سلسلة :: من مقامات النبوة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826469 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374372 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 285 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 362 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 483 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 381 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 378 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 384 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 30-01-2021, 09:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة

سلسلة :: من مقامات النبوة (11) رحْمَةً للعَالميْن


الكاتب : نايف بن محمد اليحيى

رحْمَةً للعَالميْن




لقد امتزَجت الرحمَة، وخالط الكرم، وضَوَّعت المحبة خَلايا دمه، ومنَاسم عُروقه، _عليه الصلاة والسلام_ فلم يعُد يبالي وينظر أوقَف من أجل مشكِلة ناقة وجمل، أم من أجل جَارية ضاقت بها الحيَل، وانقطعَت عليها السُّبل، أم لأجل صَبي أحب أن ينفُث مشَاعره، ويبُث هموم صبَاه، أم لأعرابي خلِق الثوب، متطَاير الشَّعر، جاف الطبَاع، كل ذلك في ميزانه سوَاء؛ وأن يقف لأجل قبيْلة بكاملها، أو سادَات قوم، أو فرسَان بواسِل، أو خطَباء مفَوهين، فلم يكن شرَف النبوة، وكَرَم الرسَالة، ورفعَة الجَاه، وعزُّ الجنَاب، يحول بينه وبين أن يمشي في حاجَة الصغِير قبل الكبير، والجَارية قبل السَّيد، والحيوان والبهيمَة والطيْر، ففي أحَد أسفاره ومعه أصحابُه – رضوان الله عليهم – ذهَب – عليه الصلاة والسلام – لحاجَة له، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «من فجَع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها» ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: «من حَرق هذه؟» قلنا: نحن، قال: «إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا ربُّ النار»[1].

جَاءت إليه حَمَـامةٌ مشـتَاقة

تشْكو إليه بقَلب صَبٍ واجِفِ

من أخْبَر الوَرْقاء أن مكَانه

حَرَم وأنَّك ملجَأٌ للخَائفِ

ودخَل ذاتَ مرةٍ في نفَر من أصحَابه بستَاناً لرجل من الأنصَار، فإذا فيه جمَل: فما إن رأى رسُول الله حتى حَن الجمَل وذرَفَت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسَح ذفْرَاه فسَكن، ثم قال: "مَن ربُّ هذا الجمَل؟ " فقال فتى من الأنصَار هو لي يا رسول الله، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ألا تَتقي الله في هذه البَهيمة التي مَلكك الله إياها، فإنه شكَا إلي أنك تجيعُه وتدئِبُه !![2].

حنَّت له النُّوق من وَاد العقِيق بكَت

تجْـري بأحمَالهـا شَوقاً للقيَـاه

وفي حَجة الودَاع لما أرَاد – عليه الصلاة والسلام – أن ينْحَر الإبل للهَدْي كانت الإبل والنُّوق تتسَابق، وتتصَارع، أيهَا تتشرف وتحظى بنَحر رسول الله لها بيَده الشَّريفة[3]، فإذا كانت هذه نوق وجمَال تَدافعت وبادَرَت لتحْظى بشرف النحْر باليَد فقط، فأين رجَال الإسْلام، وفتيَان الإيمان، وأحفَاد الكرَام، من بذل الغَالي والنفِيس، وإزهَاق الأرواح والمهَج، وتسْخير الأوقات والأموَال، طاعة لله واتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم!! وأين من ادعَوا أنهم فدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بآبائهم وأمهَاتهم وأنفسهم، فلم تُتَرجم ذلك أعمَالهم، ولم تقم شاهِدة على ذلك أفعَالهم، "فإن محَبة رسول الله ليسَت دعوى باللسَان، ولا هُيَاماً بالوجدَان، ولا عبَارات ترَدد، ولا كلمَات تقال، ولا شعَارات ترفَع، ولا مشَاعر تجيْش، ولا شعَائر تقَام فحسب"[4]، وإنما هو مع ذلك انقيَاد لله وللرسول، واتباع للمنهج الذي يحمِله الرسول. ولما كان عليه الصلاة والسلام يخطُب على جذْع شجَرة فصنع له منبَر ليخطُب عليه، فلما صَعد على المنبر بكَى ذلك الجذع الذي كان يقُوم بجَانبه، حزْنا على فراق ذاكَ الجسَد الطَّاهر،، واللسَان الصَادق، واليَد الشَّريفَة، وحزن كذلك على موَائد الوَحي، ورياض الجنَّة، وبسَاتين الإيمان التي كانت تقَام بجَانبه، فنزَل الشفيق الرحيْم إلى ذلك الجِذع فاحتضَنه فجعَل يئن ويخفت صَوته كالصبي الذي يُسكَّت، حتى هدَأ وسَكن، فقال عند ذلك نبي الرحمَة: "والله لو تركتُه لحَن إلى يوم القيَامَة![5]. وكان الحسَن البصْري إذا حَدث بهذا الحديث بكَى وقال: يا أهل الإيمان جذع يحِن إلى رسول الله، أفلا تحِن إليه قلوبُكم!!.

وكان يخفف الصلاة التي هي قرة عينه وأنس روحه من أجل بكاء صبي؛ لئلا ينشغل قلب أمه عليه.

وجاءه أحد أصحابه يسأل عن شفقة ورحمة يجدها في قلبه للبهيمة عند ذبحها فكان من سؤاله: يا رسول الله إني لأذبح الشاة، وأنا أرحمها - أو قال: إني لأرحم الشاة أن أذبحها - فقال: "والشاة إن رحمتها رحمك الله" [6].

وخرج صلى الله عليه وسلم في حاجة فمر ببعير مناخ على باب المسجد من أول النهار، ثم مر به آخر النهار وهو على حاله، فقال: أين صاحب هذا البعير؟! فابتغي فلم يوجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في هذه البهائم، ثم اركبوها صحاحا، واركبوها سمانا" كالمتسخط آنفا[7].

ومر على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: "أفلا قبل هذا! أتريد أن تميتها موتتين؟![8].

فإذا كانت هذه رحمته ووصيته بالحيوانات والبهائم التي لا تعقل، فكيف سيكون حاله مع من كرمه الله بالعقل من البشر؟! ولهذا اكتفيت بذلك عن ذكر حاله مع الناس ورأفته بهم.

كل القـُـلوب إلى الحبيب تميل

ومعي بذلك شَاهد ودلــيل

أما الدلــيل إذا ذكَرت محمداً

ارت دمُوع العاشِقين تسِيل

هذا رسـُـول الله هذا المصطَفى

هذا لرَب العَـالمين خليْل

هذا الذي رد العُــيون بكفه

ابدت فوق الخدُود تسِـيل

هذا الغمـَامة ظللته إذا مشَى


كانت تقيل إذا الحبـيْب يقيل


صلّى عليك الله يا عَـلم الهدى


ما حَن مشتَاق وسـَار دليـْــل










[1] أخرجه أبو داود (4 / 367)، وصححه ابن الملقن، وقال ابن مفلح: إسناده جيد. البدر المنير (8 / 689)، الآداب الشرعية (3 / 357).

[2]أخرجه أبو داود (2549)، وأحمد (1754)،وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.

المستدرك على الصحيحين (2 / 109).


[3] الخبر عند الإمام أحمد (190986) وصححه شعيب الأرنؤوط.

[4] ينظر: في ظلال القرآن (1 / 387).

[5] أخرجه البخاري (875).

[6]أخرجه أحمد (24 / 359)، وصححه الحاكم وابن القيم. المستدرك (4 / 257)، جلاء الأفهام (1 / 167).

[7] أخرجه أحمد (4 / 180 - 181)، وابن حبان (844) وقال الألباني: سنده صحيح على شرط البخاري. سلسلة الأحاديث الصحيحة (1 / 63).

[8]رواه الطبراني في المعجم الأوسط (4 / 54)، والحاكم (4 / 257)، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي والألباني. سلسلة الأحاديث الصحيحة (1 / 64).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 30-01-2021, 09:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة

سلسلة :: من مقامات النبوة (12) دَلائِـــل النُّبَوَّة


الكاتب : نايف بن محمد اليحيى




دَلائِـــل النُّبَوَّة




في كلام الله وإعجازه غُنية عن كل آيَة وكرامة، ومع ذلك فقَد أيد الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمعجزات وآيات بهَرت كل من رآهَا، ثبتت بها الأخبَار، ونقلها الصحابَة الأخيار رضي الله عنهم، ومما ورد مما صح به النقل حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفْيَح، فذهب رسول الله يقْضي حاجَته، فلم يَر شَيئاً يستَتر به، وإذا بشَجَرتين في شَاطئ الوَادي، فانطَلقَ إلى إحدَاهما فأخَذ بغصن من أغصَانها، فقال: "انقَادي علي بإذْن الله" فانقَادَت معه كالبَعير المخْشُوش – سريْع الانقيَاد – الذي يصانع قائدَه، حتى أتى الشجَرة الأخْرى فأخذَ بغصْن من أغصَانها، فقال: "انقَادي علي بإذن الله" فانقَادت معه كذَلك، حتى إذا كان بالنصْف مما بينهمَا قال: "التَئما علي بإذن الله"، فالتَأمتَا، فجلسْت أحدث نفسِي، فحَانت مني التفَاتة، فإذا برسول الله مقبِلاً، وإذا بالشجَرتين قد افتَرقتَا كل واحدة منهما على سَاق!! [1].

ومن المعجزَات التي أيده الله بها، أن المشْركين سأَلوه أن يريهم آية، فأراهم القَمَر، فانشَق حتى صار فرقَتيَن نصفَه على جبَل أبي قُيس ونصفَه الآخر على الجبَل الذي أمَامه [2]، وهو المرَاد بقوله سبحانه "اقترَبَت السَّاعة وانشَق القمر" ونبَع الماء من بين أصَابعه غير مَرة، وسَبح الحصَى في كَفه، ثم وضعَه في كَف أبي بكر، ثم عمَر، ثم عثمَان فسبَح، وكانوا يسمَعون تسبيْح الطعَام عنده وهو يؤكَل، وسلم عليه الحجر والشجَر ليالي بعِث، وكلمَته الذراع المسمُومة، وأصيبَت رجْل عبد الله بن عتِيك الأنصَاري، فمسَحهَا فبرأَت من حينهَا، وأخبر أنه يقتُل أبي بن خَلف في أحُد، فخدشه خدشَاً يسيراً فمَات، وأخبر يوم بَدر بمصَارع المشرِكين فقال: "هذا مصْرع فلان غداً إن شَاء الله، وهذا مصْرع فلان" فلم يعْد واحد منهم مصْرعه الذي سمَّاه، وأخبر أن طوَائف من أمته يغزُون البحْر، وأن أم حَرَام بنت مِلحَان منهم، فكَان كما قال. وقال لعثمَان: "إنه سيُصيبُه بلوَى" فقتِل. وأخبر بمَقتل الأسْود العنسي الكَذاب ليلة قُتل وبمن قتله وهو بصنعَاء اليمَن، وبمثل ذلك في قتل كسْرى، ودعا لأنَس بن مالك بطول العمُر وكثرة المَال والولَد، وأن يبارك الله له فيه، فولد له مائة وعشرون ذَكراً لصُلبه، وعَاش مائة وعشْرين سنة. وكان عُتبة بن أبي لهَب قد شق قميصَه وآذاه، فدَعَا عليه أن يسَلط الله عليه كلبَاً من كلابه، فقتَله الأسَد بالزرْقاء من أرض الشَّام، وشكي إليه قحُوط المطَر وهو على المنبَر، فدعا الله عز وجل، وما في السَّمَاء قزَعَة فثَار سحاب أمثَال الجبَال، فمُطروا إلى الجمعَة الأخْرى، حتى شكي إليه كثرة المطَر، فجعل لا يشِير للسحَاب إلى ناحية إلا ذهَب إليها، وأطعم الله أهل الخندق – وهم ألف – من صَاع شعير وبهيمَة، فشبعوا وانصرفوا والطعَام أكثر مما كان، وكان نائمَاً في سَفَر، فجَاءت شجَرة تشُق الأرض حتى قامَت فلما استيقَظ ذكرت له فقَال: "هي شَجرَة استأذنَت ربها أن تسَلم على رسول الله فأذن لها" ومسَح ضرْع شاة حَائل لم ينزُ عليها الفحل، فحَفل الضَّرع فشرب وسقَا أبا بكر، وبدَرت عَين قتَادة بن النعمَان حتى صارت في يده فرَدها، فكانَت أحسَن عينيه وأحَدهما، وتفَل في عيني علي بن أبي طالب وهو أرمَد فبرأ من سَاعَته، وأطعَم في منزل أبي طلحَة ثمانين رجُلا من أقرَاص شعير جعَلها أنس في إبطه، حتى شَبعوا كلهم، ثم رَد ما بقي فيه.

ورمى الجَيش يوم حنين بقبضَة من تراب، فهزمَهم الله –عز وجل– وقال بعضُهم: لم يبق منا أحَد إلا امتَلأت عينَاه ترابا وفيه أنزَل الله: }فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ وكان هنَاك رجل أعرابي في البَادية عند غنَمه فهجَم ذات يوم الذئْب على الغَنَم فأخذ شَاةً، فلحقه الراعي فأخذها منه، فأقعَى الذئب على ذنَبه وقال: أتحرمُني رزقاً ساقه الله إلي!! فقال الرَّاعي: واعجَباً ما رأيت كاليوم ذِئب يتكَلم بكَلام الإنْس!! فقال الذئب: ألا أدلك على أعجَب من ذلك؟ فقال الراعي: بلى، فقال: رجُل بيثْرب يخبر الناس خَبر الأمَم السابقَة، فأتى الراعي فدخَل المسْجد فأسلم ونطَق بالشهادتين، وحَدثه بقصة الذئب، فأمرَه النبي عليه الصلاة والسلام أن يقُوم على المنبَر فيحَدث بها الصحَابة، فقَام وأخبرهم به [3]، وله صلى الله عليه وسَلم معجِزات باهِرَة، ودَلالات ظَاهِرة، وأخْلاق طَاهِرة، أكثر وأعظم مما ذكرت، اقتصَرت على ذكر بعْض منها، وقديما قيل: حسْبك من القِلادة ما أحَاط بالعُنُق.








[1] أخرجه مسلم (3012).

[2] أخرج البخاري بعضه (6 / 142)، وأحمد (27 / 314).

[3] الأحاديث السابقة مما حسن إسناده أهل العلم أو صححوه، ولم أخرجها لئلا تكثر الحواشي، ينظر: "دلائل النبوة" و "صحيح السيرة النبوية" و "أعلام النبوة".






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 30-01-2021, 09:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة

سلسلة :: من مقامات النبوة (13) أخْرَجَني الجُوْع


الكاتب : نايف بن محمد اليحيى





أخْرَجَني الجُوْع


في يوم قَائظ شديْد الوَهَج والحرَارة، أشعَلت فيه حَرَارة الشَّمس جنبَات المدينة وأرضَها، وبعْد الزوال حين قَام قَائم الظَّهيرة، إذا برسول الله يخْرج في هذه الأثناء على غَير عادته، فبينما هو يمشي إذا بصِديق هذه الأمة أبو بكر ومعه عمر رضي الله عنهما قد لقيَاه في بعض الطُّرق، فتعَجب كل منهم من صَاحبه وخُروجه في هذا الوقت، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قالا: الجوع يا رسول الله،، قال: «وأنا، والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا» ، فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة، قالت: مرحبا وأهلا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين فلان؟» قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق، فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك، والحلوب» ، فذبح لهم، فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، وعمر: «والذي نفسي بيده، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم» [1].

