميه إلى الأحسن والأفضل دومًا.

- وجوب رحمة الدعاة وشفقتهم بالناس وحبهم لهم :
على الداعية إلى الله أن يكون رحيما شفيقا على الناس , يريد لهم الخير والنصح, فيدعوهم إلى شرائع الدين, ويحب لهم ما يحبه لنفسه من الإيمان والهدى, فالداعي الرحيم لا يكف عن دعوته ولا يسأم من الرد والإعراض؛ لأنه يعلم خطورة عاقبة المعرضين العصاة وهو يعلم أن إعراضهم بسبب جهلهم, فهو لا ينفك عن إقناعهم وإرشادهم.
وهو حليم بهم رحيم محب لهم, شفيق عليهم وله في ذلك قدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128].
*وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله) رواه مسلم.
*وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أخبركم بمن يحرم على النار - أو بمن تحرم عليه النار؟ - تحرم على كل قريب هين لين سهل) أخرجه الترمذي
وهكذا كان الأنبياء جميعًا رحماء بمن أرسلوا إليهم مشفقين عليهم من العذاب
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه من الناس أبدًا, فعن أنس رضي الله عنه قال: "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُردٌ نجراني غليظ الحاشية, فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة, فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته, ثم قال: يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك, فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء"متفق عليه
* وعـن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ضربه قوم فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) متفق عليه
والرحمة تهون على الداعي ما يلقاه من أصحاب الغفلة والجهالة؛ لأنه ينظر إليهم من مستوى عال رفيع أوصله إليه إيمانه بربه وصلته به, ولذا فهو ينظر إليهم كصغار يعبثون, والشأن في الصغار العبث والجهل وعدم الإدراك لما ينفعهم؛ ولذلك لا يعجب الداعي من مقابلة نصحه لهم بالإعراض والصدود والأذى, ولكنه يعيد الكرة عليهم ومعهم ويتحمل أذاهم ويدعو لهم بالهداية.. أصول الدعوة

- على الداعي إلى الله سبحانه أن يعفو وأن يغفر وأن يسامح :
وأن يتصف بالحكمة في المعاملة مع الناس ومع المجتمع الذي هو فيه, وأن يقيس المصلحة والمفسدة في كل عمل يعمله حتى وإن كان عمل خير أو أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر.
ذكر ابن الجوزي عن ميمون بن مهران أنه قال: سمعت ابن عباس يقول: "ما بلغني عن أخ مكروه قط إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره, وإن كان نظيري تفضلت عليه, وإن كان دوني لم أحفل به, هذه سيرتي في نفسي, فمن رغب عنها فأرض الله واسعة"صفة الصفوة
وعن حميد الطويل عن أبي قلابة قال: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جهدك, فإن لم تجد له عذرًا فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه
وعن ابن المديني قال: سمعت سفيان يقول: كان ابن عياش يقع في عمر بن ذر ويشتمه, فلقيه عمر فقال: يا هذا لا تفرط في شتمنا وأبق للصلح موضعًا, فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه
وقال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي, ناظرته يومًا في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي, ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة؟!
وقال ابن السماك - لما قال له صديق له: الميعاد بيني وبينك غدًا لنتعاتب - قال له: بل بيني وبينك غدًا لنتغافر.
وفي الحقيقة جواب ابن السماك يأخذ بمجامع القلوب, ملؤه فقه وواقعية يشير إلى وجود قلب وراء هذا اللسان يلدغه واقع المسلمين وتؤلمه أسباب تفرقهم, فلماذا التعاتب المكفهر بين الإخوة؟ كل منهم يطلب من صاحبه أن يكون معصومًا؟ أليس التغافر أولى وأطهر وأبرد للقلب؟ أليس جمال الحياة أن تقول لأخيك كلما صافحته: رب اغفر لي ولأخي هذا, ثم تضمر في قلبك أنك قد غفرت له تقصيره تجاهك؟ أوليس عبوس التعاتب تعكيرًا تصطاد الفتن فيه كيف تشاء؟ بلى والله..العوائق

