|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
من روائع لغة (لضاد)
إن المنصفين يشهدون بقدرة لغتنا- لغة الضاد- على العطاء والنماء والتطور، وحسبُك أن تعلَم أن اللغة العربية كانت لغة الحضارة في القرون الوسطى، فاستوعبت كل ما فتحته الحضارات القديمة من فكْر وثقافة وغيرهما؛ وهي اللغة التي لبَّت دعوة الإسلام الذي شكَّل منعطفًا في تاريخ العرب والبشرية، فاجتازت العربية امتحانًا كان يجب عليها اجتيازه، فقد استطاعت- بقدرتها على التوليد والتطوُّر- أن تفيَ بكل متطلبات التعبير اللغوي والفقهي والاصطلاحي الذي احتاج إليه الإسلام بكل سعته وعظمته وحضارته، ودونك بعض الأمثلة: مادة (خير): الخَيْر: ضدّ الشَرّ، وجمعه خُيور، وهو خيرٌ منك وأخيَرُ، قال تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ (المزمل:20)؛ أي تجدوه خيرًا لكم من متاع الدنيا. والخَيْر يُقابَل بالشرّ مرّة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ (يونس:11)، ويُقابَل بالضُّرّ مرّة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (الأنعام:17). ويُقال: امرأة خَيْرَة وخَيِّرَةٌ، والجمع أخْيار وخِيارٌ، قال تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ﴾ (التوبة:88)، جمع خَيْرَة؛ وهي الفاضلة من كلِّ شيء؛ أي خيِّرات الأخلاق، حِسان الخَلْق، قال تعالى: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ (الرحمن:70). والخَيْر: المال، قال تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ (البقرة:180)، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 273)، أمّا في قوله تعالى: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ (النور:33)، فقيل: عَنى به مالاً من جِهَتهم، أو إن علمتم أنّ عِتْقهم يعود عليكم وعليهم بنفع. ويُقال: اختَرْتُكم رَجلاً، واختَرتُ منكم رجلاً (أي أنّ الفعل "اختار" يتعدّى بنفسه، كما يتعدّى بحرف الجرّ مِن)، قال تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا﴾ (الأعراف: 155). وقوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ (القصص:68)؛ أي: ويختار ما لهم فيه الخَير، وهو ما تعبَّدهم به، وليس لهم فيه الخِيَرَة، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ (الأحزاب: 36). والخِيَار: طلب خَيْرِ الأَمرين، ففي الحديث الشريف: "البيِّعان بالخِيارِ ما لم يتفرَّقا" (متَّفق عليه). مادة (توب): التَّوْبُ: تَرْكُ الذنبِ على أجملِ الوجُوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، قال سبحانه وتعالى: ﴿غافِرُ الذَّنْبِ وقابِلُ التَّوْبِ﴾ (غافر: 3). التَّوْبةُ: الرُّجُوعُ من الذَّنْبِ، وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلّم: "الندم توبة" (أخرجه أحمد، وابن ماجه عن عبد اللّه بن مسعود مرفوعًا)، والتَّوْبُ مثلُه، وقال الأَخفش: التَّوْبُ جمع تَوْبةٍ مثل عَزْمةٍ وعَزْمٍ. وتابَ إِلى اللّهِ يَتُوبُ تَوْبًا وتَوْبةً ومَتابًا: أَنابَ ورَجَعَ عن المَعْصيةِ إِلى الطاعةِ، فهو تائِبٌ وتَوَّابٌ، والتَوَّاب: العبدُ الكثيرُ التوبَة، وذلك بتَركِهِ كلَّ وقتٍ بعضَ الذنوبِ على الترتيب، حتّى يصيرَ تاركًا لجميعه، وقد يُقال لله ذلك، لكثرة قَبُولِه تَوْبة العبادِ حالاً بعدَ حالْ. وتابَ اللهُ على عَبْدِهِ: وَفَّقَهُ للتوبة، فالله تَوَّابٌ، والعبدُ: تائبٌ، ﴿إنّه كانَ تَوّابًا﴾ (النصر:3)، واستتابه: طَلَبَ منه التوبة. والتوبةُ: الاعتراف، والنَّدَمُ، والإقلاعُ، والعزمُ على ألاّ يعود الإنسانُ إلى ما اقترفه، ومنه قولهم: "التَّوْبَةُ تُذْهِبُ الحَوْبَة". التوبَةُ: في الشرعِ تركُ الذنبِ لِقُبْحِهِ، والنَّدَمُ على ما فَرَطَ منه، والعزيمةُ على تركِ المُعاوَدةِ، وتداركُ ما أمكنهُ أن يُتَدَاركَ من الأعمالِ بالإعادةِ، فمتى اجتمعت هذه الأربعُ، فقد كَمُلَت شرائطُ التوبة. وتابَ إلى الله: تَذَكَّر ما يقتضي الإنابَة، نحو: ﴿وتُوبوا إلى اللهِ جميعًا أيّهَ المؤمنون لعلّكُمْ تُفْلِحون﴾ (النور: 31). وتابَ اللهُ عليه: أيْ وَفَّقَهُ للتوبة، وقَبِلَ توبته: ﴿لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (التوبة: 117). والتائبُ، يُقالُ لِباذِلِ التوبَةِ، ولِقَابِلِ التوبة. فالعبدُ تائبٌ إلى الله ؛ واللهُ تائبٌ على عبده. وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ومَنْ تابَ وعَمِلَ صالِحًا فإنَّهُ يتوبُ إلى اللهِ مَتَابًا﴾ (الفرقان:71)؛ أي، التوبة التامّة. وهو الجمعُ بين ترك القبيح، وتحرّي الجميل: ﴿عليهِ تَوَكّلتُ وإليهِ مَتاب﴾ (الرعد:30)، ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة: من الآية 128). مادة (أذن): من ذلك (المئذنة): المئذنة أصل اشتقاقها من الأُذن (عضو السمع)، وآذَنتك بالشيء: أعلمتك به، وسمِّي الإعلام بوقت الصلاة أذانًا، ومنه أُخذت المئذنة. مادة (فقه): ومن ذلك (الفقه): يقال فقهت الشيء إذا عرَفته، ثم خُصَّ به علم الشريعة من التحليل والتحريم، وقِس على هذا (السورة) و(الآية) و(السجود) و(الإحرام)، وهكذا دواليك من الألفاظ التي انتقلت وتطورت دلاليًّا من معناها الأصلي إلى معناها العُرفي الإسلامي، وفي عصرنا الحديث أيضًا تطورت كلمات كثيرة دلاليًّا. وهذا يدل على مواكبة هذه اللغة لمسيرة التطور ووفائها بمتطلبات العصر، ومن ذلك: التشاجر: انتقلت هذه الكلمة من معنى تشابك الأشجار إلى تشابك المتخاصمين. الحَضارة: انتقلت هذه الكلمة من معنى الإقامة في الحضر إلى معنى الرُّقِي والتقدم. الاقتباس: انتقَلت هذه الكلمة من أخذ القبَس إلى الاستفادة والتوظيف والانتفاع. الجِناية: انتقلت هذه الكلمة من أخذ الثمر وجنْي القِطاف إلى معنى ارتكاب الجُرم. الدابَّة: انتقلت من معنى كل ما يدبُّ على الأرض إلى معنى ما يُركب عليه. أيقال- بعد هذا- إن لغتنا لغةٌ عقيم، لا تساير ركب الحضارة ومتطلبات العصر؟!! |
#2
|
||||
|
||||
رد: من روائع لغة (لضاد)
جزاك الله خيرًا و بارك فيك
نعمَ ما نقلت موضوع طيب مبارك أحسن الله إليك
__________________
***************************
غائب... ولعلّي أعود ... قبضتُ على الطفيلية التي تـُفسدُ موضوعاتِك سرًا...أدخل لتعرفها *********** |
#3
|
|||
|
|||
رد: من روائع لغة (لضاد)
استاذى الكريم بورك مرورك وشكر الله لك
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |