إسقاط الدعاة والعلماء (مظاهر ومخاطر) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826444 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374334 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 283 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 361 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 480 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 380 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 376 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 382 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-03-2021, 03:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي إسقاط الدعاة والعلماء (مظاهر ومخاطر)

إسقاط الدعاة والعلماء (مظاهر ومخاطر)






عبد الرحمن راضي العماري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن مما كثر وانتشر في زماننا، وأصبح ظاهرة تهدد أمتنا برمتها، وتؤخِّر صحوتها وعودتها؛ ظاهرة إسقاط أهل العلم والفضل، والدعوة، والبذل؛ لمخالفةٍ في قرارٍ سياسي أو رأي فقهي، أو نهج إصلاحي، وأصبح التندر بزلات العلماء -إن كانت حقًّا زلات- عادة، ونشرها فضحًا وإساءة، وغمطًا عند بعضهم عبادة، وهدم مكانة العلماء في نفوس الناس سبيلهم فيما يظنون للحسنى وزيادة.

وصار تشويه صورة العلماء والإساءة لهم في كل محفل ومقطع ومنشور، ديدنَ فريقين مِن الناس هم فتنة ومحنة، رغم أنهما فيما يظهر متناقضان متصارعان، لكنهما وهما لا يشعران متفقان متآزران!

فإنهما وإن اختلفا وتناقضا في المواقف، وتصارعا فكريًّا وسياسيًّا وإعلاميًّا، لكنهما متفقان في ثمرة عملهما، وعاقبة هجومهما المستمر على العلماء والدعاة المصلحين، وكذلك في ضررهما على بلاد المسلمين.

فأحدهما: أعداء الإسلام صراحة، وأتباع الغرب فيما بيننا ممَّن ركَّزوا هجومهم على رموز الإسلام والأئمة الأعلام بداية بالصحابة والسلف الكرام، وأئمة الحديث والفقه مرورًا بالعلماء الربانيين المتقدمين في القرون المتتابعة وصولًا لأهل العلم، ومَن عُرفوا بنشر السُّنة وتجديدها بين الناس، وهؤلاء من المفضوحين المخذولين تُغدق عليهم الأموال، وتُحشد لهم الإمكانيات وتسخَّر لهم المنابر والقنوات، ولا همَّ لهم إلا تشويه العلماء من أهل السنة والجماعة، وهؤلاء هم العلمانيون المبغضون لمظاهِر الإسلام والهوية الإسلامية، ولا يستحيون من ذلك، وأغلب مقولاتهم وبرامجهم إساءة وتشويه للإسلام وعلمائه ودعاته؛ يكرهون كل مظهر مِن مظاهر الإسلام، ويسعون في الأرض فسادًا بتشويه ثوابت الدين، ومحاولة هدمها في نفوس المسلمين، مستغلين حالة الانقسام المجتمعي والسخط الشعبي على فصيل لطالما قَدَّم نفسه ممثلًا للتيار الإسلامي، وأُخِذ بسبب أفعاله كل منتسِب للعمل الإسلامي مِن العلماء والدعاة على اختلاف مشاربهم وطرقهم في الإصلاح.

أما الصنف الآخر:

فهم المنتسبون للتيار الإسلامي؛ أدعياء الإصلاح الذين يقدِّمون أنفسهم كدعاة للحق والمعروف، نهاة عن الباطل والمنكر، محاربين للظلم والظالمين، الذين سخَّروا قنواتهم وصفحاتهم ورموزهم وشبابهم والمتأثرين بهم، والمتعاطفين منهم ممَّن أوتوا قدراتٍ على الإلقاء والتوجيه من خلال منصات التواصل واليوتيوب، والإمكانيات الإعلامية الضخمة المدعمة كذلك من دول وجماعات غنية.

يظهر ذلك جليًّا بعدد قنواتهم ومنصاتهم، وجودة إخراجهم، وكثرة أدواتهم الإعلامية وتنوعها بما لا يقدر عليه أفرادٌ مهما بَلَغوا من غنى وثراء، وهؤلاء يخلطون فيما يصورون أنه حق، ويستغلون بعض الحق كمحاربة بعض صور الفساد، لكنهم يلبسون معه ذم وهدم العلماء ممَّن خالف طريقتهم في الإصلاح، وهؤلاء قد أثَّروا على شريحة كبيرة من الناس؛ خاصة الشباب الذين يميلون للتدين، لكن لا يتبعون أهل العلم في إطار منهجي أو إداري يعرفون من خلاله أولًا بأول رأي أهل العلم الثقات في نوازل الأمور، وبصائر أهل البصيرة في مُلِمَّات المِحَن ومدلهمات الفتن.

