19-04-2021, 02:40 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة :
|
|
رجال الغد
رجال الغد
آيات محمد بربري
في إحدى الجلسات النسائية همستْ لي إحداهنَّ مذكِّرة أن المجتمع قد خلا من الرجال، وأنهم قد أصبحوا اليوم من المُنقرِضين، واستشهدت على كلامها بزوج أختها الذي يَضربها كلَّ يوم ولا يهتمُّ بشؤونها، والأخ فلان زوج الأخت فلانة الذي تزوَّج عليها وتركها وأبناءها، وزوج بنت عمها الذي تركها بعد قصة حب عميقة يشهد بها القاصي والداني، ولم يَلتفت إلى أن في رحمها قطعةً منه، والأخ فلان الذي لا يُنفق على أهل بيته وينفقها في خروجاته الخاصة وعلى أقرانه، والأخ الذي وعد صديقة لنا بالزواج وذهَبَ بدون سابق إنذار وترك قلبها معلَّقًا!
وبينما نحن في وصلة من الندب والكآبة إذ أتى إليها طفلاها شاكيَين؛ ولد لم يبلغ من العمر 10 سنوات وطفلة لم تنتهِ من مرحلة الطفولة المتأخرة بعد، أتت بثورة النساء تتلعثَم في كلامها منهارةً وباكيةً، لا أفهم منها شطر جملة واحدة!
وبعد محاولات عديدة لفك شفرات جُمل الفتاة أدركتُ أنَّ أخاها قد ضربها أمام أقرانهم؛ لأنها لم تُعطِه "الآي باد"!
كدتُ أنفجر غيظًا في الولد من حرقة بكاء البنت، ولكنِّى تذكرت أن بجانبي والدته التي تُنكِر على المجتمع ندرة الرجال، فإذا بها بكل هدوء تبتسِم وتقول:
اهدئي يا حبيبتي، أخوكِ يريد أن يلعب معك.. ألم أقل لكما قبل ذلك: الْعَبا مع بعضكما البعض؟ تعالَي واجلسي بجانبي حتى تهدأ نفسُكِ!
شعرتُ أنني أتقمص دور "توم" وهو جاحظ العينين مفتوح الفم وهو في حالة من الاندهاش!
ولكن لا عجب؛ فإنَّنا في المجتمع نفسه الذي يُنكر ندرة الرجال وهو لا يقوى على صناعتهم بعد!
كم من الأمهات - إلا من رحم ربي - أنبتَت طفلها على أنه رجل في حِكمته واحتوائه وحسْن تصرُّفه في الموقِف وليس في قوته؟!
كم من الأمهات - إلا من رحم ربي - لم تفرِّق بين ردَّة فعلها في الموقف إذا كان القائم به البنت أو الولد؟!
لماذا لم تنضج عقولنا بعدُ لنعلم أن ما نزرعه اليوم في تربية الأبناء سنحصده غدًا في علاقاتهم ومعاملاتهم وزيجاتهم وفى مجتمعهم؟!
لقد أصبحنا في زمنٍ يَرى المرض ويُعاني منه، ولكنه لا يقوى على علاجه من جذوره ويُثبته!
"رجال اليوم هم حصاد الأمس، ورجال الغد هم غرس اليوم".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|