|
|
الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي): (من الممارسة اليومية)
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي) (من الممارسة اليومية) (1) د. غنية عبدالرحمن النحلاوي مقدمة هذا الموضوع متشعِّب شديد الاتساع، فسأقسمه لأجزاء وسأتناول مِن كل روض زهرة، ولكن هل الأدوية زهور؟ ليس تمامًا، إنما عندما توضع موضعَها فهي أقرب لذلك - بإذن الله - ومع ذلك تبقى زهورًا ذات أشواك، وعندما يُساء استخدامها تُصبِح كالأعشاب الضارة، وربما السامة، والمُداوي قد يكونُ الطبيبَ وقد يكون الصيدلانيَّ، وقد يكون المرء نفسُه لنفسِه أو لطفله، ناهيك عن القريب والجارة، وأعضاء مجموعات التواصُل الذين أكثرهم أصدقاء، ولكن عن بُعد! وفي مَجال اختِصاصي (طب الطفل) لم أكن متأكِّدة مِن أنَّ الأم قد لا تَعرف، كنتُ كثيرًا ما أثق بحدسها الفِطري، وكانت زميلتي - وهي كذلك طبيبة الأطفال وهي أمٌّ لثلاثة أطفال - تقول لي: إنَّ معظم الأمَّهات مهما تظاهرْنَ، فهنَّ لا يَعرفْنَ، لا تتوقَّعي من الأم الكثير. وهكذا بدأ الأمر؛ فقد اعتدتُ على شرحِ أبسط التفاصيل والمعلومات للأهل، وكان ذلك مجديًا - على الأغلب - في ما مضى، ولكنه لم يَعدْ كذلك عمومًا - مع استثناءات - لا سيما بالنِّسبة لأمهات اليوم اللاتي يسألْن كثيرًا، ويُبدين ترددًا، ثم قد لا يحسنَّ التصرف إلا فيما ندر! والمقصود هنا ليس المعلومات الطبية الدقيقة، ولكن الحديث هو عن عدم المعرفة بشأن كلٍّ مِن: وصْف الأعراض المرَضيَّة عند الابن، والثقافة الصحية العامَّة، وكذلك بديهيات المُحاكمة الفِكرية، وفوق كل ذلك: الإصرار على طلب أدوية معيَّنة ورفْض أخرى، وسأتناول مثالين أفصِّل الأول وأوجز الثاني، على أنْ أُتمَّ البحث في أجزاء أخرى - بإذن الله تعالى: • المثال الأول - المضادُّ الحيوي أو الصادُّ: هاتفيًّا: تَختصر الأم وصف حال ابنها وهو في الرابعة - والذي أعرفه وأتابعه منذ ولادته - بأن حرارته ارتفعت وحلقَه يؤلمه، ولا تهتمُّ كثيرًا بتوصياتي عن تخفيض الحرارة ريثما أفحص الطفل، بل تصرُّ أن أصف لها "المضاد" - كما يُسمُّونه - هاتفيًّا، فهي فتحت فمه ووجدت بقعة قيح في حلقه، هي شخَّصت وقرَّرت ولم يبقَ إلا اسم الصادِّ! هذه قصة تتكرَّر - أو ما يُشبهها - معي ومع كل طبيب تقريبًا، ولكلٍّ منها تتمَّة تَختلف عن الأخرى وتتعلَّق بمُلابساتها. الطفل س ط (المذكور): في اليوم التالي جاءت به الأم لإصراري أن تَكتفي بخافض الحرارة حتى يتمَّ فحصه مِن قِبَل أيِّ طبيب، والمفاجأة أنني لم أجد أيَّ بقعة قيح، وأعدتُ الفحص، وناديتُ الأم: أريني أين؟ فانحنتْ لتنظُر وقد أضأتُ لها الكاشف، وعلَّقت: البارحة كان موجودًا! وتابعتْ مبرِّرةً: ولكن لا يزال يغلي، هل قستِ حرارته دكتورة؟ في النهاية: ختمتُ الحديث بالتأكيد لها على أنَّ: "المضاد الحيوي ليس خافضَ حرارة"، المعلومة التي أكرِّرها لأهل الأطفال مرات ومرات، وأرجو أن تُفيد. أولاً - دور المريض وأهله: وهكذا - رغم التحذيرات - لا يزال المضاد الحيوي يُستعمَل لعلاج الزكام والحُمى، ولا يزال إتمام الشوط العلاجي بالصادَّات الموصوفة نظاميًّا مِن أضراب الغول والعنقاء والخِلِّ الوفي إلا ما ندر، كذلك - ورغم التوعية - يستمرُّ البعض بوصف الصادات لجيرانه أو لنفسِه، ولكن بالنِّسبة لطفلِه يَبقى أكثر حذرًا، ويسأل الصيدلي أو الطبيب هاتفيًّا، أو يصرُّ في العيادة ألا يخرج بدونه، ومنهم مَن يُملي إرادته، وكنتُ أظن أنَّ هذا من مشاكل المُمارسة في بلادنا، ولكنني وجدت في بحث صدر مؤخرًا عن "مركز السيطرة على الأمراض في أتلانتا بالولايات المتحدة"[1]، ويَتناول خطر انتِشار الجراثيم المُقاوِمة للمُضادات الحيوية أو الصادَّات[2]، وجدتُ التوصيَة التالية: "إذا مرضتَ لا تَطلُب مِن طبيبك أن يصفَ لك صادًّا، ولا تَتناول صادات لم تُكتَب لك بالذات، ولمرضِكَ هذا عينه، وعند تناول صادٍّ اتبع تعليمات الجرعة والمدة بدقة.."، عبارات تبدو بديهية، ولكن العجيب أن المصادر الطبية والمراكز الدولية الصحية تكرِّرها اليوم كأنها جديدة، مع أنَّنا كنا نسمعها ونحن طلاب طبٍّ، وكنا نقولها للمرضى ولأهل الأطفال بعد التخرُّج والاختصاص، وتَنشرها كافة وسائل الإعلام المتوفِّرة في ما مضى، والتي كانت - على محدوديتها - تُسمع وتُشاهد وتُقرأ بحرص نسبةً لما هو اليوم، وفي المُمارَسة كنتُ أبدأ عبارتي للأمِّ التي بدأت توعيتَها منذ وليدها الأول، وأتابع أُسرتَها لسنوات: تعرفين أنه كذا وكذا، "مثلاً: إنَّ الجراثيم تُصبِح معنَّدة على الصادَّات إن استُعملت عشوائيًّا.." فتهزُّ لي رأسها مؤمِّنَةً وأطمئنّ لوعْيها فأوجز. وها هو التَّحذير مِن هذه المَشاكل يعود اليوم عالميًّا وبنفْس العبارات القديمة تقريبًا! في البداية أدهَشَني الأمر، ولكن تذكَّرتُ عبارة "العالم أصبَحَ قرية صغيرة"، ومِن مضامينها: أنَّ أعدادًا كبيرة مِن الآباء والأمَّهات اليوم: شُبانًا وكهولاً هم إما نسوا، أو تجاهَلوا وتناسوا، فما يبدو زيادة علم لانتشار وسائله هو غالبًا زيادة جهل؛ لنقص الاستيعاب الكمِّيِّ وسوء الانتِقاء الكيفي! وكثيرًا ما أعجب لبعض الحالات التي لا أجرؤ على وصفها باللامبالاة، وهو ظاهرها، فلا يوجد أمٌّ لا تُبالي بطفلها، ولكن أعزوها لاختلال سُلَّم الأولويات لدى أمهات شابات، وليس فقط ضغط الدراسة، والاهتمام بالعمل والوظيفة، بل الواجبات الاجتماعية الحقيقية منها والافتراضية! ثانيًا - دور الهيئات الطبية: أصبَح التثقيف الطبي المُستمر شرطًا لمُتابَعة العمل في مجال الطبِّ، لا سيما وقد تدخَّلت المُتغيِّرات العالميَّة مِن سياسة واقتصاد في فرع كان يفخَر باستقلاليته، إضافة إلى قصور التوعية الطبية الحيادية، وحُلول التثقيف الطبي التجاري محلها وبروز أثر التجارة الدوائية وشركات التأمين، وسيرد المزيد عن أثر ودور تلك الهيئات في سياق الأجزاء القادمة، وفي البحث المذكور عن مركز السيطرة (اختصارًا CDC) توصيات مُشدَّدة للطبيب المعالج وليس للمَرضى فقط، فالكثير من المقالات والأبحاث العالمية تتوجَّه للطرفَين، وهو ما أريد لفت النظر له؛ أنَّ هنالك منطقة