ولكثرة الدعاوى وارتفاع أصوات الفئتين؛ سقط كثيرٌ من أصحاب السمت الإسلامي، ومحبي الهوية الإسلامية في شراكهم؛ فوقع في صدورهم بُغض العلماء الثقات والمصلحين الأثبات، بل وشاركوا في حملات الهدم والطعن والتخوين، والرمي بأبشع التهم، وأفظع الصفات: كالركون للظالمين، ومولاة الأعداء، ومشابهة بلعام بن عوراء، والنفاق والخيانة، وهذه صفات لو رسخ بعضها في ذهن أحدٍ؛ لنفر أشد النفور ممَّن اتصف بذلك، ولم يقبل منه بعد قولًا ولا نُصحًا ولا رأيًا!

بل مِن جملة المغالطات والافتراءات: أن صوَّر هذا الصنف المنتسِب للعمل الإسلامي أن كل عالم لم يقتل أو يعتقل في السنوات الأخيرة أنه حتما بائع لدينه بعرض من الدنيا، منافق وراكن للظالمين غير صادق!

وهكذا صار الحال في بلادنا إلى ما لا يحمد عقباه ولا يرضاه حريص على الإسلام، محب للأمة، مدرك لقدر العلماء الذين رفع الله قَدْرَهم قال الله -سبحانه-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة:11)، وأوجب طاعتهم؛ فقال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء:59). قال بعض المفسرين: "أولو الأمر: الأمراء والعلماء".

وقال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

وقد وجب على كل ناصحٍ أن ينهض للدفاع عن أهل العلم؛ حرصًا على الأمة، وتقديرًا لأثر الكلمة، وإعادة للأمور إلى نصابها الصحيح حيث يتلقى الناس عن الأفاضل والأكابر، وأهل العلم والبصائر، ويصدرون عنهم، ويثقون فيهم، ويعرضون عن كل ناعق مِن أهل الضلال والتضليل، من العلمانيين الحاقدين أو حدثاء الأسنان المضلين.


بقي أن نذكر: أن هناك صنفًا ثالثًا شارك بقدرٍ ما في ظاهرة (إسقاط العلماء)، وهم أدعياء التمذهب الجديد الذين صوروا لكثيرٍ مِن محبي العلم وطلابه: أن علماء السُّنة وأهل الفضل السابقين قد ضيعوا أعمار طلابهم وأتباعهم، وخاضوا بهم في منهجيات علمية معوجة أو منقوصة، وأنهم خالفوا أعلام الأمة في تدريس العلوم الشرعية، وأثر هؤلاء أكثر ما يكون على مَن يسعى لتعلم العلم الشرعي، وخطرهم بلا شك عظيم؛ ولذلك سنحتاج لبيان أثر هؤلاء وخطرهم كذلك على طلاب العلم وظلمهم لأهل العلم السابقين.


وهذا ما تيسر ذكره، ويتبع ما ذكرنا من مظاهر إسقاط العلماء ومتولي كبر ذلك بيان مخاطر ذلك، والسبيل لإعادة الأمور إلى نصابها، ورد الحقوق إلى أهلها، والله ولي التوفيق.

نسأله الإعانة على تكميل الأمر وإتمامه حتى تتضح الصورة، ويتم المقصود.

والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-04-2021, 04:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إسقاط الدعاة والعلماء (مظاهر ومخاطر)

إسقاط الدعاة والعلماء (2)






عبد الرحمن راضي العماري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد تعرضنا في المقال السابق لأبرز مَن يسعون في إسقاط الدعاة والعلماء، ونشرع الآن في محاولة تفسير هذه الظاهرة، وبيان أهم أسبابها، فنقول -وبالله التوفيق-:

إن الوقوع في هذا الزلل، وسلوك هذا الدرب له أسباب عِدَّة، منها:

أولًا: هدم العلماء والحط مِن قَدْرِهم أسهل الطرق وأقصرها لهدم الدِّين: فقد يصعب على أعداء الدِّين ومبغيضيه الطعن المباشر في ثوابت الدِّين؛ لبقاء الوازع الديني في العموم بين المسلمين، والخوف من ردِّ الفعل المتوقع من المسلمين في حال الطعن الصريح في ركنٍ مِن أركان الدين أو شيء معلوم من الدين بالضرورة، وقد وقعت محاولات كثيرة ممَّن عرفوا ببغضهم لمظاهر الاسلام ممن يصدِّق عليهم وصف النبي -صلى الله عليهم وسلم- قال: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُون َ بِأَلْسِنَتِنَا) (متفق عليه).

