18-04-2021, 03:13 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة :
|
|
شرح باب النفقة على العيال
شرح (باب: النفقة على العيال)
من كتاب رياض الصالحين
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، وقال تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب النفقة على العيال.
العيال: هم الذين يعُولُهم الإنسانُ من زوجةٍ أو قريب أو مملوك، وقد سبق الكلام على حقوق الزوجة، أما الأقارب فلهم حقٌّ، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى ﴾ [النساء: 36].
فالقريب له حق في أن يُنفِقَ عليه، يعني أن تبذل له من الطعام والشراب والكسوة والسُّكنى ما يقوم بكفايته، كما قال الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، المولود له هو الأب، عليه أن ينفق على أولاده وعلى زوجاته، وعلى من أرضَعتْ ولَدَه ولو كانت في غير حباله؛ لأنه قال: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾؛ من أجل الإرضاع، أما إذا كانت في حباله، فلها النفقةُ من أجل الزوجيَّة.
وقوله: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ﴾ يشمل الأبَ الأدنى والأب الأعلى؛ كالجَدِّ ومَن فوقه، فعليه أن ينفق على أولاد أولاده، وإن نزلوا.
لكن يُشترَط لذلك شروط:
الشرط الأول: أن يكون المنفِق قادرًا على الإنفاق، فإن كان عاجزًا فإنه لا يجب عليه الإنفاق؛ لقوله تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]؛ أي: إلا ما أعطاها، ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].
الشرط الثاني: أن يكون المنفَق عليه عاجزًا عن الإنفاق على نفسه، فإن كان قادرًا على الإنفاق على نفسِه فنفسُه أَولى، ولا يجب على أحد أن ينفق عليه؛ لأنه مستغنٍ، وإذا كان مستغنيًا، فإنه لا يستحقُّ أن يُنفَقَ عليه.
الشرط الثالث: أن يكون المنفِق وارثًا للمنفَق عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ [البقرة: 233]، فإن كان قريبًا لا يَرِثُ، فلا يجب عليه الإنفاقُ.
فإذا تمَّت الشروط الثلاثة، فإنه يجب على القريب أن يُنفِق على قريبه ما يحتاج إليه من طعام، وشراب، ولباس، ومسكن، ونكاح، وإن كان قادرًا على بعض الشيء دون بعض، وجب على القريب الوارثِ أن يُكمل ما نقَصَ؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ [البقرة: 233].
ثم ذكَرَ المؤلِّف ثلاث آيات: الآية الأولى قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، والآية الثانية: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ﴾ [الطلاق: 7]، والآية الثالثة قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].
فقوله: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ أيُّ شيء يكون قد أنفقتموه لله عز وجل ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾؛ أي: يُعطيكم خلَفَه وبدَلَه ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 154- 156)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|