بين المصلحين والمفسدين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850152 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386293 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-06-2019, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي بين المصلحين والمفسدين

بين المصلحين والمفسدين (1)


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


بركة المصلحين

الحمد لله؛ خلق الإنسان وكلفه، وجعل له عينين، ولسانا وشفتين، وهداه النجدين، أحمده وأشكره؛ فقد هدانا إلى صراطه المستقيم، ودلنا على دينه القويم، وجعل الجزاء عليه جنات النعيم.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عظم سلطانه وقهره، فلا يكون شيء إلا بأمره، وكل الوجود تحت حكمه {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران:83].


وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أعلم الناس بربه وأتقاهم له، كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه الشريفتان؛ شكرا لخالقه، ومحبة له، واعترافا بفضله، ورجاء لرحمته، وخوفا من عذابه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..


أما بعد : فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فهي وصية الله لنا وللأمم قبلنا {وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء:131].


أيها الناس: عندما يعلو أهل الباطل على أهل الحق، وتكون الغلبة لأصحاب الضلالة على أتباع الحق، ويدال لجند الشيطان من عباد الرحمن؛ فإن المفاهيم تنقلب، وتنتكس الموازين، ويكون الحكم على الأشياء بميزان القوة، لا بميزان الشرع والعقل والحق والعدل، كما هو واقع البشرية في هذا العصر؛ إذ يقرر الحق والباطل شهوات القوي الغالب، فردا كان أم دولة أم أمة، وعلى جميع البشر الخضوع لهذا القانون الجائر مهما كان موغلا في الظلم والعسف، ولو كان مغرقا في الشذوذ والجنون.


ولما كان المسلمون في هذا العصر أمة مختلفة متفرقة مستباحة مستضامة؛ فإن أهل الشر والفساد، من أهل الكفر والنفاق؛ هم من يقرر ميزان الحق والباطل، ويميز المصلح من المفسد، بل يتعدى ذلك إلى الحكم على شريعة الله تعالى، والجراءة على نقدها وردها، وبيان ما يصلح منها وما لا يصلح، وإلزام المسلمين بما حكمت به أهواؤهم المنحرفة، وعقولهم السقيمة، تحت مسميات الإصلاح ونشر الحرية، وضمن مشاريع مسخ أحكام الله تعالى وتبديلها؛ لتوافق المشاريع الليبرالية التي يراد لها أن تسود الأرض كلها، وأن يقضى بها على كل المناهج والشرائع، ربانية كانت أم وضعية، وما اختراع إمامة للمسلمين تؤمهم يوم الجمعة في كنيسة من الكنائس[1]، وعلى حال من الاختلاط بين الرجال والنساء، وكشف العورات، إلا جزء من مشروع المسخ والتبديل لدين الله تعالى، وتحريف شريعته، مع إجماع المسلمين قديما وحديثا على مجافاة هذا الصنيع الشاذ لشريعة الإسلام، ولم يخرج عن هذا الإجماع إلا شذاذ من المنافقين والصحفيين، قد تدثروا بالليبرالية وهم لا يعرفونها، وهتفوا بالديمقراطية وهم وأسيادهم ينحرونها صباحا ومساء، وكل من أنكر بغيهم وظلمهم، أو أنكر منهجهم وطريقتهم، فهو محور للشر، خارج على القانون، مفسد في الأرض.

إن الله عز وجل هو خالق الخلق، وهو الحاكم فيهم، المبين لأحوالهم {وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} [البقرة:220]. فمن تبع شريعته، ودعا إليها، ودافع عنها؛ فهو المصلح، ومن أنكرها، أو تنكر لها، أو حرفها، أو حاد عنها؛ فهو المفسد ولو زعم أنه مصلح، هذا هو حكم الله تعالى، وتلك هي إرادته الشرعية التي شرعها لعباده في كتابه المطهر وعلى لسان نبيه المرسل صلى الله عليه وسلم، وبهذا الميزان العادل يوزن الناس، بعيدا عن تحكيم الأهواء، أو الاعتبار بالأعراق والأنساب، أو الإمكانات والقوة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].

ولكن المفسدين في الأرض من الكفار والمنافقين ومن وافقهم في إفكهم عن جهل أو هوى لا يرتضون هذا الحكم، ولا يعترفون بهذا الميزان، ولا يختطون تلك الطريقة في الحكم على الناس؛ ولذا فهم يحكمون على المسلمين بالفساد والإفساد، ويرجعون مشاكل البشرية إلى الأحكام الربانية، ويرمون شريعة الله تعالى بكل نقيصة، ويقذفونها بكل خسيسة؛ بل ويتشاءمون من المسلمين ومن شريعتهم على طريقة إخوانهم الذين سلفوا في الأمم الغابرة حين قالوا لنبيهم {اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل:47] وجاء بعدهم أقوام فقالوا لرسلهم {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس:18].


إنها سنة الكافرين والمنافقين في كل زمان ومكان؛ يرمون غيرهم بأدوائهم، ويتطيرون بالصالحين من أقوامهم، ونتيجة لضخامة التزوير والإفك الذي ينشره كفار هذا الزمن ومنافقوه ضد المسلمين عامة، ويخصون عباد الله الصالحين بمزيد من الكذب والافتراء؛ فإن كثيرا من المخدوعين صدقوا إفكهم، وانطلى عليهم افتراؤهم، فظنوا ظن الجاهلين: ظنوا أن التمسك بشريعة الله تعالى هو سبب مصائب المسلمين وضعفهم، وظنوا أن سبب بلاء المسلمين في هذا العصر هم حملة الشريعة من العلماء والدعاة وعباد الله الصالحين؛ ولذا فهم يرومون تغيير دين الله تعالى، وتبديل شريعته التي ارتضاها للناس كافة.


إن المسلمين في الأرض، والصالحين منهم بوجه أخص هم أهل الخير والفضل على البشر أجمعين؛ فبعبادتهم وتوحيدهم عم الخير أرجاء الأرض، ورفع بصلاحهم وإصلاحهم ودعائهم من العذاب ما رفع، فليسوا مصدر شؤم وبلاء؛ بل الكفار والمنافقون، وأهل الظلم والبغي والفساد، المحادون لشريعة الله تعالى، المحاربون لأوليائه هم أهل الشؤم، وهم سبب العذاب والذل والهوان على البشر أجمعين، ويتعدى شؤمهم البشر ليصيب الحيوان والطير والوحش والنبات، بما يحبس عن أهل الأرض من الأمطار، وما يمنعون من الخيرات والبركات، وبما يقع من أنواع العذاب والعقوبات، وكل ذلك بسبب محادتهم لله تعالى ولشريعته.


إن أهل الخير والصلاح يجب أن يفرح الناس بكثرتهم، وأن يقتدوا بهم في سمتهم وهديهم، وأن يعينهم الناس في إصلاحهم ودعوتهم؛ فبدعوتهم تستمطر السماء، ويستنصر على الأعداء، ويدفع البلاء، ويعم الخير والأمن أرجاء الأرض:


ففي شأن الاستمطار بهم قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف:96] وقال النبي صلى الله عليه وسلمهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) رواه البخاري، وفي رواية للنسائي: (إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم، بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم).

قال ابن بطال رحمه الله تعالى: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة؛ لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا. اهـ.
وإيمان المؤمن سبب لرزقه، وينتفع برزقه غيره من قرابته ومجتمعه وأمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته) رواه مسلم.

وأما رفع العذاب عن العباد فبسبب دعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، فهم المصلحون الذين عناهم الله تعالى بقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117] ولذلك ثبت أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق؛ لأن الله تعالى لا يبالي بهم، بل ولا يبالي بأهل الأرض إذا خلت من عباد الله الصالحين؛ كما ثبت في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاليُقبض الصالحون الأول فالأول وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير لا يعبأ الله بهم شيئا) وفي رواية: (لا يباليهم الله باله)، والمعنى :لا يرفع لهم قدرا، ولا يقيم لهم وزنا، وإذا لم يكن للناس وزن عند الله تعالى بسبب خلوهم من أهل الخير والصلاح؛ رفعت عنهم البركات، وحلت بهم العقوبات.