وهذا وصف جَامِع لمَن أخبر النبي -صلى الله عليهم وسلم- عن ظهورهم، ويصح أن يطلق على أبرز فرقتين يطعنون في العلماء، فقوله -صلى الله عليهم وسلم-: (جِلْدَتِنَا) يدخل فيه مَن ينتسب لجنسنا -أي: العرب-، وهذا ما كان ينطبق على مَن أبطن الكفر والنفاق الأكبر، وسخَّر حياته للطعن في الدِّين واتخذ مِن الطعن في العلماء الربانين القدامي والمعاصرين سلمًا وسببًا للوصول لهدفه -وإن كان الحكم بكفر أعيانهم- أمر موكل لأهل العلم المعتبرين، ولهم في ذلك شروط وضوابط صارمة لخطورة أمر تكفير أحد ثَبَت وظهر إسلامه.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (َيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) قيل: أي: بالعربية، وهذا الوصف يدخل فيه أيضًا: دعاة العلمانية وروادها، ومَن يتولون كبر الطعن في العلماء، ومع هذا لا يقيمون شعائر الدين بل ينشرون الفواحش ويروجون لها بدعاوى الحرية والفن، وغير ذلك، وإن كان المقصود بـ(يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا): يتكلَّمُون بما قال اللهُ ورسولُه مِنَ المَواعِظِ والِحكَمِ وليس في قلوبِهم شيءٌ مِنَ الخيرِ، فهذا يدخل فيه مَن يطعنون في العلماء الأثبات بالشُّبُهات والتُّهَم، وذلك باجتزاء النصوص وبترها، وإنزال الايات في غير موضعها؛ مما قد يوهِم كثيرًا من الناس أنهم يتكلمون بالدِّين وينصحون المسلمين، بينما هم يتلاعبون بالنصوص ويتبعون أهواءهم، ويعرضون بعض الحق متلبسًا بالباطل، وإن كان هؤلاء يزعمون أنهم بذلك يقيمون الحق والدين، ولكنهم في حقيقة الأمر يسارعون في هدمه وإطفاء نوره لو كانوا يعلمون.

ذلك أن إسقاط العلماء الذين يدلون على الدين إسقاط للدين وهدم له، فإن الناس إذا نفروا من العلماء وكرهوهم، وظنوا فيهم شرًّا، فهل سيستفتونهم في أمرٍ، بل سيبغون عنهم حولًا فيتبعون أئمة الضلال أعداء الإيمان، أو سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان، فيسلكوا بهم طُرُق الغواية والرَّدَى.

ولذلك وردت الآثار الكثيرة عن السلف في بيان خطورة الطعن في أهل العلم؛ خاصة مَن عرف بالتمسك بالسنة وتصدَّر لنصرتها، والذب عنها، فورد عن سفيان بن وكيع قوله: "أحمد عندنا محنة، مَن عاب أحمد فهو عندنا فاسق"، وقول يحيى بن معين -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل يتكلم في حماد بن سلمة، وعكرمة؛ فاتهمه على الإسلام"، وقال أحمد: "إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام، فإنه كان شديدًا على المبتدعة"، وقال الدورقي: "مَن سمعته يذكر أحمد بن حنبل بسوء؛ فاتهمه على الإسلام"، لماذا أحمد؟! لأن الإمام أحمد -رحمه الله- كان يمثِّل السنة والعقيدة الاسلامية النقية.

ثانيًا: صرف وجوه الناس إلى المناهج التي يتبعونها والمذاهب التي يدعون إليها:

إن مِن المناهج مَن لا تقوم له قائمة بذاته ولصلاحه في نفسه، وإنما بهدم ما سواه؛ بغض الطرف عن صلاحية المنهج ذاته؛ ليكون إمامًا إلى الفلاح وقيامًا للناس بالصلاح.

ولما كان الناس لا بد لهم من اتباع منهج واختيار مذهب وتأييد فكر، علموا أم لم يعلموا، في الخير كان أو الشر؛ فقد حرص أصحاب كل فكر ومنهج على تكوين قاعدة شعبية ومؤيدين وأتباع ومناصرين.

وإذا كان للعلماء الربانين والدعاة المصلحين شأن بين الناس وقدر كبير ستقل فرص متابعة الناس للمذاهب الهدامة واقتناعهم بالأفكار المنحرفة، ولن يقوم لهذه الأفكار قائمة ما دام العلماء الربانيون محل ثقة الناس وحبهم، ولذلك وجدنا كثيرًا من الناس ممَّن كانوا يتمسكون بالهدي الظاهر باللحية وتقصير الثياب مثلًا في الرجال -وبالنقاب والحجاب في النساء-، تخلوا عنها ونبذوا هذه المظاهر الإسلامية، بل فَرَّطوا في الصلوات المفروضة، وعادوا لما كانوا عليه مِن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والجلوس في المقاهي بالساعات، ظنًّا منهم أنهم بذلك يتبرؤون مِن سمت المتشددين المتطرفين، وصدقوا الافتراءات والتُّهَم مِن أن كل الدعاة والمشايخ دواعش وخواراج، وأهل تطرف وغلو وإرهاب.