فتَأمل مَنْ هَؤلاء الجَوعى الذين أخرجهم الجُوع فلم يجدوا طعَاماً يأكلونه، ولا شَيئا يسُد مخمصَتهم!! إنهم من لَو وزن إيمان كل واحدٍ منهم من غير صاحبيه لوزَن كل إيمان هذه الأمة بعلمَائها وعُبَّادها وشهَدائها وصَالحيهَا!!.

مَضَت حياته صلى الله عليه وسلم بسيطَة تضرِب أروع الأمثلَة في الزهْد وشَظَف العَيش، وخُلو اليَد من حطَام الدنيا، يأكل يوماً ويجُوع أياماً، وهو سَيد الخَلق الذي كانت تجبى له الأموال فلا يبقي منها شيئاً في يده.


وَراودَته الجبَال الشُّم من ذَهَبٍ

عن نفسِه فأرَاهَا أيمَا شَمَمِ

وأَكدَ الزهْد فيهَا من ضَرورَته

إن الضَّرورَة لا تعْدو على العِصَمِ

دخَل عليه ذاتَ يوم عمَر بن الخطَّاب في غُرفة له، فوجَدَه مضطَجعاً على حصير بالٍ أكل الفَقر أطرَافه، قد أثر في جَنبه، وتحْت رأسه وسَادة محشُوة ليفَاً، وفي ناحية الغُرفة قبضَة من شعير نحو الصَّاع، فانخرَطت دموع ابن الخطاب وغَلبه البُكاء لرِقة حاله صلى الله عليه وسلم، فقَال – عليه الصَّلاة والسَّلام – وهو ينظُر إلى دمُوع عمر: " ما الذي يُبكيْك يا ابن الخَطَّاب؟ " فقال عمر: يا نبي الله وما لي لا أبكي، وهَذا الحصِير قَد أثر في جَنبك، وهذه خزَانتك لا أرى فيها إلا ما أرَى، وكسْرى وقَيصَر على سرُر الذهَب وفُرش الديبَاج والحَرير، وفي الثمَار والأنهَار وأنت نبي الله وصَفوته!! فقال صلى الله عليه وسلم: " أولَئك قوم عُجلَت لهم طَيباتهم، أما تَرضى أن تَكون لهَم الدُّنيا ولنا الآخرَة؟!" فقال: بلَى ولكن لو اتخَذت فراشَاً ألين من هذا؟ فقال: " مَالي وللدُّنيا ما مثَلي ومثَل الدنيَا إلا كَرَاكِب سَار في يوم صَائفٍ، فاستَظَل تحْت شجَرَة سَاعة ثم رَاح وتَركَها " [2].

وهذه عائشَة أم المؤمنيْن – رضي الله عنها – دعَاها عُروة ابن الزبَير ابن أختها للغَداء فلمَّا قدم ونظَرت إليه، التَفتت ناحيَة الجدَار وأجهَشَت بالبكَاء، فقال لها عُروة: ما بك يا أماه فقَد كَدَّرت علينا الطعَام، فقالت: يا ابن أخْتي إن كنا لنَنْظر إلى الهِلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثَة أهِلة، وما أوقدَت في أبيَات رسول الله نار، وما شَبع ثلاثَة أيام من طعَام بُر حتى فارَق الدُّنيا، فقال عروة : فما كان عَيشُكم؟ قالت: الأسْودَان التمر والماء [3].

يقول عُقبة بن الحَارث: صلى بنا رسُول الله صلى الله عليه وسلم العَصر فأسرَع وأقبَل يشق الناس من سُرعته، ودخل إلى بيَته، ثم لم يكن بأوشَك من أن خرَج فقال:"ذكرت شيئا من تبر كان عندي فخشيت أن يحبسني فقسمته"[4] ، هذا الذي قسَم التبْر بين الناس هو الذي تقُول عائشَة عن حال أهْله: ما شَبع آل محمَّد من خُبز البُر ثلاثا حتى مضَى لسَبيله، وما أكَل آل محمدٍ أكلتَين في يومٍ واحدٍ إلا إحدَاهما تمَر، ويقول أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقَد أخفْت في الله ما لم يخَف أحد، وأوذيْت في الله ما لم يؤْذ أحَد، ولقد أَتى علي ثلاثون ما بين يومٍ وليلَة، ومالي ولبِلال من الطعَام إلا شيءٌ يوارِيه إبِطُ بِلال "[5].

كان سَيد العَرب، ومالك الجَزيرَة يملؤ بالأموَال صَحْن المسجِد، فيقسمها على الناس إلى آخرِ درهَم، فإذا دَخَل إلى بيته نام على جِلْد محشوٍ بليْف كما تقول عائشَة، كان فراشه من أدمٍ حشْوه ليْف.

يقول السِّير وليم مُوير : كانَت السهُولة صُورته من حَياته كلهَا، وكان الذَّوق والأدَب من أظهَر صفَاته في معَامَلته لأقل تابعيْه، فالتواضُع والشفَقَة، والصبْر والإيثَار، والجود، صفَات ملازمَة لشَخصه، وجَالبة لمحَبة جميع من حَوله، فلم يعرَف عنه أنه رفَض دعوَة أقَل الناس شَأناً، ولا هديةً مهمَا صغُرت، وما كان يتعَالى ويبرز في مجلسِه، ولا شَعر أحَد عنده أنه لا يختصه بإقبَاله وإن كان حَقيراً.

ولسنَا في سيرة رسول الله بحَاجة إلى أحَد فقد اختَصه الله من بين الرسُل بوضوح حيَاته وجَلائها من جميْع النواحي، وإنما ذلك لبيَان تلك العظَمة وذلك السمُو الذي بهَر الأعداء قبل الأصدقَاء، حتى أقَرت به أقلامهُم ونطقَت بذلك ألسَنتهم، وذلك يحفِز العَزائم، ويثير الكَوامن، لدرَاسة سيرَته ليكون حَياً في قلوبنا كما كان حياً بين أصحَابه، وليعيْش المؤمن في كل حَركة ونبضَة وفكْرة من حيَاته وفق ما عاشَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، متبعاً مقتفياً آثاره وسنتَه، كما قال أبو علي الرَّوذَباري: رَوائح نسِيم محَبة الرسُول تفُوح من المحبين وإن كتمُوها، وتغْلب عليهم دلائلهَا وإن أخفَوها، وتدل عليهم وإن سَتروهَا [6].

فإن فضْل رسول الله ليس له

حدٌّ فيعـرب عنه ناطـقٌ بفَـم

كالشمس تظهر للعينين من بعدٍ

صغـيرةً وتكل الطرف من أمـم

وكيف يدرك في الدنيا حقيقَته


قومٌ نيامٌ تســلوا عنه بالحلـمِ


أكـرم بخَلق نبيّ زانـه خُلقٌ


بالحســن مشتمل بالبشر متَّسم


كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ


والبحر في كـرمٍ والدهـر في همَم





[1] أخرجه مسلم (3 / 1609).

[2] أخرجه أحمد (2744)، قال ابن كثير: إسناده جيد. البداية والنهاية (5/248).


[3] أخرجه البخاري (6094) مسلم (2972).

[4] أخرجه البخاري (1163).

[5] أخرجه أحمد (12233) وصححه ابن القيم. عدة الصابرين (ص299).

[6] طبقات الأولياء (1 / 58).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11-02-2021, 12:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة



سلسلة :: من مقامات النبوة (14) مقام التعبد



الكاتب : نايف بن محمد اليحيى

مقـــَــام التعَـــبُّد




حينما تعيْش مع سِيرَة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتنَقل بين رياضهَا وحُقولهَا، وترى جهَاده وبذلَه وتضحيتَه، ثم تقَلب صفحَات دعوَته وهمِّه وتعليْمه، ثم تتَمَعن في قيامه بأموْر الناس وقضَاء حاجَاتهم وحَل مشَاكلهم، ثم تنظر في مقَامه مع أهله وقضَاء حَاجَاتهم والقيَام بخدمَتهم، وكل واحدٍ منها لَو أنيطَت على شُم الجبَال، وكَرام الرجَال لما أطَاقوا حملَها، فتَظن عند ذلك أنه قد مَضى وقتُه للناس فلم يبق منْه شَيء، وتنسَى عندها أبرَز صفَة كانت تعيش بين جنبَيه من النسُك والتعَبد والافتقَار والإلحَاح والتضَرع إلى ربه، فقَد كان يَجد في العبَادة قُرة عينه، وطمَأنينة نفسِه، "وإنك لتَقف مشدُوهاً أمام ذلك الجَمع العجيْب بين النسُك الذي بلَغ أرقَى مَراتب التعَبد، وبين القيَام على أمُور الدنيَا التي كان يعيْش فيها بكَده، ويعُول كثيراً من الأهْل والفقَراء، وينَاضل أمة بكَاملهَا، ويسُوس دولةً فتيةً في وجه العَالم، يوفِد إلى المُلوك ويدعوهم، ويستَقبل الوفُود ويكرِمهم، ويبعَث السرايا ويقُودها، ويجَادل من حَوله من أهْل الأديَان وأهل السلطَان، ويهيء للنصْر، ويحتَاط للهَزيمة، ويبعَث العمَّال، ويجبي الأموَال، ويقسمها بنَفسه ويشرع للناس دين الله فيفصِّل المجمَل من الوَحي، ويوضح الغَامضَ، ويرسُم السنَن، وهو في كل ذلك يؤدي عَمَله اليَومي، وبين هذه الهمُوم والمشَاغل يتجَلى محمدٌ الناسِك العَابد الذي هو أعظَم انقطَاعاً إلى الله واتصَالاً به ممن انقطعوا إليه في رؤوس الجبَال"، كانَت الصلاة أنسَه وميدَانه، وروحَه وريحَانته، ونزهَتَه وبستَانه،ونعيمَه وعُنوانَه، فكان إذا حَزبه أمرٌ صَلى، وكان يقُول: "جُعلت قُرة عَيني في الصَّلاة"، ويقول لبلال: "أقِم الصَّلاة أرحْنَا بها ".


دخَل عَطَاء وابن عمَر على عَائشَة رضي الله عنها فقال ابن عمَر: حدثينَا بأعجَب شيء رأيتِه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبَكَت وقالت: كُل أمره كان عجبَاً دخل علي ليْلةً من الليَالي فقال: "يا عائشَة ذريني أتعَبد لرَبي" فقلت: والله إني لأحِب قُربَك، وأحب أن تعَبد لرَبك، فقَام إلى القِربة فتَوضأ ولم يكْثر صَب الماء، ثم قام يصَلي، فبكى حتى بل لحيتَه، ثم سجَد فبكى حَتى بلَّ الأرض، ثم اضطَجع على جنبِه فبكَى، حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصَلاة الصبْح، قال: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبَك ما تقدم وما تأخَّر فقال:"ويحَك يا بلال وما يمنَعني أن أبكي وقد أُنزل علي الليْلة{ إِنَّ فِيخَلْقِالسَّمَاوَاتِوَالأَرْضِوَاخْتِلاَفِاللَّيْلِوَالنَّهَارِلآيَاتٍلِّأُوْلِي الألْبَابِ }الآيات، ثم قال: "وَيل لمن قَرأَها ولم يَتفَكر فيهَا"[1].

صَلى مَرةً في قيام الليل فافتَتَح البقَرة يقول حُذَيفة: فقُلت يركَع عند المائة فمَضَى، فقلت: يصَلي بها في ركعَة فمَضَى، فافتتَح النسَاء فقلت: يركَع بها فافتتَح آل عمران حتى ختَمَها، يقرأ متَرسِّلاً إذا مَر بآية سُؤال سَأل، وإذا مَر بآية تعَوذ تعَوذ، ثم رَكَع فكَان ركوعُه نحواً من قيَامه، ثم سَجَد فكان سجُوده نحواً من ركوعِه[2].

وهذا ابن مَسعود يقول: صَليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ حتى همَمت بأمر سُوء! فقالوا له: وبماذا همَمت؟ فقال: هممت أن أقعُد وأدَعَه[3].

نَفْس المحِب إلى الحَبيْب تطَلع

وفُؤَاده من حُبه يتقَطَّعُ

عزُّ الحَبيب إذا خَلا في ليلِه

بحَبيبه يَشْكو إليْه ويضرَعُ

وَيقُوم في المحْرَاب يشْكُو بثَّه

والقَلْب منْه إلى المحَبَّة يَنزعُ

ولقَد سرَت نسَمَات الإيمَان في كل ذَرةٍ من جسَده – عليه الصَّلاة والسَّلام – فعَلق قلبَه بالله في كل شيء، فَهو يذكُره على كل أحيَانه، واثقٌ بوَعده، مرَاقبٌ له، مُطيعٌ، خَائف، مُحب، خَاشِع آناءَ الليل وأطرَاف النهَار، معَظم لحُرماته، فإذا جاءه أمْر يحبُّه قال:"الحَمد لله الذي بنعْمته تَتم الصَّالحَات"[4]، وإذا أرَاد الأكل والشُّرب قال: "بسْم الله"[5]، وإذا فرَغ منه قال"الحَمد لله كَثيرا طيباً مباركاً فيه غيرَ مكفيٍ ولا مُودع،ولا مسْتغنى عنْه ربنَا"[6]، وإذا أوَى إلى فرَاشه قال: "اللهم أسلَمْت نفسي إليك ووجَّهت وجهِي إليْك، وفوَّضت أمري إليْك، وألجَأت ظَهري إليك، رَغبةً ورهبةً إليْك، لا ملجَأ ولا منجَى منك إلا إليْك، آمنت بكتَابك الذي أنزَلت، ونبيك الذي أرسَلت"[7] ، وإذا استيقَظ قال:"الحَمد لله الذي أحيَانا بعدَما أماتَنَا وإليه النشُور"[8]، وإذا لبسَ ثوباً جديداً قال: "الحَمد لله الذي كسَاني هذا الثَّوب ورزقَنيه من غَير حَولٍ مني ولا قُوة"[9]، "وإذَا عطَس قال: "الحَمد لله"[10]، وكان إذا استوَى على بَعيره خَارجاً إلى سفَر كبر ثلاثاً ثم قال: "سبحَان الذي سخَّر لنَا هذا وما كنا له مقْرِنين...."[11]، وإذا رَأى مبتَلى قال: "الحَمد لله الذي عَافَاني مما ابتَلاك به، وفضلَني على كَثير ممن خَلَق تفضيْلا"[12]، وكان إذا عَلا ثنيةً كبَّر الله، وإذا هبَط سبَّح. وإذا نزَل منزلاً قال: "أعُوذ بكلمَات الله التامَّات من شر ما خَلق"[13] ، وإذا سمع المؤذن قال مثْل ما يقُول فإذا فرَغ قال: "أشهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شَريك له، وأن محمداً عبْده ورسُوله، رضِيت بالله رباً، وبمحمدٍ رسولاً، وبالإسلام ديناً"[14] ، وإذا حَزبَه أمرٌ صلى[15]، وإذا قَام من الليْل قرَأ الإحدَى عشْرة آية الأخِيرة من سُورة آل عمرَان "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب"[16]، وإذا أصبَح قال: "اللهم بك أصبَحنَا وبك أمسَينا، وبك نحيَا وبك نمُوت، وإليك النشُور "وإذا أمسَى قالهَا كذلك: "اللهم بك أمسَينا..."[17]، وإذا كَرَبه أمرٌ قال: "يا حَي يا قَيوم، برحمَتِك أستَغيْث"[18] ، وإذا رأى ما يكْره قال:"الحَمد لله على كل حَال"[19]، وهكذا كان – عليه الصَّلاة والسَّلام – في جَميع أحوَاله وأوقَاته، يتَنقَّل في ريَاض الذكْر وبسَاتين المعْرِفة، فإذا فرَغ من عبَادة شرَع في ذكْر، فإن فرغَ منه وجَدته في برٍ وصدقةٍ وإحسَانٍ، وهو في سفَره وجهَاده يُعلم ويدعوا إلى الله، فإذا لم يكن في هذه وجَدته مع أصحَابه يمازحُهم ويحُل مشكلاتهم، فإذا قَام منهم دخَل فكان في خدمَة أهله، فلم تَمض لحظَة ووَمضَةٌ من حياته إلا في خَير وطَاعَة وقربةٍ من الله – عز وجَل – ويصف عبدالله بن رواحة ليله فيقول:

يبيْت يُجافي جَنبه عن فرَاشِه

إذا استَثقَلت بالمشْركين المضَاجعُ

لقد ربّى نفسَه على تلك الحَال فَتربى عليها أصحابه -رضوان الله عليهم- فهذا فاروق هذه الأُمة عُمر بن الخطَاب يقال له: ألا تَنام؟! بعد أن تولى الخِلافة فيقول: إن أنا نمِت في النًهار ضيّعتُ رعيتي، وإن أنا نمِت في الليل ضيّعتُ نَفسي! فكان إذا جنَّ الليل أصبحَ كالعصفور المُبلل باِلماء.

إذا قُلتَ ليْث فهو أمْضَى عزيمةً

وإن قلتَ غَيثٌ فهو أندَى وأجوَدُ

هُو المقتَفي أمرَ الإلَه وإنَّه

ليَصدُر عن أمرِ الإلَه ويُوردُ

منَاقب تحصَى دونَها عَدد الحَصَى

بهَا يغبَط الحُر الكَريم ويحسَدُ






[1] أخرجه ابن حبان (260)،وقال المنذري: إسناده صحيح أو حسن. الترغيب والترهيب (2/316).

[2] أخرجه مسلم (772).

[3] أخرجه البخاري (1084) مسلم (373).

[4] أخرجه ابن ماجه (3803) وصححه الألباني.

[5] أخرجه البخاري (557).

[6] أخرجه البخاري (5142).

[7] أخرجه البخاري (244) مسلم (2710).

[8] أخرجه مسلم (2711).

[9] أخرجه أبو داود (4023) وحسنه الألباني.

[10] أخرجه البخاري (3115) مسلم (2162).

[11] أخرجه البخاري (1342) مسلم (532).

[12] أخرجه الترمذي (3431) وصححه ابن القيم في الزاد (2/418).

[13] أخرجه مسلم (2708).

[14] أخرجه مسلم (386 ).

[15] أخرجه أبو داود (1319) وحسنه ابن حجر في الفتح (3/205).

[16] أخرجه البخاري (1200) مسلم (620).


[17] أخرجه أبو داود (3868) وصححه ابن القيم في زاد المعاد (2/337).

[18] أخرجه الترمذي (3524)، وصححه المنذري في الترغيب والترهيب (1/313).

[19] أخرجه ابن ماجه (3803)وجود إسناده النووي في الأذكار (ص399).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11-02-2021, 12:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة

سلسلة :: من مقامات النبوة (15) مقام الشفاعة

الكاتب : نايف بن محمد اليحيى






مَقَامُ الشَّفَاعَة




لقَد كانَت جميْع المقَامَات التي مَر ذكرُها، وأجَلت النظَر فيهَا، وتنَقلت في بسَاتينها، تحْكي وتبسُط ما بَوأه الله من منزِلة، وشَرفَه من مكانَة وأعلاه من مرتَبة في الدنيَا، وأما هذا المقَام فيصَور ذلك اليَوم الذي ترسَم فيه لوحَات الشَّرف، وتقَسم فيه تيجَان الوَقَار، وترفَع فيه لأقوَام مرَاسم العِز، ويعْلو أنَاس فيه على منَابر النُّور، وتنثَر فيه الأعطيَات والهبَات والرحمَات والنفَحَات، هذا لمن أحَب الله ورسوله، وأطَاع الله ورسُوله، وأما من أتبَع نفسَه هواهَا وأمضَى حيَاته في اللهْو والغَفلة والمعصيَة، فتقَام له الزَّبانية، وتسَعر له النار، ويقَام في الشَّمْس حتى يلجمَه العَرق، ويصَب عليه تبكيت التقْرِيْع والتَّوبيخ، ويُكوى بلهَب الذُّل والعَار، ففي ذلك الموطِن وذاك المقَام يذِل أقوَام ويعِز آخَرين، ويرفَع أُناس، ويُذل غيرهم، لأنه لا عَزيز إلا من أََعَزه الله، ولا شَريف إلا من رَفَعَه الله، ومن يهن الله فمَاله من مكْرم.

وفي تلك اللحَظَات، وعند ذلك الجَمع، تنقَطع جميع العَلائق والأنسَاب والأسبَاب، فلا أحَد يتَكلم إلا بإذن المالك الجبار، ولا يشفَع إلا بأمره، وتنقَطِع عنده موَازين الأرْض، ومقَاييس الدنيَا، فلا آمر ولا ناهي، ولا مُدبر، ولا مُصَرف، ولا قَادر ولا قَاهر، ولا أمِير ولا مَلك، ولا سَيِّد ولا مُطَاع، إلا الملك الوَاحد الصمد، ولما أن تدْرك عظَمَة ذلك الموقف وخطُورَته، وتعرِف معَايير العُلو والسُّمو فيه، فاعلم أن لنَبينا أجَل وأعظَم مقَام فيه، وأرفَع مرتبَةٍ ومنزلةٍ، فلا أحَد من الخَلائق يدَانيه ولا يضَاهيه...

يا مَن له عزُّ الشَّفاعة وحدَه

وهو المُنَزه مالَه شُفَعَاءُ

عَرش القيَامة أنت تَحْت لوَائه

والحَوض أنتَ حيَاله السَّقاءُ

تروي وتَسْقي الصَّالحين ثَوابهم

والصَّالحَات ذخَائرٌ وجَزَاءُ

أنت الذي نَظَم البريَّة دينُه

ماذا يقُول وينْظِم الشُّعَراءُ

واستَمع إليه وهو يحَدث عن ذلك المقَام: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهش منها نهشة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ - يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك وعلمك أسماء كل شئ اشفع لنا إلى ربك! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته،، نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح! إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله، وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك! ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى: فيقولون يا موسى! أنت رسول الله فضلك الله برسالته، وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إني ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى بن مريم، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا إلى ربك! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب بعده مثله –ولم يذكر ذنبا – نفسي نفسي نفسي ! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمدا فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع. ففي هذه الحَال، وعند هذا المقَام، الخَلائق كلهَا مشْرئبَّة تنظُر في هذا الموقِف!! وتتَأمل هذا المشهَد!! ورب العِزَّة يفتح أبوَاب الإجَابة أمَام هذه الدعَوَات التي يبتَهل فيها سيد الثقَلين!! فما تَظن أن تكون هذه الدعَوَات؟! وما ذَاك الطلَب الذي سيطلبه؟ ولأجْل من سَيشفَع ذاك اللسَان؟! إن أول كلمَة ينطق بها ويتفوه بهَا لسانه هي: "أمتي يا رب! أمتي يا رب! " فلم ينس فداً له نفسي ومالي وأهلِي في ذلك الموقف العَظيم، والجَمْع الهَائل، والكَرب الشَّديد، والمقَام المذهِل، أمته – عليه أزكى صَلاةٍ وسَلام – بل كانت أول دَعْوة وشفَاعةٍ قالهَا وسأل الله إجابتها، هي الدعوة لأمته، فهَل رأيت حُباً ورحمَةً وصدقَاً أعظَم وأجَل من هذا؟! فيَقول عند ذلك ربُّ العِزة والجَلال: " يا محمَّد! أدخل من أمتك من لا حسَاب عليهم من البَاب الأيمَن من أبوَاب الجنَّة، وهم شُركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبوَاب " ثم قال: " والذي نفسي بيده! إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وبُصرى " [1].