وقد ذكر العلماء من فوائد هذا الحديث: الندب إلى الاقتداء بأهل الخير، والتحذير من مخالفتهم؛ خشية أن يصير من خالفهم ممن لا يعبأ الله تعالى به.
والله تعالى يقول: {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء:147] والمسلمون هم أهل الإيمان الذي ينفي العذاب، والصالحون منهم هم أهل الشكر والإحسان.
وفي خطاب قرآني آخر قال الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان:77] وأهل الخير والصلاح هم أهل الاستجابة لأمر الله تعالى ودعوة رسله عليهم السلام، وهم أهل عبادته وطاعته، وهم أهل دعائه ومسألته، والانطراح بين يديه جل في علاه.

وبهذا يعلم - أيها الإخوة- أن خيرا كثيرا ينعم به البشر كلهم سببه وجود الصالحين بين أظهرهم، وهذا الخير الكثير يقع بصلاتهم ودعائهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر؛ فكم من خير نزل على العباد، وشر دفع عنهم بسببهم؟ وكم من عجائز ركع سجد يعبأ الله تعالى بهن، فيرفع عقوبته عن العباد بدعائهن؟! فهل هؤلاء وأولئك شؤم على البشرية حتى يتطير بهم الكافرون والمنافقون، ومن وافقهم في بغيهم من الجهلة والظالمين؟! أم أن الشؤم على البشر ما وقع إلا من أولئك الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وبغيهم، واعتدائهم على شريعة الله تعالى بالتحريف والتبديل، ومحاولة مسخها وإلغائها، ثم اعتدوا على البشر بالظلم والبطش لا لشيء إلا لأنهم يملكون قوة بنوها من أقوات ودماء الشعوب المغلوبة المقهورة، ثم ترى أقواما من المنافقين أو من الجاهلين يدعون الناس إلى مناهجهم المنحرفة التي كانت أعظم شؤم على البشرية، ويصرفونهم عن شريعة الله تعالى، ويخوفونهم من حملتها، وما كانت شريعة الله تعالى إلا خيرا للناس كلهم لو كانوا يعقلون.


فحذار عباد الله من هذه الأقوال المرجفة في دين الله تعالى، وفي حملته والمتمسكين به، ولا يغرنكم نعيق الكافرين والمنافقين، ولو عم كذبهم وافتراؤهم أركان البسيطة، ولو قهروا الناس عليه بالقوة؛ فإن الحق قوي عزيز، وإن الباطل ضعيف ذليل، والله تعالى مظهر دينه، معل كلمته ولو كره الكافرون، وما هذه المحن على أهل الإسلام والإحسان إلا ابتلاء وامتحان، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} [البقرة:138-139].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...


الخطبة الثانية

الحمد الله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين..

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- فإن ولاية الله تعالى تنال بتقواه، وأولياء الله تعالى آمنون من الخوف والحزن {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} [يونس:62-64].


أيها الناس: أهل الإسلام أهل خير وفضل على البشرية جمعاء، وهم رحمة من الله تعالى رحم بها الأحياء على الأرض؛ ولذلك إذا خلت الأرض منهم فلا خير فيها ولا فيمن كانوا على ظهرها، وعليهم تقوم الساعة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم).
ومن بركات توافر المسلمين والصالحين على الأرض أن العذاب والهلاك يؤخر أو يرفع عمن استوجبوه بكفرهم وفسقهم؛ رحمة من الله تعالى أن يصيب المسلمين أو الصالحين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقد يدفع العذاب عن الكفار والفجار لئلا يصيب من بينهم من المؤمنين ممن لا يستحق العذاب ومنه قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح:25] فلولا الضعفاء المؤمنون الذين كانوا بمكة بين ظهراني الكفار عذب الله الكفار....وقد قال المسيح عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم:31] فبركات أولياء الله الصالحين باعتبار نفعهم للخلق بدعائهم إلى طاعة الله تعالى، وبدعائهم للخلق، وبما ينزل الله تعالى من الرحمة، ويدفع من العذاب بسببهم حق موجود. اهـ

ولانتفاع البشر بوجود المسلمين شبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بالنخلة النافعة المباركة التي يستفاد من كل أجزائها، وهكذا المسلم أينما حل في جزء من أجزاء الأرض حلت البركة والخير على أهله، بما يقوم به المسلم من عبادة الله تعالى وطاعته، والدعوة إلى الإسلام، روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: (بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أتي بجُمَّار نخلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم، فظننت أنه يعني النخلة فأردت أن أقول هي النخلة يا رسول الله، ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم فسكت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة) رواه البخاري.


فليس المسلمون كالكفار، ولا الأبرار مثل الفجار؛ فالفجار والكفار يضرون أنفسهم وغيرهم، حتى يطول ضررهم من على الأرض جميعا، وأما المسلمون الأبرار فإن نفعهم يتعداهم إلى غيرهم {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَّارِ} [ص:28] {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا المُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر:58].


فلم يُسَوِّ الله عز وجل بينهم؛ بل بيَّن أن أهل الكفر والفجور مفسدون في الأرض، ووصفهم بالإساءة، ومن كان هذا وصفهم في كتاب الله تعالى فهم شؤم على أنفسهم، وعلى مجتمعاتهم، بل وعلى أهل الأرض كلهم، نعوذ بالله من حالهم ومآلهم، ونسأله سبحانه أن لا يعذب العباد بما كسبت أيديهم من البغي والظلم والفساد...


وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم ربكم بذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] هذا إشارة لما قامت به امرأة أمريكية في الجمعة الماضية في سابقة هي الأولى من نوعها حيث أمت هذه المرأة المصلين في صلاة الجمعة الماضية 8/صفر/1426هـ الموافق 18/مارس/2005وكانت صلاة اختلط فيها النساء بالرجال وهن متكشفات، وكثير منهن متبرجات حاسرات الرؤوس، وقد لبس بعضهن بناطيل الجينز!!
وقد نظمت تلك الصلاة منظمة تدعى (جولة حرية المرأة المسلمة) والموقع الالكتروني (صحوة الإسلام).
وقامت الدكتورة أمينة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة (فيرجينيا كومنولث) الأمريكية بإلقاء خطبة الجمعة وإمامة الصلاة.
وأقيمت هذه الصلاة الشاذة وسط إجراءات أمن مشددة بكنيسة (سينود هاوس) التابعة لإحدى الكاتدرائيات بمدينة (مانهاتن) الأمريكية، بسبب أن المساجد رفضت استضافة هؤلاء المفسدين لإقامة صلاتهم.
وهذه عادة الغرب: حماية المشغبين على الإسلام، المحرفين لشريعته، ولو أن امرأة رشحت نفسها لتكون بابا الفاتيكان لقامت الدنيا ولم تقعد في الغرب المتحضر الذي يزعم حفظ الحقوق ونشر الحرية، وهو لا يحفظ هذه الحقوق المزعومة إلا إذا كانت لمنحرفين يطعنون في الإسلام فحسب.
وقالت إمامتهم ودود في مؤتمر صحفي قبل الصلاة (لا أريد أن أغير من طبيعة المساجد. أريد أن أشجع قلوب المسلمين على الإيمان بأنهم متساوون). مضيفة أنها تتمنى المساعدة في إزالة (القيود المصطنعة والمزعجة) التي تستهدف المرأة المسلمة حسب زعمها.
وقالت ودود: إن مسألة المساواة بين الرجل والمرأة أمر مهم في الإسلام، وقد استعمل المسلمون -وللأسف- تفسيرات تاريخية متشددة للعودة إلى الوراء.
ولهذه المبتدعة كتاب بعنوان (القرآن والمرأة) تناولت فيه قراءة للنصوص القرآنية من خلال وجهة نظر نسائية حسب زعمها تناولت فيه (حق المرأة في إمامة المسلمين)، وترى ودود أن عدم إعطاء المرأة المسلمة هذا الحق هو (أمر خاطئ متجذر داخل المجتمعات الإسلامية دون أن يقوم أحد بمحاولات جادة لتصويبه).
وتزعم هذه الضالة عن الحق أنه من خلال الأبحاث التي قامت بها: (لا يوجد في سلوكيات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما يمنع أن تؤم المرأة المسلمين رجالا ونساء)، وتؤكد في كتابها أن الرسول الكريم وافق على إمامة المرأة المسلمة، وعدم إعطائها هذا الحق جعلها تفقد مكانتها كقائدة روحية وفكرية.
وستطالب د.ودود بحسب تعبيرها بحق النساء المسلمات في المساواة مع الرجال في التكاليف الدينية كحق المرأة في الإمامة، وعدم ضرورة أن يصلي النساء في صفوف خلفية وراء الرجال باعتبار أن هذا الأمر هو ناتج عن عادات وتقاليد بالية وليس من الدين في شيء.
وتأتي هذه الخطوة التي تقوم بها هذه المرأة وأمثالها برعاية ودعم جماعات أمريكية منحرفة تدعو إلى تحرير المرأة المسلمة من أحكام الإسلام لتصبح مثل المرأة الغربية سواء بسواء، وتقوم بتنظيم مسيرات وفعاليات عديدة لإفساد المرأة زاعمين المطالبة بحقوقها، وهي في واقع الأمر حقوق اخترعوها لتطويع الإسلام للنظم الليبرالية الغربية.
وقد شهدت هذه الصلاة الشاذة شذوذات كثيرة منها: أن المؤذن كان امرأة وكانت بلا حجاب ولا حتى شيء يغطي شعرها!! والتصق الرجال بالنساء في الاصطفاف للصلاة وهن بلا حجاب أيضا بل حاسرات الرؤوس، وقد لبسن الألبسة الضيقة كبناطيل الجينز وغيرها.
ومن أعظم المنكر الذي قامت به هذه الخطيبة المنحرفة: إشارتها أثناء الخطبة إلى لفظ الجلالة (الله) بضمير المذكر والمؤنث وغير العاقل بالإنجليزية، بحجة أن الله الدائم يستعصي على التعريف من حيث النوع، تعالى الله عن فعلها وقولها علوا كبيرا.
وبعد أن أنهت خطبتها قامت لتؤم المصلين، الذين وقفوا نساء ورجالا في نفس الصفوف، وكان أغلبية الصف الأول من النساء وأدى هذه الصلاة الباطلة خلف هذه المنحرفة نحو (150) مصليا (60) منهم من النساء والباقي من الرجال والأطفال.
وقد أجرت قناة الجزيرة لقاء مع د.آمنة ودود قالت فيه: أنا لست فقيها ولا أقوم بأعمال الفقه ولكنني اقرأ في كتب الفقه وقرأت الكثير منها في الأسبوعين الماضيين ربما أكثر من أي وقت مضى من قبل، وتخصصي الرئيسي في الحقيقة هو في التفسير.... أنا أشجع وأروج لفكرة مفادها إن الحاجة للإصلاح في القانون الإسلامي لا يمكن أن يحدث ما لم ننجح، وأيضا نحن ننجح في جعل المزيد أو وضع المزيد من الدراسات المفصلة والمعمقة والتحليل المفصل للقرآن نفسه، إذن هذا هو نقطة تركيزي الرئيسية وليس تركيزي على الفقه؛ لأن الفقه ليس في الحقيقة جزء من سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم فالرسول لم ينتم إلى مذهب، أنا أنتمي إلى نفس المذهب الذي ينتمي إليه الرسول ...ونحن محظوظون الآن في استمرارنا في بحثنا وفي تحليلنا لماهية معاني القرآن الكريم وأيضا في القرن الحادي والعشرين إحدى القضايا التي دخلت مع بداية هذا القرن الجديد كانت مسألة الوعي بأننا لا نملك سجلا للمرأة وهو كيفية استجابتها لمعاني القرآن الكريم، إذن رسالتي لو أننا استطعنا أن نوسع من نطاق فهمنا للقرآن الكريم علينا أن نوسع من اهتمام علمائنا ليُضمِنوا النساء بشكل متساوي مع الرجال بحيث تتوافر لهن علوم القرآن والمهارات اللازمة لكي يتقصوا المعاني التي تمشي جنبا إلى جنب مع النصوص ومعانيها.
وقالت أيضا: أنا سأقف أمام المصلين إن شاء الله، وسنصلي إن شاء الله تعالى حسب أفضل ما يتوفر لي من فهم أعكسه.. المبدأ التوحيدي القائل والذي على أساسه تتوحد كل الكائنات البشرية على أساس من المساواة الروحية ومع القدرة الكامنة للوصول إلى أهداف أسمى وأعلى وأن يحصلوا أيضا على المزيد من الفوائد المادية أيضا.
وسألها المذيع حافظ الميرازي فقال: دكتورة آمنة: هل اللحظة غير مناسبة والمكان غير مناسب؟
فأجابت: أولا أنا لم اختر هذا الوقت، أنا وُجِهت إلي الدعوة كضيفة وقبلتها وأيضا قبلت دعوة قبل أكثر من عشر سنوات لأكون خطيبة في بلد آخر في جنوب أفريقيا وصليت مع الرجال والنساء جنبا إلى جنب وصليت وراء نساء كن يؤمن رجالا ونساء إذن هذه ليست بالضرورة قضية جديدة مثيرة للجدل هذه قضية مستمرة وهي مبعث قلق واهتمام ولو لم نجعل قضية الهوية الروحية الكاملة والخلافة للمرأة المسلمة بشكل كامل ولن نكون قد وضعنا هذا في مصافه الصحيح ونكون قد خذلنا المرأة كما فعلنا في جزء كبير من تاريخنا.
وكانت امرأة أخرى مفسدة تدعى (إسراء النعماني) وهي كاتبة وصحفية سابقة بصحيفة(وول ستريت جورنال) وهي أيضا من منظمي هذه الصلاة الشاذة الداعين إليها دخلت مسجدا بمنطقة (مورجانتاون) بولاية (وست فرجينيا) من الباب الأمامي المخصص للرجال داعية بذلك إلى اختلاط الجنسين، رافضة الفصل بينهما بتخصيص باب للرجال وآخر للنساء وقالت معقبة على فعلها الشنيع: (اليوم تنتقل النساء المسلمات من خلفية المسجد إلى الأمام إنه حدث تاريخي).
وهذه المفسدة تترأس جمعية (جولة الحرية للنساء المسلمات) تتبنى الدعوة إلى إمامة المرآة للرجال في الصلاة متحدية إجماع علماء المسلمين على عدم مشروعية ما تدعو إليه هي وسابقتها.
وقالت: إنها ستؤم المصلين في صلاة الجمعة القادمة في ولاية بوسطن، على الرغم من رفض الأوساط الفقهية والشرعية لهذا العمل البدعي.
وكانت نعماني، مؤلفة كتاب سيصدر قريبًا حول المرأة في الإسلام، قد أمَّت المسلمين في إحدى الصلوات يوم الأربعاء، وفق ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء، لتصبح ثاني امرأة تقوم بهذا العمل المخالف لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأضافت آسرا بأنها ستنظم صلوات مختلطة أخرى في مختلف الولايات الأمريكية، ومن بينها سان فرانسيسكو وواشنطن، وأكدت أنها لن تقبل بالأفكار التي أجمع عليها علماء الأمة الإسلامية مدعية اعتقادها بشرعية وصحة ما تقوم به.
وقالت في مقابلة بثتها قناة الجزيرة القطرية: شكرا جزيلا لإتاحة الفرصة لي ويشرفني أن أتحدث إليكم وإلى مشاهديكم لنعلم أين هي الأزمة في العالم الإسلامي، والأمر متروك للنساء والمعتدلين ليعيدوا الدين من الذين استحوذوا عليه باسم التطرف، حقوق المرأة جانب حيوي من العالم الإسلامي وفي الولايات المتحدة وبصفتنا نساء مسلمات نحن نطالب بحقوقنا ضمن الإسلام، وأن نقف في مساجدنا وأن ندخل من الأبواب الرئيسية وغدا سوف نستعيد حقنا في إمامة الصلاة، الدكتورة آمنه ودود امرأة قوية وشجاعة ألهمتني لأتعلم التعاليم الحقيقية ...
وهذه المنحرفة ابنة لمهاجر هندي يدعى ظفر نعماني وصل إلى (مورجان تاون) قبل حوالي ربع قرن وكان يرتاد مسجدا فيها، لكن المسجد لفت اهتمام وسائل الإعلام عندما نظمت نساء بزعامة ابنته المنحرفة أسرا مسيرة في العام الماضي لتحدي إدارة المسجد التي كانت تمنعهن من استخدام الباب الأمامي المخصص للرجال.
وفي كتابها لا تخجل من مفاخرتها بالزنا وإنجابها ولدا سفاحا وتذكر هذه المنحلة كيف أن والديها المسلمين لم يتخليا عن دعمها حتى مع ابنها الذي أنجبته من دون زواج.
وقال والدها ظفر نعماني: إنه حفيدي إنه طفل جميل ورائع أقضي معه أوقات جميلة استمتع بها كثيرة.
فإذا كان هذا حال هذه الرجل وابنته يرضيان بالزنا، ويعترفان بولد السفاح ابنا وحفيدا لهما بلا حياء ولا إعلان توبة أو ندم من هذه الكبيرة فلا يستغرب عليهما أي انحراف آخر نسأل الله تعالى الهداية والموافاة على الإيمان والسنة آمين.
والمنحرفون من الليبراليين والعقلانيين العرب يعجبهم مثل هذا التلاعب بالشريعة، ويعدونه تطويرا للإسلام، وتقريبا له من الحضارة الغربية والأمريكية على وجه الخصوص، وهم أشد إخلاصا لها من قومها الأصليين نسأل الله تعالى العافية، وكما عودونا فقد سنّوا أقلامهم للدفاع عن هاتين المرأتين المنحرفتين، واستخرج بعضهم حديثا ضعيفا للاستدلال به على هذا الشذوذ.
ورغم أنهم يردون الأحاديث الصحيحة الصريحة التي أجمعت الأمة على الأخذ بها في كثير من القضايا كأحاديث تحريم الخلوة بالأجنبية، واشتراط المحرم للمرأة في السفر، وغيرها من الأحاديث الصحيحة الصريحة في كثير من القضايا التي لا تتفق وأهواءهم؛ فإنهم في هذه القضية يستدلون بحديث ضعيف في سنده، ولو فرض صحة إسناده فإنه لا يدل على ما يريدون، وهذا الحديث هو ما رواه الإمام أحمد في مسنده (6/405) قال: حدثنا أبو نعيم قال ثنا الوليد قال حدثتني جدتي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصاري وكانت قد جمعت القرآن وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها وكان لها مؤذن وكانت تؤم أهل دارها) ورواه أبو داود (592) وإسحاق بن راهوية في مسنده (2381) وابن خزيمة (1676) وأبو نعيم في الحلية (2/63) والدارقطني (1/403) والطبراني في الكبير (25/134) برقم (326) والبيهقي (3/130).
وهو حديث ضعيف؛ فجدة الوليد بن عبد الله بن جميع مجهولة. انظر: التلخيص الحبير (2/27) ونقل الزيلعي في نصب الراية (2/31) عن ابن القطان قوله : الوليد بن جميع وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما.
وقد نقل الشوكاني في نيل الأوطار (3 /187) عن الدار قطني: (إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها).
قال ابن قدامة في المغني (2/16): (وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها كذلك رواه الدارقطني، وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك؛ لتعين حمل الخبر عليه؛
لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض؛ ولأن تخصيص ذلك بالتراويح واشتراط تأخرها تحكم يخالف الأصول بغير دليل فلا يجوز المصير إليه، ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة لكان خاصا لها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة)انتهى.
قلت: هذه الزيادة التي ذكرها ابن قدامة والشوكاني عن الدارقطني كاشفة تثبت أن إمامتها للنساء دون الرجال، فإن كانت هذه الزيادة محفوظة لم يكن فيه حجة لمن يجيز إمامة المرأة للرجال، وإن لم تثبت هذه الزيادة فلم يثبت أيضا أن مؤذن أم ورقة كان يصلي معها مقتدياً بها في أي رواية من الروايات، ومن قال بخلاف ذلك فليسق الرواية الدالة على ما يريد، فيحتمل أن خادمها يؤذن ثم يذهب إلى المسجد فيصلي مع الناس؛ لأن الرجال مأمورون بصلاة الجماعة التي لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بأن يتخلف عنها. وهذا يكفي في الجزم بأنها إنما كانت تؤم نساء أهل بيتها، فإن قيل: يحتمل أن من أهل بيتها رجال تؤمهم، قيل: هذا الاحتمال يسقط الاستدلال بهذا الدليل، على أن ضعف الحديث كاف في الرد على من استدل به والله أعلم.