وهذا كله استغلال للأحداث السياسية التي جَرَت إبان فترة حكم الإخوان وبعد سقوطهم، فاستغل أهل الفتنة حالة الكراهية للإخوان مِن كثيرٍ مِن الناس، وألصقوا التهم بعامة التيار الاسلامي ودعاته حتى مَن اختلفوا مع الإخوان، ولم يشاركوهم في أخطائهم الفادحة ومواقفهم الصدامية المتهورة، فكأن هذا الحدث أتي لبعض أعداء الاسلام على طبق مِن ذهب.

فاستغلوا حالة الانقسام، والكراهية والفُرقة وقتها، ونشروا سمومهم وصوروا للناس أن كل داعٍ ومصلح محافظ على دينه هو "إخوان" بدرجة ما وتابع لهم، أو مبطن لفكرهم وينتظر الفرصة ليظهر ذلك! مع أن الحق الظاهر خلاف ذلك؛ وهو: أن كثيرًا مِن الدعاة والعلماء، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم: المنتسبين للدعوة السلفية -مثلًا-: خالفوا الإخوان وعارضوهم في كثيرٍ مِن التصرفات التي لم تراعِ الشرع والواقع، وحذروهم مِن مغبة أفعالهم وسوء عاقبتها عليهم، وعلى صورة الدعوة الإسلامية في نفوس الناس، لكنهم لم يستجيوا، وأصروا على طريقتهم حتى حصل ما حصل بعدها من أحداث مؤلمة وتغييرات في الوضع السياسي وركب الموجة واستغلها العلمانين غلًّا وحسدًا وانتقامًا، فكانت لهم شعبية وقبول إلى حدٍّ ما تتمثَّل في زيادة نسبة الإقبال على قنواتهم ومنصاتهم وبرامجهم.

وعلى الجانب الآخر: رأينا أدعياء التمسك بالحق ورفض الظلم، يصمون العلماء بالتُّهم الشديدة والافتراءات العديدة، ويصفونهم بأوصاف مزرية؛ استغلالًا للعواطف والحماسات التي ثارت حينئذٍ، فكان للعلماء والدعاة المعتبرين خاصة المنتسبين للدعوة السلفية التي يمثِّلها حزب النور الحظ الأكبر والنصيب الأوفر مِن التهم والافتراءات حتى زَهَد كثيرٌ مِن الشباب في المشايخ وكرهوهم، وصدَّقوا ما يقال عنهم من أنهم خونة وعلماء سلاطين وموالون للظالمين وراكنون إلى الذين ظلموا، ومضيعون للأمانة إلى غير ذلك من التهم التي شاعت وما زالت في قنوات الإخوان وأشياعهم وأبواقهم ممَّن يتابعهم الملايين من الناس على منصات التواصل، فانصرف الكثير عن المشايخ، وكانت النتيجة أن سَلَّم كثيرٌ من الناس عقولهم لهؤلاء الكذبة واتبعوا أمرهم، وصاروا ينتظرون حلقاتهم ومقاطعم ويروجوها مع إعراضهم عن كل ما يتصل بالمشايخ من دروس ومساجد، وصفحات ومواقع، بل وجدنا حال هؤلاء في بُعد وتفريط، فكثير منهم تخلَّى عن السمت الاسلامي وفرَّطوا في الصلوات مع حصر ميولهم الدينية في بعض التوجهات السياسية وما سواها أعرضوا عنها وزهدوا فيها، وأصبح منى التدين والاستقامة مقتصرة على الآيات والأحاديث والآثار والقصص التي تتكلم عن الظلم والظالمين، والمنافقين والخونة، والحكام!


ويا ليت أنها كانت ببصيرة وفهم ثاقب، بل بأهواء؛ فلا على ما لا يسع المسلمين جهله أو تركه حافظوا، ولا على ما حصروا الدِّين فيه أحسنوا!

وحصلت فيهم ذات النتيجة التي ظهرت على أتباع العلمانيين مع اختلاف اللهجة وطريقة العرض وأسلوبه ومادته بين العلمانين أدعياء الحرية والتقدُّم وبين أدعياء قول الحق ومعارضة الظلم، وأصبحنا نرى كثيرًا مِن الناس تقرأ كتب كل فريق ممَّن يصدقوه وتتبعه في أفكاره وتصدقه وتثق فيه، وأعرضوا عن سبيل أهل العلم والبصيرة، وما يحقق لهم السعادة والصلاح في الدنيا والآخرة.

والله المستعان وعليه التكلان.

والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.86 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.38%)]