وهذا هو المقَام المحمُود الذي وعدَه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}










[1] أخرجه البخاري (3162) مسلم (327).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 11-02-2021, 12:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة :: من مقامات النبوة

سلسلة :: من مقامات النبوة (16) ورحل الحبيب

الكاتب : نايف بن محمد اليحيى






وَرَحَل الحَبِيْب!!



لما تكَامَلَت الدَّعوة، وكمُلت الرسَالة، وسَيطَر الإسْلام على جَزيرَة العَرَب، ودخَل الناس في دين الله أفواجَا، بَدأَت طَلائع التَّوديع، ومَلامح الفرَاق، ومعَالم الودَاع تَظهر وتلُوح، وأنزل الله – عز وجل – على نبيه سُورة النصْر ليبَلغه قرب أجَله، ودنُو رحيْله، فبدَأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتوديْع الأموَات قبل الأحيَاء، فعن أبي مُويهِبة مولى رسول الله قال: بعَثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جَوف الليْل، فقال:"إني قَد أمِرت أن أستَغفِر لأهل هَذا البَقيْع، فانطَلق معي" فانطَلقْت معه فلما وقَف بين أظهُرهم قال: "السَّلام عليْكم أهل المقَابر، ليهنَأ لكم ما أصبَحتم فيه مما أصبَح الناس فيه، أقبَلت الفتَن كقطَع الليل المظْلم، يتبَع آخرُها أولَها، الآخرَة شَر من الأوْلى" ثم أقبل علي وقال: "يا أبا مُويهِبَة، إني قد أوتيْتُ مفَاتيح خزَائن الدنيَا والخُلد فيهَا ثم الجنَّة، فخُيرت بين ذلك وبين لقَاء ربي والجنَّة" قال: فقلت: بأبي أنتَ وأمي، فخُذ مفَاتيح خزَائن الدنيَا والخُلد فيها ثم الجنَّة، فقال: "لا والله يا أبا مُويهبَة لقد اختَرت لقَاء ربي والجنَّة"ثم استَغفر لأهل البَقيع وانصَرف[1]. وذهَب لشُهداء أحد فسَلم عليهم ودعَا لهم وَفَاء لما بذَلوه وقَدمُوه من أرواحهِم، تقول عائشَة: لما رجَع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البَقيْع وجدَني وأنا أجِد صُداعاً في رأسي، وأنا أقول: وارَأسَاه، فقال: "بل أنا – والله يا عائشَة – وارَأسَاه" قالت: ثم قال: "وما ضَرك لومُت قبلي، فقُمت عليك وكفنتُك، وصَليت عليْك ودَفَنتك" قالت: فقلت: والله لكَأني بك لو قد فعَلت ذلك لقد رجَعت إلى بيتي فأعرَسْت فيه ببعض نسَائك! قالت: فتَبَسم رسُول الله صلى الله عليه وسلم[2].

ثم ثَقُل به المرَض فجَعَل يسأل أزواجَه: "أَين أنا غَداً" يُريد بيت عائشَة ففَهمْن مُراده فأَذنَّ له حَيث شَاء، فانتَقَل إلى بيَت عائشَة يمشي بين الفَضل بن عَبَّاس وعلي بن أبي طَالب، عاصبَاً رأسَه، تخُط قدَمَاه في الأرض، حتى دخَل بيتها. فقَضَى عندَها آخرَ أسبُوع من حَيَاته، وكانت تقرأ عليه المعَوذَات والأدعية التي حفظَتها منْه، فكانَت تنفُث على نفسِه، وتمسَحه بيَده.

فلمَّا كان السَّبت أمَر رسُول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصَلي بالناس فأمَّهم، فكَان الصحَابة رضي الله عنهم يأتون للصَّلاة ويمرون في مجالس المدينة ولا يَرون حبيبهم فتوَافدوا عليه يعُودونه ويسلمون عليه، ويطمئنون على صِحته، فلما كان يوم الأحَد أقبَلت فاطمَة ابنته تَمشي كأن مشيَتهَا مشيةُ النبي صلى الله عليه وسلم فدخَلَت عليه وكَان إذا دَخَلت عليه قام وسَلم عليها ورَحب بها وأجلَسَها مكانه، وإذا دخَل قامَت وسَلمَت عليه ورحبَت به وأجلسَته مكانها، ولكنه هذه المرة لم يستَطع القيَام، فرَحب بها وهو جَالس وأجلسَها عن يمينه، ثم أسَر إليها حَديثا فبَكت، ثم أسَر إليهَا حَديثاً فضَحكت، تقول عَائشَة: فقلت: ما رَأيتُ كاليَوم فَرَحاً أقرَب من حُزن، فسألتها عَما قال لها فقالت فاطمَة: ما كنتُ لأفشِي سرَّ رسُول الله! فلما قُبض النبي سألتها فقالت: أسَر إلي "إن جبريل كان يعَارضُني القُرآن كل سنَة مرة، وإنه عَارضَني العَام مرتين، ولا أُراه إلا حَضَر أجَلي وإنك أول أهل بَيتي لحَاقاً بي " فبكَيت، فقال: " أمَا تَرضين أن تكوني سَيدةَ نسَاءَ أهْل الجَنة أو نسَاء المؤمِنين" فضَحِكت لذَلك "[3].

ودَخَل يوم الاثنَين: فبينَا أبو بكر يصَلي بالصحَابة صَلاة الفَجْر إذا بالسِّتر يرفَع فأَطَل الحَبيب منه وهو يبتَسم، يقول أنس: فهَمَمنا أن نفتَتن من الفَرح، فنَكص أبو بكر على عَقبَيه ليصِل الصَّف ويتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشَار إليه أن أتموا صَلاتكم.

وكان قَبل ذلك قد اتقَدت حَرارة الحمى في بدَنه، واشتَد عليه الوجَع فقال: "هَريقُوا علي سَبع قرَب من آبارٍ شَتى، حَتى أخرُج إلى الناس فأعهَد إليهِم" فأقعَدوه في مخضَبٍ وصَبوا عليه الماء حتى طَفِق يقول: "حَسبُكم" وعند ذلك أحَس بخفَّة، فدَخَل المسْجِد مسْدِلاً ملحفَةً على منكبَيه، قد عَصَب رَأسَه بعصَابةٍ حتى جَلس على المنبَر، ثم قال: "أيها النَّاس إلي" فثَابُوا إليه، فخَطبَهم فكان مما قال: "إن عَبداً خيره الله بين الدُّنيا وبين ما عندَه، فاختَار ما عندَ الله" فبَكى أبو بكر وقال: فدَينَاك بآبائنا وأمهَاتنا، فعَجب الناس من بُكاء أبي بكر وجعَلوا يقولون: ما لهذا الشَّيخ يبكي! ولم يعْلموا أن المخَير هو رسُول الله صلى الله عليه وسلم،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَبك يا أبا بكر، إن من أمَن النَّاس علي في صُحبته أبو بكر، ولو كُنت متَّخذاً خَليلاً لاتخذته خَليْلا، ولكن أُخُوة الإسْلام ومودتُه، لا يَبقَى في المسجِد خَوخَةٌ إلا سُدت غير خَوخَة أبي بكر "[4] ، ثم عرَض نفسَه للقصَاص قائلا "من كُنت جَلدت له ظَهراً فهذا ظَهري فليستَقد منه، ومن كُنت شتَمت له عرضَاً فهذا عرضي فليستقِد منه"

ورجَع – عليه الصَّلاة والسَّلام – فجعَل يزدَاد عليه الوجَع وهو يطرَح خميصَة له على وجهِه فإذا اغتَم بها كشَفَها عن وجهه فقال وهو كَذلك "لَعنة الله على اليَهود والنصَارى، اتخَذوا قبُورا أنبيَائهم مسَاجِد" يحَذر ما صَنعوا[5]. ودخل عليه في تلك الحَال عبد الله بن مسْعود فإذا هو يُوعَك وعَكَاً شَديداً فقال: يا رسول الله إنك توعَك وعَكاً شَديداً؟ فقال: "نعم إني لأُوعَك كمَا يوعَك الرجُلان منْكم" فقال: ذاكَ أن لكَ أجرَان؟ فقال: "نعَم"[6]، وكان أيام مرضه يوصِي أمتَه بأعظَم شَعيرة من شعَائر الدين فيقول "الصَّلاة... الصَّلاة وما مَلكَت أيمانُكم "[7]، حتى جَعَل يجَلجِلُها في صَدره وما يَفيضُ بها لسَانه.