والأدلة على عدم جواز صحة إمامة المرأة للرجال كثيرة جدا منها:

1- قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34].
فجعل الله تبارك وتعالى القوامة للرجال ولم يجعلها للنساء، والولاية من القوامة، وإمامة الصلاة نوع ولاية، بل هي الولاية الصغرى عند الفقهاء فلا تتولاها المرأة على الرجال.

2- حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال:لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) رواه البخاري (6686).

فنفى النبي صلى الله عليه وسلم الفلاح عمن تولى أمورهم امرأة، والصلاة أمر من هذه الأمور بل هي من أعظم الأمور، ونفي الفلاح يقتضي التحريم، فلا تتولى الإمامة فيها النساء.
وكثير ممن لم يعجبهم هذا الحديث ممن فتنوا بالحضارة المعاصرة التي تساوي بين الرجل والمرأة في كل شيء شرقوا به:
أ- فمنهم من رده جملة وتفصيلا.
ب- ومنهم من خصه بزمن النبوة قبل أن تتعلم المرأة، زعموا.
ت- ومنهم من خصه بقوم فارس مع أن سياق الحديث يفيد العموم في الزمان والمكان، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه خبر فارس ما قال: لن يفلحوا، بل عمم ذلك في كل قوم، وليس ذلك في زمان دون زمان أو أحوال دون أحوال؛ لأن الذي أخبر بذلك لا ينطق عن الهوى، وأقره الله سبحانه على ذلك مع علمه عز وجل بتغير أحوال البشر.
هذا إذا سلم أن ذلك الزمان ليس فيه نساء متعلمات وهو غير مسلم؛ فعائشة رضي الله عنها كانت تحوي علما كثيرا، ويرجع إليها في العلم كبار الصحابة رضي الله عنهم كما هو معلوم من سيرتهم رضي الله عنهم.

3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) رواه مسلم (440).

فهذا الحديث نص في تأخر النساء عن الرجال، وقد جعل الخيرية في ابتعادهن عن الرجال وجعل الشر في مقاربة صفوفهن لصفوف الرجال، فكيف إذا يجوز أن تتقدم المرأة عليهم، وتكون أمامهن إمامة لهم؟! هذا أفسد ما يكون حكما وتعطيلا لهذا الحديث.
ويتأكد ذلك بقول أَنَس رضي الله: (صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا) رواه البخاري (694).
فالحديث نص على أن المرأة لا تصافف الرجل ولو كان ابنها، ولو كان صغيراً .. فكيف إذا تؤمهم وتتقدم عليهم؟ ومع أن الرجل لا يجوز له أن يصلي منفردا خلف الصف، فإن ذلك سائغ شرعا في حق المرأة؛ لئلا تخالط الرجل، وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى على ذلك في صحيحه (1/255) فقال: باب المرأة وحدها تكون صفاً.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح (2/212) تعليقا على حديث أنس وقصة صلاته وأمه مع النبي صلى الله عليه وسلم: (فيه أن المرأة لا تصف مع الرجال، وأصله ما يخشى من الافتتان بها.

4- حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) رواه البخاري (2550) ومسلم (1718).

ومعلوم أنَّ الذي عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ الرجل هو الذي يؤم الرجل والمرأة، واستمر العمل على ذلك في سائر العصور والأمصار الإسلامية، ولم تُنقل حادثة واحدة بخلاف ذلك إلى أن أحدث هؤلاء بدعتهم النكراء
فإحداثهم لذلك بدعة في الإسلام وكل بدعة ضلالة، وهي مردودة على صاحبها، وهذا يقتضي بطلان ذلك؛ لأن الأمر المردود ما رد إلا لبطلانه.