- الحكمة في معاملة الناس والمجتمع:
فالدعوة إلى الله تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة, وتظهر الحكمة في معرفة المناسب لكل مجتمع من أساليب الدعوة مما يتلاءم مع عاداته وصفاته وأحواله, وكذلك المناسب من الدعوة لكل فئة من الناس, والداعية الحكيم لا يقول كل ما يعرف لكل من يعرف, وهو يتعامل مع العقول حسب مقدرتها لا حسب مقدرته ولا يحملها فوق طاقتها.
وقـد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس فقال: (اللهم علمه الحكمة) رواه البخاري , وقد فهم ابن عباس - رضي الله عنهما - قول الله تعالى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} فقال: "كونوا حكماء فقهاء", وقال الحافظ: والرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره
والبدء بصغار العلم مرجعه مراعاة العقول حتى لا تنفر من الدعوة, قال الحافظ: والمراد بصغار العلم ما وضح من مسائله وبكباره ما دق منها.
قال البخاري رحمه الله: "باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه, ثم ساق حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة لولا أن قومك حديثٌ عهدهم لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين؛ باب يدخل الناس وباب يخرجون), قال ابن الزبير: (حديث عهدهم) يعني بكفر, قال ابن حجر: "ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة" فتح
فالحكمة إذن تكون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضًا, وللأسف فإن كثيرًا من الدعاة إلى الله يفتقرون الحكمة في التعامل مع مجتمعاتهم ودعوتها.
وعلى المعلمين والمربين بيان معاني الحكمة لطلبتهم وللمدعوين, وعليهم أن يعلموهم اجتناب خوارم الحكمة وموانعها وهي كالتالي - باختصار -:
1ـ الهوى وعدم التجرد:
قال تعالى: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26].
2ـ الجهل:
قال سبحانه: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43].
3- الاستدلال بالأدلة في غير موضعها أو الأخذ بظاهر النص دون فهمه ,
4ـ الاعتداد بالنفس وعدم مشاورة الأكثر خبرة وتجربة وعلمًا(فالحكمة إذن تستدعي استشارة أهل العلم والأثبات الناصحين والانطلاق من فتواهم المقبولة المعتبرة، وكم رأينا من بلية سببها التعالم أو إهمال رأي العلماء!!. )
5- العجلة وعدم ضبط النفس والحماس الزائد غير الموجه ولا المتعقل.
6ـ عدم إتقان قاعدة المصالح والمفاسد:
"وهذا يؤدي إلى تقديم جلب المصلحة على دفع المفسدة ويؤدي إلى دفع المفسدة الصغرى بالكبرى, وجلب المصلحة الدنيا وترك العليا, وليس الحكيم هو من يعرف الخير من الشر ولكن الحكيم من يعرف خير الخيرين وشر الشرين .." الحكمة

- يسر الإسلام والبعد عن المشقة :
فكثير من الناس ينظرون إلى واجبات الإسلام كتكليف ومشقة يلزمهم أن يقوموا بها, وقليل منهم من ينظر إليها من جهة حاجتهم إليها وفقرهم تجاه ربهم سبحانه وتعالى وحبهم للعبادة .
ويترتب على شعورهم تجاه العبادة أنها مشقة وتكليف أنهم لا يشعرون بحلاوة التوحيد والإيمان والعبادة وكذلك فإنهم قد يتركون الالتزام بالعبادة في بعض الأحيان لشعورهم بمشقتها عليهم, أما إن صار لديهم شعور وفهم وتصور صحيح تجاه التوحيد والعبادة, وأنها لا غنى للمرء عنها, وأن حاجته للعبادة أشد من حاجته إلى الطعام والشراب, وأنه لا تقوم حياة مسلم بغيرهما, إذا فهموا هذا المعنى أحبوا العبادة, وصار إيمانهم بربهم بحب للإيمان به, وحب لله ولرسوله ولكل ما يقرب إلى حبه سبحانه وتعالى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان, أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله, وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان ضرورة التوحيد للعباد:
"هذه قاعدة جليلة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له, عبادة واستعانة, قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5], وقال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123].
ثم قال - رحمه الله -: وذلك أن العبد, بل كل حي, بل وكل مخلوق سوى الله فقير محتاج إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره, والمنفعة للحي هي من جنس النعيم واللذة, والمضرة هي من جنس الألم والعذاب؛ فهنا أربعة أشياء:
أحدها: أمر محبوب مطلوب الوجود.
الثاني: أمر مكروه مبغض مطلوب العدم.
الثالث: الوسيلة إلى حصول المطلوب المحبوب.
الرابع: الوسيلة إلى دفع المكروه.
فهذه الأمور الأربعة ضرورية للعبد ولا يقوم صلاحه إلا بها, إذا تبين لك ذلك فبيان ما ذكرته من وجوه:
- أن الله تعالى هو الذي يجب أن يكون هو المقصود المدعو المطلوب, وهو المعين على المطلوب, وما سواه هو المكروه, وهو المعين على دفع المكروه, فهو سبحانه الجامع للأمور الأربعة (التي لا تقوم حياة العبد إلا بها) دون ما سواه.
وهذا معنى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}, فإن العبودية تتضمن المقصود المطلوب لكن على أكمل الوجوه, والمستعان هو الذي يستعان به على المطلوب.
- أن الله خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة له ومحبته والإخلاص له, وحاجتهم إليه في عبادته إياه كحاجتهم في خلقه لهم, فإن ذلك هو الغاية المقصودة, ولهذا كان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء, ولهذا كانت لا إله إلا الله أحسن الحسنات, وكان التوحيد بقول لا إله إلا الله رأس الأمر".
- أن المخلوق ليس عنده للعبد نفع ولا ضر ولا عطاء ولا منع ولا هدى ولا ضلال, بل ربه هو الذي خلقه ورزقه وبصره وهداه, فإذا مسه الله بضر فلا يكشفه عنه غيره, وإذا أصابه بنعمة لم يرفعها عنه سواه, وأما العبد فلا ينفعه ولا يضره إلا بإذن الله...
- أن تعلق العبد بما سوى الله مضرة عليه؛ إذا أخذ منه القدر الزائد على حاجته في عبادة الله, فإنه إن نال من الطعام والشراب فوق حاجته ضره وكذلك من النكاح واللباس.
واعلم أن كل من أحب شيئًا لغير الله فلابد أن يضره محبوبه ويكون ذلك سببًا لعذابه, وهـذا معنى مـا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدنيا ملعونة, ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه) رواه الترمذي وغيره.
- أن الله سبحانه غني حميد كريم واجد رحيم, فهو سبحانه محسن إلى عبده مع غناه عنه, فالمخلوق لا يقصد منفعتك بالقصد الأول إنما يقصد منفعته بك, والرب سبحانه يريدك لك ولمنفعتك بك لا لينتفع بك, وذلك منفعة عليك بلا مضرة, فتدبر هذا.
- أن الخلق لو اجتهدوا أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بأمر الله, ولو اجتهدوا أن يضروك لم يضروك إلا بأمر قد كتبه الله عليك, فلا تعلق بهم رجاءك) مجموع الفتاوى

- التوجيه نحو الطاعة وعدم الاستهانة بالذنب :
فإنه قد ساد في مجتمعات المسلمين مفهوم خاطئ تجاه الذنب والمعصية, وهو أنه لا بأس للإنسان من أن يرتكب الذنب تلو الذنب والمعصية بعد المعصية, وإذا أنكر عليه أحد أو نصحه أو عاتبه رد عليه بأن الله غفور رحيم, وأنه سبحانه سيغفر الذنوب في أي وقت ولا بأس بأن يظل الإنسان يعبث بدينه ويجاهر ربه بالآثام لأنه في أي وقت سوف يتوب ويتوب الله عليه.
ونتج من هذا المفهوم - الذي فيه حق وباطل - أن استهان الناس بالمعاصي وجاهروا بها ورفضوا كل منكر لها, بل حتى لقد عاتبوا من ينصح فيها وجعلوه متشددًا وناسيًا لرحمة الله تعالى, كذلك فقد نتج عن هذا المفهوم الادعاء بأن النية قد تكون في القلب صالحة تقية عالية رغم أن صاحبها لا يفعل الطاعات أبدًا, فتهاون الناس في كثير من الطاعات محتجين بعفو الله ورحمته ومضيعين أمره ونهيه.
وفي مقولتهم حق وباطل, وقد اتخذوا الحق الذي فيها سُلَّمًا للباطل.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 98.01 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]