نَسينا في ودَادكَ كُل غَالٍ

فأنتَ اليَوم أغلَى ما لَدَينَا

نُلامُ على مَحَبتِكم ويكْفِي

لنَا شَرَفٌ نُلامُ وما عَلينَا

ولما نَلقَكُم لكِن شَوقَاً

يُذَكرُنا فكَيفَ إذا التَقَينَا

تسَلى النَّاس بالدُّنيا وإنَّا

لعَمْرُ الله بعدَك ما سـَـــلَينَا

وأزِفَت السَّاعة التي يذل فيها الجبـَّار، ويُذعن فيها المتَكبر، ويضعُف فيها القَوي، ويفتَقر فيها الغَني، وبدَأت لحَظَات الاحتضَار، وقرُبت سَاعَات الرَّحيْل، وحَانت لفتَة الوَدَاع، فوالله لو سَالت الأقْلامُ بحِبرِهَا، ونطَقَت الشِّفَاه بألسنَتهَا، وأُعطي الأدَباء أزِمَّة الفَصَاحَة، وأَعنَّة البَلاغَة على أن يصَوروا عظَمَة تلك اللحظَة، وكُربة ذلك الخَطْب، وفَدَاحَة تلكمُ المصِيبة، وجَلالَة ذاك الحَدَث، لما جَاوزوا أورَاقهُم وآذانهم، فبأيِّ قلَم وبأيِّ عبَارة، وبأيةِ كَلمَة، أُسطِّر خَلجَات الفُؤاد، وما يحيْط بالمشَاعر، وما يثير كَوَامن النفْس، وعَوَاطف الحِس، أمَام فِراق تلك الشَّمائل، وذلك الجسَد الطاهِر، فرحَمَات ربي على تلك العين التي طالما سَهرَت وبكَت من خَشيَة الله، وتلك اليَد التي بطَشَت وجَاهَدَت في سبيل الله، وتلك القَدَم التي ورمَت في عبَادة الله، وذلك اللسَان الذي ما فتئ من ذكْر الله والدَّعوَة إلى الله، وذاكَ الجسَد الذي حمَل المَكَاره من جمَيع أبوابها فسمى بها للمَجد حتى بلغَ غَايتَه، ورَكز فيه رايتَه.

فأسندَته عائشَة عليهَا، ووضَعَته بين سَحْرها ونحرِها، فجَعل يتغَشَّاه الكَرب، وبين يدَيه رَكوَةٌ فيهَا ماء، فجَعَل يدخِل يدَيه في الماء فيَمسَح به وجهَه ويقول:"لا إله إلا الله، إن للمَوْت لسَكَرَات "[8].

وما عَدا أن فرَغ من السِّواك الذي بيَده، رفع أصبعه وشَخَص بصَره نحو السَّقف، وتحَرَّكت شَفتَاه، فأصغَت إليه عائشَة فإذا هو يقول:"مع الذين أنعَمت عليهم من النَّبيين والصِّديقين والشُّهداء والصَّالحين، اللهُم اغفِر لي وارحَمني، وألحِقني بالرَّفيق الأعلَى، اللهم الرَّفيق الأعلى، اللهم الرَّفِيق الأعلَى، اللهُم الرَّفيق الأعلَى "[9]، وكان الأنبيَاء يخَيَّرون عندَ الموْت بين البَقَاء والوَفَاة.

رُوحٌ دَعَاهَا للوصَال حَبيبُها

فَسَعَت إليْه تُطيعُه وتُجيبُهُ

يا مُدَّعي صِدقَ المحبَّة هكَذَا

فعِْل الحَبيْبِ إذا دَعَاهُ حَبيبُهُ

ولما كَان يتَغشَّاه الكَرب كانت ابنتُه فاطمَة عند رَأسِه فقالت: واكَربَ أبَتَاه! فقال لها:"ليسَ على أبيْك كَربٌ بَعدَ اليَوم" فلما مات قالت: يا أبَتَاه أجَاب ربـَّاً دعَاه! يا أبَتَاه إلى جبريْل نَنعَاه! فلما دُفن لقيَت أنسَاً فقالت: يا أنَس كيفَ طَابَت أنفسُكم أن تحثُوا على رسُول الله صلى الله عليه وسلم التُّراب!![10].

وتسَرَّب الخَبر فأظلَمَت المدينَة على أهلهَا واجتَمَع النَّاس في المسْجِد، وقد بلَغ بهم الهَوْل والذُّهول مبلغَه، فجَاء أبو بكر وكان في مزرَعَته، فدَخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغَطى، فَكشَف عن وجهِه ثم قَبله وقال: واصَفيَّاه! ثم قبَّله ثانية وقال: واحَبيبَاه ثم قبَّله ثالثة وقال وانَبيـَّاه! ثم قبـله وقال: بأبي أنتَ وأمي طبْتَ حَياً ومَيتَاً، ما كان الله ليُذيقَك الموت مَرتين، أما الموتة التي كُتبَت عليك فقَد مِتها، ثم خرَج ودخَل على الناس في المسْجِد، فإذا عمَر قَائم يخطُب ويقول: إن رجَالاً من المنَافقين يزعمُون أن رسُول الله قد تُوفي، وإنه ما مات، لكن ذهَب إلى ربه كمَا ذهَب موسَى بن عِمرَان، وَوَالله ليَرجعن فليَقطَعن أيدي رجَال وأرجُلهم يزعُمُون أنه مَات، فقال: اجلِس يا عمَر، فأبى عمَر أن يجلس، فتشَهد أبو بكر، فأقبل الناس إليه، وتَركوا عمَر، فقَال أبو بكر: أما بعد فَمَن كان منْكم يعبُد محمداً فإن محمَّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت، قال الله: {و َمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} يقول عمَر: والله، ما هو إلا أن سمعْت أبا بكر تلاها، فعَرفت أنه الحَق، فعُقِرت حتى ما تُقلِّني قدَمَاي، وحَتى أهوَيت إلى الأرْض، وعَلمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مَات، ويقول ابن عباس: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزَل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتَلقاهَا منه الناس كُلهم، فما أسمَع بشَراً من الناس إلا يتلوهَا[11].