5- ما رواه البخاري في صحيحه (1/245) معلقا مجزوما به: أن عائشة رضي الله عنها كان يؤمها عبدها ذكوان من المصحف، ووصله ابن أبي شيبة في المصنف (2/123) ولفظه: (عن أبي بكر بن أبي مليكة أن عائشة أعتقت غلاماً لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف) وصححه الحافظ في تغليق التعليق (2/291).

وعلى جلالة عائشة رضي الله عنها، ومكانتها في العلم والفضل، وهي وعاء من أوعية علم هذه الأمة الخاتمة، ورغم محلها من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنها لم تتقدم على عبدها في الصلاة، بل كانت تابعة له رغم أنه غير حافظ للقرآن فيما يظهر من الأثر، وهذا كان في صلاة التراويح وهي نافلة، فكيف بمن أمت الرجال في الفريضة وهي دون عائشة رضي الله عنها، وفي صلاة الجمعة التي لم يوجبها الله تعالى إلا على الرجال دون النساء؟!

7- أن الشريعة الغراء جاءت بسد كل الذرائع المفضية إلى اختلاط المرأة بالرجال، وحرمت نظر الرجل للمرأة، وأمرت كلا الجنسين بالغض من أبصارهم، وألزمت المرأة بالحجاب، وشرعت آداب الاستئذان، وكيفية الدخول في البيوت، والنظر للمخطوبة، وغير ذلك من التشريعات التي تحسم مادة الإفساد والانحلال، واعتلاء المرأة المنبر أمام الرجال، ثم تقدمها بين أيديهم لإمامتهم ينافي تلك التشريعات، ويبطل هذه الأحكام الربانية التي شرعها اللطيف الخبير بعباده، العليم بما يصلحهم وما يصلح لهم، والمعروف أن الخطيب إذا قام في الناس توجهت إليه الأبصار، فذلك أدعى للإنصات ومتابعة ما يقول، والرجل مأمور بغض بصره عن المرأة، فكيف يكون هذا التناقض؟!


8- ما ثبت في الشريعة من وجوب الخشوع في الصلاة، والبعد عن كل ما يلهي المصلي فيها من لباس أو غيره، وفي إمامة المرأة للرجال وركوعها وسجودها أمامهم أعظم الإلهاء في الصلاة، بتحجيم عورتها، وإبداء محاسنها في الركوع والسجود، وهو سبب لعدم الخشوع، وسبيل لانحراف المصلين عن صلاتهم إلى شهواتهم نسأل الله تعالى العافية والسلامة من ذلك.

وكل من له مسكة عقل، وعنده أدنى معرفة بالشريعة، وله فطرة سليمة فإنه يستبشع هذا العمل المشين من هاتين المرأتين، ومن أيدهما في انحرافهما.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-06-2019, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بين المصلحين والمفسدين

بين المصلحين والمفسدين (1)


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




إنكار الأمة هذا العمل الشنيع:
استنكر المسلمون هذا العمل الشنيع من هاتين المرأتين المجترئتين على الله تعالى وعلى شريعته وصدرت بيانات كثيرة منها:

البيان الأول الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي ونصه:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
إن الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي بجدة المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي تعبر باسم علماء الأمة الإسلامية وفقهائها عن استنكارها وأسفها على ظهور بدعة مضلة وفتنة قائمة تمثلت في تقدم امرأة لأول مرة لإمامة جماعة من المصلين في صلاة جمعة بكاتدرائية مسيحية في مدينة مانهاتن وفي هذا مخالفة لأحكام الشريعة من وجوه: تولى المرأة خطبة الجمعة وإمامتها للرجال في صلاتها ووقوف الرجال والنساء متجاورين مختلطين في كاتدرائية مسيحية وهى أمور تخالف ما عليه اتفاق جمهور علماء الإسلام وفقهائه المعتمدين وقد يكون المقيمون لهذه الصلاة على هذا الوجه معتمدين على أقوال ضعيفة أو غير معتمدة وردت في بعض الكتب الفقهية.

والمعتبر عند فقهاء الإسلام أن الجمعة فرض على الرجال دون النساء فهم الذين يقيمونها خطبة وصلاة والمرأة يجوز لها الحضور استحبابا لا فرضا فكيف يسوغ لها أن تتقدم على من هو أحق منها بأدائها كما أن من المعلوم أن تقدم المرأة على الرجل في الصف مما يبطل صلاة الرجل فكيف تؤمه، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أماكن وقوف النساء في الصفوف في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه واحمد والدا رمي

وأن من شروط إقامة الجمعة عند الفقهاء أن تكون في مسجد جامع فضلا عن إقامتها في غيره فكيف تصح في كنيسة أوكاتدرائية مع وجود المساجد؟ وبناء على ما سبق فإن هذه الصلاة غير مستوفية للشروط وعلى من أداها أن يعيدها ظهرا قضاء.
والمجمع إذ يستنكر هذا الحدث ويحث المسلمين كافة على التمسك بأحكام الدين الإسلامي المستمدة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة ويدعو الباحثين إلى الرجوع إلى أهل الدين المعتمدين فيما يعرض لهم من مشاكل وقضايا محذرا إياهم من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين المبطلة لأحكام الشرع وأدلته إما بالطعن في ألفاظها أو أسانيدها أو بالعمل على تأويل معانيها الأصلية الثابتة بين الناس وبإجماع الأمة من عهده عليه الصلاة والسلام ومن بعده بين الصحابة والتابعين إلى أن انتهى الأمر للائمة المجتهدين.
والرسول صلى الله عليه وسلم هو المبلغ والداعي إلى تحكيم الشرع بما صدر عنه من أوامر ونواه وإقرارات وأن الدين وبخاصة في العبادات لا يجوز أن يتصرف فيه لأن التوجيه فيها ينبغي أن يقصد به وجه الله والامتثال له فيما أمر به ولكن طائفة من المبطلين ترمي إلى تحقيق مصالح خاصة على حساب المبادئ الإسلامية السامية وتروم عقلنة الشريعة وإخراج الدين الإسلامي من كونه إلهيا إلى دين طبيعي قال الله عز وجل (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) وفي هذا إشارة إلى أن الناس على مذهبين لا ثالث لهما مذهب الملتزمين بالشريعة التي تلقوها عن الله ومذهب المنحرفين الذين يحكمون بأهوائهم وبما لا يعلمون منحرفين عن شريعة الله وأحكام دينه.
وينبه المجمع كل مسلم عاقل يقدم على الاجتهاد في الدين أن يعرف قدره وألا يتعدى طوره قال الله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" وقال عز وجل (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ".
ويذكر المجمع سائر المسلمين بأن الحقوق والواجبات والتكاليف المتنوعة المرتبطة بالنساء والرجال قد قضى الله بها وليس لأحد من الناس التصرف فيها أو التأويل لها ولقد خص سبحانه كل جنس من الجنسين الرجال والنساء بما هو محتاج إليه ومفتقر له فقال جل وعلا (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) وفي هذا دليل على أن المنهج الإسلامي يتبع الفطرة وقد أودع سبحانه كل واحد من الجنسين خصائص يتميز بها عن الآخر فتناط على وفقها الأحكام والوظائف المناسبة للشخص رجلا كان أو امرأة وبهذا تبطل أسباب الخصام والتنازع على أعراض الدنيا.
فلا وجه للحملة على الرجال ولا على النساء ولا وجه لمحاولة النيل من أحدهم كما لا مكان للطعن بأن التنوع في التكوين والخصائص لا يقابله تنوع في التكليف والوظائف وكل هذه التصورات التي قدمنا عبث وسوء فهم للمنهج الإسلامي ولإرادة تحقيق وظيفة كل واحد من الجنسين فالله الأعلم بما خلق وهو الأعرف بمصالح الناس وهو وليهم في الأمر كله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين

البيان الثاني: من مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ونصه ما يلي:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: فقد ورد إلى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا استفسار حول مدى مشروعية إمامة المراة لصلاة الجمعة وإلقائها لخطبتها وذلك بمناسبة ما أعلن عنه مؤخرا من اعتزام بعض النساء على إلقاء خطبة الجمعة وإمامة صلاتها بأحد مساجد نيويورك0والمجمع إذ يستنكر هذا الموقف البدعي الضال ويستبشعه فإنه يقرر للأمة الحقائق التالية:

أولا: أن الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الكتاب والسنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي) وأن الإجماع على فهم نص من النصوص حجة دامغة تقطع الشغب في دلالته، فقد عصم الله مجموع هذه الأمة من أن تجمع على ضلالة، وأن من عدل عن ما أجمع عيه المسلمون عبر القرون كان مفتتحاً لباب ضلالة، متبعا لغير سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً) (النساء: 115). وقال صلى الله عليه وسلم في معرض بيانه للفرقة الناجية في زحام الفرق الهالكة: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي).