متوسطة في التثقيف الصحي علينا متابعة الكتابة فيها لكل من المريض والقارئ العادي عمومًا، ولأفراد الهيئة الصحية؛ كالمُمارس العام، ولا نَقول: إنَّ القارئ العادي لا يفهم؛ فنحن بما نَكتب نرتفع بوعيه وثقافته، أو نهبط بها، وسأُجمل الحديث بشأن الصادَّات لعلَّ العلم بالموضوع يُساعِد في تجنُّب تكرار الخطأ. الصادَّات معلومات تتجدد: الاستِعمال العشوائي والتعنيد: • تُجمع الدراسات البحثية على أنَّ التعنيد على الصادَّات مُشكلة شديدة الخطورة، وتَكبُر بسرعة، ووصف الرواد في الصحة العالميَّة الجراثيم المعنَّدة بأنها جراثيم كابوسية "nightmare bacteria" تطرح تهديدًا كارثيًّا للناس في كلِّ العالم، وقد أورَدَ مركز السيطرة بأتلانتا أنه يُصاب سنويًّا بالولايات المتَّحدة الأمريكيَّة: مليونا شخص على الأقلِّ بخمج سببه جراثيم مقاومة للصادَّات[3] وعلى الأقلِّ فإنَّ (23 ألف) إنسان يَلقى حتفه كل عام كنتيجة مباشِرة لهذه الأخماج، وأعدادٌ أكبر يَموتون بسبب اختلاطات خَطِرة لها، وتَرتبِط بذلك التعنيد على الصادات. • كيف يتطور التعنيد على المضاد الحيوي؟! عندما تتعرَّض الجراثيم المُمرضة لهجوم المضاد الحيوي، فهي تبدأ تتعلم كيف تحتال للإفلات منه لا سيَّما في معاركَ ناقصةِ العُدَّة والمدَّة وتكرار ذلك، وهذا يَحدث في الإنسان، والحيوان، والبيئة، وتَستطيع الجراثيم المعنَّدة بعد ذلك أن تتكاثر، ثم هي تَنتشر بسهولة وسُرعة، وتَجتاح أجهزة الجسم مُحدِثة أمراضًا خَطِرة لا تعنو للعلاجات! والمُدهش - وهو مِن أحدث الكشوف الطبية - أن تلك الجراثيم المُقاوِمة تستطيع أيضًا أن تتَشارك بالمعلومات الجينية المُستحدَثة لديها مع جراثيم أخرى جاعلةً إيَّاها مقاومة بدورها للصادِّ، فتتَّسع المشكلة من حيث الكمُّ أضعافَ ما هو متوقَّع، وفي كل مرة تتعلَّم زمرة جراثيم كيف تتجاوَز صادًّا بذكاء، فإن الخيارات العلاجية تُصبِح أكثر محدودية، ويُصبِح لدينا سلاحًا جديدًا معطلاً. تُصيب الأخماج[4]بالجراثيم المُقاومة للصادَّات الإنسانَ في أيِّ وقت وأيِّ مكان، وتنال أي جهاز في جسمه: وأكثرها انتشارًا إصابات الجلد، والأمراض المنتقِّلة بالجنس، ويشيع حدوثها في المجتمع، ولكن أعلى نسبة للوفيات الناجمة عن الجراثيم المقاومة تَحدث في أماكن العناية؛ كالمشافي، ودور الرعاية العامة، لاسيما لمَن هم على طرفَي العُمْر. • توصيات: كيف نتجنَّب المشكلة: إنَّ صناعة مضادَّات حيوية جديدة، كلما عنَّدَت الجراثيم المُمرضة على ما بين أيدينا مِن صادَّات ليس هو الحل، فالوقاية هي المعوَّل عليها لإقلال تكوُّن وانتشار تلك الجراثيم، وهي تتم بتوصيات بسيطة ولكن مهملة؛ منها: 1- للمريض: إضافة لما ذكرناه من وجوب تجنُّب تناول أيِّ صادٍّ لم يُكتب لك أنت ولمرضك هذا تحديدًا، وأهمية اتِّباع تعليمات الجرعة والمدَّة بدقة، هنالك إجراءات الصحة التقليدية التي تمنع دخول الجراثيم المعندة لجسمك، وهي قد تكون تسبَح في كل ما حولك مِن أوساط ناقلة؛ مثل: • غسل اليدين قبل وبعد الطعام، ولا سيَّما في المطاعم، وأؤكِّد دائمًا للأطفال أهمية أن يَغسلوها قبل تناول الطعام (أكثر أهمية مِن بَعدِه)، وغسلها عند لمْس الأطعِمة واللحوم غير المطهوَّة، وغسلها عند الخُروج مِن دورات المياه، الحِرص على الطهْوِ الجيِّد للطَّعام (النُّضْج). • أخْذ اللقاحات المُوصى بها محليًّا، كلُّ دولة حسب أمراضها، بالتوازي مع اللقاحات العامَّة المقرَّرة عالميًّا. • تجنُّب العلاقات غير الشرعية، والتماسِّ مع آخرين في الأجواء المشبوهة، وما سبق نجد أكثره في تعاليم الإسلام دين الطهارة بحمد الله. 2- للعاملين في المجال الصحي (بمَن فيهم الأطباء): إن توجيه التوصيات لهؤلاء في نفس المقالات الموجَّهة للمرضى وأهلهم يحسِّن العلاقة بين الطرفين، ويُزيل حواجز التذمُّر ونقْص الثقة، ومِن أهم التوصيات لهم في موضوعِنا: • للجَميع: ضرورة الالتزام بإرشادات الصحَّة العامَّة، وعلى رأسها غسل الأيدي (أيضًا وأيضًا..) خلال التعامل مع المرضى ومتعلقاتهم، وتطبيق الاحتياطات الخاصة بالتَّماس، ونظرًا لكون الوفيات تَبلغ أعلاها في المؤسَّسات التي يُشرفون عليها كما ذكرْنا، يُوصى بالتعاون والإسراع في إجراءات العزْل والتشخيص والعلاج عند الشك في وجود إصابة بتلك الجراثيم المقاومة للصادات، وتجاوز الروتين المتمكن في بعض المؤسسات الطبية، مع مُتابعة أحدث الخيارات العلاجيَّة المُتاحة. • وللطبيب تحديدًا: أدهشتني اللهجة الحازمة من مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة في التوصية التالية: "لا تصفُ الصادَّ إلا إذا كان سيَنفع المريض حقًّا، وكن واثقًا مِن وصْف النوع الملائم للحالة بالجرعة المناسبة، وللمدة المناسبة"! وأضيف هنا: التأكيد على واجبه في بيان تعليمات الجرعة والمدة بدقة للمَريض وأهله، وأن يتقبَّل برحابة صدر أن يسأله المريض عنها إن لم يكتبْها سهوًا أو عجلةً (بل أن يتقبل أسئلة المريض عمومًا)، ومَن المُهمِّ أن يَبذل الطبيب بعض الوقت والجهد لتوعية الزائرين بهذه الشؤون، فالتوعية المباشرة أهمُّ وأجدى من تلك الموجهة عبر وسائل الإعلام - على أهميتها - وأشير إلى أن بعض المراكز الطبية العالَمية ذات السمعة الجيدة توجه مراجعيها لتسجيل أسئلتهم في غرفة الانتظار، وتُخبرهم بأنَّ فترة استِقبال الطبيب لهم تتضمَّن عشرين دقيقة مثلاً للإجابة عن أسئلتهم - أو أقل أو أكثر حسب كل حالة - وهذه الطريقة تمنَع الغبْن لأي مِن الطرفين؛ الطبيب والمريض. ولا أنسى دور الصيدلاني في التعاون مع الأهل ومع الطبيب، بعدم صرف الصادَّات عشوائيًّا دون وصفة، ومُراجَعة الطبيب لإتمام الوصفات الناقصة وبذْل أقصى جهده في ذلك! • المثال الثاني: القطرات الأنفية الدوائية: • تجاوز المدة، والخطأ الطبي: يؤدي الخطأ الطبي هنا إلى نشوء حلقة مَعيبة (أنف مسدود <==> أنف مسدود): وأحب هنا أن أنبِّه القارئ إلى هذا الخطأ لأهميته وكثرة الوقوع فيه، حتى إنني شاهدتُ طبيبًا مستجدًّا واقعًا فيه، وهو لعدة أشهر لا يستطيع العيش بدون النقط الأنفية المضادة للاحتقان! بداية المُشكِلة: يؤدي انسداد الأنف إلى صعوبة