كَذَا فليَجل الخَطْب وليفدَح الأمرُ

فلَيسَ لعَينٍ لم يغِضْ مَاؤهَا عُذرُ

تُوفيت الآمَال بعْدَ محمَّدٍ

وأصبَحَ في شُغلٍ عن السَّفَر السَّفْرُ

ثَوى طَاهرَ الأردَان لم تبَقَ رَوضة

غَـدَاةَ ثَوى إلا اشْتهَت أنَّها قَبْرُ

عَليْك سَلامُ الله وَقفَاً فَإنني

رَأيتُ الكَريم الحُر لَيْس له عُمرُ

ثم اجتَمَع الأنصَار في سَقيفَة بني سَاعدة وَأرادوا أن ينُصبوا الخَليفَة منهم، فدَخَل عليهم أبو بكر وعمَر وأبو عبيدَة، فاستَقَر أمرهم على أبي بكر فبَايعوه، فلما كان يوم الثلاثاء وأرادوا غَسْله قالوا: والله ما نَدري أنُجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجَردُ مَوتانا أم نغَسله وعَليه ثيَابه، فلما اختَلفُوا ألقَى الله علَيهم النَّوم حتى ما منهم رجُل إلا وذِقنُه في صَدره، ثم كلمَهم مكَلم من ناحيَة البَيت لا يدْرون من هو: أن اغسِلوا نبي الله وعَليه ثيَابه، فقَاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغَسلوه وعليه قَميصٌ، يصُبون الماء فَوق القَميص، ويدْلكُونه بالقَميص دون أيديهم ثم تَولى دفنَه: علي والعبَّاس والفَضل وصَالح مولى رسُول الله، فلما دفَنوه دخَل عليه الصحَابة أرسَالاً يصَلون عليه كلٌّ يصَلي وحدَه فيقفُون عليه ويقولون: اللهُم إنا نشهَد أن قَد بلغَ ما أُنزل إليه، ونصَح لأمتِه، وجَاهدَ في سبيل الله، حَتى أعزَّ الله دينَه، وتمَّت كلمتُه، وأُومن به وحده لا شريك له، فاجعَلنا إلهنَا ممن يتبِع القَول الذي أُنزل معَه، واجمَع بيننا وبينه حتى تعرفَه بنا وتعرفنَا به، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، لا نبغي بالإيمان بدَلاً، ولا نشتري به ثمناً أبداً، وصلى عليه الرجَال ثم النسَاء ثم الصبيَان. وكانت عائشَة قد رَأت رؤيا فعرضَتها على أبي بكر وكان من أعْبَر الناس قالت: رأيتُ ثلاثَة أقمَار وقعْن في حجرَتي فقال: إن صَدَقت رؤياك يدفن في بيتك من خَير أهل الأرض ثلاثة، فلما قُبض رسول الله ودُفن في حُجرتها قال أبو بكر: هذا خَير أقمَارك يا عائشَة.

يا خَيرَ من دُفنَت في القَاع أعظُمهُ

فَطَاب من طيبهِن القَاع والأكَمُ

نَفسي الفِدَاء لقَبرٍ أنتَ ساكنهُ

فيه العَفَاف وفيه الطُّهر والكَرمُ

وانطَلقَت قَرائح الصَّحَابة تُسطر عِظَم المصيبَة، وجَلالةَ الخَطْب، وهولَ الفَاجعَة التي حلت ونزَلت بهم، ونثَروا حُزنهم وألمهُم على فقْد حبيبهِم وقُرة عيونهم وبهجَة صُدورهم فكان في مقدمتهم حسَّان بن ثابت الذي طالما نثَر الشِّعر في مَدح الرسُول صلى الله عليه وسلم، وفي هجَاء أعدَاءه فقَام ومرارة المصيبَة تكوي قلبَـه وهو يقول:

بطَيبةَ رَسمٌ للرسُول ومعهَد

مُنيرٌ وقد تعفُو الرسُوم وتهمُدُ

ولا تَنمحي الآيَات من دَارِ حُرمةٍ

بهَا منبَر الهادي الذي كَان يَصْعدُ

بها حُجُراتٌ كان يَنزل وسْطهَا

منَ الله نُورٌ يُستضَاءُ ويُوقَدُ

فَبورِكتَ يا قَبر الرسُول وبُوركَت

بلادٌ ثَوى فيهَا الرَّشيد المسَدَّدُ

تُهيل عليه التُّرب أيدٍ وأعُينٌ

عليه وقَد غَارَت بذلك أسعُدُ

لقَد غيَّبوا حِلماً وعِلماً ورَحمَةً

عشيَّة عَلوه الثَّرى لا يُوسَّدُ

وَراحُوا بحُزنٍ ليسَ فيهم نَبيهُم

وقَد وَهنَت فيهم ظُهور وَأعضُدُ

يبكون من تَبكي السَّموات يَومَه

ومن قَد بَكتْه الأرْضُ فالنَّاس أكمدُ

وهَل عَدَلت يَومَاً رَزيةُ هَالكٍ

رَزِيةَ يومٍ مَات فيْه مُحمَّدُ

وقال أخُوه وابن عَمه أبو سُفيَان بن الحَارث:

أَرِقتُ فبَات ليْلي لا يَزُولُ

وليْل أخي المصِيبَة فيْه طُولُ

وأَرَّقني البُكاءُ وذَاكَ فيمَا

أُصِيبَ المسْلمُون به قليْلُ

لقَد عظُمَت مُصيبَتنَا وجَلَّت

عَشيَّة قيْل قد قُبضَ الرَّسُولُ

فَقدنَا الوَحْي والتَّنزيْل فينَا

يَروحُ به ويغْدو جِبرئيلُ

فَلقَد كان فَقْده ووَفَاته – عليه الصَّلاة والسَّلام – أجَل وأخطَرَ مصيبَةٍ مَرت على تاريْخ الأرض، فَفَقد العُلمَاء والأوليَاء والكُبراء، والمجَاهدين والقَادة، والدُّعاةَ والمصْلحِين، لا يسَاوي ذرةً من ذَرات فَقد الحَبيب صلى الله عليه وسلم، ولا شَعرة من شَعَراته، فمن أصِيب بمصيبَةٍ بعدَه فليتَعَز بمصَابه به – عليه الصَّلاة والسَّلام – فإنه سِلوٌ له عن كل مصِيبَة، ومع ما هو فيه من جَلاله القَدر، وعظَم الجَاه، واتسَاع الملك، ونُفوذ اليَد، فقَد رحَل من هذه الدنيَا كلها ودرعُه مرهُونةٌ عند يهُودي، فلَم يخَلف قصُوراً ولا أموَالاً، ولا حَدائق، ولا خَدَم، ولا تجَارة، وإنمَا خَلف شَريعةً سمَاوية، وسُنةً ربانية، وجيْلاً يعبُد الله ويوحِّد الله، ويتلوا آيَات الله، ويَدعوا إلى الله، ويجَاهد في سَبيل الله، وَرجَالاً ينشُدونَ المجْدَ، ويطلُبُون المعَالي، ويسُوسُون الأمَم، ويحَررون من الرِّق والعُبودية لغَير الله، ويَسيرُون في الأرْضِ بالعَدل، ويُقيمُون القِسْط بين النَّاس، فنَسأل الله بأسمَائه وصفَاته أن يجمَعنَا به في جنَّته، وأن يجعَلنَا ممن ينَال شفَاعتَه، وممن يرد حَوضَه، ويقتَفي أثَره وسنَّته . . . . . إنه جواد كريم.






[1] أخرجه أحمد (25 / 376)، وحسنه ابن عبدالبر في الاستذكار (2/647)، وفيه ضعف. ينظر: دلائل النبوة للبيهقي (7/162).

[2] أخرجه أحمد (25156)، وحسنه الألباني.

[3] أخرجه البخاري (3426) مسلم (2450).

[4] أخرجه البخاري (3691) مسلم (2382).

[5] أخرجه البخاري (1265) مسلم (531).

[6] أخرجه البخاري (5342) مسلم (2571).


[7] أخرجه أحمد (44 / 84)، وصححه البيهقي في دلائل النبوة (7/205)، وجوده ابن الملقن في شرحه للبخاري (21/645).

[8] أخرجه البخاري (4184).

[9] أخرجه البخاري (4184).

[10] أخرجه البخاري (4193).

[11] أخرجه البخاري (1184).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 142.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 138.00 كيلو بايت... تم توفير 4.23 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]