ثانيا: لقد انعقد إجماع الأمة في المشارق والمغارب على أنه لا مدخل للنساء في خطبة الجمعة ولا في إمامة صلاتها، وأن من شارك في ذلك فصلاته باطلة إماماً كان أو مأموماً، فلم يسطر في كتاب من كتب المسلمين على مدى هذه القرون المتعاقبة من تاريخ الإسلام فيما نعلم قول فقيه واحد: سني أو شيعي، حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي يجيز للمرأة خطبة الجمعة أو إمامة صلاتها، فهو قول محدث من جميع الوجوه، باطل في جميع المذاهب المتبوعة، السنية والبدعية على حد سواء!


ثالثا: لقد علم بالضرورة من دين الإسلام أن سنة النساء في الصلاة التأخير عن الرجال، فخير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) وما ذلك إلا صيانة لهن من الفتنة وقطعاً لذريعة الافتنان بهن من جميع الوجوه، فكيف يجوز لهن صعود المنابر والتقدم لإمامة الرجال في المحافل العامة؟!


رابعا: لم يثبت أن امرأة واحدة عبر التاريخ الإسلامي قد أقدمت على هذا الفعل أو طالبت به على مدى هذه العصور المتعاقبة من عمر الإسلام، لا في عصر النبوة ولا في عصر الخلفاء الراشدين ولا في عصر التابعين، ولا فيما تلا ذلك من العصور، وإن ذلك ليؤكد تأكيدا قاطعاً على ضلال هذا المسلك وبدعية من دعا إليه أو أعان عليه.

ولو كان شيئا من ذلك جائزاً لكان أولى الناس به أمهات المؤمنين وقد كان منهن الفقيهات النابغات، وعن بعضهن نقل كثير من الدين، وحسبك بالفصيحة البليغة العالمة النابهة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولو كان في ذلك خير لسبقونا إليه وسنوا لنا سنة الإقتداء به.
لقد عرف تاريخ الإسلام فقيهات نابغات ومحدثات ثقات أعلام، وقد أبلى النساء في ذلك بلاء حسناً وعرفن بالصدق والأمانة حتى قال الحافظ الذهبي: (لم يؤثر عن امرأة أنها كذبت في الحديث) ويقول رحمه الله : (وما علمت من النساء من اتهمت ولا من تركوها) (ميزان الاعتدال: 4 / 604) وحتى كان من شيوخ الحافظ ابن عساكر بضع وثمانون من النساء! ومثله الإمام أبو مسلم الفراهيدي المحدث الذي كتب عن سبعين امرأة، ومن النساء في تاريخ هذه الأمة من كن شيوخاً لمثل الشافعي والبخاري وابن خلكان وابن حيان وغيرهم!! ومع ذلك لم يؤثر عن واحدة منهن أنها تطلعت إلى خطبة الجمعة أو تشوفت إلى إمامة الصلاة فيها مع ما تفوقن فيه على كثير من الرجال يومئذ من الفقه في الدين والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم . لقد عرف تاريخ الإسلام المرأة عاملة على جميع الأصعدة، عرفها عالمة وفقيهة، وعرفها مشاركة في العبادات الجماعية، ومشاركة في العمليات الإغاثية، ومشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنه لم يعرفها خطيبة جمعة ولا إمامة جماعة عامة من الرجال.
وبهذا يعلم بالضرورة والبداهة من دين المسلمين أن الذكورة شرط في خطبة الجمعة وإمامة صلوات الجماعة العامة، وأمام من يجادل في ذلك عمر نوح لكي يفتش في كتب التراث ليخرج لنا شيئا من ذلك، وهيهات هيهات! وما ينبغي لهم وما يستطيعون! خامسا: أما تعويل من زعم ذلك على ما روي من أن أم ورقة قد أذن لها النبي صلى الله عليه وسلم في إمامة أهل بيتها فإن هذا الحديث على فرض صحته لا علاقة له بموضوع النازلة، فإنه يتحدث عن إمامة خاصة داخل البيت بالنساء أو بهن وببعض أهل البيت من الرجال على أوسع التفسيرات وأكثرها ترخصا فأين ذلك من خطبة الجمعة والإمامة العامة للصلاة؟

إن المجمع ليحذر الأمة من الافتتان بمثل هذه الدعوات الضالة المارقة من الدين، والمتبعة لغير سبيل المؤمنين، ويدعوهم إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، ويذكرهم بأن هذا العلم دين وأن عليهم أن ينظروا عمن يأخذون دينهم، وأن القابض على دينه في هذه الأزمنة كالقابض على الجمر، ويسأل الله لهذه الأمة السلامة من الفتن والعافية من جميع المحن، وأن يحملها في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل..


الأمين العام

د. صلاح الصاوي

ثالثا: ما جاء على لسان مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حيث قال:قضية في هذه الأيام يروج لها الإعلام الخارجي ربما ننظر إليها على أنها ثانوية وهامشية ولكن إذا سبرنا الوضع وجدنا أنها لإيجاد الفرقة بين أبناء الأمة، وقطع الصلة بين حاضرها وماضيها، وهذه القضية :ما ينشر بأن هناك فكرة هي: إمامة امرأة لرجال ونساء في صلاة الجمعة.

ومن نظر بتدبر وجد أن أمتنا منذ عهد محمد صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر لم يجز للمرأة أن تقف خطيبة في الرجال فهذه القضية ما أُتي بها إلا لإضعاف الحياء في النساء ولم يريدوا خيراً بل سوء وضلال؛لأن هذا الأمر لم يعهد منذ العصور السابقة. وعلى الرغم من أن البعض اعتبرها قضية خاصة إلا أنه يجب الحذر منها، فالمراد بها تحطيم الحواجز وحياء المرأة ويكون أعداء الإسلام معول هدم في الأمة الإسلامية ويأبى الله ذلك.
وبين سماحته أن من دافع عن هذه القضية فهو مخالف لشرع الله، فأعداء الإسلام اتخذوا من المرأة قضية لإفساد الأمة ولكن الأمة بتمسكها بدينها والاستقامة على الحق تقف ضد هذه الدعاوى الباطلة.

رابعا:ما جاء عن شيخ الأزهر حيث أكد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي أن إمامة المرأة للرجال بصفة عامة سواء كانت في صلاة الجمعة أو في الصلوات الخمس المفروضة أو في صلاة النوافل أو في أي صلاة أخرى لا تجوز، وإنما يجوز لها أن تكون إمامة لبنات جنسها من النساء؛ لأن بدن المرأة عورة وعندما تؤم الرجال ففي هذه الحالة لا يليق بهم أن ينظروا إلى المرأة التي يظهر أمامهم بدنها، فإن ظهر لهم في الحياة العامة فإنه لا يصح أن يوجد في العبادات التي لحمتها الخشوع.


خامسا: ما جاء عن مفتي مصر السابق الدكتور نصر فريد واصل حيث أكد على أن قيام المرأة بإمامة الرجال في الصلاة غير صحيح ولا يجوز شرعاً للمرأة إمامة الرجال أو الصبيان وإنما يجوز لها فقط أن تؤم النساء.