التنفُّس، ولاسيما ليلاً، ويعبِّر البعض عن ذلك للطبيب بالشعور بالاختِناق، فيُسارع بوصف القطرات الأنفية الدوائية المضادَّة للاحتِقان، وأكرِّر الدوائية، وليس ماءً وملحًا، والتي تخفِّف الانسِداد ثم تُزيلُه، وتبدأ المُشكلة عندما يُتابع المريض استِخدامها لفَترة تطول لأسابيع لشعوره بالارتياح، وعندما تَسأله في هذه المرحلة بعد أن فات الأوان ودخل في الحلقة المعيبة يُجيبك: لا أستطيع النَّوم بدونها، وما حصَل أنه أصيب بما نُسمِّيه: "انسِداد الأنف الوعائي الكاذب"، والناجم عن اعتياد النسيج الأنفي والأوعية الدمَوية الممتدَّة خلاله على الدواء لطول الفترة، علمًا أنَّ توعية النسيج الأنفي غزيرة أكثر مِن أيِّ بُقعة أخرى بالسَّبيل التنفُّسي - فتَنقبض تلك الأوعية بتأثيرِه ويَنفتِح الأنف المسدود، لتَرتكِس تلك الأوعية فجأة لقطع القطرة بالاحتِقان الشديد والتوسُّع فينسدُّ الأنف أشدَّ مما سبق. ويعود المَريض لاستِخدام تلك القطرات التي يَحتاج التخلُّص مِن إدمان الأنف عليها (إن صحَّ التعبير) وكسر الحلقة المَعيبة إلى استِشارة الطبيب المُختص، ثم التقيُّد بالخطة الطبية المَعروفة لذلك والتي يَحتاج نجاحها للصبر والتعاون مع المختص. أما الخطأ الطبي في كل هذه المعاناة - التي قد تستمرُّ أشهرًا - فهو أن الطبيب الأول الذي وصف القطرة المسؤولة نسي كتابة عبارة: لمدَّة ثلاثة أيام فقط - مع خطَّين تحتها - على الوصفة (أو جهل أو تجاهُل أهمية ذلك)، ناهيك عن شرح المشكلة قبل حدوثها والتحذير الشديد منها كما صرتُ أفعل (أحيانًا يَجب أن تُخيف المريض من النتائج)! في الختام: أُشير إلى ضرورة الصدق في علاقة الطبيب مع المريض وأهله بشكل عام، وبالنسبة لموضوع المداواة بالذات، وأن يُخبِره بكلِّ ما أخذه من أدوية، ومدة الاستِمرار طالت أو قصرت، وفي جعبة كل طبيب قصص أشكل فيها العلاج لغياب الشفافية ونقص المعلومات نسيانًا أو إخفاءً. وكم من المرات اضطرَّني الأمر لحساب الجرعات للأم التي تأتي في المراجعة مؤكدة أنها أعطت ولدها "الدواء المضاد" لسبعة أيام، وأطلب منها أن تريني العبوة، فأبيِّن لها أنها تكفي لثلاثة أيام فقط (حسب الجرعة الموصوفة للوزن)، وهي لم تفتح العبوة الثانية، وكم مِن المَرات أعلم متأخِّرةً بعد التدقيق والبحْث أن نِصفَ الدَّواء انسَكَب، أو أنها نسيتْه عند أهلها فقطعت العلاج، ومنهنَّ مَن تسأل على استحياء هل تكمله بعد يومين من الانقطاع؟! ولكن لا أغبن الأمهات حقهنَّ؛ فالنسبة الأعظم منهنَّ مُتفهِّمات، ويُمضين الليالي الأولى من مرض الطفل ساهرات بجواره، ويُسارعن للحديث بصراحة عن أيِّ خلل في العلاج؛ لأن المهم صحة الابن الغالي، ومِن الأمَّهات مِن أثق بحدسها، وأعجب لدقتها وتعاونها المريح طوال فترة الطفولة لأبنائها، بكل معالمها مِن نموٍّ وتغذية وتطوُّر فكري وجسمي (وليس في المرض فقط)، وبعضهنَّ أكثر حرصًا ودقة في المداواة مِن الطبيب نفسه، إنها الأمومة بكل ما لها وما عليها من تبعات! وإلى اللقاء في الجزء التالي بمشيئة الله وتيسيره. the US Centers for Disease ******* and Prevention=CDC [2] كلمات مفتاحية: المضاد الحيوي أو الصاد: antibiotic. • جراثيم مقاومة للصادات (أو معنَّدة عليها) antibiotic - resistant bacteria. [3] كلمات مفتاحية: المضاد الحيوي أو الصاد: antibiotic. • جراثيم مقاومة للصادات (أو معنَّدة عليها) antibiotic - resistant bacteria. [4] الخمج: هو نزول العامل الممرض (فيروس أو جرثوم أو..) في ساحة الجسم وجمعُها أخماج، وهي ترجمة أساتذتنا لكلمة (Infection) التي تُدعى في اللهجات العامية الْتهاب"، بينما مدلول الالتهاب مختلف، فالحدثيات الالتهابية في جسمنا تترافق أو لا تترافق مع الخمج.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي): (من الممارسة اليومية)
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي) (من الممارسة اليومية) (2) د. غنية عبدالرحمن النحلاوي أخطاء التداوي بحر زاخر، وقد أوجزنا بعضها في الحلقة الماضية عندما تحدثنا عن قطرات الأنف، وعن الصادات، وأشرنا إلى مَساعي المنظمات الدولية للحدِّ من سوء استخدام الصادات (الأنتيبيوتيك) ومن أحدثها النداء الذي أطلقَته منظمة الصحة العالمية لترشيد المداواة بها، قبل أن نرى البشرية تعود لما سمِّي "عصر ما قبل الصادات"! ونتناول في هذا الجزء مسكِّنات الألم الخافضةَ للحرارة: التعامل مع خافض الحرارة المسكن للألم مقدمة: مادة "الباراسيتامول" للأهمية: إنَّ أكثر هذه الأدوية شيوعًا واستعمالاً الدواء المعروف علميًّا باسم: باراسيتامول، وله عدة أسماء تِجارية (ماركات) عالمية ومحلية، ويعرف في بعض الدول - مثل أمريكا - باسمه العلمي الثاني: اسيتامينوفين، ونتناوله هنا ليس لأنه من أكثر أسباب التسممات الدوائية وحَسْب، وليس فقط لأنه بداية بسيطة قد تنتهي بكارثة! فنبدأ بدواء لا يُلقي له البعض بالاً لعلاج الصداع والحمى المتوسطة مثلاً، وننتهي بتسمم شديد مهدِّد للحياة؛ بل أتناوله - مع ما سبق - للمساهمة في تصويب الخطأ التاريخي الطبِّي الذي نشَر قناعة تامة عند الناس بأنه علاج آمنٌ، آمن تمامًا حتى عند الأطفال والحوامل! فذلك هو الأمان الكاذب! لماذا؟ لأنه: آمن، ثم آمن، ثم آمن... ثم: قد يكون قاتلاً!! والمعلومة أنه آمن ليست خاطئة بحد ذاتها، ولكن الخطأ في المبالغة بها، وفي نشرها وترسيخها عند الإنسان العادي، دون حدودٍ أو قيود؛ فهو مهما كان آمنًا يبقى مادة دوائية لها محاذيرها وجرعاتها المضبوطة بالدساتير الطبية، وهناك "عواملُ خطورة" - كما نسميها طبيًّا - تجعلها قاتلة في بعض الحالات. كل ذلك والمزيد - مما سيَلي - أدَّى إلى قلق عالمي من انتشار حالات التأذي من هذا الدواء. ◙ نقلة وعي: من الأمان إلى السُّميَّة: • إحصائيًّا تمثِّل سُميَّة الباراسيتامول واحدةً من أكثر أسباب التسمم شيوعًا في جميع أنحاء العالم، وهي سُمِّية كبدية بالدرجة الأولى؛ فهذا الدواء هو السبب الأكثر شيوعًا للفشل الكبدي الحادِّ في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وقد يؤدي لسمية كُلَوية، وإنَّ معظم حالات الإفراط الدوائي الضار تنجم عنه بالذات كما في الدول التي توفر إحصائيات؛ مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا! وفي دراسة لحالات فشل الكبد الحاد بين نوفمبر 2000 وتشرين الأول 2004 من قبل "مراكز مراقبة الأمراض والوقاية" بأتلانتا في الولايات المتحدة وُجد أن الباراسيتامول هو سبب 41 ٪ من مجموع الحالات لدى البالغين، و25 ٪ من الحالات لدى الأطفال! ◙ وتضمُّ عوامل الخطورة التي تَزيد من احتمال التسمم بالباراسيتامول وخطورته: ◄ شرب الكحول المتكرر ولو بكميات قليلة، والحمد لله أنه حرمه على عباده. ◄ سوء التغذية والمَخْمَصة الجماعية في المجاعات والحصارات، والفرديَّة منها عند فئات معينة (كالفنانين وعارضات الأزياء)! والتي تترافق بنَقص شهية مرَضي يسمَّى: "القمَه العصبي: Anorexi Nervosa". ◄ التدخين، فوقَ ما له من أضرار معروفة. ◄ الإكثار من الكافيين (ولا سيما تناول مشروبات الطاقة). ◄ السوابق المرَضية والدوائيَّة: وخاصة وجود أمراضٍ بالكبد والكلية؛ وتناول أدوية تؤثر على الكبد مثل بعض الأدوية المضادة للاختلاج (Anticonvulsants) أو بعض أدوية مرض السل. ◄ على طرفي العمر: تزداد أهمية الحذر عند الذين تجاوزوا الستِّين من العمر، وفي مرحلة الوليد الذي لم ينضج كبده بعد. وأنوِّه هنا إلى أنه يُمنع قطعًا إعطاء الباراسيتامول للمواليد حتى نهاية الشهر الثاني من العمر على الأقل، وعلاج الحمى في هذا العمر لا يَجوز بدون فحص طبي بالسرعة القصوى (ويُكتفى بالكمادات ريثما يتم ذلك). ◙ تذكروا: آمن تمامًا، وقاتل أحيانًا! رغم تنامي الوعي فإن مِن أهم ما ترتَّب على مفهوم الأمان المطلَق للباراسيتامول - ومنه ما نراه في الممارسة اليومية - التالي: • لأنه آمن فهو يُباع على حد سواء (دون وصفة طبية)، وكذلك مع الأدوية التي لا تُباع إلا بوصفة طبية؛ وهذا يجعله متاحًا بوفرة ويُصيِّر احتمال التعرض لجرعة زائدة أو سُمِّية منه كبيرًا جدًّا؛ بسبب مركَّبات ذات سمِّية عالية مماثلة (كالإيبوبروفين والأسبرين) كما ورد في دراسات الانتشار الوبائي العالمية! • وبالتالي فإنَّ الباراسيتامول (بأسمائه التجارية المعروفة) في مفهوم أكثر الناس ليس دواءً يَلزم إخبارُ الطبيب عنه عندما يَسأل: ماذا تُعطي ولدك؟ أو ماذا تستعمل من أدوية؟ (ثم قد يصفه الطبيب باسم تجاري آخرَ يكون فيه منفردًا، أو مع مادة دوائية أخرى؛ فهو يَدخل في تركيب العديد من المستحضرات، فتتضاعف الجرعة، وفي حال إصابة كبدية في بدايتها يَستحكم الضَّرر!). • ولأنه آمن فلا بأس ولا تثريبَ على أحدٍ في وصفه: وكنا ذكَرنا في الجزء السابق أن المداويَ قد يكون الطبيب وقد يكون الصيدلانيَّ وقد يكون المرء نفسه: لنفسه أو لطفله، ناهيك عن القريب والجارة وأعضاء مجموعات التواصل. إحدى الأمَّهات تلقَّت على واحدة منها عشَرات النصائح المتناقضة، وبعضها خاطئ تمامًا؛ لأن حرارة ابنها بلغَت (39) درجة، ولم تستجب للخافض (الباراسيتامول)، وكتبَت إحداهن تشجِّعها على تَكرار الجرعة: "لا تخافي من الخوافض، الحرارة يجب أن يتم السيطرة عليها"، وأقول لها ولكل أم: بل خافي من الخوافض (بمعنى الحذر والتنبه)، فهي مركَّبات تعطى بقَدر، وليست ماء ملونًا ومحلًّى! أما الحمَّى فتستحق بحثًا مفصَّلاً، ولكن لا بد في هذه العُجالة من تصحيح بعض المفاهيم حولها، وهذه وقفةٌ قصيرة لذلك: ◙ الحمى: وجود بعض المفاهيم الخاطئة: • مِن الخطأ المبالغةُ في الخوف من الحمى، وإن كان القلق مبرَّرًا ولكن ليس منها؛ بل مما تُخفيه وراءها! فالحمَّى عرَض وهي ليست المرض، عرض يدل على ردِّ فعلنا ضدَّ المرض؛ إذ يُفرز الجسم موادَّ تؤدي للحرارة العالية التي تقوم بدور جرس الإنذار، والغالبية العظمى من أسبابها إصابات فيروسية إنذارها سليم عادةً! ونعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبِّ الحمى[1]. وتتفاوت الأجسام في شدة الحمى الناتجة عن العامل المسبب عينه؛ فهناك مَن يوعَكون بشدة، وهنالك من يكون الترفع الحروري عندهم خفيفًا جدًّا أو غائبًا؛ مهما كان المرض الحموي شديدًا؛ إحدى الطبيبات أخبرتني أنها أصيبت بالحمى التيفية (حمى التيفوئيد) دون أن تَرتفع حرارتها! (والمرض اسمه حمى! ولم تُصَب بحمى خلاله)! وهي حالات نادرة تُرينا كيف أن وجود الحمى مع المرض نعمةٌ؛ فقد يَدخل الإنسان في الاختلاطات الخطرة قبل أن يتمَّ تشخيص المرض؛ سبحان الله! • يَشيع الظنُّ أن الحمى تؤثر على الدماغ إن لم تعالَج، وأنها قد تؤدي لالتهاب السحايا (الحمى الشوكية)، والحقيقة هي العكس؛ فذلك الالتهاب هو سبب ارتفاع الحرارة وليس ناجمًا عنها، كما أنَّ الحرارة لا تؤدي إلى أذية الدماغ. • الاختلاج الحروري عند الأطفال هو أحد أسباب الخوف من الحمى؛ فقد تؤدي الحرارة المرتفعة إلى اختلاجات سليمة عند بعض الأطفال بعمر أقل من (٥) سنوات وهي غير الرجفان أو القُشَعريرة أثناء الحرارة العالية، وهو بحث آخر يهمنا منه بالنسبة لموضوعنا أن زيادة الجرعة أو تقصير الفواصل بين الجرعات المعطاة من الخافض ليس هو الحل لمنع أو علاج الاختلاج الحروري. • أول خطوة لعلاج الحمَّى ليست إعطاء الخافض؛ بل هي تخفيف الملابس ووضع كمَّادات ماء حرارته عادية، وأعجب أنها خطوة قد تهمَل من الأمهات - لاسيما الجزء الأول منها - على أهميتها. ◙ اللاءات الثلاثة: في المشاهدات اليومية يقع الخطأ والضَّرر التالي له بالنسبة لهذا الدواء، فيما يلي: تجاوز الجرعة - تجاوز المدة - تجاوز الاستطباب-الغفلة عن وجود عوامل خطورة؛ مثل إصابة خلسية في الكبد. وتزداد المسألة خطورة بوجود أكثرَ من خطأ من الأخطاء المذكورة عند نفس المريض كما سنرى في الأمثلة. وفي طب الأطفال أحذر الأم وأؤكد للقارئ لزوم التقيد باللاءات الثلاثة خلال تدبير الحرارة المرتفعة تحت أي ظرف: • لا تتجاوزوا 15 ملغ لكل كيلوغرام من وزن طفلكم من الدواء في الجرعة الواحدة. • لا تَنقصوا المدة بين الجرعتين عن أربع ساعات، ولكن تطويلها ممكن. • لا تتجاوزوا مدة 72 ساعة قبل مراجعة الطبيب لفحص طفلكم الذي يَزيد عمره عن سنة (أو إعادة فحصه) إذا لم يستَجِب للمخفِّضات والكمَّادات خلالها (أما