وأضاف: من أدى الصلاة خلف هذه المرأة فصلاته باطلة فلو أن إمامة المرأة جائزة للرجال في الصلاة لكان أولى بها أمهات المؤمنين، مشيراً إلى أن ما فعلته الدكتورة أمينة ودود بإمامتها صلاة الجمعة الماضية للرجال والنساء بدعة منكرة لأن حكم إمامة المرأة للرجال شيء معلوم من الدين بالضرورة.

سادسا: ما صدر عن الشيخ محمد نور عبد الله رئيس الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية، وهي أكبر منظمة إسلامية في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك حيث قال تعليقا على هذا الحدث الشاذ والغريب: قطعاً نحن كمسلمين في أمريكا الشمالية وفي العالم ككل نواجه تحدياً كبيراً جداً، تحدياً حضارياً، تحدياً ثقافياً، تحدياً دينياً وهذه التحديات تسير في اتجاه واحد هو خلخلة مبادئ الإسلام والأصول الثابتة للإسلام وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة. والمشيعون للتصدي للإسلام لديهم مواقع على الإنترنت يكشفون فيها نواياهم الحقيقية لتغيير الإسلام أو تعديله كما حصل في الأديان الأخرى، في حين أننا كمسلمين لدينا في ديننا ثوابت متينة مصدرها القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف الصالح، أما ماعدا ذلك فيدخل تحت نطاق الاجتهاد.

ومن خلال اطلاعي على السنة وعلى أقوال الفقهاء لم أجد أنهم أجازوا قيام امرأة بإمامة الناس رجالاً ونساءً في مكان عام.
ثم قال: "لو كان في إمامة المرأة للرجال في الصلاة خير أو رفعة وعزة للمرأة فبدون شك أن أمهات المؤمنين سيكن السباقات إلى ذلك.
إن عائشة - رضي الله عنها - التي هي فقيهة الأمة أمت النساء فقط في صلاة التراويح ووقفت في وسط الصف وكذلك الحال مع أم سلمة - رضي الله عنها- التي أمت النساء فقط.

والأمر الآخر المهم هو أن صلاتنا تعني الخشوع والخضوع لله - سبحانه وتعالى - فكيف يمكن لذلك أن يتم متى كانت امرأة تؤم الرجال، ترجع وتسجد أمامهم؟!! حتى حياء المرأة يمنعها من فعل هذا الشيء، لو سلمنا بأن ذلك جائز، وأنا شخصياً لا يمكنني تخيل أن والدتي أو أختي ستؤم الرجال الأجانب. وحادثة الدكتورة أمينة ودود لا تخرج عن كونها خلخلة لمبادئ الدين الإسلامي لأن من يقومون بهذا العمل - وقد تكون نواياهم سليمة - إلا أنهم - وبدون قصد - يصبحون أدوات في أيدي أعداء الإسلام الساعين إلى إحداث تغيير أو تبديل في الإسلام. ولذلك فنحن نناشد كل من لديهم ضمير وكل من لديهم حياء في دينهم أن يتقوا الله في أنفسهم وفي دينهم وفي آخرتهم فالدين الإسلامي ليس مظاهرة أو مسألة صراع بين الرجل والمرأة، الإسلام كرم المرأة ومنحها حقوقها كاملة وهي حقوق لم تمنح للمرأة من قبل وحتى الآن لم تتمتع المرأة الغربية بالحقوق التي تتمتع بها المرأة المسلمة وختم حديثه بقوله "علينا أن نؤكد على أن أمامة المرأة للرجال والنساء في الصلاة بإجماع الفقهاء تجعل من صلاتهم صلاة باطلة فالتاريخ الإسلامي لا يتضمن سوى حالة واحدة وهي حالة الصحابية الجليلة أم ورقة - رضي الله عنها - التي أمت أهل بيتها ولم تؤم المسلمين، رجالاً ونساءً، في مكان عام سواء في صلاة الجمعة أو غيرها. كانت هذه هي الحالة الوحيدة ولو كانت حالة أو حالات غيرها لكان قد دونها العلماء. ومع - الأسف - أن هذا الذي نواجهه ما هو إلا تحد جديد يواجهه الإسلام والمسلمون ونحن المسلمين في أمريكا أصبحنا في فوهة المدفع لأن أمريكا أصبحت لأعداء الإسلام ساحة اختبار أما الهدف الأساسي لهم فهو تخريب الإسلام في العالم اجمع ومسخ كل القواعد والمسلمات المتعلقة بالإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله".





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-06-2019, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بين المصلحين والمفسدين

بين المصلحين والمفسدين (2)


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل





شؤم المفسدين


الحمد لله العليم الحكيم؛ أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وأقام حجته على خلقه أجمعين، نحمده على هدايته، ونشكره على ولايته {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة:257] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ ابتلى المؤمنين بالكفار، والأخيار بالفجار؛ حكمة منه وامتحانا {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام:53]. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ختم الله تعالى به النبوات فلا نبي بعده، ولا يسع من بلغته دعوته إلا اتباعه {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالله وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد: فاتقوا الله ربكم، وأخلصوا له عملكم، وأقيموا دينكم، فمن وافاه على ذلك سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن فرط في حياته، وضيع دينه فلا يلومنَّ إلا نفسه {وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} [الأعراف:8-9].



أيها الناس: من حكمة الله تعالى في عباده، ومن عظيم ابتلائه لهم أن جعلهم طائفتين مختلفتين، وقسمهم إلى فريقين متحاربين؛ ففريق اختار طريق الأنبياء عليهم السلام في السعي بالصلاح والإصلاح، وفريق سار سيرة الطغاة المستكبرين فسعى بالفساد والإفساد.



والناس يختلفون في تحديد الصلاح من الفساد، والإصلاح من الإفساد بحسب أديانهم وأفكارهم ومذاهبهم، وإلا فإن الصلاح والإصلاح يدعيه كل أحد، والفساد والإفساد يتبرأ منه كل الناس، والمفسدون في الأرض لا يرون أنفسهم إلا أنهم مصلحون، وملاحدة البشر يرون أن الدين هو المفسد للناس؛ ولذا يحاربونه لتحرير البشرية منه كما يزعمون، وقديما قال فرعون الطاغية وهو رأس في الفساد والإفساد {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الفَسَادَ} [غافر:26].



وإذا كان الاختلاف بين البشر في تحديد الصلاح من الفساد، والمصلح من المفسد قد بلغ هذا الحد؛ فإن الميزان في ذلك شريعة الله تعالى؛ لأن الله سبحانه خالق الخلق ومدبرهم، وهو الذي أنزل الدين وشرعه لهم، وهو من يحاسبهم به ويجازيهم عليه، فكانت معرفة الصلاح والفساد، وتحديد المصلحين من المفسدين عن طريق وحيه وشريعته، وتلك حقيقة يجب أن لا يختلف فيها مسلمان، وفي القرآن العظيم {وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} [البقرة:220] وفي آية أخرى {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالمُفْسِدِينَ} [آل عمران:63] وفي آية ثالثة {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالمُفْسِدِينَ} [يونس:40].


فكل مؤمن بالله تعالى، مصدق بموعوده، داعية إلى دينه، محارب لما عارضه فهو صالح مصلح وإن رُمي بغير ذلك، وكل معارض لشريعة الله تعالى، ممالئ لمن يحاربها فهو فاسد مفسد ولو زعم خلاف ذلك.


ومن طبيعة المفسدين في الأرض أنهم يتشاءمون بالمصلحين، ويزعمون أنهم سبب بلاء البشر، وانتكاس حالهم، وتردي أوضاعهم، وقد قال ذلك الأقدمون من المفسدين، وتشاءموا من رسلهم عليهم السلام، وادعوا أنهم سبب ما يصيبهم من البلاء؛ فقبيلة ثمود تطيروا بصالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل:47] وأصحاب القرية تطيروا برسل الله تعالى إليهم {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس:18-19] وأخبر الله تعالى عن فرعون وقومه أنهم تطيروا بموسى عليه السلام والمؤمنين معه {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ الله وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:131] والمفسدون من قريش فعلوا ذلك مع النبي عليه الصلاة والسلام، فتطيروا به، وأرجعوا كل مصائبهم إليه وإلى ما يدعو إليه من توحيد الله تعالى، وإخلاص الدين له {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ القَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء:78].



ومن تأمل واقع المفسدين في هذا العصر سواء كانوا ملاحدة أم وثنيين أم أهل الكتاب أم منافقين فسيجد أنهم قد ساروا على ذات الطريق الذي سار عليه إخوانهم المفسدون قبلهم؛ فهم يتطيرون بدين الله تعالى وبشريعته وبحملتها، وبالدعاة إليها، ويُرْجعون كل مصائب الأمة وتأخرَها واختلافها إلى دين الله تعالى والمتمسكين به، ويدعون الناس إلى نبذ أحكام الله تعالى إن أرادوا عزا وتقدما واجتماعا وازدهارا.



والحقيقة المستمدة من الكتاب والسنة: أن سبب بلاء البشر ومصائبهم هم أهل الفساد والإفساد من الكفار والمنافقين، ومن تبعهم في ضلالهم، وسار سيرتهم، وهم سبب رفع الخيرات، وتنزل العقوبات، وهم سبب هلاك من هلك في الأمم الغابرة، وكل بلاء حلَّ في البشر قديما وحديثا فبشؤم كفرهم بالله تعالى، وحربهم على شريعته، وسعيهم لإفساد البشر، والحيلولة بينهم وبين المصلحين بشتى الطرق والوسائل، واقرءوا كتاب الله تعالى تجدوا أن كل المعذبين قبلنا إنما عذبوا بسبب طاعتهم للمفسدين من أقوامهم، وتنكبهم لما دعتهم إليه رسلهم عليهم السلام؛ ففي قصة شعيب عليه السلام {وَقَالَ المَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [الأعراف:90] وقد ذكَّرهم شعيب عليه السلام بسير المعذبين من قبلهم، وحذَّرهم من صدهم الناس عن دين الله تعالى فقال لهم {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ} [الأعراف:86] ولكنهم لم يصغوا إليه عليه السلام، وساروا سيرة المفسدين من قبلهم فعذبوا كما عذبوا. وهكذا كل الأمم التي عذبت إنما عذبت بسبب طاعة المفسدين، فكانوا شؤما وبلاء على أقوامهم {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ المَصِيرُ} [الحج:48] وفي الآية الأخرى {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} [الطَّلاق:8-9] فهذا من أعظم شؤم المفسدين على البشر.



والمفسدون من البشر يسعون جادين في نشر فسادهم، ودعوة الناس إليه، حتى يكثر الخبث فيهم، فيكون ذلك سبب عذابهم، وقد قالت زينب بنت جحش رضي الله عنها: (يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث) متفق عليه.



ولا يكتفون بإتيان الخبيث من القول والفعل، ونشره في الناس، ودعوتهم إليه، بل يجاهرون بمنكرهم، ويعلنون به، حتى ترفع العافية عن الناس، ويستوجبوا العقاب بسببهم؛ كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) رواه البخاري.


والأمة التي يجاهر المفسدون فيها بالمنكرات، ولا ينكر عليهم أحد حَرِيَّة برفع عافيتها، ووجوب عقوبتها.


وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته) رواه الشيخان، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش) رواه الشيخان. والمفسدون في الأرض هم الذين ينشرون الفواحش، ويدعون الناس إليها، ويمهدون سبلها بما يشرعونه من انحراف فكري عقائدي يسمونه الحريات والخصوصيات، وبما يعملون عليه من سبل اختلاط النساء بالرجال.



والمفسدون في الأرض هم سبب سلب الخيرات، وقلة البركة في الأرزاق، وهم سبب الجوع والخوف؛ فإن ذلك إنما يقع بسبب الذنوب والمعاصي، وهم أهلها والداعون إليها، وقد قال الله تعالى مبينا شؤم فرعون وملئه على قومهم {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ العِقَابِ} [آل عمران:11].



وقوم سبأ لم يتبدل نعيمهم وهناؤهم إلى جوع وخوف وعذاب إلا بشؤم المفسدين منهم {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الكَفُورَ} [سبأ:15-17].



وأهل مكة كانوا في رغد من العيش، وأمن من الخوف، فلما استكبر المفسدون من قريش عن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام أصيبت مكة بالجوع والخوف، وهي المعنية بقول الله تعالى {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112].



ومن نظر في أحوال العالم المعاصر فسيجد أن كل بلاء الناس، وجوعَهم وخوفَهم، واضطرابَ أحوالهم إنما كان بسبب إفساد المفسدين، الذين يريدون تعبيد الناس لأهوائهم من دون الله تعالى، فمَنْ سعر الحروب، وأفقر الشعوب إلا المستكبرون في الدول القوية!! ومن حال بين الناس وبين دين الحق إلا هم والمنافقون معهم بتزوير الحقائق، والتدليس على الناس!! ولا يزال المفسدون من الكفار والمنافقين جادين في إخراج الناس من دينهم، وصدهم عن الحق إلى باطلهم، ويملكون أقوى وسائل الدعاية في ذلك، رد الله تعالى كيدهم عليهم، وحفظ المسلمين من شرهم ومكرهم إنه سميع مجيب.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران:149-150].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم....




الخطبة الثانية


الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19].



أيها المؤمنون: قد أفاض القرآن الكريم في وصف المفسدين من البشر، وبيَّن أسباب ضلالهم، ورداءة أحوالهم، وحذر من أفعالهم، ولم يُسَوِّ الله تعالى بينهم وبين المصلحين، بل ذكر سبحانه أن المؤمنين القائمين بأمر الله تعالى هم خير خلقه عز وجل، كما بيَّن عز وجل أن الكفار والمنافقين هم شر خلقه سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ} [البيِّنة:6-7].



وأعظم شؤم جرَّه المفسدون من الكفار والمنافقين على البشرية أن أتباعهم المخدوعين بهم، السائرين خلفهم، يعذبون معهم يوم القيامة بسبب طاعتهم لهم، وقد كانوا في الدنيا يعدونهم بالنجاة من العذاب، وبأنهم إنما يهدونهم سبل الرشاد، فإذا وقفوا بين يدي الله تعالى تبين للأتباع أن هؤلاء المفسدين قد غشُّوهم وكذبوا عليهم، وأوردوهم دار السعير، ثم تبرءوا منهم، كما يتبرأ المجرم من شركائه في الجريمة {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة:166-167].



وفي مشهد آخر يحكي الله تعالى عنهم فيقول سبحانه {وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:21].



وفي مشهد ثالث يقول الله تعالى واصفا جدالهم {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ:31-33].



وفي مشهد رابع يقول سبحانه عنهم {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبَادِ} [غافر:47-48].



إنها آيات عظيمة فيها الحجة والبرهان على أن المفسدين في الأرض، يتعدى وبالهم أنفسَهم ليصيب أتباعَهم، فهل هناك شؤم أعظم من هذا؟! حين يوردونهم العذاب ثم يتخلون عنهم، ويتبرءون منهم.



إن عذاب الدنيا لا يقع إلا بالمعاصي، والمفسدون في الأرض هم أهل المعاصي، وهم الذين يدعون الناس إليها.



وإن النجاة من عذاب الدنيا لا تكون إلا بطاعة الله تعالى، والاستقامة على دينه، والمفسدون في الأرض يصدون عن دين الله تعالى، ويحاربون الدعاة إليه.



وإن عذاب الآخرة لا يصيب العباد إلا بكفرهم ومعصيتهم، والمفسدون في الأرض هم من يزينون المعاصي للناس، ويدلونهم عليها، ويفتحون لهم أبوابها، ويمهدون سبلها.



وإن النجاة من عذاب الآخرة لا تكون إلا بطاعة الله تعالى بعد رحمته سبحانه، والمفسدون في الأرض يريدون من الناس أن يطيعوهم ولا يطيعوا ربهم، فهم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها، فاحذروهم، واحذروا مسالكهم وحبائلهم، وحذِّروا الناس منهم؛ فإنهم إذا رأوا العذاب تبرءوا من أتباعهم.



وصلوا وسلموا على نبيكم....



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 126.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.48 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]