دون السنة فلا أكثرَ مِن 24 ساعة). ناهيك عن التحذير البديهي من ترك الأدوية بمتناول الأطفال، ولا يَندُر أن يفتح الطفل العطِشُ الثلاجةَ ويَكرَع نصف محتوى عبوة الباراسيتامول قبل أن يُهرَع الأهل مذعورين للطوارئ (بعد أن دأَبوا على وصفه للطفل: عصير.. عصير)! أعراض الإصابة الحادة عند الأطفال والكبار (محاولات الانتحار)؛ والإسعاف الفوري: خلال ساعتين (وربما أقلَّ) يصبح الطفل شاحبًا، ويُصاب بالغثَيان، وقد يتجشَّأ ويقيء، ويستمر ذلك لمدة (24) ساعة، وهنا فإن إعطاء مضاد التقيُّؤ قد يَزيد من خطورة التسمم بالباراسيتامول، وعمومًا يُمنع إعطاء أي دواء من قِبَل الأهل في هذه الحالة؛ وأحيانًا تَظهر أعراض جديدة بعد 48 ساعة مثل التخليط الذهني والألم البطني وانتفاخ البطن، والمضض في منطقة الكبد؛ وإن الإسعاف الفوري سيَمنع هذا التطور الخطر، وأول خطوة هي إزالة الدواء المبتلَع من معدة الطفل بتحريض التقيؤ أو غسل المعدة، والحمد لله أن التسمم بهذا الدواء بالذات له تِرياق نوعي يُفيد في حماية الكبد إن أُعطي مبكرًا (بعد أقل من 8 ساعات من بدء التسمم) بالوريد أو بالفم. الحالات الصعبة في جميع الأعمار: وفيها قد لا تظهر أعراض سُمِّية الباراسيتامول على الإطلاق في الـ (24 ساعة) الأولى بعد جرعة زائدة، وفي حالات أخرى تظهر الأعراض، ثمَّ يشعر المصاب بعد أول 24 ساعة بالتحسن، إلا أنه في الوقت ذاته يبدأ تطور الضرر الكبدي أو الضرر في الكُلَى خلسةً، ولا يكشف إلا مخبريًّا، وتعود الأعراض للظهور بشدة أكبر بعد (72 - 96ساعة)! وقد تكون الشكوى غير محددة عند كثيرين في الجرعة الزائدة المتكررة لعدَّة أيام أو الجرعة العادية لأسابيع؛ مثل آلام مبهمة بالبطن وغثيان، ومع تقدم الإصابة تبدأ علامات الفشل الكبدي في التكامل عند البعض وأسوؤها اعتلال الدماغ الكبدي، وتشمل الاضطرابات المخبرية عند هؤلاء وأولئك، إضافة لارتفاع مستوى الدواء في الدم، وانخفاض مستوى سكر الدم، وزيادة حموضة الدم وارتفاع أنزيمات الكبد، علمًا أنَّ هذه الأخيرة قد ترتفع إلى ثلاثة أضعاف قيمتها الطبيعية بعد الجرعة العادية (واحد غرام باراسيتامول أربع مرات في اليوم) لمدة أسبوعين، وهو مؤشر منذر! بعض الأعراض تزول تلقائيًّا عند البعض، كما أنَّ عدم تقديم العلاج المذكور أو تأخيره قد يجعل المريض بحاجة لعملية زرع كبد بدلَ التالف، ولكن التهاب الكبد الصاعق (أو الوخيم) غالبًا ينتهي بالوفاة. • أمثلة واقعية: • تجاوز المدة: وتشاهد هذه الحالات عادة بعد عمر الطفولة؛ سواء لتقصير الطبيب في تحديدها، أو لأن المريض استعمله دون وصفة واستمر عليه أيامًا وأسابيع، وبعضهم لأشهُر! وفي هذا خطر كبير على الكبد كما سبق. وحتى في الطفولة كُثرٌ لا يعتبرونه دواء، فيستمرون بإعطائه لأسابيع دون استشارة؛ بدعوى "التسنين" مثلاً أو بكاء الطفل غير المبرَّر. • تجاوز الجرعة: وهو خطأ يَشيع عندما لا يزول الألم، أو لا تنخفض الحرارة، ومن الحالات المؤثرة التي ترجع للثمانينيَّات وانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية، وأحدثَت ضجة في الوسط الطبي وقتها - حالةُ طفلة في الثامنة ضاعفَت لها والدتها الجرعة المقررة من الطبيب؛ لأن الحرارة لم تكد تنخفض عن الأربعين، وبعد يومين تغيم وعي الطفلة وأصيبت بالتهاب كبد صاعق، وسرعان ما فارقت الحياة! ومنذ عامين نشَرت الصحف البريطانية نبأ وفاة شابة إنكليزية بفشَل كبد حاد؛ لأنها ضاعفت جرعة الباراسيتامول لتسرع تخفيف آلام تلَت استئصال ورم حميد من الثدي، وطلب أهلها نشر القصة لتحذير الناس؛ وعلقت سيدة على موقع إخباري عربي نشَرَها: طبيب ابنتي وعمرها سنتان يصفه لها ولم ينبهني للخطورة، بل ظننتُه دواء بلا خطورة؛ كونه يوصف للأطفال دائمًا بهذا الشكل! وتابعَت: "إن الأطباء يبخلون بإعطاء المعلومات، ونحن نجهَل الكثير"! وأنتقل من كلماتها التي نقلتُها كما هي إلى الفقرة التالية: ◙ توزع المسؤولية: تبرز هذه القضية في الحالات الكارثية، ولكنها موجودة باستمرار مع تزايد الاحصائيات حول الأخطاء اليومية، والتسممات المزمنة: • الطبيب مسؤول إن لم يوضح التعليمات، والمريض مسؤول في حال لم يتقيَّد بها أو أخفى معلوماتٍ صحيةً عن طبيبه سهوًا أو عمدًا، وجهلاً بخطورة ذلك؛ كأن لا يخبر طبيبه أن لديه سوابقَ مرض كبدي، أو أنه مدخِّن، ويتناول الكحول؛ وهو مسؤول إن استقى التعليمات من غير أهل العلم. ونعلم أن المسلم مأمور بالتبيُّن وأخذ العلم من مَظانِّه في جميع أموره، والصحة من أهمها؛ ويَزيد اتساعُ المشكلة بين الأسر رغم الحداثة، فأفرادها إما ينتمون لجيل لا يقرأ أو لا يعقل ما يسمع، أو لجيل لم يكن يتمعَّن بما يقرأ أو يطبق ما يسمع، وأكثر هؤلاء وأولئك يقول: سمعنا، وهم لا يسمعون! ◙ وتشترك الهيئات العامة في المسؤولية عن هذا الجهل. • واليوم لا يكاد يخلو منشور توجيهي صحي عام من الحديث عن التسمم بهذا الخافض، ويَحفُل الإعلام التقليدي والإلكتروني بالدراسات والمعلومات المفيدة حوله. • وتتضمن الجهود المبذولة عالميًّا لمنع الإصابة "بأذيات الجرعة الزائدة من الباراسيتامول" السعي لاستصدار قوانين تحدُّ من بيعه بدون وصفة طبية. ختامًا: فنحن مأمورون بحمد الله تعالى بالتداوي؛ روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداوَوا، ولا تتداووا بالحرام))؛ رواه أبو داود. والباراسيتامول دواء جيد، والأجود أن نتناولَه بحذر، دون إفراط ولا تفريط، والله مِن وراء القصد. أهم المراجع والمصادر: 1- منشورات منظمة الصحة العالمية. 2- منشورات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة: the US Centers for Disease ******* and Prevention=CDC 3- كتاب طب الأطفال نلسون: Kliegman: Nelson Textbook of Pediatrics [1] عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب - أو أم المسيب - فقال: ((ما لكِ يا أم السائب - أو يا أم المسيب - تُزَفزفين؟)) فقالت: الحمى، لا بارك الله فيها! فقال: ((لا تسبِّي الحمى؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهب الكيرُ خبَثَ الحديد))؛ رواه مسلم. "تُزفزفين" تتحركين حركة سريعة، ومعناه أنها ترتعد، وهو بضم التاء؛ والقياس في ذلك أن مصائب المؤمن تكفيرٌ لخطاياه ورفعٌ لدرجاته (وإن كان طفلاً فلأهلِه)، ويَشهد له حديثُ عائشة رضي الله عنها، عنه صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يُشاك بشوكة فما فوقها إلا كُتبت له بها حسنة، ومُحيت عنه بها خطيئة))رواه مالكٌ وأحمدُ ومسلم.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي): (من الممارسة اليومية)
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
رد: أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي): (من الممارسة اليومية)
أخطاء شائعة في المداواة (أو التداوي) (من الممارسة اليومية) (4) د. غنية عبدالرحمن النحلاوي مدة الصلاحية، أخطاء الحفظ، التداخل الدوائي مقدمة: الدواء هو العامل المشترك بين جميع المهن الطبية.. ! وهو مادة أو وسيلة تقدم للمريض فقط وليس للسليم؛ مع وجود استثناءات: مثل المعالجة الوقائية (مثالها إعطاء صادات للملامسين للمصاب ببعض أنواع التهاب السحايا)، ومثل المكملات الغذائية التي قد لا تعتبر أدوية. وكثيرا ما يترافق خلل الدواء مع أخطاء قد تكون فردية منزلية، أو تحدث في المشافي والمستوصفات، علماً أن الخطأ وارد عن جهل ربما، ولكن النتيجة السيئة له تتعلق بعدم الاكتراث حيناً، وعدم الانتباه أحياناً.. وسنقتصر في هذا الجزء على ثلاث من حالات خلل الدواء: انتهاء الصلاحية: • على مستوى التصنيع: ((من أسباب خلل الدواء: مادة أولية نفذت فعاليتها في بلد المنشأ.. ورغم ذلك: استوردت وصنعت وعبئت.. ووزعت على الصيدليات ومنافذ البيع أو التوزيع))! وهذا ليس رأياً، بل واقعٌ أنقله من محاضرة لمساعدة وزير صحة في دولة عربية؛ وهي ظاهرة تترافق مع انتشار الرشوة والفساد، وخلل ميزان تقوى الله الذي ينتهي بخلل كل شيء.. وليس فقط الدواء ! • على مستوى الاستهلاك العام:حيث تتوزع المسؤولية بين الصيدلاني والمريض، والمؤسسات العامة، والشركات المنتجة. وبشكل عام يجب عدم تجاوز تاريخ انتهاء الصلاحية المثبت على عبوة كل دواء؛ وكان القانون الذي يلزم شركات الأدوية بطبع تاريخ الانتهاء قد صدر في عام 1979؛ وفيما يلي بعض المعلومات المفيدة بهذا الشأن: تعريف زمن انتهاء الصلاحية لدواء: حسب: إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ( (Food and Drug Administration:[وهي FDA) الفدا) اختصارا]، هو التاريخ الذي لا يضمن المنتج بعده للمستهلك الفعالية التامة للصنف ولا الاستعمال الآمن، ويتم تقديره باختبارات تحديد الثبات ضمن ظروف وخبرات معملية جيدة[1]؛ ويتراوح زمن الصلاحية بالنسبة للأدوية المرخصة في أمريكا بين (1-5) سنوات من تاريخ الصنع؛ ومن أهم ما تم لتوضيح هذا التعريف وتحري واقعيته دراسات لمصلحة وكالة الأبحاث الطبية التابعة للقوات المسلحة الأمريكية، بينت نتائجها ((أن معظم الأدوية التي يمكن أن تباع بدون وصفات طبية مثل قاتلات الألم، مضادات الإسهال، مضادات الحموضة، معالج الإمساك.. تبقى ثابتة ومفيدة لعدة سنوات بعد تاريخ الانتهاء المسجل على العبوة بشرط الحفظ الجيد)) ، وبالأرقام تناولت بعض تلك الدراسات (3000) طبخة دوائية تنتمي لـ(122) مادة علاجية مختلفة، 88% منها تبين أن صلاحيتها تمتد أكثر من خمس سنوات [(66) شهراً] زيادة عن تاريخ الصلاحية المسجل عليها، وبعضها وصلت الزيادة حتى (15) سنة (تحديداً: "184" شهراً) من تاريخ الصلاحية المسجل عليها [2].. • وهي معلومة مفيدة عموماً، وهامة خصوصا في الظروف الكارثية التي تنقطع فيها الأدوية عن أفراد أو مجموعات بشرية.. ! ويفضل عند الاستفادة منها أخذ رأي فرد من الوسط الطبي ما أمكن ذلك، وعموما عندما يخبرك ثقة يخاف الله منهم أن بوسعك تناول هذا الدواء، فلا تستنكر وأنت تدقق في التاريخ وكأنك اكتشفت بلاء ماحقاً؛ وأعرفُ أطباء وصيادلة يستعملون تلك الأدوية لأنفسهم ولأهلهم، ولا يقدمونها لمريض مضطر لأنه عادة لا يقتنع وسيفقد الثقة (والثقة هامة جدا في الشفاء)، ولكن المريض ذاته قد يأخذ لنفسه أو يعطي طفله أدوية سائلة مفتوحة في بيته منذ ست أشهر أو أكثر..!!وهذا خطأ كما سنرى.. • وعالمياً تجد توجهاً للاستفادة من تلك الأبحاث ولكن بحرص:ويرفقُ نشرها ببعض التوصيات مثل: • إذا أصبت بصداع وعندك باراسيتامول منتهي الصلاحية منذ سنة، خذه وستتحسن. • ولكن لا يوصى بذلك في حالات أكثر دقة كالتحسس وزيادة ضغط الدم إلا في حال عدم وجود بديل وفي ظروف طارئة وإسعافية.. • عندما تتحسن الظروف التي الجأتك لأخذ دواء منتهي الصلاحية، تخلص من الأدوية منتهية الصلاحية واحتفظ بأخرى جديدة. • وأهم توصية: دائما تقيد بالجرعة النظامية، حتى بالنسبة لدواء تجاوز تاريخ الصلاحية المطبوع، ولا تحاول أن تعوض انتهاء الصلاحية المفترض بأن تزيد الجرعة، فهذا خَطِر.. ! • أدوية مستثناة: وبعضها نادر وقليل الاستعمال، ومنها الشائع مثل الأنسولين، والقطرات العينية، والصادات عموماً:فتلك أصناف يجب ألا تستعمل مطلقاً بعد تاريخ انتهاء الصلاحية.. ولقد تبين أن الأدوية الحاوية على مواد حافظة بما فيها القطرات العينية قد لا تكون آمنة إذا تجاوزت تاريخ الصلاحية رغم الحفظ الجيد لأن المواد الحافظة قد تسمح بنمو الجراثيم في المحلول الدوائي؛ وبالنسبة للصادات، بينت دراسات حديثة امتداد صلاحية بعضها كالأموكسيل عدة سنوات بعد التاريخ المسجل، ولكن لا زال التحذير قائماً لأن تعنيد الجراثيم على الصادات علميا قد يتطور باستعمال منتج أقل فعالية من المفترض[3] ومن الصعب واقعياً على أي مستهلك أو أي مقدم للرعاية أن يعرف بدقة أي صنف بالذات يحتفظ بصلاحيته حقا ولأي درجة (100% .. أم 80%.. ؟!). ولكن تبقى المعلومة مفيدة للظروف الخانقة أو البائسة..! والمؤكد أن الحفظ الجيد يسمح ببقاء الدواء فعالا بعد تاريخ الصلاحية، وهذا يتعلق بأمور أهمها تركيب الدواء، ووجود مواد حافظة ونوع هذه المواد التي قد تكون سيفاً ذا حدين كما أشرنا، وقوام الدواء فالأشكال السائلة أقل ثباتاً من الصلبة (كبسولات ومضغوطات) في نفس ظروف الحفظ، والأدوية المعدّة للحقن بالذات يجب التخلص منها إذا تشكل فيها عوالق أو تعكرت أو تغيّر لونها حتى لو كانت مختومة وزمن الصلاحية ساريا؛ وهذا ينتقل بنا للعنوان التالي: حفظ الدواء وتخزينه: لا تدرك أهمية الحفظ الجيد للأدوية إلا عندما تعلم أن صلاحيتها تمتد بفضل ذلك الحفظ الجيد أكثر من خمس سنوات، وبعضها أكثر من (15) سنة بعد تاريخ الانتهاء المسجل عليها كما ذكرنا ! ولا تدرك خطورة إهمال شروطه إلا عندما تعلم أنه قد يؤدي للصدمة وتهديد الحياة كما في سوء حفظ الحقن الوريدية العضلية.. وأكياس المصول.. والدم: قبل أو بعد فتحها؛ ومعلوم أنه يطبع على كل عبوة دوائية التنبيه العام التالي: تحفظ في مكان بارد وجاف.. وقد يضاف "بعيدا عن الضوء"..، و أبسط نتائج سوء الحفظ تبقى ضارة، فالأسبرين مثلا يتفكك لمادتي:الخل، وحمض الصفصاف، ويصبح شديد التخريش للمعدة وقد يحدث نزفا هضميا عند البعض؛ وفيما يلي إضاءات لأهم شروط الحفظ الجيد: حرارة الدواء: بالنسبة لجميع الأدوية حرارة التخزين المفضلة هي دون 25 درجة وتتراوح بين (15 و30 درجة مئوية)، مالم يحدد الصيدلي أو النشرة المرفقة غير ذلك؛ وينصح بعدم ترك الدواء في السيارة لا سيما في الدول الحارة والباردة.. • وعادة تصنف الأدوية لثلاث مجموعات الأولى هي المذكورة أعلاه، وهنالك مجموعة ثانية تضم بعض الأدوية ومعظم اللقاحات وتخزن في درجة حرارة الثلاجة التي تتراوح بين درجة حرارة 2 و 8 درجات مئوية. ومجموعة ثالثة يجب تثليجها فتحفظ بدرجة حرارة المجمد وهي -18 أو أقل. • ويشترط كذلك الثبات فلا تتذبذب حرارة الحفظ صعودا وهبوطا بعيدا عن الموصى به. • دون أن ننسى أن الكثير من الأدوية تتلف إذا ثُلّجت للتجمد.. وبالذات المجموعة الثانية والتي نشدد على ضرورة التخلص منها على الفور إذا تجمدت، إذ تصبح بذلك غير صالحة للاستخدام. أهمية الجفاف: ينصح بالحفظ بعيدا عن الرطوبة إذ أن الحبوب والكابسولات تتلف إضافة للحرارة بالرطوبة العالية.. وتؤدي الرطوبة لتكاثر الفطور والجراثيم لاسيما في الأدوية السائلة التي سبق فتحها.. (والتلوث سنتناوله بالمزيد)..، لذلك فالحمام مكان سيئ لخزانة الأدوية المنزلية (حرارة ورطوبة)... والنصيحة العامة لكل قارئ:لا تستعمل دواء تغير لونه أو طعمه أو رائحته، حتى لو لم يتجاوز تاريخ الصلاحية، ولا الحبوب الملتصقة ببعض، أو المفتت بعضها، أو التي تبدو أكثر قساوة أو طراوة من المعتاد، وعندما لا يتضح لك شيء فأعد السؤال للعالمين بالأمر عنه فالدواء بغلطة بسيطة يتحول لبلاء، وإنما شفاء العي السؤال.. الضوء والهواء: بعض الأدوية تتلف بالضوء، وأخرى بالهواء لتأكسدها، فيلزم الاحتفاظ بها دائما داخل عبوتها الأصلية الواقية من الضوء والتأكسد، ومثلا بعض الأدوية القلبية تحوي مادة "نيترات" وهذه لا يجب نقلها من عبوتها لأن تعرض مادة "النترات" لأوكسجين الهواء يجعلها تتطاير..؛ وتفرق المصادر بين المضغوطات المحفوظة بعلبة أو قارورة، وتلك المحفوظة بورق القصدير (شرائط)، فالأولى هي أكثر تعرضا للأكسجين الذي يمكّن الكائنات الممرضة من التكاثر وإصابة الحبوب بالتلوث الجرثومي مثلاً، لذلك يمنع تجاوز تاريخ انتهاء الصلاحية التقليدي إذا فتحت العبوة، بخلاف المحفوظة بورق القصدير والتي تبقى صالحة لسنوات بعد ذلك التاريخ (باستثناء بعض المركبات كما أشرنا أعلاه) محذور التلوث: كما أشرنا، يتلف الدواء لتكاثر البكتريا والفطور والكائنات الممرضة الأخرى فيه، ويرتبط هذا المحذور بشدة بالضوابط أعلاه، والتلوث هو وراء الإجماع اليوم على شدة التحذير من نقل كافّة الأدوية من عبوتها الأصلية لعبوة أخرى ! (منشورات وزارة الصحة الاتحادية الألمانية والـ "فدا" الأمريكية مثلا)..وعلى عدم تجاوز الصلاحية للعبوات التي تتعرض فيها الحبوب للضوء والهواء والأصابع.. !! ومن أسوأ أشكال التلوث:تلوث أكياس المصول.. والدم ومشتقاته.. والحقن العضلية والوريدية: قبل أو بعد فتحها! ولكن مصطلح التلوث طبياً هو أوسع من إصابة الدواء أو الغذاء بتلك الكائنات، فهو اختلاط المادة الصالحة بأي شيء قد يفسدها؛ ولغويا: لوّث الماء = كدّره، والأغلب في التلوث الإفساد، والأغلب كذلك أن المادة الملوثة قد تخفى شخصيتها أو طريق وصولها ويحتاج الأمر بعض التحري لمعرفة مصدر التلوث، وقد تكون قليلة الكمية ولكن أثرها كبير!! والتداخل الدوائي والغذائي منفصل كلياً عن التلوث، وإن كنا بالنتيجة نصل إلى خطأ في المداواة هو عدم الاستفادة من الدواء أو / و:التضرر منه، ومن أسوأ الأمثلة التي تكررت في طب الأطفال لأسباب منها الزحام في الظروف العادية (المراكز الصحية وحملات التلقيح الجموعي)، ومنها الظروف الكارثية (المناطق المحاصرة): إعطاء لقاحات ملوّثة بمادة ضارة جدا للطفل استعملت خطأ لحلّ اللقاح الجاف بدل سائل الحل النظامي وكانت نتائجها مؤلمة جداً! حفظ الدواء غير المختوم: يخضع الدواء المفتوح لنفس ضوابط الحفظ العامة، ولكن السؤال: حتى متى يحتفظ به ويعاد استعماله ؟ لا سيما في حال استعمل جزء ضئيل منه... وكيف يمكنننا ذلك دون أن نقع في أخطاء التداوي ؟ ولقد لاحظت تبايناً في ردود المرضى وأهلهم، فالبعض يحتفظ بالدواء المفتوح طويلا.. ربما سنة أو أكثر.. طالما لم ينقض تاريخ صلاحيته، والبعض يتخلص منه بعد فتحه بيومين أو ثلاث..؛ وللتوضيح فإن الجواب يختلف باختلاف المجموعات الدوائية: تركيبها وتعبئتها، وهو موضوع دقيق جدا وتتغير المعلومات الخاصة به باستمرار؛ وأوجز للقارئ أهم المعايير العالمية لبعض الأدوية الشائعة... 1) الأدوية السائلة المبتلعة بالفم: <أ> الأشكال المحلولة الجاهزة منها يمكن أن تستعمل لمدة تتراوح بين شهر إلى 3 أشهر على الأكثر من تاريخ فتحها، بشرط الحفظ النظامي، وأن يسجل التاريخ عند فتحها، فلا يعوّل أهل الطفل على الذاكرة (هي غالبا للأطفال). <ب> الشكل المسحوق (بودرة) الذي يضاف الماء لحلّه، وهو غالبا مضاد حيوي، مدة صلاحيته بعد الحلّ تكتب مع التعليمات المرافقة للزجاجة (وتتراوح غالبا بين (5-10) أيام. وفي كل ما سبق إن لم تكن واثقا فلا تستعمل الدواء، و"دع مايُريبك إلى مالا يُريبك" كما علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم [*].. 2) بالنسبة للحقن العضلية أو الوريدية، يختلف الأمر حسب التعبئة: فمنها شكل "الحبابة: (Ampules)" وهذه يجب رميها مباشرة بعد فتحها واستعمال بعضها. ومنها المعبأة بقنينة صغيرة أو قارورة (Vials): فالتي لا تحتوي من هذه على مواد حافظة: ترمى مباشرة بعد استعمال جزء منها، والتي تحتوي على مواد حافظة يمكن استعمالها حتى 30 يوماً مع الالتزام بشرط جودة الحفظ. وهنالك توصيات مفصلة ادق للعاملين في الصحة والرعاية. 3) الأنسولين (Insulins) وهو علاج الداء السكري الذي يعطى حقنا تحت الجلد: يمكن استعماله خلال (30) يوماً بعد فتحه مع الالتزام بالتخزين الصحيح. 4) الأدوية الموضعية مثل الكريمات والمراهم والغسولات والمعجون:تبقى صالحة لفترة (3 أشهر) من فتحها مع الالتزام بشروط التخزين الصحيحة، وعموما فالغسول والكريم أقل ثباتا. • أما بالنسبة للأدوية العينية (القطرة أو المرهم العيني) المفتوحة والتي لم تتجاوز مدة الصلاحية: فالتي لا تحتوي على مواد حافظة منها ترمى مباشرة بعد انتهاء الشوط العلاجي الموصوف أو بعد استعمال جزء منها؛ والشكل الآخر الذي يحتوي على مادة حافظة يمكن استعماله حتى 30 يوماً بعد فتحه مع الالتزام بشروط التخزين الصحيحة وهو ما تجده مطبوعاً على النشرة المرفقة به، ويُفضّل سؤال المختص كلما أمكن ذلك، لا سيما بوجود دلائل على أن المواد الحافظة قد تسمح بنمو الجراثيم في المحلول الدوائي المختوم إذا تجاوز تاريخ الصلاحية كما ذكرنا. التداخل الدوائي: السبب الأخير في بحثنا لأخطاء المداواة المرتبطة بفساد الدواء هو التداخل الدوائي الدوائي، والتداخل الدوائي الغذائي:وهذا الخلل يحدث داخل الجسم، ونادراً قبل دخول الجسم عندما يخلط دواءان معاً فتتشكل مركبات جديدة قد تكون سامة، و يتجلى الخطأ الناجم بسوء انجاز الدواء إما بشكل تضاعف الفاعلية لدرجة السمية، أو إنقاصها فيتفاقم المرض!.. أو إحداث أثر يختلف عن المطلوب.. وكلمة سوء الإنجاز قد تكون أبسط مما يحدث أحياناً.. كالحالة التي نشرت مؤخرا وفيها توفي مدرب مصارعة بسبب تداخل بين دوائين هما "ميثادون، وترامادول"، وهما من مسكنات الألم التي تؤثر على المراكز العصبية،... فقد حصل هذا المدرب في البداية على ترامادول وبعد فترة أتى إلى الصيدلية ليصرف دواء ميثادون ولم يسأله الصيدلاني عن الأدوية التي يتناولها.. فحدث هذا التداخل الدوائي الذي أدّى إلى وفاته.. وإضافة لدور الصيدلاني والمريض في تلك الحادثة المؤسفة من المؤكد أنه كلما اقتصر الطبيب على عدد أقل من الأدوية كلما قلّ احتمال التداخل، ويجب على المريض (أو أهله) تجنّب الإصرار على الطبيب للإكثار من الأدوية؛ وهنا نشير إلى انتشار حالات هذا التداخل عند فئة المسنين الذين يستهلكون (33%) من الأدوية في العالم، وذكرت إحدى الإحصائيات أن كلا منهم يتناول تسع أدوية أو أكثر يوميا بشكل دائم، وبمعدّل 12 جرعة دوائية باليوم.. ! أمثلة على التداخل الدوائي: منها أن الكالسيوم يتفاعل مع هرمون الغدة الدرقية الدوائي (إلتروكسين Eltroxin): لذلك يفضل أن يؤخذ كل منهما بعيدا عن الآخر بمقدار 4 ساعات. وأمثلة على التداخل الدوائي الغذائي: • مثال شائع وهو: نقص امتصاص دواء الحديد ونقص فائدته بوجود الشاي (والأخضر والأحمر فيذلك سواء..)! • شراب عرق السوس يضاد تأثير الأدوية المدرة:إذ يحتوي عرق السوس الأسود على مركب يزيد من انحباس الصوديوم والماء في الجسم ويعاكس فعل المدرات.. • وبالمقابل فهنالك أدوية تنقص الاستفادة من بعض الأغذية مثل خافضات سكر الدم الفموية وبعض أدوية القرحة التي قد تقلل من امتصاص فيتامين (ب 12) من الأغذية التي تحويه ! • فاكهة الجريب فروت: أحصت الدراسات تدخل هذه الثمرة في مفعول (85) دواء !! منها خافضات شحوم الدم والكولسترول، وزمرة من أدوية الضغط، وغيرها.. وهي تتدخل بزيادة أثر الدواء لدرجة ظهور أعراض جانبية وسمية أحيانا! وعادة تحتوي نشرات الأدوية المتداخلة معه التحذير من شرب عصيره أو أكل ثمرته قبل او بعد تناول الدواء، وينصح عندما نتناول تلك الأدوية بتناول البرتقال بدلاً منه، كونه لا يحتوي على مركب النارنجين الموجود في الجريب فروت والمسؤول عن تداخله بطرق أشيعها زيادته لتركيز الدواء في الدم وتضخيم مفعوله بحيث تعادل الجرعة الواحدة منه مفعول خمس جرعات أحيانا !! ونظرا لاتساع موضوع التداخل نكتفي بهذا القدر منه. والله من وراء القصد .. وله الحمد هو الشافي الكافي وهو الرؤوف الخبير.. [1] قبل طرح الدواء تجري شركات الأدوية التجارب لحساب الفترة التي يمكن أن يحتفظ فيها بفعاليته وسلامته ثم تنقص كل الشركات هذه الفترة مرة أخرى وربما بمقدار النصف لتجنب اي خطأ يؤدي لملاحقة قانونية من جهة، ولتحقيق المزيد من الأرباح من خلال زيادة الإنتاج من جهة أخرى. [2] المزيد في موقع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، وهيئة الدواء الأمريكية (آما) The American Medical Association (AMA)؛وفي هذا السياق أجريت أكثر من دراسة تحت مظلة "برنامج امتداد تواريخ الصلاحية" ( ويسمى اختصاراً "سليب SLEP: ( ****f Life Extension Program؛ لإثبات أن صلاحية الأدوية هي أطول من التواريخ المسجلة من الشركات المنتجة، معظمها بناء على طلب من الجيش الأمريكي ليخفف من كلفة تغيير مخزونه من الدواء على ميزانيته المتواتر بفترات متقاربة. وهناك سعي للاستفادة من نتائج هذه الدراسات بالإيعاز باستعمال الأدوية التي تمتد صلاحيتها بعد التواريخ ولو كان حفظ بعضها غير مثالي أحياناً في ظروف الطوارئ والحروب. ولا زالت هذه الأمور بين الإفراط والتفريط بالنسبة للإنسان العادي ، صيدلانية روت لي أن زبونا أرغى وأزبد وقدم شكوى للنقابة لأنها باعته دون أن تنتبه لوح صابون منتهي الصلاحية منذ شهر!.. [3] المزيد عن نشوء وانتشار الصادات المعنّدة في الجزء الأول: على الرابط http://www.alukah.net/social/0/86671 [*] عن الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله وريحانته رضي الله عنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك، إلى ما لا